المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نشيد الفرح بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم /الشيخ العلامة إسماعيل الأنصاري


كيف حالك ؟

قاسم علي
10-25-2006, 10:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث للشيخ / إسماعيل الأنصاري
مجلة البحوث الإسلامية 1397هـ العدد الثالث
نشيد الفرح بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم

إن خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله . . صلى الله عليه وسلم . .كان قد استقبل بنشيد يحمل الفرح بمقدمه هو

طلع البدر علينا **** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا**** ما دعا لله داع

وقد رأيت سؤالاً عن هذا النشيد هل كان حينما قدم النبي _ صلى الله عليه وسلم _ إلى المدينة مهاجراً إليها أم كان بمناسبة لقاء أهل مكة النبي _ صلى الله عليه وسلم _ يوم الفتح . أم عند عودته من غزوة تبوك ؟ فكان ذلك مما حماني على البحث عن هذه الناحية فتحصلت على ما اسرده مع بيان مستند كل قول و تعقيب ما يحتاج إلى تعقيب فيما يلي
إن النشيد كان عند مقدم النبي صلى الله عليه وسلم _ المدينة مهاجرا إليها روى ذلك البيهقي في " دلائل النبوة " و ابن المقري في " الشمائل " وأبو سعد في " شرف المصطفى " و الخلعي في " فوائده " ولفظ البيهقي : اخبرنا أبو عمرو الأديب اخبرنا أبو بكر الإسماعيلي سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول : لما قدم رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة جعل النساء و الصبيان يقلن

طلع البدر علينا **** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا*** ما دعا لله داع

وقال أيضا : اخبرنا أبو نصر بن قتادة اخبرنا أبو عمرو بن مطر سمعت أبا خليفة يقول :سمعت ابن عائشة يقول : لما قدم رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة جعل النساء و الصبيان و الولائد
يقلن

طلع البدر علينا **** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا**** ما دعا لله داع

ثم قال البيهقي :" وهذا يذكره علمائنا عند مقدمه المدينة من مكة وقد ذكرناه ألا انه إنما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك و الله اعلم "أ. هـ . كلام البيهقي(1) و ممن قال إلى هذا القول الإمام ابوعمرابن عبد البر قال في كلامه على ثنية الوداع " أظنها على طريق مكة ومنها بدأ رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وظهر إلى المدينة في حين إقباله من مكة " فقال شاعرهم

طلع البدر علينا**** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا****ما دعا لله داع

نقل ذلك عن ابن عبد البر الحافظ ولي الدين أبو زرعة العراقي في " طرح التثريب "ج 7 ص 229 .
لكن رواية عبد الله بن محمد المعروف بابن عائشة هذه أعلت بالإعضال و بعبارة أخرى بالانقطاع فقد قال الحافظ أبو زرعة العراقي في " طرح التثريب في شرح التقريب " ج 7 ص 240-241 " هذا الذي ذكروه أي ابن عبد البر من إنشادهم هذا الشعر عند قدومه _ عليه الصلاة و السلام _ المدينة رواه البيهقي في " دلائل النبوة " و أبو الحسن المقري في " الشمائل " له عن ابن عائشة " ثم نقل عن والده الحافظ زين الدين العراقي انه قال في شرح الترمذي " كلام بن عائشة_ أي المذكور _ معضل لا تقوم به حجة " أ . هـ. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في " فتح الباري ج 7 ص 209 شرح باب مقدم النبي _ صلى الله عليه وسلم _ و أصحابه المدينة قال " اخرج أبو سعد في شرف المصطفى و رويناه في " فوائد " الخلعي عن طريق عبيد الله بن عائشة منقطعاً " لما دخل النبي _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة جعل الولائد يقلن
طلع البدر علينا**** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا****ما دعا لله داع

وهو سند معضل و لعل كان ذلك في قدومه من غزوة تبوك " أ .هـ . ثم قال الحافظ في شرح قول السائب بن يزيد " واذكر أنى خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وهو في باب كتاب النبي _ صلى الله عليه وسلم _ إلى كسرى وقيصر " قال في فتح الباري " ج 8 ص 105 بمناسبة إيراد البخاري قول السائب المذكور ( قد روينا بسند منقطع في الخلعيات (2) قول النسوة لما قدم النبي _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة

طلع البدر علينا **** من ثنيات الوداع

فقيل ذلك عند قدومه في الهجرة _ وقيل عند قدومه من غزوة تبوك " أ . هـ.
هذا ما قرره الحافظان زين الدين العراقي و ابن حجر العسقلاني حول رواية ابن عائشة هذه وهو الصواب ما وقع للمحب الطبري في " الرياض النظرة في مناقب العشرة " ج 1 ص 106 _ حيث قال : " عن ابن الفضل بن الحباب الجمحي قال سمعت ابن عائشة يقول أراه عن أبيه قال : " لما قدم النبي _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة جعل الصبيان و النساء و الولائد يقولون

طلع البدر علينا****من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا **** ما دعا لله داع

خرجه الحلواني على شرط الشيخين " أ . هـ . نص الرياض النظرة . فقد تعقب الزرقاني في " شرح المواهب اللدنية للقسطلاني " ج 1 ص 359 قول المحب الطبري أن سند هذه الرواية على شرط الشيخين تعقبه قوله : " وفيه مغمز فالشيخان لم يخرجا لابن عائشة فلا يكون على شرطهما ولو صح الإسناد إليه " أ . هـ

الثاني : من أقوال العلماء في وقت إنشاد هذا النشيد " طلع البدر علينا " أن إماء أهل مكة قلنه في _ رجوعهم عند لقاء النبي _ صلى الله عليه وسلم _ يوم الفتح وان الوداع مراد بمكة نقل ذلك القاضي عياض في " مشارق الأنوار على صحاح الآثار " ج1 ص 136 عن كتاب ابن المظفر و تعقبه القاضي عياض بأنه خلاف ما قاله غيره من أن نساء المدينة قلنه عند دخوله المدينة وقال : و الأول اصح لذكر نساء الأنصار ذلك عند مقدم النبي _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة فدل انه اسم قديم لها ، وقال بينها وبين الحيفاء ستة أميال أو سبعة عند ابن عقبة و خمسة أو ستة عند سفيان " أ . هـ . كلام القاضي عياض ونقله عنه نور الدين علي بن احمد السمهودي في " وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى " ج2 ص 1170 _ 1171

الثالث : من الأقوال في تاريخ هذا النشيد " طلع البدر علينا " انه عند مقدم خير الخلق _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة من غزوة تبوك وتقدم ما يدل على اختيار البيهقي هذا القول وهو انه قال بعد ذكر القول بان هذا النشيد عند مقدمه _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة مهاجراً قال : " هذا يذكره علمائنا عند مقدمة المدينة وقد ذكرناه عنده إلا انه إنما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك و الله اعلم . أ هـ. والى هذا القول قال الإمام ابن القيم في " زاد المعاد " قال : " فلما دنا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من المدينة راجعاً من تبوك خرج الناس لتلقيه و خرج النساء و الولائد يقلن :

طلع البدر علينا**** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا**** ما دعا لله داع

وبعض الرواة يهم في هذا و يقول إنما كان ذلك عند مقدمه المدينة من مكة وهو وهم ظاهر لأن ثنيات الوداع إنما هي من جهة الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام " أ . هـ. كلام ابن القيم

وأيد الحافظ أبو زرعة العراقي في " طرح التثريب "ج 7 ص 240 هذا القول في صحيح البخاري و سنن أبي داود و الترمذي عن السائب بن يزيد قال : " لما قدم رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من تبوك خرج الناس يتلقونه إلى ثنية الوداع "

قال أبو زرعة وهذا صريح في أنها من جهة الشام قال : " ولهذا لما نقل والدي رحمه الله في شرح الترمذي كلام ابن بطال رأى في ذلك قال : إنه وهم قال وكلام ابن عائشة معضل لا تقوم به حجة " أ . هـ

قلت : _ القائل إسماعيل الأنصاري _ مما جاء بصدد كون النشيد إثر قدوم النبي _ صلى الله عليه وسلم _ من بعض غزواته رواه ابن حبان في صحيحه قال كما في " مورد الظمئان " و " زوائد ابن حبان " ص 493 _ 494 اخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا زياد بن أيوب حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح حدثني الحسين بن واقد حدثنا بن بريدة عن أبيه قال رجع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من بعض مغازيه فجاءت جارية سوداء فقالت : يا رسول الله أني نذرت أن ردك الله سالماً أن اضرب على رأسك بالدف . فقال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _: " إن نذرت فافعلي و إلا فلا " فقالت أني كنت نذرت . فقعد رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وضربت بالدف وقالت

أشرق البدر علينا **** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا**** ما دعا لله داع

وقد سلك المؤيدون للقول الأول في الإجابة عما أورده الإمام ابن القيم و الحافظ ولي الدين العراقي المسالك التالية
1 / ما ذكره العلامة الشيخ حسين محمد بن حسين الديار بكري في الجزء الأول من تاريخ " الخميس في أحوال انفس نفيس " فقد قال إثر كلامهما ص 342 ( لكن زين الدين العراقي _ أي والد ولي الدين _يحتمل أن تكون التثنية التي من كل جهة يصل إليها المشيعون يسمونها ثنية الوداع . انتهى . قال مؤلف الكتاب _ يعني الديار نفسه _ يشبه أن يكون هذا هو الحق ويؤيده جمع الثنيات إذ لو كان المراد بها الموضع الذي هو من جهة الشام لم يجمع ولا مانع من تعدد وقوع هذا الشعر عند قدومه عليه _ الصلاة و السلام _ من مكة ومرة من عند قدومه من تبوك فلا ينافي ما في صحيح البخاري وغيره . _ أي الذي استدل به العراقي وقد تقدم _ ولا ما قاله " ابن القيم " أ . هـ. وقد نقله عنه الزرقاني في شرح المواهب اللدنية ج1 ص 300 وصرح في الجزء الثالث ص 82 بما نصه " لا مانع من تعدد وقوع هذا الشعر مرة عند الهجرة و مرة عند قدومه من تبوك فلا يحكم بغلط ابن عائشة لأنه ثقة " أ . هـ
2 / إن كون تثنية الوداع شمال المدينة لا يمنع كون ذلك النشيد عند مقدم النبي _ صلى الله عليه وسلم _ إياها للهجرة لأنه _ صلى الله عليه وسلم _ ركب ناقته و أرخى لها زمامها وقال : " دعوها فإنها مأمورة " ومر بدور الأنصار حتى مر ببني ساعدة ودارهم في شمال المدينة قرب ثنية الوداع فلم يدخل باطن المدينة إلا من تلك الناحية حتى أتى منزله بها وقد عرج النبي _ صلى الله عليه وسلم _ في رجوعه من بدر إلى ثنية الوداع كما في مغازي ابن عقبة انه _ صلى الله عليه وسلم _ سلك حين خرج إلى بدر حتى ثقب بني دينار ورجع حين رجع من ثنية الوداع " وهذا جواب نور الدين علي بن احمد السمهودي في " وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى "ج 4 ص 1170 عن كلام ابن القيم في زاد المعاد المتقدم و استحسنه الزرقاني في شرح المواهب اللدنية ج1 ص 360 و اعتمد عليه في نفي الوهم عن ابن عائشة الذي عناه ابن القيم في عبارة " زاد المعاد " ببعض الرواة قال الزرقاني " هو جواب حسن و إن كان شيخنا البابلي _ رحمه الله _ يستبعده بأنه يلزم عليه أن يمر و يرجع على قباء ثانياً فلا بعد فيه ولو لزم ذلك لإرخائه زمام الناقة وكونها مأمورة
3 / مسلك المجد الفيروز ابادي فإنه قال بعد أن نقل عن أهل السير و التاريخ و أصحاب المسالك ثنية الوداع من جهة مكة قال : " أهل المدينة اليوم يظنونها من جهة الشام " . و كأنهم اعتمدوا قول ابن القيم الجوزيه في هديه فإنه قال : " من جهة الشام ثنيات الوداع ولا يطأها القادم من مكة البتة ووجه الجمع ن كلتا الثنيتين تسمين بثنية الوداع " أ . هـ. كلام المجد وقد تعقبه السمهودي في " وفاء ألوفا " ج 4 ص 1172 بقوله : " و الظاهر أن مستند من جعلها من جهة مكة ما سبق من قول النسوة وان ذلك عند القدوم من الهجرة مع الغفلة عما قدمناه من توجيهه وهو في الحقيقة حجة لمن ذكرها في جهة الشام ولم أر لثنية الوداع ذكراً في سفر من الأسفار التي بجهة مكة " ثم قال السمهودي : " وان سلم الجمع الذي ذكره المجد من الثنيتين يسمى بذلك فالمراد من الأخبار المتقدمة كلها الموضع المتقدم بيانه في شمال المدينة و كذلك من حديث السباق في أمد الخيل المضمرة انه من الغامة أو الحفيا إلى ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق لانطباق المسافة المذكورة في ذلك على الموضع المتقدم كما في مسجد بني زريق وكما سيأتي في الحفيا مع أن ما بيت بني زريق و ثنية المدرج لا يصلح للسباق أصلاً وهو على نحو ضعفي ما ذكروه في المسافة أ . هـ. كلام السمهودي
هذه مسالك العلماء في وقت إنشاد ذلك النشيد العظيم أضعها بين يدي القارئ مقروناً كل مسلك منها بما يحتاج أليه من البحث وأرجو أن يكون في ذلك ما يمكنه من ترجيح ما يرى ترجيحه حسب الأدلة و الله ولي التوفيق وهو حسبي و نعم الوكيل
_________________________________________________
هوامش
(1)_ نقل عنه الرواية الأولى الحافظ ابن كثير في الجزء الثاني من " السيرة المطولة "ص 269 وفي الجزء الثالث من " البداية و النهاية " ص 269 و ذكر رواية البيهقي الثانية في السيرة المطولة الجزء4 ص 41 _ 42 في الكلام على غزوة تبوك وفي البداية و النهاية ج 5 ص 23 .
(2)_ في فتح الباري " الحلبيات " و الصواب " الخلعيات " كما في شرح " المواهب اللدنية " ج 1 ص 360 نقلاً عن فتح الباري

منقول من موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء (http://www.alifta.com/sites/iftaa/Re2asa/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=533&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=1107&RightVal=1108&simple=true&SearchCriteria=AnyWord&siteSection=1&searchkeyword=216183217132216185032216167217132216 168216175216177#firstKeyWordFound)
إنتهى كلام العلامة إسماعيل الأنصاري رحمه الله

12d8c7a34f47c2e9d3==