المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما جاء في الاستسقاء بالأنواء


كيف حالك ؟

البلوشي
12-21-2008, 05:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

ما جاء في الاستسقاء بالأنواء وقول الله تعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)

قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء وقول الله تعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)

عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أربعة في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة) وقال: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب). رواه مسلم.
ولهما عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: (هل تدرون ماذا قال ربكم؟ ) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب). ولهما من حديث ابن عباس بمعناه وفيه قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فأنزل الله هذه الآيات: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) إلى قوله: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ).

قال الشيخ العلامة الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله
لما كان من التوحيد الاعتراف لله بتفرده بالنعم ودفع النقم وإضافتها إليه قولا واعترافا واستعانة بها على طاعته كان قول القائل : مطرنا بنوء كذا وكذا ينافي هذا المقصود أشد المنافاة لإضافة المطر إلى النوء , والواجب إضافة المطر وغيره من النعم إلى الله فإنه الذي تفضل بها على عباده , ثم الأنواء ليست من الأسباب لنزول المطر بوجه من الوجوه وإنما السبب عناية المولى ورحمته وحاجة العباد وسؤالهم لربهم بلسان الحال ولسان المقال فينزل عليهم الغيث بحكمته ورحمته بالوقت المناسب لحاجتهم وضرورتهم , فلا يتم توحيد العبد حتى يعترف بنعم الله الظاهرة والباطنة عليه وعلى جميع الخلق ويضيفها إليه ويستعين بها على عبادته وذكره وشكره , وهذا الموضع من محققات التوحيد وبه يعرف كامل الإيمان وناقصه .

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظ الله

والاستسقاء بالنجوم هنا ليس معناه أنهم يطلبون من النجوم أن تسقيهم، لكن معناه: أنهم ينسبون المطر إلى النجوم، فيقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا وكما فصل العلماء: إن كان يعتقد أن النجوم هي التي أنزلت المطر وأثرت؛ فهذا كفر مخرج من الملة . وإن كان يعتقد أن المنزل للمطر هو الله، وأن النجوم إنما هي أسباب وأضاف ذلك إليها من باب التساهل في التعبير، فهذا يعتبر شركا وكفرا أصغر لا يخرج من الملة، ولكنه محرم شديد التحريم؛ لأنه وسيلة إلى الشرك الأكبر، ولأن الشرك -وإن كان أصغر- فهو خطير، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ .
قال العلماء: أما لو قال: سقينا في نوء كذا، فأتى بـ (في)، فلا بأس بذلك؛ لأن هذا ليس فيه نسبة المطر إلى النجم، وإنما يقول: سقينا في هذا الوقت، سقينا في نوء كذا يعني: في وقت كذا .
:كان أهل الجاهلية ينسبون المطر إلى طلوع النجم أو غروبه، فيزعمون أنه إذا طلع النجم أو غرب ينزل المطر، ويعتقدون أن هذا بسبب الكواكب، ولا ينسبونه لله تعالى، وهذا كفر؛ لأنهم نسبوا النعمة إلى المخلوق ، وهذا شرك بالله سبحانه وتعالى؛ شرك في الربوبية، وكل مشرك كافر .
وهذا فيه دليل على كفر من استسقى بالأنواء ونسب نزول المطر إليها، أو أن نزول المطر بتأثيرها؛ لأن نزول المطر إنما هو بقدرة الله -سبحانه وتعالى- هو الذي ينزله متى شاء، وأين شاء ويمنعه متى شاء وأين شاء، ويصرفه سبحانه وتعالى .
تطلع الأنواء، ولا يحصل مطر، ويحصل المطر في غير طلوع الأنواء، فيحصل المطر في أي وقت شاءه الله، وهذا شيء مشاهد أن المطر ينزل في جميع الأحيان ولا يتقيد بظهور النجم، فهذا دليل على كذب هؤلاء .
وفيه مشروعية قول هذا الكلام عند نزول المطر مطرنا بفضل الله ورحمته .
وفيه التنبيه على شكر الله عند حدوث النعم من الأمطار وغيرها فكلما حصل للإنسان نعمة فإنه يجب عليه أن ينسبها إلى الله، وأن يشكر الله عليها، ولا ينسبها إلى غيره، لا إلى حوله وقوته، ولا إلى أحد من خلقه، وإنما ينسب الفضل إلى المتفضل وهو الله سبحانه وتعالى .

12d8c7a34f47c2e9d3==