المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المنهج الصحيح في التعامل مع الشائعات والفتن / المفتي العام للمملكة السعودية


كيف حالك ؟

بن حمد الأثري
10-25-2007, 02:35 PM
المنهج الصحيح في التعامل مع الشائعات والفتن / المفتي العام للمملكة السعودية

نوه سماحة مفتى عام المملكة ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ بما وفرته وبذلته المملكة من خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام وما قامت به من تطوير لعمارة الحرمين الشريفين وما وفرته بهما من خدمات عظيمة مما يسر لضيوف الرحمن أداء نسكهم ومن عليهم بالأداء وهم في أمن وطمأنينة وراحة بال.

وقال سماحته في المحاضرة التي ألقاها بكلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة أم القرى بعنوان ؛المنهج الصحيح في التعامل مع الشائعات والفتن « إن دين الإسلام دين الشمول والعموم لأن الله جل وعلا ختم به كل الأديان وختم بنبيه جميع الرسالات وبالكتاب العزيز كل الكتب وجعل هذا الدين ختام الأديان كلها فهو جامع لما قبله وهو المهيمن على ذلك فهو كفيل بحل كل المشاكل.

وأضاف يقول: يتساءل البعض عن هذه الشائعات ما موقف الإسلام منها هل في شريعتنا علاج لتلك الشائعات وهل في شريعتنا علاج لهذه الفتن وكيف التخلص منها على ضوء الكتاب والسنة فأطمئن إخوتي بأن شريعة الإسلام لم تهمل هذا الجانب, بل عالجته العلاج الصحيح الناجع والنافع بأن عالجته من أصله فلم تدعه ينتشر ولا يسري وإنما جففت ينابيعه من الأصل بما جاءت به من تعاليم سامية وتوجيهات قي مة.

وبين سماحته أن الله جعل من أخلاق المؤمنين وصفاتهم الحميدة الصدق في القول, مفيدا أن الصدق من علامات المؤمن ومن أخلاقه وصفاته, فأهل الإسلام أهل صدق فيما يقولون ويخبرون ويعملون صدقا في الظاهر والباطن سلم القلب واستقام فاستقام اللسان على الخير والهدى.

وأشار إلى أن الكذب خلق المنافق والصدق خلق المؤمن, مشيرا إلى أن الصدق يهدي إلى البر وأن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال العبد يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا , وأن الكذب يهدي إلى الفجور وأن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا , فالصدق خلق المؤمن دائما وأبدا صدق الله في إيمانه وأقواله ومعاملته وصدق نفسه وإخوانه في تعامله فيما بينه وبينهم.

وأكد سماحة مفتي عام المملكة أن الأمة إذا التزمت الصدق في القول فيما تخبر به وفيما تتحدث عنه فإن الشائعات يختفي دورها في مجتمعنا, فالشائعات لا محل لها بين المجتمع المسلم الصادق, فدين الإسلام جاءنا بالعدل في أقوالنا وأرشدنا إلى العدل في أفعالنا وحقيقة العدل في القول ألا نجور فيما نقول ولا نظلم فيما نقول وإنما نتحدث عن حق واقع فالمطلوب من المسلم أن يعدل في الأقوال والأفعال ليكون مؤمنا حقا, والشائعات في الغالب لا عدل فيها هي شائعة وأخبار مستقاة من غير مصادرها متلقاة من غير ثقاتها هدفها الضرر العام وليس هدفها المصلحة, فإذا صدقنا وعدنا كنا مساهمين في الإقلال من الشائعات.

وأضاف قائلا : لا يخلو أي مجتمع من نقص في بعض أفراده ومن وجود أخطاء في بعض أفراده وهذه سن ة الله جل وعلا في خلقه أن الناس متفاوتون في إيمانهم متفاوتون في عقولهم ومداركهم لما لله في ذلك من الحكمة العظيمة فليس الناس على حد سواء في العقل والإدراك واستيعاب الأشياء وتصورها على الحقيقة, فكل له اتجاهه ومسلكه, ومن الناس من لا تمييز عنده ولا فحص عنده إنما هو مكبر صوت لكل ما يقال يشيع ليبلغ بنفسه كل ما سمع دون تمييز ولا فحص للأقوال ومنهم من يطمئن ويتأنى ويفكر طويلا ويتامل طويلا أيقدم على هذا القول أم لا, ينظر إلى هذا القول من جميع الجوانب ما هي علامة الصدق عليه وما هي علامة الكذب عليه هذا القول يمر بمراحل فيقلبه ذات اليمين و ذات الشمال, حتى إما أن يقبله وإما أن يرده وهذه هي البصيرة والفكر الصائب الذي لا تروج عليه الأباطيل.

وقال الإشاعة إشاعة على اسمها وإذاعة وإعلام لكنها لا تعتمد على الواقعية إنما هي إشاعة غالبها مبني على عدم الثقة بمشيعها وإنما مجرد بث صوت وإيصال الصوت إلى أبعد مكان دون التأمل فيه وأن نبينا صلى الله عليه وسلم حذ رنا من أن نشيع الأقوال بدون ترو فقال:(( بئس مطية القوم زعموا)) , وقال:(( كفى بالمرء كذبا أن يحد ث بكل ما سمع)) . فمن حد ث بكل ما سمع فإنه لا يخلو من كذب وإن لم يكن هو في نفسه كاذبا لكن القول الذي نقله كذب فينسب الكذب إليه من لا يدري عن حقيقة الأمر.

وقسم سماحة مفتي عام المملكة الشائعات إلى عدة أقسام ومنها:

شائعات من حيث الفرد وشائعات على المجتمع عموما وشائعات تثار حول فرد ما وشائعات تثار حول المجتمع عامة, والمسلم موقفه التثبت في الأمور كلها .

وقال أدب من ربنا لنا إن جاءنا فاسق بنبأ أن نتثبت وأن نترو وألا نقبل القول على علا ته, بل ننظر فيه أحق هو أم غير حق, فبعد التبين نحكم على الخبر صحة أو عدمها. ويشاع أحيانا عن الفرد أشياء ولو تأملها المسلم لتبصر في الأمر فبعض الناس يشيع عن الناس أشياء مغرضة لقصد تحطيم ذلك الإنسان وإذلاله والقضاء على معنويته سواء كان مسؤولا فيحب أن يحط من قدره ويشوه سمعته ويلفق به ما هو براء, منه ويأخذ من هذا رواية ومن هذا رواية ويكون أساطير وأكاذيب من أجل الانتقام من ذلك الإنسان وأن الشريعة الإسلامية ضد ذلك كله, المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

وأكد: إذا أراد الفرد أن يكون مسلما حقا فليسلم المسلمون من شر لسانه لا ترميهم بالعظائم لا تلفق التهم عليهم لا تنسب إليهم ما هم براء منه لا تقل فيهم ما ليس فيهم .

وبين سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن الإسلام قضى على الشائعات في الفرد, ففي مجال الأعراض إذا أشاع شخص عن مسلم أنه ارتكب جريمة أخلاقية توجب حدا من الحدود فاعلم أنك بذلك أخطأت ووقعت في المحذور ولا ينجيك من هذا الخطأ الا بينة واضحة تدل على صدق قولك وإلا طبقت عليك العقوبة الشرعية, حيث جعل الإسلام عقوبة هذه الشائعات جلد الحد ثمانين ورد الشهادة والحكم بالفسق, مؤكدا أن ضعف الإيمان هو الذي حمل بعض الأفراد على إثارة الشائعات.

وأبان أن كثيرا من هذه الشائعات في هذا العصر محطها الآن بعض أجهزة الاتصالات كالإنترنت وأمثالها, فتراها مليئة بالشتائم والسباب وتلفيق التهم بالمسلمين كل يقول ما ساغ له لأنه لا إيمان له يحجزه عن أن يقول في الناس ما ليس بحق, مشيرا إلى أن هناك إشاعة أيضا بأن يضاف للإنسان ما هو بريء منه فيقال هذا يسلك المسلك الفلاني ومنهجه كذا ومعتقده كذا وعقيدته كذا وطائفته كذا ويصنفون الناس أصنافا متعددة كذبا وافتراء وهم يعلمون كذبهم لكن الهوى يعمى ويصم.

وكشف المفتي العام أن هناك شائعات سيئة وأعظمها ما يشاع عن تكفير بعض الناس وتبديع بعض الناس وتفسيق بعض الناس وبلي المسلمون بأناس قل علمهم وضعف إيمانهم وقلت مداركهم وأصبح التكفير والتفسيق والتبديع والتضليل خلقا لهم في الناس تسمعهم دائما فلان كافر وفلان مبتدع وفلان فاسق, متسائلا سماحته: لماذا كفرت هذا استبنت الكفر عن علم, هل سمعت منه تكذيبا لله ورسوله هل سمعت منه تحليلا للحرام المجمع عليه او تحريما للحلال أو سب الله ورسوله ودينه ماذا حملك على التكفير?

ومضى سماحته يقول : ؛حمله على التكفير أنه اختلف معه في قضية ما من القضايا, فالمحك الاختلاف والاتفاق أن وافقته في هواه ورأيه فأنت المؤمن الكامل وإن خالفته في رأيه وتصوره فأنت الكافر الضال المبتدع فأصبح التكفير والتبديع والتفسيق أمورا يمليها الهوى وضعف الإيمان ولو علم أولئك ما يترتب على ذلك من البلايا لأحجموا عن ذلك وقوم أحيانا لا يحسنون الوضوء في صلاتهم ولا يعرفون أحكام الدين وليس لهم قدم راسخ في العلم في شباب خدع وغر ر به تراه يتحدث عن تكفير هذا وتبديع هذا وتفسيق هذا لماذا إشاعة هذه الأشياء? مؤكدا أن إشاعته لذلك هو ضعف الإيمان عنده فهو لا يبالي بما يقول وهذا كله من الخطأ والنقص, فالواجب تقوى الله وأن نمسك ألسنتنا عما لا يعنينا وألا نقول إلا ما نحن عليه يقينا جازما وننصح ونتعاون فيما بيننا ونتصل بمن قيل عنه لنعرف هل ما قيل حق أم باطل وكذب?

وتطرق سماحته إلى آثار الشائعات في تفريق صفوف المجتمع المسلم وتبديد شمله وتفريق كلمته لأن خطرها عظيم, لا بد للمجتمع أن يعالجها وفق قواعد الشرع, فالعلماء في تعليمهم وتوجيههم والدعاة في أساليبهم والخطباء في منابرهم والإعلاميون في وسائل إعلامهم لا بد أن تتضافر الجهود لنقطع خط الرجعة عن أولئك المكفرين والمبدعين الذين تنطلق منهم هذه الكلمات البذيئة بلا روية ولا تعقل, فيجب علينا أن نتكاتف وتتضافر الجهود في سبيل تضييقها والقضاء عليها, أمة ربما غر ر بها فكفروا وبدعوا واستباحوا دماء المسلمين محذرا سماحته من هذه الأفكار السيئة والإشاعات الباطلة ولنكن على حذر منها ومن أهلها ألا يزجوا بنا ولا بمجتمعنا في هذه الهوة السحيقة التي لا نجني وراءها إلا الشر والبلاء.

وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ : إن مجتمعنا مجتمع مسلم تعلو فيه شعائر الإسلام ويحكم فيه شرع الله وأن الأخطاء لا أحد معصوم منها ولكن الخطأ يعالج بالحق لا بالباطل ومن الشائعات ما يشيعه ضعفاء الإيمان ليضعفوا كيان الأمة أمام الأحداث ويرجفوا بها ويقولوا أقوالا بعيدة عن الواقع لأجل الارجاف بالمسلمين وهم بهذا يشابهون المنافقين فمن الناس حيال الفتن من يشيع إشاعات باطلة يريد فت عضد الأمة وأن يزيد الشر شرا والبلاء بلاء بدل أن يثبت المسلمين ويقوى شأنهم ويربط قلوبهم ويقوى وحدتهم ويجمع كلمتهم يشيع ما يشيع إرجافا بالأمة وتخذيلا لها وتثبيطا لعزائمها لكى تستسيغ كل ما يسمع .

واستطرد سماحته قائلا : ؛نعلم أيها الإخوة أن أعداءنا يستعملون في إعلامهم الحرب النفسية ضد الأمة بكل ما أوتوا من أسلوب وبإمكانات وربما استغلوا بعض ضعفاء المسلمين وضعفاء البصائر من الأمة لكي يكونوا عونا لهم على تنفيذ مرادهم ومقصودهم« محذرا سماحته من ذلك وأن تكون عزائمنا قوية والتفافنا حول قيادتنا التفافا قويا ثابتا يشد الأزر ويقوي العزائم ونكون كالصف الواحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا دون أن نصغي إلى إشاعات فيها الارجاف والتهويل وإضعاف شأن الأمة وأن هذه الفتن والمصائب يجب على المسلمين أن يرجعوا إلى ربهم قبل كل شيء ولنحذر أن نصغي إلى الأراجيف والأباطيل فأعداؤنا دائما يحاولون تثبيط عزائمنا وإضعاف نفوسنا إعلام جائر يصور الأشياء على غير حقائقها وينشر الأكاذيب وربما كانت على أيدي بعض أفراد المسلمين ممن لا بصيرة عندهم ولا وعي صحيح يدركون به الأخطاء ويتصورون به الواقع على حقيقته.

وقال سماحته: إن ولاة الأمر يرجع إليهم بعد الله أمام هذه الفتن والمدلهمات لحل المشاكل التي تجنب الأمة تلك المصائب وتحقق لهم الخير وهذا ما نأمله وأن ولاة أمرنا يسيرون على النهج القويم زادهم الله هداية وتوفيقا , مشددا على أن نكون على حذر من كل ما نسمع سواء في حق فرد أو جماعة أو في حق الأفراد أو الأمة ونكون على حذر مما يشاع ويذاع وأن نتبصر في الأمور وألا نعطي للعدو فرصة في أن يجلب علينا أكاذيب وأراجيف وحربا نفسية يحطم به كياننا ويضعف به عزائمنا.
بعد ذلك أجاب سماحة مفتى عام المملكة على أسئلة واستفسارات الحضور.

المصدر : مجلة الدعوة * العدد 1881* 26 من ذي الحجة 1423.

بن حمد الأثري
05-28-2008, 12:34 PM
** للرفع **

12d8c7a34f47c2e9d3==