المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة بعنوان(الوصية)للعلامة محمد بن صالح العثيمين


كيف حالك ؟

ميرزا حسن
04-21-2008, 12:56 AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما…
أما بعد

أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الدين والدنيا فلقد أرسل الله إليكم رسولاً يتلو عليكم آيات ربكم ويزكيكم ويعلمكم الكتابة والحكمة فتوفي صلى الله عليه وسلم ولكن بقي فيكم دينه متلواً في كتاب الله غير مبدل ولا مغر ومأثوراً فيما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد أفاض الله عليكم المال لتستعينوا به على طاعته وتتمتعوا به في حدود ما أباحه لكم المال قيام دينكمودنياكم فاعرفوا حقه وابذلوه في مستحقه وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا أيها المسلمون إن مالكم في الحقيقة هو ما قدمتموه لأنفسكم ذخراً لكم عند ربكم ليس مالكم ما جمعتموه فاقتسمه الوارث بعدكم إنكم سوف تخلفون هذا المال وتدعونه كما قال الله تعالى (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ)(الأنعام: من الآية94) فسوف تنتقلون عن الدنيا أغني عن الدنيا أغنياء عما خلفتم فقراء إلى ما قدمتم وفي الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أيكم مال وارثه أحق إليه من ماله ) قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه قال ( فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر ) وفي الترمزى عن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فتصدقوا بها سوى كتفها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( بقيت كلها غير كتفها ) أيها المسلمون إن من إنفاق المال في طرق الخير أن يتصدق به المرء صدقة منجزة على الفقراء والأقارب فيملكونها ويتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه وذلك من أفضل الأعمال وأربح التجارة لما نزل قول الله عز وجل (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )(آل عمران: من الآية92) جاء أبو طلحة رضي الله عنه وكان له حديقة قبلتها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بيرحه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فقال يا رسول الله إن الله أنزل هذه الآية وإن أحب مالي إلي بيرحه وإنها صدقة لله أرجو برها وزخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( بخ بخ ذاك مال رابح ذاك مال رابح ) وقد سمعت ( وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين ) فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه ومن إنفاق المال في طرق الخير أن يصرفه في بناء المساجد والمشاركة فيها فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من بنى لله مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة ) فالمساجد يصلي فيها المسلمون ويأوي إليها المحتاجون ويذكر فيها إسم الله في تلاوة كتابه وسنة رسوله والفقه في دينه وفي كل ذلك أجر لبانيها والمشارك فيها ومن إنفاق المال في طرق الخير أن، ينفقه في المصالح العامة كإصلاح الطرق وتأمين المياه فإن الصحابة رضي الله عنهم حين قدموا المدينة كان فيها بئر تسمى بئر رومة لا يحصلون المال منها إلا بثمن فاشتراها عثمان رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( من حفر رومة فله الجنة فحفرها عثمان رضي الله عنه ومن إنفاق المال في طرق الخير أن يحدثه الإنسان وينفق غلته فيما يقرب إلى الله وهو الوقف ففي الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضاً بخيبر لم يصب مالاً أنفث عنده منه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره فيها ويستأمره فقال صلى الله عليه وسلم ( إن شئت حدثت أصلها وتصدقت بها ) وفي رواية للبخاري ( تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره ) وفي رواية للنسائي ( احدث أصلحها وسبل ثمرها ) فتصدق به عمر في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين والصيف وابن السبيل وذي القربى فإذا سبل الإنسان ملكه صار وقفاً محبوسا لا يباع ولا يوهب ولا يورث وإنما يصرف فيما جعله الواقف فيه ما لم يكن إثماً والمقصود أيها المسلمون المقصود في الوقف أمران عظيمان أولهما التقرب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه ببذل غيلة الوقف فيما يرضيه وثانيهما نفع الموقوف عليهم والإحسان إليهم وإذا كان المقصود به التقرب فإنه لا يجوز الوقف إذا كان فيه معصية لله ورسوله إذ لا يتقرب إلى الله إلا بطاعته فلا يجوز للإنسان أن يوقف على بعض أولاده دون بعض لأن الله أمر بالعدل فقال تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) والوقف على بعض الأولاد دون بعض منافي للعدل إلا أن يكون التخطيط بصفة استحقاق توجد في أحدهم دون الآخر مثل أن يوقف على الفقير من أولاده أو على طالب العلم منهم فلا بأس فإذا وقفه على الفقير من أولاده فلا حظ فيه للغني حال غناه وإذا وقفه على طالب العلم فلا حظ فيه لغير طالب العلم حال تخليه عن الطلب ولا يجوز للإنسان أن يوقف شيئاً من ماله وعليه دين لا وفاء له من غير لا وفاء له من غير ما وقفه حتى يوفي دينه لأن ذلك إضرار بغريمه ووفاء الدين أعم لأنه واجب والوقف تطوع ولا يجوز لمن أخذ قرضاً من البنك فعمر به لا يجوز أن يوقف العمارة التي عمرها من البنك حتى يوفي جميع البنك ويفك الرهن لأن ما عمر من البنك فإنه مرهون لا يجوز للإنسان أن يتصرف فيه لا ببيع ولا بوقف ولا بغيرهما إلا إذا وافقت الجهات المسؤولة عن ذلك ولا يجوز أن يوصي بوقف شئ بعد موته على بعض ورثته دون بعض لأن الله تعالى قسم المال بين الورثة وقال ( فريضة من الله ) وفي الآية الثانية ( وصية من الله ) وبين أن ذلك من حدوده وتوعد من تعداها وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ) فإذا قال الإنسان أوصيت بداري وقفاً على ذريتي وله ورثة غير الذرية كان ذلك خروجاً عن فريضة الله وإخلالاً بوصية الله وتعدياً لحدود الله ومعصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بذلك يخرج من الدنيا آثماً مأجورا ً غير مأثور لأنه جار في وصيته أيها المسلمون إذا كان المقصود بالوقف هو التقرب إلى الله عز وجل ونفع الموقوف عليهم فالذي ينبغي أن ينظر الإنسان فيما هو أقرب إلى الله وأنفع لعباده ولينظر في النتائج المترتبة على وقفه وليتجنب ما يكون سبباً للعداوة والقطيعة وليعلم أن إنفاق المال في حال الحياة والصحة خير وأفضل وأعظم أجرا لا سيما إذا كان في مصالح مستمرة كبناء المساجد وإصلاح الطرق وتأمين المياه وطبع الكتب النافعة أو شراءها وتوزيعها على من ينتفع بها وإعانة الفقير على زواجه فإن ذلك من أفضل الأعمال لأن هذا الزواج يحصن الفقير ويحصن زوجته وربما يولد بينهما صالح ينفع المسلمين فهو مصلحة وأجر لمن أعانه على زواجه ولو قدر أنه ولد بينهما ولد فاسد لم يضر المعين شيئاً لأنه لم يعنه من اجل طلب مثل هذا الولد وفي صحيح مسلم أن رجلاً قال يا رسول الله أي الصدقة أفضل وفي لفظ أي الصدقة أعظم أجرا قال ( أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان ) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة في حال الصحة أفضل لأنها صدقة من شخص يخاف الفقر ويأمل طول البقاء فهو شحيح بالمال لذلك بخلاف من جعل تنفيذ المال بعد يأسه من الحياة وانتقال المال للوارث وقد تصدق الله على عباده بثلث أموالهم يوصون بها بعد موتهم لأقاربهم غير الوارثين أو للفقراء أو لبناء المساجد أو غيرها من طرق الخير والبر ولا يجوز أن يوصي بشئ من ماله لبعض ورثته دون بعض وإذا أوصى الإنسان بشئ من ماله فله الرجوع في وصيته وله إبطالها وله أن يغير تنفيذها وينقصها ويزيدها في حدود ثلث المال إذن الوصية أوسع من الوقف من هذه الناحية لأن الإنسان يستطيع إبطالها وتغيرها ومن ناحية أنها جائزة ولو كان على الإنسان دين لأن الوصية لا تضر أهل الطلب لأن الموصي إذا مات وعليه دين قدم قضاء الدين على الوصية أما الوقف فينفذ في الحال وليس للواقف إبطاله ولا تغيره ولا الزيادة في تنافيذه أو النقص ولا يجوز لمن عليه دين لا وفاء له إلا برضا الغرماء أيها المسلمون امتثلوا قول الله تعالى (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة:195) أسأل الله تعالى بأسماءه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلني وإياكم ممن اكتسب المال عن طريق حلال وصرفه فيما يرضي الكبير المتعال وأن يجعلنا وأن يجعل ما رزقنا منه عوناً لنا على طاعته وكسباً لنا عن معصيته إنه جواد كريم رؤوف رحيم ……
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الفجر وأنور وسلم تسليما…
أما بعد أيها الناس ……
فإن الشباب في مستقبل امتحان هذا الأسبوع وإن هذا الاختبار يراد به شحذ أذهان الطلبة وأفهامهم على معرفة ما تلقوه من العلوم فيما مضى من دراستهم والمقصود به معرفة مراتبهم في التحصيل لينزل كل إنسان منزلته وعلى هذا فإن إمتحانهم أمانة يجب على المباشرين له من المدرسين والملاحظين والمدراء أن يتقوا الله تعالى فيها وأن لا يمكنوا أحداً من الأساتذة أو من الملاحظين أو من الطلبة بعضهم مع بعض لا يمكنوا أحداً من هؤلاء من محاولة الغش أو الوقوع فيه فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من غش فليس منا ) ولأن الغش يترتب عليه مفاسد عظيمة منها أن الغاش يكون قد وقع فيما تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم ومنها أن ذلك يوجب أن يتقدم هذا الغاش على غيره من المجتهدين المحصلين ومنها أنه يبقي المستوى الثقافي عندنا في المدارس التي يقع فيها الغش يبقي المستوى الثقافي ضعيفاً لا يستطيع المتخرج أن يكون مقابلاً لمن ساواه في سنة التخرج وذلك لأنه إنما خرج عن سبيل الغش ومنها أن الإنسان قد يوفق بناءاً على شهادته التي اكتسبها بطريق الغش سيكون طريق اكتسابه لما يحصله من الرواتب يكون طريقاً محرما والقاعدة أن ما نتج عن المحرم فهو محرم لذلك تجب العناية بالتلاميذ من ذكور وإناث حتى لا يمكن أحد فيهم من الغش فيتخرجوا على الوجه الصحيح السليم وبذلك نحفظ الأمانة ونصدق المعاملة ويحصل لنا القوة الحقيقية فيما درسناه ولا نجور على أحد واعلموا أيها المسلمون أن الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ولكن الإنسان تحملها بما وهبه الله تعالى من العقل وبما أعطاه من العلم على أيدي الرسل عليهم الصلاة والسلام فلذلك كان مسئولاً عنها في الدنيا والآخرة واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم ادخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضا عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضا عنا معهم بمنك وكرمك وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم من كان من ولاة أمور المسلمين غير مستقيم على دينه ولا ناصح لعباده فأبدله بخير منه أو أهده إلى الحق يا رب العالمين اللهم من كان منهم مستقيماً على دينك ناصحاً لعبادك فثبته وأيده إنك على كل شئ قدير اللهم وأصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم من كان من بطانة ولاة أمورنا غير مستقيم على دينك ولا ناصح لولاة أمورنا ولا لشعبنا اللهم فأبعده عن ولاة أمورنا يا رب العالمين وأبدلهم بخير منهم إنك على كل شئ قدير اللهم أصلح رعيتنا كلها ذكورها وإناثها شبابها وشيوخها إنك على كل شئ قدير ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا ومتاعاً إلى حين اللهم أسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانتين اللهم أسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانتين اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا عذاب ولا هدم ولا ضرر ربنا ظلمنا أنفسنا ربنا ظلمنا أنفسنا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين اللهم لا تؤاخذنا بما فعلنا وعافينا واعفو عنا وأنزل رحمتك على قلوبنا وأنزل غيثك على بلادنا واغفر لنا وارحمنا إنك على كل شئ قدير اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون…

12d8c7a34f47c2e9d3==