المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دفاعا عن الامامين ( ابن باز وابن عثيمين ) رحمهما الله / لسماحة مفتي العام آل الشيخ


كيف حالك ؟

بو زيد الأثري
02-14-2009, 10:24 AM
دفاعا عن الشيخين
ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله -

لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد:

فقد اطلعنا على مقابلة صحفية مع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الأسبق في دولة الكويت المفكر الإسلامي \ يوسف بن هاشم الرفاعي، في صحيفة السياسة عددها رقم (13486) والصادر يوم السبت 29 ربيع الآخر 1427 هـ الذي يوافقه 27 مايو 2006 م.

وكان مما لفت الانتباه، وحز في الخاطر كثيرا هجومه الشنيع وغير المبرر على عالمين من أعلام هذه الأمة هما سماحة الشيخ الإمام: عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، وسماحة الشيخ العلامة: محمد العثيمين - رحمه الله -، ولفق عليهما تهما كاذبة مزورة، ولبس على الناس في شأنهما.

ولما وقفت على ذلك رأيت لزاما علي الذب عنهما صيانة لعرضهما وأداء لحقهما بعد موتهما، وأيضا بيانا للحق وإظهارا له ودحرا للباطل وردا له على قائله.

فأقول مستعينا بالله عز وجل:

إن ما نقمه الرفاعي على الشيخين جملة مزاعم وهي على قسمين:

القسم الأول: أمور اتهمهما بها كذبا وبهتانا؛ وهما لا يقولان بها، وهي:

قوله: " لأن ابن باز يعتبر أن من يحتفل بالمولد فهو مشرك فهذا تطرف ".

قوله: " ويقول إن من يحتفل بالإسراء والمعراج مشرك فهذا أيضا تطرف ".

قوله: " من ذهب ليزور المسجد ليزور النبي - صلى الله عليه وسلم - فسفره معصية ".

قوله عنهما رحمهما الله: " ألم يقولوا إن الوقوف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء شرك ".

قوله عن كتبهما: " وكتب من يطلقون عليهم أئمة هي كتب تكفير وتشريك ".

قوله: " وهؤلاء الجماعة جهلة ويتبعون ابن باز ويقولون عنه: إنه إمام من الأئمة رغم أنه أنكر أن الإنسان وصل إلى القمر، وقال: إن الأرض ليست كروية وأصدر كتابا في ذلك، وقال: لم أصدق الوصول إلى القمر، ولم يصدق ذلك إلا عندما صعد الأمير سلطان صعد مع الرواد والذين ذهبوا إلى القمر وبعدها صدق، وقال: طالما أن الأمير سلطان رأى بعينه فهذا الكلام يعتبر حقيقيا.. على اعتبار أن بعضهم كان يردد الآية: سورة الرحمن الآية 33 لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ .

وللجواب عن هذه الافتراءات نقول ابتداء سورة النور الآية 16 سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ، ثم لو كان هذا الكلام صادرا من غر جاهل، لا يزن الأمور ولا يعرف المآلات، ولا يحسن أدب الخلاف، ولا يعرف عاقبة من يفتري الكذب ويؤذي عباد الله المؤمنين، أقول لو صدر الكلام من مثل هذا الغر الجاهل لهان الأمر، لكن هذا الكلام صادر من رجل كان في يوم من الأيام مسؤولا كبيرا في الدولة، ومنتسبا للعلم، وله اطلاع على كتب العلماء وكان المؤمل فيه أن ينصب نفسه للدفاع عن علماء الحق، لا أن ينتصب للطعن فيهم بالباطل، ولنأتي على مطاعنه فقرة، فقرة:
1 - أما الزعم بأن الشيخ ابن باز - رحمه الله - يرى أن من يحتفل بالمولد فهو مشرك، فهذا كذب عليه - رحمه الله - وقد ألف رسالة في حكم الاحتفال بالموالد النبوية وغيرها بين فيها أنها بدعة واستدل لذلك بأدلة قوية يطمئن إليها قلب المؤمن المجرد وكان مما قال رحمه الله: (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقيام له في أثناء ذلك، وإلقاء السلام عليه، وغير ذلك مما يفعل في المولد. والجواب أن يقال: لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله على الجميع، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حبا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومتابعة لشرعه ممن بعدهم، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256). من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي: مردود عليه، وقال في حديث آخر: سنن الترمذي العلم (2676) ، سنن أبي داود السنة (4607) ، سنن ابن ماجه المقدمة (44) ، مسند أحمد (4/127) ، سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثه بدعة، وكل بدعة ضلالة . ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع، والعمل بها، وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين: سورة الحشر الآية 7 وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ، وقال عز وجل: سورة النور الآية 63 فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وقال سبحانه: سورة الأحزاب الآية 21 لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا . وقال تعالى: سورة التوبة الآية 100 وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وقال تعالى: سورة المائدة الآية 3 الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا .

والآيات في هذا المعنى كثيرة، وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل زاعمين أن ذلك مما يقربهم إلى الله، وهذا بلا شك، فيه خطر عظيم، واعتراض على الله سبحانه وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة. والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ البلاغ المبين، ولم يترك طريقا يوصل إلى الجنة، ويباعد عن النار إلا بينه للأمة، كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صحيح مسلم الإمارة (1844) ، سنن النسائي البيعة (4191) ، سنن ابن ماجه الفتن (3956) ، مسند أحمد (2/191). ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم رواه مسلم في صحيحه. ومعلوم أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - هو أفضل الأنبياء وخاتمهم، وأكملهم بلاغا ونصحا، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه رضي الله عنهم، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها أمته، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين، وقد جاء في معناهما أحاديث أخر، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الجمعة: صحيح مسلم الجمعة (867) ، سنن النسائي صلاة العيدين (1578) ، سنن ابن ماجه المقدمة (45) ، مسند أحمد (3/311) ، سنن الدارمي المقدمة (206). أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة رواه الإمام مسلم في صحيحه. والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها، عملا بالأدلة المذكورة وغيرها، وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات، كالغلو في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكاختلاط النساء بالرجال، واستعمال آلات الملاهي، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر، وظنوا أنها من البدع الحسنة، والقاعدة الشرعية: رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما قال الله عز وجل: سورة النساء الآية 59 يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وقال تعالى: سورة الشورى الآية 10 وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ . وقد رددنا هذه المسألة وهي: الاحتفال بالموالد إلى كتاب الله سبحانه، فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه، وقد رددنا ذلك - أيضا - إلى سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلم نجد فيها أنه فعله، ولا أمر به، ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين، بل هو من البدع المحدثة، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم، وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق، وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام، بل هو من البدع المحدثات، الذي أمر الله سبحانه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بتركها والحذر منها).

وهي موجودة بكاملها في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز رحمه الله (الجزء الأول ص 178 - 182).

والحاضرون لهذه الاحتفالات أجناس فمنهم من يقع منه الفسق من الاختلاط المحرم وقد يكون بينهم من يشرب المسكر ومن يتعاطى المعازف وغير ذلك مما ذكره أهل العلم.

ومنهم من يحصل منه الشرك وذلك بالغلو في النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفعه فوق منزلته وإعطائه الله بعض خصائص الرب جل وعلا من علم الغيب وإغاثة الملهوف مع أنه ميت في قبره بنص القرآن: سورة الزمر الآية 30 إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ، سورة الأنبياء الآية 34 وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ . وغيرها من النصوص الشرعية.

إلا أن أصل الاحتفال بالمولد بدعة، أما ما يقع فيه فيحكم على كل فعل أو قول بحسبه وفقا للنصوص الشرعية والقواعد المرعية.
وهذا لا يعني أن كل من يحتفل بالمولد فإنه مشرك كما زعم الرفاعي في اتهامه للشيخ ابن باز رحمه الله.
2 - زعمه أن الشيخ يرى أن من يحتفل بالإسراء والمعراج فإنه مشرك وهذا باطل وافتراء، فإن الشيخ رحمه الله قد ألف رسالة في حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بين فيها بدعية ذلك الاحتفال، وأيد قوله بالأدلة الشرعية الصريحة الصحيحة فلتراجع (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز - رحمه الله -، الجزء الأول ص 183 - 185). ولم يحكم على من احتفل بهذه الليلة بالشرك.
3 - وأما زعمه بأن الشيخ رحمه الله يقول: من ذهب ليزور المسجد ليزور النبي - صلى الله عليه وسلم - فسفره معصية.
فهذا باطل أيضا، والشيخ رحمه الله له فتوى في ذلك بخصوصه حيث سئل - رحمه الله - (ما حكم السفر لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من قبور الأولياء والصالحين وغيرهم؟
فأجاب رحمه الله: لا يجوز السفر بقصد زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قبر غيره من الناس في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الجمعة (1189) ، صحيح مسلم الحج (1397) ، سنن النسائي المساجد (700) ، سنن أبي داود المناسك (2033) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1409) ، مسند أحمد (2/234) ، سنن الدارمي الصلاة (1421). لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى متفق عليه. والمشروع لمن أراد زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بعيد عن المدينة أن يقصد بالسفر زيارة المسجد النبوي فتدخل زيارة القبر الشريف وقبري أبي بكر وعمر والشهداء وأهل البقيع تبعا لذلك. وإن نواهما جاز؛ لأنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا، أما نية القبر بالزيارة فقط فلا تجوز مع شد الرحال، أما إذا كان قريبا لا يحتاج إلى شد رحال ولا يسمى ذهابه إلى القبر سفرا، فلا حرج في ذلك؛ لأن زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - وقبر صاحبيه من دون شد رحال سنة وقربة، وهكذا زيارة قبور الشهداء وأهل البقيع، وهكذا زيارة قبور المسلمين في كل مكان سنة وقربة، لكن بدون شد الرحال؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح مسلم الجنائز (976) ، سنن النسائي الجنائز (2034) ، سنن أبي داود الجنائز (3234) ، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1569) ، مسند أحمد (2/441). زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة أخرجه مسلم في صحيحه.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية أخرجه مسلم أيضا في صحيحه. (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز رحمه الله الجزء الثامن ص 336 - 337).
4 - زعمه بأن الشيخين ابن باز وابن عثيمين يقولان إن الوقوف أمام قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء شرك، وهذا كذب صريح وتلبيس على العوام فإن الوقوف أمام قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أمر مشروع لمن كان بالمدينة، وهي من الزيارة المشروعة أما دعاء الله أمام القبر مستقبلا القبر مستدبرا القبلة فهذا غير مشروع، جاء في رسالة من الشيخ ابن باز رحمه الله إلى المرموز لاسمه بـ (ع. م. ع) وفيها، قوله رحمه الله: " ونفيدكم أن الدعاء عند القبور غير مشروع سواء كان القبر قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره، وليست محلا للإجابة، وإنما المشروع زيارتها، والسلام على الموتى، والدعاء لهم، وذكر الآخرة والموت، أحببنا تنبيهك على هذا حتى تكون على بصيرة، وفي إمكانك أن تراجع أحاديث الزيارة في آخر كتاب الجنائز من بلوغ المرام حتى تعلم ذلك وفقنا الله وإياكم لاتباع السنة والعمل بما يرضي الله سبحانه ويقرب لدينه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " أ. هـ (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز رحمه الله الجزء السادس ص 327).
5 - زعمه أن كتب الشيخين مليئة بالتكفير والتشريك - حسب تعبيره -:
ونحن نقول بل كتبهم مليئة بالعلم النافع والتوجيه والنصيحة والذب عن حياض الشريعة وتعظيم السنة والذود عنها والرد على من خالفها وهذه كتبهم بين أيدينا شاهدة على هذا.
أما التكفير ونحوه فهذا حكم شرعي يتطلب العلم والبصيرة وتوفر شروطه وانتفاء موانعه، وإلا فإن الخائض فيه سيهلك.
والتكفير والتفسيق ونحوها أحكام جاءت في كتاب الله عز وجل أليس الله عز وجل يقول: سورة المائدة الآية 73 لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، ويقول: سورة النساء الآية 48 إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، وغيرها من الآيات الكثيرة في كتاب الله عز وجل التي توضح بجلاء الحكم في مثل هذه القضايا.
فوجود الحكم بالكفر على أفعال أو أقوال جاء الحكم فيها بالكفر في الكتاب والسنة أو الإجماع، هذا حق لا ريب فيه، واتباع للشرع، ووضع للأمور في مواضعها، بل إن جميع الفقهاء الذين صنفوا في أبواب الفقه، يعقدون بابا في أحكام المرتد، وهو الذي كفر بعد إسلامه. فهل مثل هذا يكون سببا للطعن عليهم؟
ومع هذا فإن الشيخين رحمهما الله من أعف الناس لسانا وأقلهم خوضا وأشدهم احتياطا في مسائل التكفير والتبديع، ومن تتبع كتبهما بتجرد وجد مصداق ما ذكرناه، أما تكفير الناس بعامة أو بدون تثبت فهما ولله الحمد أبعد ما يكون عن هذا السبيل، بل هما قد وقفا وقفة صادقة وقوية أمام التكفيريين وبينوا بطلان وفساد اعتقادهم ومنهجهم رحمهما الله رحمة واسعة.
6 - أما زعمه - عفا الله عنه - بأن الشيخ ابن باز رحمه الله أنكر وصول الإنسان إلى القمر ولم يصدقه حتى صعد الأمير سلطان إليه، وأنه يستدل بقوله تعالى: سورة الرحمن الآية 33 لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ .
فهذا من أعجب العجب؛ وذلك أن الشيخ ابن باز رحمه الله قد ألف رسالة في إمكان الصعود إلى الكواكب في الثمانينات الهجرية، وهي موجودة ضمن مجموع الفتاوى له رحمه الله (الجزء الأول ص 254 - 265) وقد بين فيها أنه لا يوجد في الأدلة الشرعية ما يمنع وصول الإنسان إلى الكواكب، وهذه الرسالة قد ألفها رحمه الله قبل أن يوجد الأمير سلطان بن سلمان فكيف يزعم الرفاعي بأن الشيخ لم يصدق إلا بعد أن صعد الأمير سلطان إلى القمر.
أما الاستدلال بهذه الآية الكريمة على اعتبار أن ( سلطان ) الوارد فيها يقصد به الأمير سلطان؛ فهذا لا يفوه به من يعلم ما يقول ويعقل عن الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - الخطاب، فكيف يرمى به عالم إمام محدث مجتهد سلم له بالإمامة والفقه والعلم والمعرفة بالنصوص الشرعية علماء عصره. ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.

القسم الثاني: أمور نسبها إلى الشيخين وهما أو أحدهما يقول بها، ولا مطعن عليه فيها، وهي:
1 - قوله عنهما: " ويقولون إنه لا يجوز أن نعقد ختمة قرآن للميت ".
2 - قوله: " وبعضهم حرم الجلوس للعزاء... ".
والجواب:
1 - أما قوله: " ويقولون إنه لا يجوز أن نعقد ختمة قرآن للميت ".
فهذا غير دقيق فإن المسألة خلافية، يسع الخلاف فيها، والشيخ - رحمه الله - يقول بأن الأحوط ترك ذلك ولم يقل إنه لا يجوز، وقد سئل - رحمه الله -: (أقوم أحيانا بالطواف لأحد أقاربي أو والدي أو أجدادي المتوفين، ما حكم ذلك؟ وأيضا ما حكم ختم القرآن لهم جزاكم الله خيرا؟
[فأجاب]: الأفضل ترك ذلك؛ لعدم الدليل عليه، لكن يشرع لك الصدقة عن من أحببت من أقاربك وغيرهم إذا كانوا مسلمين، والدعاء لهم، والحج والعمرة عنهم، أما الصلاة عنهم والطواف عنهم والقراءة لهم فالأفضل تركه؛ لعدم الدليل عليه، وقد أجاز ذلك بعض أهل العلم؛ قياسا على الصدقة والدعاء، والأحوط ترك ذلك؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف وعدم القياس). (انظر مجموع الفتاوى له - رحمه الله - الجزء الثالث عشر ص 258 - 259).
2 - أما قوله: " وبعضهم حرم الجلوس للعزاء ".
فهذه مسألة اجتهادية والشيخ ابن باز - رحمه الله - يرى جواز الاجتماع لتلقي العزاء في بيت المتوفى أو ذويه لأن ذلك أعون على أداء السنة، وهذا نص فتواه - رحمه الله -: " لا أعلم بأسا في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه، أو زوجته، ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب؛ لأن التعزية سنة، واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة. وإذا أكرمهم بالقهوة، أو الشاي، أو الطيب، فكل ذلك حسن ".

وأما الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - فإنه يرى المنع فيه، يقول - رحمه الله - في جواب استفتاء حول هذا الموضوع: (الاجتماع للعزاء مكروه بدعة وإذا حصل معه إطعام المجتمعين صار من النياحة. قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (كانوا يعدون الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة) ولم يكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا خلفاؤه الراشدون ولا أصحابه المهتدون فيما نعلم لم يكونوا يجتمعون يتلقون معزين أبدا، غاية ما في الأمر أنه سنن الترمذي الجنائز (998) ، سنن أبي داود الجنائز (3132) ، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1610) ، مسند أحمد (1/205). لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم ، ولم يجتمع إلى آل جعفر علي بن أبي طالب وهو أخوه ولا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن عمه ولا أحد من أقاربه فيما نعلم، لم يجتمع إلى آل جعفر ليأكلوا من هذا الطعام، ولا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها. والتعزية من العبادة والعبادة لا بد أن تكون على وفق ما جاءت به الشريعة، وقد صرح بعض أهل العلم بأن الاجتماع بدعة وصرح فقهاؤنا الحنابلة - رحمهم الله - في كتبهم (بأن الاجتماع مكروه ومن العلماء من حرمه) وكما ترى فإن الشيخ - رحمه الله - أفتى بحسب ما بلغه علمه وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، أما قول الرفاعي بأن الصحابة كانوا يعزي بعضهم بعضا في المسجد، فهذا يحتاج إلى نقل، وإن ثبت فإن فتوى الشيخ ابن عثيمين لا تعارضه هو يمنع من الاجتماع لتلقي العزاء في بيت الميت، ولا يمنع العزاء مطلقا بل يراه سنة كما سبق في النقل عنه.
وبكل حال فالمسألة محل اجتهاد ونظر.
هذه جملة المسائل التي طعن بها الأخ يوسف الرفاعي على سماحة الشيخين العلمين الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله، وسماحة العلامة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله. وقد طوينا ما ذكره من ألفاظ التهجم والتهكم والانتقاص لشخصيهما رحمهما الله؛ لأن القصد بيان الحق في المسائل العلمية التي قد يلتبس الحق فيها بالباطل على كثير من الناس، أما السباب والشتام وألفاظ التنقص فهذا ليس له إلا الإعراض عنه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيح البخاري المناقب (3559) ، صحيح مسلم الفضائل (2321) ، سنن الترمذي البر والصلة (1975) ، مسند أحمد (2/161). لم يكن فاحشا ولا متفحشا . ونحن ندعو أخانا الرفاعي إلى أن يكون قلبه سليما على إخوانه المسلمين، وأن يستغفر الله ويتوب إليه ويعلن توبته عسى أن يغفر الله له، وأن تكون حالنا كحال الذين قال الله فيهم: سورة الحشر الآية 10 وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
وكما قال السلف: فإن الحق قديم، والرجوع إلى الحق علامة على الفضل والخيرية، ونحن لا ندعي العصمة لعلمائنا إلا أن الحق أحق أن يتبع وتقويل الناس ما لم يقولوه جناية عظيمة؛ فكيف بها حين تكون هذه الجناية في حق علماء معتبرين مقتدى بهم، لا شك أن الأمر أعظم خطرا.

نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يغفر لموتانا وسائر موتى المسلمين، ويجزي عنا الإمامين العلمين الإمام ابن باز والإمام ابن عثيمين - رحمهما الله - خير الجزاء وأوفاه.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المفتي العام للمملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

متبع السنة
02-16-2009, 09:54 PM
جزاه الله خيرا واياك ورحم الله العالمين رحمة واسعة

منبر السلف
02-25-2009, 09:10 PM
جزى الله سماحة المفتي خير الجزاء

ورحم الله الامامين رحمة واسعة

ونسأل الله ان يهدي هذا الصوفي المحترق او يقصم ظهره

محمد عبدالله
02-25-2009, 11:26 PM
جزاه الله خيرا واياك ورحم الله العالمين رحمة واسعة

البلوشي
02-27-2009, 05:47 PM
جزاه الله خيرا واياك ورحم الله العالمين رحمة واسعة

ابو عمار اليافعي
02-28-2009, 04:03 PM
رحم الله الامامين { ابن باز وبن عثيمين }

12d8c7a34f47c2e9d3==