المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسألة: الصلاة خلف مبتدع


كيف حالك ؟

القناص
02-06-2007, 08:19 PM
قال : [ومن صلى خلف من يعلن ببدعة أو يسكر أعاد]

الإعلان الإظهار وهو ضد الإسرار، فظاهر هذا أن من ائتم بمن يظهر بدعته ، ويتكلم بها ، ويدعو إليها ، أو يناظر عليها ، فعليه الإعادة . ومن لم يظهر بدعته ، فلا إعادة على المؤتم به ، وإن كان معتقدا لها . قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : الرافضة الذين يتكلمون بما تعرف ؟ فقال : نعم ، آمره أن يعيد . قيل لأبي عبد الله : وهكذا أهل البدع كلهم ؟ قال : لا ، إن منهم من يسكت ، ومنهم من يقف ولا يتكلم . وقال : لا تصل خلف أحد من أهل الأهواء ، إذا كان داعية إلى هواه . وقال : لا تصل خلف المرجئ إذا كان داعية . وتخصيصه الداعية ، ومن يتكلم بالإعادة ، دون من يقف ولا يتكلم ، يدل على ما قلناه . وقال القاضي : المعلن بالبدعة من يعتقدها بدليل ، وغير المعلن من يعتقدها تقليدا . ولنا ، أن حقيقة الإعلان هو الإظهار ، وهو ضد الإخفاء والإسرار ، قال الله تعالى : { ويعلم ما تسرون وما تعلنون } وقال تعالى مخبرا عن إبراهيم : { ربنا إنك تعلم ما نحفي وما نعلن } ولأن المظهر لبدعته لا عذر للمصلي خلفه - لظهور حاله - ، والمخفي لها من يصلي خلفه معذور ، وهذا له أثر في صحة الصلاة ، ولهذا لم تجب الإعادة خلف المحدث والنجس إذا لم يعلم حالهما ؛ لخفاء ذلك ومنهما ووجبت على المصلي خلف الكافر والأمي ، لظهور حالهما غالبا . وقد روي عن أحمد ، أنه لا يصلى خلف مبتدع بحال . قال ، في رواية أبي الحارث : لا يصلي خلف مرجئ ولا رافضي ، ولا فاسق ، إلا أن يخافهم فيصلي ، ثم يعيد . وقال أبو داود ، قال أحمد : متى ما صليت خلف من يقول : القرآن مخلوق فأعد . قلت : وتعرفه . قال : نعم . وعن مالك ، أنه لا يصلى خلف أهل البدع . فحصل من هذا أن من صلى خلف مبتدع معلن ببدعته ، فعليه الإعادة . ومن لم يعلنها ففي الإعادة خلفه روايتان . وأباح الحسن ، وأبو جعفر ، والشافعي الصلاة خلف أهل البدع ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صلوا خلف من قال : لا إله إلا الله) رواه الدارقطني . ولأنه رجل صلاته صحيحة ، فصح الائتمام به كغيره . وقال نافع : كان ابن عمر يصلي مع الخشبية والخوارج زمن ابن الزبير ، وهم يقتتلون . فقيل له : أتصلي مع هؤلاء ، ومع هؤلاء ، وبعضهم يقتل بعضا ؟ فقال : من قال : حي على الصلاة . أجبته ، ومن قال : حي على الفلاح . أجبته ، ومن قال : حي على قتل أخيك المسلم ، وأخذ ماله . قلت : لا . رواه سعيد . وقال ابن المنذر ، وبعض الشافعية : من نكفره ببدعته كالذي يكذب الله أو رسوله ببدعته ، لا يصلى خلفه ، ومن لا نكفره تصح الصلاة خلفه . ولنا : ما روى جابر ، قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبره يقول : (لا تؤمن امرأة رجلا ، ولا فاجر مؤمنا ، إلا أن يقهره بسلطان ، أو يخاف سوطه أو سيفه). رواه ابن ماجه ، وهذا أخص من حديثهم ، فتعين تقديمه ، وحديثهم نقول به في الجمع والأعياد ، وتعاد ، وهو مطلق ، فالعمل به في موضع يحصل الوفاء بدلالتهم ، وقياسهم منقوض بالخنثى والأمي . ويروى عن حبيب بن عمر الأنصاري ، عن أبيه ، قال : سألت واثلة بن الأسقع ، قلت : أصلي خلف القدري ؟ قال : لا تصل خلفه . ثم قال : أما أنا لو صليت خلفه لأعدت صلاتي . رواه الأثرم . وأما قول الخرقي : " أو يسكر " . فإنه يعني من يشرب ما يسكره من أي شراب كان ، فإنه لا يصلى خلفه لفسقه . وإنما خصه بالذكر ، فيما يرى من سائر الفساق ، لنص أحمد عليه . قال أبو داود : سألت أحمد وقيل له : إذا كان الإمام يسكر ؟ قال : لا تصل خلفه ألبتة . وسأله رجل ، قال : صليت خلف رجل ، ثم علمت أنه يسكر ، أعيد ؟ قال : نعم ، أعد . قال : أيتهما صلاتي ؟ قال : التي صليت وحدك . وسأله رجل . قال : رأيت رجلا سكران ، أصلي خلفه ؟ قال : لا . قال : فأصلي وحدي ؟ قال أين أنت ؟ في البادية ؟ المساجد كثيرة . قال : أنا في حانوتي . قال : تخطاه إلى غيره من المساجد . فأما من يشرب من النبيذ المختلف فيه ما لا يسكره ، معتقدا حله ، فلا بأس بالصلاة خلفه . نص عليه أحمد . فقال : يصلى خلف من يشرب المسكر على التأويل ، نحن نروي عنهم الحديث ، ولا نصلي خلف من يسكر . وكلام الخرقي بمفهومه يدل على ذلك ، لتخصيصه من سكر بالإعادة خلفه . وفي معنى شارب ما يسكر كل فاسق ، فلا يصلى خلفه . نص عليه أحمد . فقال : لا تصل خلف فاجر ولا فاسق . وقال أبو داود سمعت أحمد ، رحمه الله ، سئل عن إمام ، قال : أصلي بكم رمضان بكذا وكذا درهما . قال : أسأل الله العافية ، من يصلي خلف هذا ؟ وروي عنه أنه قال : لا تصلوا خلف من لا يؤدي الزكاة ، وقال لا تصل خلف من يشارط ، ولا بأس أن يدفعوا إليه من غير شرط . وهذه النصوص تدل على أنه لا يصلى خلف فاسق . وعنه رواية أخرى ، أن الصلاة جائزة ، ذكرها أصحابنا . وهذا مذهب الشافعي ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صلوا خلف من قال لا إله إلا الله) . وكان ابن عمر يصلي خلف الحجاج ، والحسين والحسن ، وغيرهما من الصحابة كانوا يصلون مع مروان . والذين كانوا في ولاية زياد وابنه كانوا يصلون معهما . وصلوا وراء الوليد بن عقبة ، وقد شرب الخمر وصلى الصبح أربعا ، وقال : أزيدكم . فصار هذا إجماعا ، وروي عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها ؟ قال : قلت . فما تأمرني ؟ قال : صل الصلاة لوقتها ، فإن أدركتها معهم فصل ، فإنها لك نافلة) . رواه مسلم . وفي لفظ : (فإن صليت لوقتها كانت نافلة ، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك) . وفي لفظ : (فإن أدركت الصلاة معهم فصل ، ولا تقل : إني قد صليت فلا أصلي) . وفي لفظ : " فإنها زيادة خير " . وهذا فعل يقتضي فسقهم ، وقد أمره بالصلاة معهم ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة) عام ، فيتناول محل النزاع ، ولأنه رجل تصح صلاته لنفسه ، فصح الائتمام به كالعدل . ووجه الأولى قوله عليه السلام : (لا يؤمن فاجر مؤمنا ، إلا أن يقهره بسلطانه أو سيفه) . ولأن الإمامة تتضمن حمل القراءة ، ولا يؤمن تركه لها ، ولا يؤمن ترك بعض شرائطها كالطهارة ، وليس ثم أمارة ولا غلبة ظن يؤمنان ذلك . والحديث أجبنا عنه ، وفعل الصحابة محمول على أنهم خافوا الضرر بترك الصلاة معهم ، فقد روينا عن عطاء ، وسعيد بن جبير ، أنهما كانا في المسجد ، والحجاج يخطب ، فصليا بالإيماء ، وإنما فعلا ذلك لخوفهما على أنفسهما إن صليا على وجه يعلم بهما . ورويناه عن قسامة بن زهير . قال : لما كان من شأن فلان ما كان ، قال له أبو بكر : تنح عن مصلانا ، فإنا لا نصلي خلفك . وحديث أبي ذر : يدل على صحتها نافلة ، والنزاع في الفرض .

فأما الجمع والأعياد فإنها تصلى خلف كل بر وفاجر . وقد كان أحمد يشهدها مع المعتزلة ، وكذلك العلماء الذين في عصره . وقد روينا أن رجلا جاء محمد بن النضر ، فقال له : إن لي جيرانا من أهل الأهواء ، لا يشهدون الجمعة . قال حسبك ، ما تقول في من رد على أبي بكر وعمر ؟ قال : رجل سوء . قال : فإن رد على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : يكفر . قال : فإن رد على العلي الأعلى ؟ ثم غشي عليه ، ثم أفاق ، فقال : ردوا عليه والذي لا إله إلا هو فإنه قال : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } وهو يعلم أن بني العباس سيلونها . ولأن هذه الصلاة من شعائر الإسلام الظاهرة ؛ وتليها الأئمة دون غيرهم ، فتركها خلفهم يفضي إلى تركها بالكلية . إذا ثبت هذا فإنها تعاد خلف من يعاد خلفه غيرها . قال أحمد : أما الجمعة فينبغي شهودها ، فإن كان الذي يصلي منهم أعاد . وروي عنه أنه قال : من أعادها فهو مبتدع . وهذا يدل بعمومه على أنها لا تعاد خلف فاسق ولا مبتدع ؛ لأنها صلاة أمر بها ، فلم تجب إعادتها كسائر الصلوات .

فإن كان المباشر لها عدلا ، والمولي له غير مرضي الحال لبدعته أو فسقه ، لم يعدها . نص عليه . وقيل له : إنهم يقولون إذا كان الذي وضعه يقول بقولهم فسدت الصلاة . قال : لست أقول بهذا . ولأن صلاته إنما ترتبط بصلاة إمامه ، فلا يضر وجود معنى في غيره ، كالحدث أو كونه أميا . وعنه : تعاد . والصحيح الأول .

وإن لم يعلم فسق إمامه ، ولا بدعته ، حتى صلى معه ، فإنه يعيد . نص عليه . وقال ابن عقيل : لا إعادة عليه ؛ لأن ذلك مما يخفى ، فأشبه المحدث والنجس . والصحيح أن هذا ينظر فيه ، فإن كان ممن يخفي بدعته وفسوقه ، صحت الصلاة خلفه ، لما ذكرنا في أول المسألة ، وإن كان ممن يظهر ذلك ، وجبت الإعادة خلفه ، على الرواية التي تقول بوجوب إعادتها خلف المبتدع ؛ ولأنه معنى يمنع الائتمام ، فاستوى فيه العلم وعدمه ، كما لو كان أميا ، والحدث والنجاسة يشترط خفاؤهما على الإمام والمأموم معا ، ولا يخفى على الفاسق فسق نفسه ، ولأن الإعادة إنما تجب خلف من يعلن ببدعته ، وليس ذلك في مظنة الخفاء ، بخلاف الحدث والنجاسة .

وإن لم يعلم حاله ولم يظهر منه ما يمنع الائتمام به ، فصلاة المأموم صحيحة نص عليه أحمد ؛ لأن الأصل في المسلمين السلامة . ولو صلى خلف من يشك في إسلامه ، فصلاته صحيحة ؛ لأن الظاهر أنه لا يتقدم للإمامة إلا مسلم .

فأما المخالفون في الفروع كأصحاب أبي حنيفة‏,‏ ومالك والشافعي فالصلاة خلفهم صحيحة غير مكروهة نص عليه أحمد لأن الصحابة والتابعين‏,‏ ومن بعدهم لم يزل بعضهم يأتم ببعض مع اختلافهم في الفروع فكان ذلك إجماعا‏,‏ ولأن المخالف إما أن يكون مصيبا في اجتهاده فله أجران أجر لاجتهاده وأجر لإصابته أو مخطئا فله أجر على اجتهاده‏,‏ ولا إثم عليه في الخطأ لأنه محطوط عنه فإن علم أنه يترك ركنا أو شرطا يعتقده المأموم دون الإمام فظاهر كلام أحمد صحة الائتمام به قال الأثرم‏:‏ سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل صلى بقوم‏,‏ وعليه جلود الثعالب فقال‏:‏ إن كان يلبسه وهو يتأول‏:‏ ‏(‏أيما إهاب دبغ فقد طهر‏)‏ يصلي خلفه قيل له أفتراه أنت جائزا‏؟‏ قال‏:‏ لا‏,‏ نحن لا نراه جائزا ولكن إذا كان هو يتأول فلا بأس أن يصلي خلفه ثم قال أبو عبد الله‏:‏ لو أن رجلا لم ير الوضوء من الدم لم يصل خلفه‏؟‏ ثم قال‏:‏ نحن نرى الوضوء من الدم فلا نصلى خلف سعيد بن المسيب ومالك ومن سهل في الدم‏؟‏ أي‏:‏ بلى ورأيت لبعض أصحاب الشافعي مسألة مفردة في الرد على من أنكر هذا‏,‏ واستدل بأن الصحابة كان يصلي بعضهم خلف بعض مع الاختلاف ولأن كل مجتهد مصيب أو كالمصيب في حط المأثم عنه وحصول الثواب‏,‏ وصحة الصلاة لنفسه فجائز الائتمام به كما لو لم يترك شيئا وذكر القاضي فيه رواية أخرى‏,‏ أنه لا يصح ائتمامه به لأنه يرتكب ما يعتقده المأموم مفسدا للصلاة فلم يصح ائتمامه به كما لو خالفه في القبلة حال الاجتهاد فيها‏.‏

وإن فعل شيئا من المختلف فيه‏,‏ يعتقد تحريمه فإن كان يترك ما يعتقده شرطا للصلاة أو واجبا فيها فصلاته فاسدة‏,‏ وصلاة من يأتم به وإن كان المأموم يخالفه في اعتقاد ذلك لأنه ترك واجبا في الصلاة ففسدت صلاته وصلاة من ائتم به‏,‏ كالمجمع عليه وإن كان يفعل ما يعتقد تحريمه في غير الصلاة كالمتزوج بغير ولى ممن يرى فساده وشارب يسير النبيذ ممن يعتقد تحريمه‏,‏ فهذا إن دام على ذلك فهو فاسق حكمه حكم سائر الفساق‏,‏ فإن لم يدم عليه فلا بأس بالصلاة خلفه لأنه من الصغائر ومتى كان الفاعل كذلك عاميا قلد من يعتقد جوازه فلا شيء عليه لأن فرض العامى سؤال العلماء وتقليدهم لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏}‏‏.‏

المغني : كتاب الصلاة ( 25 من 391 )

قيصر العراقي
02-06-2007, 10:05 PM
السؤال :
هل تصح الصلاة وراء المبتدع والمسبل إزاره؟

الجواب :
نعم تصح الصلاة خلف المبتدع وخلف المسبل إزاره وغيرهما من العصاة في أصح قولي العلماء ما لم تكن البدعة مكفرة لصاحبها ، فإن كانت مكفرة له كالجهمي ونحوه ممن بدعتهم تخرجهم عن دائرة الإسلام ، فلا تصح الصلاة خلفهم ، ولكن يجب على المسئولين أن يختاروا للإمامة من هو سليم من البدعة والفسق ، مرضي السيرة ، لأن الإمامة أمانة عظيمة ، القائم بها قدوة للمسلمين ، فلا يجوز أن يتولاها أهل البدع والفسق مع القدرة على تولية غيرهم . والإسبال من جملة المعاصي التي يجب تركها والحذر منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)) [1] رواه البخاري في صحيحه ، وما سوى الإزار حكمه حكم الإزار كالقميص والسراويل والبشت ونحو ذلك ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل إزاره والمنان فيما أعطى والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)) [2] خرجه مسلم في صحيحه . وإذا صار سحبه للإزار ونحوه من أجل التكبر ، صار ذلك أشد في الإثم وأقرب إلى العقوبة العاجلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) [3] والواجب على كل مسلم أن يحذر ما حرم الله عليه من الإسبال وغيره من المعاصي ، كما يجب عليه أن يحذر البدع كلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) [4] خرجه مسلم في صحيحه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ((خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) [5] خرجه مسلم أيضا . نسأل الله لنا وللمسلمين جميعا العافية من البدع والمعاصي إنه خير مسئول .


--------------------------------------------------------------------------------

[1] رواه البخاري في ( اللباس ) برقم ( 5341 ) ، وأحمد في ( باقي مسند المكثرين ) برقم ( 9555 ).
[2] رواه مسلم في ( الإيمان ) برقم ( 154 ) ، والترمذي في ( البيوع ) برقم ( 1132 ) ، والنسائي في ( الزكاة ) برقم ( 2516 ) .
[3] رواه البخاري في ( المناقب ) برقم ( 3392 ) واللفظ له ، ورواه مسلم في ( اللباس والزينة ) برقم ( 3889 ).
[4] رواه مسلم في ( الأقضية ) برقم ( 3243 ) .
[5] رواه مسلم في ( الجمعة ) برقم ( 1435 ) .


المصدر :
نشرت في ( كتاب الدعوة ) ، الجزء الثاني ص ( 113 ) - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الثاني عشر

قيصر العراقي
02-06-2007, 10:16 PM
]السؤال :
ما حكم المقيم في بلد أهله متمسكون بالبدعة، هل يصح له أن يصلي معهم صلاة الجمعة والجماعة أو يصلي وحده أو تسقط عنه الجمعة؟ وإذا كان أهل السنة ببلد أقل من اثني عشر فهل تصح لهم الجمعة أم لا؟


الجواب :
إن إقامة الجمعة واجبة مع كل مسلم أو فاجر، فإذا كان الإمام في الجمعة لا تخرجه بدعته عن الإسلام فإنه يصلى خلفه، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة: (ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم) انتهى. قال الشارح لهذه العقيدة، وهو من العلماء المحققين في شرح هذه الجملة، قال صلى الله عليه وسلم: ((صلوا خلف كل بر وفاجر))[1] رواه مكحول عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه الدارقطني، وقال مكحول: لم يلق أبا هريرة، وفي إسناده معاوية بن صالح متكلم فيه، وقد احتج به مسلم في صحيحه، وأخرج الدار قطني أيضاً وأبو داود عن مكحول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة واجبة عليكم مع كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر، والجهاد واجب عليكم مع كل أمير براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر))[2] وفي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وكذا أنس بن مالك، وكان الحجاج فاسقاً ظالماً، وفي صحيحه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم))[3]، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلوا على من قال لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله))[4] أخرجه الدار قطني من طرق وضعفها.

اعلم رحمك الله وإيانا أنه يجوز للرجل أن يصلي خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقاً باتفاق الأئمة، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ولا أن يمتحنه فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف المستور الحال، ولو صلى خلف مبتدع يدعو إلى بدعته أو فاسق ظاهر الفسق وهو الإمام الراتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك، فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف، ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند أكثر العلماء، والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الفجار ولا يعيدون، كما كان عبد الله بن عمر يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك أنس بن مالك رضي الله عنه كما تقدم، وكذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان يشرب الخمر، حتى أنه صلى بهم الصبح مرة أربعاً ثم قال: أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود: (ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة)، وفي الصحيح أن عثمان رضي الله عنه لما حصر صلى بالناس شخص، فسأل سائل عثمان: إنك إمام عامة وهذا الذي صلى بالناس إمام فتنة؟ فقال: (يا ابن أخي، إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم) والفاسق والمبتدع صلاته في نفسها صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب. ومن ذلك أن من أظهر بدعة وفجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب، فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك في إنكار المنكر حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه، فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في ذلك مصلحة شرعية ولم تفت المأموم جمعة ولا جماعة. وأما إذا كان ترك الصلاة خلفه يفوت المأموم الجمعة والجماعة فهنا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم. وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور، وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية فهنا لا يترك الصلاة خلفه، بل الصلاة خلفه أفضل، فإذا أمكن للإنسان ألا يقدم مظهراً للمنكر في الإمامة وجب عليه ذلك لكن إذا ولاه غيره ولم يمكنه صرفه عن الإمامة أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضرراً من ضرر ما أظهر من المنكر، فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، فتفويت الجمع والجماعات أعظم فساداً من الاقتداء فيهما بالإمام الفاجر ولاسيما إذا كان التخلف عنها لا يدفع فجوراً، فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة. وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر، وحينئذ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر فهو موضع اجتهاد العلماء، منهم من قال: يعيد، ومنهم من قال: لا يعيد. وموضع بسط ذلك في كتب الفروع، انتهى كلام الشارح. والأقرب في هذه المسألة الأخيرة عدم الإعادة للأدلة السابقة؛ ولأن الأصل عدم وجوب الإعادة فلا يجوز الإلزام بها إلا بدليل خاص يقتضي ذلك، ولا نعلم وجوده، والله الموفق.

وأما السؤال الثاني فجوابه أن يقال: هذه المسألة فيها خلاف مشهور بين أهل العلم، والصواب في ذلك جواز إقامة الجمعة بثلاثة فأكثر إذا كانوا مستوطنين في قرية لا تقام فيها الجمعة، أما اشتراط أربعين أو اثني عشر أو أقل أو أكثر لإقامة الجمعة فليس عليه دليل يعتمد عليه فيما نعلم، وإنما الواجب أن تقام في جماعة وأقلها ثلاثة، وهو قول جماعة من أهل العلم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصواب كما تقدم.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] رواه الدارقطني في سننه 2/ 57 في كتاب العيدين حديث 10 باب صفة من تجوز الصلاة معه والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 19 كتاب الجنائز.

[2] رواه أبو داود في الجهاد برقم 2171، والدارقطني في سننه 2/ 56 في كتاب العيدين.

[3] رواه البخاري في الأذان برقم 653، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم 8309.

[4] رواه الداقطني في سننه 2/ 56 في كتاب العيدين باب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه حديث 4,3.


المصدر :
مما نشر في الدعوة في 25/ 9/ 1416 هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع.[/font]

أبوصهيب
02-09-2007, 06:42 PM
جزاكم الله خيرا فوائد قيمة

12d8c7a34f47c2e9d3==