المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرات في كتاب التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب .... الحلقة الرابعة والأخيرة


كيف حالك ؟

محب الأثري
12-26-2003, 08:23 PM
نظرات في كتاب التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب .... الحلقة الرابعة والأخيرة




7-من كتاب مشاهد يوم القيامة في القرآن الذي جرى فيه على قواعده في كتاب التصوير الفني




قال في تفسير قوله تعالى في سورة الرحمن :[ وَلِمَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ][الرحمن:46] إلى آخر السورة وهو يقارن بين الجنتين وما فيهما من نعيم ، نعيم حضري ونعيم بدوي .
قال : " هما درجتان في النعيم تمثل الدرجة الأولى بالترف والرفاهية في الحضر ، وتمثل الثانية بالترف والرفاهية في الوبر ترى هذه الصور والأشكال مجرد مثل للنعيم تقربه للحس وتصوره للخيال ؟ لا أجزم بشيء فليس لدي برهان ".
أي لا يستطيع الجزم بأن هناك نعيم حسي جسماني من جنتين فيها العيون الجارية والأشجار والفواكه والحور العين كأنهن الياقوت والمرجان وفيها الفرش بطائنها من استبرق وفيها الخيام والرفرف الخضر .
لا يستطيع الجزم بأن هذه حقائق ثابتة تشاهد بالعين والنعيم فيها محسوس من أكل وشرب واتكاء وجماع للحور العين الموصوفات بالجمال المتناهي .
لا يستطيع الجزم بوجود شيء من هذه الأشياء لأنها مجرد مثل للنعيم تقر بها للحس وتصورها للخيال وهو ليس لديه برهان أنها حقائق تلمس وتشاهد والنعيم بها نعيم جسدي . انظر كتابه " مشاهد القيامة في القرآن " ص (216 ) .
ويقول في تفسير قول الله تعالى من سورة المدثر : [ كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت رَهِينَةٌ، إِلآَّ أَصحَابَ اليَمِينِ، فِى جَنَاتٍ يَتَسَآءَلُونَ ، عَنِ المُجرِمِينَ ،مَا سَلَكَكُم فِى سَقَرَ  ] [المدثر:38-42 " والنعيم هنا لا يكون بالنجاة والفكاك وحدهما ، ولكنه كذلك بالشعور به وبالامتياز دون المجرمين ، فهو نعيم نفسي معنوي يرسمه في مشهد حوار بينهم وبين المجرمين "ما سلككم في سقر " .
فهو لا يؤمن بالنعيم المادي الحسي الجسماني في الجنة وإنما هو في عقيدته نعيم نفسي روحي معنوي ، وهذه عقيدة باطنية .












عقيدة سيد قطب في النعيم الأخروي في كتاب الظلال




ويبدو أنه قد تغيرت عقيدته هذه شيئاً ما لكنه انتقل عنها إلى عقيدة فاسدة أخرى وهي عقيدة غلاة الصوفية بل هي عقيدة وصفها العلماء بأنها زندقة .
إن هذه الصور الحسية للنعيم والعذاب ترد في مواضع من القرآن ، وقد تجيء معها صورة معنوية أو تجيء مجردة . كما أن صور النعيم والعذاب المجردة عن الحسيات تجيء في مواضع أخرى . والله الذي خلق البشر ، أعلم بمن خلق ، وأعرف بما يؤثر في قلوبهم ، وما يصلح لتربيتهم . ثم ما يصلح لنعيمهم ولعذابهم . والبشر صنوف ، والنفوس ألوان ، والطبائع شتى . تلتقي كلها في فطرة الإنسان ثم تختلف وتتنوع بحسب كل إنسان . ومن ثم فصل الله ألوان النعيم والعذاب وصنوف المتاع والآلام ، وفق علمه المطلق بالعباد ، هنالك ناس يصلح لتربيتهم ولاستجاشة همتهم للعمل كما يصلح لجزائهم ويصلح نفوسهم أن يكون لهم أنهار من ماء غير آسن أو أنهار من لبن لم يتغير طعمه أو أنهار من عسل مصفى ، أو أنهار من خمر لذة للشاربين أو صنوف من كل الثمرات مع مغفرة من ربهم تكفل لهم النجاة من النار والمتاع بالجنات .. فلهؤلاء ما يصلح لتربيتهم وما يليق لجزائهم وهنالك ناس يعبدون الله لأنهم يشكرونه على نعمه التي لا يحصونها . أو لأنهم يحبونه ويتقربون إليه بالطاعات تقرب الحبيب لحبيبه . أو لأنهم يستحيون أن يراهم على حالة لا يحبونها . ولا ينظرون وراء ذلك إلى جنة أو إلى نار ولا نعيم أو عذاب على الإطلاق , وهؤلاء يصلح لهم تربية ويصلح جزاء أن يقول الله لهم : [ إِنَّ الذَّينَ ءَامَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحمَنُ ][مريم:96] ، أو أن يعلموا أنهم سيكونون : [ فِى مَقعَدِ صِدقٍ عِندَمَلِيكٍ مُّقتَدِرٍ ][القمر:55] " ، ولقد روي عن الرسول صل الله عليه وسلم أنه كان يصلي حتى تتفطر رجلاه فقالت عائشة رضي الله عنها : " لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال " أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا "رواه البخاري (4837 )
وتقول رابع العدوية :" أو لو لم تكن جنة ولا نار لم يعبد الله أحد ولم يخشه أحد " ؟
وتجيب سفيان الثوري وقد سألها : ما حقيقة إيمانك ؟ تقول : ما عبدته خوفاً من ناره ولا حباً لجنته ، فأكون كالأجير السوء ، عبدته شوقاً إليه " . وبين هذا اللون وذلك ألوان من النفوس والطباع .. وكلها تجد ـ فيما جعله الله من نعيم و عذاب ومن ألوان الجزاء – ما يصلح للتربية في الأرض ، وما يناسب للجزاء عند الله .
والملاحظ عموماً أن صور النعيم والعذاب ترق وتشف كلما ترقى السامعون في مراقي التربية والتهذيب على مدى نزول القرآن . وحسب أنواع المخاطبين ، والحالات المتنوعة التي كانت تخاطب بالآيات .
وهي حالات ونماذج تتكرر في البشرية في جميع الأعصار . في ظلال القرآن ( 6/3292) .
وهذا تخرص وكلام باطل فأفضل الرسل يخافون عذاب الله في الدار الآخرة فهذا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يقول :[ قُل إِنِى~ أَخَافُ إِن عَصَيتُ رَبِّى عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ ] [الزمر: 13، الأنعام:15 ].
ويقول أكرم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم : [ إِنِى~ أَخَافُ إِن عَصَيتُ رَبِّى عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ ] [يونس:15] .
ويقول صلى الله عليه وسلم :"أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له " أخرجه البخاري ( 5063 ) .
ويقول خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام : [ وَلاَ تُخزِنِى يَومَ يُبعَثُونَ ] [الشعراء:87]" .
وكل الأنبياء يعبدون الله رغباً ورهباً قال تعالى : [ إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ فِى الخَيرَاتِ وَيَدعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ] [الأنبياء:90]
وقال الله مخبراً عن خليله إبراهيم علي الصلاة والسلام أنه قال : [ وَاجعَلنِى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ] [الشعراء:85] .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأصحابه يحفرون الخندق : " اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة " فقالوا مجيبين له : نحن الذين بايعوا محمداً عل الجهاد ما بقينا أبدا "رواه البخاري ( 4100 )
يقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساحة الجهاد خطيباً فيقول : " واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " رواه البخاري (2818 ) ، وفي أصحابه أبو بكر وعمر وأفاضل الصحابة .
ويقول الله تعالى :[ إِنَّ اللَّهَ اشتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَموَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقتُلُونَ وَيُقتَلُونَ وَعداً عَلَيهِ حَقّاً فِى التَّورَاةِ والإِنجِيلِ والقُرءَانِ ] [التوبة:111] ، وقال تعالى مخبراً عن امرأة فرعون إنها قالت :[ رَبِ ابنِ لِى عِندَكَ بَيتاً فِى الجَنَّةِ ] [التحريم:11] ، وقال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " بشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب " ، وهما أفضل من رابعة وأفضل من الصحابيات فضلاً عن غيرهن .
وكم شوّق الله في القرآن أفاضل المؤمنين إلى الجنة ومن ذلك قوله تعالى :[ يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَل أَدُلُكُم عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّن عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِأَموَالِكُم وَأَنفُسِكُم ذَلِكُم خَيرٌ لَّكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ ، يَغفِر لَكُم ذُنوُبَكم وَيُدخِلكُم جَنَّاتٍ تَجرِى مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ ومَسَاكِنَ طَيِّبَةٍ فِى جَنَّاتِ عَدنٍ ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ ] [الصف:10-12] فيدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله لينجوا من النار وليفوزوا بالجنة فيقدّمون أنفسهم رخيصة لأجل النجاة من النار والفوز بالجنة .
ويخبر الله عن أفضل المؤمنين : [ تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ، فَلاَ تَعلَمُ نَفسٌ مَّآ أُخفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزَآءٍ بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ ][السجدة:16-17 ].
فهذا حال الأنبياء وأفاضل المؤمنين من صحابة وصديقين وشهداء وعلماء وهم أعظم الناس شكراً لله وأشد الناس حياءً منه وأشد الناس حباً لله وفيهم أخلاء لله فوق مرتبة المحبة فهذا التصنيف باطل أشد البطلان ومن خرافات الصوفية .
وهل يأخذ المسلم بالقرآن والسنة وما عليه الأنبياء واتباعهم حقاً أو يأخذ بهذه الزندقة التي ينسبها الصوفية إفكاً إلى رابعة العدوية و سفيان الثوري.
فلا بد للعبد من الحب لله والخوف من عذابه والطمع والرغبة في ثوابه . وقرر العلماء أن من عبد الله بالخوف وحده فهو خارجي ومن عبده حباً له دون خوف فهو زنديق ومن عبده بهما فهو المؤمن ثم من أين لسيد قطب هذا التصنيف الباطل الذي صنف به الناس وإذا كان الأنبياء يعبدون الله خوفاً من عذابه وطمعاً في جنته فهل يكون الأصناف الأخرى بما فيهم الصوفية أفضل من الأنبياء نعوذ بالله من الجهل والضلال ونبرأ إلى لله من هذه العقيدة المهلكة ولا ينسى طالب العلم أن هذه العقيدة الخبيثة قائمة على تفضيل الأولياء على الرسل والأنبياء ومنها ينطلق كاهن الصوفية ابن عربي في قوله :



مقام النبوة في برزخ…..فويق الرسول ودون الولي

12d8c7a34f47c2e9d3==