المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتاوى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية


كيف حالك ؟

هادي بن علي
01-14-2008, 05:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية

س: ما حكم الإسبال؟ وهل يجوز أن أطيع والدي إذا أرادا مني إسبال ثيابي؟ جزاكم الله خيرا .

ج: الإسبال محرم ، بل هو من كبائر الذنوب ، ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال: فقرأها ثلاث مرار ، قال أبو ذر : خابوا وخسروا ، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل إزاره ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب واللفظ لفظ مسلم .

فالمسبل عاص لله ومتعد لحدوده سبحانه ، فواجب عليه أن يتوب إلى الله ، فإنه قد توعد بالعذاب الأليم وبعقابه بأن لا ينظر الله إليه ولا يزكيه ، وهذا دال على أن فعل ذلك من الكبائر .

ثم إن الإسبال فيه إفساد للملبس ، وربما سبب تعثرا له في مشيه . وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لشاب جاء يعوده في مرض موته فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض ، قال: ردوا علي الغلام .
قال: يا ابن أخي ، ارفع ثوبك ، فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك) أخرجه البخاري في صحيحه .

وأما طاعة الوالدين فهي واجبة ، وقد قرن الله حقهما بحقه في قوله تعالى: سورة الإسراء الآية 23 وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا . لكن مع ذلك فإن الوالدين لا يطاعان في معصية الله ، شأنهما شأن كل مخلوق ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . فلو أمراك بالإسبال فلا تطعهما في أمرهما لك بالإسبال ، مع قيامك بحقهما من البر والصلة ، ومحاولة تطييب خاطرهما بخصوص الإسبال بالكلام الطيب ، فتبين لهما بأن هذا أمر محرم بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الواجب علينا جميعا اتباع سنته والائتمار بأمره والانتهاء عن نهيه والوقوف عند حدوده . وأسأل الله أن يفتح على قلبيهما ، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه .
البدعة وحكمها

س: ما البدعة في الإسلام؟ وما حكمها؟
ج: البدعة كل أمر على خلاف ما شرع الله ، فكل عبادة لم يشرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنها مبتدعة ؛ لأنه لا تعبد لله إلا بما شرع لنا على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وحكمها المنع؛ لأنها تخالف الشرع ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أخرجاه ، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد متفق عليه . ومن شروط قبول العمل أن يكون خالصا لله ، وأن يكون على وفق ما شرع الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا هو معنى الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن معناهما ألا يعبد إلا الله ، وألا يعبد الله إلا بما شرع في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم . وفق الله الجميع للالتزام بسنته والعمل بهديه صلى الله عليه وسلم واجتناب البدع والمحدثات . وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

س: أنا وزملائي ننتدب إلى جدة لأعمال الحج لمدة شهرين ، وبعضنا يضع إحرامه في سيارته أو في شنطة ملابسه ، فإذا وجدنا وقت فراغ نوينا العمرة وأحرمنا من جدة ، فهل هذا يجوز ، أم لا بد من الذهاب إلى ميقات السيل للإحرام منه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .

ج: إذا كانت نية العمرة سابقة للسفر ومنذ أنشأتم السفر إلى جدة والعمرة في نيتكم ، فالذي يجب عليكم أن تحرموا من الميقات؛ لأن نية العمرة سابقة . أما إذا كانت نية العمرة لم تطرأ إلا بعد استقراركم في جدة فأحرموا من جدة .

أما إذا كانت النية عندك غير جازمة ، بمعنى أنك متردد ، فإن هذا التردد يعني أنك لم تعقد العزم على العمرة . وعليه فإن لك إن
جزمت وأنت دون المواقيت أن تحرم من حيث أنشأت النية والله أعلم .

س: ما الحكمة من الإسراء والمعراج برسول الله صلى الله عليه وسلم؟

ج: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس والعروج به إلى ما فوق السماء السابعة دليل على فضله صلى الله عليه وسلم ، كونه أفضل الأنبياء وسيدهم ، حيث أم بهم في بيت المقدس ، وحيث جاوز السماء السابعة إلى أن وصل إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام ، وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم منزلة في صعوده ما بلغها أي ملك مقرب ولا نبي مرسل ، وهذا دليل على صدق رسالته ومعجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم . ولهذا لما رجع إلى مكة قبل فجر تلك الليلة وأخبرهم بما رأى ازداد المؤمنون إيمانا ، وصارت تلك المعجزة سببا لانحراف بعضهم ، لكن أهل الإيمان الصادق ازدادوا إيمانا ، فالصديق رضي الله عنه لما أخبروه قال: (أنا أصدقه بخبر السماء أفلا أصدقه بهذا؟) . ولهذا لقب بالصديق لتصديقه بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . فالصديق رضي الله عنه لما أخبروه بخبر الإسراء صدقه في ذلك ، ولما استنكر ذلك قومه قال: (إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة) . فلذلك سمي أبو بكر الصديق . رواه الحاكم في مستدركه
وقال: صحيح على شرطهما ، ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي في تصحيحه .

س: ما حكم إيداع الأموال وادخارها في المصارف ، وما حكم الأرباح التي تضاف عليها كل عام ، علما بأن هذه الأرباح ضئيلة وهل تعد من الربا؟

ج: إيداع الأموال في المصارف بقصد الحصول على فائدة من خلال الإيداع ربا لا يجوز ؛ لأن هذا من ربا النسيئة ، فلا يجوز للمسلم فعله؛ ففي حديث جابر - رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال: هم سواء . رواه مسلم وأصله في البخاري . أيضا من حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه- إلى قوله: (وموكله) وهو عند أصحاب السنن أيضا .
وإذا كان من نصيحة فهي أن يكون الإيداع على شكل حساب جار ، أو تساهم به في مساهمات في شركات نافعة ، تكون أرباحها قابلة للزيادة والنقصان ، بخلاف البنوك التي تحدد الربح ، بل تضمنه ، فلا بد أن تكون المساهمة قابلة للربح والخسارة .

س: إذا كانت هناك مواقع في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) تعادي الإسلام وتبث أشياء غير أخلاقية ، فهل يحل لي إرسال فيروسات لتعطيل تلك المواقع وتخريبها؟

ج: الحمد لله: شبكة الإنترنت هذه من وسائل الاتصالات الحديثة ، السريعة في إيصال المعلومات ، الواسعة من حيث الانتشار وسهولة الوصول إليها ، وهي إن استغلت في الخير والدعوة إلى الله ونشر دين الله في أصقاع الأرض من قبل الأفراد والمؤسسات الإسلامية المختلفة ، فلا شك أنها من الجهاد في سبيل الله بالبيان واللسان ، ويجب على المسلمين استغلالها وتسخيرها لهذا الغرض السامي الخير .

أما المواقع الفاسدة المضلة والمضرة بعقائد المسلمين من خلال التلبيس والتشكيك ، والمضرة بأخلاقهم كذلك من خلال ما يعرض فيها من الدعوة إلى الفساد وتيسير طرقه ، وتعليم الناشئة لهذه الأمور وتربيتهم عليها من خلال ما يعرض فيها- فلا ريب أن هذا من أعظم المنكرات التي يجب التصدي لها وإنكارها وفق قواعد إنكار المنكر التي جاء بها النص من الكتاب والسنة ، وبينها وفضلها علماء الأمة ، والله تعالى يقول: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، ويقول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم .
فمن اطلع على موقع من هذه المواقع فوجد فيها تلك المفاسد فليغيرها بحسب ما يقتضيه الحال ؛ لأن هذا ضرر ، والضرر إن كان يزول من غير ضرر وجب إزالته ، وكذا إن زال بضرر أخف منه ، أما إن لم يزل إلا بضرر أعلى وأكثر فلا يزال بل يحتمل أدنى الضررين لدفع أعلاهما . فإن كانا محاربة مواقع الفساد بمثل هذه (الفيروسات) لا ينتج عنها ضرر أكبر من ضرر وجود تلك المواقع ، فإن هذا من أعمال القربات ومن الجهاد في سبيل الله . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية

س: ما حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية؟

ج: لا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية عنه ، كما لا يجوز له أن ينظر إليها؛ لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ الآية .
فإذا كان المؤمنون والمؤمنات قد أمروا بغض أبصارهم عن النظر إلى غير المحارم ، فكيف بالمصافحة التي فيها المماسة؟ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: . إني لا أصافح النساء قاله عند البيعة ، ). والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ، وما بايعهن إلا بقوله واللفظ للبخاري . هذا وهو نبي الله صلى الله عليه وسلم فكيف بمن هو دونه في التقى وأمن الفتنة؟ نسأل الله للجميع الفقه في الدين والعمل بسنة أفضل المرسلين .
الجمعة لا يدركها المسبوق إلا إذا أدرك ركعة

س: من أتى الجمعة ودخل مع الإمام والإمام في التشهد هل يعتبر أدرك صلاة الجمعة ويأتي بركعتين؟ أم يصليها ظهرا؟

ج: الجمعة لا يدركها المسبوق إلا إذا أدرك ركعة كاملة مع الإمام ، وذلك بأن يدرك ركوع تلك الركعة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة أخرجه الشيخان وغيرهما من أهل السنن وغيرهم . وفي لفظ النسائي : من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة . قال الإمام مالك - رحمه الله - في موطئه: ما جاء فيمن أدرك ركعة يوم الجمعة: عن ابن شهاب أنه كان يقول: من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى . قال ابن شهاب : وهي السنة . قال مالك : وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سننمن أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة . اهـ .

وقال الترمذي - رحمه الله- بعد روايته للحديث المتقدم: (هذا حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم . قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى ، ومن أدركهم جلوسا صلى أربعا . . . ) . انتهى المقصود من كلامه رحمه الله .
إذن الحال المذكورة في السؤال يجب على من حصلت له أن يصلي بعد سلام إمامه أربع ركعات ؛ لأنه إنما دخل مع إمامه وهو جالس . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الدعاء للمسافر

س: هل رفع اليدين في دعاء السفر ودخول المنزل وركوب الدابة مشروع؟

ج: لا أعلم نصا يدل على مشروعية ذلك ، إنما شرع الدعاء للمسافر وعند دخول المنزل ، لكن رفع اليدين لا أعلم ما يدل على استحبابه . والله أعلم .

س: التركة وماذا يجب نحوها بعد الوفاة ، أي الفترة التي يمكن للورثة فرزها وتوزيعها ، وهل يجب عمل حصر ورثة
للمتوفى ، وبماذا تنصحون الوالي على ذلك مما يبرئ الذمة ، خاصة وأن هناك تركة وعقارا يؤجر وأراضي ، وفقكم الله؟

ج: لا بد من حصر الورثة في المحكمة ، لأن حصر الورثة يحدد الوارثين من الميت ، فإذا حصر الورثة من قبل المحكمة الشرعية فينبغي المبادرة بحصر تركة الميت حصرا كاملا ، ويقضى دين الميت إن كان عليه دين ، وتخرج الوصية إن كانت هناك وصية . فإذا قضي الدين وأخرجت الوصايا ، قسموا الباقي على حسب الميراث الشرعي؛ لأن الله تعالى يقول في آيات المواريث بعد أن ذكر سبحانه الأنصبة:
مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ، فدل على أن الدين والوصية يخرجان من أصل التركة قبل القسمة ثم يقسم ما تبقى بعدهما . والله أعلم .

س: ترك لي والدي- رحمه الله- محلا تجاريا كبيرا ، وكان لا بد أن أترك وظيفتي لأهتم بشؤون ذلك المحل ، فما هي الشروط التي وضعها الإسلام لكي تكون التجارة حلالا وأراعي فيها وجه الله عز وجل؟

ج: عليك بتقوى الله عز وجل وإدارة هذا المتجر إدارة صالحة بعناية وإخلاص . وإن من أهم شروط التجارة الصالحة: الصدق في المعاملة والأمانة ، مع ما يجب عليك من تعلم ما يخص تجارتك من الأحكام الشرعية عن طريق مجالسة أهل العلم وسؤالهم عما يشكل عليك ؛ امتثالا لأمر الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .
هذا هو الواجب عليك الآن وقد دخلت في التجارة ، وإن كان معك في المحل ورثة من إخوة ونحوهم فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل ، وأداء الأمانة على الوجه المطلوب ، والتصرف في هذا المال بما هو الأصلح ، والحذر من التفريط والتساهل وتضييع حقوقهم أو أكلها والعياذ بالله ؛ فإنك تعلم أن أموال الأيتام مسؤولية عظيمة ، والله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ، وقال سبحانه: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ . ولا مانع من أن تطلب من القاضي الشرعي أن يخصص لك مبلغا من المال مقابل إدارتك لهذا المشروع . وفقنا الله وإياك وسائر إخواننا المسلمين للفقه في الدين والعمل بما يرضي رب العالمين ، وجنبنا جميعا مواضع الزلل ، ورزقنا الرزق الطيب المبارك الحلال . س: لي دين عند طالب علم ، وهو الآن تخرج وعاطل ولا يقوى على سداد هذا الدين ، وقد دفعت إليه الزكاة الواجبة في ذلك المبلغ ، فهل هذا العمل جائز أم لا؟ والأمر الآخر هل يجب علي إخراج الزكاة عن الدين الذي لم أقبضه حتى الآن؟ وهل يجوز إسقاط الدين الذي عليه لأنه عاجز وفقير واحتساب ذلك الدين من الزكاة؟ أفيدوني مأجورين؟
ج: الدين الذي في ذمة معسر لا يجب عليك زكاته إلا إذا استلمته فزكه لعام واحد؛ لأنه دين على معسر غير قادر على الوفاء ، فهذا الدين لا تجب زكاته ، ولكن إن زكيت هذا المال وأعطيته المدين فلا مانع منه . أما إذا كان على مليء قادر على الوفاء وجب أن تزكيه كل عام ، لأنه في حكم المال الذي في يدك ، وإن كان على معسرين أو مماطلين فإنك تزكيه إذا قبضته لعام واحد ، ولا يجوز أن تحتسب الدين على معسر مقابل الزكاة؛ لأن الزكاة أخذ وعطاء فلا يجوز لك ذلك ، ولأن في ذلك حماية لمالك بالزكاة .
س: لدي أكثر من قطعة أرض اشتريتها منذ زمن ، وأريد معرفة حكم الزكاة فيها ، وإذا كان فيها زكاة ، فهل يزكى الثمن الذي اشتريتها به؟ وهل تتم الزكاة عنها كل عام؟ علما بأن تقويم الأرض كل عام فيه بعض الصعوبة . أفيدونا جزاكم الله خيرا .
ج: إن كانت الأرض للتجارة فقط فإنك تقومها كل عام بقيمتها الحالية سواء وافقت الثمن أو نقصت أو زادت . أما إن كنت تستثمر الأراضي- بأن أقمت عليها مشروعا سكنيا مثلا أو تجاريا- فإنه لا زكاة عليها ، وإنما الزكاة في ريعها متى حال عليه الحول عندك . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

س: أتعجب لأمر كثير من المسلمين الذين يؤدون جميع الفرائض الدينية ولا يتورعون عن الكذب . فما حكم الشرع فيما يفعله هؤلاء؟ 5
ج: لا شك أن الكذب صفة ذميمة تدل على ضعف الإيمان ، بل هو من آية أهل النفاق ، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أن من آية المنافق أنه إذا حدث كذب .
ثم إن الكذب شر ، ومآله إلى شر ، يقول صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا أخرجه مسلم وغيره وأصله في البخاري . والواجب على المسلم تقوى الله والحذر من الكذب والترفع عنه . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

س: أنا شاب في مقتبل العمر ، صدمت رجلا بسيارتي ولكن دون قصد ؛ لأنني فوجئت به أمامي ، مما أدى إلى وفاة ذلك الرجل ، وقد دفعت الدية لأهله . وأسأل فضيلتكم هل يكون علي كفارة؟ وإن كانت فما هي؟ وهل للكفارة شروط؟

ج: عليك كفارة قتل الخطأ عتق رقبة ، فإن عجزت عنها فصيام شهرين متتابعين ستين يوما ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا . والله أعلم .

س: طالت المدة ما بين عقد القران وإتمام الزفاف ، ثم نشبت الخلافات وحدث الانفصال دون إتمام الزفاف . ما حكم الشرع في الزوجة التي لم يدخل بها ؟

ج: إذا كان الطلاق قد صدر منه بعد العقد وقبل أن يخلو بها خلوة نكاح فإن الطلاق يقع بائنا بطلقة واحدة ، ولا عدة على زوجته ، ولها نصف المهر؛ لقول الله تعالى: 237 وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الآية .

والمقصود بخلوة النكاح أن يجلس معها خاليا بمكان ليس معهم فيه أحد . والله أعلم .

س: هل يشترط في حل الذبيحة أن تكون التسمية عليها باللغة العربية وكذا لفظ الله أكبر؟

ج: التسمية على الذبيحة واجبة ، ومن استطاع الإتيان بها باللغة العربية التي جاء بها الشرع وجب عليه أن يأتي بها باللغة العربية . أما من لا يعرف اللغة العربية أو لا يستطيع النطق بالتسمية فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، وقد رفع الله عن هذه الأمة الحرج والحمد لله ، فأرجو أن تحل ذبيحته وتجزئ . والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

س: شخص يقول: هل يجب الدلك للتطهر من الجنابة؟ أم يكفي صب الماء على الجسم لتحقيق الطهارة؟
ج: إفاضة الماء على جسم من عليه جنابة كاف في الاغتسال منها إذا عم الماء جسده كله ، وإن لم يدلك بيديه جسده؛ وهذا هو قول جماعة الفقهاء وجمهور العلماء من السلف وغيرهم ، نقل ذلك عنهم ابن عبد البر - رحمه الله- وذلك أن السنة وردت بإفاضة الماء ولم ترد بالدلك ، فالاكتفاء بالإفاضة مع التعميم هو السنة وهو المجزئ؛ فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه ، ثم يفيض الماء على جسده كله أخرجه الشيخان وغيرهما .

س: هل يجوز لبس البنطلون بالنسبة للمرأة أمام زوجها والنساء الأجنبيات؟

ج: المرأة يجب أن تصان وتحفظ ، ولهذا خصت بالاحتجاب ، وترك إبداء الزينة ، وترك التبرج ، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ؛ لأن ظهور النساء لغير حاجة وإبداءهن للزينة سبب للفتنة . وهكذا أيضا يجب على النساء في لباسهن أن يراعين الستر والبعد عن كل ما من شأنه إثارة الشهوة أو التسبب للفتنة . ولبس البنطال للمرأة لا شك أنه مسبب للفتنة ، لما فيه من وصف للجسم الذي تحته فهو غير ساتر الستر المطلوب . والمرأة مع النساء يجب أن تحفظ نفسها مما يسبب الافتتان بها أو يلحق الضرر بها ، سواء كان النساء أجنبيات أو غير أجنبيات ، فمتى كان اللباس فاتنا حرم لبسه . والظاهر من حال البنطال أنه مسبب للفتنة ، فيجب على المرأة اجتنابه أمام النساء ،

وأمام الرجال يكون الأمر أعظم ، والمرأة عليها تقوى الله عز وجل ، والامتثال لأمره ونهيه ، والوقوف عند حدوده ، والله سبحانه خاطب نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهن أمهات المؤمنين وأتقى نساء العالمين ، فقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى .
أما لباس المرأة مع زوجها فهذا له شأن آخر ، فالزوج قد ملك منها ما هو أعظم من ذلك ، وقد أمرت بالتزين والتجمل والتحبب له . وفق الله الجميع لما يرضيه .

س: ما حكم شراء السلعة (كمنزل مثلا) عن طريق الشركات الاستثمارية (كالراجحي) حيث إنني عندما أشاهد المنزل أخبر الشركة بذلك ، فيشترونه نقدا ثم أشتريه منهم بالتقسيط ، حيث أدفع لهم المبلغ شهريا أو سنويا ، مع العلم أنهم يأخذون نسبة على ذلك قد تصل إلى 10% ؟

ج: لا يحل شراء سلعة إلا من شخص يملكها ملكا تاما ، فإذا ملك السلعة ملكا تاما ابتدئ بالتفاوض معه حول سعرها ، وأما الاتصال بهم والمفاوضة معهم قبل شراء السلعة وتعبئة استمارة وأخذ المقدم والاتفاق على السعر المؤخر قبل ملك السلعة فهذا اتفاق لاغ ولا يجوز ، فلا تبدأ معهم اتفاقا حتى يحوزوا السلعة ويملكوها ؛ لحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي ، أبتاع له من السوق ثم أبيعه . قال: لا تبع ما ليس عندك رواه الترمذي بهذا اللفظ ، وبنحوه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه في سننهم ، وأيضا الإمام أحمد في مسنده ، وغيرهم رحمهم الله . والله أعلم وبالله التوفيق .

س: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تذهب إلى الكوافير للتزين وللتجميل وذلك لأن تطور الحياة الاجتماعية في هذا العصر غير شكل الزينة وأساليبها ولم تعد المرأة تستطيع أن تقوم بزينتها في بيتها؟

ج: الحقيقة في هذا تكلف ، وفيه إنفاق للمال في غير سبيله ، وينبغي للنساء أن يحرصن على أن تكون هذه الأمور تتولاها المرأة بنفسها ، ولا ينبغي لها أن تذهب إلى هذه الأماكن ، فإنها أماكن استغلال ، وربما يقع محظور من التشبه بغير المسلمات والافتتان بما يعرض لها من منكرات ، هذا إذا كان يتولى ذلك امرأة . أما إذا تولاها رجل فهذا لا شك في تحريمه ، والواجب منع ذلك والتحذير منه . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، وجنبنا جميعا ما يسخطه ويأباه .

س: هل يجوز إخراج أموال الزكاة والصدقات والكفارات إلى فقراء المسلمين في الخارج أم يجب صرفها إلى فقراء البلد؟

ج: جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في خبر بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أنه أمره بأمور ومنها: . . . فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموآله م تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم متفق عليه ، واللفظ للبخاري . فالزكاة تدفع لأهل البلد ، فإن حصل فضل جاز نقله إلى غيرها من البلدان . والله أعلم .

س: هل ينال المسلم أجر قراءة القرآن الكريم إذا اكتفى بالسماع؟
ج: لا شك أن الاستماع فيه خير ، ولكن فضل القراءة أكثر ، وقد ورد الفضل في القراءة ؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب متفق عليه . ولهما أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران . وروى الخمسة إلا النسائي قوله صلى الله عليه وسلم: يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وقال ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول: ألم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف رواه الترمذي وغيره . أما الاستماع ففيه فضل ، لكن القراءة أعظم فضلا .

س: قرأت في كتاب الكبائر عن إثم ( المكس أو المكاس) فما المكس؟

ج: المكوس هي الأموال المأخوذة بغير الحق . وقد جاء ذكر المكس في بعض الأحاديث في المسند وبعض السنن ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة صاحب مكس ، وقوله صلى الله عليه وسلم: صاحب المكس في النار .
س: هل يجوز الرقص والغناء في ليلة الزفاف والضرب على الدف والطبول والتصفيق؟

ج: السنة ضرب الدف لإعلان النكاح وذلك للنساء خاصة ، وما زاد على الدف فإنه من الأمور التي لا تليق بالمسلمة ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا هذا النكاح واضربوا على الدف ، لأن هذا إعلان وإظهار للنكاح ، وما سوى الدف فأمور لا تخلو من أن تكون مكروهة أو قد تكون أمورا محرمة .
مجلة البحوث الإسلامية العدد الستون - الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1421هـ

متبع السنة
01-14-2008, 10:34 PM
أحسنت وجزاك الله خيراً فتاوى مدعمة بالدليل من إمام فاضل نسأل الله لنا وله الثبات على الدين .

عبدالعزيز النجدي
01-15-2008, 01:19 PM
جزاك الله خير

بوعائشة
01-16-2008, 11:44 AM
بارك الله فيك ونفع بهذه الفتاوى الأسلام والمسلمين
وحفظ الله سماحة الشيخ من كل سوء

هادي بن علي
04-13-2008, 10:08 PM
جزاكم الله خيرا

12d8c7a34f47c2e9d3==