المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قول الله تعالى: ' إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين


كيف حالك ؟

البلوشي
01-27-2009, 07:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قول الله تعالى: ' إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين

قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب قول الله تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) وقوله: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ) الآية.وقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ) عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا: (إن من ضعف اليقين: أن ترضى الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على مالم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره).
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) رواه ابن حبان في صحيحه.

قال الشيخ العلامة الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله

قول الله تعالى : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ) هذا الباب عقده المصنف رحمه الله لوجوب تعلق الخوف والخشية بالله وحده والنهي عن تعلقه بالمخلوقين وبيان أنه لا يتم التوحيد إلا بذلك : ولا بد في هذا الموضع من تفصيل يتضح به الأمر ويزول الاشتباه .
اعلم أن الخوف والخشية تارة يقع عبادة وتارة يقع طبيعة وعادة , وذلك بحسب أسبابه ومتعلماته , فإن كان الخوف والخشية خوف تأله وتعبد وتقرب بذلك الخوف إلى من يخافه وكان يدعو إلى طاعة باطنة وخوف سري يزجر عن معصية من يخافه كان تعلقه بالله من أعظم واجبات الإيمان , وتعلقه بغير الله من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله , لأنه شرك في هذه العبادة التي هي من أعظم واجبات القلب غير الله مع الله , وربما زاد خوفه من غير الله على خوفه لله , وأيضا فمن خشي الله وحده على هذا الوجه فهو مخلص موحد , ومن خشي غيره فقد جعله لله ندا في الخشية كمن جعل لله ندا في المحبة وذلك كمن يخشى من صاحب القبر أن يوقع به مكروها أو يغضب عليه فيسلبه نعمة أو نحو ذلك مما هو واقع من عباد القبور .
وإن كان الخوف طبيعيا كمن يخشى من عدو أو سبع أو حية أو نحو ذلك مما يخشى ضرره الظاهري : فهذا النوع ليس عبادة وقد يوجد من كثير من المؤمنين ولا ينافي الإيمان , وهذا إذا كان خوفا محققا قد انعقدت أسباب الخوف فليس بمذموم , وإن كان خوفا وهميا كالخوف الذي ليس له سبب أصلا أو له سبب ضعيف , فهذا مذموم يدخل صاحبه في وصف الجبناء وقد تعوذ صلى الله عليه وسلم من الجبن فهو من الأخلاق الرذيلة , ولهذا كان الإيمان التام والتوكل والشجاعة تدفع هذا النوع , حتى أن خواص المؤمنين وأقوياءهم تنقلب المخاوف في حقهم أمنا وطمأنينة لقوة إيمانهم وشجاعتهم الشجاعة القلبية , وكمال توكلهم , ولهذا أتبعه بهذا الباب : قول الله تعالى : ( وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظ الله

النوع الأول: خوف السر وهو الخوف الذي يكون معه عبادة لغير الله أو ترك لما أوجب الله، ومعناه: أن يخاف الإنسان من غير الله من الأصنام والأوثان وما عبد من دون الله، من القبور والأضرحة، أو يخاف الشياطين والجن، ويتقرب إليهم بما يحبون من الشرك بالله من أجل أن يسلم من شرهم، فهذا شرك أكبر يخرج من الملة، والله -سبحانه وتعالى- ذكر عن خليله إبراهيم عليه السلام أنه قال: وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ثم قال بعد ذلك: وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا كأنهم توعدوه بآلهتهم ومعبوداتهم أن تصيبه، فهذا رد عليهم، كيف لا تخافون من الله وأنتم تهددونني بأن أخاف من معبوداتكم التي لا تغني عني شيئا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ هل هو أنا الذي أعبد الله وحده لا شريك له، أو أنتم الذين أشركتم؟ .

ثم ذكر الله الحكم في ذلك فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ والظلم معناه هنا: الشرك، فبين أن الأمن إنما يحصل لأهل التوحيد، وأما المشركون فليس لهم أمن، وليس لهم إلا العذاب، هذا حكم من الله سبحانه وتعالى .

وكما ذكر الله عن نبيه هود أن قومه قالوا: إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ يخوفون هودا لما دعا إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام يخوفونه بالأصنام أن تصيبه ويهددونه بها . إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِي وهذا تحد من فرد واحد يتحدى أمة كاملة، وهذا من المعجزات .

ثم قال: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أعلن البراءة منها، وتحداها وتحدى جميع الأمة التي تعبدها أن تكيده، وأن تصل إليه بسوء فلا يستطيعون، ثم علل ذلك بقوله: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ .

وكذلك المشركون قالوا لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ما ذكره الله عنهم بقوله: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ فالمشركون يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم، بمعبوداتهم من دون الله فرد الله عليهم بقوله: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ .

فهذا النوع من الخوف يسمى: خوف السر، وهو خوف العبادة بأن يخاف من المعبودات التي تعبد من دون الله عز وجل، فالمؤمن لا يخاف هذه المعبودات أبدا، لا يخاف من الأصنام، لا يخاف من القبور والأضرحة التي تعبد من دون الله، لا يخاف من الشياطين والجن أن تصيبه إلا بإذن الله سبحانه وتعالى، وكذلك الخوف من كل مخلوق أن تصيبه بما لا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى- من الإصابة بالمرض، أو قطع الرزق، أو غير ذلك، وهذا أحد أنواع الشرك الأكبر .

والآن عباد القبور يهددون الناس بهذه الأضرحة، ويقولون: الولي الفلاني يصيب من لم يخضع له ويعبده، يصيبه في نفسه أو في ولده، ثم الجهال ينخدعون بهذا التخويف، ويتقربون إلى هذه القبور وهذه الأضرحة بما يطلب منهم، وغرض عباد القبور والسدنة: أكل أموال الناس بالباطل، يهددون الناس إذا لم ينذروا لهذه القبور، ولم يقربوا لها شيئا من الأموال، فإنها تصيبهم، أو تصيب زروعهم، أو تصيب حروثهم، أو أولادهم، ثم الجهال يتقربون إلى هذه الأضرحة بأموالهم، ثم يأخذها هؤلاء السدنة وهؤلاء القائمون على هذه الأوثان ويقتسمون هذه الأموال، فالشر باق من قديم الزمان إلى آخر الزمان، وطريقة المشركين واحدة .

وأما أهل الإيمان فإنهم لا يخافون إلا الله تعالى؛ لأنه هو الذي يملك النفع والضر، وهو الذي بيده الأمور، وأنه لا يصيب المؤمن إلا ما قدره الله له قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ .

النوع الثاني من أنواع الخوف المذموم أن يترك الإنسان ما أوجب الله عليه من الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا من الناس أن يؤذوه أو يضايقوه أو يعذبوه فيترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وبيان الحق خوفا من الناس، فهذا شرك أصغر، وهو محرم، وقد جاء في الحديث: أن الله يحاسب العبد يوم القيامة: لم لم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: يا رب خشيت الناس، فيقول: إياي أحق أن تخشى ونعني بذلك: القادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقادر على الدعوة إلى الله، أما الذي لا يقدر - أو ليس عنده استطاعة - فهذا معذور .

النوع الثالث: الخوف الطبيعي، الذي ليس معه عبادة للمخوف ولا ترك لواجب، كأن يخاف الإنسان من العدو، أو من السبع، أو من الحية، ويخاف الإنسان من أعدائه، أو يخاف من السباع، أو يخاف من الهوام، فهذا الخوف خوف طبيعي لا يلام عليه الإنسان لأنه ليس عبادة وليس تركا لواجب، ولا يؤاخذ عليه الإنسان . وموسى عليه السلام لما تآمر عليه الملأ ليقتلوه وأنذر أن يخرج من البلد فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .

ابن الاثر
01-27-2009, 11:48 PM
اللهم امتنا على ملة التوحيد....ملة ابينا ابراهيم كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين.....بارك الله فيك اخي البلوشي على هده الفوائد القيمة

متبع السنة
01-28-2009, 12:55 AM
جزاك الله خيراً أخي على حرصك على نشر هذا الكتاب المفيد (التوحيد)وتعليقات العلماء عليه .رحمهم الله جميعاً

البلوشي
02-02-2009, 07:37 PM
جزاكم الله خيرا

12d8c7a34f47c2e9d3==