المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة حول بيان الفرق بين:( مولاة الكافرين،وتوليهم)


كيف حالك ؟

خالد الردادي
12-21-2003, 12:42 AM
[B]دراسة حول بيان الفرق بين:( مولاة الكافرين،وتوليهم)


الحمدلله وحده،والصلاة على من لانبي بعده ..

وبعد:

ففي خضم الأحداث الراهنة رأينا من عصفت به رياحها فصار يتحدث بل ويفتي بله ويصنف الكتب والدراسات دون تأصيل علمي ورجوع للعلماء الراسخين في العلم ممن عرفوا بسلامة المعتقد ولزوم السنة.
قال تعالى:(وإذاجاءهم أمر من الأمن أوالخوف أذاعوابه ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمرمنهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)
قال الإمام ابن جرير في "تفسيره"(5/114):
" يعني جلّ ثناؤه بقوله:( ولو ردّوه): الأمر الذي نالهم من عدوّهم والمسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى أولي أمرهم، يعني: وإلى أمرائهم، وسكتوا فلم يذيعوا ما جاءهم من الخبر، حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ذوو أمرهم هم الذين يقولون الخبر عن ذلك، بعد أن ثبتت عندهم صحته أو بُطُوله، فيصححوه إن كان صحيحا، أو يبطلوه إن كان باطلاً. {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} يقول: لعلم حقيقة ذلك الخبر الذي جاءهم به الذين يبحثون عنه، ويستخرجونه منهم، يعني: أولي الأمر. والهاء والميم في قوله: {مِنْهُمْ} من ذكر أولي الأمر. يقول: لعلم ذلك من أولي الأمر من يستنبطه " .

وقال الإمام ابن كثير في "تفسيره"(2/321):
" قوله: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الاْمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة.
وقد قال مسلم في مقدمة صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن حفص، حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:

«كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع»
وكذا رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن محمد بن الحسين بن أشكاب، عن علي بن حفص عن شعبة مسنداً، ورواه مسلم أيضاً من حديث معاذ بن هشام العنبري وعبد الرحمن بن مهدي، وأخرجه أبو داود أيضاً من حديث حفص بن عمرو النمري، ثلاثتهم عن شعبة، عن خبيب، عن حفص بن عاصم به مرسلاً،
وفي الصحيحين، عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن قيل وقال، أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت، ولا تدبر، ولا تبين. وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:" بئس مطية الرجل زعموا".
وفي الصحيح:"من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهوأحد الكاذبين".." .

وممايلاحظ على كثير ممن تقدم الإشارة إليهم ماأودالتنبيه عليه هـهنا_ مع كوني لاأزعم أني من العلماء وإنما أنا ناقل لأقوالهم المعتبرة _ وهو:
أنهم حينما يتحدثون عن التحذير من مولاة الكفار و المشركين لايفرقون في الحكم بين من تولى الكفار ومن ولاهم ،فيحكمون بالكفر على كلا الرجلين، وهذا خطأ محض ،وهوخلاف مادلت عليه النصوص وقاله العلماء .

ورحم الله العلامة ابن سحمان حين وصف هذا الفريق فقال كما في ديوانه"عقودالجواهر"(ص 146):


وأصل بلاء القوم حيث تورطوا =هو الجهل في حكم المولاة عن زلل

فما فرقوا بين التولي وحكمه =وبين المولاة التي هي في العمــل

أخف ومنها ما يكفر فعلــــه =ومنها دون ذلــــك في الخلل


وإليك أخي الكريم هذه الدراسة المقتضبةحول هذه المسألة وهي كما يأتي :

1ـ المدلول والمعنى اللغوي لـ (المولاة)و(التولي) :

قال ابن فارس في "معجم مقايس للغة"(مادة:ولي):"الواو واللام والياء أصل صحيح يدلُّ على قرب ".
وقال الفيروز آبادي في "القاموس"(4/658-ترتيبه):"الولي:القرب والدنو...وتولاه:اتخذه ولياً...ووالى بين الأمرين_مولاة وولاء_:تابع .." .
وقال الفيروز آبادي أيضاً في "بصائرذوي التمييز"(5/280) :"والولاية هي النصرة...
قا لوا:تولى إذاعدي بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع..قال تعالى:(فول وجهك شطر المسجد الحرام)،وإذاعدي بعن لفظاً أوتقديراً اقتضى معنىالإعراض وترك قربه،فمن الأول قوله تعالى:(ومن يتولهم منكم فإنه منهم)ومن الثاني :(فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين)،والتولي قديكون بالجسم ،وقديكون بترك الإصغاء والائتمار..." .
وقال الزبيدي في"تاج العروس"(10/398)مادة"ولي" :"وقد وردت معاني عدة للمولي فيضاف كل واحدإلى مايقتضيه الحديث الوارد فيه " .
وعليه فإن معنى(التولي):النصرة،و(المولاة):المتابعة .

2ـ المعنى الشرعي لـ (التولي)و(المولاة):

(التولي):الذب والدفاع عن الكفار، ونصرتهم واعانتهم بالمال والبدن والرأي.
وهذا كفر صريح يخرج من الملة الاسلامية (قاله الشيخ عبدالله بن عبداللطيف كمافي"الدررالسنية"7/201).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في"مجموع الفتاوى"(1/20):"وأصل التولي:الحب،فكل من أحب شيئا ًدون الله ولاّه الله يوم القيامة ماتولاه،وأصلاه جهنم وساءت مصيراً " .

وأما(المولاة):فهي المصانعة والمداهنة للكفار،لغرض دنيوي،مع عدم إضمارنية الكفر والردة عن الإسلام،كماحصل من حاطب بن أبي بلتعة_رضي الله عنه_عندماكتب إلىقريش يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم.(انظرالقصة:في"صحيح البخاري"_3007_و"صحيح مسلم"_3081_ ).

قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن كما في"الدررالسنية"(1/474):
"وأماقوله تعالى:(ومن يتولهم منكم فإنه منهم)وقوله:(لاتجدقوماًيؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادالله ورسوله)وقوله:(يأيهاالذين آمنوا لاتتخذوا الذين اتخذوادينكم هزواولعباً من الذين أوتواالكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين)فقدفسرته السنة،وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصل المولاة،هو:الحب والنصرة والصداقة،ودون ذلك مراتب متعددة،ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم،وهذاعندالسلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في في هذاالباب،وفي غيره،وإنماأشكل الأمر،وخفيت المعاني والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولدين الذين لادراية لهم بهذا الشأن ولاممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن" .

وقال الشيخ جمال الدين القاسمي في"تفسيره"(2/81)و(9/90):"المولاة المحظورة تكون بالمعاداة بالقلب للمؤمنين، والمودة للكفار عل كفرهم".وبمثل قوله قال الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره"المنار"(3/287).

والمولاة تكون على قسمين،قا ل الشيخ عبد الرحمن بن حسن كما في "الدرر السنية"(1/235_236):"إن المولاة تنقسم إلى قسمين:
أولاًـ مولاة مطلقة عامة:وهذه كفر صريح،وهي بهذه الصفة مرادفة لمعنى التولي ،وعلى ذلك تحمل الأدلة الواردة في النهي الشديد عن مولاة الكفار،وأن من ولاهم فقد كفر.
ثانياًـ مولاة خاصة:وهي مولاة الكفار لغرض دنيوي مع سلامة الاعتقاد،وعدم اضمار نية الكفر والردة ،كماحصل من حاطب بن أبي بلتعة في افشاءسر الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة مكة كما هو مذكور في سبب نزول سورة الممتحنة " .
وبمثل هذاالتقسيم قال كل من :
القرطبي في"تفسيره"(4/57)،و(18/52)،وأبوبكر ابن العربي في "أحكام القرآن"(4/1770).
وبعد:
فهذا ماتيسرجمعه في هذه العجالة،مما أرجو أن يكون فيه إزالة للبس والتخليط الحاصل في هذه المسألة ،راجياً من الله التوفيق والسداد.


وكتب:
أبوياسر خالد الردادي
14/9/1422هـ
المدينة النبوية

12d8c7a34f47c2e9d3==