المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعرف على هؤلاء :


كيف حالك ؟

الناصر
07-06-2006, 01:08 PM
1- عبد الله أبو يحيى المعروف: بالبطال :
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية :
الجزء التاسع : ثم دخلت سنة ثنين وعشرين ومائة : عبد الله أبو يحيى المعروف: بالبطال

قال ابن جرير: وفي هذه السنة قتل عبد الله البطال في جماعة من المسلمين بأرض الروم، ولم يزد ابن جرير على هذا، وقد ذكر هذا الرجل الحافظ ابن عساكر في تاريخه الكبير فقال:
عبد الله أبو يحيى المعروف: بالبطال
كان ينزل إنطاكية، حكى عنه أبو مروان الأنطاكي، ثم روى بإسناده أن عبد الملك بن مروان حين عقد لابنه مسلمة على غزو بلاد الروم، ولى على رؤساء أهل الجزيرة والشام البطال، وقال لابنه: سيره على طلائعك، وأمره فليعس بالليل العسكر، فإنه أمين ثقة مقدام شجاع.
وخرج معهم عبد الملك يشيعهم إلى باب دمشق.
قال: فقدم مسلمة البطال على عشرة آلاف يكونون بين يديه ترساً من الروم أن يصلوا إلى جيش المسلمين.
قال محمد بن عائذ الدمشقي: ثنا الوليد بن مسلمة، حدثني أبو مروان، - شيخ من أهل إنطاكية - قال: كنت أغازي مع البطال وقد أوطأ الروم ذلاً.
قال البطال: فسألني بعض ولاة بني أمية عن أعجب ما كان من أمري في مغازي فيهم، فقلت له: خرجت في سرية ليلاً فدفعنا إلى قرية فقلت لأصحابي: أرخوا لجم خيلكم ولا تحركوا أحداً بقتل ولا بشيء حتى تستمكنوا من القرية ومن سكانها، ففعلوا وافترقوا في أزقتها.
فدفعت في أناس من أصحابي إلى بيت يزهر سراجه، وإذا امرأة تسكت ابنها من بكائه، وهي تقول له: لتسكتنَّ أو لأدفعنك إلى البطال يذهب بك، وانتشلته من سريره وقالت: خذه يا بطال، قال: فأخذته.
وروى محمد بن عائذ، عن الوليد بن مسلم، عن أبي مروان الأنطاكي، عن البطال، قال: انفردت مرة ليس معي أحد من الجند، وقد سمطت خلفي مخلاة فيها شعير، ومعي منديل فيه خبز وشواء، فبينا أنا أسير لعلي ألقى أحداً منفرداً، أو أطلع على خبر، إذا أنا ببستان فيه بقول حسنة، فنزلت و أكلت من ذلك البقل بالخبز والشواء مع النقل، فأخذني إسهال عظيم قمت منه مراراً.
فخفت أن أضعف من كثرة الإسهال، فركبت فرسي والإسهال مستمر على حاله، وجعلت أخشى إن أنا نزلت عن فرسي أن أضعف عن الركوب، وأفرط بي الإسهال في السير حتى خشيت أن أسقط من الضعف، فأخذت بعنان الفرس ونمت على وجهي لا أدري أين يسير الفرس بي.
فلم أشعر إلا بقرع نعاله على بلاط، فأرفع رأسي فإذا دير، وإذا قد خرج منه نسوة صحبة امرأة حسناء جميلة جداً، فجعلت تقول بلسانها: أنزلنه، فأنزلنني فغسلن عني ثيابي وسرجي وفرسي، ووضعنني على سرير وعملن لي طعاماً وشراباً، فمكثت يوماً وليلة مستوياً، ثم أقمت بقية ثلاثة أيام حتى ترد إلي حالي.
فبينا أنا كذلك إذ أقبل البطريق وهو يريد أن يتزوجها، فأمرت بفرسي فحول وعلق على الباب الذي أنا فيه، وإذا هو بطريق كبير فيهم، وهو إنما جاء لخطبتها، فأخبره من كان هنالك بأن هذا البيت فيه رجل وله فرس، فهمَّ بالهجوم عليَّ فمنعته المرأة من ذلك، وأرسلت تقول له: إن فتح عليه الباب لم أقض حاجته، فثناه ذلك عن الهجوم عليَّ، وأقام البطريق إلى آخر النهار في ضيافتهم، ثم ركب فرسه وركب معه أصحابه وانطلق.
(ج/ص: 9/364)
قال البطال: فنهضت في أثرهم فهمَّت أن تمنعني خوفاً عليَّ منهم فلم أقبل، وسقت حتى لحقتهم، فحملت عليه فانفرج عنه أصحابه، وأراد الفرار فألحقه فأضرب عنقه واستلبته وأخذت رأسه مسمطاً على فرسي، ورجعت إلى الدير، فخرجن إلي ووقفن بين يدي، فقلت: اركبن، فركبن ما هنالك من الدواب وسقت بهن حتى أتيت أمير الجيش فدفعتهن إليه، فنفلني ما شئت منهن، فأخذت تلك المرأة الحسناء بعينها، فهي أم أولادي.
والبطريق في لغة الروم: عبارة عن الأمير الكبير فيهم، وكان أبوها بطريقاً كبيراً فيهم - يعني: تلك المرأة - وكان البطال بعد ذلك يكاتب أباها ويهاديه.
وذكر أن عبد الملك بن مروان لما ولاه المصيصة بعث البطال سرية إلى أرض الروم، فغاب عنه خبرها فلم يدر ما صنعوا، فركب بنفسه وحده على فرس له وصار حتى وصل عمورية، فطرق بابها ليلاً، فقال له البواب: من هذا؟
قال البطال: فقلت أنا سياف الملك ورسوله إلى البطريق، فأخذ لي طريقاً إليه، فلما دخلت عليه إذا هو جالس على سرير فجلست معه على السرير إلى جانبه، ثم قلت له: إني قد جئتك في رسالة فمر هؤلاء فلينصرفوا، فأمر من عنده فذهبوا.
قال: ثم قام فأغلق باب الكنيسة علي وعليه، ثم جاء فجلس مكانه، فاخترطت سيفي وضربت به رأسه صفحاً.
وقلت له: أنا البطال فأصدقني عن السرية التي أرسلتها إلى بلادك وإلا ضربت عنقك الساعة، فأخبرني ما خبرها.
فقال: هم في بلادي ينتهبون ما تهيأ لهم، وهذا كتاب قد جاءني يخبر أنهم في وادي كذا وكذا، والله لقد صدقتك.
فقلت: هات الأمان، فأعطاني الأمان.
فقلت: إيتني بطعام، فأمر أصحابه فجاؤوا بطعام فوضع لي، فأكلت فقمت لأنصرف.
فقال لأصحابه: اخرجوا بين يدي رسول الملك، فانطلقوا يتعادون بين يدي، وانطلقت إلى ذلك الوادي الذي ذكر فإذا أصحابي هنالك، فأخذتهم ورجعت إلى المصيصة. فهذا أغرب ما جرى.
قال الوليد: وأخبرني بعض شيوخنا أنه رأى البطال وهو قافل من حجته، وكان قد شغل بالجهاد عن الحج، وكان يسأل الله دائماً الحج ثم الشهادة، فلم يتمكن من حجة الإسلام إلا في السنة التي استشهد فيها رحمه الله تعالى.
وكان سبب شهادته أن اليون ملك الروم خرج من القسطنطينية في مائة ألف فارس، فبعث البطريق - الذي: البطال متزوج بابنته التي ذكرنا أمرها - إلى البطال يخبره بذلك، فأخبر البطال أمير عساكر المسلمين بذلك، وكان الأمير مالك بن شبيب.
وقال له: المصلحة تقتضي أن نتحصن في مدينة حران، فنكون بها حتى يقدم علينا سليمان بن هشام في الجيوش الإسلامية.
فأبى عليه ذلك ودهمهم الجيش، فاقتتلوا قتالاً شديداً والأبطال تحوم بين يدي البطال ولا يتجاسر أحد أن ينوه باسمه خوفاً عليه من الروم.
فاتفق أن ناداه بعضهم وذكر اسمه غلطاً منه، فلما سمع ذلك فرسان الروم حملوا عليه حملة واحدة، فاقتلعوه من سرجه برماحهم فألقوه إلى الأرض، ورأى الناس يقتلون ويأسرون، وقتل الأمير الكبير مالك بن شبيب، وانكسر المسلمون وانطلقوا إلى تلك المدينة الخراب فتحصنوا فيها.
وأصبح ليون فوقف على مكان المعركة فإذا البطال بآخر رمق، فقال له ليون: ما هذا يا أبا يحيى؟
فقال: هكذا تقتل الأبطال.
فاستدعى ليون بالأطباء ليداووه فإذا جراحه قد وصلت إلى مقاتله.
فقال له ليون: هل من حاجة يا أبا يحيى؟
قال: نعم، فأمر من معك من المسلمين أن يلوا غسلي والصلاة علي ودفني.
ففعل الملك ذلك وأطلق لأجل ذلك أولئك الأسارى.
وانطلق ليون إلى جيش المسلمين الذين تحصنوا فحاصرهم، فبينما هم في تلك الشدة والحصار إذ جائتهم البرد بقدوم سليمان بن هشام في الجيوش الإسلامية، ففر ليون في جيشه الخبيث هارباً راجعاً إلى بلاده، قبحه الله، فدخل القسطنطينية وتحصن بها.
قال خليفة بن خياط: كانت وفاة البطال ومقتله بأرض الروم في سنة إحدى وعشرين ومائة.
وقال ابن جرير: في سنة ثنتين وعشرون ومائة.
وقال ابن حسان الزيادي: قتل في سنة ثلاث عشرة ومائة.
وقيل: قد قال غيره: وإنه قتل هو والأمير عبد الوهاب بن بخت في سنة ثلاث عشر ومائة كما ذكرنا ذلك، فالله أعلم، ولكن ابن جرير لم يؤرخ وفاته إلا في هذه السنة، فالله أعلم.
قلت: فهذا ملخص ابن عساكر في ترجمة البطال مع تفصيلة للأخبار واطلاعه عليها، وأما ما يذكره العامة عن البطال من السيرة المنسوبة إلى دلهمة والبطال والأمير عبد الوهاب والقاضي عقبة، فكذب وافتراء ووضع بارد، وجهل وتخبط فاحش، لا يروج ذلك إلا على غبي أو جاهل ردي.
كما يروج عليهم سيرة عنترة العبسي المكذوبة، وكذلك سيرة البكري والدنف وغير ذلك، والكذب المفتعل في سيرة البكري أشد إثماً وأعظم جرماً من غيرها، لأن واضعها يدخل في قول النبي صلى الله عليه و سلم: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).

الناصر
07-06-2006, 04:30 PM
2- أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَبُو إِسْحَاقَ السرماري
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء
المُجَلَّدُ الثَّالِثَ عَشَرَ : 22 - أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَبُو إِسْحَاقَ (خ)
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، المُجَاهِدُ، فَارِسُ الإِسْلاَمِ، أَبُو إِسْحَاقَ: مِنْ أَهْلِ سُرْمَارَى، مِنْ قُرَى بُخَارَى.
سَمِعَ: مَنْ يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَعُثْمَانَ بنِ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ فِي (صَحِيْحِهِ)، وَإِدْرِيْسُ بنُ عَبْدَكَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ، وَبِشَجَاعَتِهِ يُضْرَبُ المَثَلُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَفَّانَ البَزَّازُ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، فَجَرَى ذِكْرُ أَبِي إِسْحَاقَ السُّرْمَارِيِّ، فَقَالَ: مَا نَعْلَمُ فِي الإِسْلاَمِ مِثْلَهُ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَحِيْدُ رَئِيْسُ المُطَّوِّعَةِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ وَدَخَلَ عَلَى البُخَارِيِّ، وَسَأَلَهُ.
فَقَالَ: مَا كَذَا قُلْتُ: بَلْ: مَا بَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ فِي الإِسْلاَمِ وَلاَ الجَاهِلِيَّةِ مِثْلُهُ.
سَمِعَهَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ مِنِ ابْنِ عَفَّانَ.
قَالَ أَبُو صَفْوَانَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي يَوْماً، وَهُوَ يَأْكُلُ وَحَدَهُ، فَرَأَيتُ فِي مَائِدتِهِ عُصْفُوراً يَأْكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآنِي طَارَ. (13/38)
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: يَنْبَغِي لِقَائِدِ الغُزَاةِ أَنْ يَكُوْنَ فِيْهِ عَشْرُ خِصَالٍ: أَنْ يَكُوْنَ فِي قَلْبِ الأَسَدِ لاَ يَجْبُنُ، وَفِي كِبْرِ النَّمِرِ لاَ يَتَوَاضَعُ، وَفِي شَجَاعَةِ الدُّبِّ يَقْتُلُ بِجَوَارِحِهِ كُلِّهَا، وَفِي حَمْلَةِ الخِنْزِيرِ لاَ يُوَلِّي دُبُرَهُ، وَفِي غَارَةِ الذِّئْبِ إِذَا أَيِسَ مِنْ وَجْهٍ أَغَارَ مِنْ وَجْهٍ، وَفِي حَمْلِ السِّلاَحِ كَالنَّمْلَةِ تَحْمِلُ أَكثَرَ مِنْ وَزْنِهَا، وَفِي الثَّبَاتِ كَالصَّخْرِ، وَفِي الصَّبْرِ كَالحِمَارِ، وَفِي الوَقَاحَةِ كَالكَلْبِ لَوْ دَخَلَ صَيْدُهُ النَّارَ لَدَخَلَ خَلْفَهُ، وَفِي التِمَاسِ الفُرْصَةِ كَالدِّيْكِ.
غُنْجَارُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ خَالِدٍ المُطَّوِّعِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِدْرِيْسَ المُطَّوِّعِيَّ البُخَارِيَّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَمَّاسٍ، يَقُوْلُ:
كُنْتُ أُكَاتِبُ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ السُّرْمَارِيَّ، فَكَتَبَ إلِيَّ: إِذَا أَرَدْتَ الخُرُوجَ إِلَى بلاَدِ الغُزَيَّةِ فِي شِرَاءِ الأَسْرَى، فَاكْتُبْ إلِيَّ.
فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ، فَقَدِمَ سَمَرْقَنْدَ، فَخَرَجْنَا، فَلَمَّا عَلِمَ جَعْبَوَيْه، اسْتَقْبَلَنَا فِي عِدَّةٍ مِنْ جُيُوْشِهِ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ، فَعَرَضَ يَوْماً جَيْشَهُ، فَمَرَّ رَجُلٌ، فَعَظَّمَهُ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، فَسَأَلنِي عَنْهُ السُّرْمَارِيُّ، فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ مُبَارِزٌ، يُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ.
قَالَ: أَنَا أُبَارِزُهُ.
فَسَكَتُّ، فَقَالَ جَعْبَوَيْه: مَا يَقُوْلُ هَذَا؟
قُلْتُ: يَقُوْلُ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: لَعَلَّهُ سَكْرَانُ لاَ يَشْعُرُ، وَلَكِنْ غَداً نَرْكَبُ.
فَلَمَّا كَانَ الغَدُ رَكِبُوا، فَرَكِبَ السُّرْمَارِيُّ مَعَهُ عَمُوْدٌ فِي كُمِّهِ، فَقَامَ بإِزَاءِ المُبَارِزِ، فَقَصَدَهُ، فَهَرَبَ أَحْمَدُ حَتَّى بَاعَدَهُ مِنَ الجَيْشِ، ثُمَّ كَرَّ، وَضَرَبَهُ بِالعَمُوْدِ قَتَلَهُ، وَتَبِعَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَمَّاسٍ، لأَنَّهُ كَانَ سَبَقَهُ، فَلَحِقَهُ، وَعَلِمَ جَعْبَوَيه، فَجَهَّزَ فِي طَلَبِهِ خَمْسِيْنَ فَارِساً نَقَاوَةً، فأَدْرَكُوهُ، فَثَبَتَ تَحْتَ تَلٍّ مُخْتَفِياً، حَتَّى مَرُّوا كُلُّهُم، وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، وَجَعَلَ يَضْرِبُ بِعَمُودِهِ مِنْ وَرَائِهِم، إِلَى أَنْ قَتَلَ تِسْعَةً وَأَرْبَعِيْنَ، وَأَمْسَكَ وَاحِداً، قَطَعَ أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ، وَأَطْلَقَهُ لِيُخْبِرَ، ثُمَّ بَعْدَ عَامَيْن تُوُفِّيَ أَحْمَدُ، وَذَهَبَ ابْنُ شَمَّاسٍ فِي الفِدَاءِ، فَقَالَ لَهُ جَعْبَوَيْه: مَنْ ذَاكَ الَّذِي قَتَلَ فُرْسَانَنَا؟
قَالَ: ذَاكَ أَحْمَدُ السُّرْمَارِيُّ.
قَالَ: فَلِمَ لَمْ تَحْمِلْهُ مَعَكَ؟
قُلْتُ: تُوُفِّيَ، فَصَكَّ فِي وَجْهِي، وَقَالَ: لَوْ أَعْلَمْتَنِي أَنَّهُ هُوَ لَكُنْتُ أُعْطِيْهِ خَمْسَ مائَةَ بِرْذَوْنٍ، وَعَشْرَةَ آلاَفِ شَاةٍ. (13/39)
وَعَنْ بَكْرِ بنِ مُنِيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ السُّرْمَارِيَّ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، ضَخْماً، مَاتَ بِقَرْيَتِهِ، فَبَلَغَ كِرَاءُ الدَّابَّةِ إِلَيْهَا عَشْرَةَ دَرَاهِم، وَخَلَّفَ دُيُوْناً كَثِيْرَةً، فَكَانَ غُرَمَاؤُهُ، رُبَّمَا يَشْتَرُوْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ حُزْمَةَ القَصَبِ بخَمْسِيْنَ دِرْهَماً، إِلَى مائَةٍ، حُبّاً لَهُ، فَمَا رَجَعُوا حَتَّى قُضَيَ دَيْنُهُ.
عَنْ عِمْرَانَ بنِ مُحَمَّدٍ المُطَّوِّعِيِّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ عَمُودُ المُطَّوِّعِيِّ السُّرْمَارِيِّ وَزْنَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَنّاً، فَلَمَّا شَاخَ جَعَلَهُ اثْنَيْ عَشَرَ مَنّاً، وَكَانَ بِهِ يُقَاتِلُ.
قَالَ غُنْجَارُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ خَالِدٍ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
سَمِعْنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ وَاصِلٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ السُّرْمَارِيَّ يَقُوْلُ، وَأَخْرَجَ سَيْفَهُ، فَقَالَ: أَعْلَمُ يَقِيْناً أَنِّي قَتَلْتُ بِهِ أَلْفَ تُرْكِيٍّ، وَإِنْ عِشْتُ قَتَلْتُ بِهِ أَلْفاً أُخرَى، وَلَوْلاَ خُوْفِي أَنْ يَكُوْنَ بِدْعَةً لأَمَرْتُ أَنْ يُدْفَنَ مَعِي. (13/40)
وَعَنْ مَحْمُوْدِ بنِ سَهْلٍ الكَاتِبِ، قَالَ: كَانُوا فِي بَعْضِ الحُرُوبِ يُحَاصِرُوْنَ مَكَاناً، وَرَئِيْسُ العَدُوِّ قَاعِدٌ عَلَى صُفَّةٍ، فَرَمَى السُّرْمَارِيُّ سَهْماً، فَغَرَزَهُ فِي الصُّفَّةِ، فَأَوْمَأَ الرَّئيسُ لِيَنْزِعَهُ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ خَاطَ يَدَهُ، فَتَطَاوَلَ الكَافِرُ لِيَنْزِعَهُ مِنْ يَدِهِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ ثَالثٍ فِي نَحْرِهِ، فَانْهَزَمَ العَدُوُّ، وَكَانَ الفَتْحُ.
قُلْتُ: أَخْبَارُ هَذَا الغَازِي تَسُرُّ قَلْبَ المُسْلِمِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ كَانَ مَعَ فَرْطِ شَجَاعَتِهِ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ العُبَّادِ.
قَالَ وَلَدُهُ أَبُو صَفْوَانَ: وَهَبَ المَأْمُوْنُ لأَبِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَعَشْرَةَ أَفْرَاسٍ، وَجَارِيَةً، فَلَمْ يَقْبَلْهَا.

الناصر
07-09-2006, 12:05 AM
3 - نور الدين محمود بن زنكي
4 - صلاح الدين الأيوبي واسمه يوسف
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 17 ص 501 :(ثم قيض الله من ملوك السنة مثل نور الدين وصلاح الدين وأخوته وأتباعهم ففتحوا بلاد الإسلام وجاهدوا الكفار والمنافقين )
وقال رحمه الله في مجموع الفتاوى أيضا ج 27 ص55 :(
فصل

إذا عرف ذلك فهذه السواحل الشامية كانت ثغورا للإسلام إلى أثناء المائة الرابعة وكان المسلمون قد فتحوا قبرص فى خلافة عثمان رضى الله عنه فتحها معاوية فلما كان فى أثناء المائة الرابعة اضطرب أمر الخلافة وصار للرافضة والمنافقين وغيرهم دولة وملك بالبلاد المصرية والمغرب وبالبلاد الشرقية وبأرض الشام وغلب هؤلاء على ما غلبوا عليه من الشام سواحله وغير سواحله وهم أمة مخذولة ليس لهم عقل ولا نقل ولا دين صحيح ولا دنيا منصورة فغلبت النصارى على عامة سواحل الشام بل وأكثر بلاد الشام وقهروا الروافض والمنافقين وغيرهم وأخذوا منهم ما أخذوا إلى أن يسر
الله تعالى بولاية ملوك السنة مثل ( نور الدين ( وصلاح الدين ( وغيرهما فإستنقذوا عامة الشام من النصارى
وبقيت بقايا الروافض والمنافقين فى جبل لبنان وغيره وربما غلبهم النصارى عليه حتى يصير هؤلاء الرافضة والمنافقون فلاحين للنصارى وصار جبل لبنان ونحوه دولة بين النصارى والروافض ليس فيه من الفضيلة شىء ولا يشرع بل ولا يجوز المقام بين نصارى أو روافض يمنعون المسلم عن إظهار دينه )0

الناصر
07-09-2006, 11:08 AM
وقال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة :ج 3 ص 1073 إلى 1077:( ثم طفئت تلك البدعة فكانت كأنها حصاة رمي بها والناس إذ ذاك عنق واحد أن الله فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال ونعوت الجلال وأنه كلم عبده ورسوله موسى تكليما وتجلى للجبل فجعله دكا هشيما إلى أن جاء أول المائة الثالثة وولي على الناس عبدالله المأمون وكان يحب أنواع العلوم وكان مجلسه عامرا بأنواع المتكلمين في العلوم فغلب عليه حب المعقولات فأمر بتعريب كتب يونان وأقدم لها المترجمين من البلاد فعربت له واشتغل بها الناس والملك سوق ما سوق فيه جلب إليه فغلب على مجلسه جماعة ممن الجهمية مما كان أبوه الرشيد قد أقصاهم وتبعهم بالحبس والقتل فحشوا بدعة التجهم في أذنه وقلبه فقبلها واستحسنها ودعا الناس إليها وعاقبهم عليها فلم تطل مدته فصار الأمر بعده إلى المعتصم وهو الذي ضرب الإمام أحمد بن حنبل فقام بالدعوة بعده والجهمية تصوب فعله وتدعوه إليه وتخبره أن ذلك هو تنزيه الرب عن التشبيه والتمثيل والتجسيم وهم الذين قد غلبوا على قربه ومجلسه والقضاة والولاة منهم فإنهم تبع لملوكهم ومع هذا فلم يكونوا يتجاسرون على إلغاء النصوص وتقديم الآراء والعقول عليها فإن الإسلام كان في ظهور وقوة وسوق الحديث نافقة ورؤوس السنة على ظهر الأرض ولكن كانوا على ذلك يحومون وحوله يدندنون وأخذوا الناس بالرغبة والرهبة فمن بين أعمى مستجيب ومن بين مكره مقيد نفسه منهم بإعطاء ما سألوه وقلبه مطمئن بالإيمان وثبت الله أقواما جعل قلوبهم في نصر دينه أقوى من الصخر وأشد من الحديد وأقامهم لنصر دينه وجعلهم أئمة يقتدي بهم المؤمنون لما صبروا وكانوا بآياته يوقنون فإنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين قال الله تعالى : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) < السجدة24 > .
فصبروا من الجهمية على الأذى الشديد ولم يتركوا سنة رسول الله لما أرغبوهم به من الوعد وما تهددوهم به من الوعيد ثم أطفأ الله برحمته تلك الفتنة وأخمد تلك الكلمة ونصر السنة نصرا عزيزا وفتح لأهلها فتحا مبينا حتى خرج بها على رؤوس المنابر ودعي إليها في كل باد وحاضر وصنف ذلك الزمان في السنة مالا يحصيه إلا الله ثم انقضى ذلك العصر وأهله وقام بعدهم ذريتهم يدعون إلى كتاب الله وسنة رسوله على بصيرة إلى أن جاء ما لا قبل لأحد به وهم جنود إبليس حقا المعارضون لما جاءت به الرسل بعقولهم وآرائهم من القرامطة والباطنية والملاحدة ودعوتهم إلى العقل المجرد وأن أمور الرسل تعارض المعقول فهم القائمون بهذه الطريقة حق القيام بالقول والفعل فجرى على الإسلام وأهله منهم ما جرى وكسروا عسكر الخليفة مرارا عديدة وقتلوا الحاج قتلا ذريعا وانتهوا إلى مكة فقتلوا بها من وصل من الحاج إليها وقلعوا الحجر الأسود من مكانه وقويت شوكتهم واستفحل أمرهم وعظمت بهم الرزية واشتدت بهم البلية وأصل طريقهم أن الذي أخبرت به الرسل قد عارضه العقل وإذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل قالوا فنحن أنصار العقل الداعون إليه المخاصمون به المحاكمون إليه وفي زمانهم استولى الكفار على كثير من بلاد الإسلام في الشرق والغرب وكاد الإسلام أن ينهد ركنه لولا دفاع الذي ضمن حفظه إلى أن يرث الأرض ومن عليها ثم خمدت دعوة هؤلاء في المشرق وظهرت من المغرب قليلا قليلا حتى استفحلت وتمكنت واستولى أهلها على كثير من بلاد المغرب ثم أخذوا يطوون البلاد حتى وصلوا إلى بلاد مصر فملكوها وبنوا بها القاهرة وأقاموا على هذه الدعوة مصرحين بها غير متحاشين منها هم وولاتهم وقضاتهم وأتباعهم وفي زمانهم صنفت رسائل إخوان الصفا والإشارات والشفا وكتب ابن سينا فإنه قال كان أبي من أهل الدعوة الحاكمية وعطلت في زمانهم السنة وكتبها والآثار جملة إلا في الخفية بحيث يكون قارؤها وذاكرها وكاتبها على أعظم خطر وشعار هذه الدعوة تقديم العقل على الوحي واستولوا على بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز واستولوا على العراق سنة وأهل السنة فيهم كأهل الذمة بين المسلمين بل كان لأهل الذمة من الأمان والجاه والعز عندهم مالا يصل إليه أحد من أهل السنة ولا يطمع فيه فكم أغمدت سيوفهم في أعناق العلماء وكم مات في سجونهم من ورثة الأنبياء وكم ماتت بهم سنة وقامت بهم بدعة وضلالة حتى استنقذ الله الأمة والملة من أيديهم في أيام نور الدين وابن أخيه صلاح الدين فأبل الإسلام من علته بعدما وطن المسلمون أنفسهم على العزاء وانتعش بعد طول الخمول حتى استبشر أهل الأرض والسماء وأبدر هلاله بعد أن دخل في المحاق وثابت إليه روحه بعدما بلغت التراقي وقيل من راق واستنقذ الله سبحانه بعبده وجنوده بيت المقدس من أيدي عبدة الصليب وأخذ كل من أنصار الله ورسوله من نصرة دينه بنصيب وعلت كلمة الإسلام والسنة وأذن بها على رؤوس الأشهاد ونادى المنادي يا أنصار الله لا تنكلوا عن الجهاد فإنه أبلغ الزاد ليوم المعاد فعاش الناس في ذلك النور مدة)
تنبيه : صلاح الدين ليس ابن أخي نور الدين ولعل ما وقع في الكلام خطأ من بعض النساخ والله أعلم
**********************************************

الناصر
07-09-2006, 11:10 AM
وقال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة :ج 3 ص 1073 إلى 1077:( ثم طفئت تلك البدعة فكانت كأنها حصاة رمي بها والناس إذ ذاك عنق واحد أن الله فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال ونعوت الجلال وأنه كلم عبده ورسوله موسى تكليما وتجلى للجبل فجعله دكا هشيما إلى أن جاء أول المائة الثالثة وولي على الناس عبدالله المأمون وكان يحب أنواع العلوم وكان مجلسه عامرا بأنواع المتكلمين في العلوم فغلب عليه حب المعقولات فأمر بتعريب كتب يونان وأقدم لها المترجمين من البلاد فعربت له واشتغل بها الناس والملك سوق ما سوق فيه جلب إليه فغلب على مجلسه جماعة ممن الجهمية مما كان أبوه الرشيد قد أقصاهم وتبعهم بالحبس والقتل فحشوا بدعة التجهم في أذنه وقلبه فقبلها واستحسنها ودعا الناس إليها وعاقبهم عليها فلم تطل مدته فصار الأمر بعده إلى المعتصم وهو الذي ضرب الإمام أحمد بن حنبل فقام بالدعوة بعده والجهمية تصوب فعله وتدعوه إليه وتخبره أن ذلك هو تنزيه الرب عن التشبيه والتمثيل والتجسيم وهم الذين قد غلبوا على قربه ومجلسه والقضاة والولاة منهم فإنهم تبع لملوكهم ومع هذا فلم يكونوا يتجاسرون على إلغاء النصوص وتقديم الآراء والعقول عليها فإن الإسلام كان في ظهور وقوة وسوق الحديث نافقة ورؤوس السنة على ظهر الأرض ولكن كانوا على ذلك يحومون وحوله يدندنون وأخذوا الناس بالرغبة والرهبة فمن بين أعمى مستجيب ومن بين مكره مقيد نفسه منهم بإعطاء ما سألوه وقلبه مطمئن بالإيمان وثبت الله أقواما جعل قلوبهم في نصر دينه أقوى من الصخر وأشد من الحديد وأقامهم لنصر دينه وجعلهم أئمة يقتدي بهم المؤمنون لما صبروا وكانوا بآياته يوقنون فإنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين قال الله تعالى : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) < السجدة24 > .
فصبروا من الجهمية على الأذى الشديد ولم يتركوا سنة رسول الله لما أرغبوهم به من الوعد وما تهددوهم به من الوعيد ثم أطفأ الله برحمته تلك الفتنة وأخمد تلك الكلمة ونصر السنة نصرا عزيزا وفتح لأهلها فتحا مبينا حتى خرج بها على رؤوس المنابر ودعي إليها في كل باد وحاضر وصنف ذلك الزمان في السنة مالا يحصيه إلا الله ثم انقضى ذلك العصر وأهله وقام بعدهم ذريتهم يدعون إلى كتاب الله وسنة رسوله على بصيرة إلى أن جاء ما لا قبل لأحد به وهم جنود إبليس حقا المعارضون لما جاءت به الرسل بعقولهم وآرائهم من القرامطة والباطنية والملاحدة ودعوتهم إلى العقل المجرد وأن أمور الرسل تعارض المعقول فهم القائمون بهذه الطريقة حق القيام بالقول والفعل فجرى على الإسلام وأهله منهم ما جرى وكسروا عسكر الخليفة مرارا عديدة وقتلوا الحاج قتلا ذريعا وانتهوا إلى مكة فقتلوا بها من وصل من الحاج إليها وقلعوا الحجر الأسود من مكانه وقويت شوكتهم واستفحل أمرهم وعظمت بهم الرزية واشتدت بهم البلية وأصل طريقهم أن الذي أخبرت به الرسل قد عارضه العقل وإذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل قالوا فنحن أنصار العقل الداعون إليه المخاصمون به المحاكمون إليه وفي زمانهم استولى الكفار على كثير من بلاد الإسلام في الشرق والغرب وكاد الإسلام أن ينهد ركنه لولا دفاع الذي ضمن حفظه إلى أن يرث الأرض ومن عليها ثم خمدت دعوة هؤلاء في المشرق وظهرت من المغرب قليلا قليلا حتى استفحلت وتمكنت واستولى أهلها على كثير من بلاد المغرب ثم أخذوا يطوون البلاد حتى وصلوا إلى بلاد مصر فملكوها وبنوا بها القاهرة وأقاموا على هذه الدعوة مصرحين بها غير متحاشين منها هم وولاتهم وقضاتهم وأتباعهم وفي زمانهم صنفت رسائل إخوان الصفا والإشارات والشفا وكتب ابن سينا فإنه قال كان أبي من أهل الدعوة الحاكمية وعطلت في زمانهم السنة وكتبها والآثار جملة إلا في الخفية بحيث يكون قارؤها وذاكرها وكاتبها على أعظم خطر وشعار هذه الدعوة تقديم العقل على الوحي واستولوا على بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز واستولوا على العراق سنة وأهل السنة فيهم كأهل الذمة بين المسلمين بل كان لأهل الذمة من الأمان والجاه والعز عندهم مالا يصل إليه أحد من أهل السنة ولا يطمع فيه فكم أغمدت سيوفهم في أعناق العلماء وكم مات في سجونهم من ورثة الأنبياء وكم ماتت بهم سنة وقامت بهم بدعة وضلالة حتى استنقذ الله الأمة والملة من أيديهم في أيام نور الدين وابن أخيه صلاح الدين فأبل الإسلام من علته بعدما وطن المسلمون أنفسهم على العزاء وانتعش بعد طول الخمول حتى استبشر أهل الأرض والسماء وأبدر هلاله بعد أن دخل في المحاق وثابت إليه روحه بعدما بلغت التراقي وقيل من راق واستنقذ الله سبحانه بعبده وجنوده بيت المقدس من أيدي عبدة الصليب وأخذ كل من أنصار الله ورسوله من نصرة دينه بنصيب وعلت كلمة الإسلام والسنة وأذن بها على رؤوس الأشهاد ونادى المنادي يا أنصار الله لا تنكلوا عن الجهاد فإنه أبلغ الزاد ليوم المعاد فعاش الناس في ذلك النور مدة)
تنبيه : صلاح الدين ليس ابن أخي نور الدين ولعل ما وقع في الكلام خطأ من بعض النساخ والله أعلم

الناصر
07-09-2006, 11:13 AM
وفي شذرات الذهب، - لابن العماد الحنبلي رحمه الله تعالى
الجزء الرابع [ص 2]
سنة تسع وستين وخمسمائة (س 569).
:( وكان في الإسلام زيادة ببقائه افتتح من بلاد الروم عدة حصون ومن بلاد الفرنج مايزيد على خمسين حصناً وكان أسمر طويلاً مليحاً تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليماً من التكبر خائفاً من اللّه قل أن يوجد في الصلحاء مثله فضلاً عن الملوك ختم اللّه له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء وزيادة وخطب له في الدنيا وأزال الأذان بحي على خير العمل وبنى المدارس وسور دمشق وأسقط ما كان يؤخذ من جميع المكوس وبنى المكاتب للأيتام ووقف عليها الأوقاف وبنى الربط والبيمارستان وأقطع العرب الاقطاعات لئلا يتعرضوا للحاج وبنى الخانات والربط وكان حسن الخط كثير المطالعة مواظباً على الصلوات الخمس كثير تلاوة القرآن لم تسمع منه [ص 229] كلمة فحش ذو عقل متين يحب الصالحين ويزورهم في أماكنهم قال ابن الأثير طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وإلى يومنا فلم أرفيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز ملكاً أحسن سيرة منه ولا أكثر تحرياً للعدل والأنصاف ثم ذكر زهده وعدله وفضله وجهاده واجتهاده وكان لا يأكل ولا يشرب ولا يتصرف في شيء يخصه إلا من ملك اشتراه من سهمه من غنائم الكفار ولم يلبس حريراً قط ولا ذهبا ولا فضة وكان كثير الصيام وله أوراد في النهار والليل وكان يقدم أشغال المسلمين عليها ثم يتمم وكان يلعب بالكرة في ميدان دمشق فجاء رجل فوقف بإزائه فقال للحاجب ساه ما حاجته فقال لي مع نور الدين حكومة فرمى الصولجان من يده وجاء إلى مجلس القاضي كمال الدين الشهرزوري وقال له لا تنزعج وأسلك معي ما تسلكه مع آحاد الناس فلما حضر سوى بينه وبين خصمه وتحاكماً يثبت للرجل عليه حق وكان يدعي ملكاً في يد نور الدين فقال نور الدين للقاضي هل ثبت له على حق قال لا قال فأشهدوا أني قد وهبت الملك له وقد كنت أعلم أنه لاحق له عندي وإنما حضرت معه لئلا يقال عني أني طلبت إلى مجلس الشرع فأبيت وكبى دار العدل وكان يجلس في كل أسبوع أربعة أيام ويحضر عنده الفقهاء ويأمر بإزالة الحجاب والبواب حتى يصل إليه الشيخ الكبير والضعيف ويسأل الفقهاء عما أشكل وإذا حضر الحرب شد تركاشين وحمل قوسين وبنى جامعة بالموصل وفوض أمره إلى الشيخ عمر الملا وكان من الأخيار وإنما قيل الملا لأنه كان يملأ أتون الآجر ويتقوت بالأجرة وليس عليه قميص ولاعمامة ولا يملك شيئاً فقيل له أن هذا لا يصح لمثل هذا العمل فقال إذا وليت بعض الأجناد لا يخلو.من الظلم وهذا الشيخ لا يظلم فإن ظلم كان الظلم عليه فدفع إلى الشيخ ستين ألف دينار وقيل ثلثمائة ألف دينار فتم بناؤه في ثلاث سنين فلما دخل نور الدين الموصل دخله وصلى فيه ووقف عليه قرية فدخل عليه الملا وهو [ص 230] جالس على دجلة وترك بين يديه دفاتر الخرج وقال يامولانا اشتهى أشتهي أن تنظر فيها فقال نور الدين ياشيخ نحن عملنا هذا للّه تعالى دع الحساب ليوم الحساب ثم رمى الورق إلى دجلة، ووقع في يده ملك من ملوك الفرنج فبذل في نفسه مالاً عظيماً فشاور الأمراء فأشار ببقائه في الأسر خوفاً من شره فقال له نور الدين أحضر المال ثلثمائة ألف دينار فأطلقه فلما وصل إلى بلده مات وطلب الأمراء سهمهم فقال ما تستحقون شيئاً لأنكم أشرتم بغير الفداء وقد جمع اللّه تعالى بين الحسنيين الفداء وموت اللعين فبنى بذلك الفداء المارستان الذي بدمشق والمدرسة ودار الحديث ووقف عليها الأوقاف وذكر المطري في كتابه تاريخ المدينة أن السلطان محمود رأي النبي صلى اللّه عليه وسلم في ليلة واحدة ثلاث مرات وهو يقول له في كل واحدة منها يا محمود أنقذني من هذين الشخصين لشخصين أشقرين تجاه فأستحضر وزيره قبل الصبح فأخبره فقال هذا أمر حدث في مدينة النبي صلى اللّه عليه وسلم ليس له غيرك فتجهز وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك حتى دخل المدينة على غفلة فلما زار طلب الناس عامة للصدقة وقال لا يبقى بالمدينة أحد إلا جاء فلم يبق إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس نازلان في الناحية التي قبلة حجرة النبي صلى اللّه عليه وسلم من خارج المسجد عند دار آل عمر بن الخطاب التي تعرف اليوم بدار العشرة رضي اللّه عنهم قالا نحن في كفاية فجد في طلبهما حتى جيء بهما فلما رآهما قال للوزير هما هذان فسألهما عن حالهما وما جاء بهما فقالا لمجاورة النبي صلى اللّه عليه وسلم فكرر السؤال عليهما حتى أفضى إلى العقوبة فأقرأ أنهما من النصارى وصلا لكي ينقلا النبي صلى اللّه عليه وسلم من هذه الحجرة الشريفة ووجدهما قد حفرا نقباً تحت الأرض حائط المسجد القبلي يجعلان التراب في بئر عندهما في البيت فضرب أعناقهما عند الشباك الذي في شرقي حجرة [ص 231] النبي صلى اللّه عليه وسلم خارج المسجد ثم أحرقا وركب متوجهاً إلى الشام راجعاً فصاح به من كان نازلاً خارج السور واستغاثوا وطلبوا أن يبني لهم سوراً يحفظهم فأمر ببناء هذا السور الموجود اليوم ومثل هذا لا يجري إلا على يد ولي للّه تعالى توفي رحمه اللّه تعالى بعلة الخوانيق وأشار عليه الأطباء بالفصد فامتنع وكان مهيباً فما روجع ودفن في بيت كان يخلو فيه بقلعة دمشق ثم نقل إلى مدرسته التي عند سوق الخواصين.)

الناصر
07-09-2006, 11:18 AM
و قال الحافظ الذهبي رحمه الله في العبر في خبر من غبر : في سنة سنة تسع وستين وخمسمائة: فيها توفي نور الدين 000
والسلطان نور الدين الملك العادل أبو القاسم محمود بن أتابك زنكي ابن أقسنقر التركي‏.‏
تملك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة‏.‏
وكان مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمس مائة‏.‏
وكان أجل ملوك زمانه وأعدلهم وأدينهم وأكثرهم جهادًا وأسعدهم في دنياه وآخرته‏.‏
هزم الفرنج غير مرة وأخافهم وجرعهم المر‏.‏
وفي الجملة محاسنه أبين من الشمس وأحسن من القمر‏.‏
وكان أسمر طويلًا مليحًا تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليمًا من التكبر خائفًا من الله قل أن يوجد في الصلحاء الكبار مثله فضلًا عن الملوك‏.‏
ختم الله له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء الله وزيادة فمات بالخوانيق في حادي عشر شوال‏.‏
*** وقال الحافظ ابن عساكر رحمه الله في مقدمة تأريخ دمشق :( أما بعد فإني كنت قد بدأت قديما بالاعتزام لسؤال من قابلت سؤاله بالامتثال والالتزام على جمع تاريخ لمدينة دمشق أم الشام حمى الله ربوعها من الدثور والانقصام وسلم جرعها من كيد قاصد يهم بالاختصام فيه ذكر من حلها من الأماثل والأعلام فبدأت به عازما على الإنجاز له والإتمام فعاقت عن إنجازه وإتمامه عوائق الأيام من شدوة الخاطر وكلال الناظر وتعاقب الآلام فصدفت عن العمل فيه برهة من الأعوام حتى كثر في إهماله لوم اللوام وتحشيم من تحشيمه سبب لوجود الاحتشام وظهر ذكر شروعي فيه حتى خرج عن حد الاكتتام وانتشر الحديث فيه بين الخواص والعوام وتطلع إلى مطالعته أولوا النهى وذووا الأحكام ورقى خبر جمعي له إلى حضرة الملك القمقام الكامل العادل الزاهد المجاهد المرابط الهمام أبي القاسم محمود بن زنكي بن أبي سنقر ناصر الإمام أدام الله ظل دولته على كافة الأنام وأبقاه مسلما من الأسوأ منصور الأعلام منتقما من عداة المسلمين الكفرة الطغام معظما لحملة الدين بإظهار الإكرام لهم والاحترام منعما عليهم بإدرار الإحسان إليهم والإنعام عافيا عن ذنوب ذوي الإساءات والإجرام بانيا للمساجد والمدارس والأسوار ومكاتب الأيتام راضيا بأخذ الحلال ورافضا لاكتساب الحطام آمرا بالمعروف زاجرا عن ارتكاب الحرام ناصرا للملهوف وقاهرا للظالم العسوف بالانتقام قامعا لأرباب البدع بالإبعاد لهم والإرغام خالعا لقلوب الكفرة بالجرأة عليهم والإقدام
وبلغني تشوقه إلى الاستنجاز له والاستتمام ليلم بمطالعة ما تيسر منه بعض الإلمام فراجعت العمل فيه راجيا للظفر بالتمام شاكرا لما ظهر منه من حسن الاهتمام مبادرا ما يحول دون المراد من حلول الحمام مع كون الكبر مطية العجز ومظنة الأسقام وضعف البصر حائلا دون الإتقان له والإحكام والله سبحانه وتعالى المعين فيه بلطفه عن بلوغ المرام)0
وقال رحمه الله في ترجمة الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله ج57 ص 118 وما بعدها :( 7255 محمود بن زنكي بن آق سنقر ابو القاسم بن أبي سعيد قسيم الدولة التركي الملك العادل نور الدين وناصر أمير المؤمنين...وأدر على الضعفاء والأيتام الصدقات وتعهد ذوي الحاجة من أولي التعفف بالصلات حتى وقف وقوفا على المرضى والمجانين وأقام لهم الأطباء والمعالجين وكذلك على جماعة العميان ومعلمي الخط والقرآن وعلي ساكني الحرمين ومجاوري المسجدين وأكرم أمير المدينة الحسين وأحسن إليه وأجرى عليه الضيافة لما قدم عليه وجهز معه عسكرا لحفظ المدينة وقام لهم بما يحتاجون إليه من المؤونة وأقطع أمير مكة إقطاعا سنيا وأعطى كلا منهما ما يأكله هنيا مريا
ورفع عن الحجاج ما كان يؤخذ منهم من المكس وأقطع أمراء العرب الإقطاعات لئلا يتعرضوا للحجاج بالنحس وأمر بإكمال سور مدينة الرسول واستخراج العين التي بأحد وكانت قد دفنتها السيول ودعي له بالحرمين واشتهر صيته في الخافقين ...وظهرت كلمة أهل السنة بالديار المصرية وخطب فيها للدولة العباسية بعد اليأس واراح الله من بها من الفتنة ورفع عنهم المحنة فالحمد لله على ما منح وله الشكر على ما فتح ومع ما ذكرت من هذه المناقب كلها وشرحت من دقها وجلها فتح فهو حسن الخط والبنان متأت لمعرفة العلوم بالفهم والبيان كثير لمطالعتها مائل إلى نقلها مواظب حريص على تحصيل كتب الصحاح والسنن مقتن لها بأوفر الأعواض والثمن كثير المطالعة للعلوم الدينية متبع للآثار النبوية مواظب على الصلوات في الجماعات مراع لأدائها في الأوقات مؤد لفروضها ومسنوناتها معظم لفقدها في جميع حالاتها عاكف على تلاوة القرآن على الأيام حريص على فعل الخير من الصدقة والصيام كثير الدعاء والتسبيح راغب في صلاة التراويح عفيف البطن والفرج مقتصد في الإنفاق والخرج متحري في المطاعم والمشارب والملابس متبري من التباهي والتماري والتنافس عري عن التجبر والتكبر بريء من التنجم والتطير مع ما جمع الله له من العقل المتين والرأي الصويب الرصين والاقتداء بسيرة السلف الماضين والتشبه بالعلماء والصالحين والاقتفاء لسيرة من سلف منهم في حسن سمتهم والاتباع لهم في حفظ حالهم ووقتهم حتى روى حديث المصطفى  وأسمعه وكان قد استجيز له ممن سمعه وجمعه حرصا منه على الخير في نشر السنة والتحديث ورجاء أن يكون ممن حفظ على الأمة أربعين حدثيا كما جاء في الحديث فمن رآه شاهد من جلال السلطنة وهيبة الملك ما يبهره فإذا فاوضه رأى من لطافته وتواضعه ما يحيره
ولد حكى عنه في صحبه في حضره وسفره أنه لم يكن يسمع منه كلمة فحش في رضاه ولا في ضجره وإن أشهى ما إليه كلمة حق قال يسمعها أو إرشاد إلى سنة يتبعها يحب الصالحين ويؤاخيهم ويزور مساكنهم لحسن ظنه بهم فإذا احتلم مماليكه أعتقهم وزوج ذكرانهم بإناثهم ورزقهم ومتى تكرتت الشكايةإليه من أحد ولاته أم بالكف عن أذى من تكلم بشكاته فمن لم يرجع منهم إلى العدل قابله بإسقاط المرتبة والعزل فلما جمع الله له من شريف الخصال تيسر له ما يقصده من جميع الأعمال وسهل على يديه في فتح الحصون والقلاع ومكن له في البلدان والبقاع حتى ملك حصن شيزر وقلعة دوسر وهما من أحصن المعاقل والحصون واحتوى على ما فيهما من الذخر المصون من غير سفك محجمة من دم في طلبهما ولا قتل أحد من المسلمين بسببهما وأكثر ما أخذه من البلدان بتسلمه من أهله بالأمان ووفى لهم بالعهود والإيمان فأوصلهم إلى مأمنهم من المكان وإذا استشهد أحد من أجناده حفظه في أهله وأولاده وأجرى عليهم الجرايات وولى من كان أهلا منهم للولايات وكلما فتح الله عليه فتحا وزاده ولاية أسقط عن رعيته قسطا وزادهم رعاية حتى ارتفعت عنهم الظلامات والمكوس واتضعت في جميع ولايته الغرامات والنحوس ودرت على رعاياه الأرزاق ونفقت عندهم الأسواق وحصل بينهم بيمنه الاتفاق وزال ببركته العناد والشقاق فإن فتكت شرذمة من الملاعين فلما علمت منه من الرأفة واللين ولو خلط لهم شدته بلينه لخاف سطوته الأسد في عرينه
فالله يحقن به الدماء ويسكن به الدهماء ويديم له النعماء ويبلغ مجده السماء ويجري الصالحات على يديه ويجعل منه واقية عليه فقد ألقى أزمتنا إليه وأحصى علم حاجتنا إليه ومناقبه خطيرة وممادحه كثيرة ذكرت منها غيضا من فيض وقليلا من كثير وقد مدحه جماعة من الشعراء فأكثروا ولم يبلغوا وصف الآئة بل قصروا وهو قليل الابتهاج بالشعر زيادة في تواضعه لعلو القدرة فالله يديم على الرعية ظله وينشر فيهم رأفته وعدله ويبلغه في دينه ودنياه مأموله ويختم بالسعادة والتوفيق أعماله فهو بالإجابة جدير وعلى ما يشاء قدير والله أعلم)0

الناصر
07-09-2006, 11:22 AM
قال أبو شامة المقدسي رحمه الله في مقدمة كنابه كتابه عيون الروضتين في أخبار الدولتين:( فإن كثيراً ممن يحفظ شيئا من الوقائع يفوته معرفة نسبتها إلى أربابها، وإن نسبها خلط فيها وصرفها عن أصحابها. وهو باب واسع غزير الفوائد، صعب المصادر والموارد؛ زلت فيه قدم كثير من نقلة الأخبار ورواة الآثار.ثم أردت أن أجمع من هذا العلم كتاباً يكون حاويا لما حصلته، وأتقن فيه ما خبرته،فعمدت إلى أكبر كتاب وضع في هذا الفن على طريقة المحدثين، وهو تاريخ مدينة دمشق
حماها الله عز وجل الذي صنفه الحافظ الثقة أبو القاسم على بن الحسن العساكرى رحمه الله، وهو ثمانمائة جزء في ثمانين مجلدا، فاًختصرته، وهذبته، وزدته فوائد من كتب أخرى جليله وأتقنته، ووقف عليه العلماء، وسمعه الشيوخ والفضلاء ومر بي فيه من الملوك المتاخرين، ترجمة الملك العادل نور الدين؛ فاطر بني ما رأيت من آثاره، وسمعت من أخباره، مع تأخر زمانه، وتغير خلانه. ثم وقفت بعد ذلك في غير هذا الكتاب على سيرة سيد
الملوك بعده، الملك الناصر صلاح الدين. فوجدتهما في المتاخرين، كالعُمَرين رضي الله عنهما في المتقدمين؛ فإن كل ثان من الفريقين حذا حذو من تقدمه في العدل والجهاد، واجتهد في إعزاز دين الله أى الجهاد، وهما ملكا بلدتنا، وسلطانا خطتنا، خصنا الله تعالى بهما
فوجب علينا القيام بذكر فضلهما. فعزمت على إفراد ذكر دولتيهما بتصنيف، يتضمن التقريظ لهما والتعريف. فلعله يقف عليه من الملوك، من يسلك في ولايته ذلك السلوك، فلا أبعد أنهما حجة من الله على الملوك المتأخرين، وذكرى منه سبحانه فإن الذكرى تنفع
المؤمنين. فإنهم قد يستبعدون من أنفسهم طريقة الخلفاء الراشدين، ومن حذا حذوهم من الأئمة السابقين؛ و يقولون: نحن في الزمن الأخير، وما لأولئك من نظير. فكان فيما قدر الله سبحانه من سيرة هذين الملكين إلزام الحجة عليهم، بمن هو في عصرهم، من بعض ملوك دهرهم، فلن يعجز عن التشبه بهما أحد، إن وفق الله تعالى الكريم وسدد واخذت ذلك من قول أبي صالح شعيب بن حرب المدائني رحمه الله وكان أحد السادة الأكابر في الحفظ والدين قال: إني لأحسب يجاء بسفيان الثوري يوم القيامة حجة من الله تعالى على هذا الخلق، يقال لهم إن لم تدركوا نبيكم فقد أدركتم سفيان؛ ألا اقتديتم به ؟! وهكذا أقول هذان الملكان حجة على المتأخرين من الملوك والسلاطين. فَلِله درهما من ملكين تعاقبا على حسن السيرة، وجميل السريرة. وهما حنفي وشافعي، شفى الله بهما كل غى،
وظهرت بهما من خالقهما العناية، فتقاربا حتى في العمر ومدة الولاية. وهذه نكتة قل من فطن لها ونبه عليها، ولطيفة هداني الله بتوفيقه إليها. وذلك أن نور الدين رحمه الله ولدسنة إحدى عشرة وخمسمائة وتوفى سنة تسع وستين، وولد صلاح الدين رحمه الله سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وتوفى سنة تسع وثمانين. فكان نور الدين أسن من صلاح الدين بسنة واحدة وبعض أخرى، وكلاهما لم يستكمل ستين سنة. فانظر كيف اتفق أن بين وفاتيهما عشرين سنة، وبين مولدهما إحدى وعشرين سنة. وملك نور الدين دمشق سنة
تسع وأربعين، وملكها صلاح الدين سنة سبعين؛ فبقيت دمشق في الملكة الفورية عشرين سنة، وفي المملكة الصلاحية تسع عشرة سنة، تمحى فيه السيئة وتكتب الحسنة؛ وهذا من عجيب ما اتفق في العمر ومدة الولاية ببلدة معينة لملكين متعاقبين؛ مع قرب الشبه
بينهما في سيرتهما، والفضل للمتقدم؛ فكأن زيادة مدة نور الدين كالتنبيه على زيادة فضله، والإرشاد إلى عظم محله، فإنه أصل ذلك الخير كله، مهد الأمور بعدله وجهاده وهيبته في جميع بلاده، مع شدة الفتق، واتساع الخرق وفتح من البلاد ما استعين به على مداومة الجهاد فهان على من بعده على الحقيقة، سلوك تلك الطريقة، لكن صلاح الدين أكثر جهادا، وأهم بلادا، صبر وصابر، ورابط وثابر، وذخر له من الفتوح أنفسه، وهو فتح الأرض المقدسة فرضى الله عنهما فما أحقهما بقول الشاعر:
"كم ترك الأول للآخر"
وألبس الله هاتيك العظام، وإن*** بلين تحت الثرى، عفوا وغفرانا
سق ثرى أودعوه رحمة ملأت *** مثوى قبورهم روحا وريحانا
وقد سبقني إلى تدوين مآثرهما جماعة من العلماء، والأكابر الفضلاء. فذكر الحافظ الثقة أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي في تاريخه ترجمة حسنة لنور الدين محمود بن زنكي رحمه الله، ولأجله تمم ذلك الكتاب وذكر اسمه في خطبته. وذكر الرئيس أبو يعلى حمزة ابن أسد التميمي في مذيل التاريخ الدمشقي قطعة صالحة من أوائل الدولة النورية إلى سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وصنف الشيخ الفاضل عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري، عرف بابن الأثير، مجلدة في الأيام الأتابكية كلها وما جرى فيه،وفيه شيء من أخبار الدولة الصلاحية لتعلق إحدى الدولتين بالأخرى لكونها متفرعة عنها. وصنف القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تمتم الموصلي. عرف بابن شداد قاضي حلب مجلدة في الأيام الصلاحية وسياق ما تيسر فيها من الفتوح، واستفتح كتابه بشرح منلقب صلاح الدين رحمه الله تعالى. وصنف الإمام العالم عماد الدين الكاتب أبو حامد محمد بن محمد حامد الأصفهاني كتابين كلاهما مسجوع متقن بالألفاط الفصيحة والمعاني الصحيحة؛ أحدهما الفتح القدسي، اقتصر فيه على فتوح صلاح الدين وسيرته، فاستفتحه بسنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. والثاني البرق الشامي ذكر فيه الوقائع
والحوادث من الغزوات والفتوحات وغيرهما مما وقع من سنة وروده دمشق، وهي سنة اثنتين وستين وخمسمائة إلى سنة وفاة صلاح الدين وهي سنة تسع وثمانين فاشتمل على قطعة كبيرة من أخبار أواخر الدولة النورية. إلا أن العماد في كتابيه طويل النفس في السجع والصف، يمل الناظر فيه، ويذهل طالب معرفة الوقائع عما سبق من القول و ينسيه.فحذفت تلك الأسجاع إلا قليلا منها، استحسنتها في مواضعها، ولم تك خارجة عن الغرض المقصود من التعريف بالحوادث والوقائع، نحو ما ستراه في أخبار فتح بيت المقدس شرفه الله تعالى وانتزعت المقصود من الأخبار، من بين تلك الرسائل الطوال، والأسجاع المفضية إلى الملال، وأردت أن يفهم الكلام الخاص والعام. واخترت من تلك الأشعار الكثيرة قليلا مما يتعلق بالقصص وشرح الحال، وما فيه نكتة غريبة، وفائدة لطيفة.ووفقت على مجلدات من الرسائل الفاضلية، وعلى جملة من من الأشعار العمادية مما ذكره في ديوانه دون برقه؛ وعلى كتب أخر من دواوين وغيرها، فالتقطت منها أشياء مما يتعلق بالدولتين أو بإحداهما؛ و بعضه سمعته من أفواه الرجال الثقات، من المدكرين لتلك الأوقات. فاختصرت جميع ما في ذلك من أخبار الدولتين، وما حدث في مدتهما من وفاة خليفة أو وزير، أو أمير كبير، أو ذى قدر خطير، وغيرذلك. فجاء مجموعا لطيفا، كتابا طريفا، يصلح لمطالعة الملوك والأكابر، من ذوي المآثر والمفاخر. وسميته "كتاب الروضتين في أخبار الدولتين". ولله در حبيب بن أوس حيت يقول:
ثم انقضت تلك السنون وأهلها*** فكأنها وكأنهم أحلام)

الناصر
07-12-2006, 06:21 PM
5 – شيركوه عم صلاح الدين الأيوبي رحمهم الله جميعا :
قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله في تأريخ دمشق ج 32 ص 284 :( ذكر من اسمه شيركوه

2784 شيركوه بن شادي المعروف بأسد الدين تولى دمشق مدة وقام بحرب الفرنج وفتح حصونهم غير مرة وكان شجاعا مقداما صار مهيبا وحج بالناس سنة خمس وخمسين وخمس مائة ثم قصد ديار مصر على ثلاث دفعات خلعها في الثالثة وكان مفتاحا للخير بها ويسر الله دعوة الحق والقبول والسنة بها على يدي الملك الناصر صلاح الدين أدام الله أيامه وكان قد استخلف الملك الناصر بها وكانت أيام أسد الدين بمصر نحوا من ستين يوما وتوفي رحمه الله بمصر في يوم السبت سنة أربع وستين وخمسمائة بعد أن حصرها الفرنج خذلهم الله وطمعوا في ملكها واستعانوا أهلها بأسد الدين فأتاهم معينا لهم فرد الفرنج عنهم وقتل شاور الجذامي واستولى على ديار مصر وله منة على كل مسلم باستنقاذ ديار مصر من أيدي الفرنج)

الناصر
08-25-2006, 06:40 PM
6 - أبو عثمان الحيري الزاهد رحمه الله
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء في ترجمته :( 3-أَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ، سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدٍ
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الوَاعِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، الأُسْتَاذُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحِيْرِيُّ000 قَالَ الحَاكِمُ:قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ لِصُحْبَةِ الأُسْتَاذِ أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مَجْمَعَ العُبَّادِ وَالزُّهَّادِ.
وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيُجِلُّ العُلَمَاءَ وَيُعَظِّمُهُم.
سَمِعَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانِ(صَحِيْحَهِ)المُخَرَّجَ عَلَى مُسْلِمٍ بِلَفْظِهِ، وَكَانَ إِذَا بَلَغَ سُنَّةً لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا، وَقَفَ عِنْدَهَا حَتَّى يَسْتَعْمِلَهَا.
قُلْتُ:هُوَ لِلْخُرَاسَانِيِّيْنَ نَظِيْرُ الجُنَيْدِ لِلْعِرَاقِيِّينَ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ:سُرُورُكَ بِالدُّنْيَا أَذْهَبَ سُرُورَكَ بِاللهِ عَنْ قَلْبِكَ.
قَالَ ابْنُ نُجَيدٍ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:لاَ تَثِقَنَّ بِمَوَدَةِ مَنْ لاَ يُحِبَّكَ إِلاَّ مَعْصُوْماً.(14/64)
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ:سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
مَنْ أَمَّرَ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلاً وَفِعْلاً، نَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَمَنْ أَمَّرَ الهَوَى عَلَى نَفْسِهِ، نَطَقَ بِالبِدْعَةِ، قَالَ تَعَالَى:{وَإِنْ تُطِيْعُوْهُ تَهْتَدُوا} [النُّوْرُ:54].
قُلْتُ:وَقَالَ تَعَالَى:{وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيْلِ اللهِ} [ص:26].
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيِّ، قَالَ:لاَ يَكْمُلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَلْبُهُ فِي المَنْعِ وَالعَطَاءِ، وَفِي العِزِّ وَالذُّلِّ.
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لأَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانَ:أَلَسْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِيْنَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟
قَالَ:بَلَى.
قَالَ:فَرَسُوْلُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-سَيِّدُ الصَّالِحِيْنَ.000الحَاكِمُ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ، مُنِعَ النَّاسُ مِنْ حُضُوْرِ مَجَالِسِ الحَدِيْثِ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ الخُجُسْتَانِيِّ، فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ يَحْمِلُ مِحْبَرَةٍ، إِلَى أَنْ وَردَ السَّرِيُّ بنُ خُزَيْمَةَ، فَقَامَ الزَّاهِدُ أَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ، وَجَمَعَ المُحَدِّثِيْنَ فِي مَسْجِدِهِ، وَعَلَّقَ بِيَدِهِ مِحْبَرَةً، وَتَقَدَّمَهُم، إِلَى أَنْ جَاءَ إِلَى خَانِ مَحْمَشٍ، فَأَخْرَجَ السَّرِيَّ، وَأَجْلَسَ المُسْتَمْلِي، فَحَزَرْنَا مَجْلِسَهُ زِيَادَةً عَلَى أَلفِ مِحْبَرَةٍ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَامُوا، وَقَبَّلُوا رَأْسَ أَبِي عُثْمَانَ، وَنَثَرَ النَّاسُ عَلَيْهِمُ الدَّرَاهِمَ وَالسُّكَّرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ000)
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره في سورة البقرة عند قول الله تعالى:( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم):( وقال أبو عمرو بن مطر: حضرت مجلس أبي عثمان الحيري الزاهد فخرج وقعد على موضعه الذي كان يقعد عليه للتذكير، فسكت حتى طال سكوته، فناداه رجل كان يعرف بأبي العباس: ترى أن تقول في سكوتك شيئا؟ فأنشأ يقول:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى * طبيب يداوي والطبيب مريض
قال: فارتفعت الأصوات بالبكاء والضجيج.)
قال المناوي رحمه الله في فيض القديرج2 ص456 :(حكى القشيري أن الحيري دعاه رجل إلى ضيافة فلما وافى باب داره قال: ليس لي حاجة بك وندمت فانصرف وعاد إليه وقال: احضر الساعة فوصل باب داره فقال له: كذلك وهكذا خمس مرات فقال: يا أستاذ إنما اختبرتك واعتذر إليه ومدحه فقال: تمدحني على خلق تجد مثله في الكلب فإنه إذا دعى حضر وإذا زجر انزجر)0
وقال المناوي رحمه الله في فيض القدير ج4 حرف السين :( روي أن أبا عثمان الحيري اجتاز سكة فطرحت عليه أجانة رماد فنزل عن دابته وجعل ينفضه عن ثيابه ولم يتكلم فقيل: ألا تزجرهم فقال: من استحق النار فصولح على الرماد لم يحسن أن يغضب وقالت امرأة لمالك بن دينار: يا مرائي فقال: هذه وجدت اسمي الذي أضله أهل البصرة)
وقال العجلوني رحمه الله في كشف الخفاء عند حديث
حرف الميم.
2350 - من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار) ذكر أن الحاكم رحمه الله قال:( قال سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الضبعي إمام الشافعية بنيسابور يقول التقيت مع أبي عثمان الحيري في يوم عيد في المصلى وكان من عادته إذا التقى بواحد منا يسأله بحضرة الناس عن مسائل فقهية يريد بذلك إجلاله وزيادة محله عند العوام فسألني بحضرة الناس في مصلى العيد عن مسائل فلما فرغ منها قلت له أيها الأستاذ في قلبي شيء أردت أن أسألك عنه منذ حين قال قل قلت إني رجل قد دفعت إلى صحبة الناس وحضور هذه المحافل وإني ربما أدخل مجلسا فيقوم لي بعض الحاضرين ويتقاعد عن القيام لي بعضهم فأجدني أنقم على المتقاعد حتى لو قدرت على الإساءة عليه فعلت قال فلما فرغت سكت أبو عثمان وتغير لونه ولم يجبني بشيء فلما رأيته تغير سكت ثم انصرفت من المصلى فلما كان بعد العصر قعدت وأذنت للناس فدخل علي عند المساء جار لي قلما كان يتخلف عن مجلس أبي عثمان فقلت له من أين أقبلت قال من مجلس أبي عثمان قلت فيما كان يتكلم قال أخذ في المجلس من أوله إلى آخره في رجل كان ظنه به أجمل ظن فأخبره عن سره بشيء أنكره أبو عثمان وتغير ظنه به قال أبو بكر فعلمت أنه حديثي قلت وبماذا ختم حديث ذاك الرجل قال قال أبو عثمان أظهر لي من باطنه شيئا لم أشم منه رائحة الإيمان ويشبه أن يكون على الضلال ما لم تطهره توبته من الذي أخبرني به عن نفسه.
قال الشيخ أبو بكر فوقع علي البكاء وتبت إلى الله عز وجل مما كنت عليه انتهى، والابتلاء بهذا كثير نسأل الله العافية)

الناصر
02-14-2007, 09:23 AM
للرفع والتذكير

12d8c7a34f47c2e9d3==