المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أقوال فقهاء الإسلام فيما يحكم به كل منهم إذا تولى القضاء مجتهدا كان أم مقلدا


كيف حالك ؟

بو زيد الأثري
06-08-2008, 05:51 PM
أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية > المجلد الثالث > إصدار : سنة 1421 هـ > 2001 م > تدوين الراجح من أقوال الفقهاء في المعاملات وإلزام القضاة بالحكم به . أقوال فقهاء الإسلام فيما يحكم به كل منهم إذا تولى القضاء مجتهدا كان أم مقلدا

أ- المذهب الحنفي :
1 - قال [حاشية ابن عابدين] (4 \ 498) . ابن عابدين : لو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه فيه ناسيا نفذ عنده ، وفي العامد روايتان ، وعندهما لا ينفذ في الوجهين ، واختلف الترجيح . قال في [الفتح] : والوجه الآن : أن يفتي بقولهما؛ لأن التارك لمذهبه عمدا لا يفعله إلا لهوى باطل ، وأما الناسي فلأن المقلد ما قلده إلا ليحكم بمذهبه لا بمذهب غيره ، هذا كله في القاضي المجتهد ، أما القاضي المقلد ، فإنما ولاه ليحكم بمذهب أبي حنيفة فلا يملك المخالفة ، فيكون معزولا بالنسبة إلى ذلك الحكم .
2 - وقال أيضا تحت مطلب قضاء القاضي بغير مذهبه ما نصه : وحاصل هذه المسألة : أنه يشترط لصحة القضاء : أن يكون موافقا لرأيه -أي : لمذهبه- مجتهدا كان أو مقلدا ، فلو قضى بخلافه لا ينفذ ، لكن في [البدائع] : إذا كان مجتهدا ينبغي أن يصح ، ويحمل على أنه اجتهد فأداه اجتهاده إلى مذهب الغير . انتهى .
3 - وقال [حاشية ابن عابدين] (5 \ 400) . أيضا تحت مطلب الحكم بما خالف الكتاب والسنة والإجماع : قلت : لكن قد علمت : أن عدم النفاذ في متروك التسمية بني على أنه لم يختلف فيه السلف ، وأنه لا اعتبار بوجود الخلاف بعدهم ، وحينئذ فلا يفيد احتمال الآية أوجها من الإعراب . نعم على ما يأتي من تصحيح اعتبار اختلاف من بعدهم يقوي ما في هذا البحث ويؤيده ما في الخلاصة من أن القضاء بحل متروك التسمية عمدا جائز عندهما ، لا عند أبي يوسف ، وكذا ما في [الفتح] عند [المنتقى] من أن العبرة في كون المحل مجتهدا فيه اشتباه الدليل لا حقيقة الخلاف .
4 - (ويأخذ) [تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار ، عليه حاشية ابن عابدين] (5 \ 360 ، 361) . القاضي ، كالمفتي (بقول أبي حنيفة على الإطلاق ، ثم بقول أبي يوسف ، ثم بقول محمد ، ثم بقول زفر والحسن بن زياد (وهو الأصح) منية وسراجية وعبارة النهر ، ثم بقول الحسن فتنبه ، وصحح في [الحاوي] اعتبار قوة المدرك ، والأول أضبط . نهر (ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا ، بل المقلد متى خالف معتمد مذهبه لا ينفذ حكمه ، وينقض ، هو المختار للفتوى ، كما بسطه المصنف في فتاويه وغيره . . . وفي القهستاني وغيره .
اعلم أن كل موضع قالوا : الرأي فيه للقاضي ، فالمراد : قاضي له ملكة الاجتهاد . انتهى ، وفي الخلاصة : وإنما ينفذ القضاء في المجتهد فيه إذا علم أنه مجتهد فيه وإلا فلا .
5 - قال ابن عابدين على قول صاحب الدر : (والأول أضبط) قال : لأن ما في [الحاوي] خاص فيمن له اطلاع على الكتاب والسنة ، وصار له ملكة النظر في الأدلة ، واستنباط الأحكام منها ، وذلك هو المجتهد المطلق ، أو المقيد ، بخلاف الأول ، فإنه يمكن لمن هو دون ذلك .
وقال أيضا على قول صاحب [تنوير الأبصار] : (ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا) أي : لا يجوز له مخالفة الترتيب المذكور ، إلا إذا كان له ملكة يقتدر بها على الاطلاع على قوة المدرك ، وبهذا رجع القول الأول إلى ما في [الحاوي] من العبرة في المفتي المجتهد؛ لقوة المدرك ، نعم فيه زيادة تفصيل سكت عنها [الحاوي] ، فقد اتفق القولان على أن الأصح : هو أن المجتهد في المذهب من المشايخ الذين هم أصحاب الترجيح لا يلزمه الأخذ بقول الإمام على الإطلاق ، بل عليه النظر في الدليل وترجيح ما رجح عنده دليله ، ونحن نتبع ما رجحوه واعتمدوه ، كما لو أفتوا في حياتهم . . إنه إن لم يكن مجتهدا فعليه تقليدهم واتباع رأيهم ، فإذا قضى بخلافه لا ينفذ حكمه .
6 - قال [بدائع الصنائع] (7 \ 5) . الكاساني : فأما إذا لم يكن من أهل الاجتهاد ، فإن عرف أقاويل أصحابنا وحفظها على الاختلاف والاتفاق- عمل بقول من يعتقد قوله حقا على التقليد ، وإن لم يحفظ أقاويلهم عمل بفتوى أهل الفقه في بلده من أصحابنا ، وإن لم يكن في البلد إلا فقيه واحد : فمن أصحابنا من قال : له أن يأخذ بقوله ، ونرجو ألا يكون عليه شيء؛ لأنه إذا لم يكن من أهل الاجتهاد بنفسه وليس هناك سواه من أهل الفقه مست الضرورة إلى الأخذ بقوله ، قال الله تبارك وتعالى : سورة النحل الآية 43 فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ولو قضى بمذهب خصمه وهو يعلم ذلك لا ينفذ قضاؤه؛ لأنه قضى بما هو باطل عنده في اعتقاده فلا ينفذ ، كما لو كان مجتهدا فترك رأي نفسه وقضى برأي مجتهد يرى رأيه باطلا - فإنه لا ينفذ قضاؤه ؛ لأنه قضى بما هو باطل في اجتهاده ، كذا هنا ، ولو نسي القاضي مذهبه فقضى بشيء على ظن أنه مذهب نفسه ثم تبين أنه مذهب خصمه ذكر في [شرح الطحاوي ] : أن له أن يبطله ، ولم يذكر الخلاف؛ لأنه إذا لم يكن مجتهدا تبين أنه قضى بما لا يعتقده حقا فتبين أنه وقع باطلا ، كما لو قضى وهو يعلم أن ذلك مذهب خصمه .
7 - قال [معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام] ص (26) ، طبعة بولاق . علي بن خليل الطرابلسي في معرض بحثه الركن الثاني من أركان القضاء ، والمقضي به ، واجتهد القاضي في القضاء- قال ما نصه : ثم لا بد من معرفة فصلين : أحدهما : إذا اتفق أصحابنا في شيء قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله : لا ينبغي للقاضي أن يخالفهم برأيه؛ لأن الحق لا يعدوهم ، فإن أبا يوسف كان صاحب حديث حتى روي أنه قال : أحفظ عشرين ألف حديث من المنسوخ ، فإذا كان يحفظ من المنسوخ هذا القدر ، فما ظنك بالناسخ ، وكان صاحب فقه ومعنى أيضا ، ومحمد صاحب قريحة يعرف أحوال الناس وعاداتهم ، وصاحب فقه ومعنى؛ ولهذا قل رجوعه في المسائل ، وكان مقدما في معرفة اللغة ، وله معرفة في الأحاديث أيضا .
وأبو حنيفة رحمه الله كان مقدما في ذلك كله ، إلا أنه قلت روايته لمذهب خاص له في باب الحديث ، وهو أنه إنما تحل رواية الحديث عنده إذا كان يحفظ الحديث من حين سمع إلى أن يروى . ثم ذكر بعد ذلك طريقة الأخذ فيما إذا اختلف بعضهم عن بعض .
8 - وقال [معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام] ص (28) ، طبعة بولاق . أيضا في معرض بحثه نقض القاضي أحكام نفسه- قال ما نصه :
وذكر القاضي أبو بكر الرازي الخلاف فيما إذا قضى بخلاف مذهبه وقد نسيه ، فأما متى حكم بخلاف مذهبه حال ذكر مذهبه لا يجوز حكمه بالإجماع . . أما إذا لم يكن للقاضي رأي وقت القضاء فقضى برأي غيره ، ثم ظهر للقاضي رأي بخلاف ما قضى هل ينقض قضاؤه؟ قال محمد : ينقض قضاؤه؛ لأن رأيه في حق وجوب القضاء عليه بمنزلة النص؛ لأنه يوجب القضاء عليه ، كالنص ، ولو قضى برأيه ثم تبين نص بخلافه ينقض قضاؤه ، فكذا هذا ، وقال أبو يوسف : لا ينقض .

ب- المذهب المالكي :
1 - ويجب [الشرح الكبير والدسوقي على مختصر خليل] (4 \ 130) . على كل من الخليفة والقاضي إذا لم يكن مجتهدا مطلقا أن يحكم بالراجح من مذهب إمامه أو أصحاب إمامه لا بمذهب غيره ولا بالضعيف من مذهبه ، وكذا المفتي ، فإن حكم بالضعيف نقض حكمه إلا إذا لم يشتهر ضعفه وكان الحاكم به من أهل الترجيح وترجح عنده ذلك الحكم - فلا ينقض ، وإن حكم بغير مذهب إمامه لم ينفذ حكمه ، لكن القول بأنه يلزمه الحكم بمذهب إمامه ليس متفقا عليه ، حتى قيل : ليس مقلده رسولا أرسل إليه ، بل حكوا خلافا إذا اشترط السلطان عليه ألا يحكم إلا بمذهب إمامه ، فقيل : لا يلزمه الشرط ، وقيل : بل ذلك يفسد التولية ، وقيل : يمضي الشرط للمصلحة .
2 - وسئل القرافي : هل يجب على الحاكم ألا يحكم إلا بالراجح عنده ، كما يجب على المجتهد ألا يفتي إلا بالراجح عنده ، أو له أن يحكم بأحد القولين وإن لم يكن راجحا عنده؟
فأجاب قائلا : إن الحاكم إن كان مجتهدا فلا يجوز له أن يحكم أو يفتي إلا بالراجح عنده ، وإن كان مقلدا جاز له أن يفتي بالمشهور من مذهبه ، وأن يحكم به وإن لم يكن راجحا عنده ، مقلدا في رجحان القول المحكوم به إمامه الذي يقلده ، كما يقلده في الفتيا ، وأما اتباع الهوى في الحكم أو الفتيا ، فحرام إجماعا . . . إلخ .
3 - جاء في [الشرح الكبير والدسوقي ] ما ملخصه : ونقض القاضي ما تبين له خطؤه من أحكامه أو أحكام غيره وبين السبب ، فهذا إما مطلقا أو مجتهد مذهب ، وذلك فيما إذا خالف نصا قاطعا أو جليا من كتاب أو سنة أو خالف إجماعا ، وله أمثلة كثيرة ، منها : ما لو خرج عن رأيه إذا كان مجتهدا وادعى أنه أخطأ؛ فينقضه فقط . وأما لو ثبت ببينة أنه أخطأ أو بقرينة؛ فإنه ينقضه هو وغيره ، أو خرج المقلد عن رأي إمامه خطأ وادعى أنه أخطأ وصار ما حكم به قول عالم وقد كان قاصدا الحكم بقول غيره وكان مفوضا في الحكم بأي قول قوي من أقوال علماء مذهبه- فينقضه فقط .
وأما إن صادف حكمه قول غير عالم لم يقصد الحكم بقول عالم معين ، أو قصد الحكم بقول عالم فحكم بغيره- فينقض حكمه هو وغيره ، وإن تجدد المماثل فالاجتهاد فيها مطلوب إن كان الحاكم مجتهدا ، وإن كان مقلدا فلا يتعدى حكمه الأول أيضا إلى المماثل ، بل يحكم بمثل ما حكم به أولا؛ لحكمه بقول إمامه دائما ، إلا أن يكون من أهل الترجيح في المذهب فله مخالفة الأول ، إن ترجح عنده مقابله .

ج- المذهب الشافعي :
1 - قال [المحلى على المنهاج] (4 \ 297) . النووي وجلال الدين المحلي : (ويحكم باجتهاده إن كان مجتهدا أو اجتهاد مقلده) بفتح اللام (إن كان مقلدا) بكسرها حيث ينفذ قضاء المقلد .
2 - وقال [قليوبي على المنهاج] (4 \ 298) . قليوبي على قول النووي : (أو اجتهاد مقلده) أي : المعتمد عند مقلده إن لم يكن هو متبحرا ، وإلا فباعتماده ، ولا يجوز له الحكم بغير مذهبه .
3 - وقال [نهاية المحتاج على المنهاج] (8 \ 240) ، ويرجع أيضا إلى ص (242) . الرملي على قول النووي : (مجتهد) قال : فلا يتولى جاهل بالأحكام الشرعية ولا مقلد . . . ومضى إلى أن قال بعد بيان صفة المجتهد المطلق : اجتماع ذلك كله إنما هو شرط للمجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الفقه ، أما مقلد لا يعدو مذهب إمام خاص فليس عليه غير معرفة قواعد إمامه ، وليراع فيها ما يراعيه المطلق في قوانين الشرع ، فإنه مع المجتهد ، كالمجتهد في نصوص الشرع ، ومن ثم لم يكن له العدول عن نص إمامه ، كما لا يجوز له الاجتهاد مع النص .
4 - قال [مجموع المنقور] (2 \ 152) . الإمام فخر الدين في كتابه [ملخص البحر] : لا يجوز لمفت على مذهب إمام أن يعتمد إلا على كتاب موثوق بصحته في ذلك المذهب ، وأما المقلد فلا يجوز له الحكم بغير مذهب مقلده ، إذا ألزمناه اتباعه ، ذكره الغزالي ، واقتصر عليه في الروضة وغيرها ، وقال ابن الصلاح : لا يجوز لأحد في هذا الزمان أن يحكم بغير مذهبه ، فإن فعل نقض لفقد الاجتهاد ، وكذا في أدب القضاء للغزي كلام ابن الصلاح ، ومرادهم بالمقلد : من حفظ مذهب إمام ونصوصه ، لكن عاجز عن تقويم -وفي نسخة تقديم- أدلته غير عارف بغوامضه . اهـ بواسطة المنقور .

د- المذهب الحنبلي :
سبقت نقول عن ابن قدامة رحمه الله وغيره من الحنابلة على هذه المسألة في أثناء الكلام على حكم التولية للمجتهد ومن ذكر معه .
وفيما يلي نقول أخرى :

1 - وعلى المقلد [الإنصاف] (11 \ 179) . أن يراعي ألفاظ إمامه ومتأخرها ، ويقلد كبار مذهبه في ذلك ، ويحكم به ولو اعتقد خلافه؛ لأنه مقلد ، ومخالفة المقلد في فتواه نص إمامه ، كمخالفة المفتي نص الشارع .
وقال الشيخ تقي الدين : يحرم الحكم والفتيا بالهوى إجماعا ، وبقول أو وجه من غير نظر في الترجيح إجماعا ، ويجب أن يعمل بموجب اعتقاده فيما له أو عليه إجماعا .
2 - فوائد [الإنصاف] (11 \ 184) وما بعدها . ملخصها : لو أداه اجتهاده إلى حكم لم يجز له تقليد غيره إجماعا ، وإن لم يجتهد لم يجز أن يقلد غيره أيضا مطلقا ، على الصحيح من المذهب .
قال ابن مفلح في أصوله : قاله أحمد وأكثر أصحابه . وعنه يجوز مع ضيق الوقت ، وقيل : يجوز تقليد من هو أعلم منه ، وفي هذه المسألة للعلماء عدة أقوال غير ذلك ، وليس لمن انتسب إلى مذهب إمام في مسألة ذات قولين أو وجهين أن يتخير فيعمل أو يفتي بأيهما شاء ، بل إن علم بتاريخ القولين عمل بالمتأخر منهما . إذا وجد من ليس أهلا للتخريج والترجيح بالدليل اختلافا بين أئمة المذهب في الأصح من القولين أو الوجهين- فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى صفاتهم الموجبة؛ لزيادة الثقة بآرائهم . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : الناظر المجرد يكون حاكيا لا مفتيا .
وقال في [آداب عيون المسائل] : إن كان الفقيه مجتهدا يعرف صحة الدليل كتب الجواب عن نفسه ، وإن كان ممن لا يعرف الدليل ، وقال : مذهب الإمام أحمد كذا . مذهب الشافعي كذا ، فيكون مخبرا لا مفتيا .
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الأخذ برخص المذهب وعزائمه : طاعة غير الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمره ونهيه ، وهو خلاف الإجماع ، وقال أيضا : إن خالفه لقوة الدليل وزيادة علم أو تقوى فقد أحسن ولا يقدح في عدالته بلا نزاع ، وقال أيضا : بل يجب في هذه الحال ، وأنه نص الإمام أحمد رحمه الله ، وهو ظاهر كلام ابن هبيرة .
3 - ومن حاشية [مجموع المنقور] (2 \ 188) . ابن قندس قوله : ( فعلى هذا يراعي ألفاظ إمامه ومتأخرها ، ويقلد كبار مذهبه في ذلك ، ظاهره وجوب مراعاة ألفاظ إمامه ووجوب الحكم بمذهب إمامه ، وعدم الخروج عن الظاهر عنه وهذا كله يدل على أنه لا يصح حكمه بغير ذلك؛ لمخالفته الواجب عليه . . . إلى أن قال : وظاهر ما ذكره المصنف هنا وجوب العمل بقول إمامه ، والمنع من تقليد غيره ، وظاهره ترجيح القول من منع تقليد غيره وهذا هو اللائق لقضاة الزمان؛ ضبطا للأحكام ، ومنعا من الحكم بالتشهي ، فإن كثيرا من القضاة لا يخرجون من مذهب إمام بدليل شرعي ، بل لرغبة في الدنيا وكثرة الطمع ، فإذا ألزم بمذهب إمامه كان أضبط وأسلم ، وإنما يحصل ذلك إذا نقض حكمه بغير مذهب إمامه ، وإلا فمتى أبقيناه حصل مراد قضاة السوء ، ولم تنحسم مادة السوء ، ويرشح ذلك بأن يقال : هذه مسألة خلافية ، فبعضهم ألزم بذلك ، وبعضهم لم يلزمه ، والإمام إذا ولاه الحكم على مذهب إمامه دون غيره فهو حكم من الإمام بإلزامه بذلك ، فيرتفع الخلاف . . . إلى أن قال : وظاهره : أن المقلد يجب عليه العمل بقول من يقلده وهو إمامه ، وأن لا يخرج عن قوله . . . إلى أن قال : قال بعض أصحابنا : مخالفة المفتي إمامه الذي قلده كمخالفة المفتي نص الشارع . . . إلى أن قال : قال النووي في [الروضة] : فرع : إذا استقضى مقلدا للضرورة فحكم بغير مذهب مقلده ، قال الغزالي : إن قلنا : لا يجوز للمقلد تقليد من شاء ، بل عليه اتباع مقلده نقض حكمه ، وإن قلنا : له تقليد من شاء لا ينقض ، ثم قال : الذي تقرر : أن مذهبنا إن الحاكم لا يجوز له الحكم بغير مذهبه ، بخلاف الشافعية فيجوز أن يحكم بغير مذهب إمامه ، قاله شيخنا ) .
4 - قال شيخ الإسلام : وأولو الأمر صنفان : الأمراء ، والعلماء ، وهم الذين إذا صلحوا صلح الناس ، فعلى كل منهم أن يتحرى بما يقوله ويفعله طاعة الله ورسوله ، واتباع كتاب الله ، ومتى أمكن في الحوادث المشكلة معرفة ما دل عليه الكتاب والسنة- كان هو الواجب ، وإن لم يمكن لضيق الوقت وعجز الطالب أو تكافؤ الأدلة عنده أو غير ذلك- فله أن يقلد من يرتضي علمه ودينه ، هذا أقوى الأقوال ، وقد قيل : ليس له التقليد بكل حال ، وقيل : له التقليد بكل حال ، والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد .

البلوشي
06-11-2008, 06:27 PM
جزاك الله خيرا ورحم الله علماء الإسلام

12d8c7a34f47c2e9d3==