المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة للشيخ المحدث المعلمي:عدم مجيء شيء عن النبي في تحديد عرض المسعى يشعر بأن التحديد


كيف حالك ؟

صخر بن عبدالله
04-22-2008, 08:46 PM
في رسالة للشيخ المعلمي قبل أكثر من أربعين عاماً:
عدم مجيء شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحديد عرض المسعى يشعر بأن التحديد غير مقصود شرعاً




قام بنسخه وتبييضه وإثبات نصه محمد بن عبدالله الدوسري
توجد رسالة علمية قيمة تتناول توسعة المسعى كتبها المحدث الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله عام 1386ه وعنونها ب"رسالة في توسعة المسعى بين الصفاة والمروة" ولأهمية ما تناولته هذه الرسالة وإشارته إلى عدد من الخلفاء الذين سبق أن قاموا بتوسعة المسعى ولم يعترض عليهم.. وكان من ضمنهم الخليفة العباسي المهدي حيث نفذ توسعة للحرم المكي الشريف تضمنت توسعة للمسعى ولم ينكر عليه علماء ذلك الزمان الذين كان منهم الإمام مالك والإمام أبو يوسف رحمهما الله.. حيث نقوم الان بنشر هذه الرسالة القيّمة والفريدة في بابها خاصة وأن الشيخ المعلمي رحمه الله كتبها قبل التوسعة الجديدة للمسعى بأكثر من أربعين سنة.
رسالة في توسعة المسعى
بين الصفا والمروة


تأليف
المحدث الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي
رحمه الله
ت 1386هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تبارك وتعالى { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } البقرة 158 0
الصفا والمروة معروفان ، نصت الآية على أنهما شعيرتان من شعائر الله ، والعبادة المتعلقة بهما هي التطوف بهما ، وبينته السنة بما هو معروف 0
قام النبي صلى الله عليه سلم أول مرة على موضع مخصوص من الصفا لا تعرف عينه الآن ، ثم سعى إلى المروة فقام على موضع مخصوص منها كذلك ، ثم عاد في الشوط الثاني إلى الصفا [ثم] المروة ، وهكذا سبعا .....
قد يكون قام ثانيا وثالثا ورابعا على الموضع الأول من كل منهما ، أو على ما يقرب منه 0
ثم أقيم بعد ذلك حاجز حصر الموضع الذي يقام عليه من كل منهما في مقدار معين ، وكان ذلك المقدار يتسع للناس فيما مضى ، وأصبح الآن يضيق بهم ، فهل يمتنع توسيعه وقوفا على عمل من مضى ، وإن ضاق وضاق ؟ أم ينبغي توسيعه لأن نص الكتاب ورد على الصفا والمروة ، وهما أوسع من ذاك المقدار 0
وحصر من مضى لذاك المقدار قد يكون لمزاحمة الأبنية ، و كفاية ذاك المقدار للناس إذ ذاك .، فلم تدع الحاجة حينئذ لتوسعته بهدم الدور ؟ 0
وهكذا يأتي في المسعى - أى الطريق الذي يقع فيه السعي – فإنه واقع بين الأبنية من الجانبين ، يتسع تارة ويضيق أخرى ، وذاك يدل على انه لم يحدد 0
ولم يجئ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ومن بعدهم ; بيان لتحديد عرض المسعى إلا ما ذكره الأزرقي في زمانه أنه ذرع ما بين العلمين الأخضرين اللذين يليان المروة فوجد ذلك خمسة وثلاثين ذراعا ونصف ذراع 0
وهذا المقدار لا يستمر في بقية المسعى ، ويظهر كما سيأتي عن الأزرقي ان موضع هذه الأعلام ليس من المسعى الأصلي ، وإنما هو مما حوله المهدي العباسي إليه 0
وعدم مجيئ شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تحديد عرض المسعى يشعر بأن تحديده غير مقصود شرعا ، وإلا لكان لتعرضه لمزاحمة الأبنية أولى بالتحديد من عرفات ومزدلفة ومنى ، وقد ورد في تحديدها ما ورد 0
فهل يبقى المسعى كما هو ، وقد ضاق بالساعين وأضر بهم ، أم ينبغي توسعته ، لأن المقصود هو السعي بين الصفا والمروة ، وهو حاصل في المقدار الذي يوسع به هذا الشارع كما هو حاصل في هذا الشارع نفسه ؟
والله تبارك وتعالى عالم الغيب والشهادة لا يكلف خلقه بعبادة إلا ويسرها لهم ، أو يرخص لمن شق عليه شئ منها أن يدع ما شق عليه ، وقد أصبح المسعى يضيق بالمسلمين في أيام الموسم ، ويشق عليهم ، ولا سيما على النساء والضعفاء والمرضى ، بل يلقى فيه الأقوياء شدة 0
وسيزداد الحجاج – إن شاء الله – كثرة سنة بعد سنة 0
[ذكر] في النهاية لمحمد الرملي الشافعي ج2 ص416 ((لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى ، وسكوتهم عنه لعدم الإحتياج اليه ، فإن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة ، ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيرا لم يضر ، كما نص عليه الشافعي ))
وقال النووي في شرح المهذب ج8 ص76 (( قال الشافعي والأصحاب : لا يجوز السعي في غير موضع السعي ، فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطاريين أو غيره لم يصح سعيه ، لأن السعي مختص بمكان ، فلا يجوز فعله في غيره كالطواف ...
قال الشافعي في القديم : فإن التوى شيئا يسيرا أجزأه ، وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجز 0
وكذا قال الدارمي إن التوى في السعي يسيرا أجزاه ، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا والله اعلم )) 0
قوله (( لا يجوز السعي في غير موضع السعي ))
يتبادر منه المكان المحدد ، ويحتمل أن يراد المكان المعد للسعي فيشمل ما زاد على المسعى القديم توسعة له 0
وقوله (( كالطواف ))
يعني المعنى الثاني ، فإن المكان الذي يختص به الطواف لا يقتصر على ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم 0
فقد كان المسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو الموضع المعروف الآن بالمطاف ، وكان الطواف لا يجوز خارجه ، ثم وسع المسجد مرة بعد أخرى ،
واتفق أهل العلم على أن ما زيد في المسجد فصار منه صح الطواف فيه 0
وإذا صح هذا في المطاف مع مشاركة الإعتكاف والصلاة وغير ذلك للطواف في الأحكام ، إذ تثبت تلك الأحكام كلها للزيادة ثبوتها للأصل ففي المسعى أولى 0
والأصل في هذا قول لله تبارك وتعالى { وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي الطائفين والعاكفين والركع السجود } البقرة 125 0
التطهير : يشمل التطهير من الأرجاس المعنوية والحسية 0
والطواف والعكوف والصلاة موضعها حول البيت ، فما حول البيت داخل في الأمر بالتطهير 0
فأمر الله تعالى تطهير ما حول البيت للطائفين والعاكفين والمصلين ، وكما يوجب تطهير الموضع لهؤلاء يقتضي أن يكون الموضع بحيث يسعهم ، ولا تقتضي الحكمة أن يوسع الموضع من أول مرة إلى الغاية التي يعلم أنه لن يضيق بالناس مهماكثروا إلى يوم القيامة ، وإنما تقتضي أن يكون أولا بحيث يكفي الناس في ذاك العصر 0 ومع ذلك فلا ريب أن الناس إذا كثروا بعد ذلك ولم يسعهم الموضع وجب توسعته بدلالة الآية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمته من بعده مخاطبون بما خوطب به إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام من تطهير ما حول البيت للطائفين والعاكفين والمصلين – أى بالقدر الذي يكفيهم كما مر – 0
وبهذا جرى عمل الأمة ، فقد وسع المسجد في عهد عمر ، ثم في عهد عثمان ، ثم في عهد ابن الزبير رضي الله عنهم ، ثم بعد ذلك أكرم الله إمام المسلمين صاحب الجلالة الملك سعود بن عبدالعزيز أيده الله لهذه التوسعة العظيمة ، ولعلها مهما عظمت لا تكون آخر توسعة 0
وهذه التوسعات كلها عمل بالآية ، وتوسعة المسجد هي نفسها توسعة للمطاف ، لإتفاق العلماء على صحة الطواف فيما يزاد في المسجد ، غير أن منهم من شرط أن لا يحول بين الطائف والكعبة بناء ، ولهذا ولأن ما وراء الموضع المعروف بالمطاف الآن غير مهيأ للطواف ، ويكون فيه المصلون والجالسون والمشاة وغيرهم فيشق الطواف فيه لما ذكر ... ، اقتصر الناس على الموضع المعروف بالمطاف ، وأصبح يضيق بهم جدا أيام الموسم ، فدعت الحاجة إلى توسعته 0
وبلغني ان التوقف عن ذلك منشؤه التوقف عن تأخير مقام إبراهيم ، والبحث في مقام إبراهيم يطول ، غير أنه يمكن اختصاره بأن توسعة المطاف واجبة قطعا عند تحقق الضيق كما اقتضته الآية ، والأمر بتطهير الموضع للطائفين وغيرهم يستلزم الأمر بتهيئته لهم ، وإبقاء مقام إبراهيم في مكانه ينافي ذلك ، وليس على إبقائه حجة تترجح على هذه الحجة أو تكافئها 0
والمقام هو : الحجر المعروف ، وأصله كما في صحيح البخاري في ذكر إبراهيم من أحاديث الأنبياء عن ابن عباس أن إبراهيم عليه السلام كان يقوم عليه وهو يبني الكعبة عندما ارتفع البناء ، وعلى هذا فموضعه في الأصل عند جدار البيت 0
وأكثر الروايات وأثبتها أن عمر هو الذي أخره إلى موضعه الآن ، وقيل : أخره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل : جاء الإسلام وهو في محله الآن ، وأياًًَ ما كان فإنما أخر لئلا يضيّق هو والمصلون خلفه على الطائفين ، كما نبه عليه ابن حجر في الفتح ج8 ص129 0
فهذا المعنى هو الموجب لتأخيره ، وفي تأخيره لهذا المعنى الشهادة لهذا المعنى بأنه موجب لتأخير المقام 0
فإن كان أخر قبل الإسلام فقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أخره فالأمر أوضح ، وان كان عمر هو الذي أخره فإنما عمل بدلالة القرآن كما مر ، وكأن الضيق إنما تحقق في عهده حين كثر المسلمون ، ومع دلالة القرآن عمل الخليفة الراشد ، وإجماع الصحابة فمن بعدهم ، ودلالة القرآن مستغنية بنفسها 0
وهذا المعنى الذي اقتضى تأخيره إذ ذاك قائم الآن ، فاقتضاؤه للتأخير الآن بغاية الوضوح 0
فأما ما روي أن السيل احتمله في عهد عمر ، فتحرى عمر إعادته في مكانه، فكأن عمر لما أخره قبل ذلك تحرى أن يبقى مع تأخيره مسامتا للموضع الذي كان يليه من جدار الكعبة ، لا يميل عنه يمنة أو يسرة ، لأن المعنى المذكور إنما أوجبه التأخير فاقتضى عليه ، فلما احتمله السيل بعد ذلك تحرى عمر إعادته إلى مكانه لأجل المسامتة 0
وعلى القول بأنه أخر قبل عمر فتحريه إعادته إلى مكانه قد تكون لما ذكر ، وقد تكون لأنه لم يكن [هناك] داع لتحويله ، لأنه لم يكن قد حصل التضييق 0
وعلى ما ذكر فإذا أخر الآن فينبغي أن لا يخرج به عن مسامتة الموضع الذي يسامته الآن من الكعبة ، لا يميل عنه يمنة ولا يسرة 0
وقد يمكن الجمع بين تهيئة المطاف والمحافظة على موضع المقام في الجملة ، بأن يهدم البناء ويعلم موضع المقام بعلامة ثابتة ، ثم يوضع في صندوق ثقيل وتجعل له ظلة خفيفة عل عجل ، ففي أيام الموسم يؤخر الصندوق بالظلة إلى حيث تدعو الحاجة – مع المحافظة على السمت - ، ثم عند زوال الموجب يعاد إلى موضعه الآن 0
وكالحكم في المطاف الحكم في المسعى ، أمر الله عزوجل بالسعي بين الصفا والمروة يوجب تهيئة موضع يسعى الناس فيه يكون بحيث يكفيهم ، فإذا اقتصر من مضى على موضع يكفي الناس في عصرهم ، ثم ضاق بالناس فصار لا يكفيهم وجب توسعته بحيث يكفيهم ، وإذا وسع الآن بحيث يكفي الناس فقد يجئ زمان يقتضي توسعته أيضا 0
هذا وقد جرى تغيير للمسعى في بعض جهاته في زمن المهدي العباسي ، ففي تاريخ الأزرقي ج2 ص59-60 ، في زيارة المهدي سنة 160 فما بعدها (( ودخلت أيضا دار خيرة بنت سباع الخزاعية ، بلغ ثمنها ثلاثة وأربعين ألف دينار دفعت إليها ، وكانت شارعة على المسعى يومئذ قبل أن يؤخر المسعى )) 0
وفيه ص63 في ذكر زيارة المهدي الثانية (( وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم )) 0
وفيه ص64 (( واشتروا الدور وهدموها ، وهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العائدي ، وجعلوا المسعى والوادي فيها ...)) 0
ويشهد لهذا انحراف المسعى في ذاك الموضع ، وكأنه كان قبل ذلك على خط مستقيم بين الصفا والمروة ، أو أدنى إلى الإستقامة 0
وذكر القطبي في تاريخه ص47 من الطبعة الآولى هذا التحويل ثم قال (( وهنا إشكال لم أر من تعرض له وهو أن السعى بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التي أوجبها الله علينا في ذلك المحل المخصوص ، ولا يجوز لنا العدول عنه ، ولا تعتبر تلك العبادة إلا في ذلك المكان المخصوص الذي سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وعلى ما ذكره هؤلاء الثقات ادخل ذلك المسعى في الحرم الشريف ، وحول المسعى إلى دار ابن عباد كما تقدم ، وأما المكان الذي يسعى فيه الآن فلا يتحقق انه بعض من المسعى الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره ، فكيف يصح السعي فيه وقد حول عن محله كما ذكر هؤلاء الثقات ؟
ولعل الجواب عن ذلك أن المسعى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عريضا ، وبنيت تلك الدور بعد ذلك في عرض المسعى القديم ، فهدمها المهدي وادخل بعضها في المسجد الحرام ، وترك بعضها للسعي فيه ، ولم تحول تحويلا كليا وإلا لأنكره علماء الدين من العلماء المجتهدين - رضي الله عنهم أجمعين – مع توفرهم إذ ذاك ، فكان الإمامان أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، والإمام مالك موجودين يومئذ ، وقد اقروا ذلك وسكتوا ، وكذلك من صار بعد ذلك الوقت في رتبة الإجتهاد كالإمام الشافعي وأحمد بن حنبل ،وبقية المجتهدين فكان إجماعا ......
وبقي الإشكال في جواز إدخال شيء من المسعى في المسجد ، وكيف يصير ذلك مسجدا ، وكيف حال الاعتكاف فيه ؟
وحله بأن يجعل حكم المسعى حكم الطريق فيصير مسجدا ويصح الاعتكاف فيه ، حيث لم يضر بمن يسعى ، فاعلم ذلك ، وهذا مما انفردت ببيانه ولله الحمد))
أقول: أما أول كلامه فيكفي في الجواب عنه الاعتبار بالمطاف ، للاتفاق على صحة الطواف فيما زيد في المسجد في غير الموضع الذي طاف فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي كان في عهده لا يجوز الطواف إلا فيه 0
أما حدسه أن المسعى كان عريضا فبنيت فيه الدور ، فيخدش فيه أن المسعى لو كان محددا لبعد أن يجترئ الناس على البناء فيه ، وأمرهم العلماء والأمراء حتى يشتري المهدي منهم تلك الدور بأغلى الأثمان 0
ثم على فرض صحة هذا الحدس فلم يجعل المسعى أولا عريضا إلا لترقب أن يكثر الناس فلا يسعهم ما دونه ، وعلى هذا فقد كان يجب أن ينكر أهل العلم فعل المهدي قائلين :إن هذا الذي أبقيت وإن كان يكفي الناس الآن ; فقد يكثرون فيما بعد ويضيق بهم ، ولا يمكن أن يرد إليه هذا الذي تريد إدخاله في المسجد كما يمكن هدم الدور ، لأنه لا يمكن إزالة حكم المسجد ، ولا جعله مسجدا ومسعى معا ، لأن كلا منهما يختص بحكم ، فالحائض ليس لها أن تلبث في المسجد ، ولها اللبث في المسعى ، فلو طافت المرأة للإفاضة طاهرة وبقي عليها السعي فحاضت عقب الطواف ; أمكنها أن تسعى في المسعى وتتم نسكها وتسافر ، ولا يمكنها ذلك في المسجد إلى غير ذلك من الأحكام 0
فلو صح حدس القطبي لدلّ إقرار أهل العلم له على أنهم يرون جواز توسعة المسعى من الجانب الآخر ، فيرون انه إذا ضاق ما أبقاه المهدي من المسعى بالناس أمكن توسعة المسعى من الجهة الأخرى 0 فهذا أيضا يدل على جواز التوسعة كما ترى 0
وقد يقال - بناء على حدس القطبي – لعل أهل العلم إذ ذاك علموا أن المسعى في الأصل ; هو جميع ما بين الصفا والمروة ، وانه لا يمتنع البناء فيما زاد على الحاجة ، فإذا زادت الحاجة هدم من الأبنية ما توفى به الحاجة ، وعلى كل حال لا بد من التوسعة عند الحاجة 0
هذا وان الله – تبارك وتعالى – وضع البيت ولم يكن فيما حوله حق لأحد ، ثم جعل له حمى واسعا وهو (الحرم) الذي لا يحل صيده ولا تعضد شجره ، فهذا الحرم كله من اختصاص البيت ، تقام فيه مصالحه غير انه أذن للناس أن يضعوا أيدهم على ما زاد عن مصالح البيت وينتفعوا به ، على أن مصالح البيت [لوإحتاجت] يوما ما إلى شئ مما بأيدي الناس من الحرم أخذ منهم ، ووفيت به مصالح البيت 0
والى هذا يشير قول عمر للذين نازعوا في بيع دورهم لتوسعة المسجد ، قال (( إنما نزلتم على الكعبة فهو فناؤها ، ولم تنزل الكعبة عليكم)) 0 تاريخ الأزرقي ج2ص55
فما حول الكعبة هو من اختصاصها ، ليجعل منه مسجدا يطاف فيه ، ويعتكف ويصلى 0
فإذا جعل بعضه مسجدا صار مسجدا ، وبقي الباقي صالحا لأن يزاد في المسجد عند الحاجة ، فما زيد فيه صار منه 0
وما بين الصفا والمروة من اختصاصهما ، ليجعل منه مسعى يسعى فيه بينهما ، فإذا جعل بعضه مسعى صار مسعى يصح السعي فيه ، وبقي الباقي صالحا لأن يزاد في المسعى عند الحاجة فما زيد فيه صار منه 0
والكعبة هي الشعيرة في الأصل شرع الطواف بها والعكوف عندها والصلاة، وهذه الأمور لا بد لها من موضع فهو ما حولها 0
فالموضع كالوسيلة ليكون فيه الطواف بالكعبة وغيره 0
وهكذا الصفا والمروة هما الشعيرتان بنص القرآن ، فأما ما بينهما فهو بمنزلة الوسيلة ليسعى فيه بينهما ، والوسائل تحتمل أن يزاد فيها بحسب ما هي وسيلة له، كطواف الطائفين وسعي الساعين ، ولا تجب أن تحدد تحديد المشاعر نفسها 0
والله الموفق
قام بنسخه وتبييضه وإثبات نصه محمد بن عبدالله الدوسري



ملحوظه : المخطوطة موجودة في مكتبة الحرم المكي ، وتحت رقم( 4683) ،
وتحت رقم صور (3581) 0

ميرزا حسن
04-23-2008, 03:30 AM
قال الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله: (اعلم أنه لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو كان يمر من وراء المسعى حتى يصل إلى الصفا والمروة من جهة أخرى لم يصح سعيه؛ وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه.
وعن الشافعي في القديم: أنه لو انحرف عن موضع السعي انحرافا يسيرا أنه يجزئه. والظاهر أن التحقيق خلافه، وأنه لا يصح السعي إلا في موضعه).
منسك الإمام الشنقيطي 1/321


وقال الشيخ محمد بن ابراهيم

(ولو فُتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحا للآراء وميدانا للاجتهادات ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج؛ فيحصل بذلك فساد كبير ... ولا ينبغي أن يُلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم؛ بل ينبغي أن يُعمل حول ذلك البينات الشرعية بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد الحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها) 5/146-147



في تاريخ مكة للأزرقي -نقلا عن تاريخ عمارة المسجد الحرام لباسلامة-: (وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبد المطلب وبينهما عرض المسعى فستة وثلاثون ذراعا ونصف).

وقد ذكر باسلامة أن الذراع يساوي 48 سنتمترا .. وعليه فيكون عرض المسعى: 17.5م ..
والمسعى الحالي: 21م !

فمن أين أخذ بعض الناس أن المسعى كان أوسع مما هو عليه الآن؟



(تاريخ عمارة المسجد الحرام - ط: تهامة 1400هـ) لحسين بن عبد الله باسلامة (ولادته في 1299هـ ووفاته: في مقدمة الكتاب:1364هـ، وفي غلافه الخلفي: 1359هـ! وفي أعلام الزركلي: 1356هـ!)

صخر بن عبدالله
04-23-2008, 04:03 PM
ربيع الثاني 1429 هـ - الإثنين, 14 أبريل - 01:12 ص
توسعة المسعى.. نظرة في الواجب والواقع (2)
15036
رقم الصفحة 15
بناء على ما تقدم فإن مسألة توسعة المسعى ترد في الظنيات القابلة لتعدد الأفهام، فلو كان أمر تحديد عرض المسعى قطعياً لوقع الاتفاق عليه بين علماء الأمة، فالشارع الحكيم ضبط مبدأ السعي بالصفا، ومبلغ المنتهى بالمروة، وجعل أداء المنسك بينهما قال تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما). سورة البقرة158.
والعرض بين الجبلين من جهة الغرب إلى الشرق قد وقع التفاوت في أمره، فمن قائل بعدم وجود النص في ضبطه، ففي النهاية لمحمد الرملي الشافعي (لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى، وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيراً لم يضر كما نص عليه الشافعي).
وفي حاشية تحفة المحتاج شرح المنهاج ما نصه: الظاهر أن التقدير لعرضه بخمسة وثلاثين أو نحوها على التقريب، إذ لانص فيه يحفظ من السنة.
التقدير فيه خلاف
ومن قال بتقديره فقد تعددت عنهم الروايات في مقدار سعة عرضه اختلافاً يتعذر الاتفاق عليه: فقد ذكر الأزرقي في زمانه أنه ذرع ما بين العلمين الأخضرين اللذين يليان المروة فوجود ذلك 35.5 ذراع.
والإمام أبو عبدالله محمد بن اسحاق الفاكهي قال: عرض المسعى (35) ذراعاً و (12) إصبعاً.
والشيخ باسلامة قال: عرض المسعى (36) ذراعاً ونصف إلى غير ذلك من الروايات أوردها المؤرخون كالإمام ابن كثير وغيره.
ويضاف إلى ذلك أن الجبلين قد تعرضا لتغيرات بيئية أثرت في عرضهما، فإن جماعة من كبار السن والخبرة من سكان مكة اثبتوا شهادتهم في المحكمة الشرعية بمكة المكرمة بأن جبلي الصفا والمروة أعرض وأكبر وأنهما ممتدان من الجهة الشرقية ومن هؤلاء الشهود من كان بيته على الصفا وبعضهم على المروة.المقاصد تؤيد التوسعة
فالمسألة إذن اجتهادية وليست موضع اتفاق الأمر الذي يفتح باباً واسعاً للاجتهاد برعاية المقاصد المعتبرة والمصالح المرعية، التي تقضي بجواز التوسعة فمن المقاصد المؤيدة لهذا القول: حفظ النفوس من التلف وقد بين الشرع الشريف أن حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يسكب العبرات في الملتزم مخاطباً الكعبة (ما أطيبك وما أطيب ريحك! وما أعظمك وأعظم حرمتك! ولكن حرمة المسلم أعظم عند الله من حرمتك) رواه الترمذي في كتاب البر والصلة.
التوسعة على الناس فهل يبقى المسعى كما هو وقد ضاق بالساعين وأضر بهم أم ينبغي توسعته لأن المقصود هو السعي بين الصفا والمروة وهو حاصل في المقدار الذي يوسع به فالله تبارك وتعالى عالم الغيب والشهادة لايكلف خلقه بعبادة إلا ويسرها لهم، أو يرخص لمن شق عليه شيء منها أن يدع ما شق عليه وقد أصبح المسعى يضيق بالمسلمين في أيام الموسم ويشق عليهم ولاسيما على النساء والضعفاء والمرضى بل يلقى فيه الأقوياء شدة وسيزداد الحجاج إن شاء الله كثرة سنة بعد سنة.
إن هناك كثيراً من القواعد الفقهية تسند هذا القول، وتنتصر له، مثل (إذا ضاق الأمر اتسع) و(الحرج مرفوع شرعاً) و(المشقة تجلب التيسير) و(جواز العمل بالمرجوح مع وجود الراجح، والمفضول مع وجود الفاضل تحقيقاً لمصلحة ودفعاً لمفسدة) و(لاضرر ولاضرار) ولاشك أن عدم التوسعة يؤدي إلى إلحاق الضرر الجسيم والحرج الكبير بالناس بل ربما أدى إلى موت بعضهم وبخاصة المرضى والعجزة وكبار السن، وهو ما تنزهت عنه الشريعة السمحاء التي أنبنت على التيسير والعدل والرحمة والمصالح.
إن الصفا والمروة هما الشعيرتان بنص القرآن، فأما ما بينهما فهو بمنزلة الوسيلة ليسعى فيه بينهما، والوسائل تحتمل أن يزاد فيها بحسب ما هي وسيلة له، كطواف الطائفين وسعي الساعين، ولايجب أن تحدد تحديد المشاعر نفسها، كما أن الكعبة هي الشعيرة في الأصل فشرع الطواف بها والعكوف عندها والصلاة، وهذه الأمور لابد لها من موضع فهو ما حولها فالموضع كالوسيلة، والشعيرة كالأصل أو المقصد، وهذا هو رأي المحدث الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي ت1386هـ في كتابه المخطوط (رسالة في توسعة المسعى بين الصفا والمروة).
الاستئناس بالاجتهادات السابقة في الشعائر:
ولايفوتنا أن نستأنس في تجويز التوسعة بما حدث من توسعات من قبل في شعيرة الحج فيما يلي: فالمسجد الحرام لم يزل المسلمون في عهود متتابعة ضمن الحكم الإسلامي يقومون بتوسعته في عهود متتابعة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وعهد عثمان بن عفان وعهد عبدالله بن الزبير وفي عهد عبدالملك بن مروان وفي عهد ابنه الوليد بن عبدالملك وعهد الخليفة المنصور وكلها محاولات وتوسيعات ثابتة تاريخياً كما ذكرتها الكتب التي اهتمت بالحرم المكي.
نقل مقام إبراهيم لغرض التوسعة
المبيت بمنى حيث لم يكن في السابق على ما هو عليه الآن وتوسع فيه الفقهاء المعاصرون نظراً لتزايد عدد الحجاج عاماً بعد عام حتى عدّ الفقهاء المبيت بأي مكان يدخل في مساحة الحرم كالعزيزية مثلاً أمراً جائزاً ومجزئاً وغدت مزدلفة موضعاً للمبيت بعد أن اتصلت فيها الخيام كاتصال الصفوف في الصلاة..
وقد نقل عن كثير من السلف عدم الإنكار في مسائل الخلاف إذا كان للاجتهاد فيها مساغ وهذا مقرر في قواعد الفقه حيث لا إنكار في المختلف فيه.
يقول سفيان: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه الفقيه والمتفقه.
وروى عنه الخطيب أيضاً أنه قال: ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهي أحداً عنه من إخواني أن يأخذ به. الفقيه والمتفقه.ويقول الإمام احمد فيما يرويه عنه ابن مفلح: لاينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب ولايشدد عليهم، ويقول كذلك: لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع. الآداب الشرعية.
ويقول ابن تيمية (مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه) مجموع الفتاوى 20/207.وقال النووي (ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً) شرح النووي على صحيح مسلم.
اختيار ولي الأمر يرفع الخلاف
من المقرر أن رأي الإمام ونائبه فيما لانص فيه وفيما يحتمل وجوهاً عدة وفي المصالح المرسلة معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية، وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات.
قال الزركشي (قالوا حكم الحاكم في المسائل المختلف فيها يرفع الخلاف). المنثور في القواعد.
وقال القرافي (حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء). الفروق للقرافي.
والواجب أن يأتم الجميع بولي الأمر في هذا الاجتهاد المبارك الذي يقتضي مؤازرة ودعماً، كما إئتم ابن مسعود بعثمان بن عفان رضي الله عنهما في الصلاة بمنى وقال الخلاف شر، وليحذر العلماء من إيقاع الفتنة في صفوف الحجاج والمعتمرين بإشاعتهم عدم صحة السعي في الزيادة الجديدة نظراً لما يوقعه ذلك من حرج بالغ.

موقع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي

العربي
05-04-2008, 11:28 PM
وعدم مجيئ شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تحديد عرض المسعى يشعر بأن تحديده غير مقصود شرعا ، وإلا لكان لتعرضه لمزاحمة الأبنية أولى بالتحديد من عرفات ومزدلفة ومنى ، وقد ورد في تحديدها ما ورد 0
فهل يبقى المسعى كما هو ، وقد ضاق بالساعين وأضر بهم ، أم ينبغي توسعته ، لأن المقصود هو السعي بين الصفا والمروة ، وهو حاصل في المقدار الذي يوسع به هذا الشارع كما هو حاصل في هذا الشارع نفسه ؟

12d8c7a34f47c2e9d3==