المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاضرة الشيخ فالح الحربي شرح حديث حذيفة بن يمان


كيف حالك ؟

العريمي
03-09-2007, 05:52 PM
محاضرة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله: شرح حديث حذيفة بن يمان



http://sh-faleh.com/sounds.php?sec_id=79

أبوحذيفة المدني
03-09-2007, 11:49 PM
جزاكم الله خيرا على هذا الشرح الطيب المبارك ونفع الله بعلم الشيخ

الاثري83
03-10-2007, 03:54 PM
جزى الله العلامة فالح الحربي خير الجزاء في الدنيا والاخرة على هده المحاضرة القيمة .
واسال الله ان يعيدني واخواني جميعا من الفتن ماظهر منها وما بطن .امين.

ابوخالد الاثري
03-11-2007, 09:37 AM
جزاك الله خيرا اخي العريمي وبارك فيك.

وجزى الله خير الجزاء فضيلة الشيخ العلامة فالح بن نافع الحربي على ما افاد ونسال الله عز وجل ان يجعل عمله هدا في ميزان حسناته امين.

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
03-12-2007, 02:38 PM
حفظ الله شيخنا العلامة الوالد فالح بن نافع الحربي

عبدالعزيز النجدي
03-14-2007, 08:04 PM
جزاك الله خير

قاسم علي
03-17-2007, 06:14 PM
جزى الله العلامة فالح الحربي خير الجزاء في الدنيا والاخرة على هده المحاضرة القيمة .
واسال الله ان يعيدني واخواني جميعا من الفتن ماظهر منها وما بطن .امين

أبي التياح الضبعي
03-18-2007, 12:50 AM
محاضرة جميلة لكن الجزء الثاني غير واضح نرجوا مراجعة هذا الأمر

أبوحذيفة المدني
03-19-2007, 09:49 PM
قمت بتفريغ الشريط الأول وسأضعه غدا ان شاء الله
ويا لت أحد الأخوة يقوم بإكمال الشريط الثاني

مبغضة المرجئة
03-20-2007, 09:55 PM
ساقوم بتفريغ الشريط الثاني - ان شاء الله - والله ولي التوفيق.

أبوحذيفة المدني
03-21-2007, 01:16 PM
جزاك الله خيرا
وضع التفريغ هنا وسأقوم بدمجه في ملف مع تفريغ الشريط الأول







التَّعْلِيْقَاتُ اللَّطِيْفَةُ
عَـلَى حَـدِيْثِ حُذَيْـفَة
-رَضِيَ الله ُعَنْهُ-




لِفَضِيْلةِ الشَّيْخِ
فَالِحٍ بِنْ نَافِعٍ الحَرْبِي








إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيّئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له, ومن يُضلل فلا هاديَ له, وأشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله.
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [
[آل عمران:102].
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيـرًا وَنِسَـاء وَاتَّقُـواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَـامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [ [النساء:1].
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [ [الأحزاب:70 و71].
أمّا بعد: فإنّ أصدقَ الحديث كتابُ الله, وخيرَ الهديِ هديُ محمّد , وشرَّ الأمور محدثاتُها, وكلَّ محدثة بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلّ ضلالة في النّار, وبعد:

-((مَـتـْنُ الحَدِيْثِ))-

قال الإمام البخاري –رحمه الله -في صحيحهِ :
حَـدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بَنُ مُوْسَى ‏؛ ‏حَـدَّثَنا ‏ ‏الوَلِيْدُ ؛‏ ‏قَالَ حَـدَّثَـنِي ‏ ‏ابْنُ جَابِرٌ ؛‏ ‏قَـالَ حَدَّثَنِـي ‏ ‏بِسْرٌ بنُ عُبَيْدُ اللهِ الحَضْرَمِي ؛‏ ‏قَـالَ حَدَّثـَنِي ‏ ‏أَبوُ إِدْرِيْسٍ الخَوْلاَنِي ؛‏ ‏أَنـََّهُ سَمِعَ ‏ ‏حُذَيْفَةَ بنُ اليَمَانِ ‏ ‏يَقُوْلُ:
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلوُنَ رَسُوْلَ اللهِ ‏ ‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم ‏عَنِ الخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلَهُ عَنِ الشَّرِ مَخَافَةِ أَنْ يُدْرِكَنِيْ فَقُلْتُ : يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّـا كُنَّا فِيْ جَاهِلِيةٍ وَشَرٍ فَجَاءَنَا الله بِهَـذَا الخَيْرِ فَهَلْ بَعْدُ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍ؟ ؛
قَالَ: "‏ ‏نَعَم ".
قُلْتُ : وَهلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِ مِنْ خَيْرٍ ؟
قاَلَ : " نَعَم ؛ وَفِيْهِ ‏ ‏دَخَنٌ ".
‏ ‏قُلْتُ :وَما دَخَنُه ؟
قَـالَ: "قَوْمٌ يَهْدُوْنَ بِغَيْرِ هَدْيِيِ تَعْرِفُ مِنْهُم وَتُـنْكِرُ".
قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ.
قَـالَ:" نَـعَم ؛ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوابِ جَهَنَّم مِنْ أَجَابَهُم إِلَيْهَا قَذَفُوْهُ فِيْهَا".
قُلْتُ: يَـا رَسُوْلَ اللهِ صِّـفْهُمْ لَنـَا .
فَقَالَ : "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَـتَكَلَّمُونَ بِـأَلْسِنَتِنَا" .
قُلْتُ : فَمَا تَـأْمُرَنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟
قَالَ : " تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِيْنَ وَإِمَامَهُم ".
قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٍ .
قَـالَ: "فَـاعْتـَزِلْ تِلْكَ الفِرَق كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعضَّ بِـأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتىَّ يُدْرِكَكَ المَوْتَ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ".




(شَـرْحُ الحَدِيْثِ)

نُخَاطِبُكم حَول سُنَّة رسُوِل الله –صلى الله عليهِ وسلم – تلك السنَّة التي هي المَطيَّةُ إلى الآخرة وإلى الدنيا الأولى ،وهي التي بها السعادة والنجاح والفوز والظفر في الحياة الدُّنْيَا وفي الآخرة ؛ فهي سفينة نوحٍ ، وهي طريق النَّجاةِ التي يتزحزح العبد بها عن النار فيفوز بذلك ،ويدخل الجنةَ ، {فَمَنْ زُحْزِحَ عنِ النَّار وَاُدْخِلَ الجنَّةَ فقَدْ فَازَ} وهي التي عليها الاجتماع والافتراق على مخالفتها ،وهي ميْزانُ الهدى والضلال ،والمحنةُ فيمن يُخالِفُ هذا الدين ،يقول النبيُّ –صلى الله عليهِ وسلم – بعد ذكر افتراق هذه الأمة ( هِي الجماعة ) أي الفرقةُ الثالثة والسَّبعون ، وقال : ( مَا أنا عليهِ وَ أصحابي اليوم) ؛ وهي السنة ، فأصحابه –صلى الله عليهِ وسلم – هم أهل سُنَّتِهِ ، وهم سلفنا وأُسوتنا بعد رسول الله –صلى الله عليهِ وسلم –في تطبيقِ هذا الدِّيْنِ والعمل به .
الحديثُ الذي سنتحدث عنه في الحقيقةِ هُو نِبراسٌ في السنة وإتباعها ، وما فيها من خيرٍ محضٍ، وَمِيْزَانٌ للبِدَعِ ،والفِتَن ، والبدعة هي فتنة ٌ؛ وهي التي من استشرف لها استشرفت له ،وَهَلَك بِهَا .
وَتأتي فتنٌ –ومن مُقِلٍّ ومُسْتَكْثِرٍ في السَّيْر لها و في الاسْتِشراف لها- القاعد فيها خير من القائم ، والماشي فيها خير من الساعي ،وفي الحديث الذي صَحَّ عن رسولِ الله–صلى الله عليهِ وسلم – في أنها تأتي فتنٌ كقطع الليل المُظلِم .
فالنَّجاة منها إنما يكون في إتباع السُّنةِ، وهذا الذي بيَّنهُ أَتمَّ بيانٍ حديثُ حُذَيْفةَ –رضي الله عنه - والذي قيَّضهُ الله لهذه الأمة ؛فيهتم بالسلامة أنه يعلم أن التهلكةَ إنما هي في البدعِ والابتعاد عن السنة .
وقد اغتبط بذلكم الخير العظيم الذي جاءنا به نبيُنا –صلى الله عليهِ وسلم –وَ ما أنزله الله إليهِ ؛ فاعتزَّت به الأمةُ ،وكثُرت وجاهدت وانتصرت ؛{ واذكُروا إِذْ أَنْتُم قَلِيْلٌ مُسْتَضْعَفُون فِي الأَرْضِ تخافون أن يَتخطَّفَكُم النَّاسُ فآواكم وأيْدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلَّكُم تَشْكُرونَ.}
فهذه العزة التي تأتي بها السُّنةُ ، والفلاح في الحياة الدنيا ، وفي الآخرة من السلامة والنجاح والفوز بالنعيم والجنات التي فيها ما لا عين رأت ولا عين سمعت ولا خطرت على قلب بشر ، والدرجات هناك.

‏‏ ‏ - يَقُوْلُ ‏حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ-رَضِي الله عنهُ-:
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلوُنَ رَسُوْلَ اللهِ ‏ ‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم ‏عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلَهُ عَنِ الشَّرِ مَخَافَةِ أَنْ يُدْرِكَنِيْ؛ فَقُلْتُ : يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّـا كُنَّا فِيْ جَاهِلِيةٍ وَشَرٍ فَجَاءَنَا الله بِهَـذَا الخَيْرِ ؛فَهَلْ بَعْدُ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍ؟ ؛
قَالَ: "‏ ‏نَعَم ".
قُلْتُ : وَهلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِ مِنْ خَيْرٍ ؟
قاَلَ : " نَعَم ؛ وَفِيْهِ ‏ ‏دَخَنٌ ".
‏ ‏قُلْتُ :وَما دَخَنُه ؟
قَـالَ: "قَوْمٌ يَهْتدُوْنَ بِغَيْرِ هَدْيِيِ تَعْرِفُ مِنْهُم وَتُـنْكِرُ".
قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟.
قَـالَ:" نَـعَم ؛ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوابِ جَهَنَّم مِنْ أَجَابَهُم إِلَيْهَا قَذَفُوْهُ فِيْهَا".
قُلْتُ: يَـا رَسُوْلَ اللهِ صِّـفْهُمْ لَنـَا ؟.
فَقَالَ : "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَـتَكَلَّمُونَ بِـأَلْسِنَتِنَا" .
قُلْتُ : فَمَا تَـأْمُرَنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟
قَالَ : " تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِيْنَ وَإِمَامَهُم ".
قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٍ .
قَـالَ: "فَـاعْتـَزِلْ تِلْكَ الفِرَق كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعضَّ بِـأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتىَّ يُدْرِكَكَ المَوْتَ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ".

فهذا حديثٌ عَظِيْمٌ ،وفيهِ مِنْ جَزِيْلِ المَعَانِي ،وَ مِنْ الحِكَمِ ومنَ الإخْبَارِ بما سيكون، وَفيْهِ مِنْ ومن نُصْحِ هذا النبي الكريمِ‏- ‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم ،و-أَيْضَاً-فيهِ من نُصْحِ حُذَيْفَةَ –رضي الله عنه-لنفسِهِ وللأمةِ.




1- قَوْلُ حُذَيْفَة :( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلوُنَ رَسُوْلَ اللهِ ‏ ‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم ‏عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلَهُ عَنِ الشَّرِ مَخَافَةِ أَنْ يُدْرِكَنِيْ...)
الشَّرْحُ:-
- لا يُفْهَمُ منهُ أنهُ –رضي الله عنه- لم يكن يهتم بالخير كما يهتم غيره ؛ وَلكنَّه قد أَوْلَى اهتِمَامَهُ لِمعرفة الشِّرِ ،لأن من لا يعرف الخير من الشر يقعُ فيْهِ :

عَرَفْتُ الشَّـرَّ لاَ للشَّرِّ ** وَلَكِـنْ لِـتَـوَقِـيْـهِ

فهو يتوقى الشرَ، و هذا هو المهم أن المسلم يسلم من الشرِ ، ولاشك بأن من يريد أن يسلم من الشر فهو يحرص على الخير، فهو بمعرفته للشر تجعله يجتنب الشر، ويعمل الخير .
فلاشك أن ‏حُذَيْفَة –رضي الله عنه- كان يطلُب الخير ؛ فلهذا قال : " فَجَاءَنَا الله بِهَـذَا الخَيْرِ" ، لكنَّه يخاف على تغيُّرِ هذا الخير الذي جاءهُ به الله –سبحانه وتعالى- فأحْسن أحوال أمةِ ؛ أن تكونَ بينَ ظهْرَانيِّ النُّـبُوة .
و النبيُ -‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم- كان في غربةٍ ، لكنها غُربَةٌ في ذات اللهِ ؛ ومن التمسُكِ بذلك الخير الذي جاءهُ الله –سبحانه وتعالى- به ، وطمعاً أن َيعُمَّ الخير من أراد الله به الخير ، فقيَّضَ له أؤلئك الأصْحَابُ –رضوان الله عليهم-.
وكان -‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم- يتحمَّل ما يتحمل من التعرُض للأذى مما يُعلم ؛ من الأذية أهلِ مكةَ له، ولما ذهب إلى الطائف ،ولمّا دعا عند العقبة ابن عبد ياليل ابن كِلاب، و شتمه و أذاهُ أعظم الأذى ، فسار – عليه الصلاة والسلام- من شِدَّةِ مَا لقِيَ من العنتِ ،و ولّى مكةَ ظَهرَهُ وقد أشدَّ ما لَقِيَ من قومهِ، ولم ينتبه ولم يُفِق إلا وهو في قرن المنازلِ عند الطائف ؛ فعند ذلك نزل عليه جبريل-عليه السلام- ومَلِكُ الجِبَالِ ، فأعلمهُ أن الله –جل وعلا- قد سمع ما قاله له قومه ، وأن الله قد أرسله إليه لِيأَمُرَهُ بما يأمُرُه بهِ وقال: إن شئت أن أطْبِق عليهم الأخشبين لفعلتُ .
فقال -‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم-:" إني لأرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يُشرك به شيئا " ؛ وقد صار ذلك – بفضله ومنِّه –سبحانه وتعالى- ثم بثبات نبيه على السنة وبالتحمُّلِ في سبيلها ما تحمل ، حتى حدث وصار ما صوَّرته لنا الآية السابقة ، فسارَ إلى المدينة {فآواكم } بالمدينةِ، فكانت عاصمة الإسلام، وانتشر الإسلام في أقْطَارِ الدنيا بالجِهَادِ ، وَكَثُرَتِ الأُمَّةُ ؛ يقول الإمام اليماني وهبُ بن منبِّهٍ- تلميذ ابن عباسٍ وابن عمرٍ وأنسٍ وتلميذ كبار الصَّحابةِ- يقول :
" تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ؛ قال: والناسُ يومئذٍ فارسٌ والرُّوم " يعني بشر معدودين من الناس ، وهم يتخطَّفُونَ من فارس والرُّوم ، فأعطى الله ما أعطى بالإسلام أو كما قال قتادةٌ ، وبعد هجرة النبي-‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم- إلى المدينة ، صرنا خير أمةٍ أُخْرِجَت للنَّاسِ ، وتُحشر الأمم على قدم نبينا -‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم- ولهذا من أسمائه الحاشر .
فحذيفة –رضي الله عنه – مِنْ مَنْ هَيَّأهُم الله –سبحانه وتعالى- لكي يُوصِلُوا إلينا هذه الرِّسَالةَ ؛ فيَسْعَدُوا بها ويسْعَدَ بها من بعدهم ، فلا يسعدوا بها هم فقط ، فيريدون أن تسعد هذه الأمة ، وتبلغهم الرسالة ويبقى هذا الدين ؛ ولهذا كان حذيفة –رضي الله عنه- حريص على بقاء هذا الخير وسلامته هو من الشر .
___________________


2- قَوْلُهُ : (( يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّـا كُنَّا فِيْ جَاهِلِيةٍ وَشَرٍ فَجَاءَنَا الله بِهَـذَا الخَيْرِ فَهَلْ بَعْدُ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍ؟ ؛ قَالَ: "‏ ‏نَعَم ".)).

الشَّرْحُ:-
- الخيرُ : هي السنَّةُ . – والخيرُ : كمال الرسالةِ .
– الخير : سعادة الأمة ونصرُها .
فصارت في خير أحوالها لأنها تنزل فيها الرسالة ، وتنزل فيها الوحي ، وكان قد أكمل الله لها الدين كما قال تعالى: " اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُم وأَتْمَمَّتُ عَلَيْكم نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمْ الإسْلاَمَ دِيْنَاً " فأتَمَّ لهم الدين ، ورَضِي لهم هذا الدين العظيم.
فيجب وينبغي علينا أن نرضى بما رضي الله به لنا، ونتمسك به ؛ ومنْ مَاتَ دُونَ دِيْنِهِ فَهُو شَهِيدٌ ؛ فمن مات دون دينه فهو شهيد ولو لم تكن شهادته في المعركةِ، لأن الجهاد في سبيل الله التي يكون الشهيد فيها شهيدا في المعركةِ؛ فهذا له ضوابطٌ ولا يكون في كلِّ زمانٍ-و إنْ كان هو حكمٌ باقٍ إلى قِيَامِ السَّاعةِ- ولكن قد يموت الملم دون دينه وهو ليس في المعارك والجهاد، هذا الدين عظيم ، وقد مات الكثير من أصحاب الرسول-‏صَلَّى الله عَليَه وَسَلَّم- في سبيل هذا الدينِ، وكذلك مات مَنْ مات بعدهم – وهكذا – إلى قيام الساعةِ ،فهو يحتاجُ إلى من يعرف قيمته ، ولو كان بقاؤه ونصرته بدمائهم وأرواحهم ؛فإنهم يَجُدون بها، لكن عن فقه وفهم ومعرفة ؛ لا عن تشنج واندفاع أهوج وجهل- كما هو حال الخوارج- الذين ( يقرؤون القرءان لا يُجَاوزُ تراقِيَهم ،كلما خرج منهم قرنٌ قطِع) ؛ لأنهم ضد الأمة وتُقاتلهم الأمة مع سلاطينهم ،حتى يخرج في عِراضهم الدجال.
وَيذكرُ أهلُ العلم – ومنهم شيخ الإسلام ابنُ تيمية – أنَّ محنتهم أنهم لم يفهموا الدين ،
" يقرؤون القرءانَ لا يُجَاوِزُوا حناجرهم" أي لم يفقهوه، وصعُب عليهم أن يفْهَموا فهم الصحابة له –أي القرءان-.
وفي قَوْلُهُ : (( يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّـا كُنَّا فِيْ جَاهِلِيةٍ وَشَرٍ..))
وهذا كقول عمر رضي الله عنه – " إنما تُنْقَضوا عرى الإسلام عروةً عروة ؛ إذَا نشأ في الإسلامِ منْ لم يعرف الجاهلية ".
وفيه أيضا قول الله –جلَّ وعلا- {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات ولتَسْتَبِيْنَ سَبِيْل المُجْرِمِيْنَ}.
وهي إنما تُستَبانُ بالسُّنةِ وبالوحْي .
قولهُ : ((..وَشَرٍ فَجَاءَنَا الله بِهَـذَا الخَيْرِ فَهَلْ بَعْدُ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍ؟ ؛ قَالَ: "‏ ‏نَعَم ".))
فهُنا هُوَ يَخافُ على هذا الخيرِ ، فلذا قال : ((فَهَلْ بَعْدُ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍ؟ ..)).
فقال النّبي –صلى اللهُ عليْهِ وَسَلَّم- : (( " نَعَمٌ ")) ؛ ولم يذكر خيراً ، وهنا يجبُ أن يقِف المؤمنُ وقفةً ؛فكأنما هناك وجود شر محض، على الرغم من قرب العهد ومع هذا الخير التام ،فيأتي بعده مباشرةً شرٌ ، وكأن هذا الخير غير موجودٍ ، مع وجود الصحابة ووجود التابعين ، والإمام الشرعي المبايع موجودٌ ومع ذلك يقول : (" نعمٌ ") ؛ فكأن الخير غير موجود والأمة تقتتل وتُسفك دماءها، وهو قد قال :" لا ترجِعوا بعدي كُفَاراً يضْرِبُ بعضَكُم رِقَابَ بَعْضٍ " فهذا شر ، وشر عظيم ، وفتنة ؛ فكأنه في وقتِ الفتنةِ الخير غير موجودٍ ، مع أن الخير موجودٌ ووافرٌ ،لكن الأمور تخرُج على ما ينبغي ، ويُقاتِلُ بعضُها بعضاً ، ومِمَا يجِبُ أن يُعلم هو أن الصَّحابةَ غيرُ ملامين في ذلِكَ ، وإنما هي فتنة ، والصَّحابةُ ما كانوا يُقاتِلون فِيْ الخليفة ، ومن كان في الجانب الآخر فهم-أيْضاً- مجتهدون مخطئون ، ومن كان مع الخليفةِ فهم على الحقِّ ، وينصرون الحقَّ ويَنْصِرُون الخليفةَ المبايع ،و النّبي –صلى اللهُ عليْهِ وَسَلَّم- أخبر بذلك ، ولكن يجب أن نُنَزِّهُ أَلْسِنَتنا من الكلام في أَصْحابِ رسول الله–صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّم-.
فالأمة مجمعون على أنه لا يحكمُ عليهم بالفسقِ – فضلا- عن أن يُحكم عليهم بالبدعةِ – لاكما قاله بعض الجهلة- ؛ والمهم أن هذا الحديثِ – في الحقيقةِ- كالسنةِ المحضةِ وفي أهلِ السُّنَّةِ ، و إذا كان للأمة قائداً يقودها على السنة -كما سيأتي ذلك في أخر الحديثِ –فإنها تكون على الخيْرِ الذي ذكره حُذيْفَةُ-رضِي اللهُ عنهُ-.

___________________________

3- قَوْلُهُ :((قُلْتُ :وَهلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِ مِنْ خَيْرٍ ؟ ،قاَلَ:" نَعَم ؛وَفِيْهِ ‏ ‏دَخَنٌ "‏ ‏قُلْتُ :وَما دَخَنُه ؟ ؛ قَـالَ: "قَوْمٌ يَهْتدُوْنَ بِغَيْرِ هَدْيِيِ تَعْرِفُ مِنْهُم وَتُـنْكِرُ"))

الشَّرْحُ:-
والدخنُ هنا سبّبه ما جرى من الفتن والدماء ، والتغيُّر في الأفئدةِ لدى الناس ، فلذا ذكر –صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- أَنْ ذَلِكَ الدَّخَن هو : قومٌ يسْتَنون بغير سُنته ويهتدون بغير هديه –عليه الصلاة والسَّلام-.
وما يزالُ حُذيْفَةُ-رضِي اللهُ عنهُ- يهْربُ من الشر ويَخَافُ من الفتنةِ ، وهو يسيرُ مع النبي–صلى اللهُ عليهِ وسلَّم-حتى يصِلَ إلى ما يُريدُ ، وهي الضمانةٌ والسلامةُ ؛ فسألَ النبي–صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- عن هذا الخير الذي فيه الدخن الذي اجتمعت فيه الأمةُ ولم تقتتلْ ، واتفقت على إمامٍ واحدٍ وهو إمامُ حقٍّ وإمامُ سنةٍ ، والحديث ما جاء فيه من ذكرُ الأئمةِ فهم أئمةُ السُّنةِ وأئمةُ الحقِّ المُتَّبِعِيْنَ لهدي النبي–صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- ؛ فعامُ الجماعةِ وهو عام 41هـ هو عام الاتفاقُ على مُعاوية خال المؤمنين رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين- وهو من حَمَلَةِ السُّـنةِ ، ومن كُتَّابِ الوحيِ ومن..ومن..و..وكم له من الفضائل –رضي الله عنه - ؛ وبئس القومِ الذين يطعنون فيه، ويزعمون أنه جعل الملك في أبنائهِ ، إنما هم سيئون وسيء الرأي في أصحاب النبي–صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- وما كان هذا لهم .
فهو رضي الله عنه متَّبِعٌ وليْسَ مبتدِعاً،وَ يَعْلَمُ –رضي الله عنه – أن الخلافة لها حدٌّ وتنتهي،وأنَّ الشأن ألا تعود الأمةُ إلى الاقتتال، وإلى الفتنةِ، فاجتهدَ وَهُوَ مأْجُورٌ أجْران ، في الوصيةِ إلى ابنهِ ، فهو لم يُحْدِثُ وهو مجتهدٌ مأجورٌ ،لأنه مجتهدٌ مصيبٌ –وذكر هذا من ذكرَ من أهلِ العلمِ – وَقَدْ بيَّنْتُ هذا فِيْ كِتَابي ( تَفْهِيْمِ الحَقِيْقةِ الإِلْزَامِيْةِ فِيْ خُصُوْصِيَّةِ الدَّوْلَةِ السُّعُوْدِيْةِ ) وهو كتابٌ في تاريخِ الدولة السُّعوديةِ منْ أَوْلِها إلى هذا العصرِ ، أو في هذا الطور من العصر وإلاَّ فهي دولةٌ واحدةٌ في الحقيقةِ ، والأصل الذي قامت عليهِ لا تزال تسير عليهِ في هذا الوقتِ -بحمد الله ومنَّتِهِ – يَنتفِعُ بها شعبُها وتنتفع بها أمةُ الإسلامِ ، وسلاطين المسلمين إذا كانوا على الحق والسنة فإنهم يوالي بعضهم على المسلمين ، والأصل أن المسلمين على خلافةٍ واحدةٍ ، ولكن إذا لم يستطيعوا فلا يُكَلِّفُ الله نفْساً إلا وسْعَها ، وكلٌّ من سلاطين المسلمين فإنه يُطَاعُ ، ويكون له سمع ويُطاع ، وهُناك منْ يُشَنْشِنُ هذه الأيامِ على أنَّ الشَّيْخَ الألباني –رحمه الله – كان لا يرى البيعةَ لهؤلاء ، وأنَّهُ لا يرى البيعةَ إلا للخليفةِ العام ؛ وهذا رأيٌ قَدِيْمٌ ، ولكنَّـهُ رأيٌ غيرُ صحيحٍ ، وقرَّرنا في كتابنا ما يُزِيْل أي شُبَهٍ حَول هذا الموضوع ، والشَّيْخُ الألباني –رحمهُ الله- كَانَ هذا رأيْهُ حتَّى عام 1418هـ ثُمَّ رَجَعَ عن قوله ِ هذا - وهو مسجَّلٌ بِصوتهِ ومشهور ومتواترٌ عند النَّاسِ- وقال : " أنه اطْـلَـعَ على كلامٍ لشَيْخِ الإسلامِ ابن تيميةَ والشَّوْكَاني وغيرهما –رحمهما-من العلماء " ورأى أنَّ لهم بيعةٌ وطاعةٌ ، ويرى أنه مسلمون يوالي بعضهم بعضاً ، وُينَاصِحُ بعضهُم بعضاً ،ويَنْضَم بعضهم إلى بعضٍ.
فمعاويةٌ -رضي الله عنه- أجتهد َ فأوْصى لابنهِ خوفاً من الفتنةِ ، ومن الاقتتال ، ومن أن تعود إلى الزمن القريب الذي خرجت منه، وهو قد عاش في الفتنةِ وعرَفَها ،وما جرى فيها من الأوضاعِ ، فأوصى لابنهِ، و وقد عرفنا كما جاء في حديث رسول–صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- أنِه خير ، وهو أنه قد اجتمعت الأمة ، ولكن فيه مافيه ، وهذا الذي فيه إنما جرى وحصل هو من باب العقوبة للأمة التي قاتلت خليفتها -رضي الله عنه –فصار القصاص من ظهرها ،فحذيفة –رضي الله عنه – قد عرَّفنا أن بعد هذا الشر خير ؛ ولكن فيه ما فيه من الدخن كما هو تفسير النبي –صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- .
ولكن –رضي الله عنه- يَخاف من الفتن ؛ فلهذا سألَ " فهل بعد هذا الخيْرِ منْ شَرٍّ ؟"
______________________________


4- قَوْلُهُ : ((قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟. قَـالَ:" نَـعَم ؛ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوابِ جَهَنَّم مِنْ أَجَابَهُم إِلَيْهَا قَذَفُوْهُ فِيْهَا".
قُلْتُ: يَـا رَسُوْلَ اللهِ صِّـفْهُمْ لَنـَا ؟.فَقَالَ : "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَـتَكَلَّمُونَ بِـأَلْسِنَتِنَا" )).
الشَّرَحُ : -
هنا الأمرُ خطيرٌ ؛ فلهذاَ كَانَ لابُدَّ منِ اهتمامٍ من حذيفة - الهاربِ منَ الشَّرِ- لأن هؤلاء دُعاةٌ على أبوابِ جهنمٍ ؛ فهم ليسوا دُعاةً فقط ! ؛ وقد قال الله : { وَكُنْتُم عَلَى شَفا حُفْرَةٍ مَنَ الَّنارِ فَأنْقَذَكُمْ منْها }؛ فالخوف الآن من حفرة النار ومن جهنمٍ ، فلابُدَّ أنْ يهتمَّ حُذَيْفَةُ-رضي الله عنه- هنا اهتماماً أكْبرَ منْ اهتمامهِ الأوْل ؛ فلهذا قال :" صِفْهُم لنا يا رسُوْلَ اللهِ؟" فهو –رضي الله عنه – يُريد أن يعرِفْهم ، بحيث لو رآهم يعرفهم ، وكان الصَّحابةُ –رضي الله عنهم يعْرِفُون الفتنَ ، وخاصةً حُذيفة –رضي الله عنه- لأنه هو أمينُ السِّرِ، وهو يعْرِفُ المنافقين بأعْيَانِهم ، لأنه فهم هذا الأمر وتخصَّصَ فيهِ ،و هذا فيه مافيه من الخير لهذه الأمةِ .
والصحابة –رضي الله عنهم – كانوا يعرفون الفتن لأن النبي –صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- بيَّن ونَصحَ ، وما ترك الأمةَ إلا على وهي على ما مِثْلِ الشَّمْسِ في معرفة دينها ، وقد قال تعالى :

(اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ وَأَتْمَمّتُ علَيْكُمْ نِعْمَتِيْ ..) ، حتى قال اليهودِ : إ،َّ نَبِيَّكُمْ قَدْ بيَّنَ لَكُم كَلَّ شيءٍ حتى الخِرَاءَة ؛ يعني دخول الخلاء ، بيَّنَهُ – وهو كذلِكَ .
حتَّى الدَّجَّال قد بيَّنه –صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- بَيَانَاً لم ُبيِّـنهُ أحدٌ من الأَنْبِيَاء قَبْلَهُ – وقد كانوا بيَّنوا وأدَّوا ما عليهم – ولكن لأنه سيخرجُ في أُمَّتِهِ ، ومما قاله عنه"أَنَّهُ أعورُ العينُ اليُمْنى كالعنبة الطافية " وهذه الصِّفَةُ لم يذكُرَها أَحَدٌ من الأنْبِيَاءِ .
فلهذا كان –صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- قد علم الصحابة حتى كانوا على مثل الشمس في قضيَّةِ الفتن وفي القضايا التي تصير وتجري .
وقد كان من قول علي –رضي الله تعالى عنه- إذا عرف الأمر من النبي -–صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول : " والله ما كَذبتُ ولا كُذِّبْتُ ".
فعندما لحق – يعني عليَّا رضي الله عنه – والمقداد ومن معهما بالضعينةِ ؛ فأدْرَكُوْهَا فِيْ رَوْضَةِ خَاخٍ ، وَ أَبَتْ أَنْ تُخْبِرَهُمْ أَنَّ مَعهَا كِتَاباً ، فقال لها : " والله ما كَذبتُ ولا كُذِّبْتُ - ما كَذبنا وما كُذبنا -لتُخْرِجَنِّها أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ " فَأخْرَجَتْهُ منْ تَحْتِهَا.
ولما تبع الخوارج عند النهروان قالوا :يا أمير المؤمنين قد تجاوزُوا النهرَ ! فقال -رضي الله عنه – " إنَّ مَصَارِعَهُمْ دُوْنَه " ثُم ما مرَّ وقتٌ يسيرٌ حتى كانت مصارعهم دونه .
وهذا لأن ما عندهم من علم فهو من رسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-، وعندما وقف ودعاهم للتوبة –يعني الخوارج – قالوا :"لا ؛ بل أنت الذي يجب أنْ تتوبَ ! ، فقد كفرت ، وعليك أن تُسلم".
فقال لهم : " كيف وقد أمنتُ برسولِ الله –صلى الله عليه وسلم- وجاهدت معه ."
فقالوا له : "إذاً لا تُضَيِّع وقتنا ؛ فما بيننا وبين الجنة إلا أن تقتلنا ونقتلك "!!.
قلتُ : سُبحان الله انظروا لمحنتهم ، وتزكيتهم لأنفُسِهم !!.
وهنا أحدهم لمـّا فجّر نفسه بقرب الحرمِ قال : ما بيني وبين الجنَّةِ إلا عشر دقائق !.
وهذا لأنه لا يعلم أن الرسول-صلى الله عليه وسلم- قد قال عنهم أنهم"شرُّ قتلى تحت أديْمِ السَّماءِ " ، " طوبى لمن قتلهم أو قتلوه " و " لو يعلم من يقتلهم ماذا له على لسان محمدٍ –صلى الله عليه وسلم-من الأجر لنكل عن العمل " ، " من لقيهم فليقتلهم فإن في قتلهم أجر عند الله يوم القيامة " ، يقرؤون القرءان لا يُجاوزُ تراقِيَهُم –وحناجِرَهُم " ، " يمرقون من الدين كما يمرق السَّهم من الرَّمِيَّةِ ثم لا يعودون حتى يعود السهم إلى فوقه " ؛ فهؤلاء لا يفقهون مثل هذه النصوص ، بخلاف الصحابة –رضوان الله عليهم- .
وفي الحديثِ : "أَنِيْمُوْهُم " فلما بدأتِ المعركةُ ؛ فكأنما قيل لهم نُموا فناموا ، وقال عليٌّ –رضي الله عنه – "ابحثوا عن ذي الثَّدِيَّ !" فبحثوا عنه فلم يجدوه ، فأخذته الرهبة وقال لهم :" ابحثوا " فبحثوا ؛ فلم يجِدُوه ، فقال لهم : " واللهِ ما كَذَبْتُ ، وما كُذِّبْتُ " فبحثوا ؛ فوجدوه تحت كومةٍ من القتلى ، لأنها هذه صفة مؤسِّسَةٌ . ، والصفات الكاشفة لا يتعيَّن مت دلت عليه إلا إن اجتمعت ، وقد ضَلَّ من ضل من مثل الذين افتعلوا الفتنةَ في الحرمِ عام 1400هـ؛ بالصِّفَاتِ الكاشِفَةِ ، صفاتٌ جاءت في المهدي فتوهموا ،و أوْهَمهم الشَّيْطَانُ ، وهنالك صفات مُؤَسٍّسَةٌ لم تأتِ ، بل هنالك صفات كاشفة ما جاءت ، وما تأتي إلا بعد المهدي ، وبعد أن ينصُرَهُ الله –سبحانه وتعالى-، وتحصُل جميعُ الأوصافِ ، وحينئذٍ يُعْرَف ، فهم قد صاروا بهذا فتنة ، وقد ذكرها الرسول –صلى الله عليه وسلم ، ولكن هؤلاء لعدم فقههم مافهموا ، و إلا فالحديث الذي يحتجون به ، فهو حديث ينقُضهم و يردُهم ، وهو " يبايع رجل بين الركن والمقام ، ولا يستحل هذا البيت إلا أهلُه ، و إذا استحلَّ فلا تسل عن هلكةِ العربِ" .
فأولاً : رجلٌ نكِرَةٌ ؛ فإذا هو صاحبُ فتنةٍ ، و " لا يستحل " فمقرونٌ من فتنته ومن مبايعته ؛ استحلال البيت ، وهل من يستحل البيت من يكون على هداية وعلى هُدىً ؛ وإنما صاحبُ فتنةٍ .
والفتن يَجُرُّ بعضُها بعضاً ، ويستدعي بعضُها بعضاً ، ويُنادي بعضُها بعضاً ،فإذا استحلَّ فلا تسل عن هلكةِ العربِ ، ولكنهم لعدم فقههم الحديث الذي هو عليهم ، جعلوه لهم ، فهنا " من يُرِدِ الله به خيراً يُفَقِّهُ فِي الدينِ " فالشأن في الفقهِ في الدين ، ومنها قال الرسول-صلى الله عليه وسلم- " يقرؤون القرءان لا يُجَاوِزُ تراقِيْهم " يعني لا يصل قلوبهم ، فما هنالك فقهٌ ، ولهذا ما ترتاح الأمة وما تسلم من شرهم إلا ببترهم ، وذِلَّتِهم ، وهوانهم ، " وكلَّما خرج لهم قرنٌ قُطِع ، حتى يخرُج في عِرَاِضهم الدَّجَّال " ويقول راوي الحديث ابن عمر عددتُ إلى أكثرِ من عِشْرِين والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول " وكلَّما خرج لهم قرنٌ قُطِع.. وكلَّما خرج لهم قرنٌ قُطِع.. وكلَّما خرج لهم قرنٌ قُطِع و..و.." أكْثَر من عشرين.
وقد شبَّههم بالدَّجَّالِ وفتنتهم تُشْبِهُ فتنةَ الدَّجَّالِ ، والدَّجال فتنته عظيمة ، يقول للناس : أنا ربكم ! فمن يؤمن به هلك ، ومن لم يُجِبْهُ يقتُلهُ ، ويسفك الدماء ، فيعني هذا أنها فتنةٌ عظيمةٌ ، ولهذا ذكر الرسول –صلى الله عليه وسلم – فتناً كثيرة ، لكنه هو أعظم فتنةً بين يدي السَّاعةِ ، فهم يريدوا أن يفتنونا وتنتهي فتنته،لأنه بذلك حصلت الحكمةُ عندما تتم بالنسبة للدجال، تحصل الحكمة عندما يكشفهم الرجل الصالح من أهل المدينةِ ، وقبل ذلك لم ينكشف ، وبذلك تتم الحكمةُ ، فيأتي إليه فيكشِفُ الدجال على رؤوس الأشهادِ ، مع أنه ادَّعى أته سيميته ويحييه ، وقد أحيَاه الله –سبحانه وتعالى- فقال له : إني لأشدُّ بصيرةً من ذي قبل ، إنَّك لأنت المسيح الدجال الملعون الذي أخْبَرَنا عنك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، فلما يريد أن يقتُله ، فلا يُسلط عليه ، فينكَشِف على رؤوس الأشهادِ والخلائق ؛ بأنه دجال ؛ لأنه بذلك انتهت الحكمة .
-أيضاً – وكما قال وهبُ بن منبِّه - رحمه الله – وهو ينصح – " الأغيلمة" لينبه الشباب الصغار لنصيحته له –رضي الله عنه – ولأن نصيحته رسول الله في حديث حذيفة لهم يقول كان الأغيلمة –الراوي عنه – كان يقول لنا الأغيلمة الصغار الأغرار ؛ ويقول : انتبهوا لأنفسِكم فهؤلاء هم فتنتكم أو كما قال ؛ فإنهم عِرَّة في هذه الأمة يحذرهم من الخوارج .
وهب بن منبِّهٍ –رحمه الله- لما أرسل الخوارج –خوارج صنعاء- رسالةً إلى ذي خولاء وهو رجلٌ مُسِنٌ ، وكان رجل ذو مالٍ ؛ فيرسلون له يطلبون الزكاةَ - و الخوارج الآن الذين هم أحرص الناس على الدنيا ، ويتلصَّصُون عليها بِكُلِّ طريقٍ ، وهنالك رسالة للشيخ مقبل يقول لا نعلم أحد أشد في التلصص من الإخوان المسلمين الذين يسميِّهم الإخوان المفلسون ؛ وهو كذلك لأنهم مفلسون من كل شيء –مع الأسف- لأنهم يستغلون الدين في سبيل الدنيا والسياسة، ولم يُقِيْموا يوما من الأيامِ قضيَّةً على القبور الموجودة في أقطار الدنيا مع أنهم يزعمون أن دعوتهم دعوة عالمية ؛ وهي عالمية لكن في الشر والفتنة ، ولن تنتفع الأمةُ بهم إلا الفتنة ، وفتنتهم كفتنة الخوارج في الحقيقة في بلدٍ ، و يزعمون -وهم يضحكون على الأمةِ - أنهم مسالمون وأنهم لا يرون الدماءَ و..و..! ؛ وها سُفِكت الدماء إلا من تحت أقدامهم و ذكرهم - :
وليس يصحُّ في الأذهان شيءٌ ** إذا احتاج النهار إلى دليلِ.

وهم يُقدمون الدليل في كل يومٍ، وفي كل مكان من أقطار الأرضِ ، ويعرفونهم الناس -خصوصا السلاطين والقادة الذين قد تعجب من أنهم قد يعرفون منهم مالا يعرفه غيرُهم عنهم ، وذلك لأنهم عانوا منهم ورأوا منهم أشياء لم ترها منهم شعوبهم ،والحديث عنهم يطول - .
فالفتنة التي جاءت بها الخوارج هي فتنة عظيمة ، وهم عِرَّةٌ كما قال وهبُ بن منبِّهٍ –رحمه الله- ومحنة ، وبهذا نعرف أنهم يبقون إلى زمنِ الدجالِ ، و إنما يُخْمَدَوْنَ وتُخْمَدُ شوكتُهم ، ولا تقوم لهما قائمة ، وذكرَ هذا وهب –رضي الله عنه- يطلبون منه الزكاة ، فجاء شابٌ من الشباب الفقيه والمستقيم والشباب المتسنن – أي أنه على السنة ؛ لذي خولان – وقد وجده مغتماً ومتأثِراً- فسأله عن سبب اغتمامهِ ؟ فقال أنه لي أصحابٌ في صنعاء أرسلوا إليَّ برسالةٍ ففقدتْ في الطريق، وأرسلت غلماني ليبحثوا عنها ؛ فلم يجدوها ؛ قال : وكنت قد وجدتها فأخرجتُها ، فقلت له هذه ، قال : ثم قلت وما الذي فيها ، فقال : قطع الرِّقَابِ .
فانظروا لأن هؤلاء ضد الأمة وخارجون عليها وعلى سلاطينها ، فهذا هو قطع الرقابِ ، وهو يتخفون ولا يريدوا أن يُظهروا أمرهُم ؛ ومن ذلك عبارات الإخوان التي ربما تسمعونها من قادتهم يقولون :" نحن لا نؤيد الخروج .. و لا نؤيد الدماء ..و .. و ونحن مسالمون ..و "
ومن أين خرج كل ذلك إلا من تحت أقدامكم من أول يوم، وأنت متسلطون على الأمة ، وكم فجَّرتُم .

البلوشي
04-02-2007, 10:33 PM
حفظ الله شيخنا العلامة الوالد فالح بن نافع الحربي وجزاكم الله خيرا

هادي بن علي
04-04-2007, 05:35 PM
جزى الله العلامة فالح الحربي خير الجزاء في الدنيا والاخرة على هده المحاضرة القيمة .
واسال الله ان يعيدني واخواني جميعا من الفتن ماظهر منها وما بطن .امين

ابوخالد الاثري
04-19-2007, 07:16 PM
وهدا هو تفريغ الشريط الثاني .
لما قال هذا الشاب – رحمه الله- اقرا علي ما في هذا الخطاب قال قطع الرقاب ثم اخبره بما فيه انهم مرسلون يطلبون الزكاة فحذره منهم فقال كيف اخد كلامك واترك كلام من هو اسن منك قال الا نذهب الى وهب بن المنبه قال بلى فذهبا الى وهب فوجداه بين تلاميذه فقالوا اسال ابا عبد الله نستفد قال ان صاحبي هذا له حاجة وكانوا تلاميذ سنة, اهل سنة ولديهم ادب فقاموا وتركوا الشيخ و ذا خولان وصاحباه فقال له يا بن المنبه تكلم ياابا خولان فارتدي عليه ولم يستطع ان يتكلم فقال بين عن صاحبك او تكلم عن صاحبك فاخبره الخبر فقال , الله , انت ياذا خولان بعد هذه السن تكون حروريا , استنبط , قال اخبرني ماذا يقولون لك, فتكلم , ثم ذكر له انهم يقولون اشتري مرضاة الله ومغفرة الله والجنة او نحو هذا الكلام فقال تلك فتنتهم يزكون انفسهم بالتزكية ثم نصح له وبين له وتاب ذو خولان وتوفي من سنته . و بين في حالهم وهب رضي الله عنه ما لاربما تظفر مثله في هذا الزمان دليل على معرفته بهم وكان يحذر منهم الشباب الصغار كما ذكرنا ويرى كفرهم ويتنزع ذلك من الايات وذكرت هذا ونصوصه في كتابي تفهيم الحقيقة. فحذيفة , نعود الى حذيفة رضي الله عنه لايزال يخاف من الفتنة ومن الشر فسال الرسول صلى الله عليه وسلم عن اوصافهم اؤلئك الدعاة على ابواب جهنم فقال انه من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا يعني من العرب هذا هو الوصف, يعني الواضح البين على انهم يخرجون فينا وانهم في هذه الامة وفي العرب , فهذا الوصف ينطبق على الخوارج حقيقة وعلى الدعاة الى الشر من هذه الامة يتكلمون بالسنتنا ومن جلدتنا ,يتكلمون بالسنتنا جلدهم هو جلدنا شكلهم هو شكلنا واللسان هو لساننا , لكن كيف نعرفهم؟ بهذا الحديث , كيف؟ كيف نحكم وكيف نسلم منهم ؟ ايضا بهذا الحديث لانها تبينت, تبين حالهم ان هؤلاء يخرجون في العرب وانه منهم , من ابنائهم لذا لانستغرب اذا خرجوا , الان يقولون الناس لماذا ابناؤنا يفجرون؟ لماذا ابناؤنا يكفرون؟ لماذا ابناؤنا؟ , لا, هذا اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لكن عليكم ان تعرفوهم باوصافهم وبحركاتهم وبتصرفاتهم ,فتحولون, حتى ولو كانوا من ابنائكم يعني قد يكون ابنك يستحل دمك لانه يراك كافرا ، يراك مشركا , أي نعم, فلا تستغرب حينئذ تقول لا, ياتي ناس شكلهم اخر ولسانهم اخر, وان كان هذا, لكن هذا هو الاصل , قد يكون في غيره من الذين هم لهم لون لان العقيدة يعتقدوا عقيدة هؤلاء وكانوا على طريقهم . فقال لما وصف الرسول ذكر له وصفهم وهو وصف مؤسس متبين بين , الان نريد كيف ماذا يفعل؟ الان هو لايزال يريد الخروج, يريد المخرج, يريد السلامة, ينشد السلامة , قال ماذا تامرني, ما تامرني يارسول الله ان ادركني ذلك , يعني يخاف ان هذا قريب , ماتعين متى يكون , نعم, فقال , وهم خرجوا في ايام الصحابة رضوان الله عليهم لكن خرجوا من رحب الفتنة , لا يوجد دليل ان الذين قتلوا الخليفة عثمان قبل الفتنة انهم الخوارج مارقة, الخوارج لهم صفتان رفض السنة واستحلال الدماء استحلال القتل فاذا توفر هذان الاساسان الشرطان نعم هم خوارج والا قد يكونون بغاة يكونون ظلمة نعم صحيح كما حصل للذين قتلوا فاحدثوا فتنة عظيمة, قتلوا الخليفة فعوقب وعوقبت الامة بسبب قتلهم له , لكن ماهناك دليل يدل على انهم الخوارج وان كان اول الخوارج هو الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم اعدل يامحمد فانك لم تعدل وايضا قال انها قسمة لم يرد بها وجه الله , قال الرسول صلى الله عليه وسلم ويحك او ويلك ويحك من يعدل ان لم اعدل خبت وخسرت وفي رواية خبت وخسرت كلتاهما في البخاري هذه ان كان لم اعدل انا فانا خائب , لكن انا اعدل , والا فهذا الذي يجري لو لم اعدل , لكنه عادل عليه الصلاة والسلام , او انت باتهامك لي اوبقولك لي اعدل وكوني لم اكن عادلا عندك فهذا دليل على خيبتك وعلى خسرانك , وهذا هو الذي صار ولهذا لما ولى قال الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج من ضئضئ هذا من صلبه او من اشباهه اناس يحقراحدكم صلاته الى صلاتهم وصيامه الى صيامهم وعبادته الى عبادتهم يقرؤون القرءان لايجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لايعودون اليه حتى يعود السهم الى فوقه, نصح للامة وتحذير, نصحا وتحذيرا , فهؤلاء مرقوا ولذلك سموا مارقة , من اسمائهم المارقة وهم قد يقبلون الاسماء الاخرى الا هذا الاسم لايقبلونه لكن هذا ثابت اسم شرعي , رغم انوفهم يقبلونه , ويجب ان يقال عنهم المارقة لانهم مرقوا ايام الفتنة , تمرق مارقة يقتلها اولى الطائفتين بالحق , اذن ماهناك الا طائفتان وهذه طائفة ثالثة , اذن متى خرج الخوارج , خرج الخوارج من الفتنة ومن رحم الفتنة وبعد ان لم يكن الا طائفتان فاذا خرجت اجتمعت الطائفتان على قتلهم , والصحابة الذين اعتزلوا الفتنة تمنوا انهم حضروا قتلهم ومنهم من عزم على قتالهم لو استطاع ان يقاتلهم او لو جاءوا الى المدينة , وكانوا ايام قتالهم بامر الرسول صلى الله عليه وسلم وهم متميزون , ما هناك فتنة , ولذلك يقول من يقول من اهل العلم انه اذا تميز الامر جاء انصر اخاك ظالما او مظلوما , الكبر بطر الحق وغمط الناس , جاءت النصوص حينئذ ما هناك فتنة , فلما تميزوا وعرف ان هؤلاء مارقة وليسوا من الطائفتين اللتين تتقاتلان في الفتنة , الذين اعتزلوا منهم من قاتل ومنهم من تمنى حين لم يحضر القتال تمنى قتالهم. ايضا قال عن عمار , ويح عمارتقتله الفئة الباغية , اذن ما هناك الا فئتان باغية ومبغي عليها , لم يوجدوا , لم يوجد الخوارج بعد , فلا يقلل من اهمية , يعني قتل , يعني فتنة اولئك الذين قتلوا الخليفة , لكن القتل يحصل من البغاة ويحصل من الظلمة الذين لم يكونوا خوارج وهذا هو الذي جرى من اولئك وحصل منهم ظلم عظيم وتسببوا فتنة عظيمة وعوقبت الامة بسبب فعلهم ونحن ان لم نفرق بين الخوارج والبغاة وقعنا في بلية كبيرة وفي مصيبة عظيمة , لاننا قد نطبق النصوص في غير مواضعها , فالنصوص التي جاءت في البغاة غير النصوص التي جاءت في الخوارج وهي تحكم باسلام البغاة مع قتلهم وعدم.......وتامر بالقضاء على فتنتهم ,فتنة في الدماء وفي تفريق كلمة الامة, وان طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون
هذا هو معتمد الاجماع على ايمان البغاة وانما اختلف في اسلام الخوارج , فكيف تطبق النصوص التي جاءت في الخوارج على البغاة هذا ظلم فضلا على ان تطبقها , على من لا ينطبق عليه هذا الوصف , فكل من خرج خروجا عمليا او خروجا لتاويل تطبق عليه النصوص التي جاءت في الخوارج , هذه مصيبة وبلية كبيرة , لذلك ينبغي معرفة التفريق بين الخوارج والبغاة وقد اجتهدنا في بيان هذا في كتابنا البرهان وسترونه فيه ان شاء الله قريبا , لان بعضهم خلط مثل صاحب كتاب عبد المالك رمضاني في كتابه مدارك النظر, انا الذي سميته بهذا الاسم والله لا يعرفه عبد المالك رمضاني وانا مشرف على الكتاب , لكن في هذا الموضع لم يعرض علي ومع الاسف الذي قرضه وقال قراه مرتين وقراه من اوله الى اخره لم ينتبه الى هذا التخليط عند المؤلف في هذه القضية فانا بينت ذلك وقد خلط فيها ايضا سليم الهلالي فبينت هذا لاجل ان يعرف الفرق وحتى لا يؤلف مؤلف , وقد الف ايضا كذلك غيره وخلط غير سليم الهلالي في هذا الباب , وهو باب دقيق ونحن ......... احاول ان يفهم المسلم الفرق بين الخوارج والبغاة , فحذيفة رضي الله عنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم قال لاجل ان يسلم من الفتنة والشر الذي يخافه فقال ما قال , فماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم امره بالسنة , امره بالجماعة , والجماعة جماعة اهل السنة بامامهم , والسنة تجمع ولا تفرق والبدعة هي التي تفرق كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية قال تجمعهم السنة وتفرقهم البدعة , فقال السنة مقرونة بالجماعة والبدعة مقرونة بالفرقة فكما يقال اهل السنة والجماعة يقال اهل البدعة والفرقة , فقال ما تامرني يا رسول الله ان ادركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وامامهم , لا فرق المسلمون والمؤمنون هم اهل السنة هم الفرقة الثالثة والسبعين هم المتمسكون هم الذين ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه , لهم امام , يطيعونه في غير معصية وهم مجتمعون على كتاب الله وعلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم معتصمون بهما وعلى فهم السلف الصالح واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فاي متكلم يتكلم ولا يربط الامة بفهم السلف الصالح فهو على طريق البدعة والمبتدعة لان ما من مبتدع الا وهو يدعي انه يعتصم بالكتاب والسنة لكن دعواه غير صحيحة وانما الحقيقة والحق هو ان يكون الفهم بالكتاب والسنة على فهم السلف , ومع الاسف قد القيت محاضرة قريبا من مدة يسيرة في مسجد قبا في المدينة ولم يعرج , وهي باسم الكتاب والسنة لم يعرج صاحب المحاضرة على فهم السلف وفهم الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح , بالكتاب والسنة وحينما جاء ذكر اللجنة الدائمة قال انا لا يهمني لجنة دائمة او نائمة , كيف ما يهمك؟ , هؤلاء علماء واهل سنة وهم يربطون الامة بفهم , يفهمون الكتاب والسنة وفق فهم الصحابة والسلف الصالح ويوجهون الامة الى ذلك فكيف تتشر وتنفرد وانت تتكلم على الاعتصام بالكتاب والسنة وفهمك , فاذا كان فهمك مخالف لفهمهم , هل تكون على هداية ابدا لا يمكن , فكل اهل البدع يدعون انهم على الكتاب والسنة وانهم يعتصمون بالكتاب والسنة مع مفارقتهم للكتاب والسنة , فالرسول صلى الله عليه وسلم قال تلزم جماعة المسلمين وامامهم , حيث ما ذكرت الجماعة فهي فيها امام واذا ذكر الامام فحوله جماعة كالامام في الصلاة , تلزم جماعة المسلمين وامامهم , هذه هي السلامة من الشر , حذيقة لا يزال يخاف , يمكن هذه الجماعة تقدر غير موجودة , فماذا افعل ؟ فقال فان لم يكن لهم جماعة ولا امام , فحينئذ تاتي الغربة وتاتي الوحدة , خير من مجلس السوء , خير من هؤلاء جميعا لانهم مشتركون مع دعاة على ابواب جهنم , قال فاعتزل تلك الفرق , اذن هم فرق , واهل فرقة وليسوا اهل اجتماع , فاعتزل تلك الفرق ولو ان تعض باصل شجرة حتى يدركك الموت وانت على ذلك , تحمل أي شيء واي تبعات واي عنت فان الدنيا تزول والحياة لها حد ولها نهاية فانت لما تعيش الحياة وانت سالم خير لك من ان تعيشها وانت عطب ثم تقدم على الله سبحانه وتعالى , وانما اصبرواقبض على دينك , في اخر الزمان القابض على الدين كالقابض ,القابض على السنة كالقابض على الجمر , يشعر بالعنت , يشعر بالحرارة يشعر بكذا , يا اخواني جاء من يقول يحدثكم يكفره يخرجه من الاسلام بتكفير لم يكفره احد , هذا موجود في الشبكات وفي اقطار الدنيا , يقول لا يرى سماحة الشريعة , هل يقول هذا احد؟ , ابدا مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله يقول هذا , ابدا , يقول لا يرى الرخص لايرى الضرورات , هذا يعني انه يعني لا يقول , لا يتبع الكتاب والسنة , لا يؤمن الا ما اضطررتم اليه, لا يؤمن بفعدة من ايام اخر من كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر لا يؤمن ب.. , يعني النصوص التي جاءت , الشريعة كلها مبنية على السماحة , كلها مبنية على المصالح والمفاسد , الايمان كل ما جاء بها , لا يمكن , لا يوجد خلاف ابدا , لا يوجد مسلم لا يقول بهذا ابدا , لم يوجد في السابق ولم يكفر احد هذا التكفير في السابق , ولم يكفر احد , ولا يقول احد ابدا الى قيام الساعة , لان مسلما لا يرى هذا , اذن هذا لا شك ....وظلم اولي القربى اشد مضاضة عن النفس من وقت الحساب المهند , يعني يشعر الانسان نعم , كيف وهو من صحبه ثلاثين سنة او اكثر من ثلاثين سنة وهو يقول في يوم يقول لم تسقط له راية من ثلاثين سنة ثم ياتي بين عشية وضحاها ويقول هذا القول , فاذن لا بد ان يوطن الشخص نفسه على انه يعتزل الفرق ويعتزل الباطل ويقلل اهل الباطل ويصبر , رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له مجنون , معلم مجنون , قيل له صابئ الى اخره , لكن حاشاه وبراه الله سبحانه وتعالى , فيا اخواني انا بريئ براءة الذئب من دم بن يعقوب من هذا الكلام الذي يزعمه هذا الرجل , اوافق الرافضة من ثلاثة عشر وجه والوجه الرابع عشر اليهود , هذا موجود في الشبكات وموجود ,يعني مذكرات نشرت , الارجاء , يزعم على انني , يعني الارجاء الذي عنده زعم ان هذا باطل وهي عقيدة اهل السنة والجماعة المجمع عليها , احمد ابن حنبل ولم يخالفه مخالف , ولا يقول احد بخلاف هذا , قال عن الخوارج بانهم هم المرجئة لماذا؟ لانهم لا يرون تجزا الايمان , من ارتكب الكبيرة كفر , الذي يقابلهم المرجئة ايضا يقولون لا نكفر بذنب لانهم لا يرون تجزا الايمان , لا يرون تجزا الايمان , يعني اما ان يبقى كله واما ان يذهب كله , فانهم يرون يبقى الايمان ولا.....وانه يذهب الايمان , لانه لا يتجزا واذا ارتكب المعصية خرج , ارتكب الكبيرة خرج , فهؤلاء مرجئة يقال عنهم مرجئة وهؤلاء مرجئة , فيلبس على الناس وقد طبعت في الجزائر مع الاسف , فتنت الناس , كل هذه الاباطيل انابريئ منها وابرا الى الله من هذا الفكر ومن هذا القول لان هذا تكفير, فنصيحتي لاخواني السامعين هي نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة والذي ايضا , الذي امتثله حذيفة رضي الله عنه وعرف انه به يسلم , واخبر الامة بهذا الحديث العظيم , بقي ان من سنة الله اذا الانسان هرب من الشر وقصد الخير واراده وهرب من الفتنة ولم يستشرف لها انه يسلم وان الله سبحانه وتعالى يحقق له ما اراد , فعل ذلك واخلص , فحذيفة رضي الله عنه لم يدرك الفتنة التي حدثت بقتل عثمان رضي الله عنه وقبضه الله سبحانه وتعالى بعد قتل الخليفة عثمان باربعين يوما , فلم يدرك الفتنة حقق الله ما اراد وسلم وايضا تسبب في السلامة لمن يريد السلامة ان شاء الله الى قيام الساعة وبتوفيق الله سبحانه وتعالى , فمن سار سيرة حذيفة وسيرة الصحابة وتمسك بالسنة وهرب من الفتن فهو سالم وهذه نتيجته , يحقق الله سبحانه وتعالى له ما اراد لانه اخذ بنصيحة الرسول وبتوجيهه عليه الصلاة والسلام وببيانه عليه الصلاة والسلام ولا يهلك على الله الا هالك . هذا الحديث ايها الاخوة حديث عظيم وحديث كبير الفائدة جليل يجب الاهتمام به والرجوع الى شروحاته عند اهل العلم لنظفر او يظفر المسلم بما فيه من فقه وما فيه من دقائق وما فيه من هداية وما فيه من فقه , هذا الحديث فقه عظيم وخصوصا فيما يتعلق بالفتن . اردنا ايها الاخوة ان نذكر نفسي واياكم بهذا الحديث وبالحث نحث انفسنا وغيرنا على التمسك بالسنة والهروب من الشر ومن اهله واهل الفتنة ولا نلجا الى خديعة الناس والتلبيس على الناس , فكم راينا من الذين يميعون السنة ويميعون الدين يميعون منهج اهل السنة والجماعة , سلفهم هو الكرابيسي , وهم في الحقيقة مجانبون للسنة اعداء لها اصحاب دنيا اصحاب منزلة ومكانة يريدون ان يحفظوا دنياهم ويامرون بالسكوت ويدعون الى الشر والفتنة فهم ايضا من الدعاة على ابواب جهنم كما جاء في فضل المدينة الذي في البخاري يقول صلى الله عليه وسلم : تفتح اليمن فياتي اناس يبسون فيتحملون باهليهم ومن اطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , تفتح الشام فياتي اناس يبسون فيتحملون باهليهم ومن اطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , تفتح العراق فياتي اناس يبسون فيتحملون باهليهم ومن اطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , يبسون من البس وهو السرعة , سرعة حد السير , وسرعة السير , فهم ياتون ويدعون يتحملون باهليهم , الذين لهم ولاية يتحملون به , لا لاجل الدين وانما لاجل الدنيا , ومن اطاعهم , اذن دعاة يريدون ان يحفظوا ويشاركهم في الدنيا بعد ان فتحت تلك البلاد جهادا , فكل من يقول بعد وجود اهل البدع واهل الفتنة يريد ان يعيش معهم , ومن تكلم فيهم ومن بين سلقوه بالسنة الحداد واجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم وشوشوا عليه , كما يقول ابن القيم – رحمه الله - : ان الشيطان ياتي المسلم وياتي صاحب السنة من ستة طرق فاذا اعياه اجلب عليه بخيله ورجله وسلط عليه اتباعه واعوانه بالتكفير والتضليل والتفسيق , قال فعندها يلبس المؤمن لامة حربه , فلا يزال في جهاد حتى يلقى الله , فاذا وضعها اصيب او اسر , فنحن الان نجد من يميع السنة , يميع المنهج , ويريد ان يعيش مع الناس المبتدعة المبتدع فلان واصحاب التوجه الفلاني , لا تتكلم , وهذا شديد , قد يكون هذا صاحب حق وعلى حق وكلام حق وهو على يعني هذا الكلام لكن لاينبغي ان يتشدد ثم يرضى عنه اهل البدعة واهل التوجهات ويذهبون معهم يطعنون في صاحب السنة والجميع يكونون ضده وفي هذا الحديث فاعتزل تلك الفرق ولو ان تعض , حينما لا تجد مساعدا على السنة ومرافقا عليها , لا جماعة ولا امام فتعتزل وتتحمل هذه الغربة التي انت فيها وهي لا تزول حتى ياتيك الموت , حتى يدركك الموت وانت على ذلك .نسال الله سبحانه وتعالى ان ينصر دينه وان يعلي كلمته وان يعلي منار السنة وان يوجد لها انصارا وان يقويهم وان يحفظهم وان يثبتنا واياهم بالقول الثالث في الحياة الدنيا وفي الاخرة وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد والله اعلم.

عبدالعزيز النجدي
04-20-2007, 09:53 PM
جزاكم الله خير يااخوة ونرجوا عند التفريغ تسمية الأشرطة بأسمائها

مبغضة المرجئة
04-21-2007, 03:52 PM
[QUOTE=مبغضة المرجئة]ساقوم بتفريغ الشريط الثاني - ان شاء الله - والله ولي التوفيق.[/QUOT
لم اتمكن من تفريغ هدا الشريط لاسباب تعدرت على دلك .وقدر الله وشاء فعل .وجزاكم الله خيرا .

12d8c7a34f47c2e9d3==