المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من فتاوى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي فى الصوم والإعتكاف


كيف حالك ؟

عسلاوي مصطفى أبو الفداء
09-11-2006, 11:55 PM
س - إذا شرط في اعتكافه شيئا مما له منه بد, فهل تكفي نيته, أم لا بد من نطقه؟


ج - نيته كافية عن نطقه, كما هو الأصل في كل العبادات, إلا الاشتراط في الحج, فلا بد من نطقه فيه, والله أعلم.



س - إذا نذر الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة, فهل يكره الوفاء بنذره؟


ج - إن كان يحتاج إلى شد رحل, فلا يجوز, كما صح في الحديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فكل موضع: مسجد أو غيره, عينه لعبادة اعتكاف أو غيره, وهو يحتاج إلى شد رحل, فإنه لا يجوز, وإن كان بعض الأصحاب كالموفق وغيره أجاز ذلك, فالذي عليه المحققون: هو ما دل عليه الحديث من المنع.

وإن كان لا يحتاج إلى شد رحل, فإن كان الذي عينه تقام فيه الجمعة, وهو يتخلل اعتكافه جمعة, لم يعتكف في مسجد لا تقام فيه الجمعة, لأنه يأتي بأقل مما وجب عليه, وإن كان المسجدان سواء في إقامة الجمعة أو عدمها, فهو مخير, إن شاء وفى بما نذره, وإن شاء في الآخر, كما ذكر هذا الأصحاب - رحمهم الله تعالى -.


س - ما الحكمة في إباحة الصوم في أيام التشريق للمتمتع والقارن مع عدم الهدي؟

ج - يستفاد من إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لصيام أيام التشريق للمتمتع والقارن الذي لم يجد الهدي, دون قضاء رمضان, مع أنه أكمل وأعظم فائدتان:

إحداهما: أن الوقت إذا كان متسعا للواجب الأعلى, متعينا للواجب الأدنى, أنه من مرجحات المفضول على الفاضل.

وفائدة أخرى: أنه إذا تعارض واجب ومحرم, تعين تقديم الواجب, وبهذه الحال لا يصير حراما في حق المؤدي للواجب, كما يجب على المتمتع الحلق إذا فرغ من عمرته بعد دخول ذي الحجة, ويحرم على المضحي أخذ شيء من شعره, فهذا لا يدخل في المحرم. والله أعلم.


س - إذا صام ستة أيام من شوال في ذي القعدة, فهل يحصل له الأجر الخاص بها؟


ج - أما إن كان له عذر من مرض أو حيض أو نفاس أو نحو ذلك من الأعذار التي بسببها أخر صيام قضائه أو أخر صيام الست, فلا شك في إدراك الأجر الخاص, وقد نصوا على ذلك. وأما إذا لم يكن له عذر أصلا, بل أخر صيامها إلى ذي القعدة أو غيره, فظاهر النص يدل على أنه لا يدرك الفضل الخاص, وأنه سنة في وقت فات محله, كما إذا فاته صيام عشر ذي الحجة أو غيرها حتى فات وقتها, فقد زال ذلك المعنى الخاص, وبقي الصيام المطلق.


س - إذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طعمه فبلعه, فهل يضره؟ وإذا أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه, فهل يضره؟

ج - لا يضره في الصورتين, كما نص عليه الأصحاب في الأخيرة, وهو ظاهر كلامهم في الأولى, والأمر بالسواك للصائم وإباحته يشمل ذلك كله, فلا بأس به إن شاء الله.


س - قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر, هل هو وجيه؟

ج - نعم هو وجيه, وذلك أن الصيام مركب من حقيقتين: النية, وترك جميع المفطرات, فإذا نوى الإفطار, فقد اختلت الحقيقة الأولى, وهي أعظم مقومات العبادة, فالأعمال كلها لا تقوم إلا بها.

ومعنى قولهم: أفطر, معناه: أنه حكم له بعدم الصيام, لا بمنزلة الآكل والشارب, كما فسروا مرادهم.

ولذلك لو نوى الإفطار وهو في نفل, ثم بعد ذلك أراد أن ينوي الصيام قبل أن يحدث شيئا من المفطرات, جاز له ذلك, ولكن أجره وصيامه المثاب عليه من وقت نيته فقط, وإن كان الذي نوى الإفطار في فرض, فإن ذلك اليوم لا يجزئه ولو أعاد النية قبل أن يفعل مفطرا, لأن الفرض شرطه أن النية تشمل جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه, بخلاف النفل, وهاهنا فائدة يحسن التنبيه عليها, وهي أن قطع نية العبادة نوعان:

نوع لا يضره شيء, وذلك بعد كمال العبادة. فلو نوى قطع الصلاة بعد فراغها أو الصيام, أو الزكاة, أو الحج أو غيرها بعد الفراغ, لم يضر, لأنها وقعت وحلت محلها, ومثلها لو نوى قطع نية طهارة الحدث الأكبر أو الأصغر بعد فراغه من طهارته, لم تنتقض طهارته.

والنوع الثاني: قطع نية العبادة في حال تلبسه بها, كقطعه نية الصلاة وهو فيها, والصيام وهو فيه, أو الطهارة وهو فيها, فهذا لا تصح عبادته, ومتى عرف الفرق بين الأمرين, زال عنك الإشكال.


س - إذا رأت الحامل الدم في رمضان, وصامت, فما الحكم؟

ج - هذا مبني على أن الدم الذي يأتي المرأة الحامل, دم فساد, كما هو المشهور في المذهب, فعليه: لا تفطر, بل يجب عليها الصيام والصلاة, أو هو حيض كما هو في الرواية الثانية عن الإمام أحمد, وهي الصحيحة, فيكون حيضا, تترك له الصلاة والصيام, فإن صامت قضت, وهذا هو المختار, والله أعلم.


س - إذا صام يوم الاثنين أو الخميس, وله عادة بذلك, وقد وافق يوم الشك, ونوى إن كان من رمضان فهو فرض فهل يجزئه إن بان منه؟


ج - قد ذكر أصحابنا - رحمهم الله - أن صوم الشك يجزئ إذا ظهر من رمضان إذا كان غيم ونحوه, وأما من غير مانع فلا يجوزون هذا التعليق, سواء قال ذلك من يصوم النقل, أو من هو مفطر, بأن قال: إن كان غدا من رمضان, فأنا صائم, وإلا, فأنا مفطر في أوله, ويقولون: إنه لم يبن على أصل, بخلاف نيته في آخر الشهر, فإنه بان على أصل.

وعلى أصل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأحكام لا تلزم إلا ببلوغها للمكلف, فمثل هذا وما هو أشد منه, لا يلزمه أن يصوم هذا اليوم الذي ثبت بعد ذلك أنه من رمضان, وأنا أختار ما قاله الشيخ رحمه الله, لأنه ثبت في الصحيح العفو عن الناسي إذا فعل المفطرات, فالمخطئ شبيه بالناسي, بل جعل الشارع حكم الناسي والمخطئ واحدا في العفو والسماح, والله أعلم.


س - إذا صام أول يوم من رمضان, ثم جاءه من شككه في أنه لم يثبت, وإنما هو شك, فأفطر, فهل عليه كفارة؟


ج - نهاية ما عليه قضاء ذلك اليوم, وأما الكفارة, فلا كفارة عليه في هذا الإفطار, إلا أن يكون قد وطئ زوجته ذلك اليوم فإنه يكون عليه كفارة ظهار على المذهب, وعلى القول الصحيح: لا كفارة على الناسي والجاهل, خصوصا هذا المغرور والله أعلم.


س - إذا ترك التماس هلال شهر رمضان ليلة الثلاثين من شعبان لتهاون أو غيره, ثم قامت البينة في أثناء النهار, فهل يلزمه القضاء على اختيار شيخ الإسلام؟

ج - لا فرق عند الشيخ بين هذا وبين غيره, فالذي تسبب وحرص على التماس هلاله وغيره حكمهم واحد.


س - المذهب وجوب صوم الثلاثين من شعبان إذا كان غيم أو قتر, فهل هو صحيح عندكم؟


ج - المسألة فيها خلاف في المذهب وغيره, والصحيح من الأقوال, الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة, أنه لا يصام يوم الثلاثين من شعبان في الغيم, لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما وهذا صريح يرجع إليه الحديث الآخر: فإن غم عليكم فاقدروا له ومع ذلك فالصيام ليس بمحرم, بل هو جائز, ولكن الفطر أرجح وأقرب للأدلة الشرعية, وهو رواية عن الإمام, اختارها شيخ الإسلام.


س - هل يعمل بالبرقية وأصوات المدافع والبواريد في ثبوت الصوم والفطر؟



ج - لا ريب أن كل أمر مهم عمومي, يراد إعلانه وإشاعته والإخبار به على وجه السرعة والتعميم, يسلك فيه طريق يحصل به هذا المقصود, فتارة ينادى فيه على وجه التصريح, أو الإجمال القولي, وتارة يعبر عنه بأصوات عالية كالرمي ونحوه مما له نفوذ وسريان إلى المحال والأماكن البعيدة, وتارة بالبرقيات المتنوعة, ولم يزل الناس على هذا يعبرون ويخبرون عن مثل هذه الأمور بأسرع وسيلة يتعمم ويشيع فيها الخبر, على هذا المعنى مجتمعون, وبالعمل به في الأمور الدينية والدنيوية متفقون, وكلما تجدد لهم وسيلة أسرع وأنجح مما قبلها, أسرعوا إليها, وقد أقرهم الشارع على هذا الجنس والنوع, ووردت أدلة وأصول في الشريعة تدل عليه, فكل ما دل على الحق والصدق والخبر الصحيح مما فيه نفع للناس في أمور دينهم ودنياهم, فإن الشارع يقره ويقبله, ويأمر به أحيانا, ويجيزه أحيانا, بحسب ما يؤدي إليه من المصلحة, فالشارع لا يرد خبرا صحيحا بأي طريق وصل, ولا ينفي حقا وصدقا بأي وسيلة ودلالة اتصل, وخصوصا إذا استفاض ذلك واحتفت به القرائن المتنوعة, فاستمسك بهذا الأصل الكبير, فإنه نافع في مسائل كثيرة, ويمكنك إذا فهمته أن تطبق عليه كثيرا من الأفراد والجزئيات الواقعة, والتي لا تزال تقع, ولا يقصر فهمك عنه فيفوتك خير كثير, وربما ظننت كثيرا من الأشياء بدعا محرمة إذا كانت حادثة ولم تجد لها تصريحا في كلام الشارع فتخالف بذلك الشرع والعقل وما فطر عليه الناس.


س - هل يعتمد في الأخبار الدينية, كثبوت صوم وفطر, على الإذاعة السعودية, وهل حكمه كالبرقية في الاعتماد عليه؟


ج - المسألة عندي فيها إشكال, لأني إذا نظرت إلى مجرد خبر المذيع, وأنه يخبر عن ثبوت ذلك الخبر الديني, فالمذيع في الغالب مجهولة حالته من عدالة وغيرها وتثبت أو تسرع, وهذا مما يوقف عن الجزم بالاعتماد عليه, وإن نظرت إلى أن المذيع من محطة جدة أو مكة عليه مراقبة شديدة, ولا يجسر على مثل هذا الخبر إلا بعد ثبوته عند الحكومة ثبوتا رسميا, قربت خبره من خبر البرقية, فعلى هذا, أما القرينة والاحتياط إذا أمكن فهو اللازم والجزم بأحد الأمرين أتوقف فيه, وربما فيما يستقبل تعمل الحكومة عملا للمحال التي لا برقية فيها يتمكنون بها من الجزم بخبره.



من فتاوى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي

12d8c7a34f47c2e9d3==