المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرات وتعقيبات على ما في كتاب ‏"‏السلفية‏"‏ - للعلامة بحق صالح الفوزان حفظه الله


كيف حالك ؟

محب السنة
12-15-2003, 06:55 AM
نظرات وتعقيبات على ما في كتاب ‏"‏السلفية‏"‏ لمحمد سعيد رمضان من الهفوات


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وبعد‏.‏‏.‏‏.‏

فقد اطلعت على كتاب من تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بعنوان ‏"‏السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي‏"‏ فاستغربت هذا العنوان لما يوحي به من إنكار أن يكون للسلف مذهب ومنهج تجب علينا معرفته والتمسك به وترك المذاهب المخالفة له ولما قرأت الكتاب وجدت مضمونه أغرب من عنوانه حيث وجدته يقول فيه إن التمذهب بالسلفية بدعة ويشن حملة على السلفيين، ونحن نتساءل هل الذي حمله على أن يشن هذه الحملة التي تناولت حتى القدامى منهم كشيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب هل الذي حمله على ذلك كراهيته للبدع فظن أن التمذهب بالسلفية بدعة فكرهه لذلك‏؟‏ كلا ليس الحامل له كراهية البدع لأننا رأيناه يؤيد في هذا الكتاب كثيرا من البدع يؤيد الأذكار الصوفية المبتدعة ويؤيد الدعاء الجماعي بعد صلاة الفريضة وهو بدعة، ويؤيد السفر لزيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو بدعة فاتضح لنا‏.‏ والله أعلم أن الحامل له شن هذه الحملة هو التضايق من الآراء السلفية التي تناهض البدع والأفكار التي يعيشها كثير من العالم الإسلامى اليوم وهي لا تتلائم مع منهج السلف وقد ناقشت في هذه العجالة الآراء التي أبداها في كتابه المذكور حول السلفية والسلفيين وذلك من خلال التعقيبات التالية وهي تعقيبات

مختصرة تضع تصورا لما يحتويه كتابه من آراء هي محل نظر وإذا كان الدكتور يعني بحملته هذه جماعة معينة فلماذا لا يخصها ببيان أخطائها دون أن يعمم الحكم على جميع السلفيين المعاصرين وحتى بعض السابقين‏.‏


والآن إلى التعقيبات‏:‏


التعقيب الأول‏:‏

قوله في العنوان ‏"‏ السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي ‏"‏

هذا العنوان معناه أن السلف ليس لهم مذهب يعرفون به وكأنهم في نظره عوام عاشوا في فترة من الزمن بلا مذهب ومعناه أيضا أن تفريق العلماء بين مذهب السلف ومذهب الخلف تفريق خاطئ لأن السلف ليس لهم مذهب، وعلى هذا لا معنى لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ وقوله لما سئل عن الفرقة الناجية من هي‏؟‏ قال ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي‏)‏ لا معنى لهذا كله لأن السلف ليس لهم مذهب ولعل قصد الدكتور من ذلك هو الرد على الذين يتمسكون بمذهب السلف في هذا الزمان ويخالفون المبتدعة والخرافيين‏.‏


التعقيب الثاني‏:‏

قوله في ‏(‏ص5‏)‏‏:‏ ‏"‏ هذا الكتاب لا يتضمن أي مناقشة لآراء السلفية وآفكارهم التي يعرفون بها كما لا يتضمن تصويبا ولا تخطئة لها ‏"‏‏.‏

ومعنى هذا أن الآراء السلفية قابلة للمناقشة والتخطئة، وهذا فيه إجمال لأن السلفية بمعناها الصحيح المعروف لا تخالف الكتاب والسنة فلا تقبل المناقشة والتخطئة‏.‏ وأما السلفية المدعاة فهي محل النظر وهو لم يحدد المراد بالسلفية فكأن كلامه موهما عاما يتناول السلفية الصحيحة والسلفية المدعاة‏.‏


التعقيب الثالث‏:‏

في ‏(‏ص12‏)‏ المقطع الأول يعلل فيه أن وجوب اتباع السلف بكونهم أفهم للنصوص لسلامة لغتهم ولمخالتطهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -‏.‏

وهذا فيه نقص كبير لأنه أهمل قضية تلقيهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعلمهم منه وسؤالهم إياه ومشاهدتهم التنزيل على رسول الله وتلقيهم التأويل عنه - صلى الله عليه وسلم -?، وهذه مرتبة من العلم لم يبلغها غيرهم، وقد أهمل ذكرها وتناساها تماما كما أنه في آخر هذه الصفحة يقرر أن اتباع السلف لا يعني أخذ أقوالهم والاستدلال بمواقفهم من الوقائع وإنما يعني الرجوع إلى القواعد التي كانوا يحتكمون إليها‏.‏ ومعنى هذا الكلام أن أقوال السلف وأفعالهم ليست حجة وإنما الحجة هي القواعد التي كانوا يسيرون عليها‏.‏ وهذا كلام فيه تناقض لأن معناه أننا نلغي أقوالهم ونأخذ قواعدها فقط ونستنبط بها من النصوص غير استنباطهم، وهذا إهدار لكلام السلف ودعوة لكلام جديد وفهم جديد يدعي فيه أنه على قواعد السلف‏.‏



التعقيب الرابع‏:‏

في ‏(‏ص13و14‏)‏ ينكر أن تتميز طائفة من المسلمين من بين الفرق المختلفة والمفترقة وتسمى بالسلفية ويقول‏:‏ لا اختلاف بين السلف والخلف ولا حواجز بينهم ولا انقسام‏.‏

وهذا فيه إنكار لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم‏)‏‏.‏
وقوله - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة‏)‏ قيل من هي يا رسول الله قال‏:‏ ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه أنا وأصحابي‏)‏ فهذا الحديثان يدلان على وجود الافتراق والانقسام والتميز بين السلف وأتباعهم وبين غيرهم‏.‏

والسلف ومن سار على نهجهم ما زالوا يميزون أتباع السنة عن غيرهم من المبتدعة والفرق الضالة ويسمونهم أهل السنة والجماعة وأتباع السلف الصالح ومؤلفاتهم مملوءة بذلك، حيث يردون على الفرق المخالفة لفرقة أهل السنة وأتباع السلف‏.‏ والدكتور يجحد هذا ويقول‏:‏ لا اختلاف بين السلف والخلف ولا حواجز بينهم ولا انقسام‏.‏ وهذا إنكار للواقع مخالف لما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجود الانقسام والافتراق في هذه الأمة وأنه لا يبقى على الحق منها إلا فرقة واحدة‏.‏

التعقيب الخامس‏:‏
من ‏(‏ص14 - 17‏)‏ يحاول أن يسوغ قوله بعدم وجوب الأخذ بأقوال السلف وأعمالهم وتصرفاتهم بأن السلف أنفسهم لم يدعوا الناس إلى ذلك، وبأن العادات تختلف وتتطور في اللباب والمباني والأواني‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ما ذكره

وهذا الكلام فيه جهل وخلط وتلبيس من وجهين‏:‏

الوجه الأول‏:‏ قوله إن السلف لم يدعوا إلى الأخذ بأقوال السابقين‏.‏ وهذا كذب عليهم فإن السلف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين يحثون على امتثال ما أمر الله به ورسوله من الاقتداء بالسلف الصالح والأخذ بأقوالهم والله قد أثنى على الذين يتبعونهم فقال تعالى ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ الآية وقال - صلى الله عليه وسلم - عن الفرقة الناجية‏:‏ ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه أنا وأصحابي‏)‏ وقال - صلى الله عليه وسلم - ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي‏)‏ وقال عبد الله بن مسعود‏:‏ من كان مستنًّا فليستن بمن مات فإن الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبر الناس قلوبا وأغزرهم علمًا وأقلهم تكلفا‏.‏

وقال الإمام مالك بن أنس‏:‏ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها‏.‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك مما تضمنته الكتب المؤلفة في عقائد السلف والمسماة بكتب السنة ككتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد وكؤتاب السنة للآجري وكتاب السنة لابن أبي عاصم وغيرها تذكر أقوال السلف وتحث على الأخذ بها‏.‏

الوجه الثاني‏:‏ أنه جعل مسائل العادات كالمباني والأواني والملابس كمسائل العلم والعقائد والعبادات تختلف باختلاف الأزمنة والأعراف، وهذا منه جهل أو تلبيس فإن الفرق في ذلك معروف لأقل الناس ثقافة وعلما، كل يعرف أن العادات تختلف وأما العبادات وأحكام الشريعة فهي ثابتة‏.‏

محب السنة
12-15-2003, 10:43 PM
التعقيب السادس‏:‏

في ‏(‏ص19‏)‏ المقطع الأخير، يقول‏:‏ ‏"‏ إن السلف لم يجمدوا عند أقوال صدرت عنهم ‏"‏‏.‏

ومراده أن السلف لا يبقون على أقوالهم بل يتحولون عنها، ومن ثم لا يجب علينا الأخذ بأقوالهم، وهذا فيه إجمال، فإن كان مراده أقوالهم في العقيدة فهو كذب عليهم؛ لأنهم ثبتوا على أقوالهم ولم يتحولوا عنه‏.‏ وإن كان مراده أقوالهم في المسائل الاجتهادية فهم لا يجمدون على القول الذي ظهر لهم أنه خطأ بل يتركونه إلى الصواب‏.‏


التعقيب السابع‏:‏

قوله‏:‏ ‏"‏ فكل من التزم بالمتفق عليه من تلك القواعد‏(1) والأصول وبنى اجتهاده وتفسيره وتأويلاته للنصوص على أساسها فهو مسلم ملتزم بكتاب الله وسنة رسوله ‏"‏‏.‏


نقول‏:‏ ضابط الإسلام قد بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل وهو ‏(‏أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا‏)‏‏(2)

فالمسلم هو الملتزم بالإسلام المقيم لأركانه، فلا حاجة إلى هذا التعريف الذي ذكره مع تعريف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إن تعريفه فيه إجمال وعدم وضوح، فهو يتيح لكل أحد أن يفسر الإسلام بما يريد‏.‏

يدل على ذلك قوله فيما بعد‏:‏

‏"‏ نعم إن من قواعد هذا المنهج ما قد يخضع فهمه للاجتهاد من ثم فقد وقع الخلاف‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ‏"‏

فهل الإسلام قابل للاختلاف‏؟‏ كلا بل إن أصول الإسلام والعقيدة ليست مجالا للاجتهاد، وإنما هذا في المسائل الفرعية فمن خالف في أصول الدين وعقيدته فإنه يكفر أو يضلل بحسب مخالفته؛ لأن مدارها على النص والتوقيف ولا مسرح للاجتهاد فيه‏.‏


التعقيب الثامن‏:‏

قوله‏:‏ ‏"‏ إن السلفية لا تعني إلا مرحلة زمنية، قصارى ما في الأمر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصفها بالخيرية كما وصف كل عصر آت من بعد بأنه خير من الذي يليه، فإن قصدت بها جماعة إسلامية ذات منهج معين خاص بها فتلك إذن أحد البدع ‏"‏ اهـ‏.‏

ونقول هذا التفسير منه للسلفية بأنها مرحلة زمنية وليست جماعة - تفسير غريب وباطل، فهل يقال‏:‏ للمرحلة الزمنية بأنها سلفية‏؟‏ ‏!‏ هذا لم يقل به أحد من البشر، وإنما تطلق السلفية على الجماعة المؤمنة الذين عاشوا في العصر الأول من عصور الإسلام، والتزموا بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ووصفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله‏:‏ ‏(‏خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم‏)‏ الحديث‏.‏ فهذا وصف لجماعة وليس لمرحلة زمنية، ولما ذكر - صلى الله عليه وسلم - افتراق الأمة فيما بعد قال عن الفرق كلها أنها في النار إلا واحدة، ووصف هذه الواحدة بأنها هي التي تتبع منهج السلف وتسير عليه فقال‏:‏ ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه أنا وأصحابي‏)‏ فدل على أن هناك جماعة سلفية سابقة وجماعة متأخرة تتبعها في نهجها، وهناك جماعات مخالفة لها متوعدة بالنار، وما ذلك إلا لضلال هذه الفرق المخالفة للفرق الناجية، لا كما يقول فيما سبق في ‏(‏ص 20/21‏)‏‏:‏

‏"‏ ومن حق صاحب أحد الرأيين أو الآراء في تلك المسائل الاجتهادية أن يطمئن إلى أن ما ذهب إليه هو الصواب، ولكن ليس من حقه أن يجزم بأن الذين خالفوه إلى الآراء الأخرى ضالون خارجون عن حظيرة الهدى ‏"‏ اهـ‏.‏

ونقول له‏:‏ ليس هذا على إطلاقه إنما هو في المسائل الفروعية التي هي مسرح للاجتهاد‏.‏ أما مسائل العقيدة فلا مجال للاجتهاد فيها وإنما مدارها على التوقيف ومن خالف فيها ضُلِّل أو كُفِّر بحسب مخالفته وقد ضُلل السلف القدرية والخوارج والجهمية وحكموا على بعضهم بالكفر لمخالفتهم منهج السلف‏.‏


التعقيب التاسع‏:‏

زعم في ‏(‏ص27 – 31‏)‏ أن الصحابة لم يكن بهم حاجة إلى تحكيم ميزان علمي في الاستنباط‏.‏

وهذا فيه إجمال، فإن أراد بالميزان العلمي فهم النصوص ومعرفة معانيها وما يراد بها فهم أغزر الناس علمًا في ذلك وأقلهم تكلفا، وإن أراد بالميزان العلمي منهج الجدل وعلم الكلام فهذا ميزان جهلي لا ميزان علمي وهم أغنى الناس عنه، وقد تركوه وحذروا منه وضللوا أصحابه؛ لأنه لا يوصل إلى حقيقة ولا يهدي إلى صواب وإنما آل بأصحابه إلى الشك وإن زعم من ابتلي به أنه ميزان علمي، ووصفوا أنفسهم بأن طريقتهم أعلم وأحكم وأن طريق السلف أسلم، ويصفون السلف بأنهم ظاهريون كما وصفهم الدكتور بذلك في هذا الكتاب في ‏(‏ص 31‏)‏ فقال‏:‏ فإن الشأن فيما ذكرناه عنهم من ابتعادهم عن ساحة الرأي وعدم الخوض فيما تلقوه من أنباء الغيب وغوامض المعاني ووقوفهم في ذلك مع ظاهر النص دون تعطيل ولا تشبيه، فهذا معناه أن طريقة السلف طريقة بدائية تقف عند ظاهر النصوص، وليست طريقة علمية تنفذ إلى غور النصوص ومقاصدها‏.‏


التعقيب العاشر‏:‏

من ‏(‏ص 42 – 47‏)‏ يحاول أن يسوغ مخالفة بعض الخلف لمنهج السلف باتساع بلاد الإسلام ودخول أجناس من البشر في دين الإسلام، وهم يحملون ثقافات أجنبية وبتوسع في مجالات الحياة المعيشية باختلاف الملابس والمباني والأواني والصناعات والأطعمة‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك مما ذكره من الكلام الطويل، إلى أن قال في النهاية‏:‏

فلو كانت اتجاهات السلف واجتهاداتهم هذه حجة لذاتها لا تحتاج هي بدورها إلى برهان أو مستند يدعمها؛ لأنها برهان نفسها، إذ لوجب أن تكون تلك النظرات ‏"‏ يعني نظرات السلف ‏"‏ المتباعدة المتناقضة كلها حقا وصوابا، ولوجب المصير _ ودون أي تردد إلى رأي _ المصوبة (3)‏، ولما احتاج أولئك السلف رضوان الله عليهم أن يلجؤوا أخيرا من مشكلة هذا التناقض والاضطراب إلى منهج علمي يضبط حدود المصالح‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ما قال‏.‏

ونحن نجيبه عن ذلك بجوابين‏:‏

الجواب الأول‏:‏ أن السلف لم يختلفوا في مسائل العقائد والإيمان وإنما اختلفوا في مسائل الاجتهاد الفرعية، وليس ذلك اضطرابا وتناقضا كما يقول، وإنما هو اجتهاد‏.‏

الجواب الثاني‏:‏ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمرنا باتباعهم بقوله‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي‏)‏ وقال عن الفرقة الناجية‏:‏ ‏(‏هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم أنا وأصحابي‏)‏ وأثنى الله على من اتبعهم ورضي عنه معهم فقال سبحانه ‏{‏وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ‏}‏ والإمام مالك بن أنس - رحمه الله - يقول‏:‏ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها‏.‏ فيجب اتباعهم والأخذ بأقوالهم لا سيما في العقيدة؛ لأن قولهم حجة كما هو مقرر في الأصول‏.‏

محب السنة
12-16-2003, 12:01 PM
التعقيب الحادي عشر‏:‏


في ‏(‏ص 53 – 54‏)‏ وصف الكوثري بأنه محقّق، ونقل كلاما له ذكر فيه أن عدة من أحبار اليهود ورهبان النصارى وموابذة المجوس بثوا بين أعراب الرواة من المسلمين أساطير وأخبارا في جانب الله فيها تجسيم وتشبيه وأن المهدي أمر علماء الجدل من المتكلمين بتصنيف الكتب في الرد على الملحدين والزنادقة(4)‏ وأقاموا البراهين وأزالوا الشبه وخدموا الدين‏.‏

هكذا وصف الكوثري رواة الإسلام بأنهم أعراب راجت عليهم أساطير اليهود والنصارى والمجوس، وهذه الأساطير بزعمه هي الأخبار المتضمنة لأسماء الله وصفاته لأنها تفيد التشبيه والتجسيم عنده وأثنى على علماء الكلام الذين ردوا هذه الروايات ووصفهم بالدفاع عن الإسلام والرد على الملحدين والزنادقة‏.‏

وأما علماء الكتاب والسنة فليس لهم دور عند الكوثري في الذب عن الإسلام والرد على الملاحدة والزنادقة‏.‏ وقد نقل الدكتور كلامه هذا مرتضيا له ووصفه بالمحقق والله المستعان‏.‏


التعقيب الثاني عشر‏:‏

في ‏(‏ص 63‏)‏ يرى في فقرة ‏(‏1‏)‏ أنه يجب التأكد من صحة النصوص الواردة والمنقولة عن فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرآنا كانت هذه النصوص أو سنة‏.‏

ونقول له‏:‏

أولا‏:‏ هل القرآن يحتاج إلى تأكد من صحته‏؟‏ أليس هو متواترا تواترا قطعيا‏؟‏ وإذا كان يريد بعض القراءات فلماذا لم يبين ويقيد كلامه بذلك‏؟‏

ثانيًا‏:‏ هل القرآن من فم الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالسنة أو هو وحي كله، لفظه ومعناه من الله تعالى والرسول مبلغ فقط أن كلامه هذا يوهم أن القرآن من كلام الرسول كالسنة، وليس هو كلام الله تعالى‏.‏


التعقيب الثالث عشر‏:‏

قال في ‏(‏صفحة 63 – فقرة ج‏)‏ أنه يجب على الباحث عرض حصيلة تلك المعاني ‏"‏ أي معنى النصوص الصحيحة ‏"‏ التي وقف عليها وتأكد منها على موازين المنطق والعقل لتمحيصها، ومعرفة موقف العقل منها‏.‏ ا هـ‏.‏

ونقول‏:‏ هل للعقل موقف وسلطة مع النصوص الصحيحة‏؟‏ فهذا لم يقل به إلا المعتزلة ومن وافقهم، أما أهل السنة فيسلمون لما صح عن الله ورسوله، سواء أدركته عقولهم أم لا، ولا سيما في نصوص الأسماء والصفات وقضايا العقيدة، فإن العقول لا مجال لها في ذلك؛ لأنه من أمور الغيب، مع العلم أن الشرع لا يأتي بما تحيله العقول، لكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول ولا تدرك كنهه‏.‏


التعقيب الرابع عشر‏:‏

في ‏(‏ص 64‏)‏ المقطع الثالث يستنكر تقسيم المسلمين إلى سلفيين وبدعيين،

وهذا رد للنصوص التي أخبرت عن افتراق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، والتي أخبرت عن حدوث الاختلاف الكثير وحثت على التمسك بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسنة الخلفاء الراشدين عند ذلك، وكتابه يدور حول هذه النقطة، وهو إنكار لما هو واقع من الانقسام والافتراق في هذه الأمة، فهو إنكار للواقع المحسوس وكان الأجدر به أن يحث المتخلفين والمفترقين إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة بدلا من أن يطمئنهم على ما هم عليه من فرقة ومخالفة وبأنهم على الحق‏.‏


التعقيب الخامس عشر‏:‏

في ‏(‏ص 65 – 67‏)‏ يشكك في صحة الاستدلال بالخبر الصحيح الذي لم يبلغ حد التواتر في الاعتقاد فيقول‏:‏

‏"‏هذا القسم لا تتكون منه حجة ملزمة في نطاق الاعتقاد بحيث يقع الإنسان في طائلة الكفر إن هو لم يجزم بمضمون خبر صحيح لم يرق إلى درجة المتواتر ‏"‏‏.‏


ونقول‏:‏ هذا كلام غير سليم ولا سديد، فإن خبر الآحاد إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب تصديقه والتسليم له والجزم بمضمونه في العقائد وغيرها‏.‏

وهذا القول الذي ذكره قول مبتدع في الإسلام فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل رسله آحادا ويقبل المرسل إليه خبره من غير توقف ولا تشكك في صحة ما جاءوا به، وكذلك الصحابة وأتباعهم كانوا يتقبلون الأحاديث الصحيحة ويحتجون بها، ولا يشكون في مضامينها في العقائد وغيرها، ولا يوجد هذا التفريق في كلام السلف، وإنما وجد في كلام بعض الخلف فهو تفريق مبتدع‏.‏

12d8c7a34f47c2e9d3==