المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مُختـَارَاتٌ فِيْ أصُوْلِ الاعْتِقادِ (الجزء الأول) للشَّيخِ فَـالِح الحَربي


كيف حالك ؟

أبوحذيفة المدني
03-11-2007, 12:54 AM
مُختـَارَاتٌ فِيْ أصُوْلِ الاعْتِقَادِ

(الجزء الأول)


لِفَضِيْلةِ الشَّيْخِ
فَـالِح بِنْ نَافِعٍ الحَرْبِي


إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيّئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له, ومن يُضلل فلا هاديَ له, وأشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله.
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [[آل عمران:102].
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيـرًا وَنِسَـاء وَاتَّقُـواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَـامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [[النساء:1].
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [[الأحزاب:70 و71].
أمّا بعد: فإنّ أصدقَ الحديث كتابُ الله, وخيرَ الهديِ هديُ محمّد , وشرَّ الأمور محدثاتُها, وكلَّ محدثة بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلّ ضلالة في النّار, وبعد:
فَهَذِهِ بَعضُ الفَوائدُ التِّي كُنتُ قَدْ دَوْنتُها مِنْ شَرْحِ الشَّيْحِ فالـحٌ بن نافعٍ الحربي –حفظه الله- لِعَقِيْدةِ أبي زُرْعَةَ وأَبِيْ حَاتمٍ الرَّزِيـَانِ –رحمهما الله تعالى- وَقَدْ اختَرْتُها مِنْ الجُزءِ الأولِ منْ شَرْحِه –رَعاهُ الله -، وَحَاوْلتُ قَدْرَ جُهديْ أَنْ أَلْتَزِمَ عبَارةَ الشَّيْخِ ؛ إِلاَّ فيْما لابُدَّ مِنْه بسَبب طَبِيْعَةِ الفَرْق بيْنَ ما يُلْقى مُحادَثةً ، وما يُفرَّغُ كتَابةً قَالَ العلاَّمة ابنُ عثيْمن-رحمه الله- في مُقدمته على (شرح الواسطية ص16) :" وَمِنَ المَعْلُوم أَنْ الشَّرح المتلقى منَ التَّقرير، ليس كالشَّرح المكتوب بالتَّحرير " ، إضافةً إلى أنها ليس تفريغاً حَرْفياً وكَاملاً ؛ بل هُو مُختَاراتٌ منْ شرْحِهِ – حفظه الله –
وَقَدْ قُمْتُ بترْقيمِ الفوائد ؛ فكلٌّ فائدةٍ له رقم ليسهُل تناولَها ،وقراءتها .

والحمد لله أولاً وأخِراً






الـدُّرَّةُ الأُوْلَى
الإيمان : قَـْولٌ وعَمَلٌ
وَتَحْتَها خَمْسُ فَوَائِد :
1- الإيمان قول وعمل : هَذِهِ هِيْ عَقِيْدَةُ أَهْلِ السُّنةِ والجَمَاعةِ ، فالإيمان قولٌ وعملٌ ، فالعمل عملُ القلبِ وعملُ الجوارح ، والقول : نطقُ اللسان .
فإما أن يقولوا قولٌ وعملٌ ، وإما أن يقولوا قول واعتقادٌ وعملٌ ، اعتقادٌ بالجنان ، ونطقُ باللسان وعملٌ بالأركان .
2- الإيمان قول وعمل : هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة ، خلافاً لأهل الإرجاء ، الذين يقولون :الإيمان اعتقادٌ ونُطق ٌ فقط ، ولا يُدخِلُون فيه العملَ ،فهؤلاء هُم المرْجِئة الأُصَلاءُ.
ويقولون الإيمان كاملٌ مُكملٌ في القلب دون العمل ِ، فالإيمان ُ لمنْ هذا حالُهُ كإيمانِ جِبْرِيل ومِيْكاَئِيْل ومحمدٌ – صلَّى الله علَيْهِ وسَلَّم –ولا دَخْلَ للعَمَلِ فِي الإيْمَان .
3 – أهْلُ السُّنة ِ يَقُولونَ العَمَلُ منَ الإيمانِ ، وقدْ يَنْقُصُ حتى لا يَبْقَى منهُ شيءٌ .
4- ويقولون – أي أهلُ السُّنةِ – أَنَّهُ منْ لا يُوْجَدُ مَعهُ عملٌ مَعَ تَمَكُنِهِ ومَعْرِفَتهِ بِلُزُوِْمِ العَمَلِ ؛ فهُو غيرُ مؤمنٍ ؛ وَ لا يُتَصَوَّرُ إيْمَـانُهُ.
5 – الدليلُ عَلى مَاسَبقَ تَقرْيرُهُ :
الرَّسُولُ –عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامِ – يَقُولُ : ( الإيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ شُعْبَةٌ – وفي رِوايةٍ:بِضْعٌ وَسُتُّوْنَ شُعْبَةٌ - ؛ أَعْلاَهَـا قوْلُ لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأََذَى عَنِ الطَّرِيْقِ ..) فالعَمَلُ جُزءٌ منَ الإيْمَانِ ، لهذا الحديثِ ولِغيْرهِ منَ الأَدِلَّةِ الكَثِيْرةِ(1)

###########################


الـدُّرَّةُ الثَّانِيَةُ
القُرْءَانُ كَـلامُ اللهِ غيرُ مَخْلُوْقٍ
وَتَحْتُهَـا ثَلاثُ فَوَائِد:
1-القُرءَانُ كَلَامُ اللهِ غَيْرَ مَخْلُوْقٍ : من كُلِ جِهَاتِه ؛ المَكْتُوبُ بالمُصْحَفِ وَ المَقْرُؤُ بالأَلْسُنِ ؛ فَكَيْفَ مَـاكَـانَ فَهُوَ كَلاَمُ اللهِ –سبحانهُ وَتَعالى –
2-الكَلامُ يُنْسَبُ إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئً ، لا إلى منْ قَالَهُ مُبَلِّـغَاً ، ونَاطِقاً بهِ ، فَمَا نَسْمَعُـهُ هُوَ صَوْتُ القارئ ؛ وكمَا يَقُوْلُ أَهْلُ العِلْمِ :-
الصَّـوْتُ صَوْتُ القـَارِيْء ### والـكَلامُ كَـلامُ البَّـارِئ .
3-الكَلامُ بِحُرُوفِهِ ومَعَانِيْهِ وَلَفْظِهِ ؛ هُـوَ كَلامُ اللهِ – سُبْحَانَهُ وتَعَالىَ – عَلَى خلافِ أَهْلِ البِدَعِ ؛ فلَهُمْ طَرَائِقٌ فـيْ الكَلامِ (2).
###########################


الـدُّرَّةُ الثَّالِـثَةُ
القْـضَـاءُ وَ الـقَـدَرُ
وَتَحْتَهَـا سَتُّ فَوَائـِد:
1-القَدَرُ خَيرُهُ وَشَرُّهُ مِنَ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ -وَنََعْنِي أَنْ كُلَّ شَيءٍ قَدْ قَدَّرَهُ اللهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
2-سُؤَالٌ وَاسْتِشْكَالٌ : كَيْفَ نُوَفِقُ بَيْنَ كَوْنِ قَوْلِ الرَّسُولِ- صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم- فِيْ دُعَاءِ القُنُوتِ (( وَالشَّرُ لَيْسَ إِلَيْكَ ..)) وَبَيْنَ الإيْمَان بالقَضَاءِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ؟
ج- الشَّرُ لا يُنْسَبُ إِلَى اللهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ، وَكُلُّ شيءٍ خَلْقَاً وَتَقدِيْراً وَإِيْجَـاداً مِنْ اللهِ– سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَلَكِنْ بالنِّسْبَةِ لهُ لَيْسَ بِشَرٍّ ؛وَإِنَّمَا هُوَ وَفْقَ الحِكْمَةِ ، وَهُو خَيْرٌ ، وَهُوَ قَدْ يَكُون شَرَّاً بالنِّسْبَةِ للمَخْلُوقِ ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؟!.
فَلاَ ينُسَبُ إلَيْهِ الشَّرُ، وَ إِنَّمَا أَفْعَالُهُ كُلُّهَا وِفْقَ الحِكْمَةِ، وَكُلُّها ليْسَتْ فِيْهَا شَرٌّ بالنَّسبَةِ إِلَيْهِ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ وَلِهَذَا نَفَى الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم- أَنْ يَكُوْنَ الشَّرُّ إِلَيْهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – لأَنَّهُ أَفْعَالُهُ كُلُّها خَيْرٌ ،وَتَقْدِيْرُهُ كُلُّهُ خيرٌ، كُلُّهَا وَفْقَ الحِكْمَةِ، وَلا يَجُوْزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ الشَّرُّ ،وَلاَ يَلِيْقُ ذَلِكَ.
وفِيْ هذهِ المسألةِ كلامٌ وَتَفْصِيلٌ للشِّيْخِ حُمُودٍ التِّوِيْجِرْي –رَحِمَهُ اللهُ-فِيْ رِسَالَتِهِ [التِّنْبِيْهَاتُ علَى رِسَالَةِ الأَلْبَانِي فِيْ الصَّلاَةِ]وللشِّيْخِ نَاصِرٍ الألْبَانِي-رَحِمَهُ الله- بَعْدَ أَنْ التَبَسَ عَلَيْهِ الأَمْرُ فِيْ بِدَايَةِ الأَمْرِ، وَِلَكِنَّهُ فِيْما بَعْدُ –رَحِمَهُ اللهُ تَنَبَّهَ ،وَذَلِكَ بَعْدَ الرُّجُوْعِ إِلَى كَلاَمٍ لابْنِ القَيِّمِ (3) -رَحمَهُ اللهُ-[في شِفَاءِ العَلِيْلِ ص178] وَشَكَرَ الشَّيْخَ حُمُوداً التَّويْجِري-رَحمهما الله تَعالى- علَى تَنْبيِّههِ لهُ وهذَا فيْمَا أَذْكُر في كتابِ صِفَةُ صًلاةِ النَّبِيِ(4) - صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-[وانظُرْهَا فِيْ صِفَةِ الصَّلاةِ ص32 و92].
3- لاَ يَكُوْنُ فِيْ كَوْنِهِ ولا مُلْكِهِ إلاَّ مَـا قَدَّرَهُ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ –.
4- أَهْلُ السُّنَّةِ يُؤمِنُونَ :أ- بِـ(عِلْمِ اللهِ )،ب- يُؤِمنُونَ بـِ(خَلْقِ اللهِ).
- أَيْ أنَّ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيءٍ ،وَبِتَقْدِيْرِهِ لِكُلِّ شَيءٍ،وَبِخَلْقِه– سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لِكُلِّ شيءٍ وأنَّهُ لا يَكُوْنُ فِيْ مُلْكِهِ –سُبْحَانه وتَعَالى - ولا فيْ كَوْنِهِ إلاَّ ما يَعْلَمُهُ ، وَقَدَّرَهُ ، ولا يَخْرُجْ عنْ عِلْمِهِ شيءٌ .
5- القدَرُ سِرٌّ للهِ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- وَلا يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْلَمَهُ وَ نَصِلَ إِلَيْهِ ، والذيْ يَجِبُ عَلَيْنَا فِيْهِ هُوَ إتباع الشَّرْع .
6- القَدَرُ ليْسَ حُجَّةً لأحدٍ ، لأن حُجَّةَ اللهِ قائِمَةٌ على الخَلْقِ (5).

###########################

الـدُّرَّةُ الرَّابِعةٌ
الصَّحـَابَـةُ الـكِـَرامُ
وَتَحْتَهَـا ثَمَانُ فَوَائـِد:
1- انعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى تَفْضِيْلِ أَبِيْ بَكْرٍ على عُمَرٍ -رضي الله عنهما- ، ومُجْمَعٌ على أنَّ أَبابَكْرٍ أَفْضَلُ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا-صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسلَّمِ- ، وَيَأْتِيْ بَعْدَ هَذَا الإجْمَاعِ عُمَرٌ ؛ فَهُو أَفْضَلُ الأُمَّةِ بَعْدَ أَبِيْ بَكْرٍ-رضي الله عنهما- وَهُمَا اللَّذَيْنِ قَالَ فِيْهِمَا رسُوْلُ اللهِ-صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسلَّمِ- فِيْ حَقِهِمَا " اقْتَدُواْ باللَّذَيْنِ منْ بَعْدِ أَبِيْ بَكْرٍ وَ عُمَرٍ".
2- ثُمَّ يَأْتِيْ عُثْمَانُ بِنْ عَفَّانٍ-رضِيَّ اللهُ عنهُ- فَتَحْصُلُ لهُ المُفَاضلَةُ ، وَعَامَّةُ أَهْلُ السُّنَّةِ يُقَدِّمُوْنَ عُثْمَاناً على عليٍّ-رضي الله عنهما-.
3- كَـانَ الصَّحَابةُ يُفَاضِلُوْنَ وَ رسُوْلُ اللهِ-صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسلَّمِ- يَسْمَعُ ذَلِكَ فَيَقوْلُوْنَ" أَفْضَلُ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا-صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسلَّمِ-أَبُوبَكْرٍ ثُمَّ عُمرٌ ثُمَّ عُثمَانٌ " وَرَسُولُ اللهِ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَيُقِرُّهُم عَلَيْهِ.
4- وأَجْمَعتِ الأُمَّةُ وسَلَّمَت – فِيْـمَا بَعْدُ - على أَنْ فَضْلَ الخُلَفاءِ عَلَى حَسَبِ تَرْتِيْبِهِمُ فِـيْ الخِلاَفَةِ ؛ أَبُوبكرٍ فَعُمَرٌ فَعُثَّمَانٌ فَعَلِيٌّ –رَضِيَّ الله عنهُمُ وَعَنِ الصَّحَابةِ أَجْمَعِيْنُ- ، وَأَمَا الخِلافةُ فليْست مَحَلَّ خِلافٍ(6) أَوْ مَحَلَّ نِزَاعٍ لِهَؤُلاءِ ، وأَنَّهُم خُلفاءٌ رَاشِدُوْنَ وَمَهْدِيْون جمِيْعَاً-.
- العشْرَةُ الَّذيْنَ شَهِدَ لهُم رسُوْلُ اللهِ-صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسلَّمِ-بالجَنَّةِ وَهُمْ: الخُلَفاءُ الأرْبَعَةُ ، والسَّتةُ بعْدهم وهم : طَلْحَةُ بِنْ عُبيْدِ اللهِ ، وَالزُّبيرُ بنُ العَوَّام، وَسَعْدٌ بِنُ أَبِيْ وَقَّاصِ ، وَسَعِيْدٌ بنُ زَيْدٍ ،وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بِنُ عَوفٍ ،وَأبُو عُبيْدة عَامِرٌ بنُ الجَرَّاحِ –رَضِيَّ الله عنهُمُ.
6- والصَّحابةُ الذينَ عُيِّنُواْ أَنَّهُم منْ أَهلِ الجنةِ هُمْ كَثِيْرٌ، وَدلَّتِ الأدِلَّةُ على أنَّهم في الجنَّةِ كأَهلِ بَدْرٍ ، وأهلِ بيْعةِ الرَّضْوَانِ وغيرُهم كثيرٌ منَ الصَّحَابةِ الذين جاءتِ النُّصُوص على أَنَّهُم منْ أهلِ الجَنَّةِ إِمَّا تَصْرِيْحَاً أَوْ باِلُعُمُومِ ، ولكن العشرةُ لهُم مزيَّةٌ.
7 - مِنْ عَقِيْدةِ أَهْلْ السُّنةِ التَّرُحُم عَلى جَمِيْعِ الصَّحَابَةِ ؛ وَلَكِنْ اصْطَلحَ المُسْلِمُونَ عَلى التَّرضِي عَلىَ الصَّحَابَةِ كَمَا جَاءَ فَيْ القُرْءَانِ ، وَمن عَدَاهُمُ يُتَرَحمُ علَيْهِم، ولا مُشَاحةَ أن يُترحم عليه فيُقال : رحمهم الله،ولكن الأولى الاختصاص الذي خصتهم به الأمة .
8- سُؤالٌ : هَلْ يجوزُ أَنْ يُقالَ أَنَّ الصَّحَابةَ كُلُّهمُ في الجَنَّةَ بِدُونِ استثناءٍ ؟
الجوابُ : إِنَّ هَذَا مما لا شَكَّ فِيْهِ أَنهم في الجنَّةِ بِدُونِ استثناءٍ؛وَلَكِن لا نُعيِّن إِلاَّ مَا عيَّنَهُ الدَّلِيْلُ بالتَّعيينِ، فإذا عيَّـنَّا فِئةً أَوْ أفْرَاداً فلابُدَّ أَنْ نُعَيِّن بالدليْلِ، فنحنُ لا نُعيّن بغيرِ دليْلٍ ولا حجَّةٍ ؛ فكما قلنا أَنَّ جَمِيْعَهُم في الجنَّةِ بِحُجَجٍ وَأَدِلَّةٍ ؛ فكَذلِكَ لمَّا نُعَيِّن منْهُم وَنُخَصِّص-أَيْضَاً- نَقُولُ بدَليْلٍ وحجةٍ، وهنالك أَدِلَّةٌ عَامةٌ وَهُنَالِكَ أَدِلَّةٌ خَاصَّةٌ .
###########################


الـدُّرَّةُ الخَـامِسَةُ
(الرَّحْمَنُ عَلَىَ العَرْشِ اسْتَوَى)
وَتَحْتَهَـا سِتُ فَوَائـِد:
1-إِِنْ اللهُ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِه؛أَيْ مُنْفَصِلٌ عَنْ خَلْقِهِ،وذلِكَ حَتَّى لا يُتَوَهَّم أَنَّهُ مُختَلِطٌ بالخَلْق.
2-أَنْ اللهَ –سُبْحَانهُ وتَعاَلى- كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ (اسْتَوى علىَ العَرْشِ).
3-العَرْشُ فَوْقَ جَمِيْعِ المَخْلُوقَاتِ ، وَهُوَ أَعظَمُ المَخْلُوقَاتِ ، وهُوَ سَقَفُ جَنَّةِ عَدْنٍ ؛ كمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالحَدَيْثِ .
4-الاِسْتِوَاءُ على العَرشِ مَعْنَاهُ : العُلُوُ علَيْهِ ، والصُعُود عَلَيْهِ ،والاسْتِقرارُ عليهِ والارْتِفاع ُ عليهِ ، فكل هذه الألفاظ اسْتَخْدَمَها السَّلفُ ، وكُلُّ منها يَدُلُّ على اسْتِواءِ اللهِ–سُبْحَانهُ وتَعاَلى- على العرْشِ .
5-واللهُ فَوْقَ جَمِيْعِ الخَلْقِ ، وَهُوَ غَنِّيٌ عنِ الخَلقِ ،فَليْسَ بِحَاجَةِ لِلعَرْشِ ، ولاَ مَـا دُوْنَهُ ، وَلا يَقوم شيءٌ إلا بهِ–سُبْحَانهُ وتَعاَلى- وَهذَا منْ مَعَانِي قَوْلهِ تعَالى (" اللهُ الصَّمَدُ" لمْ يَلِدْ وَلمْ يُولدْ" وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفؤاً أَحَداً ").
6-معَ عُلُّوهِ –سُبْحَانهُ وتَعاَلى-عَلَى خَلْقِهِ فَهُو يَعْلَمُ مَا هُمْ عَلَيْهِ .
###########################

الـدُّرَّةُ السَّادِسَةُ
( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيرُ)
وَتَحْتَهَـا أَرْبَعُ فَوَائـِد:
1-هذا فِيْهِ إثْبَاتُ السَّمعِ للهِ تَعالىَ .
2- هو إثْبَاتُُ للأَسْمَاءِ والصِّفاتِ ، فالسَّمِيْعُ هو:
أ- اسمٌ يُؤخذُ فهو سَمِيْعٌ .(7)
ب -وصِفةٌ : وهي أنَّهُ ذُوْ سَمْعٍ وَمُتَّصِفٌ بِأَنَّهُ ذُوْ سَمْعٍ –سُبْحَانهُ وتَعاَلى –(8)
3- سمعهُ–سُبْحَانهُ وتَعاَلى- ليْسَ كالأسْمَاعِ التِّي فِي الخَلْقِ .
4 – بَصَرَهُ –سُبْحَانهُ وتَعاَلى- لاَ كَبَصَرِ الخَلْقِ ، قال اللهُ-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيرُ".
###########################

الـدُّرَّةُ السَّابِعَةُ
إِثْبَاتُ رُؤْيَةُ اللهِ – عزَّ وَجلَّ-
وَتَحْتَهَـا خَمْسُ فَوَائـِد:
1-يَرَى المُؤْمِنُونَ الله –سُبْحَانهُ وتَعاَلى- فِيْ عَرَصاتِ القِيَامةِ .
2-ويرونَهُ –سُبْحَانهُ وتَعاَلى- في الجنَّةِ وَتَحْصُل لهُم الزِّيَادة بالنَّظَرِ إليْهِ ، وَهِيَ أَعْظَمُ النَّعِيْمِ ،وإذا تَجلَّى لهم–سُبْحَانهُ وَرَأوهُ غَابُواْ عنْ كُلِّ مَالدَيْهِم منْ نَعِيمٍ ،َوَنسَوْهُ .
3-يَنْظُرُوْنَ إلى وجِّهِهِ الكرِيْمِ –سُبْحَانهُ وتَعاَلى-كَما قال : ( وُجُوهٌ يَومئذٍ نَّاضِرَةٌ إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) ؛ فَهُنا ( نَّاضِرَةٌ ) أي : بَهِيَّةٌ ، ثم قال (إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) فَعُدِّيَتْ بـ(إلى) وَلا يُمْكِنُ أَنْ يُصْرَفَ إِلى غَيْرِ النَّظَرِ بالعيْنِ الباصِرةِ ،وَقَد عُدِّيَتْ بـ(إلى )، أي فتنظُر بعيون رؤوسها إلى الله –سُبْحَانهُ وتَعاَلى-.
4-وهذا على خلافِ أَهلِ البِدَعِ الذِّيْنَ يَقُوْلُونَ ( مُنْتَظِرَةٌ لِرَحْمةِ رَبِّهَا )
5-وفي هذا قول الله ( للذِّيْنَ أحْسَنُواْ الحُسْنَى وَزِيَادةٌ ) فقَدْ فسَّر النَّبيُّ- صلَّى الله عليْهِ وَسَّلم –( وَزِيَادةٌ ) بالنظر ِ إلىَ وَجْهِهِ الكَرِيْمِ . ["رواه مسلم 181"]
###########################

الـدُّرَّةُ الثَّامِنةٌ
َالجَنـَّـةُ والنَّـارُ لاَ تَـفْـنَيَانِ.
وَتَحْتَهَـا ثَمَانُ فَوَائـِد:
1-َالجَنـَّـةُ والنَّـارُ حَقٌّ لاَ تَفْنَيَانِ ؛ بمعْنى أَنَّهما ممَا كَتَبَ اللهُ لهما البقاء َ،واستثناهما منَ الفَناءِ ، فهنالك أَشياءٌ مُستثناةٌ منَ الفَناءِ ؛ ومِنْها الجنَّةُ والنَّار.
2-َالجَنـَّـةُ والنَّـارُ حَقٌّ: فهذه عقيدةُ أهلِ السُّنةِ والجَماعةِ عَلى مُقْتَضَى النُّصُوصِ ، وأَنَّهُمَا مَخْلُوْقَتَانِ ، وَمَوجُودَتَانِ ، وباقيَتَانِ .
3-وَأَنَّ الجنَّة التِّي أُهْبِطَ منْها أدمُ-عليهِ السَّلام- ؛ هِيَ جَنَّةُ اللهِ.
4-النَّارُ يُعاقب الله بِها الكَافرين ، ومَنْ يُطَهِّرَهُم منَ المؤمنِيَن ثُمَّ يُخْرَجُوْنَ منْها.
5-لا فَرْقَ بيْنَ نَارُ الكَافِرْينَ والمؤمنين ، إلاَّ فِي كونِ كمَا أنَّ الجنَّةَ دَرَجَاتٍ ،فَإِنَّ النَّارَ دَرَكَاتٌ .
6-لا أَحدٌ منْ أهلِ السُّنَّةِ والجَمَاعةِ يَقُولُ بِفَناءِ الجَنَّةِ ، أَوْ بِفَنَاءِ النَّـارِ .
7-مَا يُنْسَبُ إلى شيخِ الإسلامِ ابنُ تيميةَ –رحمهُ الله- بِالقُولُ بِفَناءِ الجَنَّةِ ، أَوْ بِفَنَاءِ النَّـارِ؛ بَـاطِلٌ ، ولا يَصِحُّ ، بلْ هُوَ منْ أئِمَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعةِ القَائليْنَ بِبَقَاءِ الجنَّةِ والنَّارِ ، وكذلِكَ تِلْمِيْذُهُ ابنُ القيِّمِ –رَحِمَهُ الله- قَدْ رَصَّعَ هَذَا فِيْ كِتَابِهِ (الوَابِلُ الصَّيْبِ ) ، حيثُ أَثْبَتَ هَذَا – تَبَعاً لشَيْخِهِ ويَدُلُّ اعْتِقَادُهُ هذا على اعتقَاد شْيْخِهِ ابنُ تيِّميٍّةِ- ، وَقَدْ أثْبَتَ شيخِ الإسلامِ ابنُ تيميةَ فِيْ مَوَاضِعَ منْ كُتُبِهِ أَنَّ الجَنـَّـةَ والنَّـارَ لاَ تَفْنَيَانِ ، وَلَكِنْ ابنُ القيِّمِ –رحمهُ الله تعَالى – قَالَ عَنْ الدُّورِ أَنَّهَا ثَلاثَةُ دُوْرٍ :
أ‌-دَارُ نَعِيْمٍ مَحْضٍ وَهِيَ الجَنَّـةُ ؛ للمؤمنين.
ب‌-دَارُ شَقَاءٍ مَحْضٍ وَهيَ النَّارُ؛ للكَافِرْينَ.
ج-دارٌ ثَالِثَةٌ وَهِي التِّي يُعَذَّبُ فِيْهاَ عُصَاةُ المُؤمِنْينِ ، ثُمَّ تَفْنَى بَعْدَ ذَلِكَ ، أَمَا النَّارُ التِّي يُعَذَّبُ بِهَا الكُفَّارُ؛ فإنَّها لا تَفْنىَ .
وَهَذَا التَّفْصِيْلُ يَحْتَاجُ إِلى دليلٍ ؛ أي كَوْنُهُ أنهُ يرى أنَّ هنالكَ دارٌ ثَالِثَةٌ وَهِي التِّي يُعَذَّبُ فِيْهاَ عُصَاةُ المُؤمِنْينِ ثم تفنى ؛ تحتاجُ إلى دليلٍ ، وَلا دليلَ على ذلِكَ .
لكِنَّهُ يُثبِتُ أَنَّ النَّارَ والجنةَ اللَّتينِ عندنا هُنـا؛أَنَّهُمـَا بَاقِيَتانِ وَلاَ تَفْنَيَانِ ،وَلا يُفْهَمُ منْ كلامهِ في كتابهِ (حَـادِي الأَرْوَاحِ) -والذِّي سَوَّدَ فيهِ أَكْـثَرَ منْ أَرْبَعِيْنَ صَفحَةً – على أَنَّهُ يَعْتَقِدُ بِفَناءِ النَّارِ ، لَكِنَّهُ عَالِمٌ يَصُولُ ويَجُولُ إِذَا دَخَلَ فِي الخِلافِ ، فإنَّهُ إِذَا ذكَرَ مَذَاهِبَ المُخَالِفِيْنَ وَالمُوافِقِيْنَ ؛ فَيُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّهُ يَقُوْلُ بِمَا لاَ يَقُوْلُ بِهِ.
فَيُنْسَبُ إِلَيْهِ الأُموُرُ الصَّرِيْحةُ الواضِحَةُ التِّي تَدُلُّ على عقيِدَتِهِ ؛ فَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمْةِ أَهْلِ السُّنةِ وَالجَمَاعةِ ؛ فلابُدَّ أَنْ يَتَنَبَّهَ إِلَى هَذَا طُلاَّبُ العِلْمِ ، فهنالِكَ أُمُور لابُدَّ أَنْ يُدْرِكُوْهَا وَيَفْهَمُوْهَا ، وإلاَّ فَسَيَطَّعَنُوْنَ فِيْ أَهْلِ العِلْمِ وأَئِمَّتِهم ، وَفِيْ سَلَفِهِم .
8-النَّارُ لأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ إِلاَّ منْ رَحِمَ الله ُ، فَإنَّ فِي عَقِيْدَةِ أَهْلِ السُّنَّـةِ وَالجَمَاعةِ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ العَذابُ على عُصَاةِ المؤمِنيْن ،فَهُو –سُبْحَانهُ وتَعاَلى- قَد يَغْفِرُ لِعِبَادهِ إما بِأَسْبَابٍ أَوْ ابْتِدَاءً ،فَـ(لاَ يُسَّأَلُ عَمَّاْ يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُوْنَ ) ، وَقَدْ يُعَذَّبُوْنَ للتَّطْهِيْرِ ثُمَّ يُخْرِجُهم –سُبْحَانهُ وتَعاَلى- مِنِ النَّارِ وَهذَا منْ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ ،فإِنَّهُمْ لاَبُدَّ وأَنْ يَخْرُجُوْنَ يَوْمَاً ، حتَّى جاء فِيْ الصًّحيِح (( إِنَّه لَيُصِيْـبَنَّ النَّاسَ سَفَعٌ مِنَ النَّارِ ، فَيُخْرِجُهم اللهُ بِواسٍِعِ رَحْمَتِهِ)) فَهُم أَخَرُ منْ يَخْرُجون ،وَيُقَالُ هُم الجَهَنَّمِيُّونَ ، حتَّى قَالَ بَعضُ أَهل العلْمِ عند قولهِ تَعالَى (رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذيْنَ كَفَرُواْ لَوْكَانُوْا مُسْلِيْمِنَ) أَنه لما يخْرُج عُصَاةُ المُوَحِديْنَ مِنَ النَّارِ ، وَيَرَاهُم الكُفَّارُ وَقَدْ يَِئسُواْ ،وَأَبْلَسُوا ، فيَقُوْلُ الكُفَّارُ : "يَاليْتَناَ كُنَّا مُسْلِميْنَ " .

###########################


الـدُّرَّةُ التَّاسِعَةُ
والصِّـرَاطُ وَالمِيْزَانُ حَـقٌّ
وَتَحْتَهَـا خَمْسُ فَوَائـِد:
1-الصِّرَاطُ حَقٌّ وَهُو مَخْلُوقٌ يُنْصَبُ عَلَى جَهَنَّم ، يَعْبـُرُ عَـلَيْهِ النَّاسُ على قَدْرِ أَعْمَالِهِم.
2-الصِّرَاطُ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ ، وَ أَحَدُ مِنَ السَّيْفِ[عند مسلم 183] ، وَهُوَ زَلَقٌ وَمَزَلَّـةٌ لا يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلاَّ مَنْ ثَبَّتَهُ الله-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَلَعلَّهُ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الله ( يُثَبِّتُ الله الذِّيْنَ ءامَنُواْ فِيْ الحَيَوةِ الدُّنْيَـا وَفِيْ الآخِرَةِ ويُضَّلُّ اللهُ الظَّالِمِيْنَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشاءُ ).
3- والصِّرَاطُ يُنْصَبُ على جَهَنَّم ( وَمَا مِنْكُم إِلاَّ وَارِدُوْهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمَاً مَقْضِيَّاً ) ، وَيَعْبـُرُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِم ؛ فَمِنْـهُم المُكَرْدَسُوْنَ فِيْهَا ، وَمَنْ تَأَخُذُهـُمْ الكَلاليْبُ ، مِنَ الكَفَرَةِ والفَجَرَةِ ، وَمِنَ المُؤمنيَن َ مَنْ يَكُوْنُ بَطِيْئَاً وَيَنَالُهُ مَا يَنَالهُ ، وَمنهم منْ –أَيْضَاً – يُعَذَّبُ ، وَلَكِنَّهُم –كمَا قُلْنَا –يَخْرُجُوْنَ بِفَضْلِ الله –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
4-المِيْزَانُ حَقٌّ : وَهُوَ مِيْزَانٌ تُوْزَنُ بِهِ الأَعْمَالُ .
5-الله ُ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- علَى كل شيءٍ قَدِيْر يَزِنُ العَامِلِيْنَ وَيَزِنُ أَعْمَالَهُم .

###########################

الـدُّرَّةُ العَاشِرَةُ
حَوْضُ النَّبِي - صلى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-
وَتَحْتَهَـا أَرْبَعُ فَوَائـِد:
1-حَوْضُ النَّبِي –صلى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-حَقٌّ ،وَهُوَ حَوْضٌ عَظِيْمٌ مَسِيْرُه شَهْرٌ ، وزواياه سَوَاءٌ – يَعْنِي مُرَبَّعٌ – وآنيْـِتهُ كنُجُوْمِ السَّمَاءِ [صحيح مسلم 2204]، مَـاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ وأَحْلَى مِنَ العَسَلِ [صحيح مسلم 2300]، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لاَ يَظْْمأُ بَعْدَهَـا ، وَهُوُ مَوْجُوْدٌ فِيْ يَوْمِ الحِسَابِ ، حِيْنَمَا تَدْنُو الشَّمْسُ وَيَعْطُشَ النَّاسُ .
2-الذِّيْنَ يَرِدُوْنَ الحوْضَ إِنَمَا أَهْلُ السُّـنَّةِ ، وَأَمَا أَهْلُ البِدْعَةِ فإنَّ اللهَ يَحُولُ بيَّنهُم وبينَ الحَوضِ ، فَلا يَرِدُوْن بَلْ يُطرَدُوْنَ وَ يُذَادُونَ كَمَا تُطْرَد الإِبِلُُ الجُرْبُ ، وَيَرَاهُمُ النَّبِيّ–صلى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-ُ فَيَقُوْل :" أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي ! أَصْحَابِيْ ! " فَيُقَالُ لهُ : " إِنَّهُم غَيَّرُواْ وَبَدَّلُوا بَعْدَكَ " فَيَقُوْلُ النَّبِيّ–صلى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-ُ :" سُحْقَاً سُحْقَاً لِمَنْ بَدَّلَ وَغَيَّرَ بَعْدَي " .
3-وَ مَعَنَى قَوْلُ النَّبِيّ–صلى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم- "وَأَنَا فَرَطُكُم عَلَى الحَوْضِ "يَعَني أَنهُ أَولَ منْ يَرِدُ–صلى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم- وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَتْبَاعُهُ .
4-لِكُلِّ نَبِيٍّ منَ الأَنْبِيَاءِ حَوْضٌ [سنن التِّرمِذِي – 2443 الصحيحة1589]، وليْسَ هُوَ خَاصٌ بالنَّبِيِّ مُحمَّدٍ–صلى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-ُ وَأُمَّتُـهُ ، بلْ هُوَ لِجَمِيْعِ الأَنْبِيَاءِ ، ولَكِنَّ حَوْضُهُ هُوَ أَعْظَمُ الحِيَاضِ ، وَأَكْبَرُهَا .
###########################

الـدُّرَّةُ الحَادِيةُ عَشَر
شَفَاعةُ النَّبِي - صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-
وَتَحْتَهَـا ثَلَاثُ فَوَائـِد:
1-الشَّفاعةُ إِذَا أُطْلِقَتْ فالمَقْصُودُ بِها هِيْ شَفَاعةُ النَّبِي - صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم- العُظْمَى، وَإلاَّ فإنَّ الشَّفاعة مُتَعدِدةٌ؛ تَشْفَعُ الملائِكَةَ،والأَنْبِياءُ لهُمُ شَفَاعةٌ، والصِّدِّيقونَ يَشْفَعُوْنَ ، والشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَشْفَعُوْنَ.
2-والنَّبِي - صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم- لهُ شَفَاعَات خَاصةٌ بِهِ .
3- وَمِنْ تِلْكَ الشَّفَاعَات :
الشَّفاعةُ العُظْمَى :
وَهِي التي يتأَخَرُ عَنْهَا أُوْلُواْ العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ، وَذَلِكَ حِيْنَمَا يـُلْجَأُ إِلَيْهِم لِكَيْ يقْضِيْ اللهُ –سُبْحَانَهُ – بيْنَ العِبَادِ ،وَيُرِيْحَهُم مِمَّا هُمْ فِيْهِ ، حتَّى تَنْتَهِيْ إَِلى الرَّسُولِ- صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَم-فَيَسْجُد تَحْتَ العَرْشِ ، ويُلْهِمُهُ الله مَحَامِدَ لمْ يَكُنْ قَدْ قَالَها منْ قَبْلُ فِي الدُّنْيـَا ، فيَقُوُلُ لهُ اللهُ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ارْفَعْ رأْسَكَ ، وَسَلْ تُعْطَى ، واشْفَعْ تُشَفَّع ، فَيَسْأَلُهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ العِبَادِ ؛ وَهَذا هُوَ المَقَامُ المَحْمُودُ الذِّيْ قَالَ اللهُ فِيْهِ :{عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبَعَثَكَ مَقَامَاً مَحْمُوْداً }وَالذَّي يَحْمَدُهُ عَليْهَاِ الخَلائِقُ على رؤوسِ الأَشْهَادِ.


والحمد لله أولاً وأخِراً


الحاشية :
____________________________________

(1)- ولمزيدِ تفَصْيلٍ وَبَيان ٍ لهَذهِ المَسألَةِ مقروناً بِالأدلة تجدهُ فِي كُتب الشيخ فالح –حفظه الله - ( تنبيه الألبَّاء )(البرهان على صواب الشيخ الغديان ) وغيْرِها .

(2)وانظرْ شَرْحَ الطَّحاوية ِ لابنِ أبي العِّزِ فَقَد ذَكَرَ تَفرُقَ النَّاسِ في صِفَةِ الكَلامِ إلى تِسْعةِ أَقْوَالٍ [(ص168 ) ت: الألباني ]

(3) قَالَ الإمَامُ ابْنُ القيِّمِ –رحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِيْ (شِفَاءِ العَلِيْلِ فِيْ مَسَائِلِ القَضاءِ وَالقَدَرِ وَالتَّعْلِيْلِ ص178) : "هُو سبحانهُ خَالِقُ الخيْر والشَّرُ، فالشَّرُ في بَعْضِ مَخْلُوْقَاتهِ لا فِيْ خَلْقِهِ وفعلهِ ، ولِهذا تنزَّه سُبْحَانه عن الظلم الذي حقيقته وضع الشيء في غير محله، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها ، وذلك خير كله ،والشر وضع الشيء في غير محله، فإذا وضع في محله لم يكن شرَّاً فعُلِم أن الشر ليس إليْهِ ."

(4)- قالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِي –رَحمه الله –في صفة الصلاة ص92 " لا يُنْسَبُ الشر إلى الله تعالى؛ لأنه ليس في فعله تعالى شرٌ ، بل أَفْعَالهُ عزّ وجل كلها ير ؛ لأنها دائرة بين العدل والفضل والحكمة، وهو كله خير لا شر فيه، والشر إنما صار شـرّاً لانقِطاع نسبته وإضافتهِ إليهِ تعالى .

(5)- انظُر شَرْحَ الطَّحاوية (ص236-247)، جَاءَ فيْ شَرْحَ العَلاَّمةِ ابْنُ عُثَيْمِن عَلى ( لُمْعَةُ الاعْتِقَادِ ص88) : "أفعال العباد كلها من طاعات ومعاص كلها مخلوقة لله كما سبق ، ولكن ليس ذلك حجة للعاصي على فعل المعصية ؛ لأدلة كثيرة منها : 1-أن الله أضاف عمل العبد إليه وجعله كسبا له ( اليوم تُجزى كُل نفس بما كسبت)ولو لم يكن له اختيار في الفعل وقدرة عليه ما نسب إليه .2-أن الله أمر العبد ونهاه ولم يُكلفه إلا ما يستطيع ، لقوله (فاتقوا الله ما استطعتم ) ولو كان مجبوراً على العمل ما كان مستطيعاً على الفعل أو الكف لأن المجبور لا يستطيع التخلُص . 3- أن كل واحد يعلم الفرق بين العمل الاختياري والإجباري وأن الأول يستطيع التخلُّص منه.4-أن العاصي قبل أن يُقْدِم على المعصية لا يدري ما قُدِّرَ له ، وهو باستطاعته أن يَفْعَل أو يتْرُكَ فكيْفَ يسلك طريق الخطأ ويحتج بالقدر المجهول، أليس من الأحرى أن يسْلُكَ الطريق الصَّحِيْحَ ويقول هذا ما قدِّرَ لي ؟. 5- أن الله أخبر أنه أرسل الرُّسل لقطع الحجة (لئلا يكون للناس حجة على الله بعد الرّسُل) ولو كان القدر حجة للعاصي لم تنقطع بإرسال الرسل.

(6) قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله - في الواسطية : " ..مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي –رضي الله عنهما- بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر ؛ أيُّهما أفضل ؟ فقدّم قوم عثمان وسكتوا، أو ربّعوا بعليٍّ ، وقدّم قومٌ عليَّاً وقوم توقفوا . لكن استقرَّ أمرُ أهلِ السُّنة على تقديم عثمان ثم علي . وإن كانت المسألة ليست من الأصول التي يُضلل فيها المخالف عند جمهور أهل السنة .لكن التي يُضللّ فيها: مسألة الخلافة
وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله : أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليٌّ . ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضلُّ من حمار أهله."
قال العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- شارحاً كلام ابن تيمية هذا (ص 426): (..المُفاضلة بين عثمان وعلي –رضي الله عنهما – ليست من أصول أهل السنة والجماعة التي يُضللّ فيها المُخالِف ؛ فمن قال : إن علـيَّاً أفضل من عثمان ؛ فلا نقول إنه ضال ، بل نقول : هذا رأيٌّ من آراء أهل السنة ولا نقول فيه شيئا .(
.وقال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- في شرح الواسطية (ص 426) عند قول شيخ الإسلام (لكن التي يُضللّ فيها: مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله : أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليٌّ . ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضلُّ من حمار أهله ) قال : (" فيجب أن نقُول : الخليفة بعد نبينا في أمتِهِ أَبُـوبَكرٍ ثُمَّ عُمَرٌ ثُمَّ عليٌّ . وَمَنْ قال : إنَّ الخلافة لعليٍّ دون هؤلاء الثلاثة ؛ فهو ضال ، ومن قال إنها لعليٍّ بعد أبوبكرٍ وعمر ؛ فهو ضال ، لأنه مخالف لإجماع الصَّحابة-رضي الله عنهم –")


(7) وانظُر القواعِدِ المُثلى (ص21) حيث وردت مع الأسماء الحسنى التي جمعها الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-

(8) وَانْظُر شَرْحَ الوَاسِطيَّةَ لابنِ عُثيْمين –رحمه الله- (ص191) حيث ذكرَ أَقْسَامَ السَّمعِ المُضَافُ إِلى اللهِ .

الاثري83
03-11-2007, 02:00 PM
جزاك الله خيرا ياابا حديفة وبارك فيك.
وحفظ الله العلامة فالح الحربي وبارك فيه وفي عمره وعمله وعلمه.امين.

متبع السنة
03-11-2007, 07:36 PM
جزاكم الله خيراً على هذه الدرر المفيدة من هذا الشيخ الجليل نسأل الله لنا وله الثبات والاستقامة على الإسلام والسنة
3-يَنْظُرُوْنَ إلى وجِّهِهِ الكرِيْمِ –سُبْحَانهُ وتَعاَلى-كَما قال : ( وُجُوهٌ يَومئذٍ نَاظِرةٌ إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) ؛ فَهُنا ( نَاظِرَةٌ ) أي : بَهِيَّةٌ ، ثم قال (إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) فَعُدِّيَتْ بـ(إلى) وَلا يُمْكِنُ أَنْ يُصْرَفَ إِلى غَيْرِ النَّظَرِ بالعيْنِ الباصِرةِ ،وَقَد عُدِّيَتْ بـ(إلى )، أي فتنظُر بعيون رؤوسها إلى الله –سُبْحَانهُ وتَعاَلى-.
الصواب:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} (22) سورة القيامة فلعل الأخ الفاضل المفرغ أن يصلح هذا الخطأ المطبعي والله ولي التوفيق.

أبوحذيفة المدني
03-12-2007, 01:03 AM
جزاك الله خيرا أخي على التنبيه ، والأمر كما قلت خطأ وليت الإشراف يُصلحهُ

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
03-12-2007, 01:45 PM
حفظ الله شيخنا العلامة والدنا فالح بن نافع الحربي و جزاه خير الجزاء

عبدالعزيز النجدي
03-14-2007, 08:04 PM
جزاك الله خير

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
03-17-2007, 02:20 PM
نتمنا الزيادة و الجزء الثاني أو الأجزاء الأخرى..وفقك الله

أبي التياح الضبعي
03-18-2007, 12:54 AM
الشيخ فالح رجل عالم فاضل متزن سلفي....اوصاف كثيره تستحق أن تقال فيه

أبوحذيفة المدني
03-27-2007, 02:26 PM
فَهَذِهِ بَعضُ الفَوائدُ التِّي كُنتُ قَدْ دَوْنتُها مِنْ شَرْحِ الشَّيْحِ فالـحٌ بن نافعٍ الحربي –حفظه الله- لِعَقِيْدةِ أبي زُرْعَةَ وأَبِيْ حَاتمٍ الرَّزِيـَانِ –رحمهما الله تعالى- وَقَدْ اختَرْتُها مِنْ الجُزءِ الأولِ منْ شَرْحِه –رَعاهُ الله -، وَحَاوْلتُ قَدْرَ جُهديْ أَنْ أَلْتَزِمَ عبَارةَ
كتبتها ( "الرازيان ") والصحيح الجر بالياء فتكون (" الرازيين ")

البلوشي
03-28-2007, 03:41 PM
جزاك الله خيرا ياابا حديفة وبارك فيك.
وحفظ الله العلامة فالح الحربي وبارك فيه وفي عمره وعمله وعلمه.امين.

بن حمد الأثري
06-30-2008, 01:56 PM
مختصر جميل ومفيد ، فيه بيان لمعتقد أهل السنة والجماعة

12d8c7a34f47c2e9d3==