المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهة رافضية ، وردها من العلامة ابن الجوزي في " كشف المشكل"


كيف حالك ؟

بن حمد الأثري
10-23-2007, 07:18 PM
شبهة رافضية ، وردها من العلامة ابن الجوزي في " كشف المشكل" :
في الصحيحين : أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ ، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ " فَقَالَ : وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا.
قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ].
قال الإمام العلامة ابن الجوزي في " كشف المشكل " :
[ قد اعترض على هذا الحديث بعض الرافضة ، فقال : لا يخلو أن يكون هؤلاء كفارا أو مسلمين : فإن كانوا كفارا فكيف قال : لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فجعل علة قتالهم ترك الزكاة لا الكفر ؟ ثم كيف يشكل قتال الكفار على عمر؟
وإن كانوا مسلمين فكيف استحل قتلهم ، وسبي ذراريهم ؟
كيف قال لو منعوني عناقا - أو عقالا - والعناق والعقال لا يؤخذان في الزكاة؟
ثم كيف يقول عمر : رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق ، وظاهر هذا أنه وافقه بلا دليل ؟
والجواب :
أن أهل الردة في زمن أبي بكر انقسموا فرقتين : ففرقة عادت إلى الكفر ، وهم المذكورون في قوله : "وكفر من كفر من العرب" ، وفرقة فرقت بين الصلاة والزكاة ، فأقرت بالصلاة دون الزكاة ، فهؤلاء بغاة ، غير أنهم لم يُسموا بذلك لدخولهم في فريق المرتدين ، فأضيف الاسم إلى الردة لكونها أعظم الأمرين
وأرخ مبدأ قتال البغاة بأيام علي – رضي الله عنه - إذ كانوا في زمانه منفردين لم يختلطوا بالمشركين ، وإنما سميناهم بغاة لقرب العهد وجهلهم بأمر الشرع ، بخلاف ما لو سعت اليوم طائفة تجحد الزكاة فإنما نسميها كافرة لا باغية ، لأن وجوب الزكاة قد استفاض ، وفي أحوال أولئك البغاة وقعت الشبهة لعمر ، فراجع أبا بكر تعلقا بظاهر لفظ الرسول قبل أن يتأمل المعنى ؛ فقال أبو بكر : "إن الزكاة حق المال " يفسر له قول النبي {صلى الله عليه وسلم} : "إلا بحقه " ، فبان الدليل لعمر، فوافق لذلك لا بالتقليد ، وهو المراد بقوله : "فما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال " أي : فهمه ما يوجب عليه أن يقاتل.
وأما ما جرى على أولئك من السبي ، فأمر رأته الصحابة من باب الاجتهاد في ذلك الوقت ، واستولد علي جارية من سبي بني حنيفة ، فولدت له محمد بن علي ، ثم لم ينقرض ذلك العهد حتى تغير اجتهاد الصحابة ، فاتفقوا على أن المرتد لا يسبى.
وأما قوله : " لو منعوني عناقا " فالعناق اسم للأنثى من المعز أول سنة الوضع ، ويقال للذكر جدي ، وهذا يدل على أن الزكاة تجب في صغار الغنم ، وعندنا أنها تجب في الصغار إذا انفردت وبلغت نصابا ، ويخرج منها سواء ابتدأ ملكها من أول الحول ، أو نتجت عنه وهلكت الأمهات قبل الحول ، وهذا قول مالك ، والشافعي ، وأبي يوسف ،وزفر ، إلا أن مالكا وزفر يقولان : تجب في الكبيرة من جنسها ، وفيه ثانية عن أحمد: لا تجب الزكاة في الصغار إذا انفردت ، وهو قول أبي حنيفة ، ومحمد ، وداود .
فأما قوله : " لو منعوني عقالا " فالعقال : اسم مشترك يقع على الذي يشد به البعير، فإن أراد ذلك ، فهو للمبالغة ، ويقع العقال على صدقة عام ، قال الأصمعي : العقال زكاة عام وأنشد:
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا
فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
والمعنى : أخذ عمرو صدقة عام ، والسبد الشعر ، واللبد الصوف ؛
قال أبو عبيد : ومنه حديث ابن أبي ذباب : أن عمر أخر الصدقة عام الرمادة ، فلما أحيا الناس ، بعثني فقال : اعقل عليهم عقالين ، فاقسم فيهم عقالا ، وائتني بالآخر. فهذا يشهد أن العقال صدقة عام.
وقوله : " وحسابهم على الله " أي : فيما يستسرون ويخلون به ، لا فيما يخلون به من الأحكام الظاهرة].

[منقول]

12d8c7a34f47c2e9d3==