المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من القصائد المنسوبة لأبي العتاهية رحمه الله 3


كيف حالك ؟

الناصر
05-17-2006, 10:14 AM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
من أحس لي أهل القبـور ومن رأى *** مــن أحسهم لي بين أطبــاق الثــرى
مــن أحس لي من كنت آلفــه ويــأ *** لفني فقــد أنكــرت بعــد الملتقى
مــن أحسه إذ يعــالج غصــة *** متشاغــلا بعلاجهــا عمــن دعــى
من أحسه لي فــوق ظهــر سريــره *** يمشي بــه نفــر إلــى بيت البلــى
يا أيهـا الحي الذي هــو ميت *** أفنيــت عمــرك في التعلل والمنى
أمــا المشيب فقــد كسـاك رداءه **** وابتز عـن كتفيــك أثواب الضنا
ولقــد مضى القرن الذين عهــدتهم *** لسبيلهــم ولتلحقــن بمــن مضــى
ولقــل مــا تبقــى فكــن متــوقعــا *** ولقلما يصفــو ســرورك إن صفــا
وهى السبيــل فخــذ لنفسك عــدة *** فكــأن يومــك عــن قلــيل قــد أتــى
إن الغنــى لهــو القنــوع بعينــه *** مــا أبعــد الطمــع الحريص من الغنى
لا تشغلنــك لــو وليــت عــن الذي *** أصبحــت فيــه ولا لعــل ولا عســى
خــالف هواك إذا دعــاك لريبــة *** فلرب خيــر في مخالفــة الهــوى
علم المحجــة بيــن لمــريـده *** وأرى القلوب عـن المحجـة في عمــى
ولقــد عجبــت لهــالك ونجــاته *** موجــودة ولقــد عجبــت لمــن نجــا
وعجبت إذ نسى الحمــام وليس من*** دون الحمــام ولــو تأخــر منتهــى
ساعــات ليلك والنهــار كلاهمــا *** رســل إليــك وهــن يســرعــن الخطــا
ولئن نجــوت فإنمــا هي رحمــة *** الملك الرحيــم وإن هلكــت فبالجــزى
يــا ساكــن الدنيــا أمنت زوالهــا *** ولــقد تــرى الأيــام دائــرة الرحــى
ولكــم أبــاد الدهــر مــن متحصـن *** في رأس أرعن شاهــق صعب الذرى
أين الألى شادوا الحصون وجنــدوا *** فيهــا الجنــود تعــززا أيــن الألــى
أين الحمـاة الصابـرون حميــة *** يــوم الهيــاج لحرب مختلف القنــا
وذوو المنــابر والعســاكر والدســا *** كـر والمحاضر والمدائن والقرى
وذوو المراكب والكتائب والنجائب *** والمــراتب والمنــاصب في العلــى
أفنــاهم ملك الملــوك فأصبحـوا *** مـا منهــم أحــد يحــس ولا يــرى
وهـو الخفي الظاهـر الملك الذي **** هـو لم يزل ملكا على العرش استوى
وهـو المقــدر والمدبــر خلقــه *** وهــو الذي في الملك ليـس لــه سوى
وهــو الذي يقضــى بمــا هو أهله *** فينــا ولا يقضــى عليــه إذا قضــى
وهــو الذي أنجــى وأنقــذنا به *** بعد الضـلال من الضلال إلى الهــدى
حتـى متـى لا ترعـوي يـا صاحبي *** حتـى متـى حتـى متـى وإلـى متـى
والليل يذهـب والنهــار وفيهمـا *** عبـر تمر وفكـرة لألي النهــى
يا معشر الأمـوات يا ضيفــان ترب *** الأرض كيــف وجــدتم طعــم الثــرى
أهل القبور محى التراب وجـوهكم *** أهــل القبــور تغيــرت تلك الحلى
أهل القبور كفى بنــئي ديــاركم *** إن الديــار بكــم لشاحطــة النـوى
كم مـن أخ لي قــد وقـفت بقبره *** فدعـوتـه للــه درك مــن فتــى
أأخى لـم تفكـر منيــة إذ أتت *** مــا كــان أطعمــك الطبيب وما سقى
أأخى كيف وجدت من سكناك في*** قبــر وكيــف وجــدت ضيــق المتكــى
قد كنـت أفـرق من فــراقك سالمــا *** فأجــل منــه فــراق دائــرة الردى
فاليـوم حـق لـى التوجـع إذ جــرى *** حكــم الإلــه علــى فيك بمــا جــرى
يبكيـك قلبي بعـد عيني حسـرة *** وتقطعـا منــه عليــك إذا بكــى
وإذا ذكــرتك يــا أخي تقطعـت *** كبدي فأفلــقــت الجــوانــح والحشــى .

الناصر
05-17-2006, 10:21 AM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
طَلَبتُكِ يا دُنيا، فأعذَرْتُ في الطّلبْ *** فما نِلْتُ إلاّ الهَمّ والغَمّ والنّصَبْ
فَلَمّا بدَا لي أنّني لَستُ واصِلاً *** إلى لَذّةٍ، إلاّ بأضْعافِها تَعَبْ
وأسرَعْتُ في ديني، ولم أقضِ بُغيَتي *** هرَبْتُ بديني منكِ، إن نَفَعَ الهرَبْ
تخَلّيْتُ مِمّا فيكِ جَهْدي، وطاقتي *** كمَا يَتَخَلّى القوْمُ من عَرّةِ الجرَبْ
فَما تَمّ لي يَوْماً إلى اللّيلِ مَنظَرٌ*** أُسَرّ بهِ، إلاّ أتى دونَهُ شَغَبْ
وإنّي لَمِمّنُ خَيّبَ اللهُ سَعْيَهُ، *** لَئنْ كنتُ أرْعَى لَقحَةً مُرّةَ الحلَبْ
أرَى لكَ أنْ لا تَستَطيبَ لخِلّةٍ، *** كأنّكَ فيها قَد أمِنْتَ منَ العَطَبْ
ألمْ تَرَها دارَ افتِراقٍ وفَجْعَةٍ، *** إذا رَغِبَ الإنسانُ فيها، فقد ذهَبْ
أُقَلّبُ طَرْفي مَرّةً بَعدَ مَرّةٍ، *** لأعْلَمَ ما في النّفسِ، والقلبُ يَنقلبْ
وسَرْبَلْتُ أخْلاقي قُنُوعاً وعِفّةً، *** فعِندي بأخلاقي كُنُوزٌ مِنَ الذّهَبْ
فلَمْ أرَ حَظّاً كالقُنوعِ لأهْلِهِ، *** وأن يُجملَ الإنسانُ ما عاش في الطّلبْ
ولمْ أرَ فَضْلاً تَمّ إلاّ بشيمَةٍ؛ *** ولم أرَ عَقْلاً صَحّ إلاّ على أدَبْ
ولمْ أرَ في الأعداءِ حينَ خَبَرْتُهُمْ *** عدوّاً، لعَقلِ المَرْء، أعدى من الغضَبْ
ولم أرَ بَينَ العُسْرِ خِلطَةً؛ ولم أرَ*** بَينَ الحَيّ والمَيتِ من سَبَبْ

الناصر
05-17-2006, 10:23 AM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
خَليليّ! إنّ الهَمّ قَدْ يَتَفَرّجُ، ***ومِنْ كانَ يَبغي الحَقّ، فالحقُّ أبلجُ
وذو الصّدقِ لا يرْتابُ، والعدلُ قائمٌ *** على طُرُقاتِ الحَقّ، والشّرُّ أعوَجُ
وأخلاقُ ذي التّقوَى وذي البِرّ في الدّجى *** لهُنّ سِراجٌ، بَينَ عَينَيْهِ، مُسرَجُ
ونِيّاتُ أهلِ الصّدقِ بِيضٌ نَقِيّةٌ، ***وألسُنُ أهلِ الصّدْقِ لا تَتَلَجْلَجُ
ولَيسَ لمَخلوقٍ على اللهِ حُجّةٌ،*** وليسَ لهُ منْ حُجّة اللهِ مَخرَجُ
وقد دَرَجَتْ مِنّا قُرُونٌ كَثيرَةٌ، *** ونَحنُ سنَمضِي بَعدَهنّ ونَدرُجُ
رُوَيْدَكَ، يا ذا القَصرِ في شَرَفاتِه، *** فإنّكَ عنَها تُستَخَفُّ، وتُزْعَجُ
وإنّكَ عَمّا اختَرْتُهُ لَمُبَعَّدٌ، *** وإنّكَ مِمّا في يَدَيْكَ لمُخْرَجُ
ألا رُبّ ذي ضَيْمٍ غَدا في كَرامَةٍ، *** ومُلْكٍ، بتيجانِ الخُلُودِ مُتَوَّجُ
لَعَمرُكَ ما الدّنْيا لَدَيّ نَفِيسَةٌ، *** وإنْ زَخرَفَ الغادونَ فيها وزَبْرَاجُوا
وإنْ كانَتِ الدّنْيا إليّ حَبيبَةً، *** فإنّي إلى حَظّي منَ الدّينِ أحوَجُ

الناصر
05-17-2006, 10:27 AM
قال أبو العتاهية رحمه الله
كلٌّ إلى الرّحمنِ مُنَقلَبُهْ؛ *** والخَلْقُ ما لا يَنْقَضِي عَجَبُهْ
ولَرُبّ غادِيَةٍ ورائِحَةٍ، *** لم يُنْجِ منها هارِباً هَرَبُهْ
ولرُبّ ذي نَشَبٍ تَكَنَّفَهُ *** حُبُّ الحَياةِ، وغَرّهُ نَشَبُهْ
قد صارَ مِمّا كانَ يَمْلِكُهُ *** صِفراً، وصارَ لغَيرِهِ سَلَبُه
ْ يا صاحِبَ الدّنْيا المُحِبَّ لهَا! *** أنتَ الذي لا يَنقَضِي تَعَبُهْ
أصلَحتَ داراً، هَمُْها أسَفٌ، *** جَمُّ الفُروعِ، كَثيرَةٌ شُعَبُهْ
إنّ استِهانَتَهَا بِمَنْ صَرَعَتْ، *** فبِقدْرِ ما تَسمُو بهِ رُتَبُه
ْ وإنِ استَوَتْ للنّملِ أجْنِحَةٌ، *** حتى يَطيرَ، فقدَ دَنَا عَطَبُهْ
إنّي حَلَبْتُ الدّهرَ أشْطُرَهُ، ***فرَأيْتُهُ لم يَصْفُ لي حَلَبُهْ
فتَوَقّ دَهرَكَ ما استَطَعتَ، ولا*** تَغرُرْكَ فِضّتُهُ، ولا ذَهَبُهْ
كَرَمُ الفتى التّقوَى، وقُوّتُهُ *** مَحض اليقينِ، ودينُهُ حَسَبُهْ
حِلْمُ الفَتى مِمّا يُزَيّنُهُ؛ *** وتَمامُ حِلْيَةِ فَضلِهِ أدَبْه
ْ والأرْضُ طَيّبَةٌ، وكلُّ بَني *** حَوّاءَ فيها واحِدٌ نَسَبهْ
إيتِ الأمورَ، وأنتَ تُبصِرُها، *** لا تأتِ ما لمْ تَدْرِ ما سبَبُهْ

الناصر
05-19-2006, 04:07 PM
قال إسماعيل بن القاسم بن سويد أبو العتاهية رحمه الله :
ولسنا على حلو القضاء ومرّه *** نرى حكماً فينا، من الله أعدلا
بلا خلقه بالخير والشر فتنة *** ليرغب فيما في يديه ويسألا
هو الأحد القيوم من بعد خلقه *** وما زال في ديمومة الملك أولا
وماخلق الإنسان إلا لغاية *** ولم يترك الإنسان في الأرض مهملا
كفى عبرة أني وأنك يا أخي *** نصرف تصريفاً لطيفاً ونبتلى
توهمت قوماً قد خلوا فكأنهم *** بأجمعهم كانوا خيالاً تخيلا
لقد كان أقوام من الناس قبلنا *** يعافون من هن الحلال المحللا
أبى المرء إلا أن يطول إغتراره *** وتأبى به الحالات إلا تنقلا
إذا أمَّل الإنسان أمراً فناله *** سما يبتغي فوق الذي كان أمّلا
وكم ذليل عزَّ من بعد ذلة *** وكم من رفيع صار في الأرض أسفلا
وكم من عظيم الشأن في قعر حفرةٍ *** تلحف فيها بالثرى وتسربلا
إذا اصطحب الأقوام كان أذلهم *** لأصحابه نفساً أبرَّ وأفضلا
وما الفضل في أن يؤثر المرءُ نفسه *** ولكن فضل المرء أن يتفضلا.

الناصر
05-20-2006, 10:18 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله تعالى :
ستباشر الأجداث وحدك *** وسيضحك الباكون بعدك
وستستجد بك البِلى *** وستُخلِق الأيام عهدك
وسيشتهي المتقرّبونَ *** إليك بعد البعد بُعدَكْ
لله درّك ما أجدَّكَ في *** الملاعبِ ما أجَدَّك
الموت ما لا بدَّ منـه *** على احترازكَ منه جَهدَك
فليُسرِعَنَّ بكَ البِلى *** وليقصِدَنَّ الحَيْنُ قصدك
ولَيُفنِيَنَّكَ بالذي *** أفنى أباك به وجَدَّك
لو قد ظعنت عن البيوت **** ودوحِها وسكنت لَحدَك
لم تنـتفع إلا بفِعـلٍ *** صالحٍ إن كانَ عندك
وإذا الأكفّ من الترابِ *** نُفِضنَ عنكَ تركت وحدَك
وكأنّ جمعك قد غدا *** ما بينهم حِصصًا وكدّك
يتلذّذون بما جمعـت *** لهم ولا يجدون فقدك

الناصر
05-22-2006, 07:23 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
أين القرون الماضية ؟ *** تركوا المنازل خاليه
فاستبدلت‏بهم ديا *** رهم الرياح الهاوية
وتشتتت عنها الجمو *** ع، وفارقتها الغاشية
فإذا محل للوحو *** ش، وللكلاب العاوية
درجوا فما أبقت صرو *** ف الدهر منهم باقية
لم يبق منهم بعدهم *** إلا العظام البالية

الناصر
05-22-2006, 07:25 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله تعالى :
يا دار ما لعقولنا *** مسرورة بك، راضية ؟
إنا لنعمر فيك نا *** حية ونترك ناحية
ما نرعوي للحادثا *** ت ولا الخطوب الجارية
والله لا تخفى عليه *** من الخلائق خافية
عجبا لنا ولجهلنا *** ان العقول لواهية
ان العقول لذاهلا *** ت غافلات لاهية

الناصر
05-22-2006, 10:31 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
قـطـعــت مــنــك حـبــائــل الآمـــال *** وحـطـطـت عـن ظـهـر الـمـطــي رحـالــي
ويـئـســت أن أبــقــى لــشــيء نــلــت *** مـمـا فـيـك يـا دنـيــا وأن يـبـقــى لــي
فـوجـدت بـرد الـيــأس بـيــن جـوانـحــي *** و أرحــت مــن حـلــي ومــن تـرحـالــي
و لـئــن يـأســت لــرب بـرقــةخلــب *** بــرقــة لـــذي طــمــع وبــرقـــة آل
فالآن أبـصـرت الـسـبـيــل إلــى الـهــدى *** وتـفـرغــت هــمــم عـــن الأشــغــال
ولـقـد أقــام لــي الـمـشـيــب نـعـائــه *** تـفــضــي إلـــى بـمــفــرق و قـــذال
ولـقـد رأيــت الـمــوت يـبــرق سـيـفــه *** بـيـد الـمنـيـة حـيـث كـنــت حـيـالــي
ولـقــد رأيــت عـلــى الـفـنــاء أدلـــة *** فـيـمـا تـنـكــر مــن تـصــرف حـالــي
و إذا اعـتـبــرت رأيــت خـطــب حــوادث *** يــجــريــن بـــــالأرزاق و الآجال
وإذا تـنـاســبــت الــرجــال فــمــا أرى *** نـســبا يـقــاس بـصــالــح الأعــمــال
وإذا بـحـثــت عــن الـتـقــي و جــدتــه *** رجـــلا يــصــدق قــولــه بــفــعــال
و إذا اتــقـــى الله امــــروء وأطاعه *** فــيــداه بــيــن مــكــارم و فــعـــال
و عـلـى الـتـقـي إذا تـرسـخ فــي التقى *** تـاجــان تـــاج سـكـيــنــة و جـــلال
و الـلـيــل يـذهــب و الـنـهــار تعاورا *** بـالـخـلــق فـــي الأدبـــار و الإقــبــال
و بـحـسـب مـن تـنـعــى إلـيــه نـفـســه *** مــنــه بــأيــام خــلـــت ولــيـــال
اضـرب بـطـرفـك حـيـث شـئــت فأنت *** فــي عــبــر لــهــن تـــدرك و توال
يـبـلـى الـحـديـد وأنــت فــي تـجـديــده *** و جـمـيــع مــا جــددت مـنــه فــبــال
مـالــي أراك لـحــر وجـهــك مـخــلــق *** أخلقت يــا دنـيــا وجــوه رجــالــي
قـسـت الـسـؤال فـكـان أعـظــم قـيـمــة *** مــن كــل عــارفــة جـــرت بــســؤال
كــن بـســؤال اشــد عـقــد ضـنــانــة ** مـمــن يــضــن عـلــيــك بــالأمــوال
و صـن الـمـحـامـد مـا اسـتـطـعـت فـإنـهـا *** فــي الــوزن تـرجــع بــذل كــل نـــوال
ولـقـد عـجـبـت مــن الـمـشـمــر مـالــه *** نـســي الـمـشـمــر زيــنــة الإقـــلال
وإذا ابـتـلـيــت بــبذل وجــهــك ســائــلا *** فـابـذلــه لـلـمـتـكــرم الـمـفــضــال
و إذا تـــعـــذرت الأمور ببـــلــــدة *** فـشــدد يـديــك بـعـاجــل الـتــرحــال
و اصـبـر عـلـى غـيــر الـزمــان فـإنـمــا *** فــرج الـشـدائــد مـثــل حــل عــقــال

الناصر
05-23-2006, 01:10 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
نَنْسَى المَنَايَا على أنّا لَهَـا غَـرَضُ
فَكَـمْ أُنَـاسٍ رَأَيْنَـاهُـمْ قَــدِ انقَـرَضُـوا
إنّــا لَنَـرْجُـو أُمُــوراً نَسْتَـعِـدّ لـهَــا
والموْتُ دونَ الَّذي نرْجُو معتـرضُ
لـلّـهِ دَرُّ بَـنـي الدّنْـيـا لَـقَــدْ غُـبِـنُـوا
فِيمَا اطمأنوا بهِ منْ جهْلِهِمْ ورضُوا
مَا أرْبَـحَ اللهُ فِـي الدُّنيـا تجـارَة َإنْ
سانٍ يَـرَى أنّهـا مِـنْ نَفسِـهِ عِـوَضُ
فَبئـسَـتِ الــدَّارُ داراً لاَ نـرَى أحـــداً
من أهلِها، ناصِحاً، لم يَعدُهُ غَـرَضُ
مَا بالُ مَـنْ عـرَفَ الدُّنْيَـا الدَّنيَّـة ُلاَ
يَنكَفّ عن هوىِ الدّنيـا ويَنقَبِـضُ
تَـصِـحّ أقْـــوالُ أقـــوامٍ بوَصْـفِـهِـمِ
وَفِـي القُـلُـوبِ إذا كشَّفْتَـهَـا مرضَ
والنَّاسُ فِـي غَفْلَـة عَمَّـا يُـرَادُ بِهِـمْ
وكُلُّهُمْ عـنْ جَديـدِ الأرْضِ منقـرضُ
والحـادِثَـاتُ بِـهَـا الأقْــدارُ جـارِيــة
وَالمَـرْءُ مُرْتَفـعٌ فيـهـا، وَمُنخَـفِـضُ
يَا ليْتَ شعري وقَدْ جَـدَّ الرَّحيـلُ بِنَـا
حَتَّى متَى نحْنُ فِي الغُرَّاتِ نرْتكِـضُ
نفسُ الحكيمُ إِلَى الخيـرَاتِ ساكِنَـة
وَقَلبُـهُ مِـنْ دَواعـي الشّـرّ مُنقَـبِـضُ
اصْبِرْ عَلَـى الحـقِّ تستعـذِبْ مغبَّتَـهُ
وَالصّبـرُ للحَـقّ أحيانـاً لَـهُ مَضَـضُ
ومَـا استرَبْـتَ فَـكُـنْ وقَّـافَـة ً حــذراً
قـد يُـبـرَمُ الأمــرُ أحْيـانـاً فينتقض

الناصر
05-23-2006, 10:42 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
أهـلَ الـقُـبــورِ عـلـيـكُــمُ مـنّــي الـسّــلامْ، *** إنّـــي أُكَـلّـمُــكُــمْ وَلَــيــسَ بــكـــم كــــلامْ
لا تـحـســبُــوا أنَّ الأحــبــة َ لـــم يــسُـــغْ *** مـنْ بـعـدِكـمْ، لـهـمُ الـشّـرابُ وَلا الـطّـعـامْ
كَـــلاّ لَــقَــدْ رَفَــضُــوكُــمُ، ,واسـتَــبــدَلــوا *** بــكُــمُ، وَفَـــرّقَ ذاتَ بَـيـنَــكُــمُ الــحِــمــامْ
والـخــلــقُ كُـلــهــمُ كـــذاكَ وكُــــلُّ مَــــنْ *** قــدْ مــاتَ لـيــسَ لــهُ عـلَــى حــيٍّ ذِمـــامْ
سـاءَلْــتُ أجــداثَ الـمُــلــوكِ، فـأخْــبَــرَتْ *** نيَ أنّــهُـــمْ، فــيــهِــنّ أعــضـــاءٌ وَهَـــــامْ
لــلــهِ مـــا وارَى الــتــرابُ مــــن الألــــى *** كـانــوا الـكِــرامَ هُـــمُ، إذا ذُكـــرَ الــكــرامْ
لــلــه مـــا وارى الــتــرابُ مــــنَ الأُلــــى *** كــانُــوا وجــارُهُـــمُ مــنــيــعٌ لا يُــضـــامْ
يــا صـاحِــبَــيّ! نَـســيــتُ دارَ إقـامَــتــي *** وَعَـمَــرْتُ داراً لـيــسَ لــي فـيـهــا مُـقــامْ
دارٌ يُــريــدُ الــدّهْـــرُ نُــقْــلَــة َ أهْــلِــهَــا *** وكـأنَّــهُــمْ عــمَّـــا يُــــرادُ بــهـــمْ نِــيـــامْ
مــــا نِــلـــتُ مــنــهَـــا لـــــذَّة ً إلا وقـــــدْ *** أبَــتِ الـحَــوادِثُ أنْ يـكــونَ لـهَــا تَــمــام

أبي التياح الضبعي
05-26-2006, 03:48 PM
أين القصائد المنسوبة إلى أبي العتاهية؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!

كيف منسوبة وأنت تكتب قال أبو العتاهية وقال أبو العتاهية

أنت تثبت الشعر له وتكتب بالعنوان منسوبة!!!!

الناصر
05-26-2006, 10:13 PM
من القصائد المنسوبة لأبي العتاهية رحمه الله
ثم بعد ذلك قال أبو العتاهية قال أبو العتاهية أنت تثبت له !!!
والجواب معنى الكلام قال أبو العتاهية رحمه الله فيما ينسب إليه بدليل العنوان
قال أبو العتاهية رحمه الله :
وما استربت فكن وقافة حذرا *** قد يبرم الأمر أحيانا فينتقض

الناصر
05-31-2006, 05:41 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
ليبك رسول الله من كان باكيا *** ويذكر قبرا بالمدينة ثاويا
ولن تسري الذكرى بما هي أهله *** إذا كنت للبر المطهر ناسيا
أتنسى رسول الله أكرم من مشى *** وآثاره في المسجدين كما هي
ركنا إلى الدنيا الدنية بعده ***وكَـشـفـتِ الأطماعُ مـنَّـا الـمساوِيَا
وَإنّا لَـنُـرْمَى كُــلَّ يَــوْمٍ بعِـبـرَة ٍ*** نَـراهــا، فَـما نــــزْدادُ إلاّ تَـمادِيَـا
نُـسَـرّ بـدارٍ أوْرَثَــتْـنَا تـضاغُـناً *** عَـلـيْهـا، وَدارٍ أوْرَثَـتْــنَا تَـعـادِيا
إذَا الـمـرءُ لـمْ يـلـبـسْ ثـيـابـاً مــن الـتُّـقَى *** تـقـلَّبَ عُــرياناً وإنْ كانَ كاسيا
أخـي كـنْ عـلـى يـأسٍ مـن الـنّاسِ كـلّهمْ *** جـمـيـعـاً وكُــنْ مــا عشت لله راجيا
وَكـمْ مـن هَـنــاة ٍ، مــا عَـلَـيــكَ، لمَستَها *** منَ الـناسِ يـوماً أو لمـستَ الأفاعِيَا
أخي قــد أبَــى بُـخلي وَبـخـلُـكَ أن يُــرَى ***لذي فـاقـة ٍمـني ومـنـكَ مــؤَاسِـيَا
كِلانَـا بطـينٌ جَنـبُهُ، ظاهـرُ الكسَى*** وَفي النّاسِ من يُمسِي وَيُصْبحُ عارِيَا
كـأنِّي خُـلـقْـتُ لــلـبـقــاءِ مُخـلَّـداً *** وَأنْ مُـدّة َ الــدّنْــيــا لَـهُ لـيس فـانِـيَا
ألا يا طويـلَ الـسهـوِ أصـبحتَ ساهـياً *** وَأصْـبَـحتَ مُغـتــرّاً، وَأصْـبحـتَ لاهِـيَا
أفي كُلِّ يـومٍ نحن نـلقى جـنازة ً ***وفي كلِّ يومٍ منكَ نـسـمعُ مـناديا
وفي كـلِّ يـومٍ مِـنـكَ نـرثِـي لـمعْـوِلٍ *** وفي كُـلِّ يـومٍ نحنُ نُـسعدُ بالِـيَا
إلـى الـموتِ إلا أن يكونَ لمنْ ثَـوى *** منَ الخَلقِ طُرّاً، حـيـثما كانَ لاقِـيَا
حسـمْـتَ الـمـنى يا موتُ حـسمـاً مُـبـرِّحاً *** وعـلَّـمْتَ يـا مَـوْتُ الـبُـكــاءَ البواكِـيـا
ألا يا طويلَ الـسـهوِ أصـبحـتَ ساهـياً *** وَأصْـبَحتَ مُغتـرّاً، وَأصْـبحـتَ لاهِـيَا
ألا أيّـهـا الـبَـانـي لغَـيـرِ بَـلاغَـه ***ألا لخَـرابِ الـدّهْـرِ أصْبَـحْتَ بــانِـيَـا
ألا لـزَوالِ العُمْرِ أصْـبَـحْتَ بَـانِـيـاً *** وَأصْبَـحتَ مُـخـتــالاً، فَـخوراً، مُـباهِـيـا
كـأنّـكَ قــد وَلّيـتَ عن كُـلّ ما تَـرَى *** وخلَّـفْـتَ مَـــنْ خلَّـفْـتَهُ عنكَ سـالِـيَا

الناصر
06-01-2006, 06:32 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
لاحَ شيبُ الرأسِ منِّي فاتَّضحْ *** بَـعـدَ لَـهْـوٍ وشَـبــابٍ ومَـــرَحْ
فَلَـهَـوْنَـا وفَـرِحْـنَـا، ثـــمّ لَـــمْ *** يَـدَعِ المَـوْتُ لـذي اللّـبّ فَـرَحْ
يـا بَـنِـي آدَمَ صُـونُـوا دينَـكُـمْ *** يَنْبَـغـي للـدّيـنِ أنْ لا يُـطّــرَحْ
وأحْـمَـدُوا اللهَ الــذِي أكرَمَـكُـمْ *** بـنـذيـرٍ قـــامَ فـيـكُـمْ فـنـصَـحْ
بخطيب فــتـــحَ اللهُ بــــــهِ *** كُــلَّ خـيـرٍ نلـتُـمُـوهُ وشـــرَحْ

الناصر
06-01-2006, 06:37 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :

مَنْ سالَمَ النـاسَ سلِـمْ *** مَنْ شاتَمَ النـاسَ شُتـمْ
مَنْ ظَلَـمَ النّـاسَ أسَـا، *** من رحـمَ النـاسَ رُحـمْ
من طلـبَ الفضـلَ إلـى *** غَيرِ ذَوي الفَضْلِ حُرِمْ
مَنْ حَفِظَ العَهدَ وَفَـى ؛ *** من أحسنَ السمعَ فهِـمْ
مــنْ صــدقَ اللهَ عـــلاَ *** مـن طلـبَ العلـمَ عـلـمْ
منْ خالفَ الرُّشدَ غوَى *** مــن تـبـعَ الـغَـيَّ نــدمْ
مَنْ لَزِمَ الصّمْـتَ نَجـا، *** مـن قـالَ بالخيـرِ غنـمْ
مَنْ عَفّ وَاكْتَـفّ زَكـا، *** مَـنْ جَحَـدَ الـحَـقَّ أثِــمْ
مـن مَسَّـهُ الضُّـرُّ شَكَـا *** مَـنْ عَضّـهُ الدّهْـرُ ألِـمْ
لــمْ يـعـدُ حـيَّـاً رزقُـــهُ *** رزقُ امرئٍ حيثُ قُسِـمْ

الناصر
06-01-2006, 06:43 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
لـلّـهِ درُّ ذَوي الـعُـقُـولِ المُشْـعَـبـاتْ، *** أخَـذوا جَميعـاً فـي حَديـثِ التُّـرَّهـات
وأمَـــا وربِّ المـسـجِـديـنِ كِـلاَهُـمَــا *** وأمَــا وربِّ مِـنَـي وربِّ الـرَّاقـصـاتْ
وأمـــا وربِّ الـبـيــتِ ذِي الأســتَــارِ *** والمسعَى وزمزَمَ والهدايَا المشْعِراتْ
إنَّ الــذِي خُلِـقَـتْ لــهُ الـدُّنْـيـا ومَـــا *** فيـهـا لـنَـا ذُلٌّ يَـجِـلّ عــنِ الصّـفـاتْ
فليـنـظُـرِ الـرَّجُــلُ اللَّـبـيـبُ لـنـفـسِـهِ *** فجمـيـعُ مَــا هــوَ كـائــنٌ لاَ بُـــدَّ آتْ

الناصر
06-06-2006, 02:00 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :

كأنّني بالدّيارِ قَد خَرِبَتْ *** وبالدّموعِ الغِزارِ قَد سُكبَتْ
فضَحتِ لا بل جرَحتِ، واجتحتِ يا *** دُنْيَا رِجَالاً عَلَيْكِ قَدْ كَلِبَتْ
الموتُ حَقٌ والدَّارُ فانِية ٌ *** وكُلُّ نفسٍ تجزَى بِمَا كَسَبُتْ
يَا لكِ منْ جيفَة ٍ معفَّنَة ٍ *** أيّ امتِناعٍ لهَا إذا طُلِبَتْ
ظَلَّتْ عَلَيْها الغُوَاة ُ عاكِفَة ً *** ومَا تُبَالِي الغُوَاة ُ مَا ركِبَتْ
هيَ التي لم تَزَلْ مُنَغِّصَة ً*** لا درَّ دَرُّ الدُّنْيَا إذَا احتلِبَتْ
ما كُلُّ ذِي حاجة ٍ بمدركِهَا *** كمْ منْ يَدٍ لاَ تَنَالُ مَا طلبَتْ
في النّاسِ مَنْ تَسهُلُ المَطالبُ أحْـ *** ـياناً عَلَيهِ، ورُبّما صَعُبَتْ
وشرَّة ُ النَّاسِ رُبَّمَا جمحتْ *** وشهوَة ُ النّفسِ رُبّما غَلَبَتْ
مَنْ لم يَسَعُهُ الكَفافُ مُقْتَنِعاً *** ضاقتْ عَلَيْهِ الدّنيَا بِمَا رحُبَتْ
وبَينَما المَرْءُ تَستَقيمُ لَهُ الـ *** الدُّنيا علَى مَا اشتَهَى إذا انقلبَتْ
مَا كذبتنِي عينٌ رأَيتُ بِهَا *** الأمواتَ والعينُ رُبَّما كذبَتْ
وأيّ عَيشٍ، والعَيشُ مُنقَطِعٌ *** وأيّ طَعْمٍ لِلَذّة ٍ ذَهَبَتْ
ويحَ عقولِ المستعصمينَ بدارِ **** الذلِّ فِي أيِّ منشبٍ نشبَتْ
منْ يبرِمُ الانتقاضَ مِنْهَا ومنْ *** يُخمِدُ نيرانَها، إذا التَهَبَتْ
ومَنْ يُعَزّيهِ مِنْ مَصائِبِها *** ومَنْ يُقيلُ الدّنْيا إذا نَكَبَتْ
يا رُبّ عَينٍ للشّرّ جالِبَة ٍ *** فتلْكَ عينٌ تُجزى بِمَا كسبَتْ
والنَّاسُ في غفلة ٍ وقد خَلَتِ *** الآجالُ من وقتِها واقتربتْ

الناصر
06-06-2006, 02:05 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
يا راكِبَ الغَيّ، غيرَ مُرْتَشِدِ *** شتَّانَ بينَ الضَّلالِ والرشَدِ
حَسْبُكَ ما قَدْ أتَيْتَ مُعْتَمِدا ً*** فاستغفرِ اللهَ ثمَّ لاَ تعُدِ
يَا ذا الذي نقصُهُ زيادَتُهُ *** إنْ كنتَ لم تَنتَقِصْ، فلَمْ تَزِدِ
مَا أسرعَ الليلَ والنَّهارَ بِسَا *** عاتٍ قِصارٍ، تأتي عَلى الأمَدِ
عجبْتُ منْ آمِلٍ وَوَاعظُهُ *** المَوْتُ فَلَمْ يتَّعِظْ ولَمْ يكَدِ
يجرِي البِلَى فِيهَا عَلَيْنَا بِمَا *** كانَ جَرَى قَبْلَنَا عَلَى لُبَدِ
يا مَوْتُ يا مَوْتُ كمْ أخي ثقة ***ٍ كلَّفْتنِي غمضَ عينهِ بيدِي
يا مَوْتُ يا موتُ قد أضفتَ إلَى *** الفِلَّة ِ منْ ثروة ٍ ومنْ عُدَدِ
يا مَوْتُ يا موتُ صحبتْنَا بِكَ *** الشَّمْسُ ومسَّتْ كوَاكِبُ الأسَدِ
يا مَوْتُ يا موتُ لاَ أرَاكَ منَ *** ـخَلْقِ، جَميعاً، تُبقي على أحَدِ
ألحَمْدُ لله دائِماً أبَداً، *** قَدْ يَصِفُ القَصْدَ غَيرُ مقتصدِ
منْ يستتِرْ بالهدَى يبَرَّ ومَنْ *** يبغِ إلى اللهِ مَطْلَباً يَجِدِ
قُلْ للجَليدِ المَنيعِ لَستَ منَ الـ *** الدُّنيا بذِي منعة ٍ ولاَ جَلَدِ
يا صاحبَ المُدّة ِ القَصيرَة ِ لا *** تغفُلْ عنِ المَوْتِ قَاطِعِ المُدَدِ
دَعْ عنكَ تقوِيمَ منْ تقَوِّمُهُ *** وابدأ، فَقَوّمْ ما فيكَ منْ أوَدِ
قدْ ملأَ المَوْتٌ كُلَّ أرْضٍ وَمَا *** يَنزِعُ مِنْ بَلْدَة ٍ إلى بَلَدِ

الناصر
06-06-2006, 02:08 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
نَسيتُ مَنيّتي، وَخدعتُ نَفسي *** وَطالَ عَليّ تَعمِيري، وغَرْسِي
وكُلُّ ثمينة ٍ أصبحتُ أغلِي *** بها ستُباعُ من بعدي بِوكْسِ
وَما أدري، وإنْ أمّلتُ عُمراً *** لعَلّي حينَ أُصْبحُ لَستُ أُمْسِي
وَساعَة ُ مِتَتي، لا بُدّ مِنها *** تُعَجّلُ نُقلَتي، وتُطيلُ حَبسِي
أموتُ ويكرهُ الأحبابُ قُربِي *** وتَحضَرُ وَحشتي، ويَغيبُ أُنسِي
ألا يا ساكنَ البيتِ الموشَّى *** ستُسكِنُكَ المَنِيّة ُ بَطنَ رَمسِ
رَأيْتُكَ تَذْكُرُ الدّنْيا كَثيراً *** وَكَثرَة ُ ذِكْرِها للقَلْبِ تُقْسِي
كأنّكَ لا تَرَى بالخَلْقِ نَقْصاً *** وأنتَ تراهُ كُلَّ شروقِ شمسِ
وطالِبِ حاجَة ٍ أعْيَا وَأكْدَى *** ومُدركِ حاجة ٍ في لينِ لمسِ
ألا وَلَقَلّ ما تَلْقَى شَجِيّاً *** يُسيغُ شَجَاهُ إلاّ بالتّأسّي

الناصر
06-06-2006, 02:10 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :

ماَ يدفَعُ الموْتَ أرجاءٌ ولاَ حرَسُ *** مَا يغلِبُ الموْتَ لاَ جِنٌّ ولاَ أنسُ
مَا إنْ دَعَا الموْتُ أملاكاً ولاَ سوقاً*** إلاَّ ثناهُمْ إليهِ الصَّرْعُ والخلسُ
للموتِ مَا تلدُ الأقوامُ كلُّهُمُ *** وَللبِلَى كُلّ ما بَنَوْا، وما غرَسُوا
هَلاَّ أبَادِرُ هذَا الموْتَ فِي مَهَلٍ *** هَلاَّ أبَادِرُهُ مَا دامَ لِي نفَسُ
يا خائفَ الموتِ لَوْ أمْسَيْتَ خائِفَهُ *** كانتْ دموعُكَ طولَ الدّهرِ تنبجِسُ
أمَا يهولُكَ يومٌ لا دِفَاعُ لَهُ *** إذْ أنتَ فِي غمراتِ الموْتِ تنغَمِسُ
إيَّاكَ إِيَّاكَ والدُّنيَا وزخرفها *** فالمَوْتُ فيها لخَلْقِ الله مُفترِسُ
إنّ الخَلائِقَ في الدّنْيا لوِ اجتَهَدوا *** أنْ يحْبسُوا عنكَ هذَا الموْتَ ما حبسُوا
إنّ المَنِيّة َ حَوْضٌ أنْتَ تَكرَهُهُ *** وأَنْتَ عمَّأ قليلٍ فيهِ منغَمِسُ
ما لي رَأيتُ بَني الدّنيا قدِ اقتَتَلُوا *** كأنّما هذِهِ الدّنْيا لَهُمْ عُرُسُ
إذا وصفْتُ لهمْ دُنيَاهُمُ ضَحِكُوا *** وَإنْ وَصَفْتُ لهمْ أُخراهُمُ عَبَسُوا
ما لي رَأيْتُ بَني الدّنيا وَإخوَتَهَا *** كأنهُمُ لِكلاَمِ اللهِ مَا درسُوا

الناصر
06-06-2006, 02:13 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
ألا للموتِ كأْسٌ أيُّ كَاسِ *** وأنْتَ لِكَأْسِهِ لاَ بُدَّ حَاسِ
إلى كَمْ، والمَعادُ إلى قَريبٍ *** تذكِرُ بالمعَادِ وأنتَ ناسِ
وكمْ منْ عِبرة ٍ أصْبَحتَ فِيهَا *** يلِينُ لَهَا الحَدِيدُ وأَنتَ قَاسِ
بأيِّ قُوى ً تظنُّكَ ليْسَ تبْلَى *** وقدْ بليَتْ عَلَى الزَّمَنِ الرَّوَاسِي
ومَا كُلُّ الظُّنُونِ تكُونُ حَقّاً *** ولاَ كُلُّ الصَّوَابِ عَلَى القياسِ
وكلُّ مخيلة ٍ رُفعتْ لعينٍ *** لهَا وَجْهانِ مِنْ طَمَعٍ وَيَاسِ
وَفي حُسنِ السّريرَة ِ كُلّ أُنْسٍ *** وَفي خُبثِ السّريرَة ِ كُلّ بَاسِ
وَلم يَكُ مُنَيَة ٌ، حَسَداً وَبَغْياً *** ليَنْجُو مِنْهُمَا رَأساً برَاسِ
ومَا شيءٌ بأخلَقَ أنْ تراهُ *** قَليلاً مِنْ أخي ثِقَة ٍ، مُؤاسِ
وَما تَنْفَكّ مِنْ دُوَلٍ تَرَاهَا *** تنقَّلُ منْ أنَاسِ فِي أُنَاسِ

الناصر
06-06-2006, 02:17 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :

أجَلُ الفَتَى مِمَّا يؤَمِلُّ أسْرَعُ *** وَأراهُ يَجْمَعُ دائِباً لا يَشْبَعُ
قُلْ لِي لمَنْ اصْبَحْتَ تَجْمَعُ مَا أرَى *** البَعْلِ عِرْسِكَ لاَ أبَا لكَ تَجْمَعُ
لا تَنظُرَنّ إلى الهوَى ، وَانظُرْ إلى *** رَيْبِ الزّمانِ بأهْلِهِ ما يَصْنَعُ
الموتُ حَقٌّ لاَ محالة َ دُونَهُ *** ولِكُلّ مَوْتٍ عِلّة ٌ لا تُدْفَعُ
المَوْتُ داءٌ ليسَ يَدفَعُهُ الدَّوا *** ءُ إذَا أتى ولكلِّ جنبٍ مصْرَعُ
كمْ مِنْ أُخَيٍّ حيلَ دونَ لِقائِهِ *** قَلبي إليهِ، من الجَوانحِ، مَنزَعُ
وإذا كبرتَ فَهَلْ لنفْسِكَ لَذَّة ٌ *** مَا للكبيرِ بلذَّة ٍ متمتِعُ
وإذا قنعتَ فأنْتَ أغْنَى من غَنِي *** إنَّ الفقِيرَ لكُلُّ منْ لاَ يقنعُ
وإذا طلبْتَ فَلاَ إلى متضايقِ *** مَن ضَاق عنك فرِزْقُ رَبّك أوْسعُ
إنَّ المطامِعَ مَا علِمْتَ مزلَّة ٌ *** للطّامِعِينَ، وَأينَ مَن لا يَطمَعُ
إقْنَعْ وَلا تُنكِرْ لرَبّكَ قُدرَة ً *** فاللّهُ يَخفِضُ مَن يَشاءُ، وَيَرْفَعُ
ولرُبَّمَا انتفعَ الفتَى بضرارِ مَنْ *** يَنوي الضّرارَ، وَضرَّهُ مَن يَنفَعُ
لا شيءَ أسرَعُ مِنْ تَقَلّبِ مَن له *** أُذْنٌ تُسَمّعُهُ الذي لا يَسمَعُ
كُلُّ امرِيءٍ متفَرِّدُ بطباعِهِ *** لَيْسَ امْروءٌ إلاَّ عَلَى مَا يُطْبَعُ

الناصر
06-06-2006, 02:19 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ *** وأنْتَ لِكأْسِ المَوْتِ لاَ بُدَّ جارِعُ
ألا أيّها المَرْءُ المُخادِعُ نَفسَهُ! *** رُويداً أتَدْرِي مَنْ أرَاكَ تخَادِعُ
ويا جامِعَ الدُّنيا لِغَيرِ بَلاَغِهِ *** سَتَتْرُكُهَا فانظُرْ لِمَنْ أنْتَ جَامِعُ
وَكم قد رَأينا الجامِعينَ قدَ اصْبَحَتْ *** لهم، بينَ أطباقِ التّرابِ مَضاجعُ
لَوْ أنَّ ذَوِي الأبْصَارِ يَرَعُوْنَ كُلَّمَا *** يَرَونَ، لمَا جَفّتْ لعَينٍ مَدامِعُ
فَما يَعرِفُ العَطشانَ مَنْ طالَ رِيُّهُ *** ومَا يَعْرِفُ الشَّبْعانُ مَنْ هُوَ جائِعُ
وَصارَتْ بُطونُ المُرْملاتِ خَميصَة ً *** وأيتَامُهُمْ منهمْ طريدٌ وجائعُ
وإنَّ بُطُونَ المكثراتِ كأنَّما *** تنقنقُ فِي أجوافِهِنَّ الضَّفَادِعُ
وتصْرِيفُ هذَا الخَلْقِ للهِ وَحْدَهُ *** وَكُلٌّ إلَيْهِ، لا مَحَالَة َ، راجِعُ
وللهِ فِي الدُّنيَا أعَاجيبُ جَمَّة ٌ *** تَدُلّ على تَدْبيرِهِ، وبَدَائِعُ
وللهِ في أسرارُ الأمُورِ وإنْ جَرَتْ *** بها ظاهِراً، بَينَ العِبادِ، المَنافِعُ
وللهِ أحْكَامُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ *** ألاَ فهوَ معْطٍ مَا يَشَاءُ ومَانِعُ
إذا ضَنّ مَنْ تَرْجو عَلَيكَ بنَفْعِهِ *** فذَرْهُ، فإنّ الرّزْقَ، في الأرْضِ، واسعُ
وَمَنْ كانَتِ الدّنْيا هَواهُ وهَمَّهُ *** سبَتْهُ المُنَى واستعبدَتْهُ المَطَامِعُ
وَمَنْ عَقَلَ استَحيا، وَأكرَمَ نَفسَه *** ومَنْ قَنِعَ استغْنَى فَهَلْ أنْتَ قَانِعُ
لِكلِّ امرِىء ٍ رأْيَانِ رَأْيٌ يَكُفّهُ *** عنِ الشّيءِ، أحياناً، وَرَأيٌ يُنازِعُ

الناصر
06-06-2006, 02:22 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
خيرُ أيَّامِ الفتَى يومٌ نَفَعْ *** وَاصطِناعُ الخَيرِ أبْقَى ما صَنَعْ
وَنَظِيرُ المَرْءِ، في مَعرُوفِهِ *** شَافِعٌ بَتَّ إليْهِ فشَفَعْ
مَا ينالُ الخَيْرُ بالشَّرِّ ولاَ *** يَحْصِدُ الزَّارِعُ إلاَّ مَا زَرَعْ
ليْسَ كلُّ الدَّهْرِ يوماً واحداً *** رُبّما ضَاقَ الفَتى ثمّ اتّسَعْ
خُذْ مِنَ الدّنْيا الذي دَرّتْ بهِ *** وَاسْلُ عَمّا بانَ منْها، وَانقَطَعْ
إنّمَا الدّنْيا مَتَاعٌ زائِلٌ *** فاقْتَصِدْ فيهِ وخُذْ مِنْهُ وَدَعْ
وَارْضَ للنّاسِ بمَا تَرْضَى بهِ*** واتبعِ الحقَّ فنِعْمَ المُتَّبَعْ
وَابغِ ما اسطعتَ عنِ النّاسِ الغِنى *** فمَنِ احتاجَ إلى النّاسِ ضَرَعْ
اشهدِ الجامعَ لو أنْ قد أتى *** يومُهُ لم يُغنِ عنهُ ما جمعْ
إنْ للخَيرِ لَرَسْماً بَيْنَنَا *** طبعَ اللهُ عليهِ ما طبعْ
قد بلونَا الناسَ في أخلاقهمْ *** فرأيناهُمْ لذي المال تَبَعْ
وحَبيبُ النّاسِ مَنْ أطْمَعَهُمْ *** إنما الناسُ جميعاً بالطمعْ
احمدِ اللهَ على تدبيرهِ *** قدَّرَ الرِّزقَ فعطى ومنَعْ
سُمْتُ نَفْسِي وَرَعاً تَصْدُقُهُ *** فنهاها النقصُ عن ذاكَ الورعْ
وَلنَفسي حِينَ تُعطَى فَرَحٌ *** واضطرابٌ عندَ منعٍ وجزعْ
ولنَفْسِي غَفَلاتٌ لمْ تَزَلْ *** وَلَها بالشّيْءِ، أحْياناً، وَلَعْ
عجباً من مطمئنٍ آمنٍ *** إنَّما يُغذَى بألوانِ الفزعْ
عَجَباً للنّاسِ ما أغْفَلَهُمْ *** لوقوعِ الموتِ عمَّا سيقعْ
عجباً إنَّا لنلقَى مَرتعاً *** كُلّنا قَدْ عاثَ فيهِ وَرَتَعْ
يا أخِي الميتَ الذي شيعتُهُ *** فحُثِي التربُ عليهِ ورجعْ
لَيتَ شِعري ما تَزَوّدْتَ مِنَ الـ *** ـزّادِ، يا هَذا، لِهَوْلِ المُطّلَعْ
يومَ يهدوكَ محبوكَ إلى *** ظُلمة ِ القبرِ وضيق المُضطجعْ

الناصر
06-06-2006, 02:26 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
ألا أينَ الأُلى سَلَفُوا *** دُعُوا للموتِ واختُطفُوا
فَوَافَوْا حِينَ لا تُحَفٌ *** ولا طُرفٌ ولا لُطفُ
تُرصُّ عليهمِ حُفرٌ *** وتُبنَى ثمَّ تنخسفُ
لهُمْ مِنْ تُربِهَا فُرُشٌ *** وَمِنْ رَضراضِها لُحُفُ
تَقَطّعَ مِنْهُمُ سَبَبُ الـ *** الرجاءِ فضيعوا وجُفُوا
تَمُرّ بعَسكَرِ المَوْتَى *** وَقَلْبُكَ مِنْهُ لا يَجِفُ
كأنّ مُشَيّعيكَ، وقَدْ *** رَمَوْابكَ، ثَمّ، وَانصرَفوا
فُنُونُ رَداكِ، يا دُنْيا *** لعمرِي فوقَ ما أصفُ
فأنتِ الدارُ فيكِ الظلمُ *** ـمُ، والعُدوانُ، والسّرَفُ
وأنتِ الدارُ فيكِ الهمُّ *** والأحزانُ والأسفُ
وأنتِ الدارُ فيكِ الغدْ رُ، والتّنغيصُ، والكُلَفُ
وَفيكِ الحَبْلُ مُضطَرِبٌ *** وَفيكِ البالُ مُنكَسِفُ
وفيكِ لساكنيكِ الغبنُ *** والآفاتُ والتلفُ
وَمُلْكُكِ فيهِه دُوَلٌ *** بهَا الأقدارُ تختلفُ
كأنَّكِ بينهمْ كُرة ٌ *** تُرامَى ثم تُلتَقَفُ
ترى الأيامَ لا يُنظِرْ *** نَ والساعاتِ لا تقِفُ
ولَنْ يَبقَى لأهْلِ الأرْ *** ضِ لا عزٌّ، وَلا شَرَفُ
وكُلٌ دائمُ الغفلا *** تِ والأنفاسُ تختطفُ
وأيُّ الناسِ إلا مُوْ *** قِنٌ بالموتِ مُعتَرِفُ
وَخَلْقُ اللّهِ مُشْتَبِهٌ *** وسعْيُ الناسِ مُختلِفُ
وما الدنيَا بباقية ٍ *** ستُنْزَحُ ثمَّ تُنتسَفُ
وقولُ اللهِ ذاكَ لنَا *** وليسَ لقولهِ خُلُفُ

الناصر
06-06-2006, 02:28 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
انظر لنفسِكَ يا شقيْ *** حتَّى مَتَى لا تتَّقي
أو ما تَرَى الأيامَ *** تخـتَلِسُ النّفُوسَ، وَتَنتَقي
انظر بطرفِكَ هلْ تَرى*** في مَغرِبٍ، أوْ مَشرِقِ
أحداً وفَى لكَ في الشّدائدِ *** إنْ لجأْتَ بموثِقِ
كَمْ مِنْ أخٍ غَمّضْتُهُ *** بيدَيْ نصيحٍ مُشْفِقِ
وَيَئِسْتُ منهُ فلَستُ أطْـ *** مع أنْ يعيشَ فنلتَقِي
لا تَكْذِبَنّ، فإنّهُ *** مَنْ يَجْتَمِعْ يَتَفَرّقِ
والموتُ غاية ُ مَنْ مَضَى *** منَّا وموعدُ منْ بَقي

الناصر
06-06-2006, 02:33 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
قَطّعْتُ مِنْكِ حبَائِلَ الآمالِ *** وحططتُ عن ظهرِ المطيِّ رحالِي
وَيَئِسْتُ أنْ أبقَى لشيءٍ نِلتُ ممّا *** فيكِ يا دنيا وإن يبقَى لِي
فَوَجَدْتُ بَرْدَ اليَأسِ بَينَ جَوانحي *** وأرحْتُ من حَلِّي ومن ترحالِي
ولئنْ يئستُ لرُبَّ برقة ِ خُلَّبٍ *** بَرَقَتْ لذي طَمَعٍ، وَبَرْقة ِ آلِ
فالآنَ، يا دُنْيا، عَرَفْتُكِ فاذهَبي *** يا دارَ كُلّ تَشَتّتٍ وَزَوَالِ
والآنَ صارَ ليَ الزمانُ مؤدَّباً *** فَغَدَا عَليّ وَرَاحَ بالأمْثَالِ
والآن أبصرتُ السبيلَ إلى الهدَى*** وَتَفَرّغَتْ هِمَمي عَنِ الأشْغالِ
وَلَقَدْ أقامَ ليَ المَشيبُ نُعاتَهُ *** تُفضي إليَّ بمفرقٍ وقذالِ
وَلَقَدْ رَأيْتُ المَوْتَ يُبْرِقُ سَيْفَهُ *** بيَدِ المَنيّة ِ، حَيثُ كنتُ، حِيالي
وَلَقَدْ رَأيْتُ عُرَى الحَياة ِ تخَرّمَتْ *** وَلَقَدْ تَصَدّى الوَارِثُونَ لمَالي
وَلَقَدْ رَأيْتُ على الفَنَاءِ أدِلّة ً *** فيما تَنَكّرَ مِنْ تَصَرّفِ حالي
وَإذا اعتَبرْتُ رَأيتُ خَطبَ حوادِثٍ *** يَجرينَ بالأرْزاقِ، وَالآجالِ
وإذا تَنَاسَبَتِ الرّجالُ، فما أرَى *** نَسَباً يُقاسُ بصالِحِ الأعْمالِ
وَإذا بحَثْتُ عَنِ التّقيّ وَجَدْتُهُ *** رَجُلاً، يُصَدِّقُ قَوْلَهُ بفِعَالِ
وَإذا اتَقَى الله امْرُؤٌ، وَأطاعَهُ *** فَيَداهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعَالِ
وعلى التَّقِيِّ إذا ترسَّخَ في التُّقى *** تاجان تاج سكينة ٍ وجلالِ
وَاللّيْلُ يَذْهَبُ وَالنّهارُ، تَعاوُراً *** بالخلقِ في الإدبارِ والإقبالِ
وَبحَسْبِ مَنْ تُنْعَى إلَيْهِ نَفْسُهُ *** منهُ بأيامٍ خلَتْ ولَيالِ
إضرِبْ بطَرْفِكَ حيثُ شئتَ، فأنتَ في*** عبرٍ لهنَّ تداركٌ وتوالِ
يبكي الجديدُ وأنتَ في تجديدهِ *** وَجَميعُ ما جَدّدْتَ منهُ، فبَالِ
يا أيّها البَطِرُ الذي هوَ في غَدٍ *** في قَبرِهِ، مُتَفَرّقُ الأوْصالِ
وَلَقَلّ ما تَلْقَى أغَرّ لنَفسِهِ *** مِنْ لاعِبٍ مَرِحٍ بها، مُختالِ
يا تاجِرَ الغَيّ المُضِرَّ بِرُشْدِهِ *** حتى متَى بالْغِيِّ أنت تُغالِي
الحَمْدُ للّهِ الحَميدِ بِمَنّهِ *** خسرتْ ولمْ تربحْ يدُ البطَّالِ
للّهِ يَوْمٌ تَقْشَعِرّ جُلُودُهُمْ *** وَتَشيبُ مِنْهُ ذَوَائِبُ الأطْفالِ
يَوْمُ النّوازِلِ والزّلازِلِ، وَالحَوا *** ملِ فيهِ إذْ يقذفنَ بالأحمالِ
يومُ التَّغابُنِ والتبايُنِ والتنا *** زُلِ والأمورِ عظيمة ِ الأهوالِ
يومٌ ينادَى فيه كُلُّ مُضللٍ *** بمقطَّعاتِ النارِ وألأغلالِ
للمتقينَ هناكَ نزلُ كرامة ٍ *** عَلَتِ الوُجُوهَ بنَضرَة ٍ، وَجَمالِ
زُمرٌ اضاءتْ للحسابِ وجوهُهَا *** فَلَهَا بَرِيقٌ عِندَها وَتَلالي
وسوابقٌ غرٌّ محجَّلة ٌ جرتْ *** خُمْصَ البطونِ خفيفة َ الأثقالِ
مِنْ كُلّ أشعَثَ كانَ أغبرَ ناحِلاً *** خلقَ الرداء مرقَّعَ السربالِ
حِيَلُ ابنِ آدَمَ في الأُمورِ كَثيرَة ٌ*** والموت يقطع حيلة المحتال
نزلُو بأكرمِ سيدٍ فأظلُّهُمْ *** في دارِ مُلْكِ جَلالَة ٍ، وَظِلالِ
وَمِنَ النعاة ِ إلى ابنِ آدَمَ نَفْسَهُ *** حَرَكُ الخُطى ، وَطلوعُ كلّ هِلالِ
ما لي أرَاكَ لحُرّ وَجْهِكَ مُخْلِقاً *** أخْلَقْتِ، يا دُنْيا، وُجُوهَ رِجالِ
كُنْ بالسّؤالِ أشَدّ عَقْدِ ضَنَانَة ٍ *** ممنْ يضنُّ عليكَ بالأموالِ
وَصُنِ المَحامِدَ ما استَطَعتَ فإنّها*** في الوَزْنِ تَرْجُحُ بذلَ كلّ نَوَالِ
وَلَقَدْ عَجِبْتُ مِنَ المُشمِّرِ مالَه *** نسيَ المشمِّرُ زينة َ الإقلالِ
وإذا امرؤٌ لبسَ الشكوكَ بعزمِهِ *** سَلَكَ الطّريقَ على عُقودِ ضَلالِ
وَإذا ادّعَتْ خُدَعُ الحَوادِثِ قَسوَة ً *** شَهِدَتْ لَهُنّ مَصارِعُ الأبْطالِ

الناصر
06-06-2006, 09:47 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
رأيتُ الشيبَ يعروكَا *** بأنَّ الموتَ ينحُوكَا
فَخُذْ حِذرَكَ، يا هذا *** فإنِّي لستُ آلوكَا
وَلا تَزْدَدْ مِنَ الدّنْيا *** فَتَزْدادَنْ بِهَا نُوكَا
فتقوَى اللهِ تُغنيكَ *** وَإنْ سُمّيتَ صُعْلُوكَا
تناومْتَ عنِ الموتِ *** وَدَاعِ الموتِ يدعوكَ
وَحاديهِ، وَإنْ نِمْت *** حثيثُ السيرِ يحدوكَا
فلا يَوْمُكَ يَنْساكَ *** ولا رزقُكَ يعدوكَا
متى تَرْغَبْ إلى النّاسِ *** تكنْ في الناسِ مملوكَا
إذا ما أنتَ خفَّفْتَ *** عَنِ النّاسِ أحَبّوكَا
وإن وثقَّلتَ مَلُّوكَ *** وَعابُوكَ، وَسَبّوكَا
إذا ما شئتَ أن تُعصى *** فَمُرْ مَنْ ليسَ يرجُوكَا
ومُرْ مَنْ ليسَ يخشاكَ *** فيَدْمَى عِنْدَها فُوكَا

الناصر
06-07-2006, 08:46 AM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
مَنْ يعشْ يكبرْ ومنْ يكبَرْ يمُتْ *** والمَنايا لا تُبالي مَنْ أتَتْ
كم وكم قد درَجتْ، من قَبلِنا *** منْ قرونٍ وقُرُونٍ قَدْ مضتْ
أيّها المَغرورُ ما هذا الصِّبَا؟ *** لَوْ نهيتَ النفْسَ عَنْهُ لانْتَهتْ
أنِسِيتَ المْوتَ جَهْلاً والبِلَى *** وسَلَتْ نفْسُكَ عَنْهُ ولَهَتْ
نحنُ في دارِ بَلاءٍ وأذًى *** وشَقَاءٍ، وعَنَاءٍ، وعَنَتْ
مَنْزِلٌ ما يَثبُتُ المَرْءُ بِهِ *** سالماً، إلاّ قَليلاً إنْ ثَبَتْ
بينمَا الإنسانُ فِي الدُّنيا لَهُ *** حرَكاتٌ مُقلِقاتٌ، إذْ خَفَتْ
أبَتِ الدّنْيَا على سُكّانِها *** في البِلى والنّقصِ، إلاّ ما أبَتْ
إنّما الدّنْيا مَتاعٌ، بُلغة ٌ *** كَيفَما زَجّيْتَ في الدّنيا زَجَتْ
رحمَ اللهُ امرءا أنصفَ مِنْ *** نَفسِهِ، إذ قالَ خيراً، أوْ سكَتْ

الناصر
06-07-2006, 09:37 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
لعَمْرُكَ، ما الدّنيا بدارِ بَقَاء ِ*** كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ
فلا تَعشَقِ الدّنْيا، أُخيَّ، فإنّما ِ*** يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ
حَلاَوَتُهَا ممزَوجَة ٌ بمرارة ٍ ِ*** ورَاحتُهَا ممزوجَة ٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَة ٍ ِ*** فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ
لَقَلّ امرُؤٌ تَلقاهُ لله شاكِراً ِ*** وقلَّ امرؤٌ يرضَى لهُ بقضَاءِ
وللّهِ نَعْمَاءٌ عَلَينا عَظيمَة ٌ ِ*** وللهِ إحسانٌ وفضلُ عطاءِ
ومَا الدهرُ يوماً واحداً في اختِلاَفِهِ ِ*** ومَا كُلُّ أيامِ الفتى بسَوَاءِ
ومَا هُوَ إلاَّ يومُ بؤسٍ وشدة ٍ ِ*** ويومُ سُرورٍ مرَّة ً ورخاءِ
وما كلّ ما لم أرْجُ أُحرَمُ نَفْعَهُ ِ*** وما كلّ ما أرْجوهُ أهلُ رَجاءِ
إذا ما خَليلي حَلّ في بَرْزَخِ البِلى ِ*** فَحَسْبِي بهِ نأْياً وبُعْدَ لِقَاءِ
أزُورُ قبورَ المترفينَ فَلا أرَى ِ*** بَهاءً، وكانوا، قَبلُ،أهل بهاءِ
وكلُّ زَمانٍ واصِلٌ بصَريمَة ٍ ِ*** وكلُّ زَمانٍ مُلطَفٌ بجَفَاءِ
يعِزُّ دفاعُ الموتِ عن كُلِّ حيلة ٍ ِ*** ويَعْيَا بداءِ المَوْتِ كلُّ دَواءِ
ونفسُ الفَتَى مسرورَة ٌ بنمائِهَا ِ*** وللنقْصِ تنْمُو كُلُّ ذاتِ نمَاءِ
وكم من مُفدًّى ماتَ لم يَرَ أهْلَهُ ِ*** حَبَوْهُ، ولا جادُوا لهُ بفِداءِ
أمامَكَ، يا نَوْمانُ، دارُ سَعادَة ٍ ِ*** يَدومُ البَقَا فيها، ودارُ شَقاءِ
خُلقتَ لإحدى الغايَتينِ، فلا تنمْ ِ*** وكُنْ بينَ خوفٍ منهُمَا ورَجَاء
وفي النّاسِ شرٌّ لوْ بَدا ما تَعاشَرُوا ِ*** ولكِنْ كَسَاهُ اللهُ ثوبَ غِطَاءِ

الناصر
06-07-2006, 09:41 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
ألا إنّ رَبّي قوِيٌّ، مَجيدُ *** لَطيفٌ، جَليلٌ، غنيٌّ، حَميدُ
رأيْتُ المُلُوكَ، وإنّ عَظُمَتْ *** فإنَّ المُلُوكَ لرَبِّي عَبيدُ
تُنَافِسُ فِي جَمْعِ مَالٍ حُطَامٍ *** وكلٌّ يَزُولُ، وكلٌّ يَبِيدُ
وكَمْ بادَ جَمْعٌ أُولُو قُوّة ٍ *** وحِصْنٌ حَصِينٌ وقصرٌ مَشِيدُ
ولَيسَ بباقٍ على الحادِثاتِ *** لشيءٍ مِنَ الخَلْقِ رُكنٌ شديدُ
وأيّ مَنيعٍ يَفُوتُ الفَنَا *** إذا كانَ يَبلَى الصَّفَا والحَديدُ
ألا إنّ رأياً، دَعَا العَبْدَ أنْ *** يُنيبَ إلى الله، رَأيٌ سَديدُ
فَلا تَتَكَثّرْ بدارِ البِلَى *** فإنّكَ فيها وحيدٌ فَريدُ
أرى َ الموتُ ديْناً لَهُ عِلَّة ٌ *** فَتِلْكَ الَّتِي كُنْتَ مِنْهَا تحِيدُ
تيقَّظْ فإنَّكَ فِي غَفْلَة ٍ *** يَميدُ بكَ السُّكْرُ ،فيمَنْ يَميدُ
كأنّكَ لم تَرَكَيفَ الفَنَا *** وكيفَ يَمُوتُ الغُلامُ الرَّشِيدُ
وكيفَ يموتُ المُسِنُّ الكَبيرُ *** وكيفَ يموتُ الصَّغِيرُ الوَليدُ
أراكَ تُأمّلُ،والشّيبُ قَدْ *** أتاك بنعيك منه بريد
وتَنْقُصُ في كُلّ تَنفيسَة ٍ *** وأنْتَ بظَنّكَ فيها تزيدُ

الناصر
06-08-2006, 01:07 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
مَا للْفَتَى مانِعٌ منَ القَدَرِ *** والمَوْتُ حَوْلَ الفَتَى وبِالأثَرِ
سائِلْ عنِ الأمرِ لستَ تعرِفُهُ *** فَكُلُّ رشدٍ يأتِيكَ بالخبرِ
كمْ فِي ليالٍ وفي تقلبِهَا *** مِنْ عِبَرٍ للفَتى ، ومِنْ فِكَرِ
ما أمكَنَ القَوْلُ بالصّوابِ فقُلْ *** واحذَرْ إذا قُلْتَ موضِعَ الضَّررِ
ما طَيّبُ القَوْلَ عندَ سامِعِهِ الـ *** ـمُنْصِتِ، إلاّ كطيْبِ الثّمَرِ
للشَّيْبُ فِي عارضَيكَ بارقَة ٌ *** تَنهاكَ عَمّا أرَى منَ الأشَرِ
ما لكَ مُذْ كُنتَ لاعِباً مرِحاً *** تسحَبُ ذيلَ السَّفاهِ والبطَرِ
تَلعَبُ لَعْبَ الصّغيرِ وقَد *** عمّمَك الدَّهرُ عمة َ الكِبَرِ
لوْ كنتَ للموْتِ خائفاً وجِلاً *** أقرَحْتَ منكَ الجُفُونَ بالعِبَرِ
طَوّلْتَ مِنكَ المُنى وأنتَ من الـ *** الأيَّامِ فِي قِلَّة ٍ وفِي قِصَرِ
لله عَيْنَانِ تَكْذِبانِكَ في *** ما رَأتَا مِنْ تَصرّفِ العِبَرِ
يا عَجَباً لي، أقَمتُ في وَطَنٍ *** ساكِنُهُ كُلّهُمْ على السّفَرِ
ذكَرْتُ أهْلَ القُبورِ من ثقتي *** فانهلَّ دمعي كوابلِ المطرِ
فقل لأهلِ القبورِ يا ثقتي ٍ *** لَسْتُ بِناسيكُمُ مَدَى عُمُرِي
يا ساكِناً باطِنَ القُبُورِ: أمَا *** للوارِدينَ القُبُورَ مِنْ صَدَرِ
ما فَعَلَ التّارِكُونَ مُلكَهُمُ *** أهلُ القِبابِ العِظامِ، والحجَرِ
هَلْ يَبْتَنُونَ القُصورَ بَينَكُمُ *** أمْ هلْ لهمْ منَ عُلًى ومن خَطَرِ
ما فَعَلَتْ منهُمُ الوُجُوهُ: أقَدْ *** بدّدَ عَنْهَا محاسِنُ الصُّورِ
اللهُ فِي كلِّ حادثٍ ثقَتِي *** واللهُ عزّي واللهُ مفتخرِي
لَستُ مَعَ الله خائِفاً أحَداً *** حسبِي بهِ عاصماً منَ البشرِ

الناصر
06-08-2006, 09:25 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ *** للمَرْءِ في الحِرْصِ همّة ٌ عَجَبُ
للّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ *** فِي جمعِ مالٍ مَا لَهُ أدَبُ
مَا زالَ حِرْصُ الحرِيصِ يُطْمِعُهُ *** في دَرْكِهِ الشّيءَ، دونَه الطّلَبُ
مَا طابَ عيشُ الحريصِ قَطُّ ولاَ *** فارَقَهُ التّعسُ مِنْهُ والنّصَبُ
البَغْيُ والحِرْصُ والهَوَى فِتَنٌ *** لم يَنْجُ عنها عُجْمٌ ولا عَربُ
ليَسَ على المَرْءِ في قَناعَتِهِ *** إنْ هيَ صَحّتْ، أذًى ولا نَصبُ
مَن لم يكِنْ بالكَفافِ مُقْتَنِعا *** لَمْ تكفِهِ الأرْضُ كلُّهَا ذَهَبُ
مَنْ أمكَنَ الشَّكَّ مِنْ عزِيمتِهِ *** لَمْ يَزَلِ الرأْيُ مِنْهُ يضْطَرِبُ
مَنْ لَزِمَ الحِقْدَ لم يَزَلْ كَمِداً *** تُغرِقُهُ، في بُحُورِها، الكُرَبُ
المَرْءُ مُستَأنِسٌ بمَنْزِلَة ٍ *** تُقْتَلُ سُكّانُها، وتُستَلَبُ
والمرءُ فِي لهوهِ وباطِلِهِ *** والمَوْتُ مِنْهُ فِي الكُلِّ مقتَرِبُ
يا خائفَ الموتِ زالَ عنكَ صِباً *** والعُجْبُ واللّهْوُ مِنكَ واللّعِبُ
دارُكَ تَنعَى إلَيكَ ساكِنَهَا *** قَصرُكَ تُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ
يا جامِعَ المالِ منذُ كانَ غداً *** يأْتِي عَلَى ما جمعتَهُ الحرَبُ
إيَّاكَ والظُّلْمَ إنَّهُ ظُلَمٌ *** إيَّاكَ والظَّنُّ إِنَّهُ كذِبُ
بينَا تَرَى القَوْمَ فِي مَحلَّتِهِمْ *** إذْ قيلَ بادوا، وقيلَ قَد ذَهَبُوا
إنِّي رأَيْتُ الشَّرِيفَ معتَرِفاً *** مُصْطَبِراً للحُقُوق، إذْ تَجِبُ
وقدْ عَرَفْتُ اللِّئامَ لَيْسَ لهمْ *** عَهْدٌ، ولا خِلّة ٌ، ولا حَسَبُ
احذَرْ عَلَيْكَ اللِّئامَ إنَّهُمُ *** لَيسَ يُبالُونَ منكَ ما رَكِبُوا
فنِصْفُ خَلْقِ اللِّئامِ مُذْ خُلِقُوا *** ذُلٌّ ذَليلٌ، ونِصْفُهُ شَغَبُ
فِرَّ مِنَ اللُّؤْمِ واللِّئامِ وَلاَ *** تَدْنُ إليْهِمْ فَإنَّهُمْ جَرَبُ

الناصر
06-10-2006, 12:53 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :

أذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابَا *** وقَد يَعفو الكَريمُ، إذا استَرَابَا
إذا اتَّضَحَ الصَّوابُ فلا تَدْعُهُ *** فإنّكَ كلّما ذُقتَ الصّوابَا
وَجَدْتَ لَهُ على اللّهَواتِ بَرْداً *** كَبَرْدِ الماءِ حِينَ صَفَا وطَابَا
ولَيسَ بحاكِمٍ مَنْ لا يُبَالي *** أأخْطأَ فِي الحُكومَة ِ أمْ أصَابَا
وإن لكل تلخيص لوجها *** وإن لكل مسألة جوابا
وإنّ لكُلّ حادِثَة ٍ لوَقْتاً *** وإنّ لكُلّ ذي عَمَلٍ حِسَابَا
وإنّ لكُلّ مُطّلَعٍ لَحَدّاً *** وإنّ لكُلّ ذي أجَلٍ كِتابَا
وكل سَلامَة ٍ تَعِدُ المَنَايَا *** وكلُّ عِمارَة ٍ تَعِدُ الخَرابَا
وكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصِيرُ يَوْماً *** وما مَلَكَتْ يَداهُ مَعاً تُرابَا
أبَتْ طَرَفاتُ كُلّ قَريرِ عَينٍ *** بِهَا إلاَّ اضطِراباً وانقِلاَبا
كأنَّ محَاسِنَ الدُّنيا سَرَابٌ *** وأيُّ يَدٍ تَناوَلَتِ السّرابَا
وإنْ يكُ منيَة ٌ عجِلَتْ بشيءٍ *** تُسَرُّ بهِ فإنَّ لَهَا ذَهَابَا
فَيا عَجَبَا تَموتُ، وأنتَ تَبني *** وتتَّخِذُ المصَانِعَ والقِبَابَا
أرَاكَ وكُلَّما أغلقت بَاباً *** مِنَ الدُّنيَا فَتَّحَتَ عليْكَ نَابَا
ألَمْ ترَ أنَّ غُدوَة َ كُلِّ يومٍ *** تزِيدُكَ مِنْ منيَّتكَ اقترابَا
وحُقَّ لموقِنٍ بالموْتِ أنْ لاَ *** يُسَوّغَهُ الطّعامَ، ولا الشّرَابَا
يدبِّرُ مَا تَرَى مَلْكٌ عَزِيزٌ *** بِهِ شَهِدَتْ حَوَادِثُهُ رِغَابَا
ألَيسَ اللّهُ في كُلٍّ قَريباً؟ *** بلى ! من حَيثُ ما نُودي أجابَا
ولَمْ تَرَ سائلاً للهِ أكْدَى *** ولمْ تَرَ رَاجياً للهِ خَابَا
رأَيْتَ الرُّوحَ جَدْبَ العَيْشِ لمَّا *** عرَفتَ العيشَ مخضاً، واحتِلابَا
ولَسْتَ بغالِبِ الشَّهَواتِ حَتَّى *** تَعِدُّ لَهُنَّ صَبْراً واحْتِسَابَا
فَكُلُّ مُصِيبة ٍ عَظُمَتْ وجَلَّت *** تَخِفُّ إِذَا رَجَوْتَ لَهَا ثَوَابَا
كَبِرْنَا أيُّهَا الأتَرابُ حَتَّى *** كأنّا لم نكُنْ حِيناً شَبَابَا
وكُنَّا كالغُصُونِ إِذَا تَثَنَّتْ *** مِنَ الرّيحانِ مُونِعَة ً رِطَابَا
إلى كَمْ طُولُ صَبْوَتِنا بدارٍ *** رَأَيْتَ لَهَا اغْتِصَاباً واسْتِلاَبَا
ألا ما للكُهُولِ وللتّصابي *** إذَا مَا اغْتَرَّ مُكْتَهِلٌ تَصَابَى
فزِعْتُ إلى خِضَابِ الشَّيْبِ منِّي *** وإنّ نُصُولَهُ فَضَحَ الخِضَابَا
مَضَى عنِّي الشَّبَابُ بِغَيرِ رَدٍّ *** فعنْدَ اللهِ احْتَسِبُ الشَّبَابَا
وما مِنْ غايَة ٍ إلاّ المَنَايَا *** لِمَنْ خَلِقَتْ شَبيبَتُهُ وشَابَا

الناصر
06-10-2006, 10:48 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
إنّ الـسّـلامَـة َ أنْ نَــرْضَى بـمَـا قُـضِـيَـا*** لَـيَـسْـلَمَــنّ، بإذْنِ الله، مَـن رَضِـيَـا
الــمَــرْءُ يـأمُــلُ، وَالآمـــالُ كـاذِبَـة *** والــمــرءُ تـصحـبُـهُ الآمالُ مـا بـقـيَـا
يا رُبَّ بــاكٍ عـلَـى مـيــتٍ وبـاكـيـة *** لـمْ يـلـبَـثَـا بــعــدَ ذاكَ الـمـيـتِ أنْ بُكِــيَا
ورُبَّ نـاعٍ نَـعَـى حـيـنـاً أحـبَّـتـهُ *** مـا زالَ يـنـعـى إلـى أن قـيلَ قـد نعيا
عِلْمـي بـأني أذوقُ الـمـوتَ نـغَّصَ لـي *** طِـيـبَ الحَـياة ِ، فـما تَـصْـفـوا الحـياة ُ لِـيَـا
كـــم مـــنْ أخٍ تَـغـتَـذي دودُ الــتّــرابِ به *** وَكـانَ صَـبّاً بـحُلـوِ العَـيشِ مغتَذِيَـا
يَـبـلَى مـعَ الـمـيـتِ ذِكْـرُ الـذّاكريـنَ له *** مـن غـابَ غـيـبـة ً مَــنْ لا يُـرتـجـى نسيا
مـنْ ماتَ مـاتَ رجـاءُ الـنـاسِ مـنـهُ فـوَ *** لّــوْهُ الجَـفَـاءَ، وَمَـن لا يُـرْتجى جفيا
إنّ الـرّحـيـلَ عَــنِ الـدّنْـيا ليزعجني *** إنْ لـم يَـكُـن رائِـحـاً بي كان مغتديا
الحَـمـدُ لـله، طُوبَــى لـلـسّـعـيـدِ ومن *** لـم يُـسـعِـدِ الله بـالـتّـقـوَى فـقَـد شَقِـيَـا
كم غافـلٍ عـن حـياضِ الـموْتِ في لعب *** يُـمــسِــي، وَيُـصْـبحُ رَكّـابـاً لما هويا

الناصر
06-10-2006, 11:04 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله:
مَنْ نافَسَ النّاسَ لم يَسلَمْ من النّاسِ *** حتى يُعَضّ بأنْيابٍ وَأضراسِ
لاَ بأسَ بالمرءِ مَا صحَّتْ سَرِيرتُهُ *** مَا النَّاسُ إلاَّ بأهْلِ العِلْمِ والنَّاسِ
كاسَ الألى أخذُوا لِلْمَوْتِ عُدَّتَهُ *** وَما المُعِدّونَ للدّنْيا بأكْياسِ
حتَّى متَى والمنَايَا لِي مخاتِلة ٌ *** يَغُرّني في صُرُوفِ الدّهرِ وَسْوَاسِي
أينَ المُلُوكُ التي حُفّتْ مَدائِنُها *** دونَ المَنَايا، بحُجّابٍ وحُرّاسِ
لقدْ نسيتُ وكأْسُ الموتِ دائرة ٌ *** في كفِّ لا غافلٍ عنها ولا ناسي
لأشربنَ بكأسِ الموتِ منجدِلاً *** يوماً كمَا شرِبَ الماضُونَ بالكاسِ
أصْبَحْتُ ألعَبُ والسّاعاتُ مُسرِعَة ٌ *** ينقصنَ رزقِي ويستقصينَ أنفاسِي
إنّي لأغْتَرّ بالدّنْيا وَأرْفَعُهَا *** مِن تحتِ رِجليَ، أحياناً، على رَاسِي

الناصر
06-15-2006, 05:06 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
ألاَ للهِ أَنْتَ مَتَى تَتُوبُ *** وقد صبَغَتْ ذَوائِبَكَ الخُطوبُ
كأنّكَ لَستَ تَعلَمُ أي حَثٍّ *** يَحُثّ بكَ الشّروقُ، كذا الغُروبُ
ألَسْتَ تراكَ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ *** تُقابِلُ وَجْهَ نائِبَة ٍ تَنُوبُ
لَعَمْرُكَ ما تَهُبّ الرّيحُ إلاّ ***نَعاكَ مُصرِّحاً ذاكَ الهُبُوبُ
ألاَ للهِ أنْتَ فتى ً وَكَهْلاً *** تَلُوحُ عَلَى مفارِقِكَ الذُّنُوبُ
هوَ المَوْت الذي لا بُدّ منْهُ *** فلا يَلعَبْ بكَ الأمَلُ الكَذوبُ
وكيفَ تريدُ أنْ تُدعى حَكيماً *** وأنتَ لِكُلِّ مَا تَهوى رَكُوبُ
وتُصْبِحُ ضاحِكاً ظَهراً لبَطنٍ *** وتذكُرُ مَا اجترمْتَ فَمَا تَتُوبُ
أراكَ تَغيبُ ثمّ تَؤوبُ يَوْماً ***وتوشِكُ أنْ تغِيبَ ولا تؤُوبُ
أتطلِبُ صَاحِباً لاَ عَيْبَ فِيهِ *** وأيُّ النَّاسِ ليسَ لَهُ عيوبُ
رأيتُ النّاسَ صاحِبُهمْ قَليلٌ ***وهُمْ، واللّهُ مَحمودٌ، ضُرُوبُ
ولَسْتُ مسمياً بَشَراً وهُوباً *** ولكِنَّ الإلهَ هُوَ الْوَهُوبُ
تَحاشَى رَبُّنَا عَنْ كلّ نَقْصٍ ***وحَاشَا سائِليهِ بأَنْ يخيبُوا

الناصر
06-17-2006, 06:42 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
حتَّى مَتَى تَصْبُو وَرَأْسُكَ أشْمَطُ *** أحَسِبْتَ أنَّ المَوْتَ فِي اسْمِك يغلَطُ
أمْ لَستَ تْحسَبُهُ عَلَيكَ مُسلَّطاً *** وَبَلى وَرَبِّكَ إنّهُ لمُسَلَّطُ
يآلَفِ الخُلاَّنِ مفتقِداً لَهُمْ *** سَتَشِطّ عَنهمّ بالممات وَتَشَحطُ
وكأنّني بكَ بَيْنَهُمْ وَاهي القُوَى *** نِضْواً، تَقَلَّصُ بَينَهُمْ وتَبَسَّطُ
وكأنّني بِكَ بَينَهُمْ خَفِقَ الحَشَا *** بالموتِ فِي غَمَرَاتهِ يتشَحَّطُ
وكأنّني بكَ في قَميصٍ مُدْرَجاً *** في رَيطَتَينِ مُلَفَّفٌ، وَمُخَيط
لاَ ريطَتَيْنِ كريطَتَيْ متنسِّمٍ *** رُوحَ الحَياة ِ، وَلا القَميصُ مُخَيَّطُ

الناصر
06-17-2006, 06:47 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :

عليكُمْ سلاَمُ اللهِ إنِّي مُوَّدعُ *** وعيْنَايَ منْ مضِّ التَّفَرُّقِ تَدْمَعُ
فإنْ نحنُ عِشْنَا يجمَعُ اللهُ بيننَا *** وَإنْ نحنُ مُتْنَا، فالِقيامَة ُ تَجمَعُ
ألمْ تَرَ رَيْبَ الدّهْرِ في كلّ ساعة *** ٍ لَهُ عارضُ فيهِ المنيَّة ُ تَلْمَعُ
أيَا بَانِيَ الدُّنْيَا لِغيْرِكَ تََبْتَنِي *** ويَا جامِعَ الدُّنيَا لِغَيْرِكَ تَجْمَعُ
أَرَى المرْءَ وثَّاباً عَلَى كُلِّ فُرْصَة ٍ *** وللمَرْءِ يَوْماً لاَ مَحَالَة َ مَصْرَعُ
تَبَارَكَ مَنْ لاَ يمْلِكُ المُلكَ غَيْرُهُ *** مَتَى تَنْقَضِي حَاجَاتُ مَنْ لَيسَ يَشْبَعُ
أيُّ امْرِىء ٍ فِي غَايَة ٍ لَيْسَ نَفْسُهُ *** إلى غايَة ٍ أُخرَى ، سواها، تَطَلَّعُ

الناصر
08-28-2006, 06:36 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
رغيف خبز يابس *** تأكله في زاويه

وكوز ماء بارد *** تشربه من صافيه

وغرفة ضيقة *** نفسك فيها خاليه

أو مسجد بمعزل *** عن الورى في ناحيه

تدرس فيه دفتراً *** مستنداً لساريه

معتبراً بمن مضى *** من القرون الخاليه

خير من الساعات في *** فيء القصور العاليه

تعقبها عقوبة *** تصلى بنار حاميه

الناصر
08-28-2006, 06:47 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله
إنّ الحَوادِثَ، لا مَحالَةَ، آتِيَهْ ****مِنْ بَينِ رائحَةٍ تَمُرّ، وغادِيَهْ

وَلَرُبّما اعْتُبِطَ السّليمُ فُجاءَةً، *** وَلَرُبّما رُزِقَ السّليمُ بعافِيَهْ

أللهُ يَعْلَمُ ما تُجِنّ قُلُوبُنَا، .*** وَاللهُ لا تُخفَى عَلَيهِ خافِيَهْ

أينَ الأُلى كَنَزُوا الكُنوزَ وَأمّلُوا، *** أينَ القُرُونُ بَنو القُرونِ الخاليَهْ؟

دَرَجوا فأصْبحتِ المَنازِلُ منهُمُ .*** قَفْراً، وَأصْبحتِ المَدائنُ خاليَه

عَجَباً لمَنْ يَنسَى المَقَابِرِ وَالبِلى، .*** سُبحانَ مَن يُحيي العظامَ الباليَهْ

الناصر
08-28-2006, 06:55 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
أَفـنى شَـبـابَـكَ كَـرُّ الـطَرفِ وَالنَفـــسِ *** فَالمَوتُ مُقتَرِبٌ وَالدَهـــرُ ذو خُلــسِ
لا تَـأمَـنِ الـمَوتَ فـي طَرفٍ وَلا نَـفَـسٍ ***وَإِن تَـمَنَّعتَ بِالحُجابِ وَالحرَسِ

فَـمـا تَـزالُ سِـهامُ الـمَوتِ نـافِــذَة *** فـي جَـنبِ مُـــدَّرِعٍ مِـنـهـا ومترس

أَراكَ لَـسـتَ بِـوَقّــافٍ وَلا حَـــذِرٍ *** كَالحاطِـبِ الخابِطِ الأَعوادَ في الغلـس

تَـرجـو الـنَـجاةَ وَلَم تَسلُك مَسالِكَها .***انَّ السَفينَةَ لا تَجري عَلى اليبس
أَنّى لَكَ الصَحوُ مِن ســـُكرٍ وَأَنتَ مَتى *** تَصِحُّ مِن سَكرَةٍ تَغشاكَ في نَكـَسِ

مـا بـالُ ديـنِـــكَ تَـرضى أَن تُـدَنِّـسَـــهُ ***وَثَـوبُـكَ الدَهرَ مَغسولٌ مِنَ الدنس

لا تَـأمَـنِ الـحَـتــفَ فـيـمـا تَـستَـلِذُّ وَإِن *** لانَت مَلامِسَهُ في كَفِّ ملتمس

الـحَـمـدُ لِـلَّـــهِ شُكـراً لا شــَريكَ لَـهُ *** كَم مِن حَبيبـب مِنَ الأَهلينَ مختلس

الناصر
08-02-2009, 11:58 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
نعى نفسي إلي من الليالي 000 تصرفهن حالا بعد حال
فما لي لست مشغولا بنفسي 000 وما لي لا أخاف الموت ما لي
لقد أيقنت أني غير باق 000 ولكني أراني لا أبالي
تعالى الله يا سلم بن عمرو 000 أذل الحرص أعناق الرجال
هب الدنيا تساق إليك عفوا 000 أليس مصير ذاك إلى زوال
فما ترجو بشيء ليس يبقى 000 وشيكا ما تغيره الليالي

الناصر
08-16-2009, 03:46 PM
قال أبو العتاهية رحمه الله :
يــا عجبــا للنــاس لـو فكـروا *** وحاســـبوا أنفســـهم أبصــروا
وعــبروا الدنيــا إلــى غيرهــا *** فإنمـــا الدنيـــا لهــم معــبر
والموعــد المــوت ومــا بعــده *** الحشــر فــذاك الموعــد الأكـبر
لا فخــر إلا فخــر أهــل التقـى *** غـــدا إذا ضمهـــم المحشـــر
ليعلم النـــاس أن التقـــى *** والــبر كانــا خــير مـا يدخـر
عجــبت للإنســان فــي فخــره *** وهــو غــدا فــي قــبره يقـبر
مــا بــال مــن أولــه نطفــة **** وجيفــــة آخــــره يفخـــر
أصبـــح لا يملــك تقــديم مــا *** يرجــو ولا تــأخير مــا يحــذر
وأصبـــح الأمــر إلــى غــيره *** فــي كـل مـا يقضـي ومـا يقـدر

12d8c7a34f47c2e9d3==