المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم مظاهرة الكفار وإعانتهم على المسلمين لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن ناصر آل عبيكان


كيف حالك ؟

salafi
09-08-2006, 09:48 PM
حكم مظاهرة الكفار وإعانتهم على المسلمين




حكـم مظـاهـرة المـشركـين

فضيلة الشيخ عبد المحسن بن ناصر آل عبيكان



بسم الله الرحمن الرحيم



إن الحمد الله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً رسول عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .



أما بعد فقد كثر السؤال عن معنى وحكم مظاهرة المشركين ومدى انطباق ذلك على الوضع اليوم؟



فأقول وبالله التوفيق تنقسم موالاة الكفار ومظاهرتهم إلى ثلاثة أقسام :



الأول : أن تكون تولياً تاماً مطلقاً عاماً فهذا كفر مخرج عن ملة الإسلام وهو مراد من أطلق الكفر .



الدليل : قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } ( 51 ) سورة المائدة .



وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا ً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل } ( 1 ) سورة الممتحنة .



قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآيات ما نصه: (( نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ، ثم توعد على ذلك ؛ فقال تعالى : { ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء } أي ومن يرتكب نهى الله في هذا ، فقد بريء من الله ، كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ـ إلى أن قال ـ ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل } ؛ وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً } ؛ وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم } الآية .

وقال تعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} ( 73 ) سورة الانفعال )). أ هـ



وقال الإمام ابن جرير الطبري : من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راضي وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمهم . أ هـ



وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ : قد فسرته السنة وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة . أ هـ .



وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي : إن كان تولياً تاماً كان ذلك كفراً وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ وما هو دونه . أ هـ



الثاني : أن تكون لأجل تحصيل مصلحة خاصة للمتولي والمظاهر وليس هناك ما يلجئ إليها من خوف ونحوه فهذا حرام وليس بكفر .



الدليل : قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه الذي رواها البخاري ومسلم وغيرهما وهي أنه كتب كتابا ً لقريش يخبرهم فيه باستعداد النبي صلى الله عليه وسلم للزحف على مكة إذ كان يتجهز لفتحها وكان يكتم ذلك ليبغت قريشا ً على غير استعداد منها فتضطر إلى قبول الصلح وما كان يريد حرباً ، وأرسل حاطب كتابه مع جاريه وضعته في عقص شعرها فأعلم الله نبيه بذلك فأرسل في أثرها علياً والزبير والمقداد وقال : (( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها )) فلما أتي به قال : (( يا حاطب ما هذا )) ؟ فقال : يا رسول الله لا تعجل على ! إن كنت حليفاً لقريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا ً يحمون بها قرابتي ولم أفعله ارتدادا ً عن ديني ولا رضي بالكفر بعد الإسلام ، فقال عليه الصلاة والسلام: (( أما إنه قد صدقكم )) واستأذن عمر النبي صلى الله عليه وسلم في قتله فلم يأذن له ، قالوا وفي ذلك نزل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم } ( 1 ) سورة الممتحنة .. الخ .



قال الحافظ ابن حجر : [ قوله في قصة حاطب بن أبي بلتعة (( فقال عمر : دعني يا رسول الله فأضرب عنقه )) إنمـا قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من بنسب إلى النفاق وظن أن من يخلف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق القتل لكنه لم يجزم بذلك فلذلك استأذن في قتله وأطلق عليه منافقاً لكونه أبطن خلاف ما أظهر وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه وعند الطبري من طريق الحارث عن علي في هذه القصة (( فقال: أليس قد شهد بدراً قال بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك )) أ هـ .



وقال ابن حزم : [ وأما من حملته الحمية من أهل الثغر من المسلمين فاستعان بالمشركين الحربيين وأطلق أيديهم على قتل من خالفه من المسلمين أو على أخذ أموالهم أو سبيهم فإن كانت يده هي الغالبة وكان الكفار له كأتباع فهو هالك في غاية الفسوق ولا يكون بذلك كافراً لأنه لم يأت شيئا ً أوجب به عليه كفراً قرآن أو إجماع ] أ هـ .



وقال الشيخ محمد رشيد رضا : [ وإذا كان الشارع لم يحكم بكفر حاطب في موالاة المشركين التي هي موضع النهي ] أ هـ .



ولذا لم يذكر الفقهاء الموالاة والمظاهر من ضمن المكفرات في باب حكم المرتد يتضح ذلك لمن أطلع على كتاب الإقناع وشرحه والمغني وغيرهما .



ويلاحظ أن الله عز وجل نادى حاطبا ً بلفظ الإيمان في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا } الآيـة، فـدل علـى أنه لم يكفر بذلك العمل مع أنه قال: { تلقون إليهم بالمودة } و قال: { تسرون إليهم بالمودة } .



الثالث : أن تكون بسبب خوف من الكفار ونحوه فالحكم في ذلك الجواز .



الدليل : قوله تعالى : { إلا أن تتقوا منهم تقاة } قال ابن كثير : أي إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم ، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته ، كما قال البخاري عن أبي الدرداء : إنه قال (( إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم )) أ هـ .



وقال الشيخ محمد رشيد رضا : [ يزعم الذين يقولون في الدين بغير علم ، ويفسرون القرآن بالهوى في الرأي ، أن آية آل عمران وما في معناها من النهي العام والخاص كقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء } ( 51 ) سورة المائدة ، يدل على أنه لا يجوز للمسلمين أن يحالفوا أو يتفقوا مع غيرهم ، وإن كان الخلاف أو الاتفاق لمصلحتهـم ، وفاتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محالفاً لخزاعة وهم على شركهم ، بل يزعم بعض المتحمسين في الدين على جهل أنه لا يجوز للمسلم أن يحسن معاملة غير المسلم أو معاشرته أو يثق به في أمر من الأمور ]

وقال أيضاً : [ وعلى هذا يجوز لحكام المسلمين أن يحالفوا الـدول غير المسلمة لأجل فائدة المؤمنين بدفع الضرر أو جلب المنفعة ] أ هـ .



ومتى وجدت الموالاة والمظاهرة للكفار فإن الذي سيطبق نوع هذه الموالاة والمظاهرة من الأقسام الثلاثة على من فعلها عليه أن يتقى الله في عدم التسرع وعليه أن يعرف حقيقة الأمر وباطنه فالورع عن أكل المحرمات وفعل المنكرات ليس بأولى من الورع في إخراج مسلم عن ملة الإسلام والفتوى في مثل هذه القضايا العامة التي تتعلق بتعامل الدول مع بعضها والحكام مع بعضهم ليست من حق كل أحد من طلبة العلم بل من اختصاص كبار العلماء الذين يتصلون بولاة الأمر ويعرفون حقيقة الأوضاع فغالبا ً ما تكون الأمور المعلنة مخالفة للواقع الخفي فالمفتي مثل الطبيب الذي يشخص الداء أولا ً ثم يصف الدواء وبعض المفتين مثل الصيادلة عندهم علم بالنصوص ولكنهم لا يستطيعون تطبيق تلك النصوص على الواقع ، كما أن الفتاوى الفردية في الأمور العامة تدعو إلى تشعب الفتاوى واختلافها ثم إلى اختلاف الأمة وانقسامها وشق عصا الطاعة في وقت تكون الأمة بحاجة ماسة إلى الاجتماع ووحدة الكلمة ، ومن سبر حال النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين وتعامله معهم اتضح له معنى تلك النصوص ومراعاتها للمصالح واعتبارها لدرء المفاسد وذلك عندما يصالح النبي صلى الله عليه وسلم مشركي قريش في الحديبية مدة عشر سنين وهو بذلك يمكنهم من البقاء في مكة على شركهم وتدنيس البيت بالشرك ونصب الأوثان ويتضمن الصلح أيضاً ما جاء في صحيح البخاري ونصه (( فلما أبى سهيل أن يقاضي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ذلك كاتبه رسول الله فرد رسول الله أبا جندل ابن سهيل يومئذ إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأت رسول الله أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما ً )) .



ولو أن حاكما ً بعد النبي صلى الله عليه وسلم فعل مثل ذلك وقام برد المسلمين وتسليمهم إلى الكفار لحكم عليه بعض المنتسبين إلى العلم بالكفر والردة .



فنصيحتي للمسلمين عامة وطلبة العلم خاصة أن يكفوا عن أسباب الشقاق بين المسلمين لأن هذا مما يخدم الأعداء المتربصين وعليهم أن يسعوا جاهدين لتوحيد الكلمة ووحدة الصف قال تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعا ً ولا تفرقوا } وقال صلى الله عليه وسلم : (( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد منكم يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه كائنا ً من كان )) .



وفقهاء الأمة والعلماء الربانيون يراعون في إصدار الفتاوى القواعد الشرعية مثل قاعدة جلب المصالح وتكثيرها ودفع المفاسد وتقليلها وقاعدة ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما ، نسأل الله الكريم أن يجمع شمل المسلمين وأن يوحد صفوفهم على الحق وينصرهم على أعدائهم ويعز دينه ويعلي كلمته إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .



قاله الفقير إلى عفو ربه

عبد المحسن بن ناصر آل عبيكان .

سئل معالي الشيخ / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ :

سؤال: لا شك ولله الحمد أن هذه البلاد تأثرت بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – ورزقة من ذريته من يسير على طريقته، والملاحظ أن الناس إذا كلمتهم عن أمور العقيدة قالوا : عقيدتنا سليمة ولكن إذا نظرنا إلى الواقع تحيرنا الولاء والبراء هل هو من أمور التوحيد ، كيف يكون التوحيد سليما ونحن نجد أن معظم المؤسسات والناس يقربون الكفار والبوذيين والنصارى وبعدون أهل الإسلام؟



جواب: الولاء والبراء هو معنى كلمة التوحيد، حقيقة كلمة التوحيد هو الولاء والبراء.

سأل رجل من طلاب العلم الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمه الله - سأله فقال: هل الولاء والبراء من لوازم كلمة التوحيد، أم هو أمر خارج عنها أي واجب مستقل؟

فقال: واأسفاً على العلم الذي عندك، أنك لم تعرف مكانة الولاء والبراء في دين الله، الولاء والبراء هو لا إله الإ الله محمد رسول الله، كلمة التوحيد ولاء وبراء ، قال - جل وعلا - في سورة الزخرف : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ {26} إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ {27} وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {28} ، والكلمة التي بقيت في عقب إبراهيم هي كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" وتفسيرها قوله : { إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ {26} إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } براءة من المعبودات ومن الشرك والكفر وموالاة وولاء لله ولدينه وتوحيده.



الولاء والبراء معناه الحب والبغض، الواجب منه الذي من فقده فقد الإسلام؛ أن يبرأ من الشرك بمعنى أن يبغض الشرك، وأن يوالي التوحيد بمعنى أن يحب التوحيد، أن يبرأ مما يعبده المشركون بمعنى يبغض المعبودات كما قال هنا: { إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ } يعني مبغض للذي تعبدون، إلا الذي فطرني فإنني غير متبرأ منه، ولكن محب، إذاً محبة لله وبغض للألهة – طبعاً إذا عبدت وهي راضية وكانت من الأصنام والطواغيت ونحو ذلك – محبة للإسلام وبغض للشرك، وهذا القدر الواجب؛ من لم يحب الإسلام فإنه ليس على التوحيد، من أحب الإسلام وأحب الشرك فإن قد خرم ولاءه وبراءه.



بعد ذلك هناك أمور تكون واجبة لكن تركها معصية، ليس تركها قادح للتوحيد؛ وهو محبة أهل الإسلام، وبغض أهل الشرك يعني أعيان المشركين، إذا لم يبغض أهل الشرك بأعيانهم فهذا فيه تفصيل؛ وهذا قد يطول الكلام عنه لأن الولاء والبراء يحتاج إلى تفصيل طويل، المقصود من السؤال؛ أن تضبط الولاء والبراء الذي تركه كفر، الولاء الواجب الذي هو من الإسلام والتوحيد بل هو الإسلام والتوحيد، هو المحبة؛ محبة الإسلام ومحبة الله، والبراء الذي هو قرينه؛ بغض الشرك وبغض معبودات المشركين، هذا قدرٌ من لم يأت به فليس بمسلمٍ لأنه ناقض أصل الولاء والبراء ، وما بعد ذلك مما ذكره السائل هذا فيه تفصيل؛ فالذي يأتي بالمشركين يأتي بالكفار هذا صاحب معصية، محرم لأن الواجب عليه أن يوالي في الله وأن يعادي في الله، وهؤلاء إذا كان المستقدم لهم لا يحب الشرك ومعبودات المشركين وإنما أتى بهم لنفع أو نحو ذلك فهذه معصية من المعاصي، إذا تبع ذلك موادة لهم ونحو ذلك وكان ذلك لغير مصلحة شرعية كان ذلك معصية والمسألة فيها تفصيل.

المراد بالموالاة في كتب أئمة الدعوة

للإمام عبد الله بن عبد العزيز العنقري

قال -رحمه الله- في رسالة كتبها لبعض المعارضين للملك عبد العزيز :

وقد بلغنا أن الذي أشكل عليكم أن مجرد مخالطة الكفار ومعاملتهم بمصالحة ونحوها وقدومهم على ولي الأمر؛ لأجل ذلك أنها هي موالاة المشركين المنهي عنها في الآيات والأحاديث، وربما فهمتم ذلك من الدلائل التي صنف الشيخ سليمان بن عبدالله بن الشيخ، ومن سبيل النجاة للشيخ حمد بن عتيق .

أولاً : نبين لكم سبب تصنيف الدلائل فإن الشيخ سليمان صنفها لما هجمت العساكر التركية على نجد في وقته وأرادوا اجتثاث الدين من أصله، وساعدهم جماعة من أهل نجد من البادية والحاضرة وأحبوا ظهورهم، وكذلك سبب تصنيف الشيخ حمد بن عتيق سبيل النجاة هو لما هجمت العساكر التركية على بلاد المسلمين وساعدهم من ساعدهم حتى استولوا على كثير من بلاد نجد، فمعرفة سبب التصنيف مما يعين على فهم كلام العلماء، فإنه بحمد الله ظاهر المعنى فإن المراد به موافقة الكفار على كفرهم، وإظهار مودتهم ومعاونتهم على المسلمين، وتحسين أفعالهم وإظهار الطاعة والانقياد لهم على كفرهم، والإمام وفقه الله لم يقع في شيء مما ذكر فإنه إمام المسلمين، والناظر في مصالحهم، ولابد له من التحفظ على رعاياه وولايته من الدول الأجانب، والمشائخ – رحمهم الله – كالشيخ سليمان بن عبدالله والشيخ عبداللطيف والشيخ حمد بن عتيق إذا ذكروا موالاة المشركين فسروها بالموافقة والنصرة والمعونة والرضى بأفعالهم، فأنتم وفقكم الله راجعوا كلامهم تجدوا ذلك كما ذكرنا، قال الشيخ حمد بن عتيق فيما نقله عن الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ – رحمهم الله – وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله " على ظاهره وهو أن الذي يدعي الإسلام ويكون مع المشركين في الاجتماع والنصرة والمنزل بحيث يعده المشركون منهم فهو كافر مثلهم وإن ادعى الإسلام إلا أن يكون يظهر دينه ولا يتولى المشركين انتهى، فانظر وفقك الله إلى قوله في هذه العبارة، وكون المشركين يعدونه منهم يتبين لك أن هذا هو الذي أوجب كفره، وأما مجرد الاجتماع معهم في المنزل فإن ذلك بدون إظهار الدين معصية – ثم قال – وأما أخذكم العلم من مجرد أفهامكم أو من الكتب فهذا غير نافع، ولأن العلم لا يتلقى إلا من مظانه وأهله قال تعالى:

{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وقال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم} وقال تعالى: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}

وقال شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية – رحمه الله – في المنهاج بعد كلام سبق :

ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بالولاة، وأنه لو تولى من هو دون هؤلاء من الملوك الظلمة يعني يزيد والحجاج ونحوهما؛ لكان ذلك خيراً من عدمهم كما يقال: ستون سنة مع إمام جائر خير من ليلة واحدة بلا إمام، ويروى عن علي – رضي الله عنه – أنه قال : لابد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة، قيل له: هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة ؟ قال: يأمن بها السبيل وتقام بها الحدود، ويجاهد بها العدو ، ويقسم بها الفيء . ذكره علي بن مهدي في كتاب الطاعة والمعصية، وقال فيه أيضاً : وأهل السنة يقولون أنه أي الإمام يعاون على البر والتقوى دون الإثم والعدوان، ويطاع في طاعة الله دون معصيته، ولا يخرج عليه بالسيف ، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إنما تدل على هذا ا.هـ

المرجع : الدرر السنية ( ط2 (7/ 309) ، ط5 (9/157))

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
09-09-2006, 12:42 PM
جزاك الله خيرا و بارك فيك يا سلفي و نفع بهذا النقل الإسلام و المسلمين و أن يهتدون به لأن هذا هو المنهج الحق و التفصيل الصحيح في هذا الباب و لو كره البغاة و الخوارج و أسأل الله أن يكف فتن هؤلاء الضالين المجرمين في كل مكان..و أسأل الله تعالى أن يحفظ علمائنا و أن يبارك فيهم و أن ينفع بهم الإسلام و المسلمين..و أن يزيد لنا هدى و بصيرة و لجميع المسلمين..

12d8c7a34f47c2e9d3==