المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علامات توفيق الله للعبد


كيف حالك ؟

قاسم علي
07-25-2008, 08:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

إن المؤمن حقا، يحذر فتنة الدنيا وتقلبها، ويخشى على نفسه دائماً من فتنة الدنيا وزيغ القلب، فهو دائماً يردد: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )، يخشى من فتن الدنيا، لا سيما بعد ما فتح على الناس من باب العبث واللهو، وما فتح من اتصالات عظيمة، جلب في طياتها كثير من الفساد، لا ينجو منها إلا من وفقه الله، وهداه، وعصمه من تلك البلايا والفتن.

أيها المسلم: إن توفيق الله للعبد في هذه الدنيا: علامة الخير ودلالاته، ولكن ما هذا التوفيق؟ هذا التوفيق انما يكون للخير، وأسباب الخير، وكم يقنط في هذا الباب من يقنط، فيظن أن انفتاح الدنيا، ووفرتها بيده، وتوسعه بزخارفها أن ذلك مجرده علامة الخير، وقد رد الله على هذا المفهوم الخاطئ بقوله: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ )، وقال: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ )، فمجرد المال، ونعيم المال، ليس بمجرده محققاً للسعادة، وإنما يحققها مع دين الله الأعمال الصالحة ، الخالصة لله بأن يسخر كل شيء، فيما يقربه إلى الله، وإن المؤمن يبحث عن أسباب توفيق الله للعبد، فإن وجد عنده ذلك، فليحمد الله، وإن رأى تقصيراً، فليبحث عن أسباب توفيق الله له، فإن هذا مطلوب في هذه الدنيا، ليكن على بصيرة في أمره.

أيها المسلم: ومن تأمل نصوص كتاب الله، وسنة محمد -صلى الله عليه وسلم- رأى للتوفيق أسباب وعلامات، إذا كان في العبد يرجى بتوفيق الله، أن يكون ممن وفق للخير، فأعظم التوفيق، وأهمه أن يوفق العبد للأعمال الصالحة، سواء كانت أعمالاً بدنية، أو أعمالاً قولية، أو أعمالاً مالية، فيوفق للأعمال الصالحة عموماً، فتوفيق العبد خيراً وعوناً له على كل خير، وإن تخلى الله عنه، فإن الشيطان يتلقفه: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ))، فالموفق للأعمال الصالحة يجد للأعمال الصالحة لذة وراحة وطمأنينة في قلبه، قال تعالى: ((إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ))، فهم في نعيم في الدنيا بطاعة ربهم، ونعيم في البرزخ بما يرد عليه من الخير، ونعيمٌ يوم لقاء ربهم بما أعد الله لهم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، هذا الموفق للعمل الصالح، تراه دائماً ينهج بذكر الله، فلسانه رطباً بذكر الله من تسبيح، وتكبير وتحميد، واستغفار، وتوبة إلى الله في الأوقات الطيبة، تراه يحب الصلاة، ويعظمها، ويطمأن اليها ويعظمها، فهي قرة عينه، وراحة باله، وسبب في انشراح صدره، واقتداء بنبيه -صلى الله عليه وسلم- القائل: ( حبب إلي من دنياكم النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة )، هو يحبها، ويألفها، ويحن إليها: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ))، هو يحب الصلاة، ويحن إليها ، وقلبه معلق بالمساجد متى ما سمع نداء الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، أم المسجد طاعة لله، ورغبة في الخير، وحباً له لا يشغله عن الطاعة شاغل، ولا يصده عنه صاد، بل هو حريص على الطاعة كل الحرص، تراه يؤدي زكاة ماله، طيبة به نفسه قرة بها عينه، يؤديها بسخاء نفسه، شكرا لله على إفضاله وإنعامه، شكرا ً لله على إفضاله وإنعامه، واستجابة لأمره، وطلب المزيد، يصوم رمضان، فيستقبله بكل فرح وسرور، لعلمه بمحبة الله لذلك، يحج البيت، يبر بالوالدين، يصل الرحم، يحسن الى الجار، يبذل المعروف، كل تلك الطاعات وفق لها، فأحبها وقام بحقها، يتذكر قول الله: ((وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))، ويرجو أن يحشر مع الرفقة الطيبة المباركة: (( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفا بالله عليما))، من توفيق الله له أن يرزقه الله فقهاً في دينه، فتكون أعماله كلها على شرع الله، يبصره الله في الحلال والحرام، ويعطيه فطرة نيرة، يتبصر بها الحق من الباطل: (( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عن سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ))، ( ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، هكذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، والفقه في الدين ليس محصوراً في كثرة المسائل، والإلمام بها، وهذا لا شك جزء هام، لكن المهم أن يوفق العبد للعمل بما علم، وتطبيق ما علم، فيكون فقيهاً في دين الله، عاملاً بما علمه الله، أعماله كلها على و فق شرع الله، ومن توفيق الله للعبد أن يوفقه للدعوة الى الخير، وإصلاح الناس، والدعوة إلى الهدى، فمن وفقه الله بأن يكون داعياً للخير، داعياً إلى سبيل الله، محذراً عباد الله من سخط الله ، وغضبه، فذاك الموفق للخير، والله جل وعلا يقول: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))، فالدعوة إلى الله سبيل الأنبياء والمرسلين، وأتباعهم: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) ، وبالحديث: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )، فالداعي إلى الله، المرشد إلى عباد الله يحذرهم من معاصي الله، يحذرهم من أسباب غضب الله، وسخطه، ينصحهم في معاملاتهم، فيحذرهم من المعاملات الرديئة، ويحذرهم من الحيل والشبه الباطلة، يرشدهم في عباداتهم، فيحثهم على الأوامر، واجتناب النواهي، ويكون ناصحاً لهم، رادعاً لهم عن الشر، محذراً لهم من الباطل: ( أنصر أخاك ظالماً، أو مظلوما )، قالوا: يا رسول الله ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: ( تردعه عن الظلم، فذالك نصرك إياه )، الداعي إلى الله إذا وفق، فدعا إلى أصل الإسلام، وأساس الملة، والدين عبادة الله وحده، وإخلاص الدين لله هي دعوة جميع المسلمين: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ))، فأساس الدعوة، الدعوة إلى توحيد الله، وإخلاص الدين لله، وتحذير المسلمين من الشرك، ووسائله القريبة والبعيدة، فذاك أعظم الواجبات وأهمها.

أيها المسلم: ومن علامة توفيق الله للعبد: أن يمن عليه بالتوبة النصوح، فيجعله تائباً إلى الله، تائباً إلى الله من ذنوبه وخطاياه وسيئاته، فمن منا معصوم عن الخطأ، وكلنا خطاء، وخير الخطاءين التوابون، كلنا نخطأ، في الحديث القدسي ( يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني، أغفر لكم )، إن من نعمة الله علينا أن فتح لنا باب التوبة إليه، لنقلع من خطايانا، ونتوب من سيئاتنا، ونمحو صحائف السود المقتمة، بأن نفتح صحائف بيض ناصعة، نتوب إلى الله ليلاً ونهاراً، وسراً وجهارا: (( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون))، توبة نقلع بها عن الخطأ، ونندم عن ما مضى، ونعزم ألا نعود، توبة نتخلص بها من مظالم العباد، ونرد الحقوق إلى أهلها، ونتخلص من ظلم العباد من كل أنواع الظلم، تلك التوبة التي إذا وفق العبد لها نال خيراً كثيرا، والله جل وعلا يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، والله يقول: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))، ومن توفيق الله للعبد، ومن توفيق الله للعبد، أن يمن عليه فيجعله ملجأ لعباد الله، يفرج هماً، ويكشف كربا، وييسر على معسر، ويعين ملهوفا، ويقف مع المظلوم، فإن هذه الخصال الحميدة إذا وفق العبد لها نال خيراً كثيراً، يقول -صلى الله عليه وسلم-: ( من يسر على معسر، يسر الله له في الدنيا والآخرة، ومن فرج كربةً عن مسلمٍ، فرج الله له كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه، الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، أشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء )، ومن توفيق الله للعبد أن يوفقه لحب القرآن، بتعلم القرآن، وتعليمه، والإنفاق على طلابه، والمنتسبين إليه، يقول -صلى الله عليه وسلم- : ( خيركم من تعلم القرآن، وعلمه )، فمن تعلم القرآن، فقد أوتي خيراً كثيرا : ((وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًاً ))، ومن علمه غيره فقد نال خيراً كثيرا، ومن أعان على تعليم القرآن، ووقف مع جمعيات تحفيظ القرآن، وأمدهم بما يستطيع من إمكانيات، فهو داخل في هذا الفضل العظيم: ( خيركم من تعلم القرآن، وعلمه )، ومن توفيق الله للعبد أن يجعله آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، داعياً إلى الخير، فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر خلق أهل الإيمان: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))، فهو آمر نفسه بالمعروف قبل كل شيء، وناهياً نفسه عن المنكر، ثم يمتد ذلك إلى غيره، فيأمر زوجته وأولاده بالخير بالمعروف، وينهاهم عن المنكر: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا))، في الحديث: ( مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)، فهو يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر في بيته في زوجته وأولاده، وبناته ومن حوله، ومن يخدمه، ويأمر جيرانه، وأصحابه، ويأمر أخوانه، وأرحامه، ويأمر بالمعروف قدر استطاعته، رحمة بالعباد، وإحساناً إليهم، وإنقاذا لهم من الجهالات، والضلالات، فالآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، فالآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر يكون رحيماً بمن يأمره، وينهاه رفيقاً به، محسناً إليه، شفيقاً عليه ، حريصاً على هدايته ما استطاع لذلك سبيلا، هكذا المؤمنون فيما بينهم، أهل تناصح، وتعاون، وصدق الله: ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) ، ومن توفيق الله للعبد أن يمنحه مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، يوفقه الله للكلمات الطيبة، والكلمات النافعة، فيهذب لسانه، ويطهره من الفحش، وقبح الكلام، قال الله جل وعلا: ((وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا))، وقال ((وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا))، فمن وفق للكلمات الطيبة، والكلمات النافعة، المؤثرة، نال خيراً كثيرا، وقرب الناس منه، وأثرت دعوته، وأثر وعظه، ومن سلب هذه النعمة، فكان فاحش القول، قبيح الألفاظ ابتعد عنه، وفي الحديث: ( ليس المسلم بالسباب، ولا باللعان، ولا بالفاحش، ولا البذيء )، ومن توفيق الله للعبد: أن يوفقه في حياته الأسرية، لما فيه الخير والصلاح، فتراه يعامل أسرته بمعاملة طيبة، يعامل زوجته وأبناءه وبناته بالمعاملة الطيبة، يتذكر قول الله جل وعلا: ((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ))، ويتذكر قول الله ((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ))، فهو يعامل زوجته بالإحسان، ينفق ويكسو ويسكن، ويأمر بالخير، وينهى عن الشر، وتبادله الأخت المسلمة ذلك، فهي أيضاً آمرة بالخير، حافظة بيتها وفراشها وأولادها ، هذا الذي وفق مع أسرته بالمعاملة الحسنة، دل على خيريته، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي )، صلوات الله وسلامه عليه، فهو يأمر زوجته بالخير، ويربي أبناءه التربية الصالحة، وهو قدوة لهم حسنة، وأسوة لهم صالحة، يعيشون في كنفه في طمأنينة، وسكينة، وتبادل للمحبة، وتعاوناً على الخير، يجدون أباً شفيقاً، رحيماً، محسناً، حازماً في أمره، ليس مهملاً، ولا معاتباً، ولكن يسلك الطريق السوي، ويحاول سد الخلل، ويحاول جمع الكلمة بقدر ما يستطيع، يربيهم على البر والصلة، يربيهم على الخير، والأخلاق، على الصدق، والأمانة، والوفا يبعدهم من الكذب، والرذيلة، والخيانة، وسؤال الناس، والتذلل إليهم، يربي نفوسهم التربية الصالحة، فيجعلها نفوساً زكية أبية، تعيش على الخير والعفة والنزاهة، هكذا الأب الصادق، والأب الموفق، وهكذا الأم الموفقة أيضاً، في تربية أولادها وبناتها، تربي الجميع على الخير، وتحثهم عليه، وترشدهم إلى الطريق المستقيم، ترغبهم في بر أبيهم، والإحسان إليه، وفي صلة أرحامهم، وفي التعاون في الجميع.

الخطبة الثانية:
.
عباد الله: من توفيق الله للمسلم قبوله أوامر الله، ورضاه بذلك، وعدم معارضتها بالآراء والأهواء، قال جل وعلا: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ))، فهو يقبل الأوامر، فيمتثلها، ويقبل النواهي، فيجتنبها، ويعلم أن الله حكيمٌ فيما أمر، وحكيمٌ فيما نهى عنه، فلا اعتراض على شرع الله، ولكن تسليم،ٌ وقبول، ومن توفيق الله للعبد: أن يكون راضياً بحكم الله إذا حكم عليه، مستجيباً لذلك: ((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) ، وهذا بخلاف المنافقين في قوله : ((وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ))، ثم قال ((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))، ومن توفيق الله للعبد: أن يرزقه الله القناعة بما قسم له، والرضا بذلك، وعدم التطلع لما بأيدي الناس: ( قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بما أعطاه، من يصبّر، يصبره الله، ومن يستعفف، يعففه الله، وما فتح عبد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب الشح )، فمن قنعه الله بما أعطاه، ورزقه القناعة، وسلوك الطريق السوي، فإنه يعيش سعيداً مطمئناً، ينظر إلى من أسفل منه، ولا ينظر إلى من هو أعلى منه، ويعلم إن الله حكيم عليم، فيما قسم بين عباده، يغني هذا ويفقر هذا، وله الحكمة البالغة، فالمسلم راضي بقسم الله، مطمئناً بذلك ، يعيش قرير العين مطمئناً البال، منشرح الصدر، لا يحمل هماً، ولا غماً، ولا حقداً على أحد، وإنما يعيش بطمأنينة النفس: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)).

خطبة الجمعة لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ

بجامع الإمام تركي بن عبد الله (الجامع الكبير) بالرياض

ابومحمد الجزائري
07-27-2008, 11:20 PM
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وحفظ الله سماحة المفتي وبارك في عمره وعلمه وعمله ووفقه لكل خير
ونسأله سبحانه التوفيق لكل مايحبه ويرضاه.امين

قاسم علي
07-30-2008, 10:36 PM
بارك الله فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==