المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصوص تدل على تسمية قول اللسان عمل للعلامة الراجحي


كيف حالك ؟

بن حمد الأثري
09-16-2007, 02:02 AM
نصوص تدل على تسمية قول اللسان عملا

قال أبو عبيد، القاسم بن سلام :
وأما عمل اللسان فقوله: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا فذكر القول ثم سماه عملا، ثم قال: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ .

هل كان عمل رسول -صلى الله عليه وسلم- معهم إلا دعاؤه إياهم إلى الله وردهم عليه قوله بالتكذيب، وقد أسماها ها هنا عملا، وقال في موضع ثالث: قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ إلى: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ فهل يكون التصديق إلا بالقول، وقد جعل صاحبها ها هنا عاملا؟! قال: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا فأكثر ما يعرف الناس من الشكر أنه الحمد والثناء باللسان، وإن كانت المكافأة قد تُدعَى شكرًا.

هذا في احتجاج المؤلف -رحمه الله- على تسمية قول اللسان عملا، احتج عليهم بأربع حجج:

الحجة الأولى: قول الله -تعالى-: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا فقوله: إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ فعملهم ما هو؟ تبييتهم قولا لا يرضاه الله، فسماه الله عملا بقوله: وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا يعني: من هذا القول الذي بيتوه.

فسماه عملا فدل على أن قول اللسان يسمى عملا: إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا قول المؤلف: "فذكر القول ثم سماه عملا": وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا .

الدليل الثاني، أو الحجة الثانية: قول الله تعالى في سورة يونس: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ سمى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عملا، الرسول -عليه الصلاة والسلام- عمله ما هو؟ دعوتهم إلى الله وتبليغهم رسالة الله بلسانه. فسماه عملا في قوله: لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ .

ما هو عمل الرسول؟ عمل الرسول دعاؤهم إياهم إلى الله وتبليغهم رسالة الله وإنذارهم وتخويفهم. وهم ردوا -المشركون- على النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله بالتكذيب، وسماه الله ها هنا عملا، فسمى دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم عملا، وسمى تكذيبهم له بالقول عملا، هذا عمل وهذا عمل.

فعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- دعائه إياهم بلسانه وقوله، وعملهم تكذيبهم له بالقول، فسمى هذا عملا وهذا عملا، فقال: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ .

الدليل الثالث، أوالحجة الثالثة: قول الله -تعالى- في سورة الصافات: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ .

هذه الآيات فيها محاورة بين مؤمن وكافر، هناك مؤمن، هذا المؤمن له قرين في الدنيا، وهذا القرين يكذب بالبعث، فلما مات صار هذا القرين الكافر في النار، والمؤمن صار في الجنة، فلما جعل المؤمن يتحدث مع إخوانه المؤمنين، وتذكر حال قرينه الكافر الذي ينكر البعث: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ المؤمنون: قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ .

كان لي قرين في الدنيا ينكر البعث ويقول -يعني: يخاطب المؤمن-: أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ تصدق بأنك إذا مت وكنت ترابا وعظاما سوف تبعث وتجازى وتحاسب؟ فقال وهو محال: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ يعني: هل نطلع ننظر حالك؟

فاطلعوا وهم في الجنة في أعلى عليين، والنار في أسفل سافلين، فاطلع المؤمن على قرينه الكافر فوجده يتقلب في النار في وسط الجحيم: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ انظر معي البعد العظيم، كم بين الجنة والنار! الجنة في أعلى عليين والفردوس الأعلى أعلاها والسقف هو عرش الرحمن، والنار في أسفل سافلين ومع ذلك المؤمن صار يتفرج على الكافر في النار، ورآه يتقلب في وسط الجحيم.

والله -تعالى- أعطانا مثالا في هذه الدنيا الآن: الآن الإنسان يشاهد من في المشرق ومن في المغرب الآن، كما تبصر في الشاشة الآن، كما تشاهدون فهذا نموذج الآن، فالمؤمن يخاطب الكافر مع بعد المسافة، وهو يرى المؤمن في الجنة في أعلى عليين، والكافر في أسفل سافلين، فالمؤمن ينظر إلى الكافر وهو يتقلى في سواء الجحيم مع بعد المسافة، ينظر إليه.

كشف الله له ينظر إليه ويخاطب أيضا، قال المؤمن للكافر الذي يقلى في وسط الجحيم: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ "كدت لتردين" لتضلني؛ لأنك تنكر البعث: وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ثم يقال: أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى أنت تنكر البعث: أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ثم قال الله: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ .

هذا الشاهد، فالشاهد أن المحاورة بين المؤمن والكافر قول، قوله سماه الله عملا، فقال: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ وجَّه المؤلف هذه الآيات، لكن الآية: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ يعني: لمثل هذا اليوم العظيم الذي يلاقي الإنسان فيه ربه ويلقى جزاءه يعمل العاملون، التوحيد والإخلاص، توحيد الله وإخلاص الدين لله، وأداء الفرائض والامتناع عن المحارم والاستقامة على دين الله، والوقوف عند حدود الله: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ .

المؤلف -رحمه الله- استدل بقوله: إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ استدل بقول الله: أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ قال: إن التصديق سماه الله عملا بقوله: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ فهذا المؤمن صدق بلقاء الله وبالبعث وبالجزاء وبالنشور ووحد الله، فسماه الله عملا بقوله: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ يقول المؤلف: فهل يكون التصديق إلا بالقول، وقد جعل صاحبها ها هنا عاملا؟!

ثم الدليل الرابع، والحجة الرابعة: استدل بقول الله -تعالى-: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا فسمى العمل شكرا. يقول المؤلف -رحمه الله- "أكثر ما يعرف الناس من الشكر أنه الحمد والثناء باللسان، وإن كانت المكافأة قد تُدعَى شكرا" والصواب أن الشكر يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح: بالقلب تعظيم الله وخشيته وإجلاله واعتراف بنعمه، ويكون باللسان يتحدث بالنعمة ونسبتها إلى المنعم -جل وعلا- ويكون بالجوارح، صارت هذه النعمة في طاعة الله واستعمالها في مرضاة الله -عز وجل-. نعم.

شرح رسالة كتاب الإيمان > باب تسمية الإيمان > أدلة من جهة النظر ,

بن حمد الأثري
09-19-2007, 12:45 AM
هذه مسألة مهمة في باب الإيمان يجب التنبه إليها

الاثري83
09-20-2007, 02:35 PM
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك .
وحفظ الله فضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز الراجحي وبارك في عمره وعمله وعلمه .

12d8c7a34f47c2e9d3==