المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السعودية تتصدى لجرائم الإنترنت.. بالسجن والغرامات المالية


كيف حالك ؟

بن حمد الأثري
10-24-2007, 03:46 PM
السعودية تتصدى لجرائم الإنترنت.. بالسجن والغرامات المالية

د. السويل: صدور النظام نتيجة الإفرازات السلبية لاستخدامات التقنية > د. العبود: يكافح ما هو أبعد من عمليات التلاعب بسوق الأسهم

الرياض: تركي الصهيل وعبد الإله الخليفي

وسط غياب الإحصاءات الرسمية الدالة على حجم جرائم الانترنت، تتجه السعودية خلال الأشهر القليلة المقبلة (لا تزيد على 4 أشهر)، لتطبيق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي في 26 مارس (آذار) الماضي، والذي سيعمل به بعد 120 يوما، من نشره في الجريدة الرسمية.

وحتى ذلك الوقت، سيقع الكثير من الجرائم المعلوماتية، التي يحاسب عليها هذا النظام، والذي حدد عقوبات مالية، وعقوبات بالسجن، لمرتكبي تلك الجرائم.

إقرار نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، جاء بالتوازي مع بدء الحكومة السعودية أولى خطواتها الفعلية تجاه تطبيق الحكومة الالكترونية، وهي التي دشنت في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، 4 مشروعات تدفع باتجاه تطبيق التعاملات الالكترونية الحكومية، على نحو يحافظ على الأمن المعلوماتي الوطني.

وعول خبراء في مجال التقنية، على نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، في ناحية الحد من جرائم الانترنت، التي قال عنها الدكتور فهد العبود عضو لجنة النقل الاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى السعودي، «إنها ليست بالكثيرة».

وروى العبود لـ«الشرق الأوسط» فكرة نشوء هذا النظام في بداياته، حيث كانت الحكومة تسعى إلى سد الثغرة النظامية في المادتين 37 و38 من نظام الاتصالات المعمول به حاليا، وذلك «عند نشوء مشاكل اختراق الإنترنت ومشاكل البلوتوث وكاميرا الجوال وغيرها».

وعلى الرغم من استجابة لجنة الاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى، للطلب الحكومي، إلا أنها رأت أن التعديل غير كاف للقضاء على مثل هذه الجرائم، وهو الأمر الذي قامت اللجنة على إثره بإصدار توصية وجهتها لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، متضمنة ضرورة سن نظام لمكافحة الجرائم المعلوماتية، وهو ما تم فعلا، حيث أعدت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مسودة النظام بالتعاون مع الوزارة، حتى صدر أخيرا بصيغته الحالية، بعد أن درسته اللجنة الشورية، دراسة مستفيضة، وفقا للعبود.

وتتجاوز مجموع العقوبات المالية الواردة في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية مبلغ الـ11 مليون ريال، موزعة بالتفاوت المبني على فداحة الجرم الالكتروني المرتكب. ويتضمن النظام «الحد من نشوء جرائم المعلوماتية؛ وذلك بتحديد تلك الجرائم والعقوبات المقررة لها، وهو الذي فرض عقوبة بالسجن مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحداهما، على كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المنصوص عليها في النظام، ومنها الدخول غير المشروع إلى موقع إلكتروني، أو الدخول إلى موقع إلكتروني لتغيير تصاميم هذا الموقع أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله أو شغل عنوانه، أو المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا أو ما في حكمها؛ بقصد التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة، كأدنى عقوبة ترد في النظام، فيما فرض عقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحداهما على كل شخص ينشئ موقعا لمنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره لتسهيل الاتصال بقيادات تلك المنظمات أو ترويج أفكارها أو نشر كيفية تصنيع المتفجرات، كأقصى عقوبة فيه».

وبالرغم من صرامة العقوبات التي فرضها النظام، وهو ما يشير إلى استنادها إلى وجود إحصائيات رسمية تدل على حجم جرائم الانترنت المرصودة، إلا أن العبود أكد على عدم وجود إحصائية رسمية بهذا الصدد. وقال «أن جرائم الانترنت لم تصل إلى حد الظاهرة في السعودية».

وشكّلت «جرائم الإنترنت» التي لازالت تمارس باستمرار بين الحين والآخر تهديداً حقيقيا لمواقع الجهات الرسمية من مؤسسات ودوائر حكومية وخاصة من مؤسسات أهلية وشركات، وهو الأمر الذي كان قد علّق سؤالاً طيلة السنوات الماضية عن مستوى الحماية على شبكة الإنترنت في السعودية، في الوقت الذي كانت فيه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، هي الجهة المسؤولة عن الإشراف على مواقع الإنترنت داخل البلاد بدون مسؤولية عن حماية تلك المواقع من الاختراق والجرائم الإلكترونية، قبل أن تنتقل مسؤولية الإشراف على الشبكة العنكبوتية إلى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.

وحسم مجلس الوزراء السعودي مارس (آذار) الماضي، مخاوف كثيرة، شهدت تزايداً في أوساط المستخدمين وأصحاب المواقع والشركات، بشأن القدرة على تعقب مجرمي الإنترنت، بعد أن أقر المجلس مشروع نظام لمكافحة جرائم المعلوماتية.

ولم يكن هناك بد للباحثين والمهتمين بشأن الجريمة الالكترونية، في ظل غياب الإحصاءات الرسمية بهذا الشأن، أن يخوضوا في اجتهادات توثيقية لنسبة الجرائم الالكترونية المرصودة في السعودية.

وأظهرت دراسة، أعدها العقيد محمد منشاوي الباحث في جرائم الإنترنت، أن 548 شخصاً من مستخدمي شبكة الإنترنت في المجتمع السعودي المشاركين في الدراسة، أو ما نسبته 5.6 في المائة، قاموا باختراق المواقع الحكومية، يمثّل السعوديون منهم 3.6 في المائة، ويمثّل الأجانب 2.0 في المائة. وأشارت الدراسة إلى أنّ 529 شخصاً من مستخدمي الإنترنت في المجتمع السعودي المشاركين في الدراسة ما نسبته 5.3 في المائة، منهم 3.5 في المائة سعوديون، و1.8 في المائة غير سعوديين، قاموا باختراق المواقع التجارية، وهي نسبة قريبة من نسبة اختراق المواقع الحكومية 5.6 في المائة. وأوضحت مسوحات المنشاوي أن نسبة اختراق المواقع الشخصية بلغت 8.9 في المائة، ويمثّل المخترقون السعوديون نسبة 6.5 في المائة مقابل 2.4 في المائة لغير السعوديين. وعن مستويات المواقع المخترقة وموقعها، وهل هي محلية أم عربية أم عالمية، أفادت دراسة العقيد منشاوي أنه تمّ تحديد مستوى المواقع المخترقة بحسب تصنيف الدراسة لجنسيات مستخدمي شبكة الإنترنت في المجتمع السعودي وهي: المواقع المحلية (السعودية): حيث يمثّل حجم المواقع المحلية المخترقة 13.2 في المائة وهي أعلى نسبة بيّنتها نتائج الدراسة مقارنة بالمواقع الأخرى، وكانت نسبة المخترقين السعوديين منهم 11.5 في المائة وغير السعوديين 1.7 في المائة. وأظهرت الدراسات أنّ نسبة 14.2 في المائة من المجموع الكلي للمستخدمين السعوديين يخترقون المواقع السعودية مقارنة بنسبة 8.9 في المائة من المجموع الكلي للمستخدمين غير السعوديين. وبحسب المنشاوي فإن المواقع الخليجية المخترقة تأتي في المرتبة الثالثة من بين المواقع المستهدفة من قبل مستخدمي شبكة الإنترنت في السعودية، بنسبة 5 في المائة من مجموع المواقع المخترقة، يمثّل المخترقون السعوديون منهم 3.3 في المائة والأجانب 1.7 في المائة، أمّا نسبة المخترقين السعوديين فقد كانت 4 في المائة من المجموع العام.

وأمام ذلك، أرجع الدكتور فهد العبود، وهو عضو في لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بمجلس الشورى، وخبير في التقنية، أرجع غياب الاحصاءات الرسمية، إلى حداثة القوانين والأنظمة المعلوماتية، في معظم دول العالم، مرجعا السبب في ظهور هذه الأنظمة لوجود توجه عالمي كبير نحو العمل بتطبيقات المعلوماتية المختلفة سواءً كانت حكومة إلكترونية أو تجارة إلكترونية أو تعليم إلكتروني أو غيره.وراجت في السعودية، خلال مرحلة طفرة الأسهم، والتي لا تزال قائمة حتى اللحظة، قضايا تتعلق بالتلاعب بالسوق السعودية عبر عمليات الشراء والبيع الوهمية، وهو ما أدخل الكثير من المستثمرين في تلك السوق، دائرة الخسارة والإفلاس.

وفي هذا الإطار، أكد العبود، أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، يشمل ما هو أبعد من جرائم التلاعب بسوق الأسهم السعودية، وذلك عبر مادته الرابعة التي نصت على إيقاع عقوبة السجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على مليوني ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، بحق كل شخص يرتكب جرائم الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع هذا السند، وذلك عن طريق الاحتيال أو اتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة، أو بحق من يصل دون وجه حق إلى بيانات بنكية أو ائتمانية أو بيانات متعلقة بملكية أوراق مالية للحصول على بيانات أو معلومات أو أموال أو ما تنتجه من خدمات، لافتا إلى أن هناك مواد أخرى في النظام تنص على تجريم التلاعب الإلكتروني بأي مقدرات أو مكتسبات أو أموال أو غيرها.

وأبدى الدكتور العبود، تفاؤلا كبيرا في مقدرة هذا النظام، على الحد من الجرائم المعلوماتية. وقال: «أتوقع أن يحد هذا النظام من انتشار جرائم المعلوماتية كثيراً، لأن المثل يقول (من أمن العقوبة أساء الأدب)، ولكن الحال هنا تختلف فالعقوبة موجودة ورادعة». وينبع تفاؤل العبود في نجاعة هذا النظام بالتصدي للجرائم الالكترونية، لما نص عليه من عقوبات رادعة ومغلظة، ولتحوطه من وقوع جرائم معلوماتية قد لا تكون معروفة حالياً، لأن التقنية، وفقا له، تتطور باستمرار ولا تقف عند حد وتأتي كل يوم بجديد، «ولذا فقد نصت بعض مواد النظام على أن الجريمة المعلوماتية هي كل فعل غير مشروع يرتكب متضمناً استخدام الحاسب الآلي أو الإنترنت أو أي وسيلة أخرى من وسائل تقنيات المعلومات أو ما في حكمها، تحسباً لأي جرائم معلوماتية جديدة قد تطرأ». ومع دخول السعودية لمرحلة جديدة، ستكون فيها الحكومة الالكترونية خيارها الأول في تعاملاتها اليومية، لفت العبود إلى أن هذا النظام سوف يكون محفزاً ومشجعاً على تطبيقها والعمل بها، «لأنه سوف يضمن أن تتم التعاملات الإلكترونية عبر قنوات إلكترونية آمنة، وفي حالة حدوث اختراق أو مخالفة فإن النظام كفيل بحفظ حقوق المستفيدين، وإيقاع العقوبة بالمجرم. كما أن هذا النظام سوف يسهم في نشر الاستخدامات الإيجابية للتقنية».

وتزامن مع إقرار مجلس الوزراء السعودي نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، إقراره أيضا، نظام التعاملات الالكترونية، وهما النظامان اللذان عملت على إعدادهما هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، بالتعاون مع الوزارة الأم.

وأكد الدكتور محمد السويل، محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، أن هيئته ستتولى تقديم الدعم والمساندة للجهات المختصة، حيث سيتم ذلك وفقاً لاختصاص الهيئة، حسبما حدده نظام الاتصالات ولائحته التنفيذية وتنظيم الهيئة، وكذلك نظام التعاملات الالكترونية ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

ونصت المادة الرابعة عشرة من نظام جرائم المعلوماتية على أن تتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفقاً لاختصاصاتها تقديم الدعم الفني والمساندة الفنية للجهات المختصة خلال مراحل ضبط هذه الجرائم والتحقيق فيها وأثناء المحاكمة.

وأرجع الدكتور السويل في حديث لـ«الشرق الأوسط»، صدور هذا النظام، لما قال عنها إفرازات سلبية لاستخدامات التقنية، ومنها ظهور ما يعرف بالجريمة الالكترونية التي انتشرت في شتى أنحاء العالم مؤخراً والتي من خلالها يتمكن الجاني وباستخدام التقنية من إلحاق الضرر بالغير إما بالتشهير أو الابتزاز أو الاعتداء على الخصوصية والاستيلاء بطريقة غير مشروعة على أموال أو سندات بنكية وما إلى ذلك، مشددا على ضرورة أن تكون هناك بيئة تنظيمية لمكافحة تلك الإفرازات، تحددها ماهية الجريمة الالكترونية ونوعها والعقوبات المقررة والاختصاص الإجرائي والقضائي للتعامل مع هذه الجرائم.

وأكد محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية، على أن الهدف الأساسي من وجود نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، هو الحد من وقوع تلك الجرائم. وقال «ينتظر أن يسهم هذا النظام بشكل ملموس في الحد من هذه الجرائم بما يؤدي إلى المساعدة على تحقيق الأمن المعلوماتي وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكة المعلوماتية وبما يكفل حماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة والاقتصاد الوطني».

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=43&article=414319&issue=10359

12d8c7a34f47c2e9d3==