المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (3) تأملات في كلام الشيخ العباد - حفظه الله - .


كيف حالك ؟

مليحان بن مرهج الفايد
12-19-2003, 02:40 PM
قال الشيخ العباد – حفظه الله – ص 10- 12 : ( نعمة النطق والبيان نعمُ الله على عباد لا تُعدُ ولا تُحصى، ومن أعظم هذه النعم نعمة النطق التي يُبين بها الإنسان عن مراده ، ويقول القول السديد ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ومن فقدها لم تحصل له هذه الأمور ، ... ومن المعلوم أن هذه النعمة إنما تكون نعمة حقاً إذا استعمل النطق بما هو خير ، أما إذا استعمل بشر فهو وبالٌ على صاحبه ، ويكون من فقد هذه النعمة أحسن حالاً منه ) .
ـــــــــــــــــــــــــ
الـتـعـلـيق

ومن أجلِّ وأعظم صور شكر نعمة النطق والبيان الذب عن دين الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، ورد الخطأ على من أخطأ ، وتحذير الناس من الوقوع فيه ؛ حفاظا على شريعة الله من أن ينسب إليها ما ليس منها .
قال العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ – رحمه الله - : ( فالحمد لله الذي حفظ على الأمة دينها في كتابه وسنة رسوله وبنقل العلماء الذين هم في هذه الأمة كأنبياء بني إسرائيل وهدانا إلى ذلك ، فأبطل الله بالعلماء كل بدعة وضلالة حدثت في هذه الأمة فيا لها من نعمة ما أجلها ، في حق من تلقى الحق بالقبول وعرفه ورضي به نسئل الله أن يجعلنا شاكرين لنعمه مثنين بها عليه فله الحمد لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه وفوق ما أثنى عليه خلقه ) الرد على الجهمي : ص 219 .

وللقائم بذلك إن أحسن النية أجر عظيم ، ومنزلة في الدين كبيرة ، فهو قائم بحجج الله على عباده ، يرد على من انحرف انحرافه لا تأخذه في الله لومة لائم .حتى عدَّ بعض أئمة السلف من يقوم بذلك من أعظم المجاهدين في سبيل الله .

ـ قال محمد بن يحيى الذهلي – رحمه الله – يقول : سمعت يحيى بن يحيى – رحمه الله – يقول : ( الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله . قال محمد : قلت ليحيى : الرجل ينفق ماله ، ويتعب نفسه ، ويجاهد ؛ فهذا أفضل منه ؟ قال : نعم بكثير ) ذم الكلام وأهله ( 4 / 254) .

ـ وقال شيخ الإسلام – رحمه الله - : ( ثم القائل في ذلك بعلم لابد له من حسن النية ، فلو تكلم بحق لقصد العلو في الأرض أو الفساد كان بمنزلة الذي يقاتل حمية ورياء .
وإن تكلم لأجل الله تعالى مخلصا له الدين كان من المجاهدين في سبيل الله ، من ورثة الأنبياء ، خلفاء الرسل ) مجموع الفتاوى (28 / 235) .

ـ وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله - : (" 1082 – والدعوة إلى الله وكشف الشبه عن الدين "
وهاهنا أمر هام يصح أن يصرف فيه من الزكاة ، وهو إعداد قوة مالية للدعوة إلى الله ولكشف الشبه عن الدين ، وهذا يدخل في الجهاد ، هذا من أعظم سبيل الله . ) الفتاوى ( 4 / 143 ) .

فبيان ما يقع فيه السني من خطأ وانحراف ، وخاصة في العقيدة والمنهج ، ليس لأن القلوب امتلأت عليه كمدا وبغضا وحسدا ، كما يثيره الغوغائية وأشباههم على أهل الحق والصدق ، بل لأن الحق أحب إليهم من كل أحد .

ـ وقال ابن رجب - رحمه الله - : ( فأما مخالفة بعض أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم خطأ من غير عمد مع الاجتهاد على متابعته فهذا يقع كثيرا من أعيان الأمة من علمائها وصلحائها ، ولا إثم فيه ، بل صاحبه إذا اجتهد فله أجر على اجتهاده ، وخطأه موضوع عنه ، ومع هذا فلا يمنع ذلك من علم أمر الرسول الذي خالفه هذا أن يبين للأمة أن هذا مخالف لأمر الرسول ، نصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين ، ولا يمنع ذلك من عظة من خالف أمره خطأ ، وهب أن هذا المخالف عظيم له قدر وجلالة وهو محبوب للمؤمنين إلا أن حق الرسول مقدم على حقه ، وهو أولى للمؤمنين من أنفسهم ...
ومن هنا رد الصحابة ، ومن بعدهم من العلماء على كل من خالف سنة صحيحة ، وربما أغلظوا في الرد – لا بغضا له بل هو محبوب عندهم ومعظم في نفوسهم – لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليهم ، وأمره فوق أمر كل مخلوق .) .كتاب الحكم الجدير بالإذاعة : ص 125.

ولأن خطأ السني أعظم سريانا في الناس من خطأ البدعي ؛ لحسن ظن الناس به ، كما أن البدع التي يدعوا لها أهل البدع أعظم سريان في المسلمين من الكفر الذي يدعوا إليه اليهود والنصارى والملحدين .
فلذا وجب إنكاره وتحذير الناس منه لعظم التباسه عليهم ، فشابه خطره على أهل السنة خطر أهل البدع على أهل الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وأعداء الدين نوعان : الكفار ، والمنافقون . وقد أمر الله نبيه بجهاد الطائفتين في قوله : { جاهد الكفار ، والمنافقين ، واغلظ عليهم } في آيتين من القرآن

فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعا تخالف الكتاب ، ويلبسونها على الناس ، ولم تبين للناس : فسد أمر الكتاب ، وبدل الدين ؛ كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم ينكر على أهله .
وإذا كان أقوام ليسوا منافقين ، لكنهم سماعون للمنافقين : قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا ، وهو مخالف للكتاب ، وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين ، كما قال تعالى : { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ، ولأوضعوا خلالكم : يبغونكم الفتنة ، وفيكم سماعون لهم } فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء ؛ بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم ، فان فيهم إيمانا يوجب موالاتهم ، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين ، فلا بد من التحذير من تلك البدع ، وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم ؛ بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق ؛ لكن قالوها ظانين أنها هدى ، وأنها خير ، وأنها دين ، ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها .
ولهذا وجب بيان حال من يغلط في الحديث والرواية ، ومن يغلط في الرأي والفتيا ، ومن يغلط في الزهد والعبادة ؛ وإن كان المخطيء المجتهد مغفورا له خطؤه ، وهو مأجور على اجتهاده . فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب ؛ وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله . ) مجموع الفتاوى (28 / 232- 234) .

ومن هنا يظهر لك جليا معنى قول السلف أن أهل البدع أخطر ، وأضر على الإسلام ، والمسلمين من الكفار .
ـ قال ابن عبد البر – رحمه الله- : ( وقد رأى مالك استتابة الاباضية ، والقدرية ، فإن تابوا , وإلا قتلوا . ذكر ذلك إسماعيل القاضي عن أبي ثابت , عن ابن القاسم , وقال : قلت لأبي ثابت : هذا رأي مالك في هؤلاء حسب ؟ قال بل في كل أهل البدع ، قال القاضي : وإنما رأى مالك ذلك فيهم ، لافسادهم في الأرض ، وهم أعظم افسادا من المحاربين ؛ لأن افساد الدين , أعظم من افساد المال , لا أنهم كفار) التمهيد(4/ 238) .

ـ قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله ورعاه - : ( فانظر أخي كيف اتفقت كلمة هؤلاء العلماء ، الذين تعمقوا في معرفة البدع ، ودراستها ، ومعرفة أضرارها ، وأخطارها ؛ فأدركوا بثاقب بصرهم وذكائهم : أن أهل البدع أشد ضررا على المسلمين في دينهم من أعداء الله الكفار الصرحاء ، ومن الملاحدة . وأشد ضررا من إبليس . وأنهم من شياطين الإنس ، كما يقول الشاطبي – رحمه الله - . والسر في خطورتهم يلبسون لباس الإسلام ؛ فيسهل عليهم اصطياد المسلمين ، ومخادعتهم ، وإيقاعهم في هوة البدع ، وتقليب الأمور والحقائق عليهم ؛ بجعل الحق باطلا ، والباطل حقا ، والبدع سنة ، والسنة بدعة . وقد يتسببون في إدخال أناس في الكفر والنفاق والزندقة ، كما هو واقع كثير من أصناف المبتدعة ، لا سيما الروافض وغلاة الصوفية . بخلاف الكفار ؛ فإن نفوس المسلمين تنفر منهم ، ولا تنخدع بحيلهم ودعاياتهم ... ) المحجة البيضاء ص 42 .

هذا ما أردت كتابته فإن كان صوابا فبفضل الله ومنته وإن كان خطأ فأسأل الله العفو والغفران ، وأحرج على أخ علمه إلا أن يبينه بدليله وله الفضل بعد الله في رجوعي عنه .

كتبه أبو أنس الفايد العوني الرشيدي الأثري - غفر الله له ولوالديه ولمشائخه ولجميع المسلمين - .

يتبع إن شاء الله .

مليحان بن مرهج الفايد
12-20-2003, 11:15 PM
يرفع للفائدة .

ام الطيب
12-21-2003, 04:32 AM
بارك الله فيك وجزاك الله خير

مليحان بن مرهج الفايد
12-23-2003, 12:15 PM
وفيك بارك الله .

12d8c7a34f47c2e9d3==