المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسألة ( هل لمس النساء ينقض الوضوء ) اقوال الفقهاء في ذلك مع الترجيح


كيف حالك ؟

قاعد العتيبي
11-26-2006, 12:09 AM
الموضوع سوف يكتب لاحقاً إن شأ الله.

قاعد العتيبي
11-26-2006, 02:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وبعد :
فهذه مسألة ( هل لمس النساء ينقض الوضوء )ولعلي أنقل اقوال أصحاب المذاهب الفقهية الاربعة رحمهم الله تعالى ثم أنقل بعض ترجيحات العلماء ومنهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وكذا العلامة العثيمين رحمه الله وبعض أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء في المملكة العربية السعودية في هذه المسألة فأقول مستعين بالله :
أولاً من المذهب الشافعي :قال الحافظ محيى الدين النووي رحمه الله في كتابه (المجموع شرح المهذب):(فرع) في مذاهب العلماء في اللمس قد ذكرنا أن مذهبنا أن التقاء بشرتي الاجنبي والاجنبية ينتقض سواء كان بشهوة وبقصد أم لا ولا ينتقص مع وجود حائل وان كان رقيقا وبهذا قال عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وزيد بن أسلم ومكحول والشعبي والنخعي وعطاء بن السائب والزهرى ويحيى بن سعيد الانصاري وربيعة وسعيد بن عبد العزيز وهى إحدى الروايتين عن الاوزاعي: المذهب الثاني لا ينتقض الوضوء باللمس مطلقا وهو مروى عن ابن عباس وعطاء وطاوس ومسروق والحسن وسفيان الثوري وبه قال أبو حنيفة لكنه قال إذا باشرها دون الفرج وانتشر فعليه الوضوء: المذهب الثالث ان لمس بشهوة انتقض والا فلا وهو مروى عن الحكم وحماد ومالك والليث واسحق ورواية عن الشعبى والنخعي وربيعة والثوري وعن أحمد ثلاث روايات كالمذاهب الثلاثة: المذهب * الرابع ان لمس عمدا انتقض والا فلا وهو مذهب داود وخالفه ابنه فقال لا ينتقض بحال: (الخامس) ان لمس باعضاء الوضوء انتقض والا فلا حكاه صاحب الحاوى عن الاوزاعي وحكي عنه انه لا ينقض الا اللمس باليد (السادس) ان لمس بشهوة انتقض وان لمس [ فوق حائل رقيق حكى عن ربيعة ومالك في رواية عنهما ،(السابع) ان لمس من تحل له لم ينتقض وان لمس من تحرم عليه انتقض حكاه ابن المنذر وصاحب الحاوى عن عطاء وهذا خلاف ما حكاه الجمهور عنه ولا يصح هذا عن احد ان شاء الله * واحتج لمن قال لا ينتقض مطلقا بحديث حبيب ابن ابى ثابت عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ: وعن ابى روق عن ابراهيم التيمى عن عائشة (ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعد الوضوء ثم لا يعيد الوضوء) وبحديث عائشة المتقدم أن يدها وقعت على قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد وهو صحيح كما سبق وبالحديث المتفق علي صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم (صلى وهو حامل امامة بنت زينب رضي الله عنهما فكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها) رواه البخاري ومسلم: وبحديث عائشة في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم (كان يصلى وهى معترضة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يسجد غمز رجلها فقبضتها) وفى رواية للنسائي باسناد صحيح (فإذا أراد ان يوثر مسنى برجله) واحتجوا بالقياس علي المحارم والشعر قالوا ولو كان اللمس ناقضا لنقض لمس الرجل الرجل كما ان جماع الرجل الرجل كجماعه المرأة * واحتج اصحابنا بقول الله تعالى (أو لمستم النساء) واللمس يطلق على الجس باليد قال الله تعالى (فلمسوه بايديهم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لماعز رضى الله عنه (لعلك قبلت أو لمست) الحديث ونهي عن بيع الملامسة وفى الحديث الآخر (واليد زناها اللمس) وفى حديث عائشة قل يوم الا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا فيقبل ويلمس: قال أهل اللغة اللمس يكون باليد وبغيرها وقد يكون بالجماع قال ابن دريد اللمس أصله باليد ليعرف مس الشئ وانشد الشافعي واصحابنا وأهل اللغة في هذا قول الشاعر: والمست كفى كفه طلب الغنى * ولم أدر أن الجود من كفه يعدى قال أصحابنا ونحن نقول بمقتضي اللمس مطلقا فمتى التقت البشرتان انتقض سواء كان بيد أو جماع. واستدل مالك ثم الشافعي واصحابهما بحديث مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله ابن عمر عن ابيه (قال قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده
فعليه الوضوء) وهذا اسناد في نهاية من الصحة كما تراه: فان قيل ذكر النساء قرينة تصرف اللمس إلى الجماع كما ان الوطئ أصله الدوس بالرجل وإذا قيل وطئ المرأة لم يفهم منه الا الجماع: فالجواب ان العادة لم تجر بدوس المرأة بالرجل فلهذا صرفنا الوطئ إلى الجماع بخلاف اللمس فان استعماله في الجس باليد للمرأة وغيرها مشهور: وذكر أصحابنا اقيسة كثيرة منها أنه لمس يوجب الفدية علي المحرم فنقض كالجماع قال إمام الحرمين في الاساليب الوجه أن يقال ما ينقض الوضوء لا يعلل وفاقا قال وقد اتفق الائمة على ان اقتضاء الاحداث الوضوء ليس مما يعلل وإذا كان كذلك فلا مجال للقياس وليس لمس الرجل الرجل في معنى لمسه المرأة فان لمسها يتعلق به وجوب الفدية وتحريم المصاهرة وغير ذلك فلا مطمع لهم في القياس على الرجل وقد سلم أكثرهم ان الرجل والمرأة إذا تجردا وتعانقا وانتشر له وجب الوضوء فيقال لهم بم نقضتم في الملامسة الفاحشة فان قالوا بالقياس لم يقبل وان قالوا لقربه من الحدث قلنا القرب من الحدث ليس حدثا بالاتفاق ولا يرد علينا النائم فانه انما انتقض بالسنة لكونه لا يشعر بالخارج فلم يبق لهم ما يوجب الوضوء في الملامسة الفاحشة الا ظاهر القرآن العزيز وليس فيه فرق بين الملامسة الفاحشة وغيرها: واما الجواب عن احتجاجهم بحديث حبيب بن ابي ثابت فمن وجهين: أحسنهما وأشهرهما انه حديث ضعيف باتفاق الحفاظ ممن ضعفه سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان واحمد بن حنبل وأبو داود وأبو بكر النيسابوري وأبو الحسن الدار قطني وأبو بكر البيهقى وآخرون من المتقدمين والمتأخرين: قال احمد بن حنبل وأبو بكر النيسابوري وغيرهما غلط حبيب من قبلة الصائم إلى القبلة في الوضوء: وقال أبو داود روى عن سفيان الثوري أنه قال ما حدثنا حبيب الا عن عروة المزني يعنى لا عن عروة بن الزبير وعروة المزني مجهول وانما صح من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم: والجواب الثاني لو صح لحمل علي القبلة فوق حائل جمعا بين الادلة: والجواب عن حديث أبي روق بالوجهين السابقين وضعفوا الحديث بوجهين أحدهما ضعف أبي روق ضعفه يحيى بن معين وغيره: والثانى أن ابراهيم التيمى لم يسمع عائشة هكذا ذكره الحفاظ منهم أبو داود وآخرون وحكاه عنهم البيهقى فتبين أن الحديث ضعيف مرسل قال البيهقى وقد روينا سائر ما روى في هذا الباب في الخلافيات وبينا ضعفها فالحديث الصحيح عن عائشة في قبلة الصائم فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها: والجواب عن حديث حمل امامة في الصلاة ورفعها ووضعها من أوجه أظهرها أنه لا يلزم من ذلك التقاء البشرتين: والثاني أنها صغيرة لا تنقض الوضوء: والثالث أنها محرم: والجواب عن حديث عائشة في وقوع يدها علي بطن قدم النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحتمل كونه فوق حائل والجواب عن حديثها الآخر انه لمس من وراء حائل وهذا هو الظاهر فيمن هو نائم في فراش وهذان الجوابان (1) إذا سلمنا انتقاض طهر الملموس والا فلا يحتاج اليهما: وأما قياسهم علي الشعر والمحارم ولمس الرجل الرجل: فجوابه ما سبق أن الشعر لا يلتذ بلمسه والمحرم والرجل ليسا مظنة شهوة وقد سبق عن امام الحرمين ابطال القياس في هذا الباب * واحتج لمن قال ينقض اللمس بشهوة دون غيره بحديث امامة والظاهر أنه كان يحصل معه مباشرة لكن بغير شهوة ولانها مباشرة بلا شهوة فاشبهت مباشرة الشعر والمحارم والرجل ولانها ملامسة فاشترط في ترتب الحكم عليها الشهوة كمباشرة المحرم بالحج * واحتج أصحابنا بقول الله تعالى (أو لمستم النساء) ولم يفرق: والجواب عن حديث امامة بالاوجة الثلاثة السابقة وعن الشعر وما بعده لانه ليس مظنة شهوة ولذة وعن مباشرة المحرم بأنه منع من الترفه وذلك يختص بالشهوة بخلاف هذا * واحتج لداود بقول الله تعالى (أو لمستم) وهذا يقتضى قصدا: واحتج أصحابنا بالآية وليس فيها فرق ولان الاحداث لافرق فيها بين العمد والسهو كالبول والنوم والريح: وقولهم اللمس يقتضي القصد غلط لايعرف عن أحد من أهل اللغة وغيرهم بل يطلق اللمس علي القاصد والساهى كما يطلق اسم القاتل والمحدث والنائم والمتكلم على من وجد ذلك منه قصدا أو سهوا أو غلبة * واحتج لمن خص النقض باليد بالقياس على مس الذكر: واحتجاج الاصحاب بالآية والملامسة لا تختص وغير اليد في معناها في هذا وليس على اختصاص اليد دليل: وأما مس الذكر باليد فمثير للشهوة بخلاف غير اليد ولمس المرأة يثير الشهوة بأى عضو كان * واحتج لمن قال اللمس فوق حائل رقيق ينقض بانه مباشرة بشهوة فأشبه مباشرة البشرة: واحتج الاصحاب بأن المباشرة فوق حائل لا تسمى لمسا ولهذا لو حلف لا يلمسها فلمس فوق حائل لم يحنث والله أعلم قال المصنف رحمه الله * [ وأما مس الفرج فانه ان كان ببطن الكف نقض الوضوء لما روت بسرة بنت صفوان رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ) وروت عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤن) قالت بأبي وأمى هذا للرجال أفرأيت النساء فقال (إذا مست احداكن فرجها فلتتوضأ) وان كان بظهر الكف لم ينتقض لما روى أبو هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينهما شئ فليتوضأ وضوءه للصلاة) والافضاء لا يكون الا ببطن الكف ولان ظهر الكف ليس بآلة لمسه فهو كما لو أولج الذكر في غير الفرج وان مس بما بين الاصابع ففيه وجهان المذهب انه لا ينتقض لانه ليس بباطن الكف: والثاني ينتقض لان خلقته خلقة الباطن وان مس حلقة الدبر انتقض وضوءه وحكي ابن القاص قولا أنه لا ينقض وهو غير مشهور ووجهه أنه لا يلتذ بمسه والدليل على أنه ينقض أنه أحد السبيلين فأشبه القبل: وان انسد المخرج المعتاد وانفتح دون المعدة مخرج فمسه ففيه وجهان أحدهما لا ينقض لانه ليس بفرج والثانى ينقض لانه سبيل للحدث فأشبه الفرج وان مس فرج غيره من صغير أو كبير أوحي أوميت انتقض وضوءه لانه إذا انتقض بمس ذلك من نفسه ولم يهتك به حرمة فلان ينتقض بمس ذلك من غيره وقد هتك به حرمة أولى وان مس ذكرا مقطوعا ففيه وجهان أحدهما لا ينتقض وضوءه كما لو مس يدا مقطوعة من امرأة والثاني ينتقض لانه قد وجد مس الذكر ويخالف اليد المقطوعة فانه لم يوجد لمس المرأة وان مس فرج بهيمة لم يجب الوضوء وحكي ابن عبد الحكم قولا آخر أنه يجب الوضوء وليس بشئ لان البهيمة لاحرمة لها ولا تعبد عليها ] * (الشرح) في هذه الجملة مسائل احداها حديث بسرة حديث حسن رواه مالك في الموطأ والشافعي في مسنده وفى الام وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم في سننهم بالاسانيد الصحيحة: قال الترمذي وغيره هو حديث حسن صحيح وقال الترمذي في كتاب العلل قال البخاري أصح شئ في هذا الباب حديث بسرة وعليه ايراد سنذكره مع جوابه في فرع مذاهب العلماء ان شاء الله تعالى: وأما حديث عائشة فضعيف وفى حديث بسرة كفاية عنه فانه روى مس ذكره وروى (من مس فرجه) وأما حديث أبي هريرة فرواه الشافعي في مسنده وفى الام والبويطي بأسانيده ورواه البيهقى من طرق كثيرة وفى اسناده ضعف لكنه يقوى بكثرة طرقه (المسألة الثانية) في ألفاظ الفصل * أصل الفرج الخلل بين شيئين قوله يمسون بفتح الميم علي المشهور وحكي ضمها في لغة قليلة والماضي مسست بكسر السين علي المشهور وعلى اللغية الضعيفة بضمها قولها بأبي وأمى معناه أفديك بأبي وأمى من كل مكروه ويجوز أن يقول الانسان فداك أبي وأمى سواء كان أبواه مسلمين أم لا هذا هو الصحيح المختار: ومن العلماء من منعه إذا كانا مسلمين وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتاب الاذكار الذي لا يستغنى طالب الآخرة عن مثله: قوله الافضاء لا يكون الا ببطن الكف معناه الافضاء باليد لا يكون الا ببطن الكف والا فالافضاء يطلق على الجماع وغيره: قال الشافعي رحمه الله في الام والافضاء باليد انما هو ببطنها كما يقال أفضى بيده مبايعا وأفضى بيده الي الارض ساجدا والى ركبتيه راكعا هذا لفظ الشافعي في الام ونحوه في البويطى ومختصر الربيع وهذا الذى ذكره الشافعي مشهور كذلك في كتب اللغة قال ابن فارس في المجمل افضى بيده إلى الارض إذا مسها براحته في سجوده ونحوه في صحاح الجوهري وغيره: وقوله ولان ظهر الكف ليس بآلة لمسه معناه أن التلذذ لا يكون الا بالباطن فالباطن هو آلة مسه: وقوله حلقة الدبر هي باسكان اللام هذه اللغة المشهورة وحكي الجوهري فتحها أيضا في لغة رديئة وكذلك حلقة الحديد وحلقة العلم وغيرها كله باسكان اللام على المشهور وقوله فلان ينتقض هو بفتح اللام وقد سبق بيانه في باب الآنية: قوله لان البهيمة لا حرمة لها ولا تعبد عليها هذه البعارة عبارة الشافعي رحمه الله وشرحها صاحب الحاوى وغيره فقالوا معناه لاحرمة لها في وجوب ستر فرجها وتحريم النظر إليه ولا تعبد عليها في أن الخارج منه لا ينقض طهرا: (المسألة الثالثة) في الاسماء: أما عائشة وابن القاص فسبق بيانهما وأما بسرة فبضم الباء واسكان السين الهملة: وهى بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وورقة ابن نوفل عمها وهى جدة عبد الملك بن مروان أم أمة وهى ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها: وأما ابن عبد الحكم هذا فهو أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري كان من أجل أصحاب مالك وأفضت إليه الرياسة بمصر بعد اشهب وأحسن إلى الشافعي كثيرا فأعطاه من ماله ألف دينار وأخذ له من أصحابه الفى دينار ولد سنة خمسين ومائة وتوفى سنة أربع عشرة ومائتين رحمه الله (أنتهى النقل)
ثانياً من المذهب الحنفي :من كتاب المبسوط لشمس الدين السرخسي قال رحمه الله :* قال (ولا يجب الوضوء من القبلة ومس المرأة بشهوة أو غير شهوة) وهو قول على وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وقال الشافعي رحمه الله تعالى يجب الوضوء من ذلك وهو قول عمروابن مسعود رضى الله تعالى عنهما وهو اختلاف معتبر في الصدر الاول حتى قيل ينبغي لمن يؤم الناس أن يحتاط فيه وقال مالك رحمه الله ان كان عن شهوة يجب والا فلا فالشافعى رحمه الله استدل بقوله تعالى أو لامستم النساء وحقيقة المس باليد قال الله تعالى فلمسوه بأيديهم ولا يعارض القراءة الا ترى قوله أو لامستم فأكثر مافى الباب أن يثبت أن المراد بتلك القراءة الجماع فيعمل بهما جميعا والمعنى ما ذكرنا أن التقبيل والمس سبب لاستطلاق وكاء المذى فيقام مقام خروج المذي حقيقة في ايجاب الوضوء أخذا بالاحتياط في باب العبادة كما فعله أبو حنيفة رحمه الله تعالى في المباشرة الفاحشة (ولنا) حديث عائشة وأم سلمة رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ وعن عمر رضى الله تعالى عنه أنه انصرف يوما من صلاته فلما فرغ الناس رأوه يصلى في آخر الصفوف فقال انى توضأت فمرت بى جاريتي رومية فقبلتها فلما افتتحت الصلاة وجدت مذيا فقلت أمضى في صلاتي حياء منكم ثم قلت لان أراقب الله تعالى خير لى من أن أراقبكم فانصرفت وتوضأت فهذا دليل رجوع عمر رضى تعالى الله عنه لانه افتتح الصلاة بعد التقبيل حتى إذا أحس بالمذي انصرف وتوضأ ولان عين المس ليس بحدث بدليل مس ذوات المحارم فبقى الحدث ما يخرج عند المس وذلك ظاهر يوقف عليه فلا حاجة إلى اقامة السبب الظاهر مقامه. وأما الآية فقد قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما المراد بالمس الجماع الا أن الله تعالى حي يكنى بالحسن عن القبيح كما كنى بالمس عن الجماع وهو نظير قوله تعالى وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن والمراد الجماع وهذا لانه لو حمل على الجماع كان ذكرا للحدث الكبرى بعد ذكر الحدث الصغرى بقوله تعالى أو جاء أحد منكم من الغائط فأما إذا حمل على المس باليد كان تكرارا محضا * قال (فان باشرها وليس بينهما ثوب فانتشر لها فعليه الوضوء) عند أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى استحسانا وقال محمد رحمه الله تعالى لا وضوء عليه وهو القياس لقول ابن عباس رضى الله عنهما الوضوء مما خرج وقد تيقن أنه لم يخرج منه شئ فهو كالتقبيل ووجه قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى أن الغالب من حال من بلغ في المباشرة هذا المبلغ خروج المذي منه حقيقة فيجعل كالممذى بناء للحكم على الغالب دون النادر كمن نام مضطجعا انتقض وضوءه وان تيقن بأنه لم يخرج منه شئ وكذلك من عدم الماء في المصر لا يجزئه التيمم بناء على الغالب أن الماء في المصر لا يعدم * وفسر الحسن عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى عنهم المباشرة الفاحشة بأن يعانقها وهما متجردان ويمس ظاهر فرجه ظاهر فرجها *(أنتهى النقل)
ثالثاً من المذهب المالكي: قال ابوعمر ابن عبدالبر رحمه الله تعالى في كتابه (الاستذكار ):( 16 - باب الوضوء من قبله الرجل امرأته )
80 - مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول قبله الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء
81 - مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول من قبلة الرجل امرأته الوضوء
82 - مالك عن بن شهاب مثل ذلك
قال أبو عمر هذا الباب يقتضي القول في القبلة وسائر الملامسة وفي الملامسة معان ومسائل أحدها هل الملامسة الجماع أو ما دون الجماع مما يجانس الجماع مثل القبلة وشبهها ثم هل هي اللمس باليد خاصة أو بسائر البدن وهل اللذة من شرطها أم لا وكل ذلك قد تنازع فيه العلماء ونحن نذكر فيه من ذلك ما حضرنا على شرط الاختصار والبيان والله المستعان
اختلف العلماء من الصحابة فمن بعدهم في معنى الملامسة التي أوجب الله تعالى فيها الوضوء لمن أراد الصلاة بقوله تعالى أو لامستم النساء المائدة 6 فروي عن عمر بن الخطاب بإسناد ثابت من أسانيد أهل المدينة أنه كان يقبل امرأته ويصلي قبل أن يتوضأ ذكره عبد الرزاق عن بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن عمر أن عاتكة ابنة زيد قبلت عمر بن الخطاب وهو صائم فلم ينهها قال وهو يريد المضي إلى الصلاة ثم صلى ولم يتوضأ وهذا الحديث رواه مالك عن يحيى بن سعيد أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل امرأة عمر بن الخطاب كانت تقبل رأس عمر بن الخطاب وهو صائم فلا ينهاها ( 1 ) ولم يذكر وضوءا ولا صلاة ولم يقم إسناده وحذف من متنه ما لم يذهب إليه ، وسنذكر بعد في هذا الباب من لم ير في القبلة وضوءا ومن ذهب إلى معنى قوله تعالى أو لامستم النساء هو الجماع نفسه لا غيره إن شاء الله ذكر مالك حديث عمر هذا في باب الرخصة في القبلة للصائم رواه بن جريج عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب خرج إلى الصلاة فقبلته امرأته فصلى ولم يتوضأ وروى الدراوردي عن بن أخي بن شهاب عن سالم عن أبيه عن بن عمر أنه قال القبلة من اللمم يتوضأ منها وهذا عندهم خطأ لأن أصحاب بن شهاب يجعلونه عن بن عمر لا عن عمر وذكر إسماعيل بن إسحاق أن مذهب عمر بن الخطاب في الجنب لا يتيمم فدل على أنه كان يرى الملامسة ما دون الجماع كما ذهب بن مسعود فإن صح عن عمر ما ذكر إسماعيل ثبت الخلاف في القبلة عن عمر والله أعلم
وأما بن مسعود فلم يختلف عنه أن اللمس ما دون الجماع وأن الوضوء واجب على من قبل امرأته كمذهب بن عمر سواء وهو ثابت عن بن عمر من وجوه من حديث سالم نافع عنه وحديث بن مسعود رواه الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال يتوضأ الرجل من المباشرة ومن اللمس بيده ومن القبلة إذا قبل امرأته وكان يقول في هذه الآية أو لامستم النساء قال هو الغمز ذكره وكيع عن الأعمش إلا أنهم يقولون لم يسمع أبو عبيدة من أبيه وممن رأى في القبلة الوضوء من التابعين عبيدة السلماني وكان يقول الملامسة باليد منها الوضوء ورأى الوضوء في القبلة عامر الشعبي وسفيان وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي ومكحول الدمشقي وبن شهاب الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن عبد الرحمن ومالك بن أنس وأصحابه ذكر بن وهب عن مالك والليث بن سعد وعبد العزيز بن أبي سلمة قبلة الرجل امرأته الوضوء وهو قول جمهور أهل المدينة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ذكر بن قتيبة عن وكيع عن عبد العزيز بن أبي سلمة قال سألت الزهري عن القبلة فقال كان العلماء يقولون فيها الوضوء قال حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم وحماد قالا إذا قبل أو لمس فعليه الوضوء ولم يشترط بن عمر وبن مسعود وعبيدة ولا أحد من هؤلاء في القبلة ولا في اللمسة - وجود لذة ذهب الشافعي إلى أن من لمس امرأة بيده مفضيا إليها ليس بين يده وجسمها ستر ولا حجاب قل أو كثر فعليه الوضوء والتذ أو لم يلتذ لشهوة كان لمسه لها أو لغير شهوة على ظاهر حديث بن عمر وبن مسعود وعبيدة السلماني ومن قال بقولهم في أن معنى الملامسة اللمس باليد ولأنه لمس من في لمسها ولمس مثلها شهوة فسواء وقعت اللذة أو لم تقع قال وهو ظاهر قوله تعالى أو لامستم النساء ولم يقل لشهوة أو لغير شهوة قال ولا معنى للذة من فوق الثوب ولا من تحته قالوا وإنما المعنى في القبلة الفعل لا الشهوة قالوا وكل من لم يفض في ملامسته إلى البشرة بملامس لأنه إنما لمس الثوب وإلى هذا ذهب أبو عبد الله بن نصر المروزي واختاره واحتج بالإجماع في إيجاب الغسل وهي الطهارة الكبرى على المستكرهة والنائمة إذا جاور الختان الختان وإن لم تقع لذة قال أبو عمر الذي ذهب إليه مالك وأصحابه في اشتراط اللذة ووجود الشهوة عند الملامسة - أصح إن شاء الله لأن الصحابة لم يأت عنهم في معنى الملامسة إلا قولان أحدهما الجماع نفسه والآخر ما دون الجماع من دواعي الجماع وما يشبهه ومعلوم في قول القائلين هو ما دون الجماع أنهم أرادوا ما ليس بجماع ولم يريدوا اللطمة ولا قبلة الرجل ابنته رحمة ولا اللمس لغير اللذة ولما لم يجز أن يقال إن اللمس أريد به اللطم وما شاكله لم يبق إلا أن يكون اللمس ما وقع فيه اللذة والشهوة لأنه لا خلاف فيمن لطم امرأته أو داوى جرحها ولا في المرأة ترضع أولادها أنه لا وضوء على واحد من هؤلاء فكذلك من قصد إلى اللمس ولم يلتذ في حكمهم ذكر بن أبي شيبة عن معاوية عن إبراهيم قال إذا قبل لشهوة نقض الوضوء قال حدثنا جرير عن مغيرة عن حماد قال إذا قبل الرجل امرأته وهي لا تريد ذلك فإنما يجب الوضوء عليه وليس عليها وضوء وإن قبلته فإنما يجب الوضوء عليها ولا يجب عليه وإن وجد شهوة وجب عليه الوضوء وإن قبلها وهي لا تريد فوجدت شهوة وجب عليها الوضوء وهذا معنى قول مالك سواء وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن محل الضبي عن إبراهيم قال إذا قبل الرجل لشهوة أو لمس لشهوة فعليه الوضوء فهؤلاء اشترطوا اللذة حتى في القبلة ويحتمل أن يكون ذكر الشهوة في القبلة ورد للفرق بين قبلة الزوجة والأمة وبين قبلة الأم والابنة والله أعلم هذا كله قول مالك وأصحابه والحسن بن حي إلا أنهم من اشترط اللذة في القبلة فأكثرهم يوجبون الوضوء من قبلة الرجل من يحل له وطؤها ومن لا يحل التذ بذلك أو لم يلتذ إلا أن تكون القبلة رحمة كقبلة الرجل الطفلة من بناته وأما الذين ذهبوا إلى أن اللمس هو الجماع نفسه وأن الله كنى عنه بذلك كما كنى عنه بالرفث والمباشرة والمسيس ونحو ذلك - فمنهم عبد الله بن مسعود ومسروق بن الأجدع والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وطاوس اليماني ذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عبيد بن عمير وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح اختلفوا في الملامسة فقال سعيد وعطاء هو اللمس والغمز وقال عبيد بن عمير هو النكاح فخرج عليهم عبد الله بن عباس - وهم كذلك - فسألوه وأخبروه بما قالوا فقال أخطأ الموليان وأصاب العربي هو الجماع ولكن الله يعف ويكني وقد ذكرنا هذا المعنى عن بن عباس من وجوه كثيرة في التمهيد ولا خلاف عنه فيه ومحفوظ عنه قوله ما أبالي أقبلت امرأتي أو شممت ريحانا وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وسائر الكوفيين إلا بن حي ورووا عن علي بن أبي طالب مثل ذلك واختلفوا في ذلك عن الأوزاعي فذكر عنه الطحاوي والطبري أن لمس الرجل امرأته لا وضوء فيه على كل حال وذكر عنه المروزي قوله في هذا الباب كقول الشافعي وروى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي في الذي يقبل امرأته إن جاء يسألني فقلت يتوضأ فإن لم يتوضأ لم أعب عليه وقال الرجل يدخل رجليه في ثياب امرأته فيمس فرجها وهو على وضوء لم أر عليه وضوءا وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد من مس فرجه أو فرج غيره أو قبل أو باشر أو لمس لشهوة أو لغير شهوة فلا وضوء عليه إلا أن يخرج منه مذي وحجة من ذهب إلى هذا - الأثر المرفوع حدثناه أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن العباس الحلبي حدثنا محمد بن عبد الله الطائي بحمص حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد حدثنا شعيب بن شابور حدثنا سعيد بن بشير عن منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله كان يقبلها ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ وذكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة عن النبي أنه قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ فقلت من هي إلا أنت فضحكت وهذا الحديث عندهم معلول فمنهم من قال لم يسمع حبيب من عروة ومنهم من قال ليس هو عروة بن الزبير وضعفوا هذا الحديث ودفعوه وصححه الكوفيون وثبتوه لروايه الثقات أئمة الحديث له وحبيب بن أبي ثابت لا ينكر لقاؤه عروة لروايته عمن هو أكبر من عروة وأجل وأقدم موتا وهو إمام من أئمة العلماء الجلة وروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي - عليه السلام - قبل وهو صائم وقال ( ( إن القبلة لا تنقض الوضوء ) ) ( 2 ) وهذا عند الحجازيين خطأ وإنما هو لا تنقض الصوم وذكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة أن النبي - عليه السلام - قبل ثم صلى ولم يتوضأ وذكر عبد الرزاق عن الثوري مثله وهو مرسل لا خلاف فيه لأنه لم يسمع إبراهيم التيمي عن عائشة ولم يروه أيضا غير أبي روق وليس فيما انفرد به حجة وقال الكوفيون أبو روق ثقة ولم يذكره أحد بجرحه ومراسل الثقات عندهم حجة وإبراهيم التيمي أحد العباد الفضلاء وذكر عبد الرزاق عن الأوزاعي قال أخبرني عمرو بن شعيب عن امرأة أسماها سمعت عائشة تقول كان رسول الله يتوضأ ثم يخرج إلى الصلاة فيقبلني ثم يمضي إلى الصلاة فما يحدث وضوءا وهذه المرأة التي روى عمرو بن شعيب عنها هذا الحديث مجهولة قيل هي زينب السهمية ولا تعرف أيضا وذكر عبد الرزاق ( 3 ) عن إبراهيم بن محمد عن معبد بن نباتة عن محمد بن عمرو عن عروة عن عائشة قالت قبلني رسول الله ثم صلى ولم يحدث وضوءا وذكر الزعفراني عن الشافعي قال لو ثبت حديث معبد بن نباتة في القبلة لم أر فيها شيئا ولا في اللمس ولا أدري كيف معبد بن نباتة هذا فإن كان ثقة فالحجة فيما روي عن النبي عليه السلام قال أبو عمر هو مجهول لا حجة فيما رواه عندنا وإبراهيم بن أبي يحيى عند أهل الحديث ضعيف متروك الحديث والحجة لنا على من لم ير الملامسة إلا الجماع أن إطلاق الملامسة زلا تعرف العرب منه إلا اللمس باليد وقد بينا وجه اعتبار اللذة في ذلك قال الله تعالى فلمسوه بأيديهم الأنعام 7 وقال عليه السلام ( ( اليدان تزنيان ) ) ( 1 ) وزناهما اللمس ومنه بيع الملامسة وهو لمس الثوب باليد تقول العرب لمست الثوب والحائط ونحو هذا وقرئت الآية أو لامستم النساء وذلك يفيد اللمس باليد وحمل الظاهر والعموم على التصريح أولى من حمله على الكناية وقد روى عبد الله بن عمير عن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال أتى رجل إلى رسول الله فسأله عن رجل أتى امرأة لا تحل له فأصاب منها ما يصيب الرجل من امرأته إلا الجماع فقال النبي - عليه السلام - ( ( يتوضأ وضوءا حسنا فأمره بالوضوء لما نال منها ما دون الجماع ( 2 ) وهذا هو المذهب لأن بن أبي ليلى لم يلق معاذا ولا أدركه ولا رآه وسيأتي من القول في لمس ذوات المحارم ذكر عند ذكر أبي قتادة في حمل رسول الله أمامة ابنة ابنته زينب في الصلاة وهو يبطل ما ذهب إليه الشافعي في أحد قوليه في لمس ذوات المحارم واستدلال بعموم الظاهر ولأنهن من جنس ما يقصد باللمس للذة كالزوجات والأجنبيات ولا معنى لهذا الاعتبار إذا صحت بخلافه الآثار وفي حديث عائشة إذ قالت ( ( فقدت رسول الله فالتمسته فوقعت يدي على ظاهر قدمه وهو يصلي ( 1 ) - دليل على أن كل لمس لا يتولد معه لذة فليس من معنى الآية في الملامسة وقد جعل جمهور السلف القبلة من الملامسة وهي بغير اليد فدل على أن الملامسة وإن كانت في الأغلب في اليد فإن المعنى فيها التقاء البشرتين فبأي عضو وقعت ومعها شهوة فيلتذ وهذا تحصيل مذهب مالك عند جماعة أصحابه واللامس والملموس عند مالك وأصحابه سواء التذ أو من التذ منهما والشعر من أبعاض الملموس سواء عندهم مع وقوع اللذة وخالفنا الشافعي في الشعر وللشافعي في الملموس قولان أحدهما أن لا وضوء عليه لحديث عائشة المذكور وهو قول داود قال لأن الله لم يقل أو لمسكم النساء والقول الآخر عليه الوضوء كقول مالك وأصحابه لأنه ملتذ بلمس يوجب الوضوء وهما متلامسان والمعنى فيهما وجود اللذة ، وأصحابنا يوجبون الوضوء على من لمس مع الحائل إذا كان رقيقا وكانت اللذة موجودة مع اللمس وجمهور العلماء يخالفونهم في ذلك وهو الحق عندي لأن اللذة إذا تعرت من اللمس لم توجب وضوءا بإجماع وكذا اللمس إذا تعرى من اللذة لم يوجب وضوءا عند أصحابنا ومن لمس الثوب والتذ فقد التذ بغير مباشرة ولا مماسة ولا ملامسة وبالله التوفيق (انتهى النقل)
رابعاً من المذهب الحنبلي :قال الامام موفق الدين ابن قدامة المقدسي رحمه الله في كتابه (المغني) :قال‏:‏ وملاقاة جسم الرجل للمرأة لشهوة المشهور من مذهب أحمد -رحمه الله- ‏,‏ أن لمس النساء لشهوة ينقض الوضوء ولا ينقضه لغير شهوة وهذا قول علقمة وأبي عبيدة والنخعي والحكم وحماد ومالك والثوري وإسحاق والشعبي فإنهم قالوا‏:‏ يجب الوضوء على من قبل لشهوة‏,‏ ولا يجب على من قبل لرحمة وممن أوجب الوضوء في القبلة ابن مسعود وابن عمر والزهري وزيد بن أسلم ومكحول ويحيى الأنصاري وربيعة والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز والشافعي قال أحمد‏:‏ المدنيون والكوفيون ما زالوا يرون أن القبلة من اللمس تنقض الوضوء حتى كان بآخرة وصار فيهم أبو حنيفة فقالوا‏:‏ لا تنقض الوضوء ويأخذون بحديث عروة‏,‏ ونرى أنه غلط وعن أحمد رواية ثانية لا ينقض اللمس بحال وروي ذلك عن علي وابن عباس وعطاء وطاوس والحسن ومسروق وبه قال أبو حنيفة‏:‏ إلا أن يطأها دون الفرج فينتشر فيها لما روى حبيب‏,‏ عن عروة عن عائشة ‏(‏أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل امرأة من نسائه وخرج إلى الصلاة‏,‏ ولم يتوضأ‏)‏ رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما وهو حديث مشهور رواه إبراهيم التيمي عن عائشة أيضا‏,‏ ولأن الوجوب من الشرع ولم يرد بهذا شرع ولا هو في معنى ما ورد الشرع به‏,‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أو لامستم النساء‏}‏ أراد به الجماع بدليل أن المس أريد به الجماع فكذلك اللمس ولأنه ذكره بلفظ المفاعلة والمفاعلة لا تكون من أقل من اثنين‏,‏ وعن أحمد رواية ثالثة أن اللمس ينقض بكل حال وهو مذهب الشافعي لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو لامستم النساء‏}‏ وحقيقة اللمس ملاقاة البشرتين‏,‏ قال الله تعالى مخبرا عن الجن أنهم قالوا‏:‏ ‏{‏وأنا لمسنا السماء‏}‏ وقال الشاعر‏:‏ لمست بكفي كفه أطلب الغنى وقرأها ابن مسعود‏:‏ ‏{‏أو لامستم النساء‏}‏ وأما حديث القبلة فكل طرقه معلولة قال يحيى بن سعيد‏:‏ احك عني أن هذا الحديث شبه لا شيء وقال أحمد‏:‏ نرى أنه غلط الحديثين جميعا - يعني حديث إبراهيم التيمي وحديث عروة فإن إبراهيم التيمي لا يصح سماعه من عائشة وعروة المذكور ها هنا عروة المزني‏,‏ ولم يدرك عائشة كذلك قاله سفيان الثوري قال‏:‏ ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني ليس هو عروة بن الزبير وقال إسحاق‏:‏ لا تظنوا أن حبيبا لقي عروة وقال‏:‏ وقد يمكن أن يقبل الرجل امرأته لغير شهوة برا بها وإكراما لها‏,‏ ورحمة ألا ترى إلى ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قدم من سفر فقبل فاطمة فالقبلة تكون لشهوة ولغير شهوة ويحتمل أنه قبلها من وراء حائل واللمس لغير شهوة لا ينقض‏,‏ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمس زوجته في الصلاة وتمسه ولو كان ناقضا للوضوء لم يفعله ‏(‏قالت عائشة إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة فإذا أراد أن يسجد غمزني فقبضت رجلي‏)‏ متفق عليه وفي حديث آخر فإذا أراد أن يوتر مسني برجله وروى الحسن قال‏:‏ ‏(‏كان النبي -صلى الله عليه وسلم- جالسا في مسجده في الصلاة فقبض على قدم عائشة غير متلذذ‏)‏ رواه إسحاق بإسناده والنسائي وعن عائشة ‏(‏قالت فقدت النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فجعلت أطلبه‏,‏ فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان وهو ساجد وهو يقول‏:‏ أعوذ برضاك من سخطك‏,‏ وبمعافاتك من عقوبتك‏)‏ رواهما النسائي ورواه مسلم ‏(‏وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حاملا أمامة بنت أبي العاص بن الربيع إذا سجد وضعها وإذا قام حملها‏)‏ متفق عليه والظاهر أنه لا يسلم من مسها ولأنه لمس لغير شهوة فلم ينقض‏,‏ كلمس ذوات المحارم يحققه أن اللمس ليس بحدث في نفسه وإنما نقض لأنه يفضي إلى خروج المذي أو المني فاعتبرت الحالة التي تفضي إلى الحدث فيها وهي حالة الشهوة‏.‏
فصل‏:‏ ولا فرق بين الأجنبية وذات المحرم‏,‏ والكبيرة والصغيرة وقال الشافعي‏:‏ لا ينقض لمس ذوات المحارم ولا الصغيرة في أحد القولين لأن لمسهما لا يفضي إلى خروج خارج‏,‏ أشبه لمس الرجل الرجل ولنا عموم النص واللمس الناقض تعتبر فيه الشهوة‏,‏ ومتى وجدت الشهوة فلا فرق بين الجميع فأما لمس الميتة ففيه وجهان‏:‏ أحدهما ينقض لعموم الآية والثاني‏,‏ لا ينقض اختاره الشريف أبو جعفر وابن عقيل لأنها ليست محلا للشهوة فهي كالرجل‏.‏
فصل‏:‏ ولا يختص اللمس الناقض باليد بل أي شيء منه لاقى شيئا من بشرتها مع الشهوة‏,‏ انتقض وضوءه به سواء كان عضوا أصليا أو زائدا وحكي عن الأوزاعي‏:‏ لا ينقض اللمس إلا بأحد أعضاء الوضوء ولنا‏,‏ عموم النص والتخصيص بغير دليل تحكم لا يصار إليه ولا ينقض مس شعر المرأة ولا ظفرها‏,‏ ولا سنها وهذا ظاهر مذهب الشافعي ولا ينقض لمسها بشعره ولا سنه ولا ظفره لأن ذلك مما لا يقع الطلاق على المرأة بتطليقه ولا الظهار ولا ينجس الشعر بموت الحيوان ولا بقطعه منه في حياته‏.‏
فصل‏:‏ وإن لمسها من وراء حائل‏,‏ لم ينتقض وضوءه في قول أكثر أهل العلم وقال مالك والليث ينقض إن كان ثوبا رقيقا وكذلك قال ربيعة‏:‏ إذا غمزها من وراء ثوب رقيق لشهوة لأن الشهوة موجودة وقال المروذي‏:‏ لا نعلم أحدا قال ذلك غير مالك والليث لنا أنه لم يلمس جسم المرأة فأشبه ما لو لمس ثيابها‏,‏ والشهوة بمجردها لا تكفي كما لو مس رجلا بشهوة أو وجدت الشهوة من غير لمس‏.‏
فصل‏:‏ وإن لمست امرأة رجلا‏,‏ ووجدت الشهوة منهما فظاهر كلام الخرقي نقض وضوئهما بملاقاة بشرتهما وقد سئل أحمد عن المرأة إذا مست زوجها‏؟‏ قال‏:‏ ما سمعت فيه شيئا‏,‏ ولكن هي شقيقة الرجل يعجبني أن تتوضأ لأن المرأة أحد المشتركين في اللمس فهي كالرجل وينتقض وضوء الملموس إذا وجدت منه الشهوة لأن ما ينتقض بالتقاء البشرتين لا فرق فيه بين اللامس والملموس‏,‏ كالتقاء الختانين وفيه رواية أخرى‏:‏ لا ينتقض وضوء المرأة ولا وضوء الملموس وللشافعي قولان كالروايتين ووجه عدم النقض أن النص إنما ورد بالنقض بملامسة النساء فيتناول اللامس من الرجال‏,‏ فيختص به النقض كلمس الفرج ولأن المرأة والملموس لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص لأن اللمس من الرجل مع الشهوة مظنة لخروج المذي الناقض‏,‏ فأقيم مقامه ولا يوجد ذلك في حق المرأة والشهوة من اللامس أشد منها في الملموس‏,‏ وأدعى إلى الخروج فلا يصح القياس عليهما وإذا امتنع النص والقياس لم يثبت الدليل‏.‏
فصل‏:‏
ولا ينتقض الوضوء بلمس عضو مقطوع من المرأة لزوال الاسم‏,‏ وخروجه عن أن يكون محلا للشهوة ولا بمس رجل ولا صبي ولا بمس المرأة المرأة لأنه ليس بداخل في الآية ولا هو في معنى ما في الآية لأن المرأة محل لشهوة الرجل شرعا وطبعا وهذا بخلافه ولا بمس البهيمة لذلك ولا بمس خنثى مشكل لأنه لا يعلم كونه رجلا ولا امرأة ولا بمس الخنثى لرجل أو امرأة لذلك‏,‏ والأصل الطهارة فلا تزول بالشك ولا أعلم في هذا كله خلافا والله أعلم‏.‏ (انتهى النقل)

__________________________________________________ ___

الترجيح:من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء > > المجلد الخامس (الفقه - الطهارة) > الفقه > الطهارة > باب نواقض الوضوء > ملامسة أو مصافحة المرأة الأجنبية هل ينقض الوضوء

السؤال الثاني من الفتوى رقم 4603

س: هل ينتقض الوضوء بملامسة أو (مصافحة) المرأة الأجنبية (مع العلم بأنه حرام) فقد وجدنا في كتب الفقه من الأحاديث ما يدل على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء ولم يقيد ذلك. فهل هذا العموم مقيد بما يحل لمسه من النساء أم لا؟


جـ: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:

الصحيح من أقوال العلماء أن لمس المرأة أو مصافحتها لا ينقض الوضوء مطلقا سواء كانت أجنبية أم زوجة أم محرما ؛ لأن الأصل استصحاب الوضوء حتى يثبت من الشرع ما يدل على نقضه ولم يثبت ذلك في حديث صحيح.

وأما الملامسة في قوله: سورة المائدة الآية 6يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى قوله: سورة المائدة الآية 6وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ الآية من سورة المائدة. فالمراد بها الجماع على الصحيح من أقوال العلماء.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

__________________-

ترجيح سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله :
من مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز المجلد العاشر > كتاب الطهارة > باب نواقص الوضوء > هل لمس المرأة ينقض الوضوء
(الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 135)
سؤال:
هل لمس المرأة ينقض الوضوء من برنامج نور على الدرب ، الشريط رقم (64) .س : سؤال من : فضل - سوري مقيم في الكويت يقول : مذهب الشافعي رحمه الله يقول : بأن لمس النساء ينقض الوضوء , فمن هن هؤلاء النساء؟ وهل لمس ذوات المحارم اللاتي لم يبلغن ينقض الوضوء؟

ج : لمس النساء في نقضه للوضوء خلاف بين العلماء :

فمنهم من قال : إنه ينقض مطلقا , كالشافعي رحمه الله .

ومنهم من قال : أنه لا ينقض مطلقا , كأبي حنيفة رحمه الله .

ومنهم من قال : ينقض مع الشهوة , يعني : إذا لمسها بتلذذ وشهوة ينقض الوضوء , وإلى ذلك ذهب الإمام أحمد رحمه الله .

والصواب في هذه المسألة - وهو الذي يقوم عليه الدليل - هو : أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا , سواء كان عن شهوة أم لا , إذا لم يخرج منه شيء ; لأنه - صلى الله عليه وسلم (قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ), ولأن الأصل : سلامة الطهارة , وبراءة الذمة من وضوء آخر , فلا يجب الوضوء إلا بدليل سليم لا معارض له ; ولأن النساء موجودات في كل بيت غالبا , والبلوى تعم بمسهن من أزواجهن وغير أزواجهن من المحارم , فلو كان المس ينقض الوضوء لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيانا واضحا , وأما قوله تعالى : سورة النساء الآية 43أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ وفي قراءة أخرى سورة النساء الآية 43أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فالمراد به : الجماع , فكنى الله بذلك عن الجماع , كما كنى الله عنه سبحانه بالمس في آية أخرى , هكذا قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وجماعة من أهل العلم , وهو الصواب .
___
حاشية تخريج حديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه 000في (- سنن الترمذي الطهارة (86),سنن النسائي الطهارة (170),سنن أبو داود الطهارة (178),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (502),مسند أحمد بن حنبل (6/210).
المفتي : سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله .
____________________________

ترجيح العلامة محمد العثيمين رحمه الله :
من موقعه فضيلته على النت مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : الطهارة
السؤال: السؤال الثاني يقول هل مس المرأة ينقض الوضوء سواء كانت زوجة الرجل أو غيرها وهل في هذا اختلاف بين المذاهب الأربعة فأنا ملتزم بالمذهب الشافعي؟
الجواب
الشيخ: مس المرأة إذا كانت غير محرم للإنسان محرم سواء كان لشهوة أم لغير شهوة وعلى هذا فلا يجوز لرجل أن يصافح امرأة ليست من محارمه مطلقاً سواء كان لشهوة أم لغير شهوة وأما إذا كانت المرأة زوجته فإنه يجوز أن يمسها لشهوة ولغير شهوة والصحيح أن وضوءه لا ينتقض سواء مسها لشهوة أم لغير شهوة إلا أن يخرج منه خارج بسبب هذا المس فينتقض وضوؤه من الخارج كما لو أمذى مثلاً وأما مجرد المس ولو بشهوة فإنه لا ينقض هذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم وأما سؤال السائل هل في ذلك خلاف بين أهل العلم ففيه فمن أهل العلم من يرى أن مس المرأة ينقض سواء كان بشهوة أو بغير شهوة ومنهم من يرى أنه لا ينقض سواء كان لشهوة أم لغير شهوة ومنهم من يفصل فيقول إن مسها لشهوة انتقض وضوؤه وإن لم يمسها لشهوة لم ينتقض وضوءه ولكن الصواب لا ينتقض مطلقا ما لم يخرج منه خارج.
المفتى : العلامة محمد صالح العثيمين رحمه الله.

الاثري83
11-26-2006, 04:41 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.

متبع السنة
11-26-2006, 10:52 PM
جزاكم الله خيراً على الفوائد الفقهية المهمة

أبو الربيعة
11-27-2006, 01:32 PM
أخي قاعد
انظر رسائلك الخاصة
بارك الله فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==