المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس الرابع عشر من الدروس الرمضانية:في شرح حديث(اجتنبوا السبع ..) للشيخ عمر الحربي


كيف حالك ؟

قاعد العتيبي
10-07-2006, 06:07 AM
الدرس الرابع عشر: في شرح حديث (( اجتنبوا السبع الموبقات ))
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد : فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا : يارسول الله وما هنّ ؟ قال :( الشرك بالله , والسحر , وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم , والتولي يوم الزحف , وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) .
شرح الحديث :
هذه السبع من الكبائر المهلكة , فإن معنى الموبقات أي المهلكات , وليست الكبائر محصورة في هذه السبع , بل وردت نصوص في بيان كبائر أُخرى , كالحديث المتفق عليه ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر , ثلاثا قلنا : بلى يارسول الله , قال : ( الإشراك بالله , وعقوق الوالدين , وشهادة الزور , وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور ومازال يكررها حتى قلنا ليته سكت ) .
ابتدأ صلى الله عليه وسلم السبع الموبقات بذكر الشرك بالله لأنه أعظم الذنوب , وهو أن يجعل العبد ندا لله من مخلوقاته , أي مثيلا في صرف العبادة إليه , سواء صرف كل العبادات أو بعضها .
قال الله : عز وجل { إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار } [ المائدة / 73 ] ومن صور الشرك الأكبر :الركوع أو السجود لمخلوق حي أو ميت , أو الطواف بالقبور , أو النذر لها , أو الاستغاثة بميت أو بحي بعيد أو بحي قريب , فيما ليقدر عليه إلا الله , كنزول المطر , أو شفاء مريض , فإذا حصل من العبد شيء من هذه الصور ونحوها يكون بذلك مشركا شركا أكبر لا يغفره الله له إن مات ولم يتب .
المهلكة الثانية : السحر , وإنما ذكره الله بعد الشرك, لأنه داخل في الشرك فكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك , والتقرب إلى الشياطين بما تحب , فالسحر من تعليم الشياطين قال تعالى : { ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } [ البقرة / 103 ]
وقال تعالى :{ ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق} [ البقرة / 103 ]
قال ابن عباس: من نصيب, أخرجه ابن أبي حاتم عنه.
قال قتادة: وقد علم أهل الكتاب فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة, رواه ابن أبي جرير عنه.
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن الحسن قال : ليس له دين, يعني الساحر , وقد نص أصحاب الأمام أحمد أن من تعلم السحر أو علمه , فإنه يكفر بذلك .
المهلكة الثالثة : قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .
والمراد بالنفس في هذا الحديث نفس المسلم المعصوم والذمي والمعاهد من غير المسلمين, ولاريب أن قتل النفس بغير حق من الكبائر المهلكة, قال الله تعالى: { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق, ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا } [ الإسراء / 33] وقال عز وجل: { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [ النساء /93]
ومن الكبائر قتل المعاهد غير المسلم بغير جرم فقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة, وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما ) وهذا لفظ البخاري وروى البخاري أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما ) وروى ابن ماجه بسند حسن عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ) وفي المسند بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل أبى علي من قتل مؤمنا ) ثلاث مرات . وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض موجبات القتل فقال : ( لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وإني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني , والنفس بالنفس , والتارك لدينه المفارق للجماعة ) رواه البخاري ومسلم .
المهلكة الرابعة: (( أكل الربا ))
أكل الربا وتعاطيه من الكبائر , قال الله عز وحل: { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون , يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } [ البقرة / 335 – 336 ]
وفي صحيح البخاري من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال : النبي صلى الله عليه وسلم (( رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة, فانطلقا حتى أتيا على نهر من دم, فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فاقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر من الحجارة, فيه فرده حيث كان, فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان , فقلت ما هذا ؟ فقال الذي رأيته في النهر : آكل الربا )
وفيه أيضا من حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة, وآكل الربا وموكله الحديث
وفي صحيح مسلم من حديث جابر – رضي الله عنه – قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : آكل الربا , وموكله وكاتبه , وشاهديه , وقال : (( هم سواء )) .
المهلكة الخامسة: ( أكل مال اليتيم )
قال الله تعالى: { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } [ النساء / 10 ]
والآية صريحة في أن أكل أموال اليتامى أو إتلافها من الكبائر, بل قد أمر الله عز وجل بالإحسان إلى اليتامى قال تعالى : { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين } [ النساء / 36 ]
وفي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى , وفرج بينهما ) .
المهلكة السادسة : - التولي يوم الزحف
التولي يوم الزحف من الكبائر المهلكة, قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار, ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير } [الأنفال / 15- 16]
المهلكة السابعة: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات
قال الله عز وجل: { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم , يوم تشهدُ عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون , يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين } [ النور 23 – 25 ]
هذه عقوبة القاذف في الآخرة أما في الدنيا فقد قال عز وجل: { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة
ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا, وأولئك هم الفاسقون, إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم } [ النور / 4 -5 ]
و ( المحصنات ) في الآية أي الأنفس المحصنات فيعم الرجال والنساء ,
والمحصن عند الفقهاء هو : المسلم الحر العاقل العفيف عن الزنا .


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاثري83
10-07-2006, 03:42 PM
جزاك الله خيرا اخي قاعد العتيبي وبارك فيك .ونسال الله العصمة .

12d8c7a34f47c2e9d3==