المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سماحة الإمام الوالد : عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ( القرضاوي )


كيف حالك ؟

أبوعبدالرحمن الوائلي
02-15-2008, 02:56 AM
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد :

فهذا إيضاح وتعقيب على مقال فضيلة الشيخ : يوسف القرضاوي المنشور في " مجلة المجتمع " : ( العدد 1133 ) ، الصادرة يوم 9 شعبان 1415 هـ / الموافق 10/ 1/ 1995 م . حول الصلح مع اليهود ، وما صدر مني في ذلك في المقال المنشور في " صحيفة المسلمون " ، الصادرة في يوم 21 رجب 1415 هـ . جوابًا لأسئلة موجهة إليَّ من بعض أبناء فلسطين .

وقد أوضحت أنه لا مانع من الصلح معهم إذا اقتضت المصلحة ذلك ؛ ليأمن الفلسطينيون في بلادهم ويتمكنوا من إقامة دينهم .

وقد رأى فضيلة الشيخ : يوسف أن ما قلته في ذلك مخالف للصواب ؛ لأن اليهود غاصبون فلا يجوز الصلح معهم ... إلى آخر ما ذكره فضيلته .

وإنني أشكر فضيلته على اهتمامه بهذا الموضوع ورغبته في إيضاح الحق الذي يعتقده ، ولا شك أن الأمر في هذا الموضوع وأشباهه هو كما قال فضيلته ، يرجع فيه للدليل ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا هو الحق في جميع مسائل الخلاف ؛ لقول الله عز وجل : فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً . سورة النساء ، ( الآية : 59 ) .

وقال سبحانه : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ . سورة الشورى ، ( الآية : 10 ) .

وهذه قاعدة مجمع عليها بين أهل السنة والجماعة .

ولكن ما ذكرناه في الصلح مع اليهود قد أوضحنا أدلته ، وأجبنا عن أسئلة وردت إلينا في ذلك من بعض الطلبة بكلية الشريعة في جامعة الكويت ، وقد نشرت هذه الأجوبة في " صحيفة المسلمون " ، الصادرة في يوم الجمعة 19/ 8/ 1415 هـ / الموافق 20/ 1/ 1995 م ، وفيها إيضاح لبعض ما أشكل على بعض الإخوان في ذلك .

ونقول للشيخ يوسف وفقه الله وغيره من أهل العلم : إن قريشًا قد أخذت أموال المهاجرين ودورهم ، كما قال الله سبحانه في سورة الحشر : لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ . سورة الحشر ، ( الآية : 8 ) .

ومع ذلك صالح النبي صلى الله عليه وسلم قريشًا يوم الحديبية سنة ست من الهجرة ، ولم يمنع هذا الصلح ما فعلته قريش من ظلم المهاجرين في دورهم وأموالهم ، مراعاة للمصلحة العامة التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم لجميع المسلمين من المهاجرين وغيرهم ، ولمن يرغب الدخول في الإسلام .

ونقول أيضًا : جوابًا لفضيلة الشيخ يوسف عن المثال الذي مثل به في مقاله ، وهو : لو أن إنسانًا غصب دار إنسان وأخرجه إلى العراء ثم صالحه على بعضها . أجاب الشيخ يوسف : أن هذا الصلح لا يصح .

وهذا غريب جدًا ، بل هو خطأ محض ، ولا شك أن المظلوم إذا رضي ببعض حقه ، واصطلح مع الظالم في ذلك فلا حرج لعجزه عن أخذ حقه كله ، وما لا يدرك كله لا يترك كله ، وقد قال الله عز وجل : فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ . سورة التغابن ، ( الآية : 16 ) .

وقال سبحانه : وَالصُّلْحُ خَيْرٌ . سورة النساء ، ( الآية : 128 ) .

ولا شك أن رضا المظلوم بحجرة من داره أو حجرتين أو أكثر يسكن فيها هو وأهله ، خير من بقائه في العراء .

أما قوله عز وجل : فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ . سورة محمد ، ( الآية : 35 ) .

فهذه الآية فيما إذا كان المظلوم أقوى من الظالم وأقدر على أخذ حقه ، فإنه لا يجوز له الضعف ، والدعوة إلى السلم ، وهو أعلى من الظالم وأقدر على أخذ حقه ، أما إذا كان ليس هو الأعلى في القوة الحسية فلا بأس أن يدعو إلى السلم كما صرح بذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ، لما رأى أن ذلك هو الأصلح للمسلمين والأنفع لهم ، وأنه أولى من القتال ، وهو عليه الصلاة والسلام القدوة الحسنة في كل ما يأتي ويذر ، لقول الله عز وجل : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ . سورة الأحزاب ، ( الآية : 21 ) .

ولما نقضوا العهد وقدر على مقاتلتهم يوم الفتح غزاهم في عقر دارهم ، وفتح الله عليه البلاد ، ومكَّنه من رقاب أهلها حتى عفا عنهم ، وتم له الفتح والنصر ولله الحمد والمنة .

فأرجو من فضيلة الشيخ يوسف وغيره من إخواني أهل العلم ، إعادة النظر في هذا الأمر بناء على الأدلة الشرعية لا على العاطفة والاستحسان .

مع الاطلاع على ما كتبته أخيرًا من الأجوبة الصادرة في " صحيفة المسلمون " في 19/ 8/ 1415 هـ الموافق 20/ 1/ 1995 م ، وقد أوضحت فيها أن الواجب جهاد المشركين من اليهود وغيرهم مع القدرة حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية ، إن كانوا من أهلها ، كما دلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، وعند العجز عن ذلك لا حرج في الصلح على وجه ينفع المسلمين ولا يضرهم ، تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، في حربه وصلحه ، وتمسكًا بالأدلة الشرعية العامة والخاصة ، ووقوفا عندها ، فهذا هو طريق النجاة وطريق السعادة والسلامة في الدنيا والآخرة .

والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين ، قادةً وشعوبًا لكل ما فيه رضاه ، وأن يمنحهم الفقه في دينه ، والاستقامة عليه ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يصلح قادة المسلمين ويوفقهم للحكم بشريعته والتحاكم إليها ، والحذر مما يخالفها .

إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه وأتباعه بإحسان .
سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز
- قدس الله روحه وغفر له -
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئس هيئة كبار العلماء ، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

أبوعبدالرحمن الوائلي
02-15-2008, 03:03 AM
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - :
( - وقال بعضهم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ومعاوية إذ جاء رجل فقال عمر يا رسول الله هذا يتنقصنا فكأنه انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : إنى لا أتنقص هؤلاء ولكن هذا يعنى معاوية فقال ويلك أوليس هو من أصحابى قالها ثلاثا ثم أخذ رسول الله ص حربة فناولها معاوية فقال جابها فى لبته فضربه بها وانتبهت فبكرت إلى منزلى فاذا ذلك الرجل قد اصابته الذبحة من الليل ومات وهو راشد الكندى )
البداية و النهاية الجزء 8

12d8c7a34f47c2e9d3==