المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كلام الشيخ عبد العزيز بن باز في الإيمان


كيف حالك ؟

أبو فاطمة
05-27-2006, 07:06 PM
ومما يجب التنبيه عليه أن كثيرا من الناس قد يتساهل بالصلاة وهي عمود الإسلام وأهم الفرائض بعد الشهادتين .

فالواجب العناية بها والمحافظة عليها في أوقاتها وأداء الرجال لها مع إخوانهم في بيوت الله . وكثيرا من الناس قد يصلي في البيت ، وربما صلى وقتا دون وقت , وهذا خطأ عظيم ومنكر خطير , وقد قال (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 29) عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : سنن الترمذي الإيمان (2621),سنن النسائي الصلاة (463),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079),مسند أحمد بن حنبل (5/346). العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصين رضي الله عنه وقال عليه الصلاة والسلام : صحيح مسلم الإيمان (82),سنن الترمذي الإيمان (2620),سنن أبو داود السنة (4678),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078),مسند أحمد بن حنبل (3/370),سنن الدارمي الصلاة (1233). بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه . وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على من تخلف عن الصلاة في الجماعة بيوتهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651),سنن الترمذي الصلاة (217),سنن النسائي الإمامة (848),سنن أبو داود الصلاة (548),سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (791),مسند أحمد بن حنبل (2/531). لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق علهم بيوتهم متفق عليه .

وهذا يدل على تعين أداء الصلاة بالجماعة في بيوت الله عز وجل وأن من تخلف عنها يستحق العقوبة , ويقول عليه الصلاة والسلام : سنن أبو داود الصلاة (551),سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (793). من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر أخرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم بإسناد على شرط مسلم .

وسئل ابن عباس عن العذر فقال : خوف أو مرض . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (653),سنن النسائي الإمامة (850). أن رجلا أعمى قال : يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : هل تسمع النداء للصلاة ؟ قال : نعم . قال : فأجب ; فكيف يجوز بعد هذا لمن يخاف الله ويرجوه أن يصلي في بيته ويتشبه بأهل النفاق الذين قال فيهم سورة النساء الآية 142 إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا وقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651),سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (797),مسند أحمد بن حنبل (2/531),سنن الدارمي الصلاة (1273). أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا متفق على صحته . . وقال (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 30) عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يعني من الصحابة يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف أخرجه مسلم في صحيحه .

وقد قال الله عز وجل سورة التوبة الآية 71 وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ويقول سبحانه : سورة البقرة الآية 238 حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ويقول عز وجل : سورة البقرة الآية 43 وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ

ومن أهم الأمور في الصلاة الخشوع فيها والإقبال عليها بالقلب والقالب حتى يؤديها المصلي خاشعا مطمئنا خاضعا لربه محضرا قلبه بين يديه سبحانه وتعالى يرجو رحمته ويخشى عقابه , لا ينقرها كالمنافقين ولا يذهب قلبه ها هنا وها هنا بل يجمع قلبه على الصلاة حتى يفرغ منها ويستحضر أنه بين يدي الله عز وجل يرجو رحمته ويخشى عقابه . يقول الله سبحانه : سورة المؤمنون الآية 1 قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ سورة المؤمنون الآية 2 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ثم ذكر صفات جليلة للمؤمنين ثم قال في آخرها سورة المؤمنون الآية 9 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ سورة المؤمنون الآية 10 أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ سورة المؤمنون الآية 11 الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ولا يجوز للمسلم ولا للمسلمة التشبه بأعداء الله المنافقين في التساهل (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 31) بالصلاة والتثاقل عنها وعدم الطمأنينة فيها , بل الواجب العناية بها والمحافظة عليها في الجماعة في أوقاتها كما شرع الله وكما أوجب سبحانه وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الكرام والتابعين لهم بإحسان .

أما زكاة المال فهي من أعظم الفرائض وهي الركن الثالث من أركان الإسلام . فالواجب العناية بأدائها وصرفها في أهلها المستحقين لها .

وهكذا صوم رمضان تجب العناية به في وقته والمحافظة عليه وهو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة , وتجب صيانة الصيام عن ما حرم الله حتى يؤديه العبد كما شرع الله ، وحتى تكفر به خطاياه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري صلاة التراويح (1910),صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (760),سنن الترمذي الصوم (683),سنن النسائي الصيام (2202),مسند أحمد بن حنبل (2/241). من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه متفق على صحته .

وهكذا الحج لمن استطاع السبيل إليه . فالواجب على كل مسلم ومسلمة البدار بحج بيت الله الحرام مرة في العمر مع الاستطاعة لقول الله عز وجل : سورة آل عمران الآية 97 وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا الآية . وهو من أسباب المغفرة وتكفير الذنوب دخول الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الحج (1683),صحيح مسلم الحج (1349),سنن الترمذي الحج (933),سنن النسائي مناسك الحج (2629),سنن ابن ماجه المناسك (2888),مسند أحمد بن حنبل (2/462),موطأ مالك الحج (776). العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وقال صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الحج (1449),صحيح مسلم الحج (1350),سنن النسائي مناسك الحج (2627),سنن ابن ماجه المناسك (2889),مسند أحمد بن حنبل (2/248),سنن الدارمي المناسك (1796). من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق على صحتهما .

ومن أهم الفرائض بعد أركان الإسلام الخمسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وهو من صفات المؤمنين والمؤمنات وأعمالهم العظيمة كما في قوله تعالى : سورة التوبة الآية 71 وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ الآية . . وقدم سبحانه الأمر بالمعروف والنهي (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 32) عن المنكر على الصلاة في هذه الآية لعظم شأنه وكونه من المصلحة الهامة للمسلمين , كما قدم ذكره على الإيمان في قوله تعالى : سورة آل عمران الآية 110 كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ

فالواجب على جميع المؤمنين والمؤمنات التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر والتواصي بالحق والصبر عليه ؛ عملا بهذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث وعملا بقوله عز وجل : سورة العصر الآية 1 وَالْعَصْرِ سورة العصر الآية 2 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ سورة العصر الآية 3 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فالواجب على مسلم رأى من أخيه تقصيرا في الصلاة أو ارتكابا لبعض المحرمات أن ينصحه بالرفق والأسلوب الحسن كما قال الله عز وجل : سورة النحل الآية 125 ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (6528),سنن الترمذي الاستئذان والآداب (2701),سنن الدارمي الرقاق (2794). إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وقال صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2594),سنن أبو داود الجهاد (2478),مسند أحمد بن حنبل (6/125). عليكم بالرفق فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه فإذا رأيت من أخيك تكاسلا وتثاقلا عن الصلاة في الجماعة فانصح له باللين وبالرفق وبالحكمة . وإذا رأيته سيء الخلق مع إخوانه فانصح له حتى يتواضع ويحسن خلقه مع إخوانه , وإذا رأيته يعق والديه أو أحدها أو علمت ذلك من طريق الثقات فانصحه وأمره بتقوى الله وببر والديه , أو رأيته يسيء إلى أقاربه أو إلى زوجته وأهل بيته فانصح له وقل : يا أخي اتق الله خيركم خيركم لأهله , ووضح له أن الواجب النصيحة للأهل وإكرامهم وعدم إيذائهم بالكلام السيئ أو الفعل السيئ وعليه أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 33) والكلام الطيب والأسلوب الحسن كما قال تعالى : سورة التحريم الآية 6 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ وقال سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : سورة طه الآية 132 وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات ومن أعظم الفرائض في حق الرجال والنساء جميعا ، لما دل عليه كتاب الله العزيز وسنة رسوله الكريم مثل قوله سبحانه : سورة التوبة الآية 71 وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الإيمان (49),سنن الترمذي الفتن (2172),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5008),سنن أبو داود الصلاة (1140),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275),مسند أحمد بن حنبل (3/10). من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم في صحيحه . فهذا هو الواجب بين المؤمنين والمؤمنات .

وإذا تركوا هذا الواجب فشا بينهم المنكر وخشي عليهم من حلول العقوبات العامة ولا حول ولا قوة إلا بالله , لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام : سنن الترمذي الفتن (2168),سنن ابن ماجه الفتن (4005). إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده خرجه الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه , ويقول الله عز وجل في كتابه العظيم عن بني إسرائيل : سورة المائدة الآية 78 لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ سورة المائدة الآية 79 كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما تلا هذه الآية قال : سنن أبو داود الملاحم (4336). كلا والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه وفي رواية (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 34) الظالم - ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم أخرجه أبو داود فنسأل الله السلامة والعافية من كل شر وفتنة . ولا شك أن الأمر عظيم وجدير بالعناية من المسلمين; لأن التناصح بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات العظيمة ومن أسباب صلاح العامة والخاصة .

وقد قال الله سبحانه : سورة العصر الآية 1 وَالْعَصْرِ سورة العصر الآية 2 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ سورة العصر الآية 3 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فبين سبحانه أن هذه الصفات الأربع هي أخلاق الرابحين وهي صفات المؤمنين الناجين من عذاب الله في الدنيا والآخرة . وقد حكم ربنا سبحانه أن غيرهم في خسران وأقسم على هذا بقوله سورة العصر الآية 1 وَالْعَصْرِ وهو الصادق سبحانه وإن لم يقسم جل وعلا , ولكنه سبحانه أقسم بالعصر لتأكيد المقام والتحذير من أسباب الخسران , والعصر هو الزمان ; الليل والنهار , ويقال لهما : العصران ، ويقال لآخر النهار : العصر , . والمراد هذا الليل والنهار لأنهما محل أعمال العباد , وهو سبحانه يقسم بما شاء من خلقه كما أقسم بالسماء والطارق وبالسماء ذات البروج وبالشمس وضحاها وبالضحى وبالتين إلى غير ذلك , فهو يقسم سبحانه بما شاء من مخلوقاته الدالة على عظمته وكبريائه واستحقاقه للعبادة سبحانه وتعالى , أما العباد فليس لهم أن يحلفوا إلا بالله وحده سبحانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الشهادات (2533),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1534),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341). من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وقال عليه الصلاة والسلام : صحيح البخاري الأدب (5757),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1535),سنن النسائي الأيمان والنذور (3766),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3251),سنن ابن ماجه الكفارات (2094),مسند أحمد بن حنبل (2/69),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341). من حلف بغير الله فقد أشرك فليس لأحد أن يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى .

ولا يجوز الحلف بغير الله لا بالأنبياء ولا بالصالحين ولا بالملائكة ولا بالأمانة ولا بغير ذلك بل يجب أن يكون القسم بالله سبحانه وتعالى , أما هو سبحانه فله أن يقسم بما شاء لكونه الحكم العدل المالك لكل (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 35) شيء المتصرف في خلقه كيف يشاء ولا أحد يحجر عليه في ملكه , ولأن في إقسامه بما أقسم به من مخلوقاته دلائل على عظمته واستحقاق للعبادة دون كل ما سواه .

وقد أقسم سبحانه بالعصر أن الإنسان لفي خسر , فجميع الناس في خسارة ونقص وعواقب وخيمة سورة العصر الآية 3 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فهؤلاء هم الرابحون والسعداء . فجدير بنا أيها الإخوة أن نتخلق بهذه الأخلاق الإيمانية الصادقة وأن نتواصى بها ونصبر عليها حتى يستقر حبها والإيمان بها في القلوب .

ومعلوم أن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . ولأهل السنة عبارة أخرى في هذا الباب وهي أن الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي , وكلتا العبارتين صحيحة , فهو قول وعمل , يعني قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح وهو قول وعمل واعتقاد ; قول باللسان وعمل بالجوارح واعتقاد بالقلب , فالجهاد في سبيل الله والصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر الأعمال المشروعة كلها أعمال خيرية , وهي من شعب الإيمان التي يزيد بها الإيمان وينقص بنقصها عند أهل السنة والجماعة ; وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإلاحسان .

فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله وسائر الأعمال المشروعة كلها من شعب الإيمان التي يزيد بها الإيمان وينقص بنقصها . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الإيمان (35),سنن الترمذي الإيمان (2614),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5005),سنن أبو داود السنة (4676),سنن ابن ماجه المقدمة (57),مسند أحمد بن حنبل (2/414). الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان متفق على صحته .

فلا يربح الناس ولا يسعدون ولا تحصل لهم النجاة في الدنيا والآخرة (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 36) إلا بهذه الصفات الأربع : الإيمان الصادق والعمل الصالح وهو من الإيمان وإنما عطفه عليه لمزيد التأكيد والإيضاح ولأنه نتيجته وثمرته , والتواصي بالحق والتواصي بالصبر وكلاهما أيضا من الإيمان , وإنما نبه عليهما سبحانه لعظم شأنهما ولشدة الحاجة إليها , فالرابحون هم الذين آمنوا بالله ورسوله إيمانا صادقا وآمنوا بأن الله معبودهم الحق وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبجميع المرسلين وآمنوا بكتب الله وملائكته ورسله وآمنوا باليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وآمنوا بكل ما أخبر الله به ورسوله .

هؤلاء هم الناجون والرابحون , ثم قال بعد هذا وتواصوا بالحق وهذه صفة ثالثة وهي من جملة العمل الصالح ومن جملة الإيمان ولكن الله سبحانه نبه عليه لعظم شأنه ; لأن التواصي معناه التناصح والتعاون على الخير والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل هذا من جملة التناصح والتواصي كما قال عليه الصلاة والسلام : صحيح مسلم الإيمان (55),سنن النسائي البيعة (4198),سنن أبو داود الأدب (4944),مسند أحمد بن حنبل (4/102). الدين النصيحة ، قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .

ثم ذكر سبحانه الخصلة الرابعة وهي التواصي بالصبر لشدة الحاجة إليه . فهكذا المؤمنون والرابحون والسعداء من الرجال والنساء يؤمنون بالله وباليوم الآخر إيمانا صادقا مستقرا في القلوب , وقد أخلصوا لله في أعمالهم ووحدوه سبحانه وآمنوا به وبما أخبر به في كتابه وبما أخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام وحققوا هذا الإيمان بالعمل الصالح .

فأدوا الصلاة وأدوا الزكاة وصاموا وحجوا واجتهدوا وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إلى غير هذا من أعمال الإيمان . ومن جملة ذلك الخصلة الثالثة التواصي بالحق وهو عمل من أعمال الإيمان , لكنه لما كان له شأن عظيم خصه بالذكر كما تقدم ليتناصح الناس وليتآمروا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر ويتعاونوا على البر والتقوى ويدعوا إلى الله ويرشدوا إليه , وهكذا الخصلة الرابعة (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 37) وهي التواصي بالصبر نبه عليها سبحانه لعظم شأنها وشدة الضرورة إليها; لأن الأمور كلها لا تحصل إلا بالله سبحانه ثم بالصبر .

فالواجب على أهل الإيمان الصبر على أداء الحق والكف عن الباطل والاستعانة بالله في ذلك وبذلك يفوزون بالربح العظيم والعاقبة الحميدة والفلاح في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : سورة هود الآية 49 فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ وقال سبحانه : سورة آل عمران الآية 200 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ والآيات في هذا المعنى كثيرة .

فالعباد في أشد الحاجة والضرورة إلى الضراعة إلى الله وسؤاله الهداية . فإنه الهادي الموفق سبحانه وتعالى , فمن يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

فالمؤمن والمؤمنة يضرعان إلى الله ويسألانه الهداية والتوفيق ويعملان بإيمان صادق وإخلاص تام وتواص بالحق وتواص بالصبر , كما قال الله تعالى : سورة غافر الآية 60 وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وقال سبحانه : سورة البقرة الآية 186 وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ فالمؤمن يتضرع إلى الله والمؤمنة تتضرع إلى الله ويسألانه سبحانه أن يوفقهما وأن يعينهما حتى يؤديا ما أوجب الله عليهما من الحقوق له سبحانه ولعباده .

(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 38) فالإيمان كما تقدم بضع وسبعون شعبة أعلاها وأفضلها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق كحجر أو شوك أو نحوهما . والحياء من الإيمان وهو خلق كريم يقوم بالقلب يمنع من سفاسف الأخلاق وسيئ الأعمال ويدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال كما قال صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الأدب (5766),صحيح مسلم الإيمان (37),مسند أحمد بن حنبل (4/427). الحياء لا يأتي إلا بخير وفي لفظ آخر صحيح مسلم الإيمان (37),سنن أبو داود الأدب (4796),مسند أحمد بن حنبل (4/440). الحياء خير كله خرجهما مسلم في صحيحه . أما ما يدعو إلى الجبن والضعف عن القيام بأمر الله والغيرة لدينه والنصح لعباده فإنه ليس بحياء ولكنه خور وضعف لا يليق بالمؤمن التخلق به .

هذا وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وأن يرزقنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه وأن يجعلنا وإياكم من المسارعين إلى مراضيه والمستقيمين على أمره والمتحابين في جلاله والمتواصين بالحق والصبر عليه ، كما أسأله سبحانه أن ينصر دينه وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يولي عليهم خيارهم ويعيذهم من شرارهم , كما أسأله عز وجل أن يوفق حكومتنا لكل خير وأن يعينها على كل خير ويصلح لها البطانة وأن يجعلها موفقة في كل أعمالها وأقوالها وسيرتها وأن ينفع بها البلاد والعباد ، وأن يكثر أعوانها في الخير , كما أسأله عز وجل أن يبارك في هذه المؤسسة وينفع بها المسلمين وأن يعين القائمين عليها على كل خير وأن ينفع بهم الأمة إنه جواد كريم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان .


وهنا المصدر

http://www.alifta.com/sites/iftaa/Re2asa/FatawaSubjectsBenBaz.aspx?View=Hit&NodeID=9504&PageNo=1&SectionID=4

12d8c7a34f47c2e9d3==