المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما حكم سماع أشرطة الأناشيد الإسلامية ؟ الشيخ العلامة عبدالعزيز آل الشيخ


كيف حالك ؟

هادي بن علي
07-01-2007, 04:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

: سماحه الشيخ : ما حكم سماع أشرطة الأناشيد الإسلامية ؟

ج : إن ما يسمى بالأناشيد الإسلامية ، سمعنا بعضها ، وللأسف الشديد وجدناها أناشيد على النغمات الموسيقية ، مختار لها أرق الأصوات ، وألطفها ، وأحسنها جاذبة للقلوب ، فيؤتى بها وكأنها الغناء ، بل بعض الأصوات يفوق صوت الموسيقى ، ونغمات الموسيقيين ؛ لأنه يختار لها نوع خاص ، ويعطى ذلك ثوب الإسلام ،

ودين الإسلام بريء من هذه الأمور ، دين الإسلام فيه القوة والعزة ، وهؤلاء يشتغلون بتلك الأناشيد عن كلام الله ، وتصدهم تلك الأناشيد عن تلاوة القرآن ، يتعلقون بها ، وللأسف الشديد إنها قد تصحبها الطبول والدفوف ، على نغمات يسمونها إسلامية ، وهذا بلا شك خطأ ، أرجو من إخواننا أن يتجنبوه ، ويبتعدوا عنه .

العلامة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ حفظه الله
منقول من مجلة البحوث الإسلامية العدد السادس والستون - الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1423هـ
ما حكم سماع أشرطة الأناشيد الإسلامية (http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaDetails.aspx?View=Page&PageID=9554&PageNo=1&BookID=2&%23P77)

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
07-01-2007, 05:43 PM
جزاك الله خيرا

ابو العبادلة الاثري
07-01-2007, 06:21 PM
حيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـاك الله

الاثري83
07-01-2007, 08:47 PM
وفيه رد على فرقة الاخوان المسلمين الضالة المضلة الجاهلة المجهلة الذين من وسائل دعوتهم هذه التي تسمى "بالاناشيد الاسلامية"والله المستعان..

ابوعبدالرحمن السلفي الاثري
07-01-2007, 10:43 PM
جزاك الله خيرا

بوعائشة
07-02-2007, 10:40 AM
جزاكم الله خير على هذه الردود بل وصل الأمر أخواني إلى (( الرقص )) على أنغام هذه الأناشيد كما وردت إحدى المجلات - والله المستعان-

أبي عبيدة
07-03-2007, 09:13 PM
السلام عليكم هناك فتوى حيرتني لسماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ و هي بخصوص الموسيقى العسكرية فقد تردد الشيخ في تحريمها ونحن نعرف هذه الموسيقى جيدا أجبني أخي هادي

البلوشي
07-03-2007, 10:56 PM
سماحة المفتي الشيخ : عبد العزيز آل الشيخ ــ حفظه الله ــ

الأناشيد الإسلامية غير مشروعة


س : ما حكم التصفيق للنساء في الأعراس عندما يصاحبها إنشاد الأناشيد الإسلامية ؟؟

ج : أولاً ما يسمى بالأناشيد الإسلامية واستعماله في حفلات الزواج هذا غير مشرع ، فإن

الإسلام دين جد وعمل ، وما يسمى بالأناشيد الإسلامية ، هذا استعمال للأذكار في غير

محلها ، ولا ينبغي للناس أن يستعملوا ما يسمى بالأناشيد الإسلامية ، لأن فيها أشياء

من ذكر الله في هذا الحفل وما يصاحبها من تصفيق ونحو ذلك ، فإن هذه الأناشيد و التصفيق

وما يصحبها ، هذه من أخلاق الصوفية والله جل وعلا قد قال عن المشركين : (( وماَ كَان

صلاتهم عنْد البَيت إلاَ مكاءّ وتصديهً )) .

فالتصفيق مع هذه الأناشيد الإسلامية غير مشروع ،لأنها عبارة عن غناء لكنه منسوب

إلى الإسلام ولا يصح هذا ) .

( مجلة الدعوة عدد 1706 . وتاريخ 15 / 5/1420 هـ ) .

ابوعبدالرحمن السلفي الاثري
07-04-2007, 12:14 AM
تنبيه حول الأناشيد

قرأت في ( مجله الدعوة ) ( العدد 1406 - الاثنين 17 شوال 1406 هـ - ص 29 ) رسالة ممن سمت نفسها تغريد العبد العزيز ، وجهتها إلى مديري المراكز الصيفية والمدارس الأخرى ؛ نرجو منهم بذل المزيد من الجهود في إخراج الأناشيد الإسلامية ، وتقول أنها تلهب الحماس ، وتوقد في النفس جذوة الإيمان ؛ كما تزعم كذلك أنها تغني الفرد عن سماع الأشرطة التافهة ، والأغاني الماجنة ، وعن ترديد الكلمات الهابطة ، وتقول : إن بعض الفتيات اهتدين إلى الطريق المستقيم بسبب هذه الأشرطة الطيبة .

هذا ما تضمنته رسالة الأخت المذكورة .

- وأقول : يا أخت ! كان الأجدر بك أن توصي هذه الجهات بدراسة كتاب الله وسنة رسوله ، والعناية بدراستها العقدية الصحيحة والأحكام الشرعية ؛ كما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - : أمته بذلك في قوله : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي

- وقال - صلى الله عليه وسلم - : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وسنتي .

- فهذا هو الذي يقوي الإيمان في النفوس وهو الذي يهدي إلى الطريق المستقيم كما قال تعالى : وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا .

وأخبر سبحانه أن القرآن يهدي للتي هي أقوم ، وأنه يهدي للحق ، وإلى طريق مستقيم ، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - : يهدي إلى ذلك .

وأما الأناشيد ؛ فإنها لا تفقه في دين الله ، ولا تبصر بالعقيدة الصحيحة ، ولا تقوي الإيمان في النفوس ، وإنما يطرب لسماعها ويتلذذ بنغمها وترانيمها السذج .

هذا إذا كانت خالية من الأهداف السيئة ، كإثارة الفتنة ، والتحريش بين الناس ، والإغراء بشهوات النفس وغير ذلك من المقاصد السيئة لمروجيها . وتسمية هذه الأناشيد بأنها إسلامية يعطيها شيئًا من المشروعية ، وأنها من الدين ، وهذا شيء لم يقل به إلا ضلال الصوفيه ومبتدعيهم ، الذين يجعلون الأناشيد من الذكر والعبادة ؛ تشبهًا بالنصارى الذين يجعلون الأهازيج والترانيم جزءًا من صلواتهم ، فتسمية هذه الأناشيد بأنها إسلامية هو من باب التزييف ، والترويج لها ، والمجاراة لمذاهب الصوفية .

والصواب أنها تسمى أناشيد عربية ، ولا تجعل لها صبغة الديانة ، ولا تجعل ضمن البرامج الدينية ، بل ضمن البرامج العربية التي يقصد بها تقوية لغة الأولاد ، وتعليمهم الحكم العربية ؛ كما كان المسلمون في مختلف العصور يحفظون أولادهم الجيد من الشعر العربي ؛ ليستفيدوا منه في لغتهم ، وتنمية مداركهم ، وكما هو موجود في محفوظات المدارس .

وكان المسلمون ينشدون الشعر لأجل روايته وحفظه ، أو لإزالة السأم والفتور عند مزاولة بعض الأعمال ، أو لحداء الإبل في السفر ، وقد حصل شيء من هذا بحضرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فدل على إباحته في تلك الأحوال . وعلى هذا النمط فغاية ما يقال : إنه يباح ما كان من هذا النوع ، ولا يسمى نشيدًا إسلاميًا ، ولا يجعل ضمن البرامج الدينية ويسجل في الأشرطة ؛ كما يسجل القرآن أو العلوم الدينية ؛ لأجل تداوله ، والتوسع في نشره ؛ لأن هذا يكسبه الصبغة الشرعية ، وحينئذ يروج دين الصوفية والمبتدعة ، فهذا يجب التنبيه له ، والتنبيه عليه .

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

وقولها عن هذه الأناشيد التي طالبت بإخراجها : " أنها تغني الفرد عن سماع الأشرطة التافهة والأغاني الماجنة وعن ترديد الكلمات الهابطة " .

نقول : إن هذه الأشياء لا يجوز سماعها والاشتغال بها ، لكن ليس البديل منها أناشيد أخرى قد يكون سماعها أشد إثمًا إذا عددناها دينية ، وسميناها إسلامية ؛ لأن هذا يعد ابتداعًا وتشريعًا لم يأذن الله به .

والبديل الصحيح هو تسجيل القرآن الكريم والأحاديث النبوية والمحاضرات المفيدة في الفقه والعقيدة والمواعظ النافعة .

هذا هو البديل الصحيح ، لا أناشيد الصوفية وأشباههم . والله أعلم .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

تعقيب حول ما نشر في " مجلة الدعوة السعودية " حول الأناشيد

الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه .

وبعد : كنت قد عقبت على ما كتبته الأخت تغريد العبد العزيز في ( مجلة الدعوة ) من الثناء على ما سمته الأناشيد الإسلامية ، ومطالبتها المراكز الصيفية بالإكثار من إنتاجها ، فبينت لها أن هذا الثناء في غير محله ، وأن هذا الطلب غير وجيه ، وأن الأولى بها أن تطالب بالعناية بالكتاب والسنة ، وتعليم العقيدة الصحيحة والأحكام الشرعية ، فانبرى بعض الإخوان - وهو الأخ أحمد بن عبد العزيز الحليبي - سامحه الله - ينتصر لهذه الأناشيد ، ويدعي أنها شيء طيب ، وعمل جميل ، ويستدل لإثبات دعواه بأمور هي :

أولًا : إن هذه الأناشيد تلحق بالحداء الذي رخص فيه الشارع ، وكذلك تلحق بالارتجاز الذي رخص فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عند مزاولة الأعمال الشاقة .

ثانيًا : أن العلماء ، كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وابن الجوزي ، وابن حجر الهيتمي ؛ نصوا على جواز الحداء ، والارتجاز ، وسماع الشعر الذي فيه ثناء على الله ورسوله ودينه وكتابه ، والرد على أعداء الله وهجائهم . والنشيد الإسلامي - كما يسميه - لا يخرج عن هذه المعاني ، فهو شعر ملتزم بالأدب الإسلامي ، يرفع بصوت حسن .

ثالثًا : تسمية الأناشيد الإسلامية لا تعني المشروعية والابتداع في الدين ، وإنما هي وصف وتوضيح وتمييز عن غيرها من الأناشيد والأهازيج المحرمة ، وهو من المصطلحات الحديثة ؛ مثل : الحضارة الإسلامية ، والعمارة الإسلامية .

رابعًا : فرق الكاتب بين هذه الأناشيد التي سماها إسلامية وبين الصوفية التي تعد من البدع في الدين من وجهتين :

الأولى : أنهم أضفوا على أناشيدهم صفة القربة والطاعة .

الثانية : أن سماعهم لا يخلوا من الآلة التي تقرن بتلحين الغناء .

هذا حاصل ما كتبه أخونا أحمد في تسيغه ما سماه بالأناشيد الإسلامية .

وجوابنا عنه من وجوه :

الوجه الأول : أن هناك فروقًا واضحة بين ما يسمونه الأناشيد الإسلامية وبين ما رخص فيه الشارع من الحداء في السفر ، والارتجاز عند مزاولة الأعمال الشاقة ، وإنشاد الأشعار التي فيها مدح الإسلام ، وذم الكفر ، وهجاء المشركين ، ومع وجود هذه الفروق لا يصح لكم إلحاق هذه الأناشيد بتلك الأشياء .

والفروق كما يلي :

1 - أن الحداء في السفر ، والارتجاز عن الضجر ، وإنشاد الشعر المشتمل على مدح الإسلام وذم الكفر وهجاء الكفار لا يسمى نشيدًا إسلاميًا - كما تسمون نشيدكم بذلك - وإنما يسمى نشيدًا عربيًا .

إذًا ؛ فبينهما فرق من جهة التسمية الحقيقة .

2 - أن الحداء إنما يباح في السفر لأجل الحاجة إليه في السير في الليل ؛ لطرد النعاس ، واهتداء الإبل إلى الطريق بصوت الحادي ، وكذا الارتجاز عند مزاولة الأعمال الشاقة كالبناء ونحوه ، وأبيح للحاجة إليه بصفة مؤقتة ، وبأصوات فردية لا أصوات جماعية .

وما تسمونه بالأناشيد الإسلامية يختلف عن ذلك تمامًا ، فهو يفعل في غير الأحوال التي يفعل فيها النوع الأول ، وبنظام خاص وأصوات جماعية منغمة ، وربما تكون أصواتًا فاتنة ، كأصوات المردان وحدثاء الأسنان من البنين والبنات ، والأصل في الغناء التحريم ؛ إلا ما وردت الرخصة فيه .

3 - أن الحداء والارتجاز وإنشاد الشعر الذي جاء الدليل عليه بالترخيص فيه بقدر معين وحالة معينة لا يأخذ كثيرًا من وقت المسلم ، ولا يشغله عن ذكر الله ، ولا يزاحم ما هو أهم .

أما ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية ؛ فقد أعطى أكثر مما يستحق من الوقت والجهد والتنظيم ، حتى أصبح فنًا من الفنون يحتل مكانًا من المناهج الدراسية والنشاط المدرسي ، ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع ، حتى ملأ غالب البيوت ، وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات ، حتى شغل كثيرًا من وقتهم ، وأصبح استمتاعه يزاحم استماع تسجيلات القرآن الكريم والسنة النبوية والمحاضرات والدروس العلمية المفيدة .

فأين هذا من ذاك ؟

ومعلوم أن ما شغل عن الخير فهو محرم وشر .

الوجه الثاني : أن محاولة تسويغ تسمية هذه الأناشيد بالأناشيد الإسلامية محاولة فاشلة ؛ لأن تسميتها بذلك يعطيها صبغة الشرعية ، وحينئذ نضيف إلى الإسلام ما ليس منه .

وقول أخينا أحمد : " إن هذه التسمية لأجل التميز بينها وبين الأناشيد والأهازيج المحرمة قول غير صحيح ؛ لأنه يمكن التمييز بينهما بأن يقال : الأناشيد المباحة بدلًا من الأناشيد الإسلامية ، كغيرها من الأشياء التي يقال فيها : هذا مباح وهذا محرم ، ولا يقال هذا إسلامي ، وهذا غير إسلامي ، ولأن تسميتها بالأناشيد الإسلامية تسمية تلتبس على الجهال ، حتى يظنوها من الدين ، وأن في استماعها أجر وقربة .

وقول الأخ أحمد : " أن هذه التسمية من المصطلحات الحديثة ؛ مثل الحضارة الإسلامية والعمارة الإسلامية " .

نقول له : النسبة إلى الإسلام ليست من الأمور الاصطلاحية ، وإنما هي من الأمور التوقيفية ، التي تعتمد على النص من الشارع ، ولم يأت نص من الشارع بتسمية شيء من هذه الأمور إسلامي ، فيجب إبقاء الشعر على اسمه الأصلي ، فيقال " الشعر العربي والأناشيد العربية ، أما تسمية العمارة والحضارة بالإسلامية فهي تسمية الجهال ، فلا عبرة بها ، ولا دليل فيها .
الوجه الثالث : أن تفريق الأخ أحمد بين ما يسميه بالأناشيد الإسلامية وبين أناشيد الصوفية تفريق لا وجه له ؛ لأن بإمكان الصوفية أن يدعوا في أناشيدهم ما تدعونه في أناشيدكم من الفائدة والترغيب في الخير ، والتنشيط على العبادة والذكر ، فكما أنكم تدعون أن في أناشيدكم الحث على الجهاد ، وأنها كلام طيب بصوت حسن ، وفيها مدح الإسلام وذم الكفر ... إلى غير ذلك ؛ فيمكنهم أن يقولوا مثل ذلك في أناشيدهم .

وقولكم : " إن أناشيد الصوفية لا تخلو من الآلة التي تقرن بتلحين الغناء " .

هذا فارق مؤقت ، فربما يأتي تطوير جديد لأناشيدكم يدخل فيه استعمال الآلة فيها وتسمى موسيقى إسلامية ، أو دف إسلامي ، ويزول الفارق عند ذلك ؛ كما ورد أنه في آخر الزمان تغير أسماء بعض المحرمات ، وتستباح ، كاسم الخمر ، واسم الربا ... وغير ذلك .

فالواجب على المسلمين سد هذه الأبواب ، والتنبيه للمفاسد الراجحة ، والوسائل التي تفضي إلى الحرام ، والتنبيه كذلك لدسائس الأعداء في الأناشيد وغيرها .

ونحن لا نحتكر إباحة إنشاد الشعر النزيه وحفظه ، ولكن الذي ننكره ما يلي :

1 - ننكر تسميته نشيدًا إسلاميًا .

2 - ننكر التوسع فيه حتى يصل إلى مزاحمة ما هو أنفع منه .

3 - ننكر أن يجعل ضمن البرامج الدينية ، أو يكون بأصوات جماعية ، أو أصوات فاتنة .

4 - ننكر القيام بتسجيله وعرضه للبيع ؛ لأن هذا وسيله لشغل الناس به ، ووسيلة لدخول بدع الصوفية على المسلمين من طريقه ، أو وسيلة لترويج الشعارات القومية والوطنية والحزبية عن طريقه أيضًا .

وأخيرًا نسأل الله - عز وجل - أن يوفق المسلمين لما هو أصلح وانفع لدينهم ودنياهم ، ونقول ما قاله الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - :

" لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح أولها " .

وذلك باتباع الكتاب والسنة ، والاعتصام بهما ، لا بالأناشيد والأهازيج والترانيم .

والله ولي التوفيق .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

تعقيب ثالث وأخير حول الأناشيد

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه .

وبعد :

فقد قرأت في ( مجلة الدعوة ) ( العدد 1060 - تاريخ 3 / 2 / 1407 هـ ) تعقيب فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز الحليبي على ردنا عليه فيما كتبه في عدد سابق من هذه المجلة في تسويغه لما سماه بالأناشيد الإسلامية التي شغلت بال كثير من شباب المسلمين اليوم وافتتنوا بها
.

ويعلم الله أن قصدنا تخليصهم من هذه الفتنة التي أوقعتهم فيها هذه التسمية الظالمة : ( الأناشيد الإسلامية ) .

والحقيقة أنني لم أجد في تعقيبه المذكور سوى ترديد لما ذكره في الأول من التماس المسوغات ، فهذه الأناشيد بما نقله من الترخيص بالحداء لرعاة الإبل ، والارتجاز في حالة مزاولة الأعمال الشاقة ، وإنشاد حسان لبعض أشعاره عند النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقد بينت أن بين هذه الأنواع التي ذكرها وبين الأناشيد التي هي محل بحثنا فروقًا تجعلها منها مناط الثريا ، ولا داعي لتكرار ذلك ، فليراجعه من شاء في مقالنا السابق .

وأقتصر هنا على مناقشة الشيخ أحمد في بعض النقاط الزائدة المهمة في تعقيبه فأقول يا فضيلة الشيخ أحمد :

1 - قولك عن النشيد الذي سميته إسلاميًا : " إنك لم تقف على ما سماه بالنشيد العربي ، ووقفت على من ألحقه بالحداء " .

ثم ذكرت كلام ابن حجر في الحداء ، وأنه يلحق به غناء الحجيج المشتمل على التشويق إلى الحج بذكر الكعبة وغيرها من المشاهد .

- وأقول لك :

أولًا : كلام ابن حجر به نظر من ناحية جواز الغناء للحجيج ، هل ورد ما يدل عليه من الكتاب والسنة ؟ !

إن الذي ورد أن الحجيج في عبادة يناسبهم الاشتغال بذكر الله والتلبية لا الغناء ، ولا سيما في حالة الإحرام ؛ قال تعالى : فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ .

وهل كان الحجيج يغنون وهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقرهم على ذلك حتى يكون دليلًا ؟ !

ثانيًا : ابن حجر لا ينطبق كلامه على الأناشيد التي نحن بصدد الكلام عنها ؛ لأنه يتكلم عن إنشاد بعض الحجاج ، ويلتمس دليلًا على جوازه بإلحاقه بالحداء ، وعلى تسليم صحة هذا الاستدلال له ؛ إن قلت : نحن نقيس على ذلك . قلنا : هذا قياس مع الفارق ؛ لأن الأناشيد التي يعنيها ابن حجر ليست بأصوات جماعية ، يصطف لها طوابير يؤدونها ، ثم تسجل بآلاف الأشرطة للتوزيع والبيع والحفظ في المكتبات الصوتية ؛ كما تعلمونه في أناشيدكم .

وكذلك الإنشاد الذي ورد ذكره في الأحاديث على صفة حداء أو ارتجاز أو إلقاء من حسان أو غيره هل كان ذلك جماعيًا كما هو الحال في أناشيدكم ! لا بل هو كما يقول الرواة مثلًا : أنشد حسان ، أو أنشد ابن رواحة ، أو أنشد بلال ، أو أنشد عامر بن الأكوع ، كل شخص ينشد بمفرده .

ثم هل كانوا يسمون هذه المنشدات : أناشيد إسلامية ، كما تسمون أناشيدكم بذلك ؟ ! وهل كانوا يملئون بها بيوتهم ، ويشغلون بها شبابهم ؛ كما تفعلوه ؟ !

ثالثًا : قولك عن أناشيدكم هذه : " لم أقف على ما سماها بالنشيد العربي " .

نقول لفضيلتك : إذا كان الأمر كذلك ؛ فكيف يصح لك أن تستدل على جوازها بإنشاد النشيد العربي الذي وردت بجوازه الأحاديث وأقوال أهل العلم ، وهي لا تسمى نشيدًا عربيًا على حد قولك ؟ !

وكيف جاز لك أن تسميه نشيدًا إسلاميًا ، ونحن وأنت لا نجد في دواوين الإسلام ما يسمى بهذا الاسم ، اللهم إلا ما عند الصوفية مما يقارب هذه التسمية مما هو من جملة شطحاتهم ؟ !

2 - قولكم : " فهذه الأدلة تدل على أن سماع النشيد كان كثيرًا ، وبأصوات فردية وجماعية " .

نسأل فضيلتكم أين وجهة الدلالة منها على أن ذلك كان بأصوات جماعية حتى نسلم لكم هذه الدعوى ؟ وأين وجه الدلالة على هذه الكثرة التي ادعيتها ؟

3 - قول فضيلتكم : " ولا مانع عندي من سماعه ( أي : النشيد ) في المجالس والنوادي المدرسية ، للنصوص السابقة "
.

- أقول : هذه هو بيت القصيد لديكم . ولكن ما وجه الدلالة من النصوص السابقة على جوازه في هذه الأمكنة ؟ هل كان السلف يعلمونه أولادهم في المدارس والكتاتيب والحلقات العلمية والربط المدرسية التي هي بمثابة الجامعات الحالية ؟

هل كانوا يجعلون الأناشيد الجماعية من ضمن دروسهم وأعمالهم العلمية التي يتلقونها في هذه الدور العلمية ؟

عليك أن تثبت لنا ذلك ، وأين ؟ ومتى ؟

4 - قول فضيلتكم : إنك لم تقف على ما يدل على منع سماع الأصوات الفاتنة من المردان ونحوهم .

أقول لفضيلتكم : نحن وجدنا هذا في كتاب الله - عز وجل - في قوله تعالى : فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا

قال ابن كثير - رحمه الله - في ( تفسيره ) ( 5 / 415 - طبعة دار الأندلس ) ما نصه : " قال السدي وغيره : يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ... " إلى أن قال : " ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم ... " انتهى .

فدل هذا على أن الصوت قد يكون فيه فتنة أشد من فتنة النظر إذا كان من امرأة ، ومثل ذلك صوت الشاب الأمرد .

قال الشاعر :

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشـق قبـل العيـن أحيانًـا



وقال العلامة ابن القيم في ( إغاثة اللهفان ) ( 1 / 248 ) : " وأما سماعه ( يعني : الغناء ) من المرأة الأجنبية أو الأمرد ؛ فمن أعظم المحرمات وأشدها فسادًا للدين ... " انتهى .

فهذا ابن القيم يعد صوت الأمرد مثل صوت المرأة في الفتنة به .

5 - قول فضيلتكم : " إن القاعدة الأصولية أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم " .

- وتريدون بهذا القول أن الأصل في الغناء الإباحة ، إلا ما حرمه الدليل
.

ونقول لفضيلتكم :

أولًا : هذه القاعدة مختلف فيها ، فهناك من يرى العكس ، وهو الأصل في الأشياء التحريم إلا ما دل الدليل على إباحته ، فهي ليست قاعدة مسلمة .

ثانيًا : وعلى القول بأن الأصل في الأشياء الإباحة ، فالغناء دل الدليل على تحريمه ، فالأصل فيه التحريم إلا ما دل دليل على إباحته منه .

والدليل على أن الأصل في الغناء التحريم قوله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ .

ولهو الحديث المذكور في الآية هو الغناء بجميع أنواعه ، فيحرم كله ، إلا ما دل الدليل على إباحته منه .

قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - في ( إغاثة اللهفان ) ( 1 /257 ) : " قال الواحدي وغيره : المراد به لَهْوَ الْحَدِيثِ : الغناء . قاله ابن عباس وقاله ابن مسعود ... " . إلى أن قال : " أكثر ما جاء في التفسير أن لَهْوَ الْحَدِيثِ ها هنا هو الغناء ؛ لأنه يلهي عن ذكر الله تعالى ... " . إلى أن قال : " وقد جاء في تفسير لهو الحديث الغناء مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -

وذكر الأحاديث الواردة في ذلك ثم قال : " إذا عرف هذا ، فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن ، وإن لم ينالوا جميعه ... " انتهى .

وإذا كان الأصل في الغناء التحريم ؛ فإنه لا يحل منه إلا ما دل الدليل على جوازه ، من حداء الإبل ، والارتجاز عند مزاولة العمل المتعب ، وما شابه ذلك مما وردت به الأدلة الصحيحة فيقتصر فيه على ما ورد قدرًا وكيفية - كما مر بيانه - لأن الرخصة تقتصر على ما رخص فيه ، ولا يسمى ما رخص به نشيدًا إسلاميًا ، وإنما يسمى نشيدًا عربيًا ، ولا ينشر في المدارس والبيوت ويباع في محلات التسجيل ؛ لأن هذا تجاوز للرخصة .

6 - ثم إننا نسألكم يا فضيلة الشيخ أحمد : ما هدفكم من هذه الأناشيد ؟


هل هو لأجل ترويح النفوس بها والتلذذ بإنشادها ؟ فيكون الهدف منها غير ديني ، ولا يقتصد بها التقرب إلى الله ، وإنما هو هدف ترويحي فقط ، فهذا إنما يباح منه ما رخص به ، وفي مثل الأحوال التي وردت فيه الرخصة ، لا على الشكل الذي عليه الأناشيد لديكم ، فقد أخذت أناشيدكم طابعًا غير الطابع المرخص فيه كما بيناه .

وإن كان هدفكم منها هدفًا دينيًا - كما توحي به تسميتكم لها بالإسلامية - فهذا لا يخلو من أحد أمرين :

إما أن تكون من جنس أناشيد الصوفية التي يعدونها من دينهم ، ومن الأمور التي تقربهم إلى الله - عز وجل - فتأخذ حكمها في الابتداع والحرمة .

وإما أن تكون من الأمور المبتدعة التي عددتموهما من وسائل الدعوة واجتذاب الشباب إلى الخير -كما يصرح بعضكم - ووسائل الدعوة لا تكون بالأغاني والأهازيج ، وإنما تكون بالكتاب والسنة ومنهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي سار عليه في دعوته للناس .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : في ( مجموع الفتاوى ) ( 11 / 620 - 635 ) لما سئل عمن أراد أن يجتذب العصاة ، فأقام لهم سماعًا ( يعني : نشيدًا ) يجتمعون فيه ، ويكون ذلك النشيد بشعر مباح بغير ( شبابة ) كما يقول السائل ، فلما فعل هذا : تاب جماعة ، وأصبح من لا يصلي ويسرق ، ولا يزكي يتورع عن الشبهات ، ويؤدي الفرائض ويجتنب المحرمات ، قال السائل : فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه ، لما يترتب عليه من المصالح ، مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلا بهذا ؟ !

فأجاب - رحمه الله - بقوله : " الحمد لله رب العالمين . أصل جواب هذه المسألة ، وما أشبهها أن يعلم أن الله بعث محمدًا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدًا " ...

ومضى - رحمه الله - في بيان أن الله أكمل الدين ، وأمر الخلق برد ما تنازعوا فيه إلى ما بعث الله به رسوله ، وأخبر أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويحل الطيبات ويحرم الخبائث ... إلى أن قال : " إذا عرف هذا ؛ فمعلوم أن ما يهدي الله به الضالين ويرشد به الغاوين ، ويتوب به على العاصين لا بد أن يكون فيما بعث الله به رسوله من الكتاب والسنة ، وإلا فإنه لو كان ما بعث الله به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يكفي ذلك ؛ لكان دين الرسول ناقصًا محتاجًا تتمة .

وينبغي أن يعلم أن الأعمال الصالحة أمر الله لها أمر إيجاب واستحباب ، والأعمال الفاسدة نهى الله عنها ، والعمل إذا اشتمل على مصلحة ومفسدة ، فإن الشارع حكيم ، فإذا غلبت المصلحة على مفسدته شرعه ، وإن غلبت مفسدتة على مصلحته لم يشرعه ، بل نهى عنه كما قال تعالى : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .

وقال تعالى : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا .

ولهذا حرمهما الله بعد ذلك .

وهكذا ما يراه الناس من الأعمال مقربًا إلى الله ، ولم يشرعه الله ، ولا رسوله ؛ فإنه لا بد أن يكون ضرره أكبر من نفعه وإلا فلو كان نفعه أعظم غالبًا على ضرره ؛ لم يهمله الشارع ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - حكيم لا يهمل مصالح الدين ، ولا يفوت المؤمنين ما يقربهم إلى رب العالمين .

إذا تبين هذا ؛ فنقول للسائل : إن الشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعين عن الكبائر ، فلم يمكنه إلا بما ذكر من الطريق البدعي ، وهذا يدل على أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها يتوب العصاة ، أو عاجز عنها فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هم شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية ، فلا يجوز أن يقال : إنه ليس في الطرق الشرعية التي بعث الله بها نبيه ما يتوب به العصاة ، فإنه قد علم بالضرورة والنقل المتواتر أنه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لا يحصيه إلا الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التي ليس فيها ما ذكر من الاجتماع ، بل السابقون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان - وهم خير أولياء الله المتقين من هذه الأمة - تابوا إلى الله تعالى بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية ، وأمصار المسلمين وقرأها قديمًا وحديثًا مملوءة ممن تاب إلى الله واتقاه ، وفعل ما يحبه الله ويرضاه ، بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية .

فلا يمكن أن يقال : إن العصاة لا يمكن توبتهم إلا بهذه الطرق البدعية ، بل قد يقال : إن من الشيوخ من يكون جاهلًا بالطرق الشرعية ، عاجزًا عنها ، ليس عنده علم بالكتاب والسنة ، وما يخاطب به الناس ويسمعهم إياه مما يتوب الله عليهم فيعدل هذا الشيخ عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية ، وإما مع حسن القصد إن كان له دين ، وإما أن يكون غرضه الترؤس عليهم وأخذ أموالهم بالباطل ، كما قال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ .

فلا يعدل عن الطرق الشرعية إلى البدعة إلا لجهل أو عجز أو غرض فاسد ، وإلا فمن المعلوم أن سماع القرآن هو سماع النبيين والعارفين والمؤمنين .

قال تعالى في النبيين : أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا .

وقال تعالى في أهل المعرفة : وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ

وقال تعالى في حق أهل العلم : إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا .

وقال في المؤمنين : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ... " .

إلى أن قال - رحمه الله - : " إذا عرف هذا ؛ فحقيقة السؤال : هل للشيخ أن يجعل هذه الأمور التي هي إما محرمة أو مكروهة أو مباحة قربة وعبادة وطاعة وطريقة إلى الله ، يدعو بها إلى الله ويتوب العاصين ، ويرشد به الغاوين ، ويهدي به الضالين ؟

ومن المعلوم أن الدين له أصلان ، فلا دين إلا ما شرعه الله ، ولا حرام إلا ما حرمه الله ، والله تعالى عاب على المشركين أنهم حرموا ما لم يحرم الله ، وشرعوا دينًا لم يأذن به الله .

ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين هل يباح له ذلك ؟ قال نعم ؟ فإذا قيل : إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة ؛ قال : إن فعله على هذا الوجه حرام منكر ؛ يستتاب فاعله ؛ فإن تاب ، وإلا قتل " ؟

وذكر - رحمه الله - أمثله من هذا النوع ... ثم قال : " والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن العاصي يعلم أنه عاص فيتوب والمبتدع يحسب أن الذي يفعله طاعة فلا يتوب ، ولهذا من حضر السماع للهو واللعب لا يعده من صالح عمله فلا يرجوا به الثواب ، وأما من فعله على أنه طريق إلى الله تعالى ؛ فإنه يتخذه دينًا ، وإذا نهي عنه كان كمن نهي عن دينه ورأى أنه قد انقطع عن الله ، وحرم نصيبه من الله إذا تركه ، فهؤلاء ضلال باتفاق علماء المسلمين ، ولا يقول أحد من أئمة المسلمين أن اتخاذها دينًا وطريقًا إلى الله تعالى أمر مباح ، بل من جعل هذا دينًا وطريقًا إلى الله تعالى ؛ فهو ضال مفتر مخالف لإجماع المسلمين " انتهى المقصود من كلام الشيخ - رحمه الله - .

وقال الشاطبي - رحمه الله - في كتاب ( الاعتصام ) ( 1 / 270 - 273 ) في رده على بعض المبتدعة ما ملخصه : " وأما ما ذكره من الإنشادات الشعرية ؛ فجائز للإنسان أن ينشد الشعر الذي لا رفث فيه ، ولا يذكر بمعصية ، وأن يسمعه من غيره إذا أنشد على الحدّ الذي كان ينشد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عمل به الصحابة والتابعون ، ومن يقتدى به من العلماء ، وذلك أنه كان ينشد ويسمع لفوائد ؛ منها : المنافحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الإسلام وأهله ، ولذلك كان حسان بن ثابت - رضي الله عنه - قد نصب له منبر في المسجد ينشد عليه إذا وفدت الوفود ، حتى يقولوا : خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - : ( اهجهم ، وجبريل معك ) وهذا من باب الجهاد في سبيل الله .

ومنها أنهم كانوا يتعرضون لحاجاتهم ، ويستشفعون بتقديم الأبيات بين يدي طلباتهم كما فعل ابن زهير - رضي الله عنه - وأخت النضر بن الحارث ، مثل ما يفعل الشعراء مع الكبراء ، هذا ما لا حرج فيه ما لم يكن في الشعر ذكر ما لا يجوز ... " ... إلى أن قال : " ومنها أنهم ربما أنشدوا الشعر في الأسفار الجهادية تنشيطًا لكلال النفوس ، وتنبيها للرواحل أن تنهض في أثقالها ، وهذا حسن .

لكن العرب لم يكن لها من تحسين النغمات ما يجري مجرى ما الناس عليه اليوم ، بل كانوا ينشدون الشعر مطلقًا من غير أن يتعلموا هذه الترجيعات التي حدثت بعدهم ، بل كانوا يرققون الصوت ويمطونه على وجه يليق بأمية العرب الذين لم يعرفوا الموسيقى ، فلم يكن فيه إلذاذ ، ولا طرب يلهي ، وإنما كان لهم شيء من النشاط ، كما كان الحبشة وعبد الله بن رواحة يحدوان بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

ومنها أن يتمثل الرجل بالبيت أو الأبيات من الحكمة من نفسه ليعظ نفسه أو ينشطها أو يحركها لمقتضى معنى الشعر " .

ثم ذكر الشاطبي عن القرافي أنه قال : " في الماضين من الصدر الأول حجة على من بعدهم ، ولم يكونوا يلحنون الأشطار ، ولا ينغمونها بأحسن ما يكون من النغم إلا من وجه إرسال الشعر واتصال القوافي ، فإن كان صوت أحدهم أشجن من صاحبه كان ذلك مردودًا إلى أصل الخلقة ، لا يتصنعون ولا يتكلفون " انتهى .

وقد تبين لنا من كلام هذين الإمامين الجليلين أن من اتخذ هذه الأناشيد وسيله من وسائل التعبد والدعوة إلى الله وقال : إنه لا يمكنه جمع الشباب واستقطابهم إلا بهذه الأناشيد ، فهو ضال مبتدع ، كما ذكره الشيخ تقي الدين في أمثاله ممن زعم أنه يستجلب توبة العصاة بما يقيم لهم من السماع الذي هو النشيد ، وقد أنكر الشيخ فعله هذا وعده من البدع المنكرة ؛ لأن طريق الدعوة هو ما شرعه الله ورسوله ، لا ما نهى الله عنه ورسوله ، والله ورسوله لم يشرعا الغناء والأناشيد طريقًا للدعوة .

فالواجب على من يفعل ذلك أن يتوب إلى الله ، ويرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع للحق فضيلة ، ولا يغتر بمن يفعل ذلك ، فإنهم إما جهال ، أو أصحاب أهداف مغرضة وشعارات مضللة .

7 - وقولكم يا شيخ أحمد : " إن تسمية الأناشيد بالإسلامية لا تعني الابتداع والمشروعية ، لا غضاضة في إطلاقها على المباح ؛ لأن المباح من الشرع
... . " .

نقول " أولًا : لا نسلم أن أناشيدكم من المباح .

وثانيًا : هذا فيه إجمال وخلط ؛ لأنه إذا كان القصد اتخاذ الأناشيد أسلوبًا من أساليب الدعوة وتتويب العصاة ، فهذا بدعة وضلال ، كما بينه شيخ الإسلام فيما نقلنا عنه وحينئذ لا يجوز أن يقال عن هذه الأناشيد إنها إسلامية ، بل يقال أناشيد بدعية .

وإن كان القصد من اتخاذ الأناشيد الترويح عن النفوس ، فهذا إنما يباح منه ما وافق المرخص فيه الغناء - كما سبق - وحينئذ لا يسمى إسلاميًا أيضًا ؛ لأن المباح لا يقال له إسلامي ، وإنما يقال : مباح فقط ، فلا يقال الطعام والشراب الإسلامي ، ولا السيارة الإسلامية واللحم الإسلامي ، ولا غير ذلك من سائر المباحات .

وابن قدامة المقدسي الذي نقلت عنه قوله : " إن المباح من الشرع " لم يسم المباح إسلاميًا حتى يتم لك الاستشهاد بقوله ومعنى قوله : " وهو من الشرع " يوضحه في أول كلامه في حد المباح بأن ما أذن الله في فعله وتركه غير مقترن بذم فاعله ، ولا مدحه ، إذ ليس معنى كونه من الشرع أن الشرع أمر به أمر إيجاب أو استحباب ، وإنما معناه أن الشارع أذن فيه والمأذون به من غير أمر بفعله لا يسمى إسلاميًا ، وإنما يسمى بذلك المأمور به أمر إيجاب أو استحباب .

ثم إنهم يعنون بهذه العبارة قسمًا من المباح يرى المعتزلة أن إباحته ثبتت بالفعل فأرادوا الرد عليهم بذلك ، ولا يعنون أن المباح مشروع شرعية إيجاب أو استحباب ، أو إنه إسلامي .

وقولك : فيصح التسمية بالأناشيد المباحة أو الشرعية أو الإسلامية " .

هذا الكلام فيه تسوية بين أمور مختلفة ، وهو أخطر مما قبله ؛ لأنك أجزت أن يقول : الأناشيد الشرعية ، والشرعية تعني : الواجب والمستحب فعلى هذا تكون الأناشيد واجبة ومستحبة ، وهذا شرع دين جديد من جنس دين الصوفية الذين يتقربون إلى الله بالأناشيد ، أو من جنس عمل الذي يجعل الأناشيد من طرق الدعوة إلى الله ، وقد رد عليه شيخ الإسلام فيما نقلنا عنه ، ولا يكون مشروعًا إلا ما أمر الله به رسوله ، فما هذه المغالطة المكشوفة يا شيخ أحمد هداك الله ؟ .

ثم إنك تناقضت مع نفسك فقد قلت فيما سبق : " إن التسمية الإسلامية بالإسلامية لا تعني الشرعية " ثم تقول " تجوز تسميتها شرعيه " .

8 - قولكم : " إن النساء يباح لهن استخدام الدف مع الأناشيد "


هل ترون يا فضيلة الشيخ أحمد أن النساء يباح لهن ذلك مطلقًا كما هو ظاهر عبارتكم ؟ إن رأيتم ذلك فقد أخطأتم خطأ كبيرًا ؛ لأن النساء لا يجوز لهن ذلك إلا في مناسبات محدودة بينها الشارع ، كإعلان النكاح ، وبشرط خلوهن من الرجال ، مع عدم رفع أصواتهن بحيث يسمعن الرجال ، نص على ذلك الفقهاء ، وأظنك غير بعيد عن العهد بالفقه ، ولا يخفى عليك ذلك إن شاء الله .

قال في ( الزاد ) وشرحه ( 3 / 124 ) بحاشيه النقري : " ( ويُسن الدف ) أي : الضرب به إذا كان لا حلق به ، ولا صنوج فيه ، أي في النكاح للنساء ، وكذا ختان ، وقدوم غائب ، وولادة ، وإملاك ... "

هذا وأسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه ، فإن هذا هو المهم .

كما أسأله أن يرزقنا جميعًا العلم النافع ، والعمل الصالح ...

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله صحبه .

تكملة : قد اطلعت على مقال للأستاذ محمد العيسى في كتابه " حوار مع الأفكار " يدافع فيها عما يسمى بالأناشيد الإسلامية ، وهذه المقالة لا تزيد عما قاله الأستاذ أحمد الحليبي ؛ إلا أنها تمتاز عنه بالغموض وركاكة الأسلوب والإغراب في الاستدلال ، حيث استدل على إباحة هذه الأناشيد بأنها نوع من الشعر ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ردد الشعر وأعجب به ، وإن من الأناشيد ما يفقه في الدين ، ومثّل لذلك بـ " المنظومة الرحبية في الفرائض " و " نونية ابن القيم " و " الألفية في النحو " .

والجواب عن ذلك :

أولًا : كون الأناشيد نوعًا من الشعر لا يكفي في إباحتها ؛ إلا إن كان يكفي الاستدلال لحل الخمر بكون أصلها من التمر أو الزبيب .

وثانيًا : لا أعلم أحدًا صار فقيهًا بسبب الأناشيد ، بل الأقرب أنه يصير مطربًا ، ولا أعلم أحدًا من الأمة سمّى الرحبية أو النونية أو الألفية أناشيد إسلامية ، فلم يقولوا الأنشودة الرحبية أو الأنشودة النونية ، وإنما يقولون " المنظومة الرحبية " و " القصيدة النونية " ولم يكونوا ينشدونها إنشادًا جماعيًا بقصد التطريب ، بل كانوا يحفظونها ويقرؤونها في حلقات التدريس .

ثمّ إن الأستاذ عليًا في ختام مقاله الطويل طول الليل الدامس قال : " لا يطالب مؤيد وجودها - أي : الأناشيد - بأدلة شرعية " .

وكأنه قال ذلك حينما أحس بعجزه عن إقامة الدليل ، وكفى بهذا اعترافًا منه بعدم جوازها . والله أعلم .

ابوصلاح
07-04-2007, 05:35 AM
جزاك الله خيرا وبارك فيك

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
07-04-2007, 02:05 PM
جزاكم الله خيرا يرفع

هادي بن علي
07-20-2007, 08:11 PM
قال الشيخ العلامة الإمام الألباني في كتابه تحريم آلات الطرب:
كلمة في الاناشيد الإسلامية:

فقد تبين من الفصل السابع ما يجوز التغني به من الشعر وما لا يجوز. كما تبين من قبله تحريم آلات الطرب كلها إلا الدف في العيد والعرس للنساء.
ومن هذا الفصل الأخير أنه لا يجوز التقرب إلا الله تعالى إلا بما شرع الله، فكيف يجوز التقرب إليه بما حرم؟ وأنه من أجل ذلك حرم العلماء الغناء الصوفي.
واشتد انكارهم على مستحليه، فإذا استحضر القارئ في باله هذه الأصول القوية تبين له بكل وضوح أنه لا فرق من حيث الحكم بين الغناء الصوفي والأناشيد الدينية.
بل قد يكون في هذه آفة أخرى، وهي أنها قد تلحن على ألحان الأغاني الماجنة، وتوقع على القوانين الموسيقية الشرقية أو الغربية التي تطرب السامعين وترقصهم وتخرجهم عن طورهم، فيكون المقصود هو اللحن والطرب، وليس النشيد بالذات وهذه مخالفة جديدة وهي التشبه بالكفار والمجان.
وقد ينتج من ذلك مخالفة أخرى، وهي التشبه بهم في إعراضهم عن القرآن وهجرهم إياه، فيدخلون في عموم شكوى النبي صلى الله عليه وسلم من قومه كما في قوله تعالى: ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا).
وإني لأذكر جيدا أنني لما كنت بدمشق قبل هجرتي إلى (عمّان) بسنتين، أن بعضا الشباب المسلم بدأ يتغنى ببعض الأناشيد السليمة المعنى قاصدا بذلك معارضة غناء الصوفية بمثل قصائد البوصيري وغيره، وسجل ذلك في شريط، فلم يلبث إلا قليلا حتى قرن معه الضرب على الدف ثم استعملوه أول في الأمر في حفلات الأعراس، على أساس أن (الدف) جائز فيها، ثم شاع الشريط واستنسخت منه نسخ وانتشر استعماله في كثير من البيوت، وأخذوا يستمعون إليها ليلاً ونهاراً بمناسبة وبغير مناسبة، وصار ذلك سلواهم وهجيراهم، وما ذلك إلا من غلبة الهوى والجهل بمكائد الشيطان، فصرفهم عن الاهتمام بالقرآن وسماعه فضلاً عن دراسته، وصار عندهم مهجوراً كما جاء في الآية الكريمة. قال ابن كثير في تفسيرها 3/317 (يقول تعالى مخبراً عن رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) وذلك أن المشركين كانوا لا يسمعون القرآن ولا يستمعونه، كما قال تعالى: ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) فصلت:26.
فكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره حتى لا يسمعوه، فهذا من هجرانه وترك الإيمان به. وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه. فنسأل الله الكريم المنان القادر على ما يشاء أن يخلصنا من سخطه ويستعملنا فيما يرضيه من حفظ كتابه وفهمه والقيام بمقتضاه أناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يحبه ويرضاه إنه كريم وهاب)
وقبل ذلك في عنوان ( الغناء الصوفي والأناشيد الإسلامية) : ذكر الشيخ مقدمة طيبة في أنه لا يعبد إلا الله وحده ولا يعبد إلا بما شرع، وهذه من مقتضيات المحبة والتي يجد بها العبد حلاوة الإيمان.

ثم قال: إذا عرف هذا فإني أرى لزاما عليّ انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم: " الدين النصيحة" أن أذكر من ابتلي من إخوننا المسلمين – من كانوا وحيثما كانوا – بالغناء الصوفي أو ما بما يسمونه ب(الأناشيد الدينية) اسماعاً واستماعاً بما يلي:
- أن الغناء المذكر محدث لم يكن معروفا في القرون المشهود لهم بالخيريه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( البدعة أحب إلى ابليس من المعصية، ولهذا من حضر السماع للعبٍ أو لهوٍ لا يعده من صالح عمله، ولا يرجو به الثاواب.
- وأما من فعله على أنه طريق إلى الله تعالى فإنه يتخذه دينا ورأى أنه قد انقطع عن الله، وحُرم نصيبه من الله إذا تركه.
فهؤلاء ضلال باتفاق علماء المسلمين، ولا يقول أحد من الأئمة أن اتخاذ هذا ديناً طريقا إلى الله أمر مباح، بل من جعل هذا ديناً وطريقاً إلى الله تعالى فهو ضال مضل، مخالف لإجماع المسلمين.
ومن نظر إلى ظاهر العمل وتكلم عليه، ولم ينظر إلى فعل العامل ونيته، كان جاهلا متعلما في الدين بلا علم) اه من مجموع الفاوى (11/621-623)
ثالثا: لا يجوز التقرب إلى الله بما لم يشرعه، ولو كان أصله مشروعا كالأذان لصلاة العيدين.
هذا فيما أصله مشروع فكيف بما يحرم وما فيه مشابهة للنصارى ممن قال الله عنهم: ( اتخذوا دينهم لهوا ولعبا ) وبالمشركين الذين قال الله تعالى عنهم: ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية )، والمكاء الصفير والتصدية التصفيق.
- قال الشافعي: تركت بالعراق شيئا يقال له: التغبير أحدثته الزنادقة يصدون به الناس عن القرآن.
- وسئل عنه أحمد فقال : بدعة
- وفي رواية أنكره ونهى عن استعماله.
والتغبير شعر يزهد في الدنيا، يغني به مغن فيضرب الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه كما قال ابن القيم وغيره.
وقال ابن تيمية في المجموع 11/570:
( وما ذكره الشافعي من أنه من احداث الزنادقة فهو كلام إمام خبير بأصول الدين، فإن هذا السماع لم يرغب فيه ويدعو إليه في الأصل إلا من هو متهم بالزندقة كابن الراوندي، والفارابي وابن سينا وأمثالهم. كما ذكر أبو عبدالرحمن السلمي في مسأله السماع).
وقال شيخ الإسلام أيضا:
( وقد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهّادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة، مع ضرب الكف أو ضرب بالقضيب أو الدف. كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ولا لعامي ولا لخاصي)
ثم قال شيخ الإسلام ص573-576:
( ومن كان له خبرة بحقائق الدين وأحوال القلوب ومعارفها وأذواقها ومواجيدها، عرف أن سماع المكاء والتصدية لا يجلب للقلوب منفعة ولا مصلحة إلا وفي ضمن ذلك من الضرر والمفسدة ما هو أعظم منه)
وقال فضيلة الشيح: محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في محاضرة له مسجلة في شريط بعنوان ( حكم الأناشيد الإسلامية) :
(... العالم الإسلامي فعلا استيقظ من غفلته ومن نومته العميقة الطويلة أخذ يعود إلى الإسلام، رويداً رويداً. وانتبه أصحاب المصالح بأن هناك أحكاما تخالف الشريعة فأخذوا يبررونها ويلونونها ومن ذلك يسمونها بغير اسمها، فيجب أن ننتبه لهذه الحقيقة، من تغيير الحقائق بتغيير الأسماء، منها الأناشيد الإسلامية.
- لا يوجد في الإسلام طيلة أربعة عشر قرنا، أناشيد تسمى بالأناشيد الإسلامية.
هذا من مخترعات لعصر الحاضر، تسليك لما كان سالكا في طيلة القرون الماضية، ولكن مع إنكار طائفة من كبار العلماء لذلك الأمر السالك، وهو أغاني الصوفية في مجالسهم التي يسمونها بمجالس الذكر.

12d8c7a34f47c2e9d3==