المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقيدة الصحيحة: خطبة لمعالي الشيخ صالح الفوزان


كيف حالك ؟

أبوعلي الشمالي
09-08-2008, 02:00 PM
العقيدة الصحيحة: خطبة لمعالي الشيخ صالح الفوزان


خطبة لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان

-العقيدة الصحيحة-



الحمد لله رب العالمين، خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته، وأشهد أن محمد عبده ورسوله وخيرته من جميع بريّته، صلى الله عليه، وعلى آله، وجميع صحابته، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد :

أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن العقيدة الصحيحة التي جاءت بها الرسل، ونزلت بها الكتب، وخلق الله الخلق من أجلها: هي إفراد الله جل وعلا بالعبادة، وترك عبادة ما سواه، ولا ينفع عمل مهما كان إلا إذا كان مؤسساَ على عقيدة صحيحة، أما العمل مهما كثر، إذا لم يكن مؤسساَ على عقيدة صحيحة، فإنه هباء منثور، كما قال جل وعلا : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً) (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ)، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)، إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن العمل لا يصح، ولا يقبل إلا إذا كان مؤسساَ على عقيدة سليمة خالية من الشرك، وعلى عمل صالح خال من البدع والمحدثات، فهذا هو الذي يقبل عند الله، وينفع صاحبه، فالتوحيد تقبل معه جميع الأعمال الصالحة، ويكفر الله به الأعمال السيئة التي هي دون الشرك، كما قال الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ)، وفي الحديث القدسي : (( يقول الله يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة))، ومن هنا يتأكد على المسلم أن يعرف ما هي العقيدة الصحيحة؟ وأن مصدرها من الكتاب والسنة، لا من عادات الناس، وأعمال الناس والتقاليد التي لا أساس لها من الكتاب والسنة، فمن هنا يجب على المسلم أن يتعلم العقيدة الصحيحة، ويعلمها، وينشرها للناس حتى يتحقق بها سعادة الدنيا، والنجاة في الآخرة، فإن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب ليعبد وحده لا شريك له، ويترك ما سواه: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)، (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، ( اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .

عباد الله: إن العقيدة الصحيحة تحتاج إلى اهتمام وعناية وإقبال وتعلم وتعليم وتمسك وثبات، لان دعاة الضلال، والدعاة إلى الشرك، والدعاة إلى البدع والمحدثات كثيرون، ومنتشرون في كل زمان ومكان، وهم أعداء الرسل، وأعداء التوحيد، وربما يتسمون بالإسلام، لأجل الخداع والمكر، وليضلوا الناس عن سبيل الله عز وجل، وإننا في وقت لا يخفاكم ما فيه من الدعايات والدعوات المظلة التي تسري في الناس، سريان النار في الهشيم بسبب وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وبسبب الفضائيات، وبسبب الإنترنت والشبكات العنكبوتية، كل ذلك يفسدون بها العقائد، وكذلك يفسدون الأخلاق بالشهوات، ويفسدون العقائد بالشبهات، ويفسدون العقائد بالشهوات، وكل ذلك يبث وينشر من خلال هذه الوسائل، فيجب على المسلم أن يحذر من هذا الوسائل، وأن يبتعد عنها ويحذر منها، ويخلي بيته منها، لأنها وسائل تدمير ووسائل هلاك وجالبة للشر، فعلى كل المسلم أن يتقي الله في نفسه، وفي أهل بيته، وفي إخوانه وللمسلين؛ إن أخطر ما يكون على دين الإسلام من يتسمى فيه وهو لا يقوم به أو يعمل على ضده من القبوريين الذين يعبدون الأولياء والصالحين، والأموات، ويستغيثون بهم، ويذبحون لهم، وينذرون لهم، ويطوفون بقبورهم، ويبنون على قبورهم، يبنون عليها القباب والمشاهد، ليضلوا الناس عن سبيل الله، وليصرفوهم عن الطواف في بيت الله العتيق، ودعاء الله عز وجل، وعبادة الله إلى عبادة غير الله عز وجل، باسم الإسلام وباسم التوسل إلى الله، وبأسماء سموها من عند أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان، وكذلك الصوفية، الصوفية والمبتدعة الذين يعبدون الله على جهل وضلال، وإنما يبنون عباداتهم على أوهام وشبهات أوهى من بيت العنكبوت، إما أن يبنوها على التقليد الأعمى لشيوخهم وقادتهم، الذين هم طواغيت يقودونهم إلى جهنم من أجل أن يعظموهم ويمدحوهم، أو من أجل أن يأكلوا أموالهم، ويترأسوا عليهم، أو يأخذون عقيدتهم عن القصص، والحكايات الكاذبة التي يتناقلونها فيما بينهم، وأن القبر الفلاني، والولي الفلاني ينفع ويضر، وأنه يساعد من أتاه، وأنه يحمي من لجا إليه إلى غير ذلك، أو يبتدعون بدعاَ ما شرعه الله و لا رسوله، ويتقربون إلى الله بها، فالحذر! الحذر! من هؤلاء، لأنهم كثيرون، بل ربما يزعمون أنهم يمثلون العالم الإسلامي اليوم إلا من رحم الله عز وجل، فعلى المسلم أن يكون على بصيرة وألا ينخدع بالتمويهات والترّهات والأباطيل والدعايات المضلّة، وأن ينظر في أعمال الناس ويزنها، ينظر في أعمال الناس وأقوالهم وعقائدهم، ويزنها بميزان الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة، فهو صحيح ومقبول، وما خالف الكتاب والسنة، فهو مردود ومرفوض، ولا ينفع عند الله عز وجل مهما كثر أهله، ومهما أتعبوا أنفسهم، ومهما زينوه وزوروه وذوقوه بالدعايات المضلة والأهواء الباطلة، فإنه باطل، والباطل لا يكون حقاَ أبدا: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)، (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً).

عباد الله: ومن أخطر ما يكون على الدين وإفساد العقيدة: (الكهان)، الذين يدعون علم الغيب، وينتشرون بين الناس باسم المعالجين والأطباء وأصحاب الرقى وغير ذلك، فيضلون الناس، ويذهب إليهم الناس للعلاج، وطلب الشفاء، بحجة أنهم يعالجون وهم في الحقيقة كهنة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (( من أتى كاهن فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-))، يأتيه المريض فيقول له: إن فلان قد سحرك، وإن فلان عمل لك كذا وكذا، من أجل أن يفسد بين المسلمين، ويفسد ما بين المسلمين من التواصل والأخوة، ويجعل بعضهم عدواَ لبعض بحجة أن بعضهم يسحر بعضاَ، ويعمل له كذا، وكذا، وأكثر ما يتسلطون على النساء لضعف بإيمانهم، وضعف عقلهن، وربما يأمرون من يأتيهم بأن يذبح لغير الله، أو ينظر لغير الله، أو يذهب إلى القبر الفلاني، أو بأخذ من تربة الميت، أو يأخذ كذا وكذا، أو يكتب له طلاسم، وتعويذات شركية، وأسماء شياطين، ويقول له: استعملها اشربها، علقها على نفسك، وعلى أولادك دون بصيرة، ودون علم، فيهلكون الناس بهذه الطريقة، وباسم العلاج، وباسم الطب المكذوب، فعلى المسلم أن يحذر من هؤلاء، وكذلك السحرة، السحرة الذين ينتشرون بين المسلمين، باسم أنهم يفكون السحر عن المسحور، يسحرون الناس؛ ثم يقولون: نحن نفك السحر عنكم من أجل أن يفسدوا المجتمع، ومن أجل أن يبتزوا أموال المسلمين بهذه الطريقة ينشرون السحر؛ ثم يقولون: نحن نعالجكم، ونحن نعالجكم من هذا السحر، فالواجب على المسلمين أن يحذروا من السحرة والواجب قتل الساحر، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((حد الساحر ضربه بالسيف))، وقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أمرائه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال الراوي: فقتلنا ثلاثة سواحر، فالساحر لا يجوز بقاؤه في البلد، فمن علم به وجب عليه أن يسعى في القضاء عليه، وكف شره عن المسلمين بدل أن يروج له، وأن يحمى، وأن يقال: إنه تحت كفالة فلان وعلان هذا أمر لا يجوز، ويجب على المسلمين أن يحذروا من السحرة والمخرفين، هناك طريقة جدت الآن، وهي طريقة تضليل وإفساد للعقيدة، وهي ما ينشر في الجوالات، أو في منشورات مطوية صغيرة توزع على الناس فيها أن فلاناَ رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ورآه في المنام، وأن الرسول قال له: قل للناس كذا وكذا، قل لأمتي كذا وكذا؛ ثم يقول: في آخرها من لم يروج هذه الرؤية، وينشرها على الناس، فإنه يصاب بكذا وكذا، يصاب بالهم والحزن، ومن روجها، فإنه يجد الخير، ويجد الفرح والسرور، ولقد نشر هذا منذ أيام بطريق الجوال، وهذا كذب وافتراء، كذب على الله، وكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال الله جل وعلا : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (( إن كذباَ علي ليس ككذب على غيري، من كذب علي متعمداَ، فليتبوأ مقعده من النار))، فلا يجوز الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والرؤيا أكثر ما تكون من الشيطان يأتيه، ويقول: أنا رسول الله، اعمل كذا، اعمل كذا، قل لأمتي كذا، وهو شيطان مارد، وهل تعرف الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى تميزه عن غيره، وتعرف أنه هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي لا يشتبه بغيره قال -صلى الله عليه وسلم-: (( من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي))، لكن هذا في حق من يعرف الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويميزه عن غيره، أما من لا يعرف الرسول بصفاته -صلى الله عليه وسلم-، فإن الشيطان يأتيه ويغويه، ويقول له أنا محمد قل للناس كذا، أنا الولي الفلاني، أنا أبو بكر، أنا عمر مر الناس كذا وكذا، ثم هذا الشقي يقوم وينشر هذه الرؤيا على الناس، ويهدد ويتوعد من لا ينشرها، أو يكذب بها، ويوعد ويبشر من نشرها، وفرح بها، وبينها للناس، وهذا من الكذب على الله وعلى رسوله، ومن التغرير بالمسلمين، فعليكم الحذر من هذه الترويجات الباطلة والإشاعات الكاذبة، عليكم بالحذر مما يروج بالجوالات، لأن هذه طريقة سهلة، فدخل على كل أحد وكذا ما يروج في الفضائيات، وكذا ما يروج في الصحف والمجلات، من قولهم أنت حظك في البرج الفلاني أنت طالعك حسن، أو أنت في طالع سيء، برجك سيء، فيتعاطون بأسماء البروج والطوالع، ويقولون للناس: أنت سترزق، أنت سيحصل لك كذا كذا، لأن برجك حسن، أو يقول للأخر أنت ستموت، أنت ستمرض، أنت سيحصل عليك خسارة في مالك، لأنك وافقت البرج الفلاني، سافرت في البرج الفلاني، تزوجت في البرج الفلاني، فأنت تعي في الحظ، أو يقول للآخر: أنت محظوظ لأنك تصرفت وسافرت وتزوجت ووافقت البرج الفلاني، فأنت ستربح وتسر إلى غير ذلك، والله جل وعلا لم يجعل البروج والنجوم، لم يجعلها للسعادة والشقاوة، وليس لها تصرف في الكون، إنما خلق النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجوماَ للشياطين، وعلاماتَ يهتدي بها المسافر، أما من علق بها الخوف والرجاء والنحس، وعلق بها النحوس، وعلق بها الخير، أو الشر، وعلق بها الحظوظ والنحوس، أو علق بها الخير والشر، فإنه كافر بالله عز وجل، إنه كافر بالله، لأنه يعتقد أن أحداً، أو مخلوقاَ يتصرف مع الله سبحانه وتعالى في عباده، وفي مخلوقاته، فاتقوا الله عباد الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان، والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله لي، ولكم، ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمد لله على فضله وإحسانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماَ لشأنه، وأشهد أن محمداَ عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه وسلم تسليماَ كثيرا.

أما بعد:

أيها الناس: إن بعض الناس قد يصدق هذا الشعوذات، وهذه الكهانة، وهذه الحظوظ، والنحوس، والطوالع، ويقول: إن فلاناَ إنه حصل له ما يريد، فلان سافر في كذا، وهو يعتقد في هذا النجم، أو في هذا البرج أنه سعيد حصل له السعادة، وفلان سافر حصل له ما لا يريده، لأنه سافر في غير ما قال له المنجم والكاهن، أو تزوج أو تصرف، وقد نهاه الكاهن، فخسر وخاب، يقول: أنه حصل له النتيجة، ويعتبر هذا دليلاَ على صدق الكاهن، وصدق المنجم، وصدق الساحر، وهذا كذب على الله، فإن الله جل وعلا يبتلي عباده، وقد يمتحن هذا الشخص، فيعطيه ما يريد من أجل أن يستدرجه، ومن أجل أن يخذله، فإنه إذا أعطاه ما يريد، وهو على الكفر والشرك، فإن هذا خذلان له، قال تعالى: (فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ)، قال سبحانه: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، فالعبرة ليست بحصول النتيجة إذا كان السبب محرماَ، إنما العبرة بصحة السبب، وصحة الوسيلة، هذه هي العبرة، على المسلم أن يتبصر في هذا الأمر، ولا ينخدع بهذه الترويجات، وهذه الدعايات الباطلة، ويقول: إن فلاناَ جربها وحصل له مقصوده، وإن فلاناَ تركها وكذب بها، فحصل له نفسه، وحصل له كذا وكذا، فليتقي الله كل عبد مسلم، وأن يعلق قلبه بالله عز وجل، ويتوكل على الله، قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( ومن توكل على شيء، وكل إليه))، فقد يخذله الله ويكله إلى هذا المخلوق الضعيف الذي اعتمد عليه، فيهلك والعياذ بالله، فاتقوا الله عباد الله تبصروا في دينكم، واسألوا الله الثبات، فإنكم في زمان عظمت فيه الفتن والدعايات الباطلة، وسهل وصولها إلى الناس، واختلط الحابل بالنابل، فعلى المسلم أن يخاف على دينه، ولا يقول: أنا مؤمن، أنا متعلم، أنا درست العقيدة، أنا، أنا، لا يأمن أنه يبتلى وأنه يخدع وأنه يستدرج، فإن إبراهيم -عليه السلام- وهو الذي كسر الأصنام بيده ولقي في ذلك ما لقي من العذاب وصبر يقول في دعائه لربه: (اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام)،َ إبراهيم خاف على نفسه أن يعبد الأصنام، وأنت تأمن على نفسك: (اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام، َرَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ)، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول يا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلبي على دينك؛ تقول له: عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، وأنت تخاف يا رسول الله؟ قال يا عائشة، وما يؤمنني، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن إذا أراد أن يقلب، أو يقلب، قلب عبد، قلبه.

فاتقوا الله، عباد الله: وخذوا حذركم، تبصروا في دينكم، فإنكم بين أعداء كثيرين من الشياطين الإنس والجن، والدعايات المضللة، باسم الفكر، وباسم الثقافة، وباسم التقدم العلمي، وبأسماء جذابة خداعة، نحن لا نعتمد إلا على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى هدي سلف هذه الأمة، ولكن هذا يحتاج منا إلى بصيرة وصبر.

فاتقوا الله، عباد الله، واعلموا: أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ؛ شذ في النار: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وأرضى اللهم عن خلفائه الراشدين, الأئمة المهديين أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناَ مطمئنا وسائر بلاد المسلمين عامةَ يارب العالمين، اللهم دمر أعداءك أعداء الدين، من اليهود والنصارى وسائر الكفرة والمشركين، ومن شايعهم من المنافقين والمرتدين، اللهم شتت شملهم، وفرق جماعتهم، وأضعف قوتهم، واجعل بأسهم بينهم، واشغلهم بأنفسهم عن المسلمين، واجعل كيدهم في نحورهم إنك على كل شيء قدير.

اللهم أصلح ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين، الله أصلح ولاة أمور المسلمين، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم أصلح بطانتهم، اللهم أصلح بطانتهم، اللهم أصلح بطانتهم وجلساءهم ومستشاريهم، وأبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين والمنافقين يا رب العالمين، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء، والمنكر، والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

هادي بن علي
09-08-2008, 11:05 PM
جزاك الله خيرا والعلامة بقية السلف الصالح الفوزان

أبوعكاشة الأثري
09-15-2008, 02:06 PM
جزاك الله خيرا

12d8c7a34f47c2e9d3==