المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضـــــــــــــــــل الأخُــــــــــــــــــــوَة


كيف حالك ؟

عبد المالك
12-22-2008, 11:58 AM
[B][align=right][B][B]فضـــــــــــــــــل الأخُــــــــــــــــــــوَة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعـــلى آله وصحبه ومـــــن والاه
أما بعد :
فإن الله جلا وعلا فرض على المؤمنين التآخي والتواصل , وحرم عليهم التقاطع والتدابر والعداوة والشحناء . وأمرهم بالحفاظ على هذا الفضل وهذه النعمة , ونهاهم عن أسباب زوالها وضعفها .
قال تعالى : [ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ]
فالأُخُوة في الله نعمة من أنعم الله علينا يجب المحافظة عليها
والفُرقة من الشيطان وهي من أخلاق المشركين ومن شابههم
قال تعالى : [ ولا تكونوا من المشركين من الدين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ]
والأُخوة في الله فضلها عظيم دل على ذلك الدليل من الكتاب والسنة
قال تعالى : [ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله ]
قال القرطبي : قوله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة" أي في الدين والحرمة لا في النسب، ولهذا قيل: أخوة الدين أثبت من أخوة النسب، فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب.
وفي فيض القدير: "إنما المؤمنون إخوة" مستأنفة مقررة لما قبلها من الأمر بالإصلاح، والمعنى: أنهم راجعون إلى أصل واحد وهو الإيمان.
قال الزجاج: الدين يجمعهم، فهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب لأنهم لآدم وحواء
وقال السعدي : " إنما المؤمنون إخوة "
هذا عقد ، عقده الله بين المؤمنين ، أنه إذا وجد من أي شخص كان في مشرق الأرض ومغربها ، الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، فإنه أخ للمؤمنين ، أخوة توجب أن يحب له المؤمنون ما يحبون لأنفسهم ، ويكرهوا له ما يكرهون لأنفسهم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ، آمرا بالأخوة الإيمانية : « لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه » متفق عليه .
وفيهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : « المؤمن للمؤمن ، كالبنيان يشد بعضهم بعضا » وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه .
ولقد أمر الله ورسوله بالقيام بحقوق المؤمنين بعضهم لبعض ، ومما يحصل به التآلف و التوادد ، والتواصل بينهم ، كل هذا تأييد لحقوق بعضهم على بعض ، فمن ذلك ، إذا وقع الاقتتال بينهم ، الموجب لتفرق القلوب وتباغضها وتدابرها ، فليصلح المؤمنون بين إخوانهم ، وليسعوا فيما به يزول شنآنهم .
ثم أمر بالتقوى عموما ، ورتب على القيام بالتقوى وبحقوق المؤمنين ، الرحمة ، فقال : " لعلكم ترحمون " وإذا حصلت الرحمة ، حصل خير الدنيا والآخرة ، ودل ذلك على أن عدم القيام بحقوق المؤمنين ، من أعظم حواجب الرحمة .
وفي هاتين الآيتين من الفوائد ، غير ما تقدم : أن الاقتتال بين المؤمنين مناف للأخوة الإيمانية ، ولهذا كان من أكبر الكبائر ، وأن الإيمان والأخوة الإيمانية لا يزولان مع وجود الاقتتال كغيره من الذنوب الكبائر ، التي دون الشرك ، وعلى ذلك مذهب أهل السنة والجماعة .
وقال الشيخ بن عثيمين {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات: 10] ؛ فأثبت الأخوة الإيمانية مع الاقتتال الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إنه كفر .
وقال رحمه الله : وهم إخوة في الدين، والأخوة في الدين أقوى من الأخوة في النسب بل إن الأخوة في النسب مع عدم الدين ليست بشيء , ولهذا قال الله تعالى عز وجل لنوح لما قال { إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق } قال تعالى { إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح } أما المؤمنين فإنهم وإن تباعدت أقطارهم وتباينت لغاتهم فإنهم إخوة مهما كان .
وقال رحمه الله : تفسيرا لقوله تعالى : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فاشترط الله سبحانه وتعالى للأخوة في الدين هذه الشروط الثلاثة التوبة من الشرك وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ومن المعلوم أنه إذا تخلف الشرط تخلف المشروط
ومن المعلوم أيضاً , أن الأخوة في الدين لا تنتفي إلا إذا خرج الإنسان من الدين بالكلية لأن الأخوة في الدين لا ينفيها الفسق والمعاصي ولو عظمت فهاهو قتل المؤمن عمداً من أكبر الكبائر ومع ذلك لا تنتفي به الأخوة الدينية قال الله سبحانه وتعالى في آية القصاص (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)
ـ ووصف الله تعالى حال المؤمنين مع بعضهم البعض فقال تعالى : [ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ].
قال القرطبي : قوله تعالى: "بعضهم أولياء بعض" أي قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف. وقال في المنافقين "بعضهم من بعض" لأن قلوبهم مختلفة ولكن يقسم بعضهم إلى بعض في الحكم.
وقال السعدي : " بعضهم أولياء بعض " في المحبة والموالاة ، والانتماء والنصرة .
قال الشيخ بن باز : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ )
بينهم المحبة والموالاة والنصح فيما بينهم ليسوا أعداءه ولكنهم أولياؤه كل واحد يحب لأخيه الخير ويكره له الشر وينصحه ويدعوه إلى الخير ويعينه على البر والتقوى ولا يغتابه ولا ينم عليه ولا يكذب عليه ولا يشهد عليه بالزور ولا يخونه في المعاملة ولا يغشه في ذلك بل هو وليه وحبيبه والناصح .
وقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ )
يدل على أن المؤمنين والمؤمنات أولياء يتناصحون ويتحابون في الله , ويتواصون بالحق والصبر عليه ويتعاونون على البر والتقوى , هكذا المؤمنون والمؤمنات جميعا , المؤمن ولي أخيه وولي أخته في الله , والمؤمنة ولية أخيها في الله وأختها في الله , كل واحد منهما يحب الخير للآخر , ويدعوه إليه ويفرح باستقامته عليه , ويدفع عنه الشر , لا يغتابه ولا يتكلم في عرضه ولا عليه , ولا يشهد عليه بالزور ولا يسبه , ولا يدعي عليه دعوى باطلة , هكذا المؤمنون والمؤمنات .
وقال : : يقول عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[5] الآية.
فكون بعضهم أولياء بعض يقتضي التناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه والحذر من كل ما يخالف هذه الولاية ويضعفها. فالمؤمن ولي أخيه وولي أخته في الله، والمؤمنة كذلك ولية أختها في الله وولية أخيها في الله، وهذا واجب على الجميع، وعلى كل منهم أن يدل أخاه على الخير وينصح له ويحذره من كل شر، وبذلك تتحقق الولاية منك لأخيك بالتعاون معه على البر والتقوى، والنصيحة له في كل شيء تعلم أنه من الخير، وتكره له كل شيء تعلم أنه من الشر وتعينه على الخير وعلى ترك الشر، وتفرح بحصوله على الخير، ويحزنك أن يقع في الشر لأنه أخوك
ـ وكذلك مايدل على عِظم الأُخوة قوله تعالى : [وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ]
قال الشوكاني : في فيض القدير
عن ابن مسعود رضي الله عنه : أن هذه الآية نزلت في المتحابين في الله .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: إن هذه الآية نزلت في المتحابين في الله مع أن الواقع قبلها "هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين" والواقع بعدها "يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين" ومع كون الضمير في قوله: "ما ألفت بين قلوبهم" يرجع إلى المؤمنين المذكورين قبله بلا شك ولا شبهة، وكذلك الضمير في قوله: "ولكن الله ألف بينهم" فإن هذا يدل على أن التأليف المذكور هو بين المؤمنين الذين أيد الله بهم رسوله صلى الله عليه وسلم
و عن ابن عباس : قال: قرابة الرحم تقطع، ومنة المنعم تكفر، ولم نر مثل تقارب القلوب، يقول الله: "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً" الآية.
قال الطبري : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لو أنفقت يا محمد ما في الأرض جميعا من ذهب وورق وعرض, ما جمعت أنت بين قلوبهم بحيلك, ولكن الله جمعها على الهدى, فائتلفت واجتمعت تقوية من الله لك وتأييدا منه ومعونة على عدوّك. يقول جلّ ثناؤه: والذي فعل ذلك وسببه لك حتى صاروا لك أعوانا وأنصارا ويدا واحدة على من بغاك سوءا هو الذي إن رام عدوّ منك مراما يكفيك كيده وينصرك عليه, فثق به وامض لأمره وتوكل عليه.
الأحاديث التي تدل على وجوب وفضل الأخوة في الله
عن أنس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وعن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال:
"سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل كان قلبه معلقا بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك وتفرقا، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته ذات حسب وجمال فقال إني أخاف الله عز وجل، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
وعن أنس بن مالك،
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد اللّه إخواناً ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ".
وعن أبي هريرة
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "لا يحلُّ لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاثٍ، فإِن مرت به ثلاثٌ فليلقه فليسلم عليه، فإِن ردَّ عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإِثم" زاد أحمد: "وخرج المسلِّم من الهجرة".
وعن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يحل لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاثٍ، فمن هجر فوق ثلاثٍ فمات دخل النار".
عن أبي خراش السُّلمي، أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "من هجر أخاه سنةً فهو كسفك دمه".
وعن أبي هريرة،
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميسٍ، فيغفر في ذلك اليومين لكلِّ عبدٍ لا يشرك باللّه شيئاً إلا من بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أَنْظِروا هذين حتى يصطلحا".
وعن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً).
وعن النعمان بن بشير. قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد. إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وعن النعمان بن بشير، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمنون كرجل واحد. إن اشتكى رأسه، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".
وعن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"المسلمون كرجل واحد. إن اشتكى عينه، اشتكى كله. وإن اشتكى رأسه، اشتكى كله".
عن أبي موسى : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ً"ع
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله )
وعن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر).
وعن أبي هريرة. قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي. اليوم أظلهم في ظلي. يوم لا ظل إلا ظلي".
وعن أبي هريرة،
عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ "أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى. فأرصد الله له، على مدرجته، ملكا. فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا. غير أني أحببته في الله عز وجل. قال: فإني رسول الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه".
وعن البراء بن عازب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه سلم: " أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله".
عن أبي هريرة : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين، ولك بمثله"
وعن أبي هريرة؛ قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس من حق المسلم على المسلم: رد التحية، وإجابة الدعوة، وشهود الجنازة، وعيادة المريض، وتشميت العاطس إذا حمد الله".
علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "للمسلم على المسلم ست يسلم عليه إذا لقيه ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويجيبه إذا دعاه ويشهده إذا توفي ويحب له ما يحب لنفسه وينصح له بالغيب".
وقال علي رضي الله عنه : عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة , ألا تسمع إلى قول أهل النار ( فما لنا من شافعين ولا صديق حميم )
وروي عن ابن السماك : انه قال عند موته : اللهم إنك تعلم أني إذا كنت عصيتك , كنت أحب من يطيعك فاجعل ذلك قربة لي إليك .
ـ فهذه أدلة الكتاب العزيز , والسنة النبوية المطهرة , وأقوال العلماء , في جملتها تدور نصوصها على وجوب الأخوة في الله ,ووجوب المحافظة عليها .
وللأُخوة حقوقاََ َ كثيرة , حقوقا واجبة , وأخرى مستحبة , في جملتها ينبغي المحافظة عليها .
وقد أجاد معالي الشيخ صالح آل الشيخ في محاضرة له بعنوان (حقوق الأخوة )كعادته في تبين الحق وإيصاله لطالبه , وقد أحصى حفظه الله عشرة حقوق بأدلتها وشيء من التفصيل في كل حق , رأيت أن أنقلها مختصرة فهي تفي بالمقصود , والغرض .
قال حفظه الله :
الحق الأول : أن يُحبّ أخاه لله لا لغرض من الدنيا؛ وهو الإخلاص في هذه العبودية التي هي أن يعاشر أخاه، وأن يكون بينه وبين أخيه المسلم، بينه وبين هذا الصاحب الخاص، أن يكون بينه وبينه محبة لله لا لغرض من الدنيا، فإذا كانت المحبة لله بقيت، أما إذا كانت لغرض من أغراض الدنيا فإنها تذهب وتضمحل
الحق الثاني : أن يقدّم الأخ لأخيه الإعانة بالمال وبالنفس؛ لا شك أن الناس مختلفون, مختلفون في طبقاتهم، والناس بعضهم لبعض خدم؛ الغني يخدم الفقير والفقير يخدم الغني، من كان ذا جاه فإنه يخدم من كان ليس بِذي جاه، وهكذا فالناس متنوعون، جعلهم الله جل وعلا كذلك، ليتخذ بعضهم لبعض سخريا، ورحمة ربك خير مما يجمعون، هذه سنة الله جل وعلا في خلقه، وسنة الله جل وعلا في تصنيف الناس، وهذا إذا كان كذلك فإن من حق الأخوة، من حق الصحبة الخاصة، أن يسعى المرء في بذل نفسه، في بذل ماله لأخيه الخاص؛ لأن حقيقة الأخوّة أن يؤثر المرء غيره على نفسه، كما وصف الله جل وعلا الذين امتثلوا ذلك بقوله ?وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ?[الحشر:9], فالإيثار من حقوق الأخوّة المستحبة، فإذا كان هذا في درجة الإيثار فذاك من الخير؛
الحق الثالث : حفظ العِرض، وهو حق عظيم من الحقوق، بل لا يكاد تُفهم الأخوة الخاصة إلا أن يحفظ الأخ على أخيه عرضه، والأخوّة العامة؛ أخوّة المسلم للمسلم قد أمر النبي ( فيها بحفظ الأعراض، فقد ثبت في الحديث الصحيح، حديث أبي بكرة في البخاري ومسلم وفي غيرهما، أن النبي ( قال في خطبته يوم عرفة في خطبته في حجة الوداع يوم عرفة «إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» إلى آخر الحديث، فعِرض المسلم على المسلم حرام بعامة، فكيف إذا كان بين المسلم والمسلم أخوّة خاصة وعقد خاص من الأخوة, كيف لا يحفظ عرضه، وقد قام بينهم من الأخوة والمحبة الخاصة ما ليس بينه وبين غيره، إذا كان المسلم مأمورا أن يحفظ عرض أخيه الذي هو بعيد عنه، الذي ليس بينه وبينه صلة ولا محبة خاصة، فكيف بالذي بينه وبينه موادّة، وتعاون على البر والتقوى، وسعي في طاعة الله، وفي العبودية لله جل جلاله، واكتساب الخيرات، والبعد عن المآثم.
الحق الرابع : أن تُجنِّب أخاك سوء الظن به, لأن سوء الظن به مخالف لما تقتضيه الأخوة، مقتضى الأخوة أن يكون الأخ لأخيه فيه الصدق والصلاح والطاعة، هذا الأصل في المسلم، الأصل في المسلم أنه مطيع لله جل وعلا، فإذا كان من إخوانك الخاصة، فإنه يكون ثم حقان؛ حق عام له، وحق خاص بأن تجنبه سوء الظن، وأن تحترس أنت من سوء الظن، والله جل وعلا نهى عن الظن، فقال سبحانه ?اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ?[الحجرات:12] قال العلماء على قوله جل وعلا (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) أن الظن منه ما هو مذموم ومنه ما هو محمود، فما كان من الظن محمودا، هو ما كان من قبيل الأمارات والقرائن التي هي عند القضاة، وعند أهل الإصلاح، وأهل الخير، الذي يريد النصيحة أو يريد إقامة القرائن والدلائل عند القاضي، فالقاضي يقيم الحجة ويطلب البيّنة، وكثير منها قائم في مقام الظنون، لكن هنا يجب أن يأخذ بها،
الحق الخامس : أن تتجنّب مع إخوانك المراء والمماراة, فإن المراء مُذْهِبٌ للمحبة، ومُذْهِبٌ للصداقة، مُفسد للصداقة القديمة، ومُحلّ للبغضاء والتشاحن والقطيعة بين الناس. ما معنى المراء؟ يعني أن يكون ثَم مناقشة، ثَم بحث؛ يبحث رجل مع رجل، تبحث امرأة مع امرأة إلى آخره, كبير مع صغير, صغير مع كبير، فإذا أتى البحث، هذا يتعصب لرأيه، وهذا يتعصب لرأيه، فيماريه فهذا يشتدّ وذاك يشتدّ، هذه حقيقة المماراة؛ أن ينتصر كل منهما لرأي رآه، فيأتي بالأدلة فيرفع صوته، ثُم بعد ذلك يحصل في النفوس ما يحصل، وقد كان بعض ذلك بين الصحابة، فقد قال أبو بكر مرة لعمر: ما أردتَّ إلا مخالفتي. وهم الصحابة رضوان الله عليهم،
الحق السادس : بذل اللسان لأخيك؛ اللسان كما أنه في حفظ العرض كففت اللسان عن أخيك، فهنا من الحقوق أن تبذل اللسان له؛ لأن المصاحبة والأخوّة قامت على رؤية الصور فقط، أم على الحديث؟ إنما قامت على الحديث، وحركة اللسان هذا مع حركة لسان الآخر تُقيم بين القلوب تآلفا، فلذلك لابد أن تبذل اللسان لأخيك.
لهذا مظاهر:
? تبذل اللسان في التودُّد له، يعني لا تكن شحيحا بلسانك عن أن تتودد لأخيك، والنبي ( قال «إذا أحب أحدكم أخاه فليُعلمه فإذا أعلمه فليقل الآخر أحبك الله الذي أحببتني فيه»، هذا من أنواع بذل اللسان، وهذا يورث المودة، يورث المحبة،
الحق السابع : العفو عن الزَّلات، وهذا باب واسع، باب عظيم؛ لأن ما من متعاشرَين، ما من متصاحبين، ما من متآخيين، أو ما من متآخيين، إلا ولابد أن يكون بينهم زلات، لابد أن يطلع هذا من هذا على زلة، على هفوة، لابد أن يكون منه كلمة، لأن الناس بشر، والبشر خطّاء، «كُلّكم خَطّاءٌ. وَخَيْرُ الْخَطّائِينَ التّوّابُونَ» فمن حق الأخوة أن تعفو عن الزلات.
الحق الثامن : الفرح بما آتاه الله جل وعلا, فرح الأخ لأخيه بما آتاه الله جل وعلا، الله سبحانه قسم بين الناس أخلاقهم كما قسم بينهم أرزاقهم، فضَّل بعضهم على بعض، فحق الأخ لأخيه، وحق الأخ على أخيه أنه إذا آتى اللهُ جل وعلا واحدا من إخوانك فضلا ونعمة فتفرح بذلك، وكأن الله جل وعلا خصك بذلك، وهذا من مقتضيات عقد الأخوّة، وهذا طارد للحسد،
الحق التاسع : أن يكون بينك وبين إخوانك تعاون في الخير والصلاح وقد أمر الله جل وعلا بذلك في قوله ?وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ?[المائدة:2].
الحق العاشر : أن يكون بين أصحاب الأخوة الخاصة تشاور وتآلف فيما بينهم وأن لا يكون عند الواحد منهم إنفراد بالأمر بل يكون التشاور والله جل وعلا مدح المؤمنين بذلك في قوله ?وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ?[الشورى:38].
وأختم بما ختم حفظه الله : حيث قال : وأسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من المتعاونين على البر والتقوى، المتناصحين في ذلك، الباذلين الخير، المفتِّحين أبواب الخيرات، المغلِّقين أبواب الشرور، وأن يجعلنا ممن يقصدون بأعمالهم وجه الله جل وعلا، وأن يمن علينا بذلك، فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا به سبحانه، نسأل أن يغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولإخواننا المسلمين بعامة، وأن يوفقنا إلى ما يرضيه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
أبو أحمد الميلي

12d8c7a34f47c2e9d3==