المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفة الحج للشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله


كيف حالك ؟

خالد الردادي
12-18-2003, 08:05 PM
صفة الحج للشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله أصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: إنكم تستقبلون في هذه الأيام السفر إلى بيت الله الحرام راجين من الله تكفير ذنوبكم والآثام والفوز بدار السلام والخلف العاجل عما أنفقتموه في هذا السبيل من الأموال.

فيا أيها المسلمون إنكم تتوجهون إلى بيت ربكم وحرماته إلى أمكنة فاضلة تؤدون فيها عبادة من أفضل العبادات لستم تريدون بذلك نزهة ولا فخرا ولا رياء، بل تريدون عبادة تتقربون بها إلى الله وتخضعون فيها لعظمة ربكم، فأدوها أيها المسلمون كما أمرتم من غير غلو ولا تقصير ولا إهمال ولا تفريط.

وقوموا فيها بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة وغيرها من شرائع الدين إذا خرجتم مسافرين إليها فاستحضروا أنكم خارجون لعبادة من أجل الطاعات وفي سفركم التزموا القيام بالواجبات من الطهارة والجماعة للصلاة، فإن كثيرا من الناس يفرطون في الطهارة فيتيممون مع إمكان الحصول على الماء.

وإن من وجد الماء فلا يجوز له أن يتيمم، وبعض الناس يتهاون بالصلاة مع الجماعة فتجده يتشاغل عنها بأشياء يدركها بعد الصلاة، وإذا صليتم فصلوا قصرا تجعلون الصلاة الرباعية ركعتين من خروجكم من بلدكم حتى ترجعوا إليه إلا أن تصلوا خلف إمام يتم فأتموها أربعا تبعا للإمام سواء أدركتم الصلاة أو فاتكم شيء منها.

وأما الجمع فإن السنة للمسافر ألا يجمع إلا إذا جد به السير، وأما النازل في مكان فالسنة ألا يجمع.

وأما الرواتب التابعة للمكتوبات فالأولى تركها إلا سنة الفجر، وأما الوتر وبقية النوافل فإنهما يفعلان في الحضر والسفر.

وتحلوُّا بالأخلاق الفاضلة من السخاء والكرم وطلاقة الوجه والصبر على الآلام والتحمل من الناس، فإن الأمر لا يدوم، وللصبر عاقبة محمودة وحلاوة لذيذة.

وإذا وصلتم الميقات فاغتسلوا وتطيبوا في أبدانكم في الرأس واللحية ثم أحرموا بالعمرة متمتعين وسيروا إلى مكة ملبين فإذا بلغتم البيت الحرام فطوفوا سبعة أشواط طواف العمرة، واعلموا أن جميع المسجد مكان للطواف القريب من الكعبة والبعيد، لكن القرب منها أفضل إذا لم تتأذ بالزحام، فإذا كان زحام فابعد عنه، والأمر واسع ولله الحمد.

فإذا فرغتم من الطواف فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم إما قريبا منها إن تيسر وإلا فصلوا بعيداً.

المهم أن يكون المقام بينك ويبن الكعبة ثم أخرجوا لسعي العمرة وابدؤوا بالصفا فإذا أكملتم الأشواط فقصروا من رؤوسكم من جميع الرأس، ولا يجزئ التقصير من جانب واحد لا تغتروا بفعل الكثير من الناس.

فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فاغتسلوا وتطيبوا واحرموا بالحج من مكان نزولكم واخرجوا إلى منى وصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر قصرا من غر جمع لأن نبيكم كان يقصر بمنى وفي مكة ولا يجمع.

فإذا طلعت الشمس يوم عرفة فسيروا ملبين خاشعين لله إلى عرفة واجمعوا فهيا بين الظهر والعصر جمع تقديم على ركعتين ثم تفرغوا للدعاء والابتهال إلى الله واحرصوا أن تكونوا على طهارة واستقبلوا القبلة ولو كان الجبل خلفكم لأن المشروع استقبال القبلة وانتبهوا جيدا لحدود عرفة وعلاماتها، فإن كثيرا من الحجاج يقفون دونها.

ومن لم يقف بعرفة فلا حج له لقول النبي : ((الحج عرفة)) وكل عرفة موقف شرقيها وغربيها وجنوبيها وشماليها إلا بطن الوادي وادي عرنة لقول النبي : ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف)) فإذا غربت الشمس وتحققتم غروبها فادفعوا إلى مزدلفة ملبين خاشعين والزموا السكينة ما أمكنكم كما أمركم بذلك نبيكم فلقد دفع من عرفة وقد شنق لناقته الزمام حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده الكريمة: ((أيها الناس: السكينة السكينة)).

فإذا وصلتم مزدلفة فصلوا بها المغرب والعشاء ثم بيتوا بها إلى الفجر ولم يرخص النبي لأحد في الدفع من مزدلفة قبل الفجر إلا الضعفة، رخص لهم أن يدفعوا في آخر الليل فإذا صليتم فاتجهوا إلى القبلة وكبروا الله واحمدوه وادعوه حتى تسفروا جدا ثم سيروا قبل طلوع الشمس إلى منى ثم القطوا سبع حصيات واذهبوا إلى جمرة العقبة وهي الأخيرة التي تلي مكة وارموها بعد طلوع الشمس بسبع تكبرون الله مع كل حصاة خاضعين له معظمين.

واعلموا أن المقصود من الرمي تعظيم الله وإقامة ذكره ويجب أن تقع الحصاة في الحوض وليس بشرط أن يضرب العمود.

فإذا فرغتم من رمي الجمرة فاذبحوا الهدي ولا يجزئ في الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية، ولا بأس أن توكل شخصا يذبح لك ثم احلقوا بعد الذبح رؤوسكم ويجب حلق جميع الرأس ولا يجوز حلق بعضه دون بعض، والمرأة تقتصر من أطراف رأسها بقدر أنملة.

وبعد ذلك حللتم التحلل الأول فالبسوا وقصوا أظفاركم وتطيبوا ولا تأتوا النساء ثم انزلوا قبل صلاة الظهر إلى مكة، وطوفوا للحج واسعوا ثم ارجعوا إلى منى.

وبالطواف والسعي مع الرمي والحلق حللتم التحلل الثاني وجاز لكم كل شيء حتى النساء. أيها الناس: إن الحاج يفعل يوم العيد أربعة أنساك: رمي الجمرة ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف والسعي.

وهذا هو الترتيب الأكمل ولكن لو قدمتم بعضها على بعض فحلقتم قبل الذبح مثلا فلا حرج، ولو أخرتم الطواف والسعي حتى تنزلوا من منى فلا حرج، ولو أخرتم الذبح وذبحتم في مكة في اليوم الثالث عشر فلا حرج، لا سيما مع الحاجة والمصلحة.

وبيتوا ليلة الحادي عشر بمنى، فإذا زالت الشمس فارموا الجمرات الثلاث مبتدئين بالأولى ثم الوسطى ثم العقبة كل واحدة بسبع حصيات تكبرون مع كل حصاة ووقت الرمي في يوم العيد للقادر من طلوع الشمس وللضعيف من آخر الليل وآخره إلى غروب الشمس، ووقته فيما بعد العيد من الزوال إلى غروب الشمس ولا يجوز قبل الزوال ويجوز الرمي في الليل إذا كان الزحام شديدا في النهار.

ومن كان لا يستطيع الرمي بنفسه لصغر أو كبر أو مرض فله أن يوكل من يرمي عنه ولا بأس أن يرمي الوكيل عن نفسه وعمن وكله في مقام واحد لكن يبدأ بالرمي لنفسه فإذا رميتم اليوم الثاني عشر فقد انتهى الحج، وأنتم بالخيار إن شئتم تعجلتم ونزلتم وإن شئتم فبيتوا ليلة الثالث عشر.

وارموا الجمار الثلاث بعد الزوال وهذا أفضل لأنه فعل النبي فإذا أردتم الخروج من مكة فطوفوا للوداع.

والحائض والنفساء لا وداع عليهما ولا يشرع لهما المجيء إلى باب المسجد والوقوف عنده. أيها المسلمون: هذه صفة الحج فاتقوا الله فيه ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق [سورة الحج:27-29].

أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله بحكمته ورحمته، فرض عليكم فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها فرض عليكم تعظيم شعائره وحرماته: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]. ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه [الحج:30]. ألا وإن من شعائر الله مناسك الحج والعمرة: إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة:158]. فعظموا هذه المناسك فإنها عبادة عظيمة ونوع من الجهاد في سبيل الله، سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله هل على النساء جهاد قال عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة، عظموا هذه المناسك بالقيام بما أوجب الله عليكم: فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب [البقرة:197]. عظموا هذه المناسك بالإخلاص فيها لله تعالى والاتباع لنبيكم محمد . قوموا بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة جماعة في أوقاتها والنصح للمسلمين، واجتنبوا ما حرم الله عليكم من المحرمات العامة من الفسوق بجميع أنواعه اجتنبوا الكذب الغش والخيانة والغيبة والنميمة والاستهزاء بالمسلمين والسخرية منهم، واجتنبوا الاستماع إلى المعازف والأغاني المحرمة، اجتنبوا كل ما يلهيكم عن إكمال مناسككم وإتمامها، واجتنبوا ما حرمه الله عليكم تحريما خاصا بسبب الإحرام وهي محظورات الإحرام.

فاجتنبوا الَرَفَثْ وهو الجماع ومقدماته من اللمس والتقبيل والنظر بشهوة وتلذذ، فالجماع أعظم محظورات الإحرام، وأشدها تأثيرا. من جامع قبل التحلل الأول فسد حجه ولزمه إنهاؤه وقضاؤه من العام المقبل وفدية بدنة ينحرها ويتصدق بها على الفقراء في مكة أو منى.

واجتنبوا الأخذ من شعر الرأس فإن الله يقول: ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله [البقرة:196]. وألحق جمهور العلماء شعر بقية البدن بشعر الرأس وقاسوا عليه إزالة الأظفار وقالوا لا يجوز للمحرم أن يأخذ شيئا من شعره أو أظافره إلا أن ينكسر ظفره فيؤذيه فله أخذ ما يؤذيه فقط. فمن حلق رأسه أو شيئا منه فعليه فدية يفدي بها نفسه من العقوبة وهي إما صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو شاة يذبحها ويتصدق بها على المساكين ويكون الإطعام والذبح في مكة أو في مكان فعل المحظور.

واجتنبوا قتل الصيد فإن الله يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم [المائدة:95]. سواء كان الصيد طائرا كالحمام أم سائرا كالظباء والأرانب فمن قتل صيدا متعمدا فعليه الجزاء وهو إما ذبح ما يماثله من الإبل أو البقر أو الغنم فيتصدق به على المساكين في مكة أو منى وإما تقويمه بدراهم ليتصدق بما يساويها من الطعام على المساكين في مكة أو منى لكل مسكين ربع صاع من البر أو نصفه من غيره وإما أن يصوم عن كل طعام مسكين يوما.

وأما قطع الشجر فلا تعلق له بالإحرام فيجوز للمحرم وغير المحرم قطع الشجر إذا كان خارج أميال الحرم مثل عرفة ولا يجوز إذا كان داخل أميال الحرم مثل مزدلفة ومنى ومكة إلا ما غرسه الآدمي بنفسه فله قطعه ويجوز للإنسان أن يضع البساط على الأرض في منى أو مزدلفة أو غيرهما من أرض الحرم ولو كان فيها حشيش أخضر إذا لم يقصد بذلك إتلافه.

واجتنبوا عقد النكاح وخطبة النساء فإنه قد صح عن النبي أنه قال: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب))، فلا يجوز للمحرم أن يتزوج سواء كان رجلا أم امرأة ولا أن يزوج غيره ولا أن يخطب امرأة.

واجتنبوا الطيب بجميع أنواعه دهنا كان أم بخورا فقد قال النبي : ((لا تلبسوا ثوبا مسه الزعفران))، وقال في الرجل الذي مات بعرفة وهو محرم ((اغسلوه بماء وسدر ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا))، والحنوط هو الطيب الذي يجعل في قطن على منافذ الميت ومواضع سجوده فلا يجوز للمحرم أن يدهن بالطيب أو يتبخر به أو يضعه في أكله أو شرابه، أو يتنظف بصابون مطيب ويجوز له أن يغتسل ويزيل ما لوثه من وسخ، وأما التطيب عند عقد الإحرام فهو سنة ولا يضر بقاؤه بعد عقد الإحرام، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: ((كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم وقالت كأني أنظر إلى وبيص المسك أي بريقه في مفارق رسول الله وهو محرم)).

واجتنبوا تغطية الرأس بما يغطى به عادة ويلاصقه كالعمامة والغترة والطاقية فقد قال النبي في المحرم الذي مات: ((لا تخمروا رأسه أي لا تغطوه)) فأما ما لم تجر العادة بكونه غطاء كالعفش يحمله المحرم إلى رأسه فلا بأس به إذا لم يقصد به الستر وكذلك ما لا يلاصق الرأس كالشمسية ونحوها لا بأس به لأن المنهى عنه تغطية الرأس لا تظليله. وعن أم الحصين رضي الله عنها: ((حجت مع النبي حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة))، وتحريم تغطية الرأس خاص بالذكور دون الإناث.

واجتنبوا من اللباس ما منع منه رسول الله حيث سئل عما يلبس المحرم فقال لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا الخفاف وقال من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل القميص مثل ثيابنا هذه ولا ما كان في معناه كالفنيلة والصدرية والكوت ولا يلبس العمامة ولا ما في معناها كالغترة والطاقية ولا يلبس البرنس ولا ما في معناه كالمشلح ولا يلبس السراويل سواء كان من ذوات الأكمام الطويلة أم القصيرة ولا يلبس الخفاف ولا ما بمعناها كالشراب ونحوها، فأما لبس الساعة في اليد أو تقلدها في العنق أو لبس النظارة في العين أو السماعة في الأذن أو الخاتم في الإصبع أو الحزام للفلوس أو لربط الإزار أو التلفف بالبطانية ونحوها عن الرد فلا بأس بذلك كله لأنه ليس داخلا فيما نهى عنه لفظا ولا معنى فيكون مباحا، فأما ربط الرداء بالمشبك فإن ربطه بمشابك متواصلة حتى صار كالقميص فالأقرب أنه ممنوع لأنه يشبه أو يقارب القميص الذي نهى عنه رسول الله وإن ربطه بمشبك واحد فقط فلا بأس به إذا كان يؤذيه بانخلاعه إذا لم يربطه وإلا فالأولى تركه، أما الأنثى فتلبس ما شاءت من الثياب المباحة قبل الإحرام غير متبرجة بزينة.

ولا يجوز للذكر ولا للإناث لبس القفازين وهما شراب اليدين ولا يجوز للمرأة لبس النقاب وهو ما يغطى به الوجه ويفتح للعينين والأفضل لها كشف وجهها إلا أن يراها أحد من الرجال غير المحارم فيجب عليها تغطيته. ويجوز للرجل وللمرأة تغيير ثياب الإحرام إلى ثياب أخرى سواء غيرها لوسخ أو نجاسة أو غير ذلك.

فاتقوا الله عباد اله واحفظوا نسككم من نواقصه ونواقضه: وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون [آل عمران:132].

الكاسر
01-11-2004, 08:16 PM
يرفع بمناسبة اقتراب الحج

أبوراس
01-14-2004, 06:32 PM
جزاك الله خيرا يا شيخ خالد

سعيدبن عفير
01-09-2005, 02:41 PM
جزاك الله خير

12d8c7a34f47c2e9d3==