المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام الأمير الصنعاني الإقرار بالله تعالى لا يكفي في التوحيد مع الشرك في العبادة


كيف حالك ؟

هادي بن علي
03-20-2008, 07:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الإقرار بالله تعالى لا يكفي في التوحيد مع الشرك في العبادة /الإمام الأمير محمد أسماعيل الصنعاني يرحمه الله

فصل: الإقرار بالله تعالى لا يكفي في التوحيد مع الشرك في العبادة، إذا تقرر عندك أن المشركين لم ينفعهم الإقرار بالله مع إشراكهم الأنداد من المخلوقين معه في العبادة، ولا أغنى عنهم من الله شيئا وأن عبادتهم هي اعتقادهم فيهم أنهم يضرون وينفعون، وأنهم يقربونهم إلى الله زلفى، وأنهم يشفعون لهم عند الله تعالى فنحروا لهم النحائر، وطافوا بهم ونذروا النذور عليهم وقاموا متذللين متواضعين في خدمتهم، وسجدوا لهم ومع هذا كله فهم مقرون لله تعالى بالربوبية، وأنه الخالق ولكنهم لما أشركوا في عبادته جعلهم مشركين، ولم يعتد بإقرارهم هذا لأنه نافاه فعلهم فلم ينفعهم الإقرار بتوحيد الربوبية.

فمن شأن من أقر لله تعالى بتوحيد الربوبية أن يفرده بتوحيد العبادة، فإذا لم يفعل ذلك، فالإقرار الأول باطل، وقد عرفوا ذلك وهم في طبقات النار، فقالوا: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ مع أنهم لم يسووهم به من كل وجه، ولا جعلوهم خالقين ولا رازقين لكنهم علموا وهم في قعر جهنم أن خلطهم الإقرار بذرة من ذرات الإشراك في توحيد العبادة صيرهم كمن سوى بين الأصنام وبين رب الأنام قال الله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ أي ما يقر أكثرهم في إقراره بالله وبأنه خَلَقَهُ وخلق السماوات والأرض إلا وهو مشرك بعبادة الأوثان
__________________________________________________ _____

تعليق العلامة الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله

نعم، هذا الفصل أيضا مضمونه ما سبق يبين المؤلف رحمه الله أن إقرار المشركين بتوحيد الربوبية مع شركهم في توحيد العبادة ما ينفعهم ولا يفيدهم، ولا يدخلهم في الإسلام، ولا يخرجهم من دائرة الكفر، ولا ينقذهم من عذاب الله ومن الخلود في النار حتى يوحدوا الله، ويفردوه بالعبادة ولهذا قال المؤلف: فصل الإقرار بالله لا يكفي في التوحيد مع الشرك في العبادة لعل هذا العنوان من خطه، إذا تقرر عندك أن المشركين لم ينفعهم الإقرار بالله مع إشراكهم الأنداد من المخلوقين معه في العبادة، ولا أغنى عنهم من الله شيئا، وأن عبادتهم هي اعتقادهم فيهم أنهم يضرون وينفعون، هذا فيه نظر.

قول المؤلف: عبادتهم هي اعتقادهم فيهم أنهم يضرون وينفعون الأظهر والله أعلم أنهم لا يعتقدون في الأصنام أنهم يضرون، وينفعون بل يعتقد الذي يضر وينفع هو الله لكن هم عبدوهم ليقربوهم إلى الله زلفى كما أخبر الله ليشفعوا لهم كما أخبر الله عنهم أنهم قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى قال: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ فهم يعلمون أن الأصنام لا تضر، ولا تنفع وإن الذي يضر وينفع هو الله لكن يقولون هؤلاء صالحون أو أنبياء أو أحجار تسبح الله وهي تقربنا إلى الله، وتنقل حوائجنا إلى الله وتشفع لنا عند الله، ونعلم أنه ليس بيدها شيء من الضر والنفع والذي يضر وينفع هو الله، وأنهم يقربونهم إلى الله زلفى وأنهم يشفعون لهم عند الله نعم.

هذا هو الصواب أنهم إنما عبدوهم لأنهم يعتقدون أنهم يقربونهم إلى الله زلفى وأنهم يشفعون لهم عند الله لكن ما يعتقدون أنهم يضرون وينفعون هذا هو المعلوم عند كثير من المشركين قد يوجد بعض المشركين يعتقد النفع والضر في غير الله فيكون مشركا في الربوبية، لكن هذا قليل الشرك في الربوبية لكن الغالب على المشركين أنهم يعتقدون أن الضر والنفع بيد الله، وشركهم إنما هو في العبادة يعتقدون أنهم يقربونهم إلى الله زلفى ويشفعون لهم عند الله.

ولهذا قال المؤلف: فنحروا لهم النحائر وطافوا بهم ونذروا النذور عليهم وقاموا متذللين متواضعين في خدمتهم وسجدوا لهم، ومع هذا كله فهم مقرون لله بالربوبية، وأنه الخالق كما سبق ولكنهم لما أشركوا في عبادته جعلهم مشركين، ولم يعتد بإقرارهم هذا لماذا ما نفعهم توحيدهم بالربوبية مع شركهم في العبادة؛ لأنه نافاه فعلهم وهو شركهم في العبادة، فلم ينفعهم الإقرار بتوحيد الربوبية، فمن شأن من أقر لله بتوحيد الربوبية أن يفرده بتوحيد العبادة يعني ينبغي لمن أقر بتوحيد الربوبية أن يعبد هذا الرب الذي يعترف بأنه الخالق الرازق المدبر المحيي الذي بيده النفع والضر.

يجب عليك أن تعبده ويلزمك أن تعبده لكن ما كل واحد يلتزم، ولهذا قال الله تعالى محتجا عليهم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ثم جاء الدليل: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ يعني الذي خلقكم وخلق الذين من قبلكم هو المستحق للعبادة الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً يحتج عليهم سبحانه وتعالى في إقرارهم بتوحيد الربوبية يعني كما آمنتم بتوحيد الربوبية فأفردوه بالعبادة، يقول المؤلف: فإذا لم يفعل ذلك فالإقرار الأول باطل، الإقرار الأول يعني بتوحيد الربوبية، وقد عرفوا ذلك وهم في طبقات النار يعني لما دخل النار المشركون اعترفوا بأنهم بأن سبب خلودهم في النار هو شركهم في العبادة، اسمع قول الله عنهم أنهم قالوا: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ هذا كلام أخبر الله أنه يقوله الكفار في النار وهم في طبقات النار دركات الأصل أن يقول: دركات النار لأن النار دركات، كل دركة سفلى أعظم عذابا من الدركة التي أعلى منها، وأما الجنة فهي طبقات ودرجات كل درجة عليا أعظم نعيما من الدرجة التي تحتها.

قالوا: وهم في دركات النار يقول اعترفوا تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ يقولونها لمن؟ يقولونها للذين عبدوهم؛ لأن العابد والمعبود كلهم دخلوا النار، دخل العابد والمعبود، العابد والمعبود كلهم في النار فلما كانوا في دركات النار صارت بينهم محاورة فاعترف العابدون الذين عبدوا الرؤساء والأنداد قالوا: إن نحن في الدنيا في ضلال مبين أقسموا تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ما وجه الضلال؟ قالوا: إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ كيف نسويكم برب العالمين؟! يخاطبون من؟ معبوديهم كيف نسويكم برب العالمين؟! سووهم بماذا؟ هل سووهم بأنهم يخلقون؟ لا. سووهم بالله بأنهم يرزقون؟ لا. بأنهم يضرون؟ لا. بأنهم ينفعون؟ لا. سووهم بماذا بالمحبة والتعظيم والإجلال والدعاء والذبح والنذر سووهم بالمحبة والإجلال والتعظيم فكانوا معهم في النار تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ .

قال المؤلف: لعلهم مع أنهم لم يسووهم به من كل وجه لا جعلوهم خالقين ولا رازقين لكنهم علموا وهم في قعر جهنم أن خلطهم الإقرار بذرة من ذرات الإشراك بتوحيد العبادة صيرهم كمن سوى بين الأصنام وبين رب الأنام، يعني كونهم أشركوا بالله مع توحيد العبادة نفوا إقرارهم بتوحيد الربوبية ما نفعهم وصيرهم كمن سوى بين الأصنام وبين رب الأنام رب العالمين، قال الله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ إقرارهم بالله هذا توحيد الربوبية والشرك هو توحيد العبادة، وما يؤمن أكثرهم إيمانهم ما هو إيمانهم؟ الإقرار بتوحيد الربوبية والشرك هو الشرك في العبادة جمعوا بين الأمرين، جمعوا بين توحيد الربوبية وبين الشرك في العبادة ولم ينفعهم توحيد الربوبية ولهذا قال المؤلف: وما أي ما يقر أكثرهم في إقرارهم بالله وبأنه خلقهم وخلق السماوات والأرض إلا وهو مشرك بعبادة الأوثان نعم.

منقول من شرح العلامة عبدالعزيز الراجحي كتاب تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

12d8c7a34f47c2e9d3==