المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعمة الإسلام


كيف حالك ؟

قاسم علي
08-01-2008, 09:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


يقول الله جل وعلا مذكراً لأمة الإسلام نعمته، وفضله عليهم بهذا الدين، في آي الله، من آخر القرآن نزولا، لما عرف المسلمون تلك النعمة، عرفوا ذلك الفضل، عاشوا في ظل هذا الدين الكامل، نبههم الله على فضله، وبين لهم مكانته، وامتن عليهم بهذه النعمة، ليشكروه جل وعلا عليها، ويثنوا عليه بما هو أهله: ((الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا))، اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا، لقد يأس الكفار من هذا الدين، أيسوا فلم يستيطعوا أن يقضوا عليه، ولم يستطيعوا أن يوقفوا زحفه، ولم يستيطعوا أن يغيروا أحكامه، ولم يستطيعوا أن يضلوا الناس عنه، مهما بذلوا من جهود، فهو دين كامل، كل ما أصابه من غبار، فيوشك بعد حين أن ينفض الغبار عن نفسه، إذا وجد من يحمل لواءه، إذا وجد من يحمل لواءه، ويرفع رايته، ويعلن أحكامه، فإن الله ناصرٌ من ينصر هذا الدين، ومؤيدٌ من يؤيد هذا الدين، إذا قام بصدق وإخلاص: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ))، كم مر على هذا الدين من حقوبات الزمان، توالت عليه حروب الأعداء ما بين مغول وصليبي وغير ذلك، وكلها مرت وانقضت، والإسلام لا يزال باقياً عزيزاً، وأحكامه وأخلاقه لا تزال غضة طريةً كما جاءت من رب العالمين، دينكم دين الإسلام أكمله الله، فلن ينقصه، وقد أكمله الله، فلا يحتاج لزيادة، وأتمه فلن ينقصه، ورضيه لكم، فلن يسخطه، فالحمد لله على ذلك، اللهم أحيينا مسلمين، وأمتنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، دين عقيدة، وعبادة، دين أخلاق ومعاملة، دين سلوك حسن، وقيم وفضائل، دين يحلي أصحابه بالأخلاق القيمة والفضائل والشيم الطيبة، دين يخاطب الفطر السليمة، فالفطر المستقيمة، تقبل أوامر الشرع، والقيم المستقيمة، تقبل نواهي الشرع، وتطمئن لذلك، وإنما ينحرف عن السلوك القيم، والخلق الفاضل من نقصة عقيدته، وضعف إيمانه في قلبه، فالعبادات والأخلاق في الإسلام، إنما هي امتداد لهذه العقيدة، فمتى استقرت العقيدة في القلب، إيمانٌ بالله، إيمانٌ بألوهيته، وأسماءه وصفاته، إيمان بشرعه ودينه، متى استقرت هذه العقيدة في القلوب، فإن الأخلاق والفضائل، تظهر جلية واضحة، وإنما يصاب الناس في أخلاقهم، وإنما يصابون في سلوكهم، ومنهج حياتهم، عندما تضعف تلك العقيدة الصالحة من نفوسهم، فعلى قدر ضعف العقيدة تقوى الأخلاق والسلوك، وعلى قدر ضعفها تنهار الأخلاق والسلوك.

أيها المسلم: فالدين دين عقيدة، وعبادة، وأخلاق، ومعاملة دين صلاح للفرد والمجتمع، دين متى تخلق المسلمون بأخلاقه، وتأدبوا بأدابه، وسعوا على منهجه في حياتهم علا شأنهم، وعظمت قوتهم، وهابهم الأعداء، ومتى ضعف تمسكهم بهذا الدين، ومتى ضيعت أخلاقه وقيمه، فإن ذلك مصاب على أهل الإسلام؛ نسأل الله الثبات على الحق، والإستقامة عليه.

أيها المسلمون: والله يقول: ((فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))، فقف معي قليلاً عند قوله: " معيشة ضنكا"، معيشة ضنكا هي الحياة، وإن أعطي من الدنيا، ونال من لذاتها ما نال، ففي قلبه اضطراب وقلق نفسي، واضطراب أخلاقي، لا يمكن أن يعيش هنيئاً مطمئناً، لأن الله جل وعلا قضى أن السعادة الحقة، والحياة الطيبة إنما هي في أخلاق هذا الدين، ومنهجه العظيم.

أيها المسلم: فديننا دين القيم، والأخلاق، والفضائل، دين العزة والكرامة، دين كرم ابن ادم، دين جاء بتكريم الإنسان، فجعله أكرم خلقه: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا))، ثم كرم الإنسان تكريماً آخر، حين هداه إلى الإسلام، حين وفقه إلى هذا الدين، فتلك الكرامة العظمى لمن عقلها واستفاد.

أمة الإسلام: إن من كمال هذه العقيدة الصحيحة، عقيدة الإيمان بالله ورسوله، استسلام العبد لشرع الله، وانقياده لذلك، ووقوفه عند ما حد له، وانتهائه عما نهي عنه.

أمة الإسلام: حكمة الرب جل وعلا اقتضت أن يكون الإنسان من ذكر وأنثى، من شقة واحدة شخصين ليتكامل الخلق، وجعل بني آدم من ذكر وأنثى، امتداداً لجنس البشرية، ولقضاء العبد وطره، فيما شرع الله له، ليحصل النسل بتلاقح الذكر والأنثى، فجعل ذلك سبباً لعمران الأرض، أن يكون الإنسان مكون من ذكر وأنثى، ليكون مصدر ذلك، مصدر بقاء الحياة الإنسانية، وامتدادها، والله حكيم عليم، فجعل ابن آدم من ذكر وأنثى امتداداً لحياة الإنسان: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً... الاية )) .

أيها الأمة: لقد قص الله علينا في كتابه العزيز، لقد قص الله علينا في كتابه العزيز، قصة لوط -عليه السلام - مع قومه، لوط -عليه السلام- أحد أنبياء الله، وأحد رسل الله، وأنبياءه، الذين بعثهم الله لدعوة الخلق إلى عبادة الله، وإخلاص الدين لله، وعمارة الأرض بطاعة الله، بعث الله لوطاً لقومه، فدعاهم إلى عبادة الله، قائلاً لهم: ((أَلا تَتَّقُونَ))، ولما كان قومه قد رتعوا في هذا المنكر، وغلبت عليهم الشهوات، وسيطر عليهم الهوى، وانحرفت فطرهم، انحرافاً كلياً، انحرفت فطرهم، وانحلت أخلاقهم، وفسدت ضمائرهم، وأصبحوا في غاية من الهوان، والسخف، وانحطاط الأخلاق، والبعد عن الفضائل، خاطبهم -عليه السلام- داعياً لهم لعبادة الله، وخاطبهم منكراً عليهم ذلك الخلق الذميم، فقال لهم: (( أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ))، ((أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ))، هكذا خاطبهم، أنهم أتوا الرجال دون النساء، وهم يتبصرون في ذلك، وأنهم أتوا هذه الفاحشة، وهم على جهلهم وضلالهم: ((وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ))، فجهلهم المطبق، جعلهم يهجرون الإناث، ويأتون الذكور، يهجرون ما أباح الله لهم، الاستمتاع به، ويأتون ما حرم الله عليهم، الاستمتاع به، يهجرون النساء اللواتي منهن، الولد واللواتي جعلهن الله لقضاء الوطر، هجروا النساء، وعطلوا النساء، وانحرفوا إلى أن يفعل بعضهم في بعض، وينزو بعضهم على بعض، فقال : ((أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ))، فوصفهم بالجهل، وأي جهل أعظم من هذا الجهل، كما وصفهم بأنهم مسرفون، وكما وصفهم بأنهم عادون، وكما وصفهم بأنهم مفسدون، كل ذلك ينعى عليهم فعلهم القبيح، ويلومهم على هذه الفحشاء، الفاحشة النكراء، ولكن القوم بلوا بانحراف الفطر، والعقول، بلوا بالشقاء والضلال، فقالوا: ((أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ))، نعم؛ إن لوطاً متطهراً، وهو على غاية من الطهر، إذ هو يرفض هذا المنكر، ويأباه، والأعداء قد اعترفوا للوط بأنه متطهر، واعترفوا على أنفسهم بالنجاسة، والقذارة، واعترفوا لنبيهم لوط بأنه متطهر؛ ونعم إنه متطهر، وإن خصومه الأرجاس الأنجاس، والله وصفهم بقوله جل وعلا في سورة العنكبوت: ((وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ))، قال رب انصرني على القوم المفسدين، قال الله: ((إِنَّا مُنْـزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ))، فوصفهم بالفساد، والفسق، والسرف، والعدوان، والجهل، لأنه انحراف الفطر عن المنهج السليم، انحراف بعيد المدى؛ نسأل الله السلامة والعافية، هكذا خاطبهم -عليه السلام-، وهكذا صبر عليهم إلى أن جاوز الأمر حده، إلى أن تعرضوا لضيوفه، إلى، إلى، وإلى، فلما طال الأمد، وحاول نصيحتهم، وحاول توجيههم، وأتعب نفسه في هدايتهم: ((قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ))، وقالوا له: ((قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ))، فطال الأمد بينه وبينهم، ثم إن الله أنزل بهم عقوبته العظيمة، وبأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين: ((فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ))، وقال جل وعلا في سورة الحجر: ((فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ))، عاقبهم بأن رفع قراهم، رفعها جبريل إلى أن سمع أهل السماء السابعة أصواتهم، ثم قلبها عليهم، وأتبعها بحجارة من سجيل، تلك عقوبة أولئك، عقوبة المنحرفين سلوكاً، وأخلاقاً.

أيها الأخوة: نسمع أحياناً ما تنشره بعض الصحف، عن اكتشاف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عن بعض تلك الجرائم الشنيعة، وعن اكتشافها لبعض الفئات المنحرفة، الذين -والعياذ بالله- رضوا لأنفسهم بأن يكونوا موضعاً لهذا المنكر العظيم، والفاحشة السيئة، لكن الله جل وعلا ،هيئ لهم من باغتهم في باطنهم؛ إن الشذوذ الجنسي الذي نسمع الآن، وتنقل الأنباء عن بعض دول الكفر إقراره، بأنه نظام قائم، وقانون صرف، ليحمي كما يقولون: الشاذين، لأنهم إنسان، فيعطى ما يرضيه، ويحمي القانون تلك الفئة إلى أن تمارس جريمتها علانية، والقانون يحميهم دون أي عقوبة، هكذا نسمع أحيانا في دول الغرب، أن هذا القانون سن، وشرع إلى أن تقر هذه الفاحشة، وهو ما يسمى بالزواج المثلي، وأن القانون يحمي أولئك، ويمنعهم بأن يتعدى عليهم معتدي، أو يمس أحدهم بسوء، لأنهم يرونه حقاً للإنسان، كما يزعمون، إنه الفساد العظيم، والشر البلاء، وقوع شخص في البلاء سهل، لكن كون قوانين وضعية تحمي هذه الجريمة، وتؤيدها، وتجعلها نظاماً سائرا، أن هذا الفعل يبقى معترفاً به قانونياً، كما يزعمون، إنه البلاء والانحراف الذي ما بعده انحراف؛ نسأل الله الثبات والاستقامة.

أيها المسلم: إن أضرار هذه الفاحشة، ضرر على العبد في عقيدته، فإنه فساد في المعتقد، وضعف الإيمان في القلب، وإنه ليدل على قلة الحياء، وقسوة القلب، وقتل الشيم، والمروءة، والفضيلة، وإنه ضرر على المجتمع، وسببٌ لحلول العقوبات، والمصائب، وسبب لانحطاط الشعوب، وانحلال الأسر، وضعف الإنتاج، أو قلته، والبلاء العظيم ، وإنه يؤدي بالحياة النفسية إلى قلق واضطراب، وأنه لا يجد ما يجده في الاستمتاع، فيما أباح الله له، إنه لا يحقق نسلاً، ولا ينشئ ذرية، ولا يعطي لذة، لكنه البلاء يهدد الصحة والسلامة، يهدد الأسر والمجتمعات، يقضي على القيم والفضائل، فحماية القوانين الوضعية، لهذه الجريمة دليل على فساد تصورهم، وانحرافهم عن منهج الله، لأن دين الإسلام، دين يحمي الأخلاق، والفضائل، ويقيم المجتمع على أسس من الخير، والتعاون؛ نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق، والاستقامة عليه، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا .

عباد الله: يقول الله جل وعلا في وصف عباده المؤمنين: ((وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ))، فأخبر تعالى أن محل الاستمتاع الزوجة، أو ملك اليمين، وما عدا ذاك، فهو عدوان، ومجاوزة الحد، وإتيان أمر ما شرعه الله، فإن الله جل وعلا شرع النكاح الشرعي، ليقضي العبد وطره فيما أباح الله له، ولتطب نفسه، وتقر عينه بنعمة الله عليه، وحرم عليه هذا السلوك الرذيلة، ومنعه منه أشد المنع، وجعله جريمة عظيمة، وكبيرة من كبائر الذنوب، حتى جاء: ( إذا وجدتم من يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول )، وقال: ( لعن الله من عمل عمل قوم لوط )، كل هذا تحذيرٌ للمجتمع، وحماية للأخلاق والقيم، من التصدع والانهيار؛ إن الأخلاق في الإسلام، هي دليل على صلاح العقيدة، واستقامة السلوك؛ نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه، وأن يرزقنا وإياكم إلى الحق والهدى، إن كل دعوة إلى الانحراف عن منهج الله، وكل دعوة تدعو المسلمة للفسوق عن شرع الله، والبعد عن الحجاب الإسلامي، والبعد عن التستر، والبعد عن التبرج، وكل دعوة تدعو إلى البعد عن الأخلاق والقيم، فإنها دعوات باطلة، ودعوات مغرضة، إن المسلم حينما يتكلم ويكتب، يجب أن يراقب الله فيما يقول ويعمل، ويجب أن يعتقد أن هذه الشريعة المحمدية، هي الشريعة الكاملة في أخلاقها، ونظمها، ومبادئها، هي الشريعة التي جعلها الله خاتمة الشرائع كلها، فالأخلاق والقيم الحقة، إنما هي في هذه الشريعة وحدها، هذه شريعة الله التي أكملها، وأتمها، ورضيها لنا، فهي كل خير وصلاح للبشرية في الحاضر والمستقبل، إنما هو في هذه الشريعة وحدها ،وما سوى هذه الشريعة، فلن يمكن أن تجد أخلاقاً، ولا قيماً، ولا فضائل، لأن الأخلاق والقيم في الشريعة مرتبطة، وممتدة للعقيدة الصحيحة السليمة، فالعقيدة التي هي الإيمان الحق بالله، والإيمان الحق بمحمد -صلى الله عليه وسلم- هي التي تدعو إلى التمسك بهذه الفضائل، والقيم، والأخلاق، فالله بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق، فالأخلاق الحقة، والأخلاق السليمة، والأخلاق الفاضلة، والأخلاق العظيمة، إنما هي فيما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-، والله يقول: ((وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)).

واعلموا رحمكم الله: أن المسلم يجب عليه أن يربي أولاده على الخير، وأن يحفظهم من هذه المصارع السيئة، وأن يلاحظ سلوكهم، وأعمالهم، فعسى الله أن يمن على الجميع بالثبات على الحق، والاستقامة عليه، وإن الزواج المبكر للشاب المسلم، في عقده الثالث، ونحو ذلك، إذا تهيأت الفرصة، فتلك نعمة تقي الشباب السوء، وتحفظ بصره، وتحصن فرجه، وتحفظه من هذه الجرائم؛ نسأل الله لنا، ولكم الثبات على الحق .

خطبة الجمعة لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ

بجامع الإمام تركي بن عبد الله (الجامع الكبير) بالرياض

12d8c7a34f47c2e9d3==