المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فائدة : ترجيح مذهب السلف للعلامة السفاريني رحمه الله وشرح العلامة العثيمين رحمه الله


كيف حالك ؟

قاعد العتيبي
09-01-2006, 01:56 AM
قال العلامة محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني النابلسي الحنبلي رحمه الله(، 1114-1188هـ)
في منظومته المشهورة في ترجيح مذهب السلف

19 –اعلم هديت أنه جاء الـخبـر = عن النبي المقتـفى خـيـر البـشر .
20 – بأن ذي الأمـة سـوف تفترق = بضعاً وسبـعـيـن اعتقاداً والمحق .
21 – ما كان في نهج النبي المصطـفى = وصـحبـه مـن غيـر زيغ وجفا .
22 – وليس هذا النص جزماً يعتبـر = في فـرقـة إلا على أهـل الأثـر .


وقد شرح هذه الابيات العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله( 1347هـ - 1421هـ ) في شرحه المشهور لها فقال :


فصل
في ترجيح مذهب السلف

19 –اعلم هديت أنه جاء الـخبـر = عن النبي المقتـفى خـيـر البـشر ،
بَيَّنَ المؤلف رحمه الله أن كتابه هذا يشتمل على ستة أبواب ومقدمة وخاتمة ،
فالمقدمة ذكر فيها ما يدل على الثناء على أهل السنة والجماعة المتبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( اعلم ) : يعني علم يقين ،
قوله : ( هديت ) : جملة معترضة دعائية يعني : ( وفقت للخير وعلمت الخير ) ،
قوله : ( أنه جاء الخبر ) : يعني الحديث ،
والخبر في اللغة : شمل : ( قول ) ، يحتمل الكذب والصدق لذاته ،
يعني بقطع النظر عن قائله ،
لأن في القول ما لا يحتمل الكذب باعتبار قائله ،
وفي القول ما لا يحتمل الصدق باعتبار قائله ،
ونحن نتكلم باعتبار القول ،
وقول الله ورسوله يحتمل باعتبار المخبر به ،
قول مدعي النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتمل الصدق لكن باعتبار المخبر به ،
لو قال : إني رسول الله ، هذه الكلمة خبر ،
لأنه يحتمل الصدق والكذب لذاته ،
لكن لو قاله محمد رسول الله كان صدقاً ، ولو قاله مسيلمة الكذاب كان كذباً ،
أما الخبر في الاصطلاح : ما أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من قول أو فعل أو تقرير ،
قوله : ( عن النبي ) : سبق الكلام عن أصل النبي في مقدمة الكتاب ،
وسبق أن اللفظ صالح للوجهين :
1 – أي صالح لأن يكون أصله النبيؤ ، ولكن سُهِّلَ ،
2 – ولأن يكون أصله من النبوة وهو الارتفاع ، لأن النبي رفيع المقام وهو مخبِر ومخبَر ،
قوله : ( المقتفى ) : يعني الذي يجب اقتفاؤه ،
ومعنى الاقتفاء : أن نكون خلفه نقفوا أثره
فالنبي صلى الله عليه وسلم مقتفى ،
أي واجب الاقتفاء يعني يجب على أمته أن تقتفي به أي أن تقفوا أثره وتتبعه ،
قوله : ( خير البشر ) : ( البشر ) : هم بنو آدم ،
وسُمُّوا بشراً لأن أبشارهم ظاهرة بادية ، والمخلوقات الأخرى أبشارها مستورة ،
وهذا من رحمة الله عز وجل ،
لأن الحيوانات الأخرى لا بد أن يسترها شيء يقيها من الحر والبرد ،
أما بنو آدم فجعل الله تعالى الستر لهم هم الذي يسترون أنفسهم بالثياب التي رزقهم الله تعالى وهذه حكمة عظيمة من أجل أن يعرف الإنسان أنه بحاجة إلى ستر عورته المعنوية كما أنه بحاجة إلى ستر عورته الحسية فيحاول ستر عورته المعنوية كما يستر عورته الحسية ،
إذن النبي عليه الصلاة والسلام خير البشر حتى الأنبياء والرسل فإنه صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل ،
وهذه الخيرية تشمل كل الخيرات ،
خير البشر في النسب ، وخير البشر في الخُلق وخير البشر في الهداية ، وخير البشر في العبادة ،
فهي خيرية مطلقة ،
ومع هذا فإنه ليس له حق في خصائص الربوبية ،
فليس يعلم الغيب وليس يملك الضرر والنفع ولا يملك لغيره كذلك ،
والناس بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب بين طرفين ووسط :
1. بين طرف غالٍ في مفرط في المدح والثناء حتى جعلوه بمنزلة الرب ،
2. وبين طرف آخر ينتقصوا النبي صلى الله عليه وسلم ويجعلوه لا فرق بينه وبين البشر في الأمور التي يختص بها ،
3. وقسم ثالث عرف للنبي صلى الله عليه وسلم حقه ، فأنزله منزلته وقال : هو عبد الله ورسوله وليس له حق فيما يختص بالرب عز وجل وهو أعلى من البشر فيما خصه الله به ، وهذا هو مذهب أهل الحق ،
******************

20– بأن ذي الأمـة سـوف تفترق = بضعاً وسبـعـيـن اعتقاداً والمحق ،
قوله : ( ذي ) : اسم إشارة يعني : بأن هذه الأمة سوف تفترق ،
قوله : ( الأمة ) : المراد بالأمة : هنا أمة الإجابة ،
لأن أمة الدعوة : تشمل اليهود والنصارى والمشركين ،
لكن المراد بذلك : أمة الإجابة الذين ينسبون إلى رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ،
والأمة في اللغة : تأتي لعدة معان :
تأتي بمعنى الزمن وبمعنى الجماعة وبمعنى الإمامة وبمعنى الطريقة ،
هذه أربعة معان :
1. تأتي بمعنى الزمن : مثل قوله تعالى : { وادَّكَرَ بعد أمة } أي بعد زمن ،
2. وتأتي بمعنى الملة : مثل قوله تعالى : { وإن هذه أمتكم أمةٌ واحدة } ( المؤمنون 52 ) ،
3. وتأتي بمعنى الطائفة : كما في كلام المؤلف ،
4. وتأتي بمعنى الإمامة : { إن إبراهيم كان أمةً } ( النحل 120 ) أي إماماً ،
قوله : ( بأن ذي الأمة ) : يعني الطائفة وهي أمة الإجابة ،
قوله : ( سوف تفترق بضعاً وسبعين ) : البضع : ما بين الثلاثة إلى التسعة ،
المراد به هنا : الثلاثة ،
كما جاء في الحديث : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) ،
ليس معنى ذلك : أنها من أصحاب النار ،
لكن ما خرجت به عن السنة فهو من عمل أهل النار ،
لأن أهل النار مخالفون لأهل الجنة ،
فكل من خرج عن عمل أهل الجنة فقد دخل في عمل أهل النار ،
ولا يلزم أن يكون من أصحاب النار ،
فهذه بضع وسبعون ،
وإنما افترقت على ثلاث وسبعين ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن هذه الأمة : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ! ) ،
والمتبع لسنة من كان قبله مخالف لشريعته ،
فإذا كان اليهود إحدى وسبعين والنصارى اثنتين وسبعين وارتكب أحد من هذه الأمة طريقة النصارى صار الضلال في اثنتين وسبعين فرقة فيبقى فرقة واحدة هي التي خرجت عن مشابهة اليهود والنصارى وصارت على ملة الرسول عليه الصلاة والسلام ،
ولهذا قال المؤلف :
بأن ذي الأمـة سوف تفترق ، بضعاً وسبعين اعتقاداً والمحق ،
والغريب أن هذه الفرق كلها تدعي أنها على الحق ، فالذي على الحق منها أمره واضح ،
والذي على غير الحق ويدعي أنه على الحق ،
نقول : هذا لا تخلو حاله من أحد أمرين :
إما شبهة عرضت له فظن أن ما هو عليه هو الحق ،
وإما شهوة عرضت له أراد بذلك الرئاسة والجاه فبقي على الضلال مدعياً أنه على حق ،
فالعوام المتبعون للأئمة البدع الذي حملهم على الخروج عن الحق شبهة ،
لأن العامي لا يدري فظن أن هذا هو الحق ،
وأئمة البدع الضالون هؤلاء عرض لـهـم شهوة ،
لأن الغالب عليهم أنهم يعرفون الحق لكن أصروا على ما هم عليه من أجل البقاء على رئاستهم وعلى قيادتهم والعياذ بالله ،
مثل : ما صنع أئمة الكفر في الجاهلية كأبي جهل وغيره بقوا على الضلال مع علمهم بالحق
وكما فعل فرعون فهو يعلم أنه على باطل وإن الحق بما جاء به موسى ومع ذلك بقي على باطله
إذن نقول : إن هذه الفرق الثلاث والسبعين كل واحدة منها تعتقد أنها على صواب وعلى حق ،
فالذين أصابوا ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، هؤلاء على الحق لا شك ،
والذين خالفوا عرضت لهم إما شبهة وإما شهوة ،
قوله : ( والمحق ) : يعني : الذي كان على الحق ،
-----------------------
21 –
ما كان في نهج النبي المصطـفى . = وصـحبـه مـن غيـر زيغ وجفا .
قوله : ( ما كان في نهج ) : ( في ) : للظرفية يعني ما كان في الدائرة التي كان فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقوله : ( المصطفى ) : يعني المختار الذي اختاره الله عز وجل واصطفاه من خلقه حتى جعله رسولاً إلى العالمين إلى يوم القيامة ،
قوله : ( وصحبه ) : يعني الصحابة رضي الله عنهم ،
قوله : ( من غير زيغ ) : ( زيغ ) : يعني من غير ميل عن الحق بالغلو ،
قوله : ( جفا ) : أي تقصير ،
والحقيقة أن التقصير زيغ لكن لما جاء الزيغ ثم جاء الجفاء وجب أن نحمل الزيغ على الغلو والجفاء على التقصير ،
يعني : فالذين على طريقة النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه من غير غلو ولا تقصير هؤلاء هم المحقون ،
فإذا قال قائل : بأي شيء ندرك أن هذا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؟
فالجواب : بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والآثار الواردة عن الصحابة وفهم من كلام المؤلف رحمه الله أن قول الصحابة حجة ،
لقوله : ( في نهج النبي المصطفى وصحبه ) .
وهذا أحد احتمالين :
1 – أن يكون مراده بذلك أن قول الصحابي حجة ،
2 – والاحتمال الثاني : أن يكون مراده أن نهج الصحابة الرجوع إلى الكتاب والسنة ،
فمن كان على نهجهم ورجع إلى الكتاب والسنة فهو على صواب ،
ولا يلزم على هذا الاحتمال أن يكون قول الصحابي حجة ،
لأنه أي الصحابي قد يرجع إلى الكتاب والسنة ويكون لديه خطأ في الفهم أو خطأ في الدليل خفاء الدليل عليه أو الخفاء الدلالة ،
على كلِّ كلام المؤلف يحتمل وجهين :
والأسلم للمرء الأخير ،
يعني : إذا قال : أنا لا أريد إلا أن أتبع الكتاب والسنة لأن هذا هو نهج الصحابة خير من أن يقول : أن أتبع الكتاب والسنة وما جاء عن الصحابي ،
ولكن أعلم أن ما أجمع عليه الصحابة فهو حق ، لأن الإجماع دليل مستقل بنفسه ،
وكلامنا في الاحتمالين الذين ذكرناهما إنما هو في قول الواحد من الصحابة وأما إذا جمعوا فلا شك أن إجماعهم حجة وأنه دليل مستقل ،
**********

22 –وليس هذا النص جزماً يعتبـر = في فـرقـة إلا على أهـل الأثـر ،
قوله : ( جزماً ) : عائد على النفي وليس متعلقاً بقوله ( يعتبر جزماً ) يعني : بحيث يعتبر ظناً ولكن المعنى أن هذا النص جزماً لا يعتبر في فرقة إلا على أهل الأثر ،
والنص قوله : ( كلها في النار إلا واحدة ) فمن هذه الواحدة ؟
نقول : نجزم جزماً بأنها هي فرقة أهل الأثر ،
يعني الكتاب والسنة ،
لأن الدليل :
1 – إما أثر ،
2 – وإما نظر ،
فإن كان الدليل عقلياً فهو نظر ،
وإن كان الدليل شرعياً فهو أثر ،
فمن هم أهل الأثر ؟
هم الذين اتبعوا الآثار اتبعوا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم ،
وهذا لا يتأتى في أي فرقة من الفرق إلا على ( السلفيين ) الذين التزموا طريق السلف ،

12d8c7a34f47c2e9d3==