المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل لأهل البدع من توبة ؟..و الخلاف في قبول توبة المبتدع..دار الإفتاء هيئة كبار العلماء


كيف حالك ؟

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
12-26-2006, 05:30 PM
(الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 179)

مبحث : هل لأهل البدع من توبة ؟

المبتدع يتعلق ببدعته ويعض عليها بالنواجذ ؛ لأنه يرى أنها بدعة حسنة وأنها من الشرع ، وهو باعتقاده هذا يزيدها في نفسه رسوخا ، ويدعو إليها وينافح عنها فتستشري هذه البدعة وتنمو وتنتشر ، وقد يكون له فيها الأتباع والأنصار فيزداد بها تعلقا ، ومن ثم يصعب أن يقبل الحوار حول مجافاتها للكتاب والسنة وما كان الصحابة عليه والتابعون وتابعوهم بإحسان . وحيت إن البدعة زيادة في الدين أو نقص منه أو تحريف له ، وشرها يتعدى صاحبها إلى أناس آخرين فتموت بسببها السنن ، وتفشو بين العامة وتندثر معالم السنة ، ويظهر أهل الأهواء والتأويل وينحسر أهل الحق وتقل جهودهم بسبب هؤلاء المبتدعة ؛ فلهذا اختلف العلماء في هؤلاء المبتدعين هل لهم من توبة أم لا :

وسبب اختلافهم في قبول توبة المبتدع دون العاصي : أن المبتدع كما قلنا أشرب قلبه البدعة ، وتمكنت من نفسه وسرت في عروقه حتى سرى الران على قلبه وأعمته غشاوة ضلالته عن الحق ، فركس في العماية وانغمس في أوحال البدعة ، وصار لا يرى حقا إلا هذه البدعة ولا صوابا إلا هذا الرأي المحدث المتجانف عن صراط الله السوي مما جعل قبوله الحق ورجوعه إليه وسماع نصح أهل الحق أمرا بعيد الملتمس ؛ فلهذا اختلف العلماء في قبول توبته لاستبعادهم وقوع التوبة النصوح منه وحاله ما ذكرنا .

والمقصود بقبول التوبة القبول الحكمي ؛ لأنه مناط معاملة مثل هؤلاء القوم المنحرفين أما قبول التوبة عند الله سبحانه فأمره إلى الله جل

(الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 180)

وعلا . أما المعاصي فلم يختلف العلماء في قبول التوبة منها ؛ لأنها صادرة من قوم يؤمنون بأن الله هو المشرع وحده ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ، ليس لأحد أن يزيد في شرعه ولا أن ينقص منه أو يحرف فيه ، بل كل ما هنالك معاص تقع بسبب ضعف الوازع الإيماني وقوة الشهوات مع الخجل من الله والطمع في مغفرته والأمل في الإقلاع عن هذه المعاصي . فتوبة من هذه حالهم متوقعة دائما ، وقبولها مرتجى من الله سبحانه ، ومن حكام المسلمين متعينة . وبخاصة أنها تقع في حالة تستر وخجل ، وأن أضرارها قاصرة على مرتكبيها غالبا ، وضررها في الدين منتف ؛ لأنها لا تسبب له زيادة في تشريعه ولا نقصا ولا تحريفا . وبعد هذه المقدمة : نتعرض للموضوع فنقول وبالله التوفيق .
http://www.alifta.com/sites/iftaa/re2asa/fatawaDetailselbo7os.aspx?IndexItemID=20273&SecItemHitID=22799&ind=21&Type=Index&View=Page&PageID=2072&PageNo=1&BookID=2

الخلاف في قبول توبة المبتدع

يرى بعض العلماء أن المبتدع ليس له من توبة وممن اختار هذا أبو إسحاق الشاطبي وأبو إسحاق بن شاقلا من أصحاب أحمد وهو مذهب الربيع بن نافع . ومما احتج به هؤلاء :

* قول الرسول صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الزكاة (1017)،سنن الترمذي العلم (2675)،سنن النسائي الزكاة (2554)،سنن ابن ماجه المقدمة (203)،مسند أحمد بن حنبل (4/359)،سنن الدارمي المقدمة (512). من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .

* وبما روى أبو حفص العكبري عن أنس مرفوعا : سنن ابن ماجه المقدمة (50). أن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته رواه الطبراني وإسناده حسن الترغيب 56 \ 1 . .


(الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 181)

وقال القاضي : سئل الإمام أحمد رحمه الله عما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : سنن ابن ماجه المقدمة (50). أن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة وحجز التوبة أيش معناه ؟ قال أحمد : لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة .

ووجه الدلالة من الحديث الأول أن المبتدع يلازمه وزر بدعته ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة ، وهذا يعني أنه من الأخسرين أعمالا فلا توبة له ؛ لأن بدعته حالت بينه وبين التوبة ، وكذلك فإن ما روي عن أنس مرفوعا من حجب التوبة عن كل صاحب بدعة ، يدل على أن المبتدع محجوب عن التوبة والتوبة محجوبة عنه ؛ لأن بدعته قد أحاطت به والعياذ بالله .

ويعلل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عدم توبة أهل البدع والأهواء بقوله : لأن اعتقاد هؤلاء لبدعهم يدعوهم إلى ألا ينظروا نظرا تاما إلى دليل مخالفيهم من أهل الحق فلا يعرفون الحق ولهذا قال السلف : إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية . وقال أبو أيوب السختياني وغيره : إن المبتدع لا يرجع غذاء الألباب شرح منظومة الآداب لمحمد السفاريني 568 \ 2 وما بعدها . .

أما الشاطبي رحمه الله فيبرر عدم قبول توبة صاحب البدعة بقوله : أما أن صاحبها ليس له من توبة فلما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم : سنن ابن ماجه المقدمة (50). إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة ، وعن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال : كان يقال : يأبى الله لصاحب بدعة بتوبة . وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى أشر منها . ونحوه : عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما كان رجل على رأي من البدعة فتركه إلا إلى ما هو شر منه . خرج هذه الآثار ابن وضاح الاعتصام 123 \ 1 . .


(الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 182)

وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول : اثنان لا نعاقبهما : صاحب طمع وصاحب هوى فإنهما لا ينزعان .

ثم ذكر أحاديث منها : قوله صلى الله عليه وسلم عن أهل الأهواء والبدع : صحيح البخاري التوحيد (6995)،صحيح مسلم الزكاة (1064)،سنن النسائي تحريم الدم (4101)،سنن أبو داود السنة (4765)،مسند أحمد بن حنبل (3/68)،موطأ مالك النداء للصلاة (477). يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، ثم لا يرجعون إليه حتى يرجع السهم على فوقه .

وعن أبي ذر أنه صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم الزكاة (1067)،سنن ابن ماجه المقدمة (170)،مسند أحمد بن حنبل (5/31)،سنن الدارمي الجهاد (2434). سيكون من أمتي قوم يقرءون القرآن ولا يجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ، ثم لا يعودون فيه هم شر الخلق والخليقة . قال الشاطبي : فهذه شهادة الحديث الصحيح لمعنى هذه الآثار وحاصلها :

أنه لا توبة لصاحب البدعة عن بدعته فإن خرج عنها فإنما يخرج إلى ما هو شر منها .

ومن هنا قلنا : يبعد أن يتوب بعضهم لأن الحديث يقتضي العموم بظاهره الاعتصام بتصرف 123 \ 1 وما بعدها . " اهـ . هذا بعض مما استدل به هؤلاء .

أما الفريق الثاني القائل بأن المبتدع له توبة : فقالوا : إن المبتدع له توبة كأي مذنب ولا حائل بينه وبين التوبة ؛ لأن باب التوبة مفتوح والتوبة لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها يدل لهذا :

1 - قوله تعالى : سورة الزمر الآية 53 قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

2 - وقوله سبحانه : سورة طه الآية 82 وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى .


(الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 183)

3 وقوله سبحانه : سورة الرعد الآية 6 وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ .

ووجه الدلالة من الآية الأولى : أن الله نهى المسرفين على أنفسهم أن يقنطوا من رحمته ؛ لأنه سبحانه يغفر الذنوب جميعا . وهؤلاء المبتدعة من عباده المسرفين على أنفسهم بهذه البدع الذين أخبر وهو أصدق القائلين أنه يغفر الذنوب جميعا وبدعة هؤلاء ذنب يشمله هذا الوعد منه سبحانه . وما دام الأمر كذلك فلا مجال لتخصيص أهل البدع بعدم التوبة .

ووجه الدلالة من الآية الثانية : أنه سبحانه أخبر بأنه كثير الرحمة والمغفرة لجميع من تاب وآمن وعمل صالحا ، ثم اهتدى . وكلمة ( من ) من صيغ العموم فتشمل كل المذنبين والمبتدع منهم .

ووجه الدلالة من الآية الثالثة : أنه سبحانه أخبر أنه صاحب مغفرة لجميع الناس الظالمين ، والمبتدع من الناس وبدعته من الظلم فيشمله الغفران وتشملها المغفرة كذلك ؛ ولهذا ورد عن علي بن أبي طالب قوله : ما في القرآن آية أوسع من هذه الآية : سورة الزمر الآية 53 قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الآية .

وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : وهذه أرجى آية في القرآن . فقال عبد الله بن عباس : أرجى آية في القرآن قوله تعالى : سورة الرعد الآية 6 وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ انظر تفسير القرطبي الآية 53 الزمر . .

4 - وجاء عن أبي هريرة فيما رواه مسلم مختصر صحيح مسلم للمنذري 271 \ 2 . أنه صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2703)،مسند أحمد بن حنبل (2/395). من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه .


(الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 184)

5 - وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم التوبة (2759)،مسند أحمد بن حنبل (4/404). إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها . رواه مسلم نفس المصدر . .

فهذان الحديثان الشريفان أفادا بمنطوقهما أن المبتدع باب التوبة له مفتوح لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم ( من تاب ) و ( مسيء الليل ) و ( مسيء النهار ) .

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم باب التوبة . : إن للتوبة ثلاثة أركان : الإقلاع والندم على فعل تلك المعصية والعزم على ألا يعود إليها أبدا . فإن كانت المعصية لحق آدمي فلها ركن رابع وهو التحلل من صاحب ذلك الحق . واتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة وأنها واجبة على الفور ولا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أم كبيرة . والتوبة من مهمات الإسلام وقواعده المتأكدة . ولا يجب على الله قبولها إذا وجدت بشروطها عقلا عند أهل السنة لكنه سبحانه وتعالى يقبلها كرما وفضلا وعرفنا قبولها في الشرع والإجماع . اهـ .

من هذا يظهر جليا أن الله سبحانه وتعالى قد شمل جميع عباده بقبول التوبة وأهل البدع مشمولون بهذا الفضل إذا حسنت توبتهم وأقلعوا عما أحدثوا ولا يبعد أن يمن الله عليهم برؤية الحق واتباعه والإقلاع عن البدع التي أحدثوها . والجواب عما استدل به أصحاب الرأي الأول :

1 - قوله صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الزكاة (1017)،سنن الترمذي العلم (2675)،سنن النسائي الزكاة (2554)،سنن ابن ماجه المقدمة (203)،مسند أحمد بن حنبل (4/359)،سنن الدارمي المقدمة (512). من سن سنة سيئة كان عليه وزرها .


(الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 185)

الحديث محمول على ما إذا لم يتب لأن التوبة تجب ما كان قبلها كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عقيل غذاء الألباب للسفاريني 568 \ 2 . : الرجل إذا دعا إلى بدعة ، ثم ندم على ما كان ، وقد ضل به خلق كثير ، وتفرقوا في البلاد وماتوا ، فإن توبته صحيحة إذا وجدت الشرائط ، ويجوز أن يغفر الله له ويقبل توبته ويسقط ذنب من ضل به بأن يرحمه ويرحمهم ، وبهذا قال أكثر العلماء . اهـ .

2 - وأما بقية الأدلة : فما كان منها من أحاديث وآثار فهو معارض بالآيات الصريحة والأحاديث التي أوردنا طرفا منها فتقدم عليها . أو أن يقال إنها محمولة على ما إذا لم يتب هؤلاء وماتوا على بدعتهم .

وأما ما كان منها ( أي من أدلة أهل الرأي الأول ) مرويا عن السلف فمحمول على التنفير من هذه البدعة وأهلها أو على من مات ولم يتب ؛ لأن شأن المبتدعة عدم التوبة بناء على التجربة التي مارسها علماء السلف مع هؤلاء . ولكن مع هذا فالمعول عليه هو النصوص المتواترة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والتي صرحت بأن باب التوبة مفتوح ويد الله مبسوطة لكل مذنب يريد التوبة ، حتى لو كان كافرا أو زانيا أو قاتلا ولا نطيل في هذا لأنه من المسلمات .
http://www.alifta.com/sites/iftaa/re2asa/fatawaDetailselbo7os.aspx?IndexItemID=20286&SecItemHitID=22814&ind=21&Type=Index&View=Page&PageID=2073&PageNo=1&BookID=2

الاثري83
12-26-2006, 07:09 PM
جزاك الله خيرا.

ربيع
12-26-2006, 08:05 PM
الأخ ابوعبدالرحمن

هذه مجلة البحوث العلمية ، وتكتب فيها بحوث وفتاوى متنوعة بأقلام مختلفة من طلبة العلم وقبلهم العلماء ، وليس ما نقلته فتوى لهيئة كبار العلماء كما هو واضح من عنوانك

سيف الله السني
12-26-2006, 08:42 PM
فتوى لفضيلة الشيخ صالح الفوزان
فضيلة الشيخ - وفقكم الله - هل تقبل توبة المبتدع ، لأن له أتباعا يسيرون على بدعته بعد توبته؟
نص الإجابة انقر هنا لسماع الإجابة

http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds/00163-12.ra

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
12-27-2006, 10:32 AM
كتبت بخط واضح"دار الإفتاء هيئة كبار العلماء"ثم فيما بعد ذكرت عنوان موقع دار الإفتاء..و ما قلت أن هذين البحثين من هيئة كبار العلماء و لكن قصدت أن هذين البحثين من موقع دار الإفتاء هيئة كبار العلماء..و ما أظن أنهم ينشرون هذه المباحث في هذه المجلة و أيضا ينشرونها في موقعهم إلا و هم اطلعوا عليها و وفقوا ما فيها و لو من باب ذكر الخلاف كما في هذه المسألة كما هو واضح..فوفق الله الجميع

12d8c7a34f47c2e9d3==