المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطلاق السني والطلاق البدعي /العلامة الإمام الفقيه صالح الفوزان حفظه الله


كيف حالك ؟

قاسم علي
09-01-2006, 06:34 PM
الله الرحمن الرحيم
الطلاق السني والطلاق البدعي
الطلاق السني هو الطلاق الذي وقع على الوجه المشروع الذي شرعه الله ورسوله ، وذلك بأن يطلقا طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ويتركها حتى تنقضي عدتها ; فهذا طلاق سني من جهة العدد ; بحيث إنه طلقها واحدة ثم تركها حتى انقضت عدتها ، وسني من جهة الوقت ; حيث إنه طلقها في طهر لم يصبها فيه ; لقوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ قال ابن مسعود رضي الله عنه في معنى الآية الكريمة : " يعني : طاهرات من غير جماع " ، وقال علي رضي الله عنه : لو أن الناس أخذوا بما أمر الله به من الطلاق ; ما أتبع رجل نفسه امرأة أبدا ; يطلقها تطليقة ، ثم يدعها ما بينها وبين أن تحيض ثلاثا ، فإن شاء ; راجعها يعني : ما دامت في العدة ، وذلك أن الله أعطى المطلق فرصة يتمكن فيها من مراجعة زوجته إذا ندم على طلاقها ، وهو لم يستغرق ما له من عدد الطلاق ، وهي لا تزال في العدة ، فإذا استنفد ما له من عدد الطلاق ; فقد أغلق عن نفسه باب الرجعة .
والطلاق البدعي هو الذي يوقعه صاحبه على الوجه المحرم ، وذلك بأن يطلقها ثلاثا بلفظ واحد ، أو يطلقها وهي حائض أو نفساء ، أو يطلقها في طهر وطئها فيه ولم يتبين حملها ، والنوع الأول يسمى بدعيا في العدد ، والنوع الثاني بدعي في الوقت .
- والبدعي في العدد يحرمها عليه حتى تنكح زوجا غيره ، لقوله تعالى : فَإِنْ طَلَّقَهَا يعني : الثالثة ; فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ
- والبدعي في الوقت يستحب له أن يراجعها منه ; لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : أنه طلق امرأته وهي حائض ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها رواه الجماعة ، وإذا راجعها ; وجب عليه إمساكها حتى تطهر ، ثم إن شاء طلقها .
ويحرم على الزوج أن يطلق طلاقا بدعيا ، سواء في العدد أو الوقت ; لقوله تعالى : الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ولقوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ أي : طاهرات من غير جماع ، ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا طلق امرأته ثلاثا ; قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ ! وكان عمر إذا أتي برجل طلق ثلاثا ، أوجعه ضربا ولما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض ; تغيظ ، وأمره بمراجعتها .
كل ذلك مما يدل على وجوب التقيد بأحكام الطلاق عددا ووقتا ، وتجنب الطلاق المحرم في العدد أو الوقت ، ولكن كثيرا من الرجال لا يفقهون ذلك ، أو لا يهتمون به ، فيقعون في الحرج والندامة ، ويلتمسون بعد ذلك المخارج مما وقعوا فيه ، ويحرجون المفتين ، وكل ذلك من جراء التلاعب بكتاب الله .
وبعض الرجال يجعل الطلاق سلاحا يهدد به زوجته إذا أراد إلزامها بشيء أو منعها من شيء ، وبعضهم يجعله محل اليمين في تعامله ومحادثته مع الناس ; فليتق الله هؤلاء ، ويبعدوا عن ألسنتهم التفوه بالطلاق ; إلا عند الحاجة إليه ، وفي وقته وعدده المحددين .
وألفاظ الطلاق تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : ألفاظ صريحة : وهي الألفاظ الموضوعة له ، التي لا تحتمل غيره ، وهي لفظ الطلاق وما تصرف منه ; من فعل ماض ; ك ( طلقتك ) ، واسم فاعل ; ك ( أنت طالق ) ، واسم المفعول ، كأن يقول : ( أنت مطلقة ) ; دون المضارع والأمر ; مثل : ( تطلقين ) و ( اطلقي ) ، واسم الفاعل من الرباعي ; ك ( أنت مطلقة ) ; فلا يقع بهذه الألفاظ الثلاثة طلاق ; لأنها لا تدل على الإيقاع .
القسم الثاني : ألفاظ كنائية : وهي الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره ، كأن يقول لها : أنت خلية وبرية وبائن ، وأنت حرة ، أو : اخرجي والحقي بأهلك . . . وما أشبه ذلك
والفرق بين الألفاظ الصريحة وألفاظ الكناية في الطلاق أن الصريحة يقع بها الطلاق ، ولو لم ينوه ، سواء كان جادا أو هازلا أو مازحا ; لقوله صلى الله عليه وسلم : ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : النكاح ، والطلاق ، والرجعة رواه الخمسة إلا النسائي . وأما الكناية ; فلا يقع بها طلاق ; إلا إذا نواه نية مقارنة للفظه ; لأن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق وغيره من المعاني ; فلا تتعين للطلاق إلا بنيته ، فإذا لم ينو بها الطلاق ; لم يقع ; إلا في ثلاث حالات :
الأولى : إذا تلفظ بالكناية في حال خصومة بينه وبين زوجته .
الثانية : إذا تلفظ بها في حال غضب .
الثالثة : إذا تلفظ بها في جواب سؤالها له الطلاق .
ففي هذه الأحوال يقع بالكناية طلاق ، ولو قال : لم أنوه ; لأن القرينة تدل على أنه نواه ; فلا يصدق بقوله : لم أنوه . والله أعلم .
ويجوز للزوج أن يوكل من يطلق عنه سواء كان الوكيل أجنبيا أو كانت الزوجة ; فيجوز أن يوكلها فيه ، ويجعل أمرها بيدها ، فيقوم الوكيل مقامه في الصريح والكناية ولعدد ، ما لم يحدد له حدا فيه .
ولا يقع الطلاق منه ولا من وكيله إلا بالتلفظ به فلو نواه بقلبه ; لم يقع ، حتى يتلفظ ويحرك لسانه به ; لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم فلا يقع الطلاق إلا بالتلفظ به ; إلا في حالتين :
الحالة الأولى : إذا كتب صريح الطلاق كتابة تقرأ ، ونواه ; وقع ، وإن لم ينوه ; فعلى قولين ، والذي عليه الأكثر أنه يقع .
الحالة الثانية : التي يقع فيها الطلاق بدون تلفظ إشارة الأخرس بالطلاق إذا كانت مفهومة .
وأما عدد الطلاق فيعتبر بالرجال حرية ورقًّا لا بالنساء ; لأن الله خاطب به الرجال خاصة ، كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وقال تعالى : وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الطلاق لمن أخذ بالساق فيملك الحر ثلاث تطليقات ، وإن كان تحته أمة ، ويملك العبد تطليقتين ، وإن كان تحته حرة ; ففي حال حرية الزوجين يملك الزوج ثلاثا بلا خلاف ، وفي حال رق الزوجين يملك الزوج طلقتين بلا خلاف ، وإنما الخلاف فيما إذا كان أحد الزوجين حرا والآخر رقيقا ، والصحيح أن الاعتبار بحالة الزوج حرية ورقا كما سبق ; لأن الطلاق حق للزوج ; فاعتبر به .
ويجوز الاستثناء في الطلاق ويراد به إخراج بعض الجملة بلفظ ( إلا ) أو ما يقوم مقامها ، والاستثناء هنا إما أن يكون من عدد الطلقات ; كأن يقول : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة ، وإما أن يكون من عدد المطلقات ; كأن يقول : نسائي طوالق إلا فاطمة مثلا ، وعلى كل يشترط لصحته في الحالتين أن يكون المستثنى مقدار نصف المستثنى منه فأقل ، فإن كان المستثنى أكثر من نصف المستثنى منه ; كما لو قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين ; لم يصح ، ويشترط أيضا التلفظ بالاستثناء إذا كان موضوعه الطلقات ، فلو قال : أنت طالق ثلاثا ، ونوى : إلا واحدة ; وقعت الثلاث ; لأن العدد نص فيما يتناوله ; فلا يرتفع بالنية ; لأنه أقوى منها ، ويجوز الاستثناء بالنية من النساء ، فلو قال : نسائي طوالق ، ونوى : إلا فلانة ; صح الاستثناء ; فلا تطلق من نوى استثناءها ، لأن لفظة ( نسائي ) تصلح للكل وللبعض ; فله ما نوى .
ويجوز تعليق الطلاق بالشروط ومعناه : ترتيبه على شيء حاصل أو غير حاصل ب ( إن ) أو إحدى أخواتها ; كأن يقول : إن دخلت الدار ; فأنت طالق ; فقد رتب وقوع الطلاق على حصول الشرط ، وهو دخول الدار ، وهذا هو التعليق .
ولا يصح التعليق إلا من زوج ; فلو قال : إن تزوجت فلانة ; فهي طالق ، ثم تزوجها ; لم يقع ; لأنه حين التعليق ليس زوجا لها ; لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا عتق فيما لا يملك ، ولا طلاق فيما لا يملك رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، والله تعالى يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ فدلت الآية والحديث على أنه لا يقع الطلاق على الأجنبية وهذا بالإجماع إذا كان منجزا ، وعلى قول الجمهور إذا كان معلقا على تزوجها ونحوه .
فإذا علق الطلاق على شرط ; لم تطلق قبل وجوده ، وإذا حصل شك في الطلاق ، ويراد به الشك في وجود لفظه أو الشك في عدده أو الشك في حصول شرطه :
- فأما إن شك في وجود الطلاق منه فإن زوجته لا تطلق بمجرد ذلك ; لأن النكاح متيقن ; فلا يزول بالشك .
- وإن شك في حصول الشرط الذي علق عليه الطلاق كأن يقول : إذا دخلت الدار ، فأنت طالق . ثم يشك في أنها دخلتها ; فإنها لا تطلق بمجرد الشك لما سبق .
- وإن تيقن وجود الطلاق منه ، وشك في عدده لم يلزمه إلا واحدة ; لأنها متيقنة ، وما زاد عليها مشكوك فيه ، واليقين لا يزول بالشك ، وهذه قاعدة عامة نافعة في كل الأحكام ، وهي مأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ومن قوله لمن كان على طهارة متيقنة وأشكل عليه حصول الناقض : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وغيرهما من الأحاديث .
وهذا مما يدل على سماحة هذه الشريعة وكمالها ; فالحمد لله رب العالمين .
منقول من كتاب الملخص الفقهي الجزء الثاني العلامة الإمام صالح بن فوزان بن عبدالله آل فوزان
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

أبو سفيان
09-08-2006, 09:30 AM
بارك الله فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==