مشاهدة النسخة كاملة : تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات "الشيخ صالح الفوزان"
تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي قدّر فهدى، وخلق الزوجين الذكر والأنثى، من نطفة إذا تمنى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله عُرِجَ به إلى السماء فرأى من آيات ربه الكبرى. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي المناقب والنهى، وسلم تسليمًا كثيرًا مُؤبَّدًا.
أما بعد: فلما كانت المرأة المسلمة لها مكانتها في الإسلام، وقد أنيط بها كثير من المهام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخصّ النساء بتوجيهات. وأوصى بهن في خطبته في عرفات. مما يدل على وجوب العناية بهن في كل زمان، ولا سيما في هذا الزمان الذي غزيت فيه المرأة المسلمة بصفة خاصة لسلبها كرامتها، وإنزالها من مكانتها، فكان لا بد من توعيتها بالخطر ووصف طريق النجاة لها. وهذا الكتاب أرجو أن يكون علامة على هذا الطريق بما تضمنه من ذكر بعض الأحكام الخاصة بها، وهو إسهام ضئيل. لكنه جهد المقل وأرجو أن ينفع الله به على قدره، وهو خطوة أولى في هذا السبيل يرجى أن تتلوها خطوات أعم وأشمل، إلى ما هو أحسن وأكمل. وما قدمته في هذه العجالة يتكون من الفصول التالية:
1- الفصل الأول: أحكام عامة.
2- الفصل الثاني: في بيان أحكام تختص بالتزيين الجسمي للمرأة.
3- الفصل الثالث: أحكام تختص بالحيض والاستحاضة والنفاس.
4- الفصل الرابع: أحكام تختص باللباس والحجاب.
5- الفصل الخامس: في بيان أحكام تختص بالمرأة في صلاتها.
6- الفصل السادس: أحكام تختص بالمرأة في باب أحكام الجنائز.
7- الفصل السابع: أحكام تختص بالمرأة في باب الصيام.
8- الفصل الثامن: أحكام تختص بالمرأة في الحج والعمرة.
9- الفصل التاسع: أحكام تختص بالزوجية وبإنهائها.
الفصل الأول أحكام عامة
1 ـ مكانة المرأة قبل الإسلام
ويراد بما قبل الإسلام، عصر الجاهلية التي كان يعيشها العرب بصفة خاصة ويعيشها أهل الأرض بصفة عامة. حيث كان الناس في فترة من الرسل ودروس من السبل. وقد نظر الله إليهم - كما جاء في الحديث - فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب.
وكانت المرأة في هذا الوقت في الأغلب الأعم تعيش فترة عصيبة - خصوصًا في المجتمع العربي -، حيث كانوا يكرهون ولادتها؛ فمنهم من كان يدفنها وهي حية حتى تموت تحت التراب. ومنهم من يتركها تبقى في حياة الذل والمهانة. كما قال الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59].
وقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9].
والموءودة هي البنت تدفن حية حتى تموت تحت التراب. وإذا سلمت من الوأد وعاشت، فإنها تعيش عيشة المهانة فليس لها حظ من ميراث قريبها مهما كثرت أمواله ومهما عانت من الفقر والحاجة، لأنهم يخصون بالميراث الرجال دون النساء، بل إنها كانت تُورَث عن زوجها الميت كما يورَث ماله. وكان الجمع الكثير من النساء يعشن تحت زوج واحد حيث كانوا لا يتقيدون بعدد محدد من الزوجات غير عابئين بما ينالهن من جراء ذلك من المضايقات والإحراجات والظلم.
2 ـ مكانة المرأة في الإسلام
فلمّا جاء الإسلام رفع هذه المظالم عن المرأة وأعاد لها اعتبارها في الإنسانية. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى} [الحجرات: 13].
فذكر سبحانه أنها شريكة الرجل في مبدأ الإنسانية. كما هي شريكة الرجل في الثواب والعقاب على العمل. {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
وقال تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} [الأحزاب: 73].
وحرم سبحانه اعتبار المرأة من جملة موروثات الزوج الميت. فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19].
فضمن لها استقلال شخصيتها وجعلها وارثة لا موروثة وجعل للمرأة حقًّا في الميراث من مال قريبها، فقال تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} [النساء: 7].
وقال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11].
إلى آخر ما جاء في توريث المرأة أُمًّا وبنتًا وأختًا وزوجة.
وفي مجال الزوجية قصر الله الزوج على أربع حدًّا أعلى بشرط القيام بالعدل المستطاع بين الزوجات [قال تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً}]. وأوجب معاشرتهن بالمعروف فقال سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].
وجعل الصداق حقًّا لها وأمر بإعطائها إياه كاملاً إلا ما سمحت به عن طيب نفس؛ فقال: {وَآتُواْ النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} [النساء: 4].
وجعلها الله راعية آمرة ناهية في بيت زوجها، أميرة على أولادها. قال صلى الله عليه وسلم: (والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها). وأوجب على الزوج نفقتها وكسوتها بالمعروف.
3 ـ ما يريده أعداء الإسلام وأفراخهم اليوم من سلب المرأة كرامتها وانتزاع حقوقها
إن أعداء الإسلام بل أعداء الإنسانية اليوم من الكفار والمنافقين والذين في قلوبهم مرض، غاظهم ما نالته المرأة المسلمة من كرامة وعزة وصيانة في الإسلام، لأن أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين يريدون أن تكون المرأة أداة تدمير وحُبالة يصطادون بها ضعاف الإيمان وأصحاب الغرائز الجانحة بعد أن يُشبعوا منها شهواتهم المسعورة. كما قال تعالى: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} [النساء: 27].
والذين في قلوبهم مرض من المسلمين يريدون من المرأة، أن تكون سلعة رخيصة في معرض أصحاب الشهوات والنزغات الشيطانية؛ سلعة مكشوفة أمام أعينهم يتمتعون بجمال منظرها، أو يتوصلون منها إلى ما هو أقبح من ذلك. ولذلك حرصوا على أن تخرج من بيتها لتشارك الرجال في أعمالهم جنبًا إلى جنب، أو لتخدم الرجال ممرضة في المستشفى، أو مضيفة في الطائرة أو دارسة أو مدرسة في فصول الدراسة المختلطة. أو ممثلة في المسرح أو مغنية أو مذيعة في وسائل الإعلام المختلفة، سافرة فاتنة بصوتها وصورتها. واتخذت المجلات الخليعة من صور الفتيات الفاتنات العاريات وسيلة لترويج مجلاتهم وتسويقها. واتخذ بعض التجار وبعض المصانع من هذه الصور أيضًا وسيلة لترويج بضائعهم حيث وضعوا هذه الصور على معروضاتهم ومنتجاتهم وبسب هذه الإجراءات الخاطئة، تخلت المرأة عن وظيفتها الحقيقية في البيت مما اضطر أزواجهن إلى جلب الخادمات الأجنبيات لتربية أولادهم وتنظيم شؤون بيوتهم مما سبب كثيرًا من الفتن وجلب عظيمًا من الشرور.
إننا لا نمانع من عمل المرأة خارج بيتها إذا كان بالضوابط الآتية:
1 ـ أن تحتاج إلى هذا العمل أو يحتاج المجتمع إليه، بحيث لا يوجد من يقوم به من الرجال، وهو يتناسب مع خلقتها وفطرتها.
2 ـ أن يكون ذلك بعد قيامها بعمل البيت الذي هو عملها الأساسي.
3 ـ أن يكون هذا العمل في محيط النساء كتعليم النساء وتطبيب أو تمريض النساء ويكون منعزلاً عن الرجال.
4 ـ كذلك لا مانع بل يجب على المرأة أن تتعلم أمور دينها ولا مانع أن تعلم غيرها من أمور دينها ما تحتاج إليه ويكون التعليم في محيط النساء؛ ولا بأس أن تحضر الدروس في المسجد ونحوه وتكون متسترة ومنعزلة عن الرجال، على ضوء ما كانت النساء في صدر الإسلام يعملن ويتعلمن ويعلمن ويحضرن إلى المساجد.
الفصل الثاني في بيان أحكام تختص بالتزيين الجسمي للمرأة
1 ـ يطلب منها أن تفعل من خصال الفطرة
ما يختص بها ويليق بها من قص الأظافر وتعاهدها لأن تقليم الأظافر سنَّة بإجماع أهل العلم لأنه من خصال الفطرة الواردة في الحديث ولما في إزالتها من النظافة والحسن. وما في بقائها طويلة من التشويه والتشبه بالسباع وتراكم الأوساخ تحتها ومنع وصول ماء الوضوء إلى ما تحتها. وبعض المسلمات قد ابتلين بتطويل الأظافر تقليدًا للكافرات وجهلاً بالسّنَّة. ويسن للمرأة إزالة شعر الإبطين والعانة عملاً بالحديث الوارد في ذلك ولما فيه من التجمل. والأحسن أن يكون ذلك كل أسبوع أو لا يترك أكثر من أربعين يومًا.
2 ـ ما يطلب منها وما تمنع منه في شعر رأسها وشعر حاجبيها وحكم الخضاب وصبغ الشعر
( أ ) يطلب من المسلمة توفير شعر رأسها
ويحرم عليها حلقه إلا من ضرورة. قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية رحمه الله: وأما شعر رؤوس النساء فلا يجوز حلقه لما رواه النسائي في سننه بسنده عن علي رضي الله عنه. ورواه البزار بسنده في مسنده عن عثمان رضي الله عنه. ورواه ابن جرير بسنده عن عكرمة رضي الله عنه قالوا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. والنهي إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقتضي التحريم ما لم يرد له معارض. قال ملاّ علي قاري في المرقاة شرح المشكاة: قوله: (أن تحلق المرأة رأسها)، وذلك لأن الذوائب للنساء كاللحى للرجال في الهيئة والجمال انتهى . وأما قص المرأة شعر رأسها فإن كان لحاجة غير الزينة كأن تعجز عن مؤنته أو يطول كثيرًا ويشق عليها فلا بأس بقصه بقدر الحاجة. كما كان بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يفعلنه بعد وفاته لتركهن التزين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم استغنائهن عن تطويل الشعر.
وأما إن كان قصد المرأة من قص شعرها هو التشبه بالكافرات والفاسقات أو التشبه بالرجال فهذا محرم بلا شك للنهي عن التشبه بالكفار عمومًا وعن تشبه المرأة بالرجال - وإن كان القصد منه التزين فالذي يظهر لي أنه لا يجوز. قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان:
ثم أجاب عن حديث: أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة. بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصرن رؤوسهن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لأنهن كن يتجملن في حياته ومن أجمل زينتهن شعورهن. أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلهن حكم خاص بهن لا تشاركهن فيه امرأة واحدة من نساء جميع أهل الأرض وهو انقطاع أملهن انقطاعًا كلّيًّا من التزويج ويأسهن منه اليأس الذي لا يمكن أن يخالطه طمع. فهن كالمعتدات المحبوسات بسببه صلى الله عليه وسلم إلى الموت قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53].
واليأس من الرجال بالكلية قد يكون سببًا للترخيص في الإخلال بأشياء من الزينة لا تحل لغير ذلك السبب). انتهى .
فعلى المرأة أن تحتفظ بشعر رأسها وتعتني به وتجعله ضفائر، ولا يجوز لها جمعه فوق الرأس أو من ناحية القفا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى : كما يقصد بعض البغايا أن تضفر شعرها ضفيرًا واحدًا مسدولاً بين الكتفين. وقال الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية: وأما ما يفعله بعض النساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج، فهذا لا يجوز لما فيه من التشبه بنساء الكفار. وعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما - قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات. رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [رواه مسلم].
وقد فسر بعض العلماء قولهك (مائلات مميلات) بأنهن يتمشطن المشطة الميلا، وهي مشطة البغايا؛ ويمشطن غيرهن تلك المشطة؛ وهذه مشطة نساء الإفرنج ومن يحذو حذوهن من نساء المسلمين .
وكما تمنع المرأة المسلمة من حلق شعر رأسها أو قصّه من غير حاجة، فإنها تمنع من وصله والزيادة عليه بشعر آخر. لما في الصحيحين: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة). والواصلة هي التي تصل شعرها بشعر غيرها، والمستوصلة هي التي يعمل بها ذلك، لما في ذلك من التزوير، ومن الوصل المحرم لبس الباروكة المعروفة في هذا الزمان. روى البخاري ومسلم وغيرهما: أن معاوية رضي الله عنه خطب لما قدم المدينة وأخرج كبة من شعر، أو قصة من شعر فقال: ما بال نسائكم يجعلن في رؤوسهن مثل هذا. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من امرأة تجعل في رأسها شعرًا من شعر غيرها إلا كان زورًا). والباروكة شر صناعي يشبه شعر الرأس وفي لبسها تزوير.
(ب) ويحرم على المرأة المسلمة إزالة شعر الحاجبين
أو إزالة بعضه بأي وسيلة من الحلق أو القص أو استعمال المادة المزيلة له أو لبعضه. لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته، فقد لعن صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة، والنامصة هي التي تزيل شعر حاجبيها أو بعضه للزينة في زعمها، والمتنمصة التي يفعل بها ذلك. وهذا من تغيير خلق الله الذي تعهد الشيطان أن يأمر به بني آدم حيث قال كما حكاه الله عنه: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119].
في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل). ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل؟! يعني قوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].
ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره طبعة دار الأندلس: وقد ابتلي بهذه الآفة الخطيرة التي هي كبيرة من كبائر الذنوب كثير من النساء اليوم حتى أصبح النَّمْص كأنه من الضروريات اليومية. ولا يجوز لها أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك لأنه معصية.
(ج) ويحرم على المرأة المسلمة تفليج أسنانها
للحسن بأن تبردها بالمبرد حتى تحدث بينها فرجًا يسيرة رغبة في التحسين. أما إذا كانت الأسنان فيها تشويه وتحتاج إلى عملية تعديل لإزالة هذا التشويه. أو فيها تسوس واحتاجت إلى إصلاحها من أجل إزالة ذلك فلا بأس، لأن هذا من باب العلاج وإزالة التشويه ويكون على يد طبيبة مختصة.
(د) ويحرم على المرأة عمل الوشم في جسمها
- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة والمستوشمة - والواشمة هي التي تغرز اليد أو الوجه بالإبر ثم تحشو ذلك المكان بالكحل أو المداد. والمستوشمة هي التي تطلب أن يفعل بها ذلك. وهذا عمل محرم وكبيرة من كبائر الذنوب. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعلته أو فُعِل بها. واللعن لا يكون إلا على كبيرة من الكبائر.
(هـ) حكم الخضاب للنساء وصبغ الشعر
1 ـ الخضاب: قال الإمام النووي في المجموع : أما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحب للمتزوجة من النساء للأحاديث المشهورة فيه. انتهى. يشير إلى ما رواه أبو داود: أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها عن خضاب الحناء فقالت: لا بأس به، ولكني أكرهه، فإن حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه. ورواه النسائي: وعنها رضي الله عنها قالت: أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال: (ما أدري أيد رجل أم يد امرأة)؟! قالت: بلد يد امرأة. قال: (لو كنت امرأة لغيرت أظفارك) - يعني بالحناء. [أخرجه أبو داود والنسائي].
لكن لا تصبغ أظفارها بما يتجمد عليها ويمنع الطهارة .
2 ـ وأما صبغ المرأة شعر رأسها: فإن كان شيبًا فإنها تصبغه بغير السواد لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصبغ بالسواد. قال الإمام النووي في رياض الصالحين ، باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بالسواد. وقال في المجموع : ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة، هذا مذهبنا. انتهى. وأما صبغ المرأة لشعر رأسها الأسود ليتحول إلى لون آخر فالذي أرى أن هذا لا يجوز لأنه لا داعي إليه لأن السواد بالنسبة للشعر جمال وليس تشويهًا يحتاج إلى تغيير، ولأن في ذلك تشبهًا بالكافرات.
ويباح للمرأة أن تتحلى من الذهب والفضة بما جرت به العادة وهذا بإجماع العلماء. لكن لا يجوز لها أن تظهر حليها للرجال غير المحارم بل تستره خصوصًا عند الخروج من البيت والتعرض لنظر الرجال إليها لأن ذلك فتنة. وقد نهيت أن يسمع الرجال صوت حليها الذي في رجليها تحت الثياب [قال تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [النور: 31]، فكيف بالحلي الظاهر. [/QUOTE]
الفصل الثالث أحكام تختص بالحيض والاستحاضة والنفاس
1 ـ الحيض وأحكامه
الحيض في اللغة هو السيلان. والحيض شرعًا: دم يخرج من قعر رحم المرأة في أوقات معلومة من غير مرض ولا إصابة. وإنما هو شيء جبل الله عليه بنات آدم. خلقه الله في الرحم لتغذية الولد في الرحم وقت الحمل ثم يتحول لبنًا بعد ولادته. فإذا لم تكن المرأة حاملاً ولا مرضعًا بقي هذا الدم لا مصرف له فيخرج في أوقات معلومة. تعرف بالعادة أو الدورة الشهرية.
2 ـ السن الذي تحيض فيه المرأة
غالبًا - أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين على خمسين سنة - قال تعالى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].
فاللائي يئسن هن من بلغن خمسين سنة. واللائي لم يحضن هن الصغار دون التسع.
3 ـ أحكام الحائض
1 ـ يحرم في حال الحيض وطؤها في الفرج لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
ويستمر هذا التحريم إلى أن ينقطع عنها خروج دم الحيض وتغتسل منه لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222].
ويباح لزوج الحائض أن يستمتع منها بما دون الجماع في الفرج لقوله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) [رواه مسلم].
2 ـ تترك الحائض الصوم والصلاة في مدة حيضها ويحرم عليها فعلهما ولا يصحان منها لقوله صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم) [متفق عليه].
فإذا طهرت الحائض فإنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة لقول عائشة رضي الله عنها: (كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) [متفق عليه].
والفرق، والله أعلم، أن الصلاة تتكرر فلم يجب قضاؤها للحرج والمشقة في ذلك بخلاف الصيام.
3 ـ يحرم على الحائض مس المصحف من غير حائل لقوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].
ولما في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: (لا يمس المصحف إلا طاهر) [رواه النسائي وغيره].
وهو يشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يمس المصحف إلا طاهر. وأما قراءة الحائض للقرآن من غير مس المصحف فهي محل خلاف بين أهل العلم والأحوط أنها لا تقرأ القرآن إلا عند الضرورة كما إذا خشيت نسيانه، والله أعلم.
4 ـ يحرم على الحائض الطواف بالبيت لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) [متفق عليه].
5 ـ يحرم على الحائض اللبث في المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم: (إني لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب) [رواه أبو داود].
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب) [رواه ابن ماجه].
ويجوز لها المرور مع المسجد من غير لبث لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ناوليني الخمرة من المسجد). فقلت: إني حائض فقال: (إن حيضتك ليست بيدك). قال في المنتقى: رواه الجماعة إلا البخاري (1/140).
ولا بأس أن تأتي الحائض بالأذكار الشرعية من التهليل والتكبير والتسبيح والأدعية وأن تأتي بالأوراد الشرعية المشروعة في الصباح والمساء وعند النوم والاستيقاظ. ولا بأس أن تقرأ في كتب العلم كالتفسير والحديث والفقه.
فائدة في حكم الصفرة والكدرة
الصفرة شيء كالصديد يعلوه صفرة. والكدرة شيء كلون الماء الوسخ الكدر. فإذا خرج من المرأة كدرة أو صفرة في وقت عادتها فإنها تعتبرهما حيضًا يأخذان أحكامه السابقة، وإن خرجا من المرأة في غير وقت العادة فإنها لا تعتبرها شيئًا وتعتبر نفسها طاهرًا لقول أم عطية رضي الله عنها: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا) [رواه أبو داود. ورواه البخاري دون لفظ: (بعد الطهر)، وهذا له حكم الرفع عند أهل الحديث لأنه يعتبر تقريرًا من النبي صلى الله عليه وسلم. ومفهومه أن الكدرة والصفرة قبل الطهر حيض تأخذان أحكامه.
فائدة أخرى
ما الذي تعرف به المرأة نهاية حيضها؟ تعرف ذلك بانقطاع الدم وذلك بأحد العلامتين:
العلامة الأولى: نزول القَصة البيضاء وهي بفتح القاف: ماء أبيض يتبع الحيض يشبه ماء الجص وقد تكون بغير لون البياض، فقد يختلف لونها باختلاف أحوال النساء.
العلامة الثانية: الجفوف وهو أن تدخل خرقة أو قطنة في فرجها ثم تخرجها جافة ليس عليها شيء لا من الدم ولا من الكدرة أو الصفرة.
4 ـ ما يلزم الحائض عند نهاية حيضها
يلزم الحائض عند نهاية حيضها أن تغتسل. وذلك بأن تستعمل الماء بنية الطهارة في جميع بدنها. لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) [رواه البخاري].
وصفته: أن تنوي رفع الحديث أو الطهارة للصلاة ونحوها ثم تقول: بسم الله ثم تفيض الماء على جميع جسمها وتروي أصول شعر رأسها ولا يلزمها نقضه إن كان مضفورًا وإنما ترويه بالماء. وإن استعملت السدر أو المواد المنظفة مع الماء فحسن. ويستحب أخذ قطنة فيها مسك أو غيره من الطيب تجعلها في فرجها بعد الاغتسال. لأمره صلى الله عليه وسلم أسماء بذلك.
تنبيه مهم:
إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم. ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة، لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : ولهذا كان جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد إذا طهرت الحائض في آخر النهار صلت الظهر والعصر جميعًا. وإذا طهرت في آخر الليل صلت المغرب والعشاء جميعًا. كما نقل ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وابن عباس، لأن الوقت مشترك بين الصلاتين في حال العذر فإذا طهرت في آخر النهار فوقت الظهر باق فتصليها قبل العصر وإذا طهرت في آخر الليل فوقت المغرب باق في حال العذر فتصليها قبل العشاء. انتهى.
وأما إذا دخل عليها وقت صلاة ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي فالقول الراجح أنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة التي أدركت أول وقتها ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى في هذه المسألة:
والأظهر في الدليل مذهب أبي حنيفة ومالك أنها لا يلزمها شيء لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد. ولا أمر هنا يلزمها بالقضاء. ولأنها أخرت تأخيرًا جائزًا فهي غير مفرطة. وأما النائم أو الناسي وإن كان غير مفرط أيضًا فإن ما يفعله ليس قضاء بل ذلك وقت الصلاة في حقه حين يستيقظ ويذكر. انتهى.
5 ـ الاستحاضة وأحكامها
الاستحاضة سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل. والمستحاضة أمرها مشكل لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة. فإذا كان الدم ينزل منها باستمرار أو غالب الوقت فما الذي تعتبره منه حيضًا وما الذي تعتبره استحاضة لا تترك من أجله الصوم والصلاة. فإن المستحاضة يعتبر لها أحكام الطاهرات. وبناء على ذلك فإن المستحاضة لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون لها عادة معروفة لديها قبل إصابتها بالاستحاضة بأن كانت قبل الاستحاضة تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام مثلاً في أول الشهر أو وسطه. فتعرف عددها ووقتها. فهذه تجلس قدر عادتها وتدع الصلاة والصيام وتعتبر لها أحكام الحيض فإذا انتهت عادتها اغتسلت وصلت واعتبرت الدم الباقي دم استحاضة لقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي) [رواه مسلم].
ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: (إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة) [متفق عليه].
الحالة الثانية: إذا لم يكن لها عادة معروفة لكن دمها متميز بعضه يحمل صفة الحيض. بأن يكون أسود أو ثخينًا أو له رائحة. وبقيته لا تحمل صفة الحيض بأن يكون أحمر ليس له رائحة ولا ثخينًا. ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضًا، فتجلس وتدع الصلاة والصيام، وتعتبر ما عداه استحاضة تغتسل عند نهاية الدم الذي يحمل صفة الحيض. وتصلي وتصوم وتعتبر طاهرًا. لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا كان دم الحيض فإنه أسودُ يُعرفُ، فأمسكي عن الصلاة. فإذا كان الآخر فتوضأي وصلي) [رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم].
ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم فتميز بها بين الحيض وغيره.
الحالة الثالثة: إذا لم يكن لها عادة تعرفها ولا صفة تميز بها الحيض من غيره، فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر. لأن هذه عادة غالب النساء. لقوله صلى الله عليه وسلم يحمنة بنت جحش: (إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء) [رواه الخمسة، وصححه الترمذي].
والحاصل مما سبق: أن المعتادة ترد إلى عادتها. والمميزة ترد إلى العمل بالتمييز. والفاقدة لهما تحيض ستًّا أو سبعًا. وفي هذا جمع بين السنن الثلاث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والعلامات التي قيل بها ست: إما العادة فإن العادة أقوى العلامات. لأن الأصل مقام الحيض دون غيره. وإما التمييز لأن الدم الأسود والثخين المنتن أولى أن يكون حيضًا من الأحمر. وإما اعتبار غالب عادة النساء لأن الأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب. فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السنَّة والاعتبار. ثم ذكر بقية العلامات التي قيل بها. وقال في النهاية: وأصوب الأقوال اعتبار العلامات التي جاءت بها السنَّة وإلغاء ما سوى ذلك. انتهى.
6 ـ ما يلزم المستحاضة في حالة الحكم بطهارتها
1 ـ يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة حسبما سبق بيانه.
2 ـ تغسل فرجها لإزالة ما عليه من الخارج عند كل صلاة وتجعل في المخرج قطنًا ونحوه يمنع الخارج وتشدّ عليه ما يمسكه عن السقوط ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة: (تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة) [رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن].
وقال صلى الله عليه وسلم: (أنعت لك الكرسف تحشين به المكان). والكرسف: القطن. ويمكن استعمال الحفائظ الطبية الموجودة الآن.
7 ـ النفاس وأحكامه
النفاس هو الدم الذي ينزل من الرحم للولادة وبعدها. وهو بقية الدم المحتبس وقت الحمل في الرحم فإذا ولدت خرج هذا الدم شيئًا فشيئًا. وما تراه قبل الولادة من خروج الدم مع أمارة الولادة فهو نفاس، وقيده الفقهاء بيومين أو ثلاثة قبل الولادة. والغالب أن بدايته تكون مع الولادة، والمعتبر ولادة ما تبيّن فيه خلق إنسان. وأقلّ مدّة يتبيّن فيها خلق الإنسان واحد وثمانون يومًا وأغلبها ثلاثة أشهر. فإذا سقط منها شيء قبل هذه المدة وحصل معه دم فإنها لا تلتفت إليه ولا تدع الصلاة والصيام من أجله لأنه دم فساد ونزيف فيكون حكمها حكم المستحاضة. وأكثر مدة النفاس في الغالب أربعون يومًا ابتداء من الولادة أو قبلها بيومين أو ثلاثة كما سبق. لحديث أم سلمة رضي الله عنها: (كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا) [رواه الترمذي وغيره].
وأجمع على ذلك أهل العلم كما حكاه الترمذي وغيره. ومتى طهرت قبل الأربعين بأن انقطع عنها خروج الدم فإنها تغتسل وتصلي فلا حد لأقله لأنه لم يرد تحديده، وإذا تمت الأربعون ولم ينقطع عنها خروج الدم فإن صادف عادة حيضها فهو حيض. وإن لم يصادف عادة الحيض واستمر ولم ينقطع فهو استحاضة لا تترك من أجله العبادة بعد الأربعين. وإن زاد عن الربعين ولم يستمر ولم يصادف عادة فمحل خلاف.
8 ـ الأحكام المتعلقة بالنفاس
أحكام النفاس كأحكام الحيض فيما يلي:
1 ـ يحرم وطء النفساء كما يحرم وطء الحائض ويباح الاستمتاع الذي دون الوطء.
2 ـ يحرم على النفساء أن تصوم أو تصلي أو تطوف بالبيت كالحائض.
3 ـ يحرم على النفساء مسّ المصحف وقراءة القرآن ما لم تخش نسيانه كالحائض.
4 ـ يجب على النفساء قضاء الصوم الواجب الذي تركته في النفاس كالحائض.
5 ـ يجب على النفساء أن تغتسل عند نهاية النفاس كما يجب ذلك على الحائض والأدلة على ذلك.
1 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها: (كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا) [رواه الخمسة إلا النسائي].
قال المجد ابن تيمية رحمه الله في المنتقى : قلت: ومعنى الحديث كانت تؤمر أن تجلس إلى الأربعين. لئلا يكون الخبر كذبًا، إذ لا يمكن أن تتفق عادة نساء عصر في نفاس أو حيض. انتهى.
2 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس. [رواه أبو داود].
فائدة: إذا انقطع الدم عن النفساء قبل الأربعين واغتسلت وصلَّت وصامت ثم عاد عليها الدم قبل الأربعين، فالصحيح أنه يعتبر نفاسًا تجلسه وما صامته في وقت الطهر المتخلل فهو صحيح لا تقضيه. انظر مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ؛ وفتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز الذي طبعته مجلة الدعوة ؛ وحاشية ابن قاسم على شرح الزاد ، والدماء الطبيعية للنساء ؛ والفتاوى السعدية .
فائدة أخرى: قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: فظهر مما تقدم أن دم النفاس سببه الولادة وأن دم الاستحاضة دم عارض لمرض ونحوه. وأن دم الحيض هو الدم الأصلي، والله أعلم. .
فائدة: تناول الحبوب: لا بأس أن تتناول المرأة ما يمنع عنها نزول الحيض إذا كان ذلك لا يضر بصحتها فإذا تناولته وامتنع الحيض عنها فإنها تصوم وتصلي وتطوف ويصح ذلك منها، كغيرها من الطاهرات.
9 ـ حكم الإجهاض
أيتها المسلمة إنك مؤتمنة شرعًا على ما خلق الله في رحمك من الحمل فلا تكتميه قال الله عز وجل: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة: 228].
ولا تحتالي على إسقاطه والتخلص منه بأي وسيلة، فإن الله سبحانه رخص لك بالإفطار في رمضان إذا كان الصوم يشق عليك في حالة الحمل أو كان الصوم يضر بحملك. وإن ما شاع في هذا العصر من عمليات الإجهاض عمل محرّم. وإذا كان الحمل قد نفخت فيه الروح ومات بسبب الإجهاض، فإن ذلك يعتبر قتلاً للنفس التي حرم الله قتلها بغير حق ورتب على ذلك أحكام المسؤولية الجنائية من حيث وجوب الدية على تفصيل في مقدارها. ومن حيث وجوب الكفارة عند بعض الأئمة وهي عتق رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. وقد سمى بعض العلماء هذا العمل بالموءودة الصغرى. قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في مجموع فتاويه : أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز. انتهى.
وفي قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم 140 وتاريخ 20/6/1407هـ ما يلي:
1 ـ لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جدًّا.
2 ـ إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين وكان في إسقاطه مصلحة شرعية، أو دفع ضرر جاز إسقاطه. أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفًا من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.
3 ـ لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره جاز إسقاطه بعد استنفاد كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار.
4 ـ بعد الطور الثالث وبعد إكمال أربعة أشهر للحمل لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها وذلك بعد استنفاد كافة الوسائل لإنقاذ حياته. وإنما رُخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعًا لأعظم الضررين وجلبًا لعظمى المصلحتين.
والمجلس إذ يقرر ما سبق يوصي بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر. والله الموفق وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم. انتهى.
وجاء في رسالة الدماء الطبيعية للنساء لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: أنه إذا قصد من إسقاطه إتلافه فهذا إن كان بعد نفخ الروح فيه فهو حرام بلا ريب لأنه قتل نفس بغير حق. وقتل النفس المحرمة حرام بالكتاب والسنَّة والإجماع. .
وقال الإمام ابن الجوزي في كتاب أحكام النساء : لما كان موضوع النكاح لطلب الولد. وليس من كل الماء يكون الولد فإذا تكوَّن فقد حصل المقصود. فتعمد إسقاطه مخالفة لمراد الحكمة. إلا أنه إن كان ذلك في أول الحمل فقبل نفخ الروح فيه إثم كبير لأنه مترق إلى الكمال وسارٍ إلى التمام إلا أنه أقل إثمًا من الذي نفخ فيه الروح. فإذا تعمدت إسقاط ما فيه الروح كان كقتل مؤمن. وقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9] انتهى.
فاتقي الله أيتها المسلمة ولا تقدمي على هذه الجريمة لأي غرض من الأغراض ولا تنخدعي بالدعايات المضللة والتقاليد الباطلة التي لا تستند إلى عقل أو دين.
الكاسر
10-02-2003, 11:10 PM
جزاك الله خير وأنه لموضوع قيم ومفيد
السلفيه
10-03-2003, 11:20 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
جندي الاثر
10-11-2003, 11:19 PM
جزاك الله خيرا اخي وليتك تجعلها عل ملف word
الأثرية
02-24-2004, 12:30 AM
جزاك الله خير على تلك المعلومات الطيبه والمفيده
Powered by vBulletin® Version 4.1.12 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir