المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلوكيات المسلم في ظل غلاء الأسعار


كيف حالك ؟

بن حمد الأثري
04-28-2008, 07:32 PM
** سلوكيات المسلم في ظل غلاء الأسعار **

غلت الدنيا على ساكنيها حتى لكأننا نعيش في وطن يسعى إلى معاقبة أهله ، شباب أصبح على غير أمل أن يبني بيتاً ولا أن يفكر في الزواج الشرعي، وآخرى باتت على عنوسة ، وغيرهما بات يفكر كيف سيقضي دينه وكيف سيسد تكاليف الدراسة لأولاده الذين يشغلون المراحل الدراسية المختلفة فين حين لا تتكلم الحكومة في أبواقها عن رخص الأسعار ودعم الخبز والتيسير على الشباب ووووو ... في ظل هذه المأساة نلتقي بالأستاذ الدكتور حسين شحاته أستاذ المحاسبة والمراجعة بجامعة الأزهر ..


هل فعلا للمسلم سلوكيات يجب أن يتميز فيها عن غيره في ظل الغلاء؟

للمسلم سلوكيات اقتصادية إسلامية تختلف عن سلوكيات أي اقتصادي آخر.

فإذا التزم المسلم بهذه السلوكيات يكون تأثير الغلاء عليه قليلا، من هذه السلوكيات:
1- سلوك الرضا والقناعة بما قسمه الله له من رزق، وهذا يحقق له الارتياح النفسي والاطمئنان واليقين بأن الله قد ضمن له رزقه، يقول عز وجل: "وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذ ما حل وضع ما حرم"، هذا السلوك الإسلامي يجنب المسلم الشره والتهافت على التخزين والكسب بدون حق.

2- سلوك ترتيب أولويات الإنفاق فعندما ترتفع الأسعار يجب على المسلم أن يرتب أموره حيث يبدأ بالضروريات ثم يلي ذلك الحاجيات، فلا يجوز في ظل غلاء الأسعار أن ينفق على الكماليات وعنده ارتفاع في الأسعار في الضروريات والحاجيات.

3- سلوك الاقتصاد في الإنفاق عما كان من قبل، ولا أقول التقطير ولكن مزيد من الاقتصاد، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما عال من اقتصد" ويقول في حديث آخر: "الاقتصاد نصف المعيشة"، ولذلك عندما ترتفع الأسعار يجب على المسلم أنه يزيد من الاقتصاد.

4- ما نقوله الاحتياط لنوائب الدهر بمعنى أنه في أوقات السعة والرخاء أن يدخر لوقت الكساد.

5- ومن السلوك الاقتصادي الإسلامي العظيم في حالة غلاء الأسعار، عدم التهافت على التخزين وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا بلال عن مسألة التخزين بدون ضرورة.

6- أيضا من السلوكيات وهي سلوكيات تتعلق بالتجار، عدم الاحتكار لأن الاحتكار يؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا يحتكر إلا خاطئ"، ويقول: "من احتكر طعاما أربعين يوما فقد برء الله منه"، فقد غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء الصحابة يشكون هذا الغلاء وقد ربطوا أحجارا على بطونهم فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة والرحمة المهداة كان قد ربط حجرين على بطنه الشريفة.

7- وأيضا هناك سلوك عظيم وهو سلوك الجماعة المسلمة المتكافلة التي تتكافل مع الفقراء والمساكين وسط غلاء الأسعار بمزيد من الصدقات الجارية والتطوعية مصداقا لقول الله: "وتعاونوا على البر والتقوى"، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وخلاصة القول، يحكم سلوكيات المسلم المتميزة عن سلوكيات غيره قيم إيمانية وقيم أخلاقية وسلوكيات سوية وتصرفات رشيدة من رجال الأعمال وحماية الدولة للأسواق والأسعار، هذه منظومة متكاملة ينفرد بها الاقتصاد الإسلامي عن غيره من النظم، فلو التزمنا بهذه المنظومة خف عبء غلاء الأسعار عن المسلم.




في ظل الغلاء الفاحش الذي أصاب الكثير من بلاد المسلمين خاصة هل ممكن أن نرجع ذلك غلى بعدهم عن المنهج الرباني القويم أم أنه أمر طبيعي يرجع إلى أسباب سياسية واقتصادية بحته ؟


يقول الله عز وجل: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون"، ويقول عز وجل: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا"، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليذنب الذنب فيحرم الرزق قد هيئ له"، فمما لا شك فيه أن البعد عن تطبيق شرع الله على مستوى الفرد وعلى مستوى الأسرة وعلى مستوى المجتمع وعلى مستوى الأمة له علاقة بمحق الأرزاق وغلاء الأسعار وهذه سنة من سنن الله عز وجل "فأخذناهم بذنوبهم"، ولا يجب أن ننسى النماذج القرآنية التي وردت في شأن من عصوا الله عز وجل وجحدوا نعمه فأصابهم الله بذنوبهم، ففي سورة الكهف قصة صاحب الجنتين الذي بتر وكفر فأحيط بثمره، وفي سورة القلم قصة أصحاب الجنة الذين خططوا أن يحرموا الفقراء من حقوقهم وأصبحت خاوية على عروشها وما يصيب الأمة الآن من غلاء في الأسعار ونقص في الموارد وحياة الضنك إلا أنها لم تطبق شرع الله عز وجل، لقد بخل الأغنياء بالمال ومنعوا الزكاة والصدقات وتعاملوا بالربا وأكل أموال الناس بالباطل، انتشرت الرشوة وانتشر الغش وانتشر التدليس وانتشر النصب والاغتصاب ـ أقصد اغتصاب المال ـ وظهر الفساد في البر والبحر فكان من نتيجة ذلك عقاب من الله عز وجل بغلاء الأسعار ومحق الأرزاق، كما أن للسياسات الحكومية والاقتصادية للأمة الإسلامية البعيدة كل البعد عن شرع الله دور كبير في غلاء الأسعار، من هذه السياسات الخاطئة:

1- التعامل بالربا بين الحكومة الإسلامية.

2- إيداع أموال المسلمين في بنوك أعداء المسلمين.

3- تفضيل التعامل مع غير المسلمين.

4- القيود السياسية والاقتصادية على انتقال العمالة والمال بين الدول الإسلامية.

5- الهيمنة الأمريكية والصهيونية على أموال وأسواق المسلمين.

6- رفع شعار غير المسلم أولى بالرعاية ولم يطبقوا قول الله "إنما المؤمنون أخوة".

ولذلك تكتل أعداء الإسلام في صورة تكتلات اقتصادية وسياسية فطبقوا سياسات الاحتكار والإغراق والعولمة والجات والكويز، كل هذا كان سببا في رفع الأسعار بدون مبرر شرعي واكتوى به الفقراء وفاز به الأغنياء وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما يشقى الفقراء بصنيع الأغنياء"، فظاهرة الغلاء بسبب ما يقوم به الدول الغنية والدول الكبيرة ورجال الأعمال الجشعين الذين لا يرقبون في الفقير إلا ولا ذمة.



هل لأننا مسلمون يجب علينا أن نخنع ونرضى بكل ما يحل بنا من باب أنه قضاء وقدر وأن ذلك مرجعه الأساسي هو ذنوبنا؟ ألا يجب علينا أن نسعى كما تسعى غيرنا من الشعوب الحرة إلى نزع حقوقها ولو بالقوة المشروعة أليس في سكوتنا رضي للظلم وسكوت عن الظالم ؟

يقول الله عز وجل: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه"، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اعقلها وتوكل"، فلا يجوز للمسلم أن يُرجع كل شيء في حياته إلى القضاء والقدر لأن الله عز وجل طلب من المسلم بعقله وبما سخره له من أشياء أن يضرب في الأرض لابتغاء الرزق مصداقا لقوله في الجماعة الورعة التقية: "وآخرون يضربون في الأرض وآخرون يجاهدون في سبيل الله" حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال "آمل أن أموت وأنا أضرب في الأرض لأن الله عز وجل قدم الذين يضربون في الأرض على الذين يقاتلون في سبيل الله".

وهناك فرق بين التواكل المنبوذ في الإسلام وبين التوكل بعد الأخذ بالأسباب، إذن المسلم لا يجب أن يكون متواكلا عالة على الناس، بل عليه أن يأخذ ويتقن الأخذ بالأسباب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للأعرابي: "اعقلها وتوكل"، ومما يميز الإسلام عن غيره من النظم هو الربط الوثيق بين الأخذ بالأسباب وبين التوكل والإيمان بقدر الله، وقد قال عمر بن الخطاب لقوم تواكلوا قابعون في المسجد "إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة"، فإذا أخذنا بالأسباب يقينا وتوكلنا على الله صدقا وتجنبنا الذنوب والتزمنا بشرع الله سوف يحقق الله لنا الحياة الكريمة مصداقا لقوله عز وجل: "وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا" أي أن المسلم لو آمن بقدر الله وتجنب الذنوب وطبق شرع الله وأتقن الأخذ بالأسباب لرزقه الله الرزق المبارك، أما إذا انحرف عن الطريقة انحرف عن شريعة الإسلام وانحرف عن منهج الإسلام فلابد أن الله عز وجل يصيبه ببعض ذنوبه.

أما الشق الثاني من السؤال وهو خطير كيف تحافظ الأمة الإسلامية على رزقها، على مالها، على أسواقها من الهيمنة الأجنبية وكيف يحافظ المسلم الفقير على حقه في مال الغني فلقد أجاز الفقهاء للمسلم أن يجاهد من أجل حقوقه ومنها المالية ولو قتل من أجل المحافظة على حقوقه وماله فهو شهيد، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من مات دون ماله فهو شهيد" وجاءه صحابي يسأله قال له أرأيت إن أحد أخذ مالي أأقتله فقال الرسول نعم قال وإن قتلني قال أنت شهيد هذا معنى الحديث، ومن هذا المكان نناشد الفقراء بأن يستخدموا الوسائل المشروعة للحصول على حقوقهم من الأغنياء، ونناشد الفقراء بأن يحصلوا على حقوقهم تجاه ولي الأمر بالوسائل المشروعة فهذا حق مشروع لهم.

ولذلك أجاز الفقهاء المظاهرات التي تظهر في بعض البلاد الإسلامية ـ مظاهرات الفقراء ـ عندما تبخل عليهم الدولة بحقوقهم فولي الأمر في الإسلام مسئول أمام الله وأمام الرعية في أن يكفل للرعية ضروريات الحياة من مأكل وملبس ومأوى ومشرب وعلاج وزوجة وما في حكم ذلك وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز للمسلم أن يستسلم ويرضى بالظلم وهو قادر على أن يدفعه ـ انصر أخاك ظالما أو مظلوما ـ ومن هنا أجاز الفقهاء أن المظلوم الذي انتهكت حقوقه، حقه في الحرية، حقه في المال، حقه في الحياة، أن يجاهد في سبيل ذلك ولا يرضى بالظلم، ولذلك ليس الجهاد مقصود به فقط جاهد الأعداء ولكن يتسع ليشمل الجهاد من أجل حفظ الدين وحفظ العقل وحفظ المال وحفظ النفس وهذا مشروع بإجماع الفقهاء، وقال الله: "إذن للذين ظلموا"، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من مات دون ماله فهو شهيد".



من حين لآخر نصدم بأخبار لم نكن نتوقع أن نسمعها في بلادنا العربية والإسلامية بأي حال من الأحوال ومن تلك الأخبار شهداء الخبز فكما سمع الجميع وصل عدد شهداء طابور الخبز في مصر إلى 4 برأيك كمتخصص وخبير كيف ترى أثر ذلك على مستقبل البلد وكذلك أثره على أخلاقيات وسلوك الشعب المصري ؟

يقول الله عز وجل: "وتعاونوا على البر والتقوى"، ويقول عز وجل مبينا مسئولية ولي الأمر: "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة"، فولي الأمر في الدولة الإسلامية مسئول مسئولية كاملة أن يوفر لكل مخلوق ولكل إنسان مهما كانت ديانته ضروريات الحياة الأساسية التي بدونها تكون الحياة شاقة.

وأجاز الفقهاء لولي الأمر أن يتدخل في السوق في حالات الغلاء والكساد والأزمات بما يضمن عدم وجود احتكار أو ارتفاع مفتعل من التجار الجشعين في الأسعار، وعندما يقصر ولي الأمر في هذه المهام مهام كفالة ضروريات الحياة لكل إنسان، ومهام الرقابة على الأسواق والأسعار يحدث خللا في المجتمع منه الاحتكار والسوق السوداء والتجار الجشعين والوسطاء الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، كما يحدث ألا يجد الفقير المسكين رغيف الخبز وهذا يؤدي إلى الاحتكاك بين التجار الجشعين وبين الفقراء المعوذين ويتكالب الناس على الحصول على رغيف الخبز وهذا من حقهم، فالغني قادر على أن يشتري رغيف الخبز وهو في بيته، أما الفقير فيضطر إلى الوقوف في صفوف مكتظة بالفقراء يزاحم بعضهم بعضا للحصول على قطعة خبز ويضحي بذلك من أجله ومن أجل أولاده ومن أجل زوجته والتفسير المنطقي لذلك هو التقصير الواضح من ولي الأمر فيعتبر ولي الأمر مسئولا عن سلوكيات التجار الجشعين ومسئولا عن الخلل في منافذ توزيع الخبز ومسئولا عن سلوكيات الوسطاء وفي النهاية هو مسئول عن دم شهداء الخبز ويجب أن نتوقع أن اليوم شهداء الخبز ولا يجب أن ننسى شهداء نقص الدواء في المستشفيات الحكومية ولا ننسى شهداء مرضى السرطان في المستشفيات الحكومية فهذه سلسلة متتابعة ولكن الظاهر منها أمامنا هو ما نراه في الشوارع.

ورحم الله الداعية الإسلامي الشيخ محمد الغزالي عندما كتب مقالة هل للفقر رذائل أخلاقية هل الفقر والنقص في ضروريات الحياة يؤدي إلى رذائل الأخلاق قال نعم الفقر يؤدي إلى الكفر يؤدي إلى الغش يؤدي إلى الرشوة يؤدي إلى السرقة يؤدي إلى النصب ويؤدي إلى وسائل غير مشروعة لكي يعيش الإنسان.

وإنني أتساءل هل يلام الفقير الذي لا يجد رغيف الخبز عندما يمد يده للحصول على رشوة؟؟، هل يلام الفقير الذي لا يجد ثمن الدواء للحصول على الدواء بطريقة غير مشروعة؟؟، هل يلام الشيخ الفقير المعوذ عندما يقف في الشوارع متسولا ليشتري رغيف الخبز؟؟، أقول لولي الأمر إنكم موقوفون أمام الله لتسألوا عن هؤلاء، ولذلك لا يجب أن نقول أن المظاهرة من أجل رغيف الخبز غير جائزة شرعا، المنهي عنه شرعا أن الحكومة تقصر في توفير رغيف الخبز للفقير.

وأقول لولي الأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل في بيته راع ومسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها والخادم ـ العامل ـ في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته".

وأذكر أولياء الأمور بنصيحة عمر بن الخطاب الذي يقول فيها: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وأنا أدعوا الله أن يرحم شهداء الخبز وقبلهم شهداء غزة الذين حطموا القيود للحصول على الغذاء فالجميع شهداء عند الله.


ارتفعت أسعار الخبز غير المدعم بنسبة 26.5%، كما ارتفعت أسعار منتجات الألبان بنسبة 20% والزيت بنسبة 40%. وقد ذكر موقع منتديات المستهلك المصري إن هذه الموجة من الغلاء غير مرتبطة بموجة ارتفاع الأسعار العالمية وأورد أرباح شركات القطاع العام الحكومية في الغذاء في 2007، فكان من نصيب الدلتا للسكر 320 مليون جنيه (58.6 مليون دولار) مقابل 250 مليونا في 2006، والزيوت المستخلصة، ربحت سبعة ملايين جنيه (1.28 مليون دولار) مقابل خسارة ثمانية ملايين في 2006.



السؤال: كيف نقف في وجه هذا الاستغلال الفاضح والبشع من رجال الأعمال والشركات الكبيرة وخاصة أن هذا الاستغلال مدعوم دعما كاملا من الحكومة ؟


يقول الله سبحانه وتعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر" هذه الآية واقع نعيشه الآن هناك الفساد السياسي متعاونا مع الفساد الاقتصادي متعاونا مع الفساد الاجتماعي وأن هذه الحلقة من الفساد تتعاون مع بعضها البعض وينجم عنها الظلم الاجتماعي، ففي قضية غلاء الأسعار هناك فساد سياسي من قبل الدولة تجاه السياسيات الاقتصادية الظالمة، فساد من قبل الدولة على علية رجال الأعمال ذو التأثير القوي على سياسات الدولة أدى ذلك إلى فساد اقتصادي وخلل في المعاملات في الأسواق نجم عنه مكاسب غير مشروعة وغير عادية لرجال الأعمال من القطاع العام وقطاع الأعمال العام التابع للدولة ونجم عن ذلك ما يسمى السوق السوداء والاحتكار وغلاء الأسعار حتى تجاوزت طاقة كل من كل من متوسطي الدخل والفقراء، ماذا يصنع الفقير الذي متوسط دخله في الشهر لا يزيد عن مائتان وخمسون جنيها في توفير تكلفة الحياة المعيشية التي لا تقل عن خمسمائة جنيه في الشهر، ماذا يفعل فقير لديه ثلاثة أولاد ومتوسط دخله لا يزيد فرضا عن خمسمائة جنيه وأن تكلفة ضروراته وحاجياته له ولزوجته وأولاده لا تقل عن ألفين جنيه فهذا بالطبع يقوده إلى أساليب ووسائل غير مشروعة لاستكمال النقص وهذا يؤدي إلى الجرائم الاجتماعية والاقتصادية ثم الجرائم السياسية، وفي هذا المقام يجب على ولي الأمر الذي يريد تجنب مشكلة المظاهرات والمصادمات تجاه قضية غلاء الأسعار والذي يريد استقرارا في حكمه إذا أراد أن يكون آمنا في حكمه أن يؤمن الفقراء على ضروريات حياتهم ولقد وضع فقهاء الاقتصاد الإسلامي برنامج لمعالجة هذه المشكلة يمكن لولي الأمر أن يدرسه ويتبع أحسن ما فيه ويتكون هذا البرنامج من عشرة نقاط سماه علماء الاقتصاد الإسلامي "المنهج الإسلامي لعلاج مشكلة غلاء الأسعار":ـ

1- منع الاحتكار سواء احتكار رجال الأعمال الجشعين أو احتكار شركات قطاع الأعمال التابعة للحكومة.

2- الرقابة الفعالة على الأسواق ومعاقبة التجار الجشعين المحتكرين المخطئين.

3- قيام الدولة بالتسعير في الضروريات والحاجيات بالعدل بدون وكس ولا شطط.

4- قيام الدولة بتخفيض الضرائب والرسوم على الضروريات والحاجيات مثل ضريبة المبيعات.

5- قيام الدولة بمنع المعاملات المنهي عنها شرعا في الأسواق والتي تقود إلى ارتفاع الأسعار مثل الغرر والجهالة والتدليس والميسر والربا إلى غير ذلك.

6- قيام الدولة بتجنب الإسراف والتبذير في نفقاتها.

7- قيام الدولة بترشيد سياسة الدعم ومنعه من أن يصل إلى يد الأغنياء.

8- قيام الدولة بتوجيه الاستثمارات إلى السلع الضرورية للمعيشة ومنعها من التوجه إلى الكماليات والرفاهيات.

9- أيضا تقصير القائمين على أمر الأسواق والمعاملات من الأخلاق الفاسدة وبلغة أخرى أن يتولى أمر الأسواق خيار الناس من ذوي الدين والأخلاق كما فعل عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.

10- إحياء نظام الحسبة الذي كان من وظيفته الرقابة على الأسواق.

11- أخيرا تكوين مخزون من الضروريات المستوردة حتى لا نكون تحت سيطرة أعداء الإسلام.

وهذا المنهج لا يطبق إلا إذا التزم ولي الأمر بالقيم والأخلاق الإسلامية والتزم كذلك بالدستور الاقتصادي الإسلامي وفقا لقول الله: "فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى"، ويجعل ولي الأمر نيته من ذلك هو العمل الصالح والإخلاص لله القائل: "فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا"، لو قام ولي الأمر بهذا الأمر يكون آمنا في سربه وآمنا في حكمه وإذا لم يقم بذلك فقد نعمة الأمن والاستقرار، وما يحدث من مظاهرات في الدول العربية والإسلامية دليل على ذلك.




أرجو منك يا دكتور أن توجه رسالة إلى المرأة المسلمة والعربية توضح لها فيها دورها في ظل هذه الموجة وكيف تكون على قدر المسئولية وتساند شريكها في الإنسانية (الرجل) سواء كان زوجا أو أبا أو أخا حتى نتجاوز هذه المحنة.

يقول الله تبارك وتعالى: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينف مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" صدق الله العظيم، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا"، هذه الآية وهذا الحديث من المراجع الأساسية للمرأة المسلمة في كل الأحوال ولاسيما وقت الأزمات وغلاء الأسعار، فالمرأة المسلمة سواء كانت زوجة أو أختا وهي مسئولة عن تدبير شئون البيت في الرخاء والكساد وفي اليسر والعسر وضع الإسلام لها ضوابط شرعية لتلتزم بها متعاونة مع زوجها متبادلة معه الرأي والمشورة بدون استبداد ولا تسلط بل تعاون وتشاور وتكافل وتراحم وود وسكينة.

أوصي المرأة المسلمة أختا أو أمة أو زوجة أو فتاة أن يتعاونوا جميعا في ظل الأزمات ومنها أزمة الغلاء بالآتي:ـ

1- الاعتدال في الإنفاق مصداقا لقول الله: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما".

2- تركيز النفقات وفق سلم الضروريات والحاجيات والتحسينات، فلا يجوز للمرأة في هذه الأزمة أن تقيم حفلات عيد الميلاد وحفلات عيد الزواج وحفلات في النوادي والذهاب إلى مصفف الشعر والإنفاق على طلاء الوجه ولا.. ولا..، وإن فعلت فهي آثمة، لا يجوز أن ننفق على الكماليات والترفيات ونحن نعاني من غلاء أسعار الضروريات، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف ومخيلة"، ويقول: "إياكم والمخيلة لا تلام على كفاف".

3- أيضا أناشد المرأة المسلمة في ظل هذه الأزمة أن تتجنب التقليد الأعمى والمخالف لشرع الله لأولاد الفرنجة وتربية أولادها على ذلك فلا يجوز في وقت غلاء أسعار الضروريات أن المرأة تذهب وتشتري لأولادها من الملبس ما فيه مظهرة ومخيلة وتقليدا لغير المسلمين بدون ضرورة شرعية.

4- أطلب من المرأة أن تدرس سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلوكياته في أبياته وقت الأزمات، وتدرس ما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سألها ابن أختها، قالت له والله يا ابن أختي إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين ما أوقد في بيوت النبي نار وكنا نعيش على الأسودين التمر والماء كان بطن رسول الله عليه وسلم تلتوي وكان لا يجد بقلا يملأ به بطنه.

5- ننظر إلى كيف كانت تشارك المرأة زوجها وقت الأزمات، هناك قصة موجودة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طالبن زوجاته التوسعة في النفقات وقت الأزمات يقص القرآن علينا خلاصة هذه المظاهرة ـ مظاهرة نساء رسول الله وهم يطالبنه بالتوسعة ـ " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما".

6- أقول للمرأة يجب عليك وقت الأزمات أن تقفي بجوار زوجك وتحاولي التقليل من النفقات وصنع معظم الأشياء في البيت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرك بين أمور إن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أسرحكن سراحا جميلا، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فنقتصد في النفقات ونعيش على قدر حاجتنا، ولذلك أقول للمرأة المسلمة عليك دور خطير وهام في ظل الأزمات وهو كيف تلتزمين بشرع الله عز وجل لأن تمر هذه الأزمة أقول لك بالآتي:

1- التزمي بالحلال الطيب.

2- التزمي بالضروريات والحاجيات.

3- التزمي بالاقتصاد في النفقات.

4- التزمي بالتقشف.

5- تجنبي الإسراف والتبذير.

6- تجنبي تخزين الطعام.

7- نمي موارد البيت ذاتيا، لأن المرأة إذا نمت موارد البيت ذاتيا واقتصدت في نفقات البيت خرجت من أزمة الغلاء مستورة بحمد الله.

8- وأوصيها وصفة قرآنية وهذه الوصفة تتلخص في الآية الكريمة الآتية التي يغفل عنها الكثير من الناس أوجه للمرأة المسلمة هذه الوصية: "وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا".

9- فبجانب الأخذ بالأسباب لابد للمرأة وزوجها وأولادها يزودوا التوبة والاستغفار والدعاء من الله أن يكشف عنهم البلاء والغلاء.

[منقول]

12d8c7a34f47c2e9d3==