المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أرشيف سلطان بن عبدالرحمن العيد


كيف حالك ؟

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 12:55 PM
إستجابة لرغبة أحد الطيبين من القائمين على هذه الشبكة السلفية
فسيتم في هذه الصفحة وضع جميع مايتعلق بأشرطة وتفريغات للأشرطة ومقالات
الشيخ سلطان العيد - حفظه الله -



{ للأهمية أرجو التعاون
وعدم وضع أي رابط لموقع سحاب }



وأشرطة الشيخ - حفظه الله - هي بضاعتنا وردت إلينا

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 12:58 PM
ترجمة مختصرة للشيخ - حفظه الله -




بسم الله الرحمن الرحيم

سيرة الشيخ

الاسم : سلطان بن عبد الرحمن بن محمد العيد كنيته : أبو عبد الرحمن إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد رضي الله عنه بالرياض طلبه للعلم ومشايخه:


بسم الله الرحمن الرحيم نظراً لكثرة الأسئلة عن الشيخ سلطان العيد حفظه الله من طلاب العلم وغيرهم سواء داخل المملكة وخارجها نقدم لهم سيرة الشيخ والتي كتبها أحد المحبين له
الاسم : سلطان بن عبد الرحمن بن محمد العيد

كنيته : أبو عبد الرحمن

إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد رضي الله عنه بالرياض

طلبه للعلم ومشايخه:

درس وتلقى العلم على عدد من المشايخ منهم:

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز :

حضر دروس سماحته بالجامع الكبير و مسجد سارة

سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي الديار السعودية :

قرأ عليه بكلية الشريعة

3- الشيخ عبد الله بن عقيل وهو من أكابر طلاب الشيخ بن سعدي

رحمه الله:

يقرأ عليه في كتاب دليل الطالب

الشيخ عبد المحسن العبيكان:

وقد حضر دروسه ولمدة عشرين عاماً تقريباً ومما قرأ على يديه

الروض المربع مرتين والرحبية وبلوغ المرام وصحيح البخاري.

5- الشيخ صالح الأطرم عضو هيئة كبار العلماء :

قرأ عليه بكلية الشريعة .

6- الشيخ عبد العزيز الداوود عضوا الإفتاء:

قرأ عليه بكلية الشريعة

7- حضر دروس الشيخ بن عثيمين في الحرم المكي وعلى الأخص

عام 1411هـ وحضر بعض دروسه في عنيزة بجامعه ومنزله .

8- الشيخ له لقاءات علمية مع الشيخ ربيع بن هادي المدخلي

والشيخ فالح بن نافع الحربي والشيخ عبيد الجابري وانتفع

بتوجيهاتهم حفظهم الله .

ومن أعماله :

1- ترتيب كتاب دليل الطالب (لمرعي الكرمي) مع التعليق عليه، وله

كتب أخرى تحت الطبع .

2- له دروس بجامعه الذي يخطب فيه في العقيدة والحديث والفقه .

3- واشتهر الشيخ بخطبه التي انتشرت في العالم الإسلامي

واعتنى بها بنصرة العقيدة السلفية وربط الشباب بالعلماء السلفيين

وتحذيرهم من الجماعات الحزبية ورموزها.

4- وله محاضرات عدة ومشاركات في الدورات العلمية نفع الله بها .

أقوال العلماء فيه:

سمعت الشيخ عبد الله بن عقيل يثني عليه ويقول له : أنت الدليل

على الدليل (يعني حفظه الله كتاب دليل الطالب الذي حققه

الشيخ سلطان) .

سمعت الشيخ عبد المحسن العبيكان يثني على بعض خطبه

ويقول إنها عظيمة نفع الله بها.

الشيخ فالح الحربي قال في رد لفضيلته: " وأخونا الشيخ سلطان العيد من طلبة العلم الذين نعرفهم بنصرة المنهج السلفي والدعوة إليه في منطقة الرياض هو وأخونا الفاضل الشيخ محمد الفيفي فأنصح الشباب بالإستفاده منهما والأخذ عنهما ، لأنهما ممن عرفناهم بالأخذ عن أهل العلم وبسلامة المنهج وصفاء العقيدة وصحة الولاء ونصرة السنة وأهلها ،وربط الشباب بالعلماء السلفيين ولنا بهما صلة وثيقة ولقاءات علمية نافعة عديدة .نسأل الله لهما السداد والرشاد و التوفيق " انتهى . ولما سأل عنه في احد المجالس قال : "هذا حتى الآن و الحمد لله نسأل الله لنا و له الثبات،نحسبه من أهل السنة،طالب علم جيد،سلفي و الحمد لله،له غيرة و له جهود موفقة و نفع الله به الكثير و نسأل الله لنا و له الفقه في الدين".انتهى

كلمة الشكر التي وجهها الشيخ ربيع بن هادي المدخلي للشيخ سلطان العيد: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد: فقد اطلعت على ما كتبه الأخ الشيخ سلطان العيد توضيحاً على بعض العبارات التي وردت في خطبته التي أسماها بـ(المخالفات في زمن الفتن), والتي سجلت في شريط ونشرت, وقصد بها فعلاً أهل الفتن, ففهم بعض الناس أنه يطعن بتلك العبارات في بعض إخوانه السلفيين من أهل المدينة النبوية. وهذا الفهم خطأ,لأن سباق الكلامه وسياقه يبطل هذا الفهم الخاطئ . وزاده بعداً توضيح الشيخ سلطان الواضح الذي يثلج الصدر , ويقطع دابر استغلال المتصيدين ,ووهم الواهمين. فشكر الله للأخ سلطان على هذا البيان الشافي ,كما شكر الله له مقاومة الباطل والفتن.

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 01:01 PM
ما موقف السلف من كتب أهل الأهواء!؟




للسلف نصرة للسنة بالليل والنهار حتى كتب أهل الأهواء كانوا يفرحون إذا أحرقت ومُزقت ويحذرون من النظر فيها هذه الكتب . الإمام أحمد سُئل عن رجل أتلف كتاب من كتب أهل البدع هل يأثم أو عليه شيء


السلف نصرة للسنة بالليل والنهار حتى كتب أهل الأهواء كانوا يفرحون إذا أحرقت ومُزقت ويحذرون من النظر فيها هذه الكتب . الإمام أحمد سُئل عن رجل أتلف كتاب من كتب أهل البدع هل يأثم أو عليه شيء ؟ قال : لا ، بل يؤجر إذا فعل ذلك (1) يقول الإمام أبي نص السجسي : وليحذر ( يعني السني ) من تصانيف من تغير حالهم فإن فيها العقارب وربما تعذر الترياق (2) فيها عقارب أنت ما تعرفها بما تلدغك هذه العقارب ويصعب عليك الترياق ، ما ترى بعض الشباب وقعت في نفسه الشبه بعد ذلك تنصحه وتبين له سبحان الله رجوعه صعب ، فهم الشبه ولم يفهم الرد . سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن قول سيد قطب في كتابه كتب وشخصيات ص242 في عمرو بن العاص ومعاوية رضي الله عنهما الذي تقدم . فقال الشيخ ابن باز : عن هذه الكتب : ( ينبغي أن تمزق ) (3) هذه عبارة الشيخ ابن باز... السلف كان يجعلون للناس علامات يعرفون بها أهل الأهواء : منها : الطعن في أهل السنة ، وأن علامة أهل الأهواء الطعن في أهل الأثر ، إذا طعن فيهم ، حتى ولو سألته يقول لك يا أخي : هؤلاء لا تسمع كلامهم هؤلاء مدخليه ، جامية تقول له : أنت : تعالى ، مثل ما يقول الشيخ الفوزان . سأله أحد الشباب بعد الدرس قبل يومين أو ثلاثة أيام يقول : يا شيخ يحذروني من الجامية لا تذهب معهم . قال له الشيخ : أيش الكلام الباطل أسألهم أيش أصول الجامية حتى نعرفهم هل لها أصول ، عندهم شيء مخالف لمنهج السلف هذا كلام فارغ . ونحو هذا الكلام قال الشيخ . تسألهم يقولون : هم يسبحون بحمد الحاكم تعرف أي هذا ؟ يعني معناه في الحقيقة أنهم لا يخالفون السلف رضي الله عنهم فيما يتعلق في معاملة ولاة الأمر من السمع والطاعة والنصيحة وعدم الخروج عليهم ، هم يسمونه في اصطلاح الإخوان المسلمين " تسبيحاً بحمد الحاكم " مثل ما يقولون : هذا المذهب تكون وهابياً إذا كان هذا هو الوهابية فأنا أكبر وهابي على وجه الأرض فالعبرة ليست بالألفاظ العبرة بالمعاني والحقائق فمن صفاتهم الطعن في أهل السنة . يقول الإمام أحمد : إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام فإن حماداً كان شديداً على المبتدعة . (1) كذلك من علامات أهل الأهواء : الطعن في الصحابة يقول الإمام أبي حاتم الرازي وهو من أجل مشايخ الإمام مسلم : ( إذا رأيت رجلاً يطعن في امريء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ) (2) وخاصة الطعن في معاوية رضي الله عنه . يقول الإمام أحمد : ( من طعن في معاوية أو رأيناه ينظر إلى معاوية شزراً اتهمناه على بقية القوم ) (3) سُئل عبد الله بن المبارك عن معاوية ؟ فقال : ما أقول في رجل صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سمع الله لمن حمده . فقال هو : ربنا ولك الحمد (1) قيل له : عمر بن عبد العزيز ومعاوية رضي الله عنه أيهما أفضل ؟؟ فقال : لغبارٌ في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمر بن عبد العزيز وأيامه أو خير من أيام عمر بن عبد العزيز (2) ثم نسع الطعون الكبيرة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول عقبة بن علقمة كنت عند أرطأة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس : ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنة ويخالطهم فإذا ذكر أهل البدع قال : دعونا ذكرهم ولا تذكروهم فقال . أرطأة بن المنذر : هو منهم ( يعني من أهل الأهواء والبدع ) هو منهم لا يلبّس عليكم أمره ، قال عقبة : فأنكرت ذلك من قول أرطأة فقدمت على الأوزاعي وكان كشافاً لهذه الأمور إذا بلغته فقال الإمام الأوزاعي صدق أرطأة والقول ما قال هذا ينهي عن ذكرهم وينهي بطريقة بشيء فيها من الورع ، حينما يتكلم في أهل الأهواء والبدع يقول : دعونا منهم وإلا ننشغل بالعلم اطلبوا لعلم أحسن كما يقوله بعض الناس أو يقول نحن على منهج الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين لا يتكلمون في الناس . نقول : أنتم كذبتم على الإمامين الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين . أما الشيخ ابن عثيمين يكفي تزكيته لكتاب براءة الذمة وتكلم بكلام شديد جداً وعلى غيره من الأشخاص وأما الشيخ ابن باز فلو نظرت إلى رؤوس الضلالة والبدعة وأهل الأهواء في زماننا ما تجد واحد منهم إلا وتكلم فيه الشيخ ابن باز . ابن لادن الذي يتكلمون فيه الناس الآن الشيخ ابن باز تكلم فيه في عام 1417هـ في مجلة البحوث الإسلامية العدد رقم (50) قال فيه وفي المسعري والفقيه إنهم دعاة شر وفتنة وينبغي أن يحذروا وأن لا يعانوا على باطلهم ودعاهم إلى التوبة إلى الله عز وجل . وقال في المسعري : إنه قد تشبه بابن سبأ(1) اليهودي في الدعوة إلى الفتنة وتكلم في أناس كثيرين مثل ما تقدم في كلامه في كتاب وشخصيات ورد على حسن البنا في قاعدته ( نتعاون فيما اتفقنا عليه . ) ورد على غيره كثيرين .. وأوقف من أوقف من الدعاة في بيان له مصور والبعض لم يصور ، والشيخ كان من أشد الناس على أهل الأهواء . فالذي يتخذ له منهجاً فيه تضييع للعقيدة السلفية ويتمسح بالشيخ ابن باز نقول له : كذبت الشيخ ابن باز بريء منك .
فأسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعاً من أنصار السنة وأن يفقهنا جميعاً في دنيه وأن يعظم الأجر لمن كان من المصلحين إنه ولي ذلك والقادر عليه . وأشكركم وأشكر الإخوان على استضافتهم وكرمهم وحسن ضيافتهم . ولا أنسى أن أوصيكم بوصية من رأى وذاق هو وقومه ويلات هذه الفتن فأنتم ترون آثارها الكثيرة العديدة ومفاسدها فلا تعجبوا إذا رأيتم العلماء والناصحون يحذرون منها الليل والنهار فيا أخي : إذا رأيتم يتكلمون لا يقصدون الطعن في فلان بل والله من تاب منهم ورجع إلى السنة ودخل في هذه الأهواء ، هذه مصيبة وبلية تظن أن الإنسان يفرح بوجود هذه الأهواء وأن فلان صار رأساً في الضلالة لا يفرح بهذا ونسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، ولكن يا إخوان لا بد من التناصح فيما بيننا فإذا سكتنا ضاعت دعوتنا ، انظروا إلى حال السلف كان يحذرون أشد التحذير يعلمون إذا سكتوا تسلط عليهم أهل الأهواء فأنتم ولله الحمد البلاد أهلها على فطرة ما تلوثت بهذه الحزبيات والأهواء والضلالات فسابقوا واسبقوا أهل الأهواء إلى عامة المسلمين وخاصتهم هذه الدعوة أوصلوها إلى الناس كلهم دعوتنا ليست خاصة بطلاب الجامعات والكليات ( لا لا ) كل الناس بحاجة إلى هذه الدعوة السلفية دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحذر العامي قبل خواص المسلمين من هؤلاء لأن العوام هم وقود هذه النار الحزبية ، فأنت يدفع الله بك إذا كنت سلفياً داعياً إلى هذا المنهج محذراً من أهل الأهواء يدفع بك الضرر عن أهل الإسلام وينعم المسلمون ويحصل لهم العز والنصر والتمكين . يا إخوان لا يمكن أن يتحقق النصر للأمة وعقيدتها فاسدة ، ترون الآن المسلمين في صراع مع اليهود والنصارى هل انتصروا ؟ لا والله بل حتى لو تجمعوا على جهاد وهم أحزاب وجماعات أيش النتيجة والنهاية ؟ حتى ولو انتصروا نصراً مؤقتاً يعود بعضهم على البعض بالمدفع والرشاش ويقتله إذاً الحل في نصرة السنة في نصرة هذا المنهج السلفي ، ندعو الناس إلى هذه العقيدة ندعو الناس إلى التوحيد كلنا بحاجة إلى التوحيد أما من يأتي ويقول : التوحيد يفهمه في عشر دقائق الناس في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينطلقون أيش الكلام هذا ؟؟ النبي صلى الله عليه وسلم مكث عشر دقائق في مكة وإلا أكثر من عشر سنين مكث في مكة يدعو إلى التوحيد . عشر دقائق يقوله من توزع أشرطته الآن بين الشباب ويقال له : هذا الداعية المظلوم الذي أوقف وفعل به وفعل إلخ كل هذا المقصود منه تزهيد في الناس في التوحيد لماذا ؟؟ حتى تنشغل في الكتب والأشرطة والمحاضرات السياسية فتكون معهم من أول ما تصبح وأنت في برنامج الصباح إلى أن تنام وأنت في قلق واضطراب فلا هناء ولا سعادة ولا طمأنينة ولا عز ولا نصر إلا بالتوحيد ونصر السنة قال الله تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) (1) ما المطلوب ( يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبيا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،


سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 01:03 PM
عقيدة أهل السنة تجاه الصحابة



بسم الله الرحمن الرحيم :

الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد : فنحمد الله الذي هدانا للإسلام وماكنّا لنهتدي لولا أن هدنا الله ,ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنّة وأن يجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن يتوفانا وهو راضٍ عنّا غير غضبان . رضا الله سبحانه وتعالى عن العبد يكون إذا تمسك العبد بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم ما جاء به عليه الصلاة والسلام هو التوحيد , وإذا ترك العبد أيضاً ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم ما نهى عنه الشرك الذي وصفه الله جل وعلا بقوله :{ إن الشرك لظلم عظيم } , فإذا كان العبد كذلك رضي الله عنه ونال شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما قال جلّ وعلا { ولا يشفعون إلا من ارتضى } , نال شفاعته صلى الله عليه وسلم وشفاعة غيره ممن يؤذن لهم في الشفاعة . أهل السنة رضي الله عنهم وأرضاهم لهم أصول يعتقدونها ويؤمنون بها ويدعون إليها , ومن هذه الأصول التي يحرص عليها أهل السنة رضي الله عنهم وأرضاهم محبةَ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنهم واعتقاد فضائلهم ومراتبهم التي وردت في الأحاديث والإمساك عمّا شجر بينهم . أما محبة الصحابة فإنها دين وإيمان وبغض الصحابة نفاق وعدوان , يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار : ( لايحبهم إلّا مؤمن ولايبغضهم إلّا منافق) وكذلك المهاجرين لأنهم أفضل من الأنصار فإنهم قد جمعوا بين النصرة والهجرة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر فضائل أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه : ( ما رآك الشيطان سالكاً فجّاً إلا سلك فجّاً غير فجّك ) , وخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبابكر خليلاً ) رضي الله عنه الله وأرضاه , يقول ابن عمر رضي الله عنهما كما في الصحيح : ( كنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نخيّر بين الناس) يعني يعتقدون أن خير الناس أبوبكر ثم عمر ثم عثمان . فمعرفة مراتب الصحابة رضي الله عنهم من الدين , ومما يعتقده أهل السنة رضي الله عنهم وأرضاهم ويذكرونه في كتب العقيدة كالعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية , ويؤمن أهل السنة أن أفضل الصحابة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم , وتريبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ومن طعن في خلافة أحد منهم فهو أضل من حمار أهل . ازهـ وأما بغض الصحابة فإنه كما تقدم نفاق وعدوان وهو دلالة على فساد معتقد صاحبه وأنّ له خبيئةَ سؤ كما يقول الإمام أحمد رحمه الله وغفر له . وكان كلام السلف رضي الله عنهم شديدا فيمن يطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سواء طعن في أبى بكر أو عمر أو علي أو عثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص أو بقية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الإمام أبو حاتم الرازي وهو من اجل شيوخ الإمام مسلم(من طعن في امرءٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو زنديق) . والسلف رضي الله عنهم كانوا يغلقون الأبواب التي تؤدي الى بغض الصحابة وتفتح الباب لاهل البدع للطعن فيهم ،ومن ذالك انهم يمسكون عما شجر بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرن هذا في كتب العقيدة كالعقيدة الواسطيه فيمسكون عما جرى بينهم بعد مقتل عثمان رضي الله عنه حيث ثارت الفتنه وجرى ما جرى ولم يكن ذلك رضا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه أمر الله عز وجل وقدره(وكان أمر الله قدرا ًمقدورا ً) والصحابة في ذالك مجتهدون ،من أصاب الحق منهم فله أجران ومن أخطا فله أجر واحد، يقول السلف كالإمام أحمد وغيره في تلك الفتنة( تلك دماء سلم الله منها أيدينا فنسأله أن يسلم منها ألسنتنا). فالكلام في هذه الفتن والكلام فيما جرى بين الصحابة ونشره على عوام المسلمين الاشرطه وغيرها قد يؤدي إلى إيغار الصدور على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فهدي السلف رضي الله عنهم الإمساك عن ذالك وعدم الكلام فيه. وكان السلف رضي الله عنهم أيضا يغلقون باباً آخر يدخل منه أهل البدع على عوام أهل السنة ألا وهو الكلام في معاوية رضي الله عنه صحابي له من الفضل ما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الآخرين وداخل في قوله عليه الصلاة والسلام (لاتسبوا أصحابي فوا الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباًَ ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه)،وأهل السنة يقرون بفضائله رضي الله عنه منها:انه كاتب الوحي وخال المومنين وصهر النبي صلى الله عليه وسلم ،فان رسول الله عليه الصلاة والسلام تزوج أم حبيبه رمله بنت أبي سفيان .يقول أبو توبة الحلبي في كلمه جميلة احفظوها يا أهل السنة وعلموها عوامكم يقول :(معاوية سترٌ لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن هتك الستر اجترأ على ما وراءه) وصدق رضي الله عنه فان أهل البدع يطعنون اليوم في معاوية فإذا سكت عنهم طعنوا بعد ذالك في غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ,وكذالك الرجل إذا تجرّأ على الطعن في معاوية طعن في غيره من أصحابي النبي صلى الله عليه وسلم . ومما ينبغي أن يُحذر ما يوجد في كتابات المفكرين الإسلاميين في هذه الأيام , الإسلاميين الذين بنوا فكرهم على الثورة والتهييج وفكر الخوارج , وللأسف أن هذا كثير فيهم , يُوصَفُ بأنه مفكّر إسلامي لكنه يدعو إلى مذهب الخوارج . وقد قرأت في كتاب بعضهم ممن يسمى مفكراً إسلامياً ومربياً أنه يبيح لعوام الناس وأفراد المسلمين قتل المرأة المتبرجة بعد نصيحتها لأن الخلافة غير موجودة في زعمه , فيبيح لكل أحد أن يسفك الدم وأن يقتل . وقتلُ المرأة المتبرجة العاصية لايتجرأ عليه إلا الخوارج الذين يكفرون بالذنوب . وهؤلاء المفكرين منهم ممن تجرأ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ يسمونه بالشهيد ومن يثنون عليه ويجلونه ويجعلونه إماماً لهم , وأذكر لكم بعض ما قاله هذا الذي يزعمون أنه شهيد ويشهدون له بأمر غيبي , الله أعلم بحاله , يقول هذا الرجل في معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما : إنهما يتعاملان بالغش والخداع والكذب والتزوير والنفاق وشراء الذمم( ) . ويقول في الصحابي الجليل أبي سفيان : إنه أسلم نفاقاً ومازال يتمنى عزيمة الإسلام حتى مات فإسلامه إسلام الشفة واللسان لا إسلام القلب والوجدان . ويقول في هند رضي الله عنها وهي من الصحابيات يقول : إنها آكلة الأكباد , يقول هذا تعييراً لها . ويقول في عثمان : من سؤ المصادفات أن يتولى الخلافة عثمان رضي الله عنه . ويقول : إن خلافته فجوة في التاريخ الإسلامي(( . فالحكم الإسلامي الحقيقي في زعمه كما يقول , أبوبكر ثم عمر ثم علي رضي الله عنهم , وينسف خلافة عثمان رضي الله عنه . ويقول إن الثورة التي قامت على عثمان وقادها ابن سبأ نابعة من روح الإسلام( ) . نعوذ بالله , هذه الثورة الظالمة الجائرة التي انتهت بمقتل عثمان المبشر بالجنة وكان عند قتله أفضل أهل الأرض بعد أبي بكر وعمر , ويثني على أولئك الثوّار الذين أحاطوا ببيته ثم تسوروا الجدار وقتلوه رضي الله عنه . فما رأيكم في هذا الكلام يامعاشر الموحدين , ماتقولون فيمن يتكلم بهذا الكلام هل يستحق أن يوصف بأنه قائد الجيل وبأنه الشهيد وبأنه الإمام وبأنه وبأنه ... هل يستحق أن يقدّم للشباب على أنه المثال والقدوة للصحوة الإسلامية , لا والله , إن لم تكن تكونوا تعلمون مَنْ تكلم بهذه الكلمات فإنه قائد الثورة ومفسد الشباب في كثير من البلاد بفكره : سيد قطب الذي يعظمه هؤلاء الشباب , تجرّأ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخالف عقيدة أهل السنة السلفية . وللأسف أن عوام هؤلاء وجهّال هؤلاء الذين يتابعونه ينتصرونله ولاينتصرون لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولايدافعون عنهم ولا يذبون عنهم . نصيحتي للجميع أن يحرصوا على هذا الأمر على محبة الصحابة ونشر فضائلهم وبيان مراتبهم للعامة والخاصة , والثمرة من ذلك عظيمة بيّنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لذلك الرجل الذي قال : يارسول الله المرء أحب القوم ولمّا يلحق بهم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( المرء مع من أحب يوم القيامة )) قال أنس رضي الله عنه : فما فرحنا بعد الإسلام بشيء فرحنا بهذا الحديث . يقول أنس : فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر وأرجو أن أكون معهم وأن لم أعمل بمثل عملهم . ونحن نشهد الله عز وجل على محبة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم ونسأل الله أن نكون معهم وإن لم نعمل بمثل عملهم . والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .

سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 01:04 PM
المنهج الخفي وأثره في صناعة الإرهاب



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..أما بعد: فيقول الله عز وجل في محكم التنزيل (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين). [الأنعام:55].

المنهج الخفي وأثره في صناعة الإرهاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..أما بعد: فيقول الله عز وجل في محكم التنزيل (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين). [الأنعام:55]. قال الشيخ العلاَّمة عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: (وكذلك نفصل الآيات)أي: نوضحها ونبينها، ونميز بين طريق الهدى والضلال، والغيِّ والرشاد، ليهتدي بذلك المهتدون، ويتبين الحق الذي ينبغي سلوكه. (ولتستبين سبيل المجرمين) الموصلة إلى سخط الله وعذابه، فإن سبيل المجرمين إذا استبانت واتضحت أمكن اجتنابها والبعد منها، بخلاف ما لو كانت مشتبهة ملتبسة، فإنه لا يحصل هذا المقصود الجليل). وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله- في تعليقه على هذه الآية:( فالعالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية، وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريقُ الموصل إلى مقصوده، والطريقُ الموصل إلى الهلكة، فهؤلاء أعلم الخلق وأنفعهم للناس وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة..). ثم قسَّم الإمام ابن القيم الناس في معرفة الحق وأهله والباطل وأهله إلى أربعة أقسام فقال - رحمه الله-:" والناس في هذا الموضع أربع فرق: الفرقة الأولى: من استبان له سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين على التفصيل علماً وعملاً، وهؤلاء أعلم الخلق. الفرقة الثانية: من عميت عنه السبيلان من أشباه الأنعام، وهؤلاء بسبيل المجرمين أحضر ولها أسلك. الفرقة الثالثة: من صرف عنايته إلى معرفة سبيل المؤمنين دون معرفة ضدها، فهو يعرف ضدها من حيث الجملة والمخالفة، وأن كل ما خالف سبيل المؤمنين فهو باطل، وإن لم يتصوره على التفصيل، بل إذا سمع شيئاً مما خالف سبيل المؤمنين صرف سمعه عنه، ولم يشغل نفسه بفهمه ومعرفة وجه بطلانه وهو بمنـزلة من سلمت نفسه من إرادة الشهوات فلم تخطر بقلبه ولم تدعه إليها نفسه، بخلاف الفرقة الأولى فإنهم يعرفونها وتميل إليها نفوسهم ويجاهدونها على تركها لله. وقد كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن هذه المسالة أيهما أفضل: رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله، أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟ فكتب عمر: أن الذي تشتهى نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم. وهكذا من عرف البدع والشرك والباطل وطرقه فأبغضها لله وحذرها، وحذَّر منها، ودفعها عن نفسه، ولم يَدَعْها تخدش وجه إيمانه، ولا تُوْرثه شبهة ولا شكًّا، بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحق، ومحبة له، وكراهة لها، ونفرة عنها، أفضل ممن لا تخطر بباله ولا تمر بقلبه... الفرقة الرابعة: فرقة عرفت سبيل الشر والبدع والكفر مفصلة، وسبيلَ المؤمنين مجملة، وهذا حال كثير ممن اعتنى بمقالات الأمم ومقالات أهل البدع، فعرفها على التفصيل ولم يعرف ما جاء به الرسول كذلك، بل عرفه معرفة مجملة وإن تفصَّلت له في بعض الأشياء، ومن تأمل كتبهم رأى ذلك عياناً. وكذلك من كان عارفاً بطرق الشر والظلم والفساد على التفصيل سالكاً لها، إذا تاب ورجع عنها إلى سبيل الأبرار يكون علمه بها مجملا غير عارف بها على التفصيل معرفة من أفنى عمره في تصرفها وسلوكها. والمقصود أن الله سبحانه يحب أن تعرف سبيل أعدائه لتجتنب وتبغض كما يجب أن تعرف سبيل أوليائه لتحب وتسلك، وفى هذه المعرفة من الفوائد والأسرار مالا يعلمه إلا الله؛ من معرفة عموم ربوبيته سبحانه وحكمته وكمال أسمائه وصفاته وتعلقها بمتعلقاتها واقتضائها لآثارها وموجباتها، وذلك من أعظم الدلالة على ربوبيته وملكه وإلهيته وحبه وبغضه وثوابه وعقابه والله أعلم". وبعد يا معاشر المؤمنين..لقد أخذ أهل الفتنة بمنهج خفي، ظاهره: الجهاد والإصلاح وإنكار المنكر والمطالبة بحقوق الشعوب.. وباطنه: التحزب والجرأة على سفك دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وتفريق الجماعة، وشق عصا الطاعة، وتسليط الأشرار، وذل الأخيار، واضطراب الأمن، وتعطيل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإضعاف الدعوة إلى الله، فبهذا المنهج تقتل الأنفس المعصومة، وتحل الفوضى، وتضطرب الأمور في دولة الإسلام..ولكل قوم وارث. وهذا المنهج الخفي يعمل به الآن دعاة الفتنة، فأفسدوا من أفسدوا من الشباب والعوام، وهذه الأحداث الأخيرة شاهد على ذلك، وهذا المنهج وهو قائم على أصول سبعة، فاحفظوها واحذروها، فإن معرفة أوصاف أهل الباطل تُسلِّمك من شرورهم بإذن الله، وبهذا جاءت السنة..ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لحذيفة رضي الله تعالى عنه دعاة الفتنة، وأن من أطاعهم قذفوه في نار جهنم، فقال حذيفة: صفهم لنا يا رسول الله!، فطلب حذيفة معرفة أوصاف دعاة الفتنة ليحذرهم، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا". وقال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.. الحديث متفق عليه .

فما أوصاف دعاة الفتنة وما أصول منهجهم الخفي؟!

هذا المنهج يقوم على سبعة أصول وهي كالآتي: أولا: إخفاء محاسن ولاة الأمر وكتمانها، فلا يُنسب إليهم خير مما يكون في البلد، من إقامة الصلوات، وحماية الثغور، والقيام على خدمة الحرمين وحجاج بيت الله الحرام، والسعي في استتباب الأمن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحكيم الشريعة، والإنفاق على الدعوة والدعاة إلى غير ذلك من الأمور المحمودة.. فأهل الفتنة لا يحفظون لأحد فضلاً، قد خالفوا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (من لا يشكر الناس لا يشكر الله). فهم يكتمون المحاسن لئلا يكون في النفوس محبة لولاة الأمر، واجتماع والتفاف حولهم. ثانيا: إظهار عيوب ولاة الأمر والتشهير بهم على المنابر وفي المجالس، بل ونسبة كل شر إليهم، وإيهام عوام المسلمين بأن سبب مآسي المسلمين ومصائبهم هم الولاة، وأن كل مصيبة تقع فهم أصلها، وأن الفجور قد عمّ، حتى يشعر الشاب بأن كل ما حوله منكرات ومعاصي، وأنه يعيش في جاهلية سببها ولاة الأمر، بل قد يصل الأمر إلى التكفير المبطن، فتوصف بعض قرارات البلاد بأنها قرارات علمانية!، والعلمانية ردة وكفر بالله، ويوهمون الناس بأن ولاة أمرهم ضد الدعوة والإصلاح، ولو كانوا يقيمون الصلاة ويحكمون شرع الله، ثم يوهمون الشباب والعوام بأنهم مظلمون مضطهدون قد سُلبت حقوقهم، وأن الظلم قد عمَّ ولابد من إنكار هذا المنكر، وأنه قد آن أن يضحي المسلم بنفسه لنصرة الحق والصدع به وإبراء الذمة والمطالبة بالحقوق، فعند ذلك يتهيأ هؤلاء الجهال للخروج وحمل السلاح، فيفسدون ولا يصلحون، ويهلكون الحرث والنسل، ويخالفون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الآمرة بالصبر ولزوم الجماعة والسمع والطاعة، وإن حصل ضيم وظلم؛ خوفاً من وقوع الفتنة وسفك الدماء، كما قال الإمام مالك رحمه الله: حاكم غشوم ظلوم ولا فتنة تدوم. وكان عبد الله بن سبأ رأس الفتنة يقول لأتباعه: انهضوا في هذا الأمر بالطعن في أمرائكم. ثالثا: تبني مآسي وجراحات المسلمين، وإظهار المناصرة لهم، فيوهمون الناس بأنهم القائمون على ذلك، ويصدرون البيانات والتوقيعات الجماعية في النقير والقطمير، والصغير والكبير، قد جعلوا أنفسهم أوصياء على أمة الإسلام، وما علموا أنهم قد افتاتوا على ولاة أمرنا وعلمائنا الكبار، لأن هذه القضايا الكبرى لا يقدر على معرفة حقيقتها وعلاجها إلا أولو الأمر، قال تعالى في ذم المفتاتين على ولاة الأمر (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا).[النساء : 83]. وهؤلاء إنما يتبنون جراحات المسلمين ويظهرون مناصرتهم؛ ليجمعوا الناس حولهم وليتشبعوا بما لم يعطوا، ويهمشون في الوقت ذاته نصرة ولاة الأمر لقضايا المسلمين، بل قد يزعمون خلاف ذلك، فيشعرون الجهال بأن ولاة الولاة قد خذلوا قضايا الأمة ولم ينصروا إخواننا المسلمين، ويصل الأمر بهم إلى اتهام حكامنا بمولاة الكفار ومناصرتهم على إخواننا المسلمين، وهذا من الكذب الذي سيسألهم الله عنه يوم القيامة. ومن جهلهم أنهم يلزمون الولاة بنصرة المستضعفين مطلقاً، ويحتجون بقوله تعالى(وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر)[الأنفال:72]، ولو أنهم أتموا الآية لعلموا أن المناصرة مقيدة بشرط ذكره الله عز وجل في تمام الآية بقوله (إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق)، ولأجل ذلك لا تجب نصرتهم وفاء بالعهد، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية ، حيث إنه لم ينصر أبا جندل وأبا بصير ومن معهما من المستضعفين لما كانوا على سيف البحر يقاتلون قريشاً؛ وفاء بالعهد الذي بينه وبين كفار قريش . ثم يقال لهؤلاء المفتونين: ما بالكم تتباكون على جراحات المسلمين وتناصرونها، وأما قضايانا ومآسينا فلا بكاء ولا دموع ولا استنكار؟! لماذا تتباكون على قتلى المسلمين في أقصى الدنيا ثم لا تتباكون على قتلانا من الأطفال والشباب والعجائز ورجال الأمن الموحدين؟! عُنيتم بقضايا الأمة شرقاً وغرباً، وملأتم الدنيا بكاء وتوجعاً وتفجعاً، فلما أصبنا واستهدفنا في أمننا وأعراضنا وعقيدتنا سكتم كأن لم يكن شيء؟!، بل صرتم تبررون وتخذلون الناصحين!! أين الصدع بكلمة الحق أيها الفدائيون ؟! لماذا لا تبينون للناس حال هؤلاء الخوارج وتحذرون من أفعالهم ومناهجهم ؟! ألسنا مسلمين ؟! ألسنا إخوانكم ؟! ما هذه الانتقائية في التعاطف والتباكي على جراحات المسلمين ؟! حتى القنوت صار فيه انتقائية عندكم!! إن تباكيكم على مآسي المسلمين وجراحاتهم إنما هو تحايل منكم من أجل تحقيق كسب سياسي يسوق الجماهير الجاهلة إليكم !! وبعد..فالحق أنكم أنتم من أهم أسباب جراحات ومآسي المسلمين، لنشركم هذا المنهج الثوري الخارجي في بلاد الإسلام باسم الجهاد والإصلاح و الدعوة إلى الحاكمية! وإعادة الخلافة!، فأشعلتم الفتن في أماكن شتى، وأوردتم المسلمين المهالك، وضربتم الرعية بالراعي، فثارت الفتن وسفكت الدماء، الله أكبر..في بلد مسلم واحد قتل أكثر من مائة ألف مسلم خلال عشر سنوات تقريباً، قتلوا بهذا المنهج الخفي الذي يطبقه دعاة الفتنة اليوم، وما زالت جراحات المسلمين تنزف، وأرواحهم تزهق بأيدي خوارج العصر، فإنا لله وإنا إليه راجعون. رابعاً: إسقاط كبار العلماء الناصحين واللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء، بدعوى عدم فقههم للواقع! وأنهم مغيبون منذ ثلاثين سنة! وأنهم لم يفتحوا صدورهم للشباب! وأنهم لم ينزلوا للساحة والميدان - كما يقولون - وأنهم في أبراج عاجية! وأنهم علماء سلطان فلا ينطقون بالحق! وأنهم لجنة رسمية حكومية! وأنه لا يوجد عندنا مرجعية علمية موثوقة!، إلى آخر ما جاء في قاموس الجماعات الحركية الحزبية السياسية في باب سبِّ علماء السنة والتوحيد. يفعلون هذا ليفصلوا العامة عن العلماء فيخلوا الجو لهم!، وانظروا كيف أن أولئك المفتونين أطاعوا رؤؤس الفتنة وعصوا العلماء الربانيين حتى حصلت المجازر في البلاد الإسلامية.. وما من فتوى في قضايا الأمة الكبرى تصدر من علمائنا الكبار مبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح إلا ويأتيك سيل من التشكيك فيها والهمز واللمز، والطعن المغلف بغلاف الغيرة على قضايا الأمة!. ثم يفاجأ الناس بعد هذا التشكيك ومحاولة التهميش لفتاوى علمائنا الأكابر؛ يفاجئون ببيانات أخرى يصدرها أصحاب التوقيعات الجماعية ورموز الثورة الحركية، بيانات فيها افتيات على العلماء الذي أوْكَل إليهم وليُّ الأمر النظر في أمور الدولة العظمى، وإصدار الفتاوى ليعمل بها فتكون البلاد على رأي واحد ويحسم النزاع والخلاف، فلهؤلاء العلماء - كما ترى- سلطان لا يتُعدى عليه، كما أن القاضي له سلطان لا يتعدى ولا يفتات عليه ، وإلا فسيكون الناس في حيرة لا يدرون بأي رأي يأخذون فتعم الفوضى والتنازع والخلاف. خامساً: التلميع، نعم.. من منهجهم تلميع من يجيد الطرق الأربع المتقدمة، وهي: كتمان المحاسن، وإظهار المعائب، وتبني جراحات المسلمين، والافتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم. فإذا كان كذلك فإنه يصبح عندهم شيخ الإسلام! وقائد الجيل! وربان الصحوة! والمفكر الإسلامي! وابن تيمية الصغير! وبقدرة قادر يصبح هذا الرجل قد حفظ الصحيحين بل الكتب الستة في ليلة!!، فهو عندهم الناصح، الناطق بالحق، المنكر للمنكر، الذي لا يخاف في الله لومة لائم، وهو عندهم رجل ميدان قد نزل إلى الساحة، ويلقبونه بالمربي، ومفتي الشباب - أي: شبابهم الذين تربوا على المنهج الخفي- ويقولون: هذا أقرب إليك أيها الشاب من العالم . فتراهم ينفرون من مجالس العلماء الكبار إلى هؤلاء الملمَّعين، فيستفتونهم في الأحداث الكبار دون العلماء، ويربطون الشاب بهم. وإذا نظرت في حال هؤلاء الملمَّعين فإنك تراهم لا يخرجون عن طريقتين: إما التهييج، أو التهريج. ولو أن هذا الملمَّع خالفهم فأثنى على ولاة الأمر وبيّن حقوقهم الشرعية من السمع والطاعة وعدم الافتيات عليهم في قضايا الجهاد، والحرص على جمع القلوب عليهم، وذكر ما في العلماء من خير أجراه الله على أيديهم، وقدمهم في نصرة قضايا المسلمين، ورجع إليهم في ذلك، وأعاد أمر الفتيا في قضايا الواقع للعلماء الكبار.. لو فعل ذلك لنبذوه نبذ النواة! ولا كرامة له عندهم! ويبعدون الشباب والعوام عنه قائلين: الله المستعان..الشيخ فلان تغير!! فيظن العوام أنه تغير إلى الأسوأ، وهو والله إنما تغير وانتقل من الباطل إلى الحق والسنة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. سادساً: ليُّ أعناق النصوص؛ لتوافق أهواءهم، فهم يعتقدون أولاً ثم يستدلون!. وعلى سبيل المثال: يربون الشاب على أن ولاة الأمر موالون للكفار! طواغيت! قد غيّروا دين الله!، وبعد أن يتشرب بهذا الفكر التكفيري الخارجي، تراه يبحث عن أي دليل يسعفه ويلبِّس به، فإذا أتيتهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب السمع والطاعة للأمراء، وأن الجهاد يكون خلفهم وبإذنهم، وأنه يحرم التحريض عليهم والسعي في شق العصا، عند ذلك ترى التفلت والتملص المخزي من هذه النصوص، وتأويلها، أو يقرون بها ويقولون: هي للخلفاء الراشدين الأربعة، أو للقرشي، أو لمن لا معصية عنده، بل قد يتجرؤون ويقولون: هي للحاكم المسلم، وليست لولاة أمرنا!!، نعوذ بالله من هؤلاء المفتونين. سابعاً: التقية، فقد كان مثيرو الفتنة في زمن عثمان إذا أحضروا عند الأمير أظهروا التوبة والندم والإقلاع، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن!. وقد قال سعيد بن العاص لعثمان رضي الله عنهما: إن هذا أمر مصنوع يلقى في السر فيتحدث به الناس. فتنظيمهم حزبي سري سياسي لا يرتقي فيه إلا ذو الوجهين، فيظهرون الولاء للأمراء والمحبة للعلماء تقية، لكن كلامهم في المجالس الخاصة يخالف ما يظهرون، ومن تاب منهم يشهد عليهم بذلك. والله عز وجل فاضحهم ومخزيهم، كما أخزى من أثاروا الفتنة قبلهم، قال بعض السلف: ما أسر أحد سريرة إلا وأظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه. وبعد فأن أصحاب هذا المنهج الخفي ورموزهم التي يلمعونها؛ أقل الناس نفعاً للمسلمين، مع ما لهم من تسلط وكثرة وأموال واتباع؛ لأنهم قدموا آرائهم ومناهجهم المحدثة على النصوص، والله لا يصلح عمل المفسدين. وأما أهل السنة المتمسكون بهدي السلف الصالح؛ فإن الله تعالى يبارك في علمهم ودعوتهم، ويفتح لها القلوب، وينفع بها من شاء من عباده، مع قلتهم وقلة ما بأيديهم من الدنيا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-:" أهل النصوص دائماً أقدر على الإفتاء، وأنفع للمسلمين من أهل الرأي المحدث" لأن أهل الرأي المحدث "من أقل الناس علماً بالفتيا، وأقلهم منفعة للمسلمين، مع كثرة عددهم، وما لهم من سلطان وكثرة بما يتناولونه من الأموال الوقفية والسلطانية وغير ذلك، ثم إنهم في الفتوى من أقل الناس منفعة، قلّ أن يجيبوا فيها، وإن أجابوا فقلَّ أن يجيبوا بجواب شافٍ، وأما كونهم يجيبون بحجة فهم من أبعد الناس عن ذلك". فإذا عرفت أيها الموفق منهجهم الخفي القائم على الأمور السبعة: كتمان المحاسن، وإظهار العيوب ولاة الأمر، وتبني جراحات المسلمين، والافتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم، والتلميع لرموزهم، وليّ أعناق النصوص، والتقية في دينهم، فإنك ستعرف إن شاء الله أهله وتحذرهم، وليس الواجب ذلك فحسب، بل عليك أن تُحذِّر منهم وتبين للناس شرهم، لئلا يغتر بهم الجهال الأغرار، لقوله صلى الله عليه وسلم:(الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). وبعد أن تبين لك المنهج الخفي الذي يسلكه هؤلاء لإثارة الفتن والتحريض على الخروج على ولاة الأمر؛ فإنك ستدرك أن هذه الأحداث الأخيرة وما صاحبها من تكفير وتفجير وإرهاب وتدمير وعداء لأهل السنة حُكَّاماً ومحكومين..هي إحدى ثمرات هذا المنهج الخفي، وما يدفع الله أعظم! فاللهم سلِّم سلِّم، قال الله عز وجل (واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)وقال تعالى(يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيدهم فكفّ أيدهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون). وأُذكِّر بأن بعض إخواننا الفضلاء قد نبهوا قبلنا إلى أصول هذا المنهج فلهم الشكر الجزيل. هذا وأسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر ومكر، وأن يدم علينا نعمة التوحيد والسنة والأمن والأمان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



سلطـان بن عبد الرحمـن العيـد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 01:28 PM
قيام الليل ...

الحمد لله الموصوف بصفات الجلال و الكبرياء والعظمة...على كل نفس بما كسبت ، جعل الليل ونهار خلف لمن أراد أن يذكر وأراد شكورا ، انقادت له القلوب وهي في انقياد تخاف ؛ (( .يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم )) ، أقام عباد له فسهروا وتهجدوا..وأراهم عيب الدنيا فرفضوها وزهدوا : (( كانوا قليل من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ..))

وأصلى وأسلم على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين،:


معاشر المؤمنين إن التوفيق لقيام الليل.هبة .ربانية وعطية رحمانية يمن الله بها على من يشاء من عباده ؛ وينعم بها على من كان أهل لخلوة ومناجاته فألجء إلى ربك ومولاك ونطلق بين يديه وتوجه بقلبك إليه، أسأله وهو العزيز الغفار، المهيمن القهار، اسأله بلسان الذل والإفتقار أن يوفقك الأسحار وأن يمن بخشوع والبكاء حتى تلحق بركب الصالحين الأبرار، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليم.

البس ثوب الرجاء والناس قد رقدوا...### .أشكو إلى مولاي ما أجد.
وقلت يا عدتي في كل نائبة.....###....ومن عليه لكشف الضر عليه اعتمد
أشكو إليك أمور أنت تعلمها ...###...مالي على حملها صبرا ولا جلد
وقد مددت يدي بذل معترفا ....###.......إليك يا خير يا من مدت إليه يد
فلا تردنها يا رب خائبة ......###.....فبكرم جودك يروي كل من يرد


لقد بشّرنا النبي صلى الله عليه وأله وسلم أن ربنا جلا جلاله ينادي في كل ليلة وهو الغني سبحانه يدعوا إلى منجاته والقيام بين يديه وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنا رسوا صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( ينزل ربنا تبارك وتعال كل ليلة إلى سماء الدنيا حين ثلث الليل الأخر فيقول من يدعوني فأستجيب له، من سألوني فأعطيه، من يستغفروني فأغفر له ))

إن مما يزيد المؤمن رغبة في قيام الليل وحرص على منجاة ربه الله والوقوف بين يديه في تلك الأوقات أن يعلو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيد ولد آدم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، وكان يحث على الذكر وقيام والمنجاة الملك العلام، قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه لما قدم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المدينة أنجفل الناس إليه فلما إستبنته عرفت أنه ليس بوجه كاذب فكان أول ما سمعت من كلامه أنه قال:

(( أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بليل وناس نيام تدخل جنت ربكم بسلام )) .أخرجه الترمذي.

إن قيام لله ومناجاته الله و انطراح بين يديه في تلك السعات إن ذلك لذة لا يعرفها إلى من ذاقها.

قال العبد الزاهد محمد المكدر رحمه الله م" ا بقى من اللذات الدنيا إلى ثلاث **قيام الليل ولقاء الإخوان والصلاة في الجماعة"

، وقال اليزيد بن أبا النقدادشي رحمه الله " لا أعلم شئ أقر لعيون العابدين في الدنيا من التهجد في ظلمة الليل وما أعلم شيئا من نعيم الجنة وسرورها ألذ عند العابدين ولا أقر لعيونهم من النظر إلى ذي الكبرياء العظيم" ، إذا رفعت تلك الحجب وتجلى لهم الكريم جلا جلاله وتقدست أسمائه.

قيام الليل يطرد الغفلة عن القلب، لقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ** من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمئة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين **رواه ابن داوود وحسنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب.

بل أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم** أن النوم عن قيام الليل غفلة من المؤمن يقتنصها الشيطان ليستخف بهذا النائم الغافل ويستحوذ عليه ** في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال ذكر عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم **رجل نام الليلة حتى أصبح فقال النبي صلى الله علليه وآله وسلم ذلك الرجل بال الشيطان في أذنيه أو أدنيه **قال يحي بن معاذ رحمه الله دواد القلب في خمسة أشياء قراءة القرآن بالتذكر وعدم الإكثار من الطعام، وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين.

أيها العبد الدليل، إن مما يسهل عليك قيام الصلاة الليل أن تستحضر بقلبك حين تقوم في تلك اللحظات أن ربك الجليل ينظر إليك ويسمع صلاتك ومناجاتك واجتهادك في طاعته، بذلك يهون عليك اليسير، يقول ربنا جلا وجلاله {وتوكل على العزيز الرحيم الذي يرك حين تقوم وتقلبك في الساجدين }ويقول ربنا تبارك وتعالى {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك }.

يا أخا الإسلام، لقد أيقن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بفضل قيام الليل وثوابه العظيم فكان يجتهد اجتهادا شديدا ولا ينام من الليل إلى قليلا قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه فقالت، قلت يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم **يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا**.

أيها الموفق المسدد، تعلق بقيام الليل فهو شافع مشفع وعليك بالبكاء فهو رفيق صالح، ادخل في زمرة المتهجدين و انطرح في خلوة على بساط التذلل وانكسار عسى أن تكون من المقبولين.

وأنت يا ثقيل النوم أما تنهك المزعجات، الجنة فوقك تزخرف والنار تحتك تتوقد، والقبر إلى جنبك يحفر، ربما يكون كفنك قد نسج فإلى متى الغفلة إلى متى ؟؟تأمل أخي في وصف المتهجدين في الليل، وتفكر في مالهم إذا قاموا لمناجاة ربهم وأنت محروم من ذلك النعيم.

يقول ربنا جلا وعلى في وصفهم {أمن هو قانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون }قال عمر بن ذر رحمه الله لما رأى العابدون الليل قد هجم فنظروا إلى أهل الغفلة قد سكنوا إلى فروشهم ورجعوا إلى ملاذهم من النوم، قامو هم إلى الله فرحين مستبشرين، مستبشرين بما قد وهب لهم من لذة القيام وطول التهجد فاستقبلوا الليل بأبدانهم وباشروا الأرض بجبابهم فانقضى الليل وما نقضت لذتهم من التلاوة ولا ملت أبدانهم من طول العبادة هذا وصف القوم فهل أنت منهم يا عبد الله ؟؟؟؟؟.

ألا تود أن تكون مع أناس يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم لقد ثبت عندا الطبراني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم : (( .ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم فذكرهم ومنهم الذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل فبقول الله جلا جلاله يذر شهوته ويذركني ولو شاء لرقد.))

ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما، كان سلفنا الصالح على جانب عظيم من الاجتهاد في قيام الليل ومعرفة السبل الموصلة إليه، كان محمد بن واسع إذا جن عليه الليل قام يصلي ويبكي ويقول في بكائه: ويلي من ذنوب قد أحصيت ومن صحيفة قد ملئت ورب قد علم ذلك ولم يخف عليه شيء، قال رجل لإبراهيم بن لأدهم - رحمه الله:- (( ..إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء، لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل، فإن وقوفك إليه في الليل من أعظم الشرف والعاصي لا يستحق الشرف )) .

قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - :(( إذا لم تقدر على قيا م الليل والصيام النهار فاعلم أنك محروم مقيد كبلتك بذنبك وخطاياك.))

وقال أبو سليمان الداراني : (( لا تفوت أحد صلاة الجماعة إلا بذنب أحدثه،.))

عن الحسن بن صالح -رحمه الله - أنه باع جارية له فلما صارت عند القوم الذي اشتراها قامت في جوف الليل وقالت : " لهم الصلاة،! الصلاة ! " .
فقالوا لها " أوقد طلع الفجر !؟ "

قالت: " لا ! أوليس تصلون إلى المكتوبة، !؟ ""
قالوا : " نعم ؛ ليس نصلي إلا المكتوبة،"

فرجعت إلى الحسن وقالت له :" يا سيدي لقد بعتني إلى قوم سوء ليسوا يصلون بالليل فردني إليك رحمك الله رحمك الله "
. فرَّ دها رضي الله عنها وأرضاها.

كان السلف يدركون أثر قيام الليل على العبد، قال عطاء الخرساني، إن الرجل إذا قام من الليل متهجدا أصبح فرحا يجد بذلك فرحا في قلبه وإذا غلبته عينه فنام عن قيام الليل أصبح حزين منكسر القلب.

دخل معاوية بن ضريج على عمر بن الخطاب وقت الظهيرة فظن عمر نائما قال له عمر: بئسما ضننت لئن نمت بالنهار لأضيعن الرعية ولئن نمت بالليل لأضيعن نفسي، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية، كان في وجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء، كان يمر بالآية من ورده في الليل فيبكي حتى يسقط ويبقي في البيت حتى يعاد للمرض.

إن كنت غافلا عن القيام فاعلم، اعلم أن للذي بين يدي ربهم دموعا وعبرات وابتهالات وتضرعات وندماً على التفريط والزلات واستغفار من التقصير و الخطيئات لهم ذلك كله وأنت غافل لاهٍ ، رضيت بالدنيا والنوم والكسل واللهو والطرب فشتان مابين الفرقين...

يصُّفون بالليل أقدامهم وعين المهيمن ترعاهم
وطورًا يناجونه سجداً ويبكون.طورا ًخطاياهم.
##
إ ذا فكروا في الذي أسلفوا أذاب القلوب وأبكاهم
وإن سكن الخوف نادوا به وباحوا إليه بشكواهم
##
فنالوا المراد وفازوا به ## فطوبى لهم ثم طوبهُم ُ





أيها الغافل المقصر قد حرمك العصيان والنوم لذة المناجاة و الإنطراح بين يد الله جل وعلا، فنصت الحال أولئك الأبرار، قال منصور بن عمان رحمه الله: كنت بالكوفة فخرجت ذات ليلة أسير في الطرقات فمررت بمنزل فسمعت منه صوت شاب يصلي لربه ويناجيه ويقول: ألاهي وعزتك وجلالك، ما أردت بمعصيتي مخافتك، وقد عصيتك إذ عصيتك وما أنا بعقابك أجهل، ولا لوعيدك أعترض، ولا لنظرك أستخف ولكن سولت لي نفسي فأعانتني عليه شكوتي وغرني سترك المرضى علي، فقد عصيتك وخالفتك بجهلي، فإلى من أحتمي ومن، من عذابك سينقضني ومن ايدى.........يخلصني، وبحبل من اتصل إذا ما أنت قطعت حبلك عني.

وقام احد الصالحين في ظلام الليل لصلاة ثم أخذ يناجي ربه قائلا: يا سيدي وأهلي ومن به تم عملي، أعوذ بك من بدن لا ينتصب بين يديك، وأعوذ بك من قلب لا يشتاق إليك، وأعوذ بك من دعاء لا يصل إليك.

قال المعلى بن زيات" كان هرم بن حيان - رحمه الله - كان يخرج في بعض الليالي وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف ينام طالبها وعجبت من النار كيف ينام هارب ها ثم قرأ {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون } ثم يقرأ قول ربنا جل جلاله {إلهاكم التكاثر*حتى زرتم المقابر*كلا ستعلمون ثم كلا ستعلمون } ثم رجع إلى بيته رحمه الله وغفر له.

وقيل عن الفضيل بن عياض أنه قال: (( كذب من ادعى محبة الله فإذا جنه الليل نام عن مناجاته.))

قال أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه- " أيها الناس إني لكم ناصح وإني عليكم شفيق صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور وصوموا في الدنيا لحر يوم النشور وتصدقوا مخافة يوم عسير "

{يأيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وسنة خير المرسلين أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله ربي العالمين ولا عدوان إلى على الظالمين وأشهد أن لا إله إلى الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه ومن اقتفى آثره وسن بسنته إلى يوم الدين أما بعد:

فحاسب نفسك أخي على تقصيرها في قيام الليل، أترضى أن يختص أقوام....بالأنس بالله ومناجاته، هم في نعيم الطاعة وأنت في شتات المعصية، تقضي الليل في لهو وطرب غير خائف ولا وجل ولا وجل من نظر الجبار جل جلاله إليك، أما تخشى أن يعجل لك العقوبة أو أن يطبع على قلبك، أين المنافسة في الخيرات والقربات ؟؟؟.

قال بعض السلف لو أن رجلا سمع برجل أطلع الله منه فاتصدع قلبه فمات فلم يكن ذلك بعجب، قال مخلد بن الحسين ما انتبهت من الليل إلا رأيت إبراهيم بن الادهم يذكر الله فيصلي، فاتحسر على ضعف إماني وتقصيري في قيام الليل ثم أتعزى بهذه الاية{ذالك فضل الله يؤتيه من يشاء } فجاهدوا في الله حق جهاده واستعينوا بالله على قيام شيء من الليل وإن قل.

قال ثابت البناني رحمه الله: " جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة ثم تلذذت به عشرين سنة،"

تذكر أجر القائمين المنيبين ولا تحرم نفسك لذيذ المناجاة ؛ قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله - : " من أطال الصلاة في قيام الليل هول الله عليه طول القيام يوم القيامة، كان السلف يتواصون فيما بينهم بقيام الليل."

قال أبو إسحاق السبيعي: " يا معشر الشباب جدوا واجتهدوا وبادروا قوتكم و اغتنموا شبيبتكم قبل أن تعجزوا فإنه قلما مر علي ليلة إلا قرأت بها بألف آية."
كان.........الصالح بن زيد رحمه الله يقول لأهله كل ليلة:" يا أهل الدار انتبهوا، انتبهوا فما هذه الدنيا دار نوم قريب يأكلكم الدود " .

عن سهل قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به وأعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس )) رواه البهيقي.

يقول فالله جل وعلا {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }.

هذه الدنيا ليست أكل وشرب وجماع وإنما هي دار تنافس في الخيرات وتسابق إلى الباقيات الصالحات، عن الطبراني من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال(( إفعلو الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحماته1 فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ))

قال الحسن البصرى رحمه الله: (( من نافسك في دينك فنافسه ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.))

قال أهيب بن الوردي رحمه الله: (( إن استطعت أن لا يسبقك احد إلى الله فافعل.))

حقيق بمن علم أن الموت مصرعه والتراب مضجعه والدود أنسيه والقبر موعده، حقيق أن يعد زادا لداره الأخرى، مما يعني على القيام بالليل التدرج فيه حتى تعتاده النفس ويسهل، فبدأ أولا بصلاة قيام بعد صلاة العشاء قبل النوم ثم حاول القيام آخر الليل، وبدأ بركعات تطيقها ثم ازدد من الخيرات، وفي القراءة عليك بآيات يسيرات في البداية والخير أمامك، ونوجه إلى الله جل وعلا وإسالة أن يجعلك من عباده القائمين المخبتين الراكعين الساجدين.

اللهم ياحي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا غله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أن أحد، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين اللهم، اللهم انصرهم على القوم الكافرين، اللهم عليك بالفرس الغاصبين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم فرق جمعهم وشتت شملهم وخالف بين أيديهم واجعل الدائرة عليهم إنك سميع الدعاء، اللهم أخرجهم من بلادنا أذلة صاغرين اللهم أخرجهم من بلادنا أذلة صاغرين إنك على كل شيء قدير، حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله ونعم الوكيل.

اللهم صلى وبارك على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين...

أبو سفيان
05-15-2006, 01:36 PM
جزاك الله خيرا

اخي حبذ لو تضع الموضوع في ملف وورد ليسهل تحميله وأيضا وضعه في المكتبة

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 01:43 PM
فتوى الشيخ سلطان في مختار بدري السوداني



الحمد لله رب العالمين ،ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد. فلقد كان سلفنا يوصون أهل الإيمان قائلين :"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم".


الحمد لله رب العالمين ،ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد. فلقد كان سلفنا يوصون أهل الإيمان قائلين :"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم". ولقد اطلعت على بعض مجازفات "مختار بدري "، فتبين أن الرجل لا علم عنده بمنهج السلف ، وإنما يقعد ويؤصل من عنده ، ولهذا ترى في كلامه اضطراباً وتناقضاً عجيباً يدل على جهله .ولهذا فإني أوصي طلاب العلم بأن يتقوا الله في أنفسهم ،وأن يأخذوا العلم من أهله خاصة علم العقيدة ، وليحذروا هذا الجاهل وأمثاله . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

وكتبه / سلطان بن عبد الرحمن العيد

ـ إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد بالرياض 12/4/1423هـ

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 01:47 PM
أحكام الزكاة

إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)آل عمران 102. ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء :1. ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) الأحزاب : 70-71. أما بعدُ([1]) : فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

يقول الله سبحانه وتعالى:(( وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه )),,, ويقول الله عزوجل:(( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم )),,,, وقال ربنا جل وعلا:(( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )),,,, وقال ربنا عزوجل مادحآ بعض عباده:(( ويطعمون الطعام على حبه مسكينآ ويتيمآ وأسيرا إنما نطعمكم لوجه لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )),,,, ويقول الله عزوجل:(( وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهوخير الرازقين )),,,, ويقول ربنا سبحانه وتعالى:(( وما تقدموا لإنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجرا )),,,, ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة..... الحديث))

معاشر المؤمنين الزكاة ركن من أركان الإسلام, فهي أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام وهي قرينة الصلاة في مواضع عديدة من كتاب الله عزوجل وقد أجمع المسلمون على فرضيتها فمن أنكر وجوبها مع علمها بها فهو كافر خارج من ملة الإسلام ومن بخل بها أو إنتقص منها شيئآ فهو من الظالمين المتعرضين للعقوبة والنكال,,,,, الزكاة في الشرع: هي التعبد لله تعالى بإخراج جزء واجب شرعآ في حال معين لطائفة أو لجهة مخصوصة,,,,,, الزكاة لها آثار كثيرة على أمة الإسلام منها مواساة الفقراء والإحسان إليهم والقيام بمصالح العامة وذلك أن الذين تدفع إليهم الزكاة أصناف ثمانية, منهم من يأخذها لدفع حاجته كالفقراء والمساكين,,,, ومنهم من يأخذها لحاجة المسلمين إليه كالعاملين عليها والمجاهدين في سبيل الله,,,,, ومن آثارها صلاح الأمة وإتلاف قلوبها وزوال الشحناء والبغضاء فإن الفقراء إذا رأوا الأغنياء يحسنون إليهم بهذه الزكاة دون منة أحبوهم وزال فيما في نفوسهم,,,,, ومن آثارها زيادة المال بركة وكمية فإن الله قد يفتح للمزكي أبواب من الرزق ماخطرت بباله, قال ربنا جل جلاله:(( وماأنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين )),,,,,,, ومن آثارها زيادة الإيمان في قلب صاحبها, فإن الزكاة من أعظم الأعمال الصالحة, الأعمال الصالحة تزيد الإيمان,,,, ومن آثارها تعويد النفس على تقديم محبة الله على محبة المال, قال ربنا عزوجل:(( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )),,,,, ومن آثارها الأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى:(( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم )),,,,, فإذا كانت الزكاة ركن من أركان الإسلام, وإذا كان كثير من الناس يخرجون زكاة أموالهم في شهر رمضان فليكن الكلام عن الزكاة شروطها,,,, وآدابها,,,, ومالذي تجب فيه,,,,, ومن هم الذين يستحقون الزكاة حتى يؤدي المسلم هذه العبادة على بصيرة من أمره.

فاما شروطها وجوب الزكاة فهي خمسة أولآ: الإسلام فإن الكافر لو دفعها بأسم الزكاة لم تقبل منه, قال ربنا عزوجل:(( ومامنعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله )),,, ولكن الكافر يعاقب في الآخرة على الزكاة لأن الكفار يعذبون على إخلالهم بالواجبات (( قالوا لم نكن من المصلين ولم نكن نطعم المسكين )),,,,,, الشرط الثاني: الحرية لأن المملوك لا مال له إذ أن ماله لسيده,,,,,, الشرط الثالث: ملك النصاب ومعناه أن يكون عند الإنسان مالآ يبلغ النصاب الذي قدره الشرع وهو يختلف بختلاف الأموال فإن لم يكن عند المسلم نصاب فلا زكاة عليه لأن ماله قليل لا يحتمل المواساة وليتنبه بعض صغار الموظفين وبعض العمال فإنهم يظنون أنه لا زكاة عليهم, هذا من الخطأ فإنه وإن كان موظف قليل الراتب وإن كان عاملآ لكن إذا وجد عنده نصاب زكاة فيجب عليه أن يخرج زكاة ماله,,,,,, رابعآ: مضي الحول فلا تجب الزكاة قبل مضي هذه المدة شرعآ لأن ايجابها فيما دون الحول يستلزم الإجحاف بالأغنياء وعلى هذا فلو مات الإنسان أو تلف المال قبل تمام الحول لم تجب الزكاة,,,, ولكن هناك ثلاثة أشياء ولو لم تمضي عليها الحول, وهي ربح التجارة فإن حوله حول أصله, إنتاج السائمة فإن حوله حول أماته, والحبوب والثمار فحولها وقت تحصيلها لا يشترط مضي حول لقول ربنا عزوجل:(( وآتوا حقه يوم حصاده ))

وتجب الزكاة في أربعة أشياء,,, الأول: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار لقول ربنا سبحانه وتعالى: ياأيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ماكسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض )),,, وقوله عزوجل:(( وآتوا حقه يوم حصاده )),,,, وأعظم حقوق المال الزكاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( فيما سقت السماء أو كان عثريآ العشر وفيما سقيا بالنضح نصف العشر )) أخرجه الأمام البخاري في صحيحه,,,, ولا تجب الزكاة في الخارج من الأرض حتى تبلغ النصاب وقدره خمسة أوسق, لقوله صلى الله عليه وسلم:(( ليس في حبآ ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق )) خرجه الإمام مسلم في صحيحه,,, وزنته ستمائة وأثنى عشر كيلو, ولازكاة فيما دونها, ومقدار الزكاة فيها العشر كاملآ فيما سقيآ بدون كلفة ومؤونة, ونصف العشر فيما سقيآ بكلفة,,,, ولاتجب الزكاة في الفواكه والخضروات والبطيخ ونحوها لأنها ليست بحب ولا ثمر,,,,, ويجب عليه إخراج زكاة ثمر النخل الذي يكون في بيته إذا بلغ النصاب فإن بعض الناس يجهل ذلك يظن أن الزكاة على أهل المزارع والبساتين فقط,,,, قال الشيخ ابن عثيمين غفر الله له:( أن الحبوب والثمار تجب فيها الزكاة بشرط أن تكون مكيلة مدخرة وإن لم تكن كذلك فلا زكاة فيها هذا أقرب الأقوال وعليه الإعتماد إن شاء الله

الثاني: بهيمة الأنعام وهي الأبل والبقر والغنم ضأن كان أو معز إذا كانت سائمة وأعدت لدر والنسل وبلغت نصابآ, وأقل النصاب في الأبل خمس ولازكاة فيما دونها,,,, وأقل نصاب البقر ثلاثون,,,,, وأقل نصاب الغنم أربعون فلا زكاة فيما دون النصاب فالله الحمد والمنة,,,,, وإنما تجب فيها الزكاة إذا كانت سائمة, والسائمة: هي التي ترعى الكلأ والعشب النابت بدون بذر آدمي كل السنة أو أكثرها, فإن لم تكن سائمة وكان صاحبها هو الذي يعلفها فلا زكاة فيها إلا أن تكون لتجارة, فإن عدة للتكسب بالبيع والشراء والناقلة فيها فهي عروض تجارة, تزكى زكاة تجارة سواء كانت سائمة أو معلفة إذا بلغت نصاب التجارة بنفسها أو بضمها إلى تجارته,,,,,,, الثالث: مما تجب فيها الزكاة الذهب والفضة على أي حال كانت لقول ربنا عزوجل:(( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم وتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم وفذوقوا ماكنتم تكنزون )), والمراد بكنزها عدم إنفاقها في سبيل الله عزوجل, وأعظم الأنفاق في سبيله إنفاقها في الزكاة, وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كانت يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحميا عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد )) والمراد بحقها زكاتها كما تفسره الرواية الثانية مامن صاحب كنز لايؤدي زكاته )),,,,,, وتجب الزكاة في الذهب والفضة سواء كانت نقودآ أو تبرا لعموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة فيها ولاتجب الزكاة في الذهب حتى يبلغ نصابا, حتى يبلغ نصابه قدره عشرون دينارآ فيكون نصاب الذهب بالجرامات خمسة وثمانين جرامآ ولاتجب الزكاة فيما دون ذلك, أما الفضة فتجب الزكاة فيها إذا بلغت نصابآ وهو خمس أواق وقدره بالجرامات خمسمائه وخمسة وتسعون جرامآ, فلاتجب الزكاة فيما دون ذلك, والواجب عليه في زكاة الذهب والفضة إخراج ربع العشر فقط وهو مايعادل إثنين ونصف بالمائة, وتجب الزكاة في الأوراق النقدية كالريالات والليرات والدولارات لإنها بدل عن الفضة فتقوم مقامها, فإذا بلغت نصاب الفضة وجبت فيها الزكاة,,, وتجب الزكاة في الذهب والفضة والأوراق النقدية كالريالات سواء كانت حاضرة عنده أو في ذمم الناس سواء كان قرضآ أم ثمن مبيعآ أم أجره أم غير ذلك, فإذا كان هذا الدَين على مليكآ باذل فتزكيه مع مالك كل سنة ولك أن تؤخر زكاته حتى تقبضه ثم تزكيه في كل مامضى من السنين, هذا إن كان الدَين على مليكآ باذل,,, أما إذا كان ديَنك على رجل معسر أو غني مماطل يصعب استخراج الدَين منه فلا زكاة فيه حتى تقبضه فتزكيه عن سنة واحدة فقط, سنة قبضه ولا زكاة عليك فيما دون قبلها من السنين قاله العلامة ابن العثيمين غفر الله له,,, ولا تجب الزكاة فيما سوى الذهب والفضة من المعادن والجواهر كالحديد والنحاس والألماس, وإن كانت أغلى من الذهب والفضة إلا أن تكون تلك المعادن أعدت للتجارة فيزكيها زكاة تجارة.

الرابع: مما تجب الزكاة فيها الزكاة عروض التجارة وهي كل ماأعده للتكسب من التجارة من عقار وحيوان وطعام وشراب وسيارات وغيرها من أصناف الحال فيقومها كل سنة بما تساوي عند رأس الحول و’يخرج ربع ’عشر قيمتها, يعني اثنين ونصف بالمائة سواء كانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أم أقل أم أكثر,,,, ويجب على أهل البقالات والآلات وقطع الغيار وغيرها أن يحصوها إحصاء دقيقآ شاملآ للصغير والكبير و’يخرج زكاتها تقرب لله سبحانه وتعالى فإن شق عليهم أحصاؤها بدقة, إحطاطوا وأخرجوا مايكون به براءة ذممهم,,,, ولازكاة فيما أعده الإنسان لحاجته من طعام وفرش ومسكن وحيوانات وسيارة واللباس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ليس على المسلم في عبده ولافرسه صدقة )) متفق عليه,,,, ولا تجب الزكاة فيما عد للأجرة من عقارات وسيارات ونحوها وإنما تجب في أجرتها إذا كانت نقودآ وحال عليه الحول وبلغت نصابا بنفسها أو بضمها ماعنده من جنسها.

أما أهل الزكاة: فالواجب عليك أن تعرفهم حتى تدفع الزكاة إليهم ولا تتعدى إلى غيرهم وقوفآ عند شرع الله سبحانه تعالى, قال الله سبحانه وتعالى:(( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )) بين الله عزوجل في هذه الآية مصاريف الزكاة وأهلها المستحقين لها بمقتضى علمه وحكمته وعدله ورحمته وحصرها في هؤلاء الأصناف الثمانية وبين أن صرفها فيهم فريضة لازمة وإنها هذه القسمة صادرة عن علم الله وحكمته فلا يجوز تعديها وصرف الزكاة في غيرها لأن الله عزوجل أعلم بمصالح خلقه وأرحم بهم من أنفسهم (( ومن أحسن من الله حكمآ لقوم يوقنون )),,,,, أما الصنف الأول والثاني: وهم الفقراء والمساكين وهم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عائلتهم لا من نقود حاضرة ولا من رواتب ثابته ولا من صناعة قائمة ولا من غلة كافية ولا من نفقات على غيرهم واجبة فهم في حاجتآ إلى مواساة ومعونة قال العلماء:( فيعطون من الزكاة مايكفيهم وعائلتهم لمدة سنة كاملة حتى يأتي حول الزكاة مرة ثانية ), ويعطى الفقير من الزكاة لزواج يحتاج إليه مايكفيه لزواجه, ويعطى طالب العلم الفقير من الزكاة مايكفي لشراء كتب يحتاجها, ويعطى من له راتب لا يكفيه هو وعائلته يعطى من الزكاة مايكمل كفايتهم لأنه ذو حاجة, وأما من كان ذو كفاية فلا يجوز أعطاه من الزكاة وإن سألها بل الواجب نصحه وتحذيره من سؤاله مالا يحل له, عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله عزوجل وليس في وجهه مزعة لحم )) متفق عليه, قال أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( من سأل أموال الناس تكثرآ فإنما يسأل جمرآ فليستقل أو ليستكثر )) خرجه الإمام مسلم في صحيحه وأن سأل الزكاة شخص وعليه علامة الغنا وهو مجهول الحال جاز إعطاؤه منها بعد إعلامه أنه لاحظ فيها لغني ولا قوي مكتسب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أتاه رجلان يسألونه فقلب فيهما النظر فرءاهم جلدين فقال:(( إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيهما لغني ولا قوي مكتسب )) رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره,,,,, الصنف الثالث من أهل الزكاة: العاملون عليها وهم الذين ينصبهم ولاة الأمور لجبايت الزكاة من أهلها وحفظها وتصريفها فيعطون منها بقدر عملهم وأن كانوا أغنياء, وأما الوكلاء لفرد من الناس في توزيع زكاته فليسوا من العاملين عليها فلا يستحقون منها شيئآ من أجل وكالتهم,,,,, الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم وهم ضعفاء الإيمان أو من ’يخشى شرهم فيعطون من الزكاة ما يكون في تقوية ايمانهم أو دفع شرهم إذا لم يندفع إلا بإعطائهم,,,,, الصنف الخامس الرقاب: وهم الأرقاء المكاتبون الذين اشتروا انفسهم من أسيادهم فيعطون من الزكاة مايفون به اسيادهم ليحرروا انفسهم ويجوز أن يشترى عبد فيعتق, وأن يفك بها مسلم من الأسر لأن هذا داخل في عموم الرقاب,,,, الصنف السادس: الغارمون الذين يتحملون غرامه وهم على نوعان,,,, أحدهما : الذي تحمل حمالة لإصلاح ذات البين وإطفاء الفتنة بين قبيلتين أو نحوهما فيعطى من الزكاة بقدر حمالته تشجيع له على هذا العمل النبيل الذي يحصل به تأليف المسلمين وإصلاح ذات بينهم وإطفاء الفتنة وإزالة الأحقاد والشحناء,,,,, عن قميصة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلة له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك )) الحديث رواه مسلم,,,,,, أما النوع الثاني من الغارمين: وهو من تحمل حمالة لنفسه, أي تحمل ديَن من أجل نفسه وليس عنده وفاء فيعطى من الزكاة مايوفى به ديَنه وإن كثر, ولا يشترط أن يسلم مال الزكاة للمدين بل يجوز أن تدفع زكاتك لطالب الديَن مباشرة, لأن ذلك يحصل به المقصود من تبرأة ذمة المطلوب,,,,,, الصنف السابع: في سبيل الله: وهو الجهاد في سبيل الله الذي يقصد به أن تكون كلمة الله هي العليا لا لحمية ولا لعصبية ولا من أجل جماعة ضالة, فيعطى به المجاهد بهذه النية مايكفيه لجهاده من الزكاة أو يشتري بها السلاح أو العتاد للمجاهدين في سبيل الله لحماية الإسلام والذود عنه وإعلاء كلمة الله مع الإنتباه أن الجهاد موكولآ للسلطان,,,,,, الصنف الثامن: ابن السبيل: وهو المسافر الذي إنقطع به السفر ونفد فيما في يده فيعطى من الزكاة مايصله إلى بلده وإن كان غنيآ فيها ووجد فيها من يقرضه ولكن لا يجوز أن يستطحب معه نفقة قليلة لا تكفيه.

ومن المسائل المتعلقة بالزكاة: الزكاة باب عظيم من أبواب الفقه ينبغي للمسلم أن يتعلمه حتى يعبد الله عزوجل على بصيرة, لا يجوز أن تدفع الزكاة لكافر يهودي أو نصراني أو لغيرهما إلا أن يكون هذا الكافر من المؤلفة قلوبهم فيجوز أن يعطى من الزكاة وليس هذا من موالاتهم ولا يجوز لأحد أن يقدح لولي أمر المسلمين أن فعل ذلك, إن فعل ذلك دفعآ لشر عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم, ولا تدفع الزكاة لغني عنها بما يكفيه من تجارة أو صناعة أو حرفة أو راتب أو نفقة واجبة له إلا أن يكون ذلك الغني من العاملين عليها أو المجاهدين في سبيل الله أو الغارمين لإصلاح ذات البين, ولا تدفع الزكاة لمن تجب نفقته من زوجة أو قريب بدلآ عن نفقتهما, ويجوز دفع الزكاة للزوجة والقريب فيما سوى النفقة الواجبة, فيجوز أن يقضي من مال زكاته ديَنآ عن زوجته لا تستطيع وفائه, ويجوز أن يقضي عن والديه أو أحد من أقاربه ديَن لا يستطيع وفائه, ويجوز أن تدفع الزكاة لأقاربه الذين لا تجب عليه نفقتهم إذا كانوا مستحقين للزكاة, ويجوز للزوجة أن تدفع زكاتها لزوجها في قضاء ديَن عليه ونحوه, وذلك لأن الله علق استحقاق الزكاة بأوصاف تشمل هؤلاء وغيرهم, فلا ’يخرج أحد منهم إلا بنص أو إجماع, وإذا كان له ديَن على فقير فلا يجوز أن يسقط هذا الديَن عن الفقير وينويه عن الزكاة, لأن الزكاة أخذ وإعطاء قال الله سبحانه وتعالى:(( خذ من أموالهم صدقة )), وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(( إن الله إفترض عليهم صدقة ’تأخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم )) وإسقاط الديَن عن الفقير ليس أخذآ ولا ردآ, ولأن ديَنك في ذمة الفقير مال غائب لا تتصرف فيه فلا يجزئ عن مال حاضر تتصرف فيه,,,,,,,,, ومما يغلط فيه بعض الناس أنه يدفع زكاته كل سنة لشخص معين أو عائلة معينة, ولكن لعل ذلك الشخص في هذه السنة قد صار غنيآ وزال عنه الفقر فتأكد من حاله وأحطط لدينك بارك الله فيك,,,,,, وإذا دفع صاحب الزكاة زكاته لمن يظن أنه من أهلها فتبين بخلافه فإنها تجزئه لأنه إجتهد واتقى الله ما استطاع (( ولا يكلف الله نفسآ إلا وسعها )) وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( قال رجل والله لأتصدقن وذكر الحديث وفيه وضع صدقته في يد غني فأصبح الناس يتحدثون ’تصدق على غني فقال الحمدلله على غني...... فأما الغني لعله يعتبر لينفق مما أعطاه الله )) وفي رواية لمسلم (( أما صدقتك فقد ’تقبلت )),,,,,,, أما الراتب الشهري الذي يدخر منه المسلم شهريآ ما يزيد من حاجته فيقول الشيخ ابن العثيمين رحمه الله في كيفية إخراج زكاته:( إن أحسن طريق وأسهله وأقربه إلى براءة الذمة أن تجعل لك شهر معين وليكن الشهر الذي يتم به الحول على أول راتب ادخرته تحصي به جميع ماعندك من الدراهم و’تخرج زكاته فتكون الزكاة بالنسبة لأول شهر في وقت الوجوب وبالنسبة لما بعده معجلتآ أي مقدمتآ قبل تمام الحول, وتقديم الزكاة على تمام الحول جائز كما نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله...إنتهى كلامه),,,,,, ومما ينبه عليه أن الإنسان لو كان عنده مال يجمعه ليتزوج أو يشتري به بيتآ أو نحو ذلك فيجب عليه أن يؤدي زكاته إذا بلغ نصابآ وتم عليه الحول, لأن النقود تجب فيها الزكاة ولو لم تكن للتجارة,,,,, ومما ينبه عليه أيضآ أن أجرة الدار والدكان ونحوهما تجب فيها الزكاة ويبتدأ حول الزكاة من حين عقد الإيجار لأن الأجرة تثبت بالعقد وإن كانت لا تستقر إلا بستيفاء المنفعة, فإذا قبض الأجرة وقد مضى على عقد الإيجار سنة وجب عليه إخراج زكاتها , وأما إذا قبض الأجرة بعد مضي ستة أشهر وأنفقتها قبل أن تتم السنة فليس عليه زكاة فيها.

اللهم ياحي ياقيوم ياذي الجلال والإكرام, اللهم إنا نسألك بأنك أنته الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوآ أحد,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانآ واحتسابآ,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانآ واحتسابآ,,, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار,,,, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنآ مطمنآ وسائر بلاد المسلمين,,,, اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا واجعل ولا يتنا فيما خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين,,,, ربنا اغفر لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب,,, ربنا اغفر لنا ولإخوانا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلآ للذين آمنوا,,,, ربنا إنك رؤوف رحيم,,,, اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 01:55 PM
الحج موسـم لتصحيح العقيدة



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد: فلقد دأب أهل البدع على نشر بدعهم واستغلال المواسم واجتماع الناس لنشر ضلالهم، ومنها: موسم الحج ، ومن هؤلاء المفسدين في الحج: الخوارج الضُّلاّل، فوقائعهم التاريخية شاهدة على استغلالهم موسم الحج واجتماع الناس لنشر ذلك المنهج الخبيث، فكان اجتماع قادة الخوارج ورؤسهم في موسم الحج، وهكذا سار أحفادهم وأتباعهم إلى وقتنا الحاضر، وما حادثة الحرم في مطلع القرن، والحوادث التي كانت بعده من اتباع ابن سبأ إلا شاهد على ذلك، ومن تلك الشواهد قصة يزيد الفقير حينما خرج في عصابة يريدون الحج ثم الخروج على الناس، فمروا بجابر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ;، وحصل بينهم وبينه مجادلة أعادت أكثرهم إلى عقيدة أهل السنة وتركوا مذهب الخوارج.. فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن يزيد الفقير أنه قال:" كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- يُحدِّث القوم، جالس إلى سارية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ;. قال يزيد: فإذا هو قد ذكر الجهنميين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تحدثون به ؟! والله يقول(إنك من تدخل النار فقد أخزيته); ويقول( كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها); فما هذا الذي تقولون ؟! فقال جابر: أتقرأ القرآن ؟! قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه وسلم; (يعني الذي يبعثه الله فيه؟) قلت: نعم. قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم; المحمود، الذي يُخرج الله به من يخرج. قال يزيد: ثم نعت وضع الصراط ومرَّ الناس عليه. قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذلك. قال: غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم. قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس. قال يزيد: فرجعنا فقلنا: ويحكم! أتُرون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!. قال: فرجعنا، فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد". [كتاب الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها برقم (191)] وفي هذه الحادثة التي خرّجها الإمام مسلم فوائد منها:

• أولاً: أن أهل البدع يستغلون موسم الحج للدعوة إلى باطلهم، كما قال يزيد:(فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس). أي: نظهر مذهبنا في ذلك الموسم وندعوا الناس إلى هذه البدعة وهي بدعة الخوارج. والخوارج هم الذين يكفرون أهل الإسلام بالكبائر، ويردون السنة بظاهر القرآن، ويستحلون دماء المسلمين. •

ثانياً: على أهل السنة أن يستغلوا موسم الحج لتفقيه الناس ونشر العقيدة الصحيحة والتحذير من البدع، كما فعل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، فإن هؤلاء الحجاج الذين يحملون فكر الخوارج الضُلاَّل مرّوا على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فرأوا تلك الحلقة حلقة علم يُحدث فيها جابر - رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم;، فذكر فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم; عن أناس من أهل التوحيد يدخلون جهنم بسبب ذنوبٍ كبائر اقترفوها، ثم بعد أن يعذبوا على قدر ذنوبهم يخرجون من النار إلى الجنة بفضل الله ورحمته ومنِّه. والخوارج يرون أن من دخل النار من الموحدين لا يخرج منها، فلما سمعوا ذلك من جابر - رضي الله عنه- كان سبباً في تصحيح عقيدتهم ورجوعهم عن مذهبهم الباطل وتكفيرهم لأهل الإسلام. •

ثالثاً: في هذا الحديث بيان فضل مجالس العلم والعلماء، وأن تصحيح العقيدة يكون فيها، فعلى المربين للشباب أن يقودوهم ويرشدوهم إلى مجالس العلم، ويربطوهم بالعلماء الربانيين، وأما تلك الألفاظ المنفرة من العلماء ومجالسهم كقول بعضهم: إن العلماء يشتغلون بالجزئيات! ولا ينزلون إلى الشباب! ولا يفقهون الواقع! ونحو ذلك من الألفاظ المنفرة، فينبغي أن تجتنب فإنها من ألفاظ الخوارج الضُلاَّل الذين اشتهر عداؤهم لعلماء أهل السنة السلفيين. •

رابعاً: ومما يستفاد من هذه القصة أيضاً: خطورة منهج الخوارج لقول يزيد:(كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج) وشغفني أي: لصق بشغاف قلبي وهو غلافه. •

خامساً: أن إحسان الظن بالعلماء سبيل للانتفاع بعلمهم كما قال هؤلاء الذين كانوا يحملون مذهب الخوارج لما سمعوا قول جابر بن عبد الله:(ويحكم! أتُرون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم; ؟!). فلم يصدقوا ذلك بل نزَّهوا جابراً عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم; وتابعوه. •

سادساً: ويستفاد منها: أن شباب الخوارج وشيبهم قد يرجعون إلى السنة بعد المحاورة والمجادلة بالحق، لأن الجهل غالبٌ عليهم، فإذا سمعوا كلام العلماء برغبة وإقبال وطلب للحق انتفعوا بإذن الله سبحانه وتعالى. •

سابعاً: ويستفاد من هذه القصة: أن أصحاب الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم; كالزناة وشُرَّاب الخمر والمرابين وغيرهم إذا دخلوا النار لا يخلدون فيها. ومذهب أهل السنة في أصحاب الكبائر يتلخص في أمور:
1- أنهم لا يكفرون صاحب الكبيرة بل يرون أنه مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته. 2
- ومنها: أنهم يرون أنه تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، كما قال ربنا جلّ وعلا (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). 3
- ومن مذهب أهل السنة في أصحاب الكبائر: أنهم يرون أن من دخل النار من أهل الكبائر من الموحدين فإنه لا يُخلد فيها بل يخرج منها كما دلّ عليه هذا الحديث وغيره. •

ثامناً: ويستفاد من هذه الحادثة التي وقعت لهؤلاء الحجاج ومنهم يزيد الفقير: أن كلام العلماء والدعاة في الحج لا يقتصر على مسائل الحج فقط، بل تذكر معها مسائل العقيدة والتحذير من البدع المنتشرة كما فعل جابر رضي الله عنه، فليحرص أهل العلم على التحذير من فتنة العصر فتنة الخوارج. •
تاسعاً: ويستفاد من هذه القصة: أن هؤلاء الذين خرجوا في هذه الأيام يكفرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويضربون برّها وفاجرها ولا يتحاشون من مؤمنها ويستحلون دماء رجال الأمن وغيرهم، أقول: يستفاد منها أن لهم أصلاً وجذوراً في تاريخ هذه الأمة، وأن من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم; أنه أخبر عن خروجهم فقال: "ينشأ نشؤ يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع كلما خرج قرن قطع - حتى عدّ النبي صلى الله عليه وسلم; أكثر من عشرين مرة- حتى يخرج في أعراضهم الدجال" السلسلة الصحيحة (2455) . وفي هذا الحديث بشارة لأهل السنة بأنهم منصورون غالبون للخوارج وأن هؤلاء الضلال يصاحبهم الذل بإذن الله تعالى. •
عاشراً: ويستفاد من هذه الحادثة: أن الخوارج لا يعظمون حرمات الله، بل يجتهدون في باطلهم في الشهر الحرام و البلد الحرام، قال يزيد:(كنا نريد الحج ثم نخرج على الناس بعد ذلك). وكانوا عصابة ذو عدد كلهم قد شغفوا برأي الخوارج، فأرادوا أن يظهروا مذهبهم، و ومن يخالفهم ويرد عليهم في ذلك فإنهم يعادونه بل يكفرونه ويستحلون دمه! وهذا هو طبع الخوارج وهذا خلقهم، لا يعظمون حرمات الله وحدوده، وقد بعث الله تعالى نبينا الخاتم صلى الله عليه وسلم; بتعظيم حرمات الله وحفظ الحقوق فقال النبي صلى الله عليه وسلم; يوم عرفة:(إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد).

ومما جاء به دين الإسلام: تعظيم الأشهر الحرم وهي أربعة: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، كما قال ربنا سبحانه في محكم التنـزيل (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم).
وكان الناس في الجاهلية يعظمون هذا الأشهر الأربعة المحرمة، فإذا دخلت هذه الأشهر الحرم وضعوا السلاح، ولم يتعرض أحد منهم لعدوه، أما هؤلاء فإنهم قد سفكوا الدم الحرام! في الشهر الحرام! كما في هذا التفجير الأخير في ذي القعدة، فلا إله إلا الله ما أجرأهم على ارتكاب حرمات الله وحدوده.

ومما جاءت به هذه الشريعة بتحريمه البلد الحرام فإن النبي صلى الله عليه وسلم; خطب الناس بعد فتح مكة فقال:(إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات ولأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكة ولا يختلى خلاه ولا ينفر صيده ولا تحل لقطته إلا لمنشد). فإذا كان الصيد لا ينفر في البلد الحرام فكيف بإخافة أهل الإسلام، فكيف بترويع أهل التوحيد والسنة، وسفك الدم الحرام في البلد الحرام؟؟!!
وكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه في الجاهلية في المسجد الحرام فلا يهيجه ولا يعرض له بسؤ، أما هؤلاء فقد انتهكوا البلد الحرام. ومما جاءت به الشريعة من تعظيم الحرمات، ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم; في خطبته بعرفات: وهي حرمة الدماء، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم; أنه قال:"لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً"(صحيح الجامع (7691).
ويروى عنه صلى الله عليه وسلم; أنه قال:"لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق"(صحيح الجامع (5078) أو كما قال صلى الله عليه وسلم
;. وأنتم ترون ما يفعله هؤلاء الضُلاّل، فإن لله وإنا إليه راجعون. فاحرصوا معاشر الأخيار على الدعوة إلى توحيد رب العالمين، وتحذير الناس من هذه البدع والشركيات في هذا الموسم المبارك، فإن الناس يفدون إليكم من كل فج عميق، فعلِّموهم السنة وحذروهم من الشرك والبدع المضلة فإنها قد فشت في أمة محمد صلى الله عليه وسلم; ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، واجعلوا هذا الموسم موسم تصحيح للعقيدة، وإبطال للبدع وأمور الجاهلية، ونشر للسنة، والله معكم ولن يتركم أعمالكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


سلطان بن عبدالرحمن العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:06 PM
الحج توبة وإنابة




الحمد الله الذي وفق ما شاء من عبادة إلى حج بيته الحرام واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتطفا أثره واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد


الحمد الله الذي وفق ما شاء من عبادة إلى حج بيته الحرام واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتطفا أثره واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد: فيقول الله جل وعلا: (( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركآ وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )),,,,,

روى ابن خزيمة في صحيحه عن ابن شماسه قال: ( حضرنا عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو في سياق الموت فبكى طويلآ وقال: لما جعل الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ابسط يمينك لأبايعك, فبسط يده فقبضة يدي, فقال: مالك يا عمرو, قال: أردت أن اشترط, قالـ تشترط ماذا؟, قال: أن يغفر لي, فقال صلى الله عليه وسلم: أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله )) الله أكبر,,,, (( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالآ وعلى كل ضامر يأتينا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم )),,,,, قال ابن اسحاق: ( لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا حج هذا البيت ) وقال غيره ( ما من نبي إلا حج ),,,,, رفع إبراهيم القواعد من البيت فلما فرغ أمره الله أن ينادي بالناس إن لله بيت فحجوا فسار ركب المؤمنين إلى تلك العرصات وعلت بهم هممهم ففارقوا الأهل والأوطان إلى بيت الله الحرام مجيبين داعي الله يملأون الآفاق تهليلآ وتكبيرا وتوحيدا نداؤهم لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك,,,,, وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة, فمررنا بوادي, فقال: أي وادي هذا؟ فقلنا: هذا وادي الأزرق, فقال صلى الله عليه وسلم: كأني انظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم واضعآ إصبعه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبيه مارآ بهذا الوادي , قال ثم سرنا حتى أتينا على ثنية فقال: كأني انظر إلى يونس على ناقة حمراء عليه جبت من صوف, خطام ناقته ليف, مارآ بهذا الوادي ملبيا ),,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( لقد مر بالروحاء"وهو موضعآ بين مكة والمدينة" لقد مر بالروحاء سبعون نبيآ فيهم نبي الله موسى حفاة عليهم العباءة يأمون بيت الله العتيق ))رواه أبويعلي والطبراني وحسنه العلامة الألباني,,,,,

ثم حج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فاظهر فيها تمام الحب والذل والإفتقار إلى ربه جل وعلا يقول أنس رضي الله عنه حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث قطيفة خلقه تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي ثم قال صلى الله عليه وسلم: (( اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة ))رواه الترمذي في الشمائل وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب ثم اقتدا سادة الأمة,,,,, فها هو الحسن بن علي رضي الله عنه يحج خمسة وعشرين حجة ماشيا,, وأبو عثمان النهدي رحمه الله وغفر له حج لله ستين مره يقطعون الفيافي والغفار رغبة في رحمة العزيز الغفار واستجابة لربهم القائل: (( وأذن في الناس يأتوك )),,, ساق الشوق تلك القلوب إلى حرمه رجاء جوده وكرمه وه القائل جل وعلا في محكم التنزيل عن إبراهيم عليه السلام لما دعا ربه فستجاب له: (( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم )),, أولئك قوما أختصهم الله بالقرب منه وأسعدهم بطاعته والتذلل له فقوى عزائمهم وثبت قلوبهم ففارقوا الأهل والأحباب والأصحاب (( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم )),,,,, ندائهم لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك بهذا النداء الحبيب إلى النفوس المؤمنة وبهذه الكلمات المشرقة التي هي رمز التوحيد والإيمان وعنوان الخضوع والإذعان واعتراف بالجميل والإنعام, يرفع حجاج بيت الله الحرام أصواتهم مسلمين لله وجوههم يحدوهم الرجاء بعفوه ومغفرته ويحثهم الشوق إلى زيارة تلك البقاع المقدسة التي فيها الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس وزمزم العين الثرة المباركة ومقام إبراهيم عليه السلام الذي يشهد له بالإخلاص والإمتثال فيها منى ومزدلفة وعرفات حيث تقال العثرات وتغفر الزلات,,,,, لقد شاء الحكيم جل جلاله أن تكون التلبية بالحج والعمرة بهذه الكلمات المباركات ليكون إذانآ من قاصد بيت الحرام بنبذ الشرك وعبادة كل ما سوى الله جل جلاله من حجر أو شجر أو قبر ولي أو نبي وأن العبادة كلها للواحد القهار (( قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له )) أمة الإسلام أمة القرآن حجاج بيت الله الحرام كان من هدي سلفنا الصالح تشويق العباد إلى حج البيت الله الحرام وبيان ما في الحج والعمرة من الفضل والإنعام نصحآ لأهل الإيمان فإليكم هذه الأحاديث والمواعظ والمواقف والفضائل ما جمعت والله إلا إنها تذكرة لمن صدق عزمه على حج البيت الحرام بما له عند الله وه المليك العلام وبشارة له في خير الدنيا والآخرة والظن بالله جل وعلا وأنه ما ساق تلك القلوب إلى أداء فريضة الحج إلا تشريفآ لأهلها ورحمة وإيفام ذلك فضل من الله وكفى بالله عليما, هنيئآ للمستجيبين الذين لم تحجزهم عن القيام بهذا الفضل نفقاته ولم تثني عزائمه متاعب الطريق ومشقاته ولم تزعزع نواياهم وساوس الشيطان الرجيم ونزعاته بل غلبهم الشوق فطارت قلوبهم قبل أجسادهم إلى تلك المشاعر العظام, هنيئآ لهم حيث رفعوا أصواتهم بالتلبية والثناء على ربه جل وعلا فأحسنوا الظن به فأنالهم عفوه وأفاض عليهم من جوده وكرمه وإنها أيضآ تذكرة للقادرين القاعدين عن حج بيت الله الحرام فما العذر أيها القادر على الحج إذا أوقفك ربك يوم القيامة موقف الذل والصغار وعدد عليك ما خولك إياه في الدنيا من الأموال والعقار وذكرك بما حباك به من قوة واقتدار ثم سئلت فما بلغ النداء أما قادر على تحمل المشقة والعناء فما تستجيب أيها المسكين في هذا الموقف العظيم,,,,, قال عمر رضي الله عنه: ( لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظر إلى كل من كان عنده جزة ولم يحج فيضرب عليه الجزية ما هم بمسلمين مل هم بمسلمين ),,,,, الحج ركن من أركان الإسلام لا يجوز للمستطيع تأخيره إلى السنة المقبلة فإن فعل أثم, فعسى الله أن ينفع بهذه المواعظ والزواجر فيكون ممن أسعده الله في طاعته فستعد لما أمامه وغفر له زلة وإجرامه إن الله ولي ذلك والقادر عليه الله أكبر إذا أذن مؤذن الحج رأيت صدى دعوته تتجلجل في جنبات العالم الإسلامي ويهز المشاعر هزآ إلى أرض الحجاز وإلى الكعبة قبلة المسلمين يقول ابن القيم رحمه الله في شأن بيت الله الحرام وشوقهم إلى تلك الأماكن العظام:

أما والذي حج المحجون بيته ,,,##,, ولبّوا له عند المُهَّل ِ وأَحرمُ
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعآ ,,##,,, بعزة من تعلوا الوجوه وتسلموا
يهلون بالبيداء لبيك ربنا ,,##,,, لك الملك والحمد الذي أنت تعلموا
دعاهم فلبوه رضاء ومحبة ً ,,##,,, فلما دعوه فكان أقرب منهموا
تراهم على الأنظار شعثا ً رؤوسهم ,,,##,, غبرآ وهم فيها أسروا وأنعموا
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة ً ,,,##,, ولم يثنهم لذاتهم والتنعم ُ
يسيرون من أقطارها وفجاجها ,,,##,, رجالآ وركب ولله اسلموا
ولما رأت أبصارهم البيت الذي ,,,##,, قلوب الورى شوقآ إليه تضرموا
كأنهم لم يصبوا قط قبلوه ,,,##,, لأن شقاهم قد ترحل عنهموا
فالله كم من عبرة مهراقة ,,##,,, وأخرى على آثارها لا تقدموا
إذا عاينته العين زالت ظلامها ,,##,,, وزال عن القلب الكئيب التألم ُ

الله أكبر إنها رحلة مباركة إلى بيت الله الحرام, رحلة إلى بيت الله الحرام خضوعآ وتذللآ لرب العالمين وطاعة له إذ قال:
(( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) فيا راحلين بيت الله الحرام فهنيئآ لكم وابشروا بفضل الله وكرمه فإن الله جل وعلا أختصكم من بين خلقه لعمارة بيته الحرام والتلذذ بمناجاته في تلك المواقف العظام, هنيئآ لكم فقصدتم بلاد فضلها الله وشرفها وجعل عرصاتها مناسك لعباده تحفوا إليها قلوب المحبين وتحن إليها أفئدة المخبتين يحن إلى أرض الحجاز فؤادي ,,,,, وتحذوا اشتياقي نحو مكة هادي ولي أمل ما زال يسموا بهمتي ,,,,, إلى البلدة الغراء خير بلادي فيها الكعبة التي طاف حولها ,,,,, عباد لله خير عبادي ليقضي فرض الله في حج بيته ,,,,, بأصدق إيمان وأطيب زادي أطوف كما طاف النبيون حوله ,,,,, طواف قياد لا طواف عنادي مكة خير أرض الله وأحب البلاد إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم ولقد حرمها الله يوم خلق السموات والأرض,,,,, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار لا ينفر صيدها ولا يعضد شوكها ولا يختني خناها ولا تحل سقطتها إلا لمنشر ولا تحل لقتطها إلا لمنشد فمن هم بسيئة فويل له إذ الله جل وعلا يقول: (( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )),,,,, فالله كم انفق من حبها من أموال ورضي المحبون بمفارقة فلذات الأكباد والأهل والأوطان لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها حتى يعود إليه الطرف مشتاقا سبحان من جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمنا يردون إليه ويرجعون عنه ولا يرون أنهم قضوا منه وطرا, ولما أضاف الجبار ذلك البيت إلى نفسه يقول جل وعلا لخليله إبراهيم: (( وطهر بيتي )) تعلقت قلوب المؤمنين به وكاما ذكر لهم بيت الله الحرام تحنوا وكلما تذكروا بعدهم عنه تأوهوا وأنُّوا, جعل البيت مثابة لهموا ليس منه الدهر يقضون الوطر,,,,, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ))خرجه أبو داود في سننه,,,,, وقال موسى نبي الله صلوات الله وسلامه عليه (( وعجلت إليك ربي لترضى )),,,,, ويقول الله مادحآ بعض عباده المؤمنين (( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبآ ورهبآ )),,,,, وفي الحديث عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( بادروا بالأعمال فتن كقطع الليل المظلم )),,,,, وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ( إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك )),,,,,

ومن أجل ذلك قال أهل العلم يجب الحج على الفور فليس للمؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤخره,,,,,

يقول عمر رضي الله عنه: ( ليمت يهوديآ أو نصرانيآ رجل مات ولم يحج وجد لذلك سعة وخليت سبيله ) ,,,,,
وقال علي رضي الله عنه: ( استكثر من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه ),,,,,
يقول الله جل جلاله: (( جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامآ للناس والشهر الحرام والهدى والقلائد ذلك لتعلموا إن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وإن الله بكل شئ عليم )),,,,,
روى ابن أبي حاتم عن الحسن البصري: ( أنه تلى هذه الآية فقال: لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة ) معاشر المؤمنين كثرة النصوص المرغبة في الحج بيت الله الحرام وهذا من رحمته ورأفته بأمته صلوات ربي وسلامه عليه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (( من حج لله ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )),,,,,
من أدى هذا وأحسن فيه فليبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )),,,,,,

الحج والعمرة من أسباب مغفرة الذنوب وسعة الأرزاق لقول الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: (( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي كير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة )),,,,, نعوذ بالله أن نكون من قوم حرموا طاعة الله والتقرب إليه,,,,, ففي صحيح ابن حبان من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أن الله عز وجل يقول: أن عبدآ صححت له جسمه وأوسعة عليه في المعيشة يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد لي إلا محروم )),,,,,
وكيف لا يكون محروم لن يكن مع قوم يباهي الله بهم ملائكته وينصرفون من تلك المواقف العظيمة وقد غفر الله لهم ما سلف من الذنوب والعصيان (( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات واكبر تفضيلا )) معاشر المؤمنين إن حجاج بيت الله الحرام قريبون من ربهم جل وعلا إن سألوه فهم أهل أن يستجيب دعائهم, في سند ابن ماجة وصحيح ابن حبان من حديث عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( الغازي في سبيل الله عز وجل والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم )),,,,, وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ما ترفع أبل الحاج رجلآ ولا تضع يدآ إلا كتب الله بها حسنة أو محا عنه سيئة أو رفع بها درجة )) رواه ابن حبان,,,,,

ومن البشائر ما رواه أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ما أهل مهل قط إلا بشر "أهل: أي رفع صوته بالتلبية" ولا كبر مكبرآ قط إلا بشر, قيل يا رسول الله: بالجنة, قال: نعم )) رواه الطبراني في الأوسط وهو في صحيح الجامع,,,,,
وفيه أيضآ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في استلام الحجر والركن اليماني: (( فإن استلامهما يحط الخطايا حطا )),,,,,, وقال في الطائف بالبيت العتيق: (( ما رفع قدما ولا وضعها إلا كتب الله له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات )) اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم نسألك الهدى والعفاف والغنى, اللهم يسر لنا الخير حيث ما كنا, اللهم تقبل من حجاج بيتك الحرام, اللهم احفظهم يا أرحم الراحمين, اللهم أعنهم على العمل بسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم


الخطبة الثانية:


الحمد الله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آل وصحبه معاشر المؤمنين الحج استجابة لأمر الله تعالى وتقديم لمحبته على محبة الأهل والوطن والمال,,,,, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أتاني جبريل فقال لي: أن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج )) رواه أحمد وصححه ابن حبان,,,,, فالحج إظهار الرضا والتسليم والانقياد لله سبحانه وتعالى, ومن أجل ذلك بادر الصحابة رضي الله عنهم واستجابوا لأمر الله جل وعلا,,,,, فقد روى بن أبي شيبة أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كانوا يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم )),,,,, ومن كرم الله وجوده ما حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (( ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا )) رواه الترمذي ومن الأحاديث الجامعة في فضائل الحج ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أنك إذا خرجت من بيتك تهم البيت الحرام لا تضع ناقتك خف ولا ترفعه إلا كتب الله لك بها حسنة ومحا عنك خطيئة وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بني اسماعيل وأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة وأما وقوفك عشية عرفة أن الله جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول: عبادي جاءوني شعثآ من كل فج عميق يرجون رحمتي فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتها أفيظوا عبادي مغفور لكم ولمن شفعتم له وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات وأما نحرك فمذخور عند ربك وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة وتمحى عنك بها خطيئة وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفك فيقول: اعمل ما تستقبل فقد غفر الله لك ما مضى ))رواه الطبراني في الكبير والبزار وهو في صحيح الترغيب اعلم بارك الله فيك إن الحج الذي تغفر فيه السيئات وتقال فيه العثرات وينال صاحبها الجنة ونعيمها هو الحج المبرور فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) قالوا: وما بر الحج يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إطعام الطعام وطيب الكلام )),,,,, وقال بعض السلف: ( لا يعبأ بمن يؤم البيت إذا لم يأتي بثلاثة: ورع يحجزه عن معاصي الله وحلم يضبط به غضبه وحسن الصحبة لرفقائه ),,,,, فعليك بارك الله لك بإعمال الخير والبر في حجك, فكانوا السلف يواضبون على نوافل الصلاة, وكان المغيرة الصنعاني يحج من اليمن ماشيا وكان له ورد بالليل يقرأ فيه كل ليلة ثلث القرآن. ومما يتم بر الحج اجتناب ما حرم الله جل وعلا لقوله سبحانه: (( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )),,,,, قال بعض السلف لأخ له أراد الحج: ( أوصيك بما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذ رضي الله عنه أتقي الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن ) ومن أعظم ما يتقى أكل الحرام والحج بمال من كسب خبيث (( فإن كل لحم نبت من سحت النار أولى به )) أما يوم عرفة فهو يوم قد عظم الله أمره ورفع قدره,,,, ومن فضائله أن الله عزوجل أنزل فيه قوله: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )),,,,, عن طالب بن شهاب أن اليهود قالت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنكم تقرأون آية لو أنزلت فينا لتخذناها عيدا, فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت وأين نزلت وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت, يوم عرفة وإنا والله بعرفة يوم جمعة ),,,,, الوقوف بعرفة الركن الأعظم للحج لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الحج عرفة )),,,,, ومن فضائله أن الله عز وجل يغفر لأهل ذلك الموقف ويباهي بهم الملائكة فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من يوم أكثر أن يعتق به عبدا من النار من يوم عرفة وأنه ليدني فيباهي بهم الملائكة فيقول: ماذا أراد هؤلاء ))خرجه مسلم,,,,, ما أعظم ذلك الموقف وما أجمله, ذل وتضرع وتوبة وإنابة إلى الله جل وعلا, أنه موسم الغفران والعتق من النيران ذلك أن ربنا جواد كريم رءوف رحيم, ألا تراهم وقد جاءوا من كل فج عميق بذلوا أموالهم واتعبوا أبدانهم وإغبرة ثيابهم وخلفوا الدنيا ولذاتها ورائهم يحذوهم الشوق إلى عرفات وطاعة رب العالمين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( وأفضل الدعاء دعاء يوم عرفة )) الله أكبر ابشروا عباد الله بروح وريحان ورب غير غضبان قد وسعت رحمته كل شئ, ابشروا بغفران الذنوب والعفو من الزلات فعن أنس رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال يا بلال: أنصت الناس, فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: (( معاشر الناس أتاني جبريل آنفآ فأقرأني من ربي السلام وقال: أن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات, فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله: هذا لنا خاصة؟, فقال صلى الله عليه وسلم: هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة, فقال عمر: كثر خير الله وطاب ))رواه ابن المبارك وصححه العلامة الألباني,,,,, يقول بلال رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له غداة جمع " أي مزدلفة ": يا بلال اسكت الناس ثم قال صلى الله عليه وسلم: (( أن الله تتطول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم وأعطا محسنكم ما سأل أدفعوا بسم الله )) رواه ابن ماجه,,,,, كان الحكيم بن حزام رحمه الله ورضي عنه كريم منفق ماله في سبيل الله كان يأتي يوم عرفة ومعه مئة رقبة من رقيقه ثم يعتقهم تقربآ لربه جل وعلا في ذلك الموقف, فعند ذلك يضج الناس بالبكاء والدعاء يقولون: ربنا هذا عبدك قد اعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتق رقابنا من النار وأنته أكرم الأكرمين,,,,, وقال ابن المبارك جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثي على ركبتيه وعيناه تهملان, فقلت: من أسوء بهذا الجمع حالآ؟ فقال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم,,,,, هنيئآ لمن رزقه الله بالوقوف يوم عرفة مع قوم يجأرون إلى الله جل وعلا بقلوب وجلة وأعين دامعة فكم فيهم من خائف أزعجهم الخوف وأقلقه ومحب ألهفه الشوق وأحرقه وراجي أحسن الظن بوعد الله وأصدقه وتائب لربه فقر به, كم هناك مستوجبا للنار أنقذه الله وأعتقه, ومن أسير للأوزار فكه وأطلقه, وقفوا هناك كما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتفين لبيك اللهم لبيك قد حسروا الرؤوس واطرحوا زينة الدنيا ولجأوا لربهم جل وعلا فلا ترى إلا خاشعآ يتبتل, وباكيآ يتوسل ومذنب يتوب ونفس تذوب, اللهم تقبل منهم يا أرحم الراحمين ها هم حجاج بيت الله الحرام وقد دفعوا من مزدلفة إلى منى في يوم عيدهم في يوم الحج الأكبر وهم في فرح وسرور ونعمة لا يعاد لها ملك الدنيا بأسرها, ذكر لله وتكبير وتهليل ورمي ونحر وحلق وطواف لربهم جل وعلا كما قال بن القيم رحمه الله واصف حالهم: ( وراحوا إلى الجمع فباتوا بمشعل الحرام,,,,,وصلوا الفجر ثم تقدموا إلى الجمرة يريدون رميها في وقت صلاة العيد ثم تيمموا,,,, منازلهم للنحر يبغون فضله وإحياء من نسك أبيهم يعظم,,,, فلو كان يرضى الله نحر نفوسهم لدانوا به طوعآ وللأمر سلموا,,,, كما بذلوا عند الجهاد نحورهم بأعدائه حتى جرى منهم الدم ),,,,, يروى أن سليمان بن عبد الملك خليفة المسلمين حج, فبين هو يطوف رأى في الطواف العالم العابد سالم بن عبد الله بن عمر ومعه حذاء مقطع وعليه ثياب لا تساوي ثلاثة دراهم, فقترب الخليفة منه وقال: يا سالم ألك إلي حاجة فنظر إليه سالم نظرة تعجب ثم قال بغضب يا سليمان: أنا في بيت الله وتريد مني أن أرفع حاجتي لغير الله جل وعلا ),,,,, قال محمد بن عبد الله الثقفي شهدت خطبة ابن الزبير في الحج خرج علينا فحمد الله واثنا عليه ثم قال: أما بعد فإنكم جئتم من آفاق شتى وفودا إلى الله جل وعلا فحق على الله أن يكرم وفده فمن كان منكم يطلب ما عند الله فإن طالب ما عند الله لا يخيب فصدقوا قولكم بالعمل والنية النية والقلوب القلوب الله الله في أيامك هذه فإنها أيام تغفر فيها الذنوب, جئتم من آفاق شتى في غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجونها ها هنا ثم لبى ولبى الناس, فما رأيت باكيآ أكثر من يومئذ,,,,, قال سفيان بن عيينه: حج علي بن الحسن رضي الله عنه فلما أحرم واستوت به ناقته اصفر وجهه وانتفض, فقيل له: ألا تلبي؟ فقال: أخشى أن يقال لي لا لبيك ولا سعديك,,,,, الله أكبر أنه الخوف من الله جل وعلا وإن كان محسنا (( والذين يأتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون )) وأختم بتذكير الدعاة إلى الله جل وعلا بواجبهم, فالحج موسم عظيم للدعوة لتوحيد رب العالمين ونشر مذهب السلف والتحذير من الشرك والبدع والتحزبات الجاهلية والتجمعات المخالفة لما عليه سلف هذه الأمة الصالح وأن هذا والله لمن أعظم منافع الحج اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام, اللهم أجعلنا من الأوابين المخبتين, اللهم يسر لنا الخير حيث ما كنا, اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام وألف بين قلوبهم ووفقهم بالعمل بسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم من سعى في خدمة حجاج بيتك الحرام ورعايتهم وتسهيل أمورهم اللهم اجعل ذلك رفعت في درجاته ومغفرة لسيئاته واجزه عنا خير الجزاء, اللهم اعنهم وتقبل منهم يا أرحم الراحمين, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, , ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم إنا نسألك الهدى والعفاف والغنا, ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلآ للذين آمنوا, اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:12 PM
الشمائل المحمدية


إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)آل عمران 102. ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء :1. ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) الأحزاب : 70-71. أما بعدُ([1]) : فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

فإن الله سبحانه وتعالى امتن علينا ببعثت نبيه الكريم محمدآ صلى الله عليه وسلم, قال الله جل وعلا : (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولآ من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالا مبين )),,,,, بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل فهدى الله به من شاء إلى صراط المستقيم,,,,, أمر الله جل وعلا بطاعته فقال: (( وإن تطيعوه تهتدوا )),,,,,, وأمر ربنا سبحانه وتعالى بتباعه فقال جل جلاله: ((قل إن كنتم تحبون الله فتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )),,,,, وأوصى ربنا بالتأسي بهذا النبي الكريم فقال: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر )) وهذه الآية أصل عظيم في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله,,,, فلنقف مع صفاته وشمائله صلى الله عليه وسلم

من شمائله وصفاته عليه الصلاة والسلام التقشف في الطعام قالت عائشة رضي الله عنها: ( ما شبع آل محمد من خبز شعير يومئذ متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية عنها أنها قالت: ( ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بر من ثلاثة ليالي تباعآ حتى قبض ),,,,, قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيت الليالي المتتابعة طاويآ هو وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزه, خبز الشعير ),,,,, وذكرت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتيها فيقول: (( أعندك غداء, فتقول: لا, فيقول: ((إني صائم )),,,,, ومنها التقشف في الفراش, قالت عائشة رضي الله عنها: ( إنما كان فراش الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه أدم حشوه ليف )

ومن شمائله وصفاته التواضع, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله )),,,, وعن أنس رضي الله عنه قال: ( أن امرأة كان في عقلها شئ, فقالت يا رسول الله إني لي إليك حاجة, فقال صلى الله عليه وسلم: (( يا أم فلان أنظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك )), فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها,,,,, وكانت الأمة من إيماء أهل المدينة تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت,,,,,,, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعا إلى خبز شعير والإهالة, والإهالة السنخة "أي الدهن متغير الرائحة من طول المكث" فيجيب, وقال: (( لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع أو قراع لقبلت )),,,,,, ولم يكن أحد أحب إلى الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم كانوا إذا رأوه لا يقوموا له بما يعلمون من كراهته لذلك,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )),,,, وكان صلى الله عليه وسلم لا يستكبر عن خدمة أهله بل يكون في مهنة أهله كما قالت عائشة رضي الله عنها

أما خلقه عليه الصلاة والسلام فقد كان يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفه بذلك,,,, وخدمه أنس بن مالك رضي الله عنه عشر سنين فما قال له أف قط وما قال لشئ صنعه لما صنعته ولا لشئ تركه لما تركته,,,,, ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشآ ولا متفحشا ولا صخاب في الأسواق ولا يجزئ بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ويقول: (( خياركم أحسنكم أخلاقا )),,,,, وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (( أن شر الناس من تركه الناس إتقاء فحشه )),,,, ونهى عن اللعن وقال: ((لا ينبغي لصديق أن يكون لعانآ )),,, وقال عليه الصلاة والسلام: (( لا يكونوا اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة )),,, ولما قيل له ادعوا على المشركين قال: (( إني لم ابعث لعانآ وإنما بعثت رحمه )),,,, وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا إختار أيسرهما ما لم يكن إثما, ولم ينتقم لنفسه شيئآ حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله تعالى, وما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئآ قط بيده لا امرأة ولا خادمة إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى, وما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قط فقال : لا

أما شجاعته صلى الله عليه وسلم, فقد قال أنس رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشجع الناس, ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فنطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعآ وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول: (( لم تراعوا لم تراعوا )),,,, قال علي رضي الله عنه: ( لما حضر البأس يوم بدر إتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أشد الناس ولم يكن أحد أقرب من المشركين منه )

أما حياؤه صلى الله عليه وسلم, فقد قال أبو سعيد رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئآ يكرهه عرفناه في وجهه ),,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( الحياء لا يأتي إلا بخير )),,,, وروى ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول : إنك لتستحي حتى كأنه يقول قد أضر بك فقال صلى الله عليه وسلم: (( دعه فإن الحياء من الإيمان )),,,, وقال عليه الصلاة والسلام: (( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فصنع ما شئت )),,,,, ولم يكن صلى الله عليه وسلم يستحي من الحق فقد روت أم سلمة أن أم سليم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت قال: (( نعم إذا رأت الماء ))

ومن شمائله وصفاته صلى الله عليه وسلم التيسير والرفق وهو القائل: (( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا )),,,, قال أبو هريرة رضي الله عنه: ( أن اعرابي بال في المسجد فثار إليه الناس ليقعوا فيه, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( دعوه وأهريقوا على بوله ذنوب من الماء أو سجل من الماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين )),,,, وقال عليه الصلاة والسلام في الرفق: (( من‘ يحرم الرفق يحرم الخير )),,,,, وقال أيضآ: (( أن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه )),,,,, وبين صلى الله عليه وسلم: (( أن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه ولا ينزع في شئ إلا شانه )),,,,, ومن ذلك الحذر من الغضب قال جل وعلا في بيان بعض أوصاف المؤمنين: (( وإذا ما غضبوا هم يغفرون )),,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )),,,, ولما قال له رجل أوصني قال: (( لا تغضب فرددها مرارآ قال لا تغضب )) صلوات ربي وسلامه عليه,,, ومنه الحلم والأناء فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هاتين الصفتين, قال لأشج عبد قيس: (( أن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناء )),,,,, ومن ذلك الوصية بالجار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )),,,,, قال لأبي ذر يا أبا ذر: (( إذا طبخت مرقتآ فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك )) وفي رواية: (( ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصب منها بمعروف )),,,,, وقال عليه الصلاة والسلام: (( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذي جاره )) وفي رواية: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فاليحسن إلى جاره )),,,, ومن ذلك رحمته بالأطفال قال أنس رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ولده إبراهيم فقبله وشمه )),,,, وبشر بالجنة من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ), بفضل رحمته إياهم وكانت تفيض عيناه لموتهم, وقد سأله مرة سعد بن عبادة فقال يا رسول الله ما هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم من عباده الرحماء )),,,,, ولما ذرفت عيناه لوفاة ابنه إبراهيم قال له ابن عوف وأنته يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: (( يا ابن عوف انها رحمه )) ثم اتبعها يأخرى وقال: (( أن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) ,,,,, وخرج النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة وأمامة بنت ابنته على عاتقه فصلى فإذا ركع وضعها وإذا رفع حملها )),,,, وقبل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس, فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحد, فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (( ما لا يرحم لا يرحم )),,,,,, وجاء اعرابي فقال تقبلون صبيانكم فما نقبلهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة )) اللهم ياحي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنآ وسائر بلاد المسلمين اقول هذا واستغفر الله

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا, واشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له إقرار به وتوحيدا, واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد

فمن شمائله وصفاته عليه الصلاة والسلام بكائه عند المريض, لما اشتكى سعد بن عبادة, عاده صلى الله عليه وسلم فقال: (( قد قضى )) قالوا:لا يا رسول الله فبكى عليه الصلاة والسلام فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا, فقال عليه الصلاة والسلام: (( أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا أشار إلى لسانه أو يرحم )),,,, ومن ذلك رحمته بالنساء أو البنات فقد شبه النساء بالقوارير إشارة إلى ما فيهن من الصفاء والنعومة والرقة, وإشارة إلى ضعفهن وقلة تحملهن ولذا فإنهن يحتجن إلى الرفق والصبر, قال عليه الصلاة والسلام : (( من ابتلي بالبنات بشئ فأحسن إليهن كن له ستر من النار )),,,, وكان صلى الله عليه وسلم يحب فاطمة رضي الله عنها حبآ جما, فقد روي إنها كانت تأتيه فيقوم لها ويأخذ بيدها ويقبلها ويجلسها في مكانه الذي كان يجلس فيه, قال الله جل جلاله: (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم واهليكم نارآ وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ))

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم نسألك بأنك أنته الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد مطمئن وسائر بلاد المسلمين, اللهم آمنا في دورنا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين, اللهم من أرادنا وبعلمائنا وولاة أمورنا وجنودنا بسوء اللهم رد كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميرآ عليه يا سميع الدعاء, اللهم سلط عليه عبادك المؤمنين,اللهم سلط عليه عبادك المؤمنين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم عليك بهذه الفئة الضالة التي أفسدت في بلاد الحرمين اللهم إنهم قد سفكوا الدم الحرام وأخافوا أهل الإسلام اللهم فنتقم منهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم عليك بهم اللهم عليك بهم اللهم عليك بهم اللهم فرق جمعهم وشتت شملهم وخالف بين قلوبهم وأجعل الدائرة عليهم إنك سميع الدعاء, اللهم من مات أو قتل من جنودنا اللهم فاكتب له أجر الشهداء الصادقين اللهم فاكتب له أجر الشهداء الصادقين اللهم فاكتب له أجر الشهداء الصادقين اللهم أخلفهم في عقبهم اللهم أصلح ذرياتهم من بعدهم , يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اللهم عليك بمن أعان هؤلاء الظلمة أو تعاطف معهم أو أيدهم أو رضي بفعلهم فنتقم لنا منه اللهم انتقم لنا منه اللهم عجل عقوبته اللهم عجل عقوبته وانتقم لأهل الإسلام منه اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم عليك بمن أفسد شباب المسلمين اللهم عليك بمن أدخل عليهم هذه الأفكار المنحرفة اللهم عليك به اللهم عليك به اللهم عليك به اللهم أكفنا بما تشاء إنك أنته السميع العليم اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأجعلنا للمتقين إماما ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلآ للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى أله وصحبه أجمعين.

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:13 PM
الطريق إلى السلفية


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد, فإن ما يجعل الكثير من الشباب يُحجم عن العودة إلى المنهج السلفي الصافي أمور كثيرة, ولذلك يتساءل الكثير عن كيفية التخلص من الحزبية المذمومة, فنقول وبالله التوفيق: 1- استعن بالله وتضرع إليه وادعُ الله بافتقار وتذلل بالأدعية المأثورة أن يدلك صراطه المستقيم, وأن يثبتك عليه ومن ذلك الدعاء المأثور في استفتاح صلاة الليل (اللهم ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, اهدني لما أُختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) أخرجه مسلم. ثم عليك بكتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم حفظاً وعناية وتدبراً.
2- اتصل بالعلماء المعروفين بسلامة المنهج وصحة المعتقد, ممن يقولون بالحق وبه يعدلون, والذين يعرف القاصي والداني أنهم على المنهج السلفي. اقتنِ كتبهم وأشرطتهم واحرص على حضور مجالسهم ومحاضراتهم وعلى الاتصال بهم كلما لاح لك شبهة أو سؤال.

3- دعك من أنصاف العلماء والمتعالمين ممن يسمون (مشائخ الصحوة) ممن خالفوا المنهج السلفي وهو برئ منهم ومن دعوتهم, فهؤلاء معروفون بإثارة الفتن و التهييج وحب الظهور وتقريب أهل البدع والمنافحة عنهم.

4- احرص على طلب العلم, وبالأخص تعلم العقيدة الصحيحة والتضلع فيها, وعليك بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب, رحمة الله على الجميع, واحرص على قراءة هذه الكتب على شيخ سلفي متقن. وكذلك احرص على كتب السلف الصالح التي تبين عقيدتهم ومنهجهم مع المخالفين لمنهج السلف, ككتاب السُنة لابن أبي عاصم, وكتاب السُنة للخلال, وكتاب السُنة لعبدالله بن احمد, وكتاب شرح السُنة للبربهاري, وكتاب الاعتصام للشاطبي, وكتاب الإبانة لابن بطة العُكبري, وكتاب شرح أصول اعتقاد أهل السُنة و الجماعة للالكائي, وكتاب الأصول الستة, وكتاب فضل الإسلام للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله جميعاً.

5- تخلص من كل ما يمت للحزبية والحزبيين بصلة, ككتبهم وأشرطتهم وأناشيدهم ومسرحياتهم, التي ما أنزل الله بها من سُلطان.

6- لا تجعل قلبك كالاسفنجة تمتص الشبهات وتتقبلها. 7- يكفيك من هذه الحياة ملازمة العلماء السلفيين و بِر الوالدين و خدمة الأهل, و يكفيك مجموعة من الأصحاب الطيبين السلفيين, وإن أردتَ أن تدعو إلى الله فبكتب وأشرطة العلماء المعروفين, وإياك والتصدر قبل النضج, ونضجك من عدمه يعرفه العلماء, وكوِّن مكتبة سلفية من التفاسير السلفية وكتب الحديث و العقائد, وابتعد عن الكتب الفكرية, ككتب سيد قطب, و أخيه محمد, و غيرهما, وعليك بالعتيق.

8- ابتعد عن الأشخاص المشبوهين والمعروفين بالكلام على ولاة الأمور, وإن أظهروا لك أنهم يُنكرون المنكر, أو ينصرون الجهاد, فغالب هؤلاء إنكارهم حِزبيٌ لا شرعي, و جهادهم حَروريٌ لا سُني, واضرب لذلك أمثلة:

فمن رأيته منهم يكفِّر الرافضة ويقول يجب أن يقوم وليُ الأمر بإخراجهم من البلاد أو إبادتهم, فقل له: فما رأيك بمن يطعن في الصحابةِ كسيد قطب, فإن رأيته تلكك وتأخر وتلعثم فاعلم أن إنكاره لم يكن إلا من باب السياسة !! وإن قال لك أنا أنكر التمثيليات والمسرحيات والتلفاز, فقل له: فما رأيك بهؤلاء الذين يُظهرون الاستقامة وهم يمثلون (الجوالة) وغيرها ويستهزئون فيها بالمسلمين من السودانيين واليمنيين وغيرهم, ويُربون شبابنا على التهريج والسخرية !! فإن بدأ يسرد لك الخلافات ويقول مصلحة الدعوة و..و..و..من الأعذار الباردة فاغسل يدك منه!! وهكذا كثيرٌ من الأمثلة. 9- اخلع بيعة أمير الجلسة والاستراحة والشباب (البيعة البدعية الحزبية ) من عنقك, وقل: في عنقي بيعةٌ واحدةٌ لحكام هذه البلاد حفظهم الله لا أرتضي غيرها.

10- تجنب الدخول في نقاشات مع الحزبيين وادعُ الله لهم بالهداية, وإياك ثم إياك أن تغشى مجالسهم وقد عرفتَ ما عندهم من الباطل. قال النبي  في الحديث الذي رواه أبو هريرة: ( سيكون في آخر أمتي ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم ) رواه مسلم. و أمر النبي  مَن سمع بالدجال أن ينأى عنه. وقال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: ( لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضةٌ للقلوب ).

11- هناك كتب وأشرطة مهمة يخفيها الحزبيون, لأن فيها فضح لرموزهم, حاول الحصول عليها عن طريق أحد الأخوة السلفيين, أو عن طريق التسجيلات السلفية, مثل: - تسجيلات منهاج السُنة السمعية بحي السويدي بالرياض. - تسجيلات دار ابن رجب في المدينة النبوية. - مكتبة وتسجيلات الأصالة السلفية بجدة.

12- ابتعد عن السياسة واشتغل بطلب العلم وهناك كتاب نافع جداً في بابه, وهو كتاب مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية للشيخ/ عبد المالك رمضاني أثابه الله. تقديم فضيلة الشيخ العلاَّمة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله, وفضيلة الشيخ العلاَّمة عبدالمحسن العباد حفظه الله. و كذلك كتاب القُطبية هي الفتنة فاعرفوها للعدناني أثابه الله.

13- اجهر بانتسابك إلى مذهب السلف, ولا تخجل من تسمية نفسك بالسلفي وإذا قال لك أحدٌ أنت تزكي نفسك, فقل له: هذا من باب الإخبار وليس من باب التزكية, وإلا فكل من قال أنا مسلمٌ أو أنا سُني فهو مزكٍ لنفسه !! واحفظ قول شيخ الإسلام ابن تيمية ( ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فان مذهب السلف لا يكون إلا حقا) . انظر مجموع الفتاوى (4/149).

14- إياك ثم إياك من النظر في كتب أهل البدع, ومن يدافعون وينافحون عن أهل البدع, أو سماع أشرطتهم فإن فيها السُم الزعاف, قال ابن قُـدامة رحمه الله: (ومِـن السُنة هجران أهل البدع ومباينتهم وترك الجدال والخصومات في الدين وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم وكل محدثة في الدين بدعة) . ويقول ابن القيم رحمه الله محذراً من كتب المبتدعة: يامن يظن بأننا حِفنا علـــيـ ـهم كُتْبهم تُنبيك عن ذا الشانِ فانظر ترى لكن نرى لك تركهـا حذراً عليك مصائد الشــيطانِ وإذا أردتَ التتلمذ على أحدٍ فتأكد من منهجه, وارجع في ذلك إلى علماء الجرح والتعديل من مشايخنا السلفيين، فإن حذَّروك منه ففر من المجذوم فرارك من الأسد. و اسمع إلى الإمام أحمد –رحمه الله- وهو يقول: ( إياكم أن تكتبوا عن أحد من أصحاب الأهواء قليلاً ولا كثيراً، عليكم بأصحاب الآثار والسنن ).

15- ادعُ عوام المسلمين إلى المنهج السلفي بالحكمة والموعظة الحسنة. وعليك بالرفق والحكمة معهم لقوله  : ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنـزع من شي إلا شانه ). رواه مسلم.

صفات الحزبيين:

للحزبيين علامات واضحة تستطيع كشفهم بواسطتها، ومن هذه العلامات:

1- الفُرقة في الدين، والدعوة إليها تحت ستار تعدد الجماعات الإسلامية، وأنها يكمِّل بعضُها بعضاً !!! واذكر هنا لأبي المظفر السمعاني قولَه: ( ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق, أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم, وتباعد ما بينهم من الديار وسكون كل واحد منهم قطراً من الأقطار, وجدَتهم في بيان الاعتقاد على وتيرةٍ واحدة, ونمطٍ واحد يجرُون فيه على طريقٍ لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها. وأما إذا نظرتَ إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين شيعاً وأحزاباً لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقةٍ واحدةٍ في الاعتقاد, يبدّع بعضهم بعضا بل يرتقون إلى التكفير, يكفّر الابن أباه, والرجل أخاه, والجار جاره, تراهم أبدا في تنازع وتباغض واختلاف, تنقضي أعمارهم ولم تتفق كلماتهم: (تَحسبهم جميعاً وقلوبُهم شتى ذلك بأنهم قومٌ لا يعقِلون ). قلتُ: وهذا هو حال الحزبيين فلا تكاد تراهم متفقين أبدا فهذا تبليغي وآخر أخواني قطبي وآخر بناوي ورابع ينتمي إلى جماعة التكفير والهجرة … الخ وهكذا ينطبق عليهم قوله تعالى: ( إن الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شِيعاً لستَ منهم في شيء ).

2- رد الحق و اتباع الهوى.

3- التقديس للأشخاص والغلو فيهم والتحزب لآرائهم.

4- اتِّباع المتشابه وترك المحكم وهذه علامة أهل الأهواء والبدع, فعن عائشة رضي الله عنها قالت (تلا رسول الله  هذه الآية (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنَّ أم الكتابِ وأُخَرُ متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منهُ ابتغاء الفتنةِ وابتغاء تأويلِهِ وما يعلمُ تأويلَهُ إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عندِ ربنا وما يذَّكَّر إلا أُولوا الألباب) قالت: فقال رسول الله صلى الله (فإذا رأيتَ الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم ). متفق عليه.

5- الاستدلال بالمنسوخ وترك الناسخ من كلام الله سبحانه وتعالى, أو كلام رسوله  , أو كلام علماء السنة, فيستدلون - مثلاً- بثناء العلاَّمة ابن باز على سلمان العودة قبل أن يتبين له حاله, و يتركون تحذير ابن باز منه, و إيقافه في آخر الأمر بعد أن ظهر للشيخ انحراف الرجل عن منهج السلف.

6- معارضةُ السنة بمتشابه القران. قال عمر بن الخطاب  : (إن ناساً يجادلونكم بشبه القران فخذوهم بالسنن فان أصحاب السنن أعلمُ بكتاب الله عز وجل )

7- بُغضُ أهل الأثر السلفيين, وإن لم يبوحوا بذلك.

8- الإعراض عن كتبِ السلف ودعوة الناس والشباب إلى كتب الحركيين التي ليس فيها علم كما لا تخلو من البدع والضلالات.

9- لا يعملون بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح- إلا فيما وافق أهوائهم- بل يحاولون أن يُنشئوا فهماً جديداً يناسب العصر- زعموا- بإسم الوسطية و فقه التيسير و فقه الواقع, ونسوا أو تناسوا قولَ الإمامِ مالك رحمه الله: ( لا يُصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلحَ أوله ).

10- إطلاق الألقاب على أهل السنة, كقولهم (جامية, مدخلية, مباحث, عملاء......الخ) وسلفهم في ذلك هم أهل البدع الذين كانوا يصِمُون أهل السنة بأنهم حشوية و مجسِّمة وغيرها من الألقاب. 11- المسارعة في التكفير, قال أبو العالية رحمه الله (قد أنعم الله علي بنعمتين لا أدري أيهما أفضل أن هداني للإسلام ولم يجعلني حرورياً ).

12- الطعنُ في علماء السنة والكذب عليهم, وتشويه سمعتهم, ووصمهم بالتشدد و التسرع و المداهنة و عدم الفهم بالواقع !!.. إلى غيرها من الكلمات.

13- قلبُ الحقائق.

14- الأُلفـة: هذه القاعدة الذهبية التي استخدمها السلفُ لكشف أهل البدع, ويستخدمها أهل السُنة في كل زمان لكشف الحزبيين الذين يُخفون تحزبهم, فإذا شككت في منهج شخصٍ وتوجهه وخفي عليك أمره فما عليك إلا أن ترى جلساءه لتعرف حقيقة أمره, فإن كان جلساؤه أهل سُنةٍ سلفيين فهو على منهجهم, وإن كانوا غير ذلك فأَلحقه بهم. يقول الأوزاعي رحمه الله: (من سَـتر عنا بدعته لم تخفَ علينا ألفته) ويقول معاذ بن معاذ رحمه الله: (الرجل وان كتم رأيه لم يخفَ ذاك في ابنه ولا صديقه ولا في جليسه).

15- التهييجُ والإثارة و التشغيب على ولاة الأمور, ويستغلون في ذلك أوقات الفتن والاضطرابات, فيخرجون باسم الأمر المعروف والنهي عن المنكر, كما كان عادة أسلافهم الخوارج.

16- الدعايةُ لكتب المبتدعة وأشرطتهم ونشرها. وقد سُئل العلاَّمةُ عبدالعزيز بن باز رحمه الله- في شريط شرح كتاب فضل الإسلام - سؤالاً هذا نصه: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يأخذ حكمهم؟ فأجاب (نعم ما فيه شك, من أثنى عليهم ومدحهم هو داعٍ لهم, يدعو لهم, هذا من دعاتهم نسأل الله العافية ).

17- التجميع: والمقصود بالتجميع تجميع أكبر عددٍ من الناس حولهم دونما أدنى اهتمام بإصلاح عقائدهم أو بواطنهم وهذا المنهج تنتهجه كل من جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ. ويجمعهم في هذا قاعدة:(نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) وقاعدة (وحدة الصف لا وحدة الرأي ). فالعبرة عندهم بالكم لا بالكيف.

18- الحرصُ على المناصب والوصول إليها.

19- التلبيس على الناس بإسم الدين والسُنة, وعند أدنى عرض لنشاطات هؤلاء على الكتاب والسُنة تجد الطَّوام والمخالفات, وكأن هذه المظاهر لم تكن إلا لتمرير تنظيراتهم الحزبية وخططهم الحركية, بإسم الدين والسلفية. يقول أحد منظِّري جماعة الأخوان المسلمين: (المنهج العقدي والفقهي عند الأخوان هو منهج سلفي صرف لا غُبار عليه ) !!!

20- الكذب: وهم يجيزون ذلك من باب (مصلحة الدعوة !!) و ( الحرب خدعة!!) ووالله لقد جُرب كثيرٌ منهم فوُجدوا على هذه الحال فنسأل الله العافية.

21- النظام العسكري المُبطن: من خلال المراكز الصيفية والرحلات الجماعية و المخيمات المشتملة على التدريبات العسكرية وسلفهم في هذا هو إمامهم حسن البنا, الذي كان ( يهتم بتنظيم المصايف و توحيد الزي) . انظر مجموع رسائل حسن البنا.

22- التَّوسُع في وسائل الدعوة غير الشرعية: كالأناشيد، الكرة، المسرحيات، الرحلات … الخ ) و قد سُئل الإمام أحمد رحمه الله: ما تقول في أهل القصائد ؟ فقال: بدعة لا يُجالسون. و سُئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: هل يجوز للرجال الإنشاد الإسلامي؟ فأجاب بقوله (الإنشاد الإسلامي إنشاد مُبتدَع مما أبتدعه الصوفية ولهذا ينبغي العدولُ عنه إلى مواعظ القران والسُنة). من كتاب القول المفيد في حكم الأناشيد.

23- القَصص: فتُلاحظ محاضراتهم وخطبهم يغلبُ عليها جانب القَصص الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فلا يستفيد منه المرء, لا في عقيدة ولا في عبادة, وقد حذَّر السلف أيما تحذير من القصاصين ومن الجلوس إليهم. قال مالكٌ رحمه الله (واني لأكره القصصَ في المسجد ) وقال (ولا أرى أن يُجلس إليهم وان القصص لبدعة ) وقال سالم: كان ابن عمر يُـلقى خارجا من المسجد فيقول: ما أخرجني إلا صوتُ قاصكم هذا.

24- السِّرية والتكتم: قال عمرُ بن عبدالعزيز رحمه الله: ( إذا رأيتَ قوماً يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيسِ ضَلالة ).

هذا بعض ما تيسر جمعه من صفات القوم وعلاماتهم, نسأل الله بمنه وفضله أن يرزقنا التمسك بالسُنة, والعمل بها, والسير على منهج السلف حتى الممات, إنه ولي ذلك والقادر عليه, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:18 PM
الخُلق الحسن



أما بعد :

فإن شأن الأخلاق عظيم ، وإن منـزلتها لعالية في شرع رب العالمين، فالخلق من الدين، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وأحسنهم أخلاقاً : أقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً . ولقد تظاهرت نصوص الشرع في الحديث عن الأخلاق فحثت وحضت ورغبت في محاسنها ، وحذرت ونفرت ورهبت من سيئها ، بل إن الرسول b بيّن أن الغاية من بعثته: إنما هي إتمام صالح الأخلاق، فقال : «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق»أخرجه أحمد والحاكم وصحة ووافقه الذهبي . والناس على اختلاف مشاربهم يحبون محاسن الأخلاق ويألفون أهلها ويبغضون مساوئ الأخلاق وينفرون من أهلها. وحسن الخلق له فضائل عظيمة في الدنيا والآخرة، فمن ذلك:
1- أنه امتثال لأمر الله عز وجل ، قال تعالى [خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ] ، وهو طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: «وخالق الناس بخلق حسن»
2- وهو رفعة في الدرجات ، قال صلى الله عليه وسلم:«إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم». رواه أبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وقال صلى الله عليه وسلم :«أعظم ما يُدخل الناس الجنة : تقوى الله وحسن الخلق» أخرجه الترمذي وصححه. . وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم :«ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق» أخرجه الترمذي وصححه.
3- ومن فوائد حسن الخلق : كسب القلوب: فهو يحبب صاحبه للبعيد والقريب ، وبه ينقلب العدو صديقاً، ويصبح البغيض حبيباً، ويصير البعيد قريباً ، وبحسن الخلق يتقرب المرء للناس، وبه يتمكن من إرضائهم على اختلاف مشاربهم وطبقاتهم. وحسن الخلق مدعاة للذكر الحسن، فإن الألسنة تلهج بذكر أهل الخلق الحسن، والتاريخ يسطر مآثرهم ، والركبان تسير بأخبارهم.
4- السلامة من شر الخلق: لأن صاحب الخلق الحسن لا يقابل الإساءة بالإساءة، بل يعفو يصفح ويعرض، بل ربما قابل الإساءة بالإحسان، ولو جارى الناس في سفههم لما كان له فضل عليهم، ولما سلم من أذاهم فلو لم يأت من حسن الخلق إلا هذه الفائدة لكان حرياً بالعاقل أن يتحلى به.
5- صاحب الخلق الحسن في راحة بال، وطيب عيش، ونعيم عاجل، فإن قلبه مطمئن ونفسه زاكية، كما أن صاحب الخلق السيء في شقاء حاضر وعذاب مستمر ونزاع ظاهري وباطني مع نفسه وأولاده ومخالطيه، مما يشوش عليه حياته ويكدر أوقاته، مع ما يترتب على ذلك من فوات الآثار الطيبة والتعرض لضدها. وإليك شيئاً من كلام الحكماء في فضل الأدب وحسن الخلق: يقولون : من قعد به حسبه نهض به أدبه. ويقولون: من كثر أدبه شرف وإن كان وضيعاً، وساد وإن كان غريباً ، وكثرت الحاجة إليه وإن كان فقيراً . ومن أقوالهم : من لم يعرف الخير من الشر فالحقه بالبهائم. وقال بعضهم : ما ورثت الآباء الأبناء شيئاً أفضل من الأدب، إنها إذا ورثتها الآداب: كسبت بالآداب الأموال والجاه والإخوان، والدين والدنيا والآخرة، وإذا ورثتها الأموال: تلفت الأموال، وقعدت عدماً من الأموال والأدب. أما سوء الخلق فهو عمل مرذول ، ومسلك دنيء يمقته الله عز وجل، ويبغضه الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث :«وإن أبغضكم إليّ، وأبعدكم مني في الآخرة أسؤوكم أخلاقا» أخرجه أحمد وابن حبان. وسوء الخلق يأخذ مظاهر عديدة، ويبرز في صور شتى ، اكتفي بذكر عشر منها:
1- الغلظة والفظاظة: فنجد من الناس من هو فظ غليظ ، لا يتراخى ولا يتألف لا يتكلم إلا بالعبارات النابية القاسية التي تحمل في طياتها الخشونة والشدة، والغلظة والقسوة، وصدق الله إذ يقول: [ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك]. وقد يصاحب ذلك عبوس الوجه وتقطيب الجبين، فبعضهم لا تراه إلا عابس الوجه مقطب الجبين ، لا يعرف التبسم واللباقة، ولا يوفق للبشر والطلاقة، بل إنه ينظر الى الناس شزراً ، ويرمقهم غيظاً وحنقاً، لا لذنب ارتكبوه ، ولا لخطأ فعلوه، وإنما هكذا يوحي إليه طبعه ، وتدعوه إليه نفسه ، يظن أنه بذلك يحترم وهذا الخلق مركب من الكبر وغلظ الطبع ، فإن قلة البشاشة استهانة بالناس، وذلك إنما ينشأ من الإعجاب والكبر.
2- مقابلة الناس بوجهين: فتجد من الناس من يظهر لجليسه الموافقة والمودة، ويلقاه بالبشر والترحاب، فإذا ما توارى عنه سلقه بلسان حاد، وشتمه وأقذع في سبه،.......، هذه الصفة من أخس الصفات ، وصاحبها من شر الناس و أوضعهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«تجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه» متفق عليه.
3- التهاجر والتدابر بين المسلمين، فبمجرد اختلاف يسير حول عرض من الدنيا لا يترتب عليه فساد في الدين عند ذلك تجد من يعطي ظهره لأخيه، ويهجره ويقطع أواصر المحبة والأخوة والقرابة قال النبي صلى الله عليه وسلم :«لا تباغضوا ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» متفق عليه. وإذا كان هذا الأمر مرفوضاً وقوعه بين عامة الناس ، فإن المصيبة تعظم ، والخطب يجل إذا وقع ذلك بين أهل العقل (والعبادة) ، فما يدمي الفؤاد ، ويدل على استحكام الغفلة وتمكن الشيطان أن تجد اثنين من أهل الفضل ، وممن يتسابق للمجيء الى المسجد، وقد يكونان ممن بلغ من الكبر عتياً ، ومع ذلك كله: تجدهما متهاجرين متقاطعين، لا يكلم أحدهما الآخر، ولا يسلم عليه بلا سبب يذكر، أو بسبب يسير جداً .
4- المن بالعطيه ونحوها: فمن الناس من إذا أعطى عطاء أو شفع في أمر ما ، أو بذل نصيحة أو أسدى معروفاً : أتبعه بالمن والأذى ، والإذلال على من أحسن إليه وذلك الصنيع خلق ساقط، لا يليق بأولي الفضل، قال تعالى :[ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى] قال رجل لبنيه: إذا اتخذتم عن درجل يداً فانسوها. وقال ابن عباس : لا يتم المعروف إلا بثلاث : بتعجيله ، وتصغيره، وستره ، فإنه : إذا أعجله هنّأه، وإذا صغره عظمه، وإذا ستره تممه. ومع أن المن وتعداد الأيادي ليس من صفات الكرام، إلا أن ذلك يحسن ويسوغ في حال المعاتبة والاعتذار.
5- سوء العشرة مع الزوجة: فهناك من يتعامل مع سائر الناس بأدب ورقة وأريحية، فتراه في المجالس بشوشاً، حسن الخلق ، ينتقي من الكلام أطايبه ، ومن الحديث أعذبه ، فإذا ما دخل المنزل تبدلت الحال، وذهبت وداعته، وتولت سماحاته، وحلت غلظته وبذاءته وفظاظته، فانقلب أسداً هصوراً على زوجه الضعيفة المسكينة فتراه يسيء الأدب معها ، وتصدر منه العبارات القاسية المؤلمة يحملها مسؤولية كل شيء، ويغلظ في عتابها عند أدنى خطأ، يهددها بالطلاق عند كل صغيرة وكبيرة، وربما قصر عليها في النفقة. ولا ريب أن هذا الصنيع دليل على ضعة النفس وحقارة الشأن وضعف الإيمان، وإلا فإن الحازم العاقل ذا الدين والمروءة يتودد لأهله، ويرحمهم، ويحسن معاشرتهم ، قال عليه الصلاة والسلام (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي وصححه. وفي المقابل : تجد أن بعض الزوجات لا تحسن التودد لزوجها، ولا تقوم بحقوقه كما أراد الله منها، بل تراها تسيء الأدب معه ، وترفع صوتها عليه، وتثقل كاهله بكثرة الطلبات، وتستنزف ماله بالإغراق في الكماليات، تراها كثيرة الشكوى والتأفف، تنسي معروفه وتذكر إساءته، لا يروق لها ما يفعله زوجها، وأما ما عند الناس فقد بلغ الغاية في الحسن، بل ربما عوقته وخذلته عن بره بوالديه، وأعانته على قطيعة الرحم، تفرق الأسر ولا تجمع ، فاللهم إنا نسألك العافية والسلامة. (فالحمد لله على كل حال ، وإنا لله وإنا إليه راجعون).
6- التقصير في حقوق الإخوان: فإن لهم حقوقاً كثيرة يحسن بالمرء مراعاتها والقيام بها، ويقبح به التفريط فيها والتهاون في أدائها، فمن مظاهر التقصير في حقوق الإخوان: - قلة تعاهدهم : فترى بعضهم لا يسأل عن إخوانه ورفقائه، ولا يحرص على زيارتهم وصلتهم ، ولا يسعى في تجديد المودة، قال ابن حبان رحمه الله : (الواجب على العاقل إذا رزقه الله ود امرئ مسلم صحيح الوداد، فحافظ عليه، أن يتمسك به، ثم يوطن نفسه على صلته إن حرمه ، وعلى الإقبال عليه إن صد عنه، وعلى البذل له إن حرمه ، وعلى الدنو منه إن باعده . - ومن التقصير في حق الأخوان التنكر وقلة الوفاء فمن الناس من لا يعرف إخوانه إلا في الرخاء ، فإذا ما وقع أخ له في شدة وضائقة، واحتاج لمعروفه ومساعدته: تنكر له وخذله ، ونسي ما كان بينهما من مودة ومن التنكر وقلة الوفاء ما تجده عند بعض الناس، فما أن ينال عرضاً من أعراض الدنيا: كمال أو جاه أو منصب : إلا ويتنكر لأصحابه القدامى ، وينساهم أو يتناسهم ، وما هذا من أخلاق الكرام، قال بعضهم : (إن الكرام إذا ما ايسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن - ومن ذلك إيذائهم في السفر: فالسفر يسفر عن أخلاق الرجال فبعض الناس إذا سافر مع أصحابه آذاهم، وأكثر الخلاف معهم، وسعى فيما يكدر عليهم ويعكر صفوهم، ومن الناس من لا يتكلم ولا يقترح وربما إذا استشير لم يشر، بل يترك الأمر لصحبه، فإذا أصابوا سكت ولم يثن عليهم ، وإذا اجتهدوا في أمر فأخطئوا، كأن يضلوا الطريق مثلاً أمطر عليهم وابلاً من اللوم والتقريع، وأصبح يكرر من أمثال قوله: لو فعلتم كذا وكذا لكان أنفع وأجدى ، ولو أنكم سلكتم الطريق الفلاني لما حصل ما حصل ، وهكذا.
7- إساءة الظن: وهي من الأخلاق الذميمة، التي تجلب الضغائن ، وتفسد المودة وتورث الهم والحزن، ولهذا نهى الله عنها فقال : [يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعد الظن إثم ] وفي الحديث المتفق عليه : «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث». فتجد من الناس من هو سيء الظن، يحسب كل صيحة عليه ، وكل مكروه قاصداً إليه، وأن الناس لا هم لهم إلا هو، وأنهم يكيدون له كيداً ويتربصون به الدوائر ومن صور سوء الظن عند بعضهم: - إذا رأى اثنين يتناجيان ظن أنه هو المقصود بالنجوى، وأنه لمتحدث عنه . - إذا سمع ذماً عاماً لخصلة من الخصال ظن أنه هو المقصود بالذم. - إذا كان هناك وليمة عند أحد أقاربه أو أصدقائه، فنسي صاحب الوليمة أن يدعوه: أساء به الظن، واتهمه باحتقاره وعدم المبالاة به، - إذا نصحه أحد ظن إن الناصح متعرض له، متعال عليه، متتبع لهفواته، يقصد تنقصه، ولذلك لا يقبل منه نصحاً ، فيستمر على عيوبه، ويبتعد عن كل من أراد نصحه. -إذا رأى أحداً يمشي حوله ظن أنه يراقبه ويترصد له. أيها الأخوة : حري بالمسلم أن يستعيذ بالله من وساوس الشيطان هذه ، وأن يمضي في سبيله ويحسن الظن بإخوانه المسلمين، وأن يحملهم على أحسن المحامل ولا يدخل في سوء الظن المذموم: الظن بمن أورد نفسه موارد الريب، أو الظن بعدو يخاف منه، فهذا من تمام الإحترار والأخذ بالحيطة . كما أنه ليس من الحزم ولا الكياسة في شيء : أن يحسن المرء ظنه بكل أحد، ويثق به ثقة مطلقة، فيبيح له مكنونه، ويطلعه على كل صغيرة وكبيرة من أمره، بل هذا سذاجة وجهل وغفلة.
8- المبالغة في اللوم والتوبيخ: وهذا يقع خاصة ممن لهم سلطة وتمكن، كالرئيس والمدير والمعلم والكفيل والوالد والزوج. فتجد الواحد منهم : يزبد ويرعد، ويطلق العبارات البذئية، ويبالغ في اللوم والتوبيخ، بمجرد خطأ يسير وقع من شخص تحت سلطته. وهذا الصنيع مما تكرهه النفوس، وتنفر منه القلوب، فالناس يبغضون من يؤنب في غير مواطن التأنيب ، وينفرون ممن يبالغ فيه دون ترو أو تؤدة ، فلربما استبان له فيما بعد أنه ليس على حق، أو أن هناك اجتهاداً صحيحاً من الطرف الآخر. ومن الأمثلة على ذلك : ما يقع من بعض المعلمين مع طلابهم ، حيث يبالغ في تقريع الطالب عند أدنى خطأ، بل وربما كان ذلك الخطأ غير مقصوداً أصلاً ، مما يسبب النفرة من المعلم والحرج للطالب، وقد يصيبه ذلك بخيبة أمل فيزهد في التعلم ودور العلم. وقل مثل ذلك فيما يقع بين الأصحاب والأقارب، فقد يمضي على أحدهم زمن طويل لم ير صاحبه أو قريبه فإذا ما رآه ابتدره باللوم، وأنبه على غيابه وقلة اتصاله وهذا الأمر . وإن كان دليلاً على المحبة إلا أنه سبب للقطيعة والفرقة لأن الناس لا يحبون أن يحملوا كل شيء ، وأكثرهم لا يتحمل أدنى عتب أو لوم، ثم إن هذا الذي يلوم غيره ينسى أنه يمكن أن يوجه نفس اللوم إليه.
9- الفخر بالنسب : فهو خلق جاهلي، ذمه الإسلامي ومقت أهله، وحذر من صنيعهم . فالفخر بالنسب والترفع على الناس لأجله : عنوان سفه العقل ، وآية دنو الهمة، إنما الفخر كل الفخر بتقوى الله عز وجل ، وبالترقي في مراتب الكمال ومدارج الفضيلة:
لقد رفع الإسلام سلمان فارس كما وضع الكفر الشريف أبا لهب.
فكم من الناس من يفاخر بنسبه، ويترفع على من سواه، ويعقد الولاء والبراء للنسب ، مع أن الله عز وجل يقول في محكم التنزيل [ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ] ، فبين الله الحكمة من جعلهم شعوباً وقبائل ألا وهي التعارف لا التفاخر، ثم بين معيار التفاضل بين الناس [إن أكرمكم عند الله أتقاكم ]، فليس التفاضل بالجنس أوا للون أو العرق أو البلد: إنما هو بالتقوى. قال ابن حزم بعد أن تحدث عن الإعجاب بالنفس ، وذكر شيئاً من أنواعه: (وإن أعجبت بنسبك فهذه أسوأ من كل ما ذكرنا ، لأن هذا الذي أعجبت به لا فائدة له أصلاً في دنيا ولا آخرة، وانظر : هل يدفع عنك جوعه، وأو يستر لك عورة، أو ينفعك في آخرتك
. وقال بعضهم
أيها الطالب فخراً بالنسب إنما الناس لأم ولأب
هل تراهم خلقوا من فضة أو حديد أو نحاس أو ذهب
أو ترى فضلهم في خلقهم هل سوى لحم وعظم وعصب
إنما الفضل بحلم راجح وبأخلاق كرام وأدب
ذاك من فاخر في الناس به فاق من فاخر منهم وغلب
10- الغيبة : تلك الخصلة الذميمة، التي لا تصدر إلا من نفس ضعيفة دنيئة والغيبة هي كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : «ذكرك أخاك بما يكره » والمغتاب يريد التسلق على أكتاف الآخرين، وذلك بالحط من أقدارهم ، وتزهيد الناس بهم، وما علم هذا المغتاب أن الرافع الخافض هو الله عز وجل ، وأنه بصنيعه هذا يهدي حسناته لمن يقع في أعراضهم. أين هذا المغتاب من قول الله جل جلاله: [ولا يغتب بعضكم بعضاً ، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ] ، بل أين هو من أهل الجاهلية التي كان أشرافها يتمدحون بترك الغيبة. قال أحدهم: لا تراني راتعاً في مجلس في لحوم الناس كالسبع الضرم واعلم أن الغيبة لا تقتصر على اللسان فحسب ، بل قد تكون ا لإشارة بالعين أو اليد أو اللسان. أما أسبابها فكثيرة، منها : التشفي من الآخرين، ومجاملة الأقران والرفقاء ، والحسد ، وكثرة الفراغ، والتقرب من أصحاب الأعمال والمسؤولين عن طريق ذم العاملين، ومن أسبابها: الإعجاب بالنفس ، والغفلة عن التفكر في عيوبها، وأعظم أسبابها: قلة الخوف من رب العالمين. وإن مما يزيد الأمر سوءاً : أن تجد الغيبة آذاناً مصيخة، وأفئدة مصغية، فمن كان كذلك، فليعلم أنه مشارك للمغتاب في فعله المشين هذا، ومن اغتاب الناس عندك اغتابك عند الناس. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم












سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:20 PM
مزايا دعوة الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب



بسم الله الرحمن الرحيم
(مقدمة)

الحمد لله ربِّ العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, ولا إله إلا الله, إلهُ الأولين والآخرين, وقيومُ السماوات والأرضين, ومالكُ يوم الدين, الذي لا فوزَ إلا في طاعته, ولا عزَّ إلا بالتذلل لعظمته, ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته, ولا حياةَ إلا في رضاه, ولا نعيمَ إلا في قربه, ولا صلاحَ للقلب ولا فلاح إلا في الإخلاص له وتوحيده وحبه, الذي إذا أُطيعَ شكر, وإذا عُصيَ تابَ وغفر, وإذا دُعِيَ أجاب, الحمد لله الذي شهدتْ له بالربوبية جميعُ مخلوقاته, وأقرتْ له بالإلهية جميعُ مصنوعاته, فلا إله إلا الله, لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته, ولا سَمِيَّ له ولا كفوَ له ولا نِدَّ, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمةٌ قامت بها السماوات والأرضين, وبها أرسل اللهُ رسلَه, وأنزلَ كتبَه, وشرعَ شرائعَه, ولأجلها نُصِبَتْ الموازين, ووُضِعَتْ الدواوين, وقامَ سوقُ الجنة والنار, وبها انقسمَتْ الخليقة إلى مسلمين وكفار, وأبرار وفجار, وعليها نُصِبَتْ القبلةُ وأُسِسَتْ الملةُ, ولأجلها جُهِّزَتْ سيوفُ الجهاد, وهي حقُّ الله على جميع العباد, فهي كلمةُ الإسلام, ومفتاحُ دار السلام, فلا إله إلا اللهُ عددَ خلقه, ورضى نفسه, وزِنةَ عرشه, ومِدادَ كلماته, وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه, وأمينُه على وحيه, وخيرتُه من خلقه, أرسله اللهُ رحمةً للعالمين, وإماماً للمتقين, وحجةً على الخلائقِ أجمعين, أرسله على حين فترةٍ من الرسل, فهدى به إلى أقومِ الطرقِ وأوضحِ السُّبل, وافترضَ الله على العبادِ طاعتَه ومحبتَه وتوقيرَه, وسدَّ دون جنته الطرق, فلم يفتح لأحد إلا من طريقه, وشرحَ له صدرَه, ورفعَ له ذكرَه, ووضعَ عنه وزرَه, وجعلَ الذِّلةَ والصَغارَ على من خالفَ أمرَه, فتحَ اللهُ برسالته أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباًَ غلفاً, فبلَّغَ الرسالةَ, وأدَّى الأمانةَ, ونصحَ الأمةَ, وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِه, فأشرقَتْ برسالته الأرضُ بعدَ ظلماتِها, وتألفَتْ به القلوبُ بعدَ شتاتِها, فصلواتُ الله وسلامُه عليه ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ.

(تمهيد/ العلماء هم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة)

معاشرَ المؤمنين: لقد بعثَ اللهُ نبيَّه محمداً صلى الله عيه وسلم بالهدى ودينِ الحقِّ ليظهرَه على الدينِ كلِّه, فأكملَ اللهُ به الدينَ, وأتمَ به النعمة, ودخلَ الناسُ في دين الله أفواجاً, وأشرقَتْ الأرضُ بنورِ النبوة, وارتفعَتْ رايةُ التوحيدِ والسنة, وانطمسَتْ معالمُ الشرك والوثنية, وعُبِدَ الله وحدَه, فما تُوفِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد بيَّنَ للأمةِ معالمَ دينها, وتركها على المحجةِ البيضاءِ ليلُها كنهارِها, ودرجَ على هذا المنهجِ القويم خلفاؤه الراشدون وصحبُه المهديون, فبيَّنوا للناس الملةَ الحنيفيةَ ودَعَوهم إليها, وحذروا من سُبُلِ أهلِ الشركِ والبدعة, كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) ثمَّ إنَّهم خلفَتْ من بعدهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون, ويفعلون ما لا يُؤمرون, وهذا مصداقُ ما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم, ولكن اللهَ ضمنَ لهذه الأمة بقاءَ دينِها وحفظَه عليها, وهذا إنَّما يحصلُ بإقامةِ من يقيمُه الله من أفاضيلِ خليقتِه وخواصِ بريَّتِه, وهم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة, الذّابّون عن حياضِ السنةِ والتوحيد, المجاهدون مرات خلالَ عرى كلمةِ التقوى, فأظهر اللهُ بكلِّ طبقةٍ من فقهائها أئمةً يُقتدى بهم, ويُنتهى إلى رأيهم, فنصروا السنةَ وحاربوا البدعة, ودَعَوا إلى توحيدِ ربِّ العالمين, وحذّروا من سبلِ المشركين. وكان من أجلِّهم إمام أهل السنة والصِّدِّيقُ الثاني: أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ حنبلَ رضي اللهُ عنه وأرضاه, فكان له مواقفُ ومقاماتٌ عظيمةٌ في نصرةِ مذهبِ السلف, ومن أشهرِها صدعُه بالحقّ لمّا ظهرَتْ فتنةُ القولِ بخلقِ القرآن ونفي صفاتِ اللهِ جلَّ وعلا, وصبرَ على الأذى في سبيلِ نشرِ السنةِ والتوحيد, حتى أظهرَه الله على خصومِه.

ثمَّ أقامَ اللهُ العالِمَ الربَّانيَّ بحرَ العلومِ شيخَ الإسلام: أحمدَ بنَ تيمية, الذي جددَ اللهُ به الدين بعد دروسِه, وأخزى به المرتدعين, فنشرَ مذهبَ السلفَ وألَّف في ذلك, وردَّ على أهلِ البدعِ وكشفَ عوارهم, وقامَ من بعده بهذا الأمرِ تلامذتُه المحققون, وأتباعُه ممن لا يُحصَون, كالعلامةِ ابنِ القيمِ وابنِ رجبٍ والذهبيِّ وابنِ كثيرٍ وابنِ عبدِ الهادي وغيرهم ممن سارَ على نهجِ السلفِ الصالح, علماً وعملاً ودعوةً وجهاداً.

(أولاً/ الحالة الدينية والمخالفات العقدية في نجدٍ في فترة الإمام محمد بن عبد الوهاب)

وبعدهم انتقضتْ عُرى الإسلام, وعُبِدَتْ النجومُ والكواكب, وعُظِّمَتْ القبورُ وبُنِيَتْ عليها المساجد, وعُبِدَتْ تلكَ الأضرحةُ والمشاهد, واعْتُمِدَ عليها عند المصائبِ دون الصمدِ الواحد, ونأتي بحديثِ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يبعثُ لهذه الأمةِ على رأسِ كلِّ قرنٍ من يجددُ لها أمرَ الدين, فبعثَ في القرنِ الثاني عشر شيخَ الإسلامِ الإمامَ المجددَ لِمَا اندرسَ من معالمِ الدين: محمدَ بنَ عبدِ الوهابِ رحمَهُ اللهُ وغفرَ له, فشمَّرَ عن ساعدِ الجِدِّ والاجتهاد, وأعلنَ بالنصح للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولسائرِ العباد, ودعا إلى ما دعتْ إليه الرسلُ من توحيدِ اللهِ وعبادَتِه, ونهى عن الشركِ ووسائلِه وذرائعِه.

* من أبرز المخالفات العقدية المنتشرة في ذلك الوقت:

وكان أهلِ عصرِه ومِصرِه في تلك الأزمان قد اشتدَّتْ غربةُ الإسلامِ بينهم, وعفَتْ آثارُ الدينِ لديهم, وانهدمَتْ قواعدُ الملةِ الحنيفية, وغلبَ على الأكثرين ما كانَ عليه أهلُ الجاهلية, وغلبَ الجهلُ والتقليدُ والإعراضُ عن السنةِ والقرآن, وجَدُّوا واجتهدوا في الاستغاثةِ والتعلقِ بغيرِ اللهِ من الأولياءِ والصالحين, والآثارِ والقبورِ والشياطين, وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وبه راضون, فكانوا يُعَظِّمون قبرَ زيدِ بنِ الخطاب ويدعونه رغباً ورهباً, ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج.

وكذلك كان عندهم فُحَّالٌ ينتابُه النساءُ والرجال, ويفعلون عنده أقبحَ الفِعال, والمرأةُ إذا تأخرَ عنها الزواجُ تذهبُ إليه وتضُمُه بيديها وتدعوه برجاءٍ واجتهادٍ وتقول: "يا فحلَ الفحولِ أريدُ زوجاً قبلَ الحول", وشجرةٌ عندهم تُسمى "الطُريفية" أغراهم الشيطانُ بها, فكانوا يُعلقون عليها الخِرَقَ لعلَّ الولدَ يسلمُ من السوء ويرجون بركتَها.

ومثل هذا وأكثر يُفعَلُ بقبرِ أبي طالب وقبرِ ميمونةَ وخديجةَ زوجتي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وكذا يلجئون عند الملماتِ والشدائدِ لقبرِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما, وقبرِ الحسينِ وعبدِ القادر الجيلاني والعيدروس والبدوي وغيرهم, فعدلوا عن عبادةِ الرحمنِ إلى عبادةِ القبورِ والشيطان, وعَظُمَ الكهَّانُ والسحرةُ والمشعوذون, عَظُمَ أمرُهم, وصارَ كثيرٌ من الناس لا يعرفُ من الدينِ إلا الدروشةَ والترانيم, وأما صفاتُ اللهِ فأكثرُهم لا يُقِرُّ بها تقريباً للفلاسفةِ والملحدين, فما تفاقمَ هذا الخَطْبُ وعَظُم, وتلاطم موجُ الكفرِ والشركِ وجَشُم, وطُمِسَتْ الآثارُ السلفية, وظهرَتْ البدعُ والأمورُ الشركية.

(ثانياً/ دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى التوحيد ونبذ الشرك) عند ذلك تجردَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ للدعوة إلى توحيدِ ربِّ العالمين, وردِّ الناسِ إلى ما كانَ عليه سلفُهم الصالح, في بابِ العلمِ والتوحيدِ والإيمان, وبابِ العملِ الصالحِ والإحسان, وحذَّرَ من التعلقِ والتوكلِ على غيرِ اللهِ من الأنبياءِ والصالحين, والاعتقادِ في الأحجارِ والأشجارِ والعيونِ والآبار, ورغَّبَهم في متابعةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في الأقوالِ والأفعال, وهَجْرِ والبدعِ والمحدثات, وأنكرَ على الخارجين عمَّا جاءَتْ به الرسل, وصنَّفَ في الردِّ على من عاندَ وجادل, حتى أظهرَ اللهُ التوحيدَ في الأرض, وعَلَتْ كلمةُ الله, وذَلَّ أهل الشركِ والفساد, وعُبِدَ اللهُ وحدَه دون ما سواه, واجتمعَتْ الكلمةُ على التوحيدِ والسنة, فالحمدُ للهِ أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

(ثالثاً/ سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله يبيِّن أثر دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب المباركة)

معاشرَ المؤمنين: لقد بيَّن العلامةُ الشيخُ عبدُ العزيزُ بنُ بازٍ رحمَه اللهُ على أثرِ دعوةِ الإمامِ المجدد, فقال ما مختصرُه: "من أبرزِ الدعاةِ المصلحين الإمامُ الشيخُ محمدُ بنُ عبدِ الوهابِ مجددُ القرنِ الثاني عشرَ الهجري, الذي وفقَه اللهُ للقيامِ بدعوةٍ إصلاحيةٍ عظيمة, أعادَتْ للإسلامِ في الجزيرةِ العربية قوتَه وصفاءَه ونفوذَه, وطهَّرَ اللهُ به الجزيرةَ من الشركِ والبدع, وهداهم به إلى صراطٍ مستقيم, وامتدَّتْ آثارُ هذه الدعوةِ المباركةِ إلى أجزاءٍ كثيرةٍ من العالمِ الإسلامي, وتأثرَ بها عددٌ من العلماءِ والمصلحين, وكان من أقوى أسبابِ نجاح هذه الدعوة أنْ هيأَ اللهُ لها حكاماً آمنوا بها ونصرُوها, وآزروا دعاتَها".

وقال: "إنَّ دعوةَ الإمامِ الشيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ رحمه الله هي الدعوةُ الإسلامية التي دعا إليها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم, وصحابتُه الكرامُ, وسلفُ هذهِ الأمةِ الصالح, ولهذا نجحَتْ وحققَتْ آثاراً عظيمة رغمَ كثرةِ أعدائها ومعارضيها أثناءِ قيامِها, وذلك مصداقاً لقولِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [لا تَزَالُ طَائفَةٌ مِنْ أُمَتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ].

ثم قالَ سماحتُه رحمَه الله: "وهذه الدعوةُ مرتبطةٌ بمذهبِ السلفِ الصالحِ ولم تخرجْ عنه, وأثمرَتْ ثمراتٍ عظيمة لم تحصلْ على يدِ مصلحٍ قبلَه بعدَ القرونِ المفضلة, وذلك لما ترتبَ عليها من قيامِ مجتمعٍ يحكمُه الإسلام, ووجودِ دولةٍ تؤمنُ بهذه الدعوةِ وتطبقُ أحكامَها تطبيقاً صافياً نقياً في جميعِ أحوالِ الناس, في العقائدِ والأحكامِ والعاداتِ والحدودِ والاقتصادِ وغيرِ ذلك, ممّا جعلَ بعضَ المؤرخين لهذه الدعوةِ يقول:

[إنَّ التاريخَ الإسلامي بعدَ عهدِ الرسالةِ والراشدين لم يشهدْ التزاماً تاماً بأحكامِ الإسلام, كما شهدَتْه الجزيرةُ العربيةُ في ظلِّ الدولةِ التي أيّدَتْ هذه الدعوةَ ودافعَتْ عنها].

قال: ولا تزالُ هذه البلادُ والحمدُ لله تنعمُ بثمراتِ هذه الدعوة, أمناً واستقراراً ورغداً في العيش, وبُعداً عن البدعِ والخرافاتِ التي أضرَتْ بكثيرٍ من البلاد الإسلامية, حيث انتشرَتْ فيها".

انتهى كلامُ سماحةِ الشيخِ عبدِ العزيزِ بن بازٍ رحمَه اللهُ وأسكنَه فسيحَ جناتِه.


(رابعاً/ دعوةُ الإمام محمد بن عبد الوهاب هي دعوةُ الرسل والأنبياء والصحابة والأئمة المصلحين)

معاشرَ المؤمنين: يقولُ اللهُ جلَّ وعلا: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36). هذه دعوةُ الرسلِ والأنبياءِ ومن سلكَ سبيلهم, إنها دعوةٌ واضحةٌ لا غموضَ فيها ولا لَبْس, دعوةٌ لإصلاحِ الخلقِ وتعظيمِ الخالقِ جلَّ وعلا, ولذا كان أولُها وآخرُها وأساسها: الدعوةُ إلى أعظمِ الواجباتِ وهو التوحيد, والتحذيرُ من أعظمِ الذنوبِ وهو الشركُ باللهِ جلَّ وعلا: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36). وقد امتثلَ الرسلُ والأنبياءَ أمرَ ربِّهم, فدَعَوا أقوامَهم إلى التوحيدِ قبلَ كلِ شيء, بلا جُرِّدَتْ السيوف, وأُزْهِقَتْ الأرواح, وقامَ سوقُ الجنةِ والنارِ من أجلِ التوحيدِ ودحرِ الشركِ وأهلِه, قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ].

وها هو نبيُّ اللهِ نوحٌ عليهِ السلام يدعو قومَه إلى التوحيدِ ألفَ سنةٍ إلا خمسينَ عاماً, قال لهم: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) (نوح:3,2), فأبى ذلك عُبَّادُ الأصنامِ والأوثانِ والقبور, وسَعَوا في صدِّ الخلقِ عن توحيدِ ربِّ العالمين, حتى اشتكى منهم نبيُّ اللهِ نوحٌ قائلاً: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح:23,22,21), فالذي بين نوحٍ وقومِه أعظمُ من أن يكونَ نزاعاً حولَ مواقفَ سياسيةٍ أو اقتصادية, إنَّه الصراعُ بين التوحيدِ والشرك, بين الحقِّ والباطل.

ثمَّ سار الرسلُ والأنبياءُ من بعدِ نوحٍ على هذا الطريق, دعوةٌ إلى التوحيدِ وتعظيمِ ربِّ العالمين, وتحذيرٌ من الشركياتِ بأنواعها.

وآخرُهم النبيُّ المصطفى والرسولُ المجتبى الخليلُ محمدٌ صلى اللهُ عليه وسلم, لقد دعا إلى اللهِ جلَّ وعلا, وكان مبدأُ دعوتهِ ومنتهاها, ومجراها ومرساها, أنْ تكونَ العبادةُ خالصةً للهِ جلَّ وعلا, وأنْ لا يكونُ له نِدٌّ يُدعى أو يُرجى أو يُستغاثُ به, فها هو صلى الله عليه وسلَّم يُلقى القرآن من لدنْ حكيمٍ عليم, وفيه الآياتُ الآمرةُ بالإنذارِ والدعوةِ إلى التوحيد: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:5,4,3,2,1).

لمَّا حضرَه الموتُ كان يُوصي أمتَه ويُحذرُها من وسائلِ الشرك, فكان صلى اللهً عليه وسلم يقول: [لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَخَذُوا قُبَورَ أَنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ, يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا].

ولمَّا قال له رجلٌ: [ما شاءَ اللهُ وشئت], غضبَ الحبيبُ المصطفى صلى اللهُ عليه وسلم وقال: [أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدَّاً, بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ].

ولمَّا طلب منه بعضُ الناسِ أن يجعلَ لهم ذاتَ أنواطٍ ? شجرةً يتبركون بها ? أنكرَ ذلك وقال: [اللهُ أَكْبَرُ! إِنَّهَا السُّنَنُ, قُلْتُمْ وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائيلَ لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهاَ كَمَا لَهُمْ آلِهَة].

وكان صلى اللهُ عليه وسلم يُحَذِّرُ من الشركِ في القولِ والعمل, ومن ذلك قولُه صلى اللهُ عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ], وقوله صلى اللهُ عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا], بل أمرَه ربُّه جلَّ وعلا أنْ يُعلنَ للناسِ أنَّ الأمرَ للهِ من قبلُ ومن بعدُ, وأنَّ تدبيرَ هذا الكون من خصائصِه جلَّ وعلا, قال اللهُ سبحانه وتعالى مخاطباً (*) نبيَّه محمداً صلى اللهُ عليه وسلم: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه) (الأعراف: من الآية188), وأوحى إليه ربُّه جلَّ وعلا قولَه: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (الجـن:22,21), فالأمرُ للهِ من قبلُ ومن بعدُ.

ثم سارَ الخلفاءُ الراشدون والعلماءُ المصلحون والأئمةُ المهديون على ذلك فكانت العقيدة عندهم أهمَّ المهمات, ومواقفُهم في نصرةِ مذهبِ السلفِ والتحذيرِ من البدعِ وأهلها كثيرة, فهذا يدلُ على عظيمِ فهمِهم لدعوةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم, إنها الدعوةُ إلى توحيدِ ربِّ العالمين.

فاللهم اسلكْ بنا سبيلَ نبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم, يا أكرمَ الأكرمين, ويا أرحمَ الراحمين, أقولُ هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم لسائرِ المؤمنين من كلِّ ذنبٍ فاستغفرُوه إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

ــــــــــــــ

(خامساً/ مميزات دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله)

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين, ولا عدوانَ إلا على الظالمين, وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه ومن اقتفى أثرَه واستنَ بسنتِه إلى يومِ الدينِ, أما بعد:

ومن الدعواتِ السنيةِ السلفيةِ الإصلاحيةِ دعوةُ الإمامِ المجددِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ ومن معه من العلماء والأمراءِ والمصلحين, فقد نفعَ اللهُ الخلقَ بهذه الدعوة, لأنها بُنِيَتْ وسارَتْ على طريقِ الأنبياء, دعوةٌ إلى توحيدِ اللهِ وتوقيرِه وتعظيمِه وعبادتِه, وتحذيرٌ من الشركِ والبدعةِ وأهلِهما, فآتَتْ هذه الدعوةُ أُكُلَها, وحفظَها اللهُ ورعاها, لأنها إنما قامَتْ لبيانِ مذهبِ السلف, وتصفيةِ الإسلامِ مما عَلِقَ به من البدعِ والخرافاتِ والشركيات.

وقد تميزَتْ هذه الدعوةُ عن غيرِها من الدعواتِ بمزايا منها:

أولاً/ تعظيمُ أمرِ التوحيدِ في نفوسِ العامة.

لأنَّ الشركَ أعظمُ الذنوب, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), وهذا خلافاً لما عليه بعض الناس, فتراهم يُهَوِّنوا من أمرِ الدعوة إلى التوحيد, ويُشغلوا العامةَ والبسطاءَ بقضايا سياسيةٍ واقتصاديةٍِ لا ناقةَ لهم فيها ولا جمل, إنما هي من شئونِ أهلِ الحَلِّ والعقدِ, فيا سبحانَ الله! يفعلُ هذا وهو يرى هؤلاءِ البسطاء يتبركون بالقبورِ ويتمسحون بها, ويطلبون المددَ والغوثَ من غيرِ الله, وينذرون ويحلفون بغيره, ويوالون أعداءَه, وعندهم من البدعِ والمحدثاتِ الشيءُ الكثير, ثمَّ لا يُحركُ ساكناً, ولا يجهرُ بالحقِّ والتوحيدِ, ولا ينصحُ للخلق, فأيُّ دعوةٍ هذه؟؟ وأيُّ إصلاحٍ ستجنيه الأمةُ من قومٍ لا يوقرون أمرَ التوحيد, ولا يجعلونه أساسّ دعوتِهم, كما كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يفعل, وبعضهم يعتني بترقيقِ القلوبِ والزهديات, ولكنه يتحاشى الكلامَ في التوحيدِ والتحذيرَ من الشركِ لئلا يُفرقَ الصفَ بزعمِه, قالَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ في أهلِ الضلالِ وصدِّهم عن تعلمِ التوحيد, قال: "إذا رَأَوا من يُعلمُ الشيوخَ وصبيانَهم أو البدوَ شهادةَ أنْ لا إلهَ إلا الله, قالوا: {لو قالوا لهم يتركون الحرام, يجعلون الحرامَ دونَ الشرك كغصبِ الأموال}, قال الشيخ: وهذا من أعظمِ جهلِهم فإنهم لا يعرفون إلا ظلمَ الأموال, وأما ظلمُ الشركِ فلا يعرفونه, قال الله جلَّ وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), أين الظلمُ الذي إذا تكلمَ الإنسانُ بكلمةٍ منه أو مدحَ الطواغيتَ أو جادلَ عنهم خرجَ عن الإسلام, ولو كانَ صائماً قائماً من الظلمِ الذي لا يُخرجُ من الإسلام, بل إما أنْ يُؤديَ بصاحبِه إلى القصاص, وإما أنْ يغفرَه اللهُ له, فبين الموضعين فرقٌ عظيم". انتهى كلامُه رحمَه اللهُ وغفرَ له. وهذا من فقهِه فإنَّ تلك المنكرات من أهمِ أسبابِها ضعفُ الإيمانِ والجهلُ بالتوحيدِ الذي هو أصلُ الأصول, ولهذا إذا فَسدَتْ العقيدةُ أُوجِدَتْ المنكرات, فالحروريةُ لفسادِ عقيدتِهم استباحوا قتلَ النفسَ التي حرَّمَ اللهُ جلَّ وعلا, بل قتلوا خيارَ الصحابةِ كعليٍّ أميرِ المؤمنين رضي اللهُ عنه, فزوالُ تلك المنكرات لا بدَّ أنْ يسبقَه تصحيحُ العقيدة.

ثانياً/ مما تميزَتْ به تلك الدعوةُ المباركة: التحذيرُ من البدع.

لأنَّ هذا الدينُ مبنيٌ على الاتباع, والرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم أُتِيَ جوامعَ الكَلِم, وهو الذي قال: [مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ], فالخيرُ كلُّه في التمسكِ بما كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عيه وسلم وصحابتُه الأبرار, ووالله إنه لا يُفرقُ بين البدعةِ والسنة إلا من فَقِهَ مذهبَ السلفِ وتمسكَ به, لأنهم يوقنون أنَّ الدينَ الذي جاءَ به النبيُّ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم كاملٌ تامٌّ لا نقصَ فيه بوجهٍ من الوجوه, ومنه يُعْلَم أنَّ الإسلامَ ليس فيه بدعةٌ حسنةٌ وسيئةٌ, فكلُّ البدعِ قبيحةٌ مردودة, قال اللهُ جلَّ وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً ) (المائدة: من الآية3)

ثالثاً/ ممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ: تحذيرُ الناسِ من المبتدعة.

فقد كان السلفُ ينهَون العامةَ عن الجلوسِ أو الإصغاءِ إلى المبتدعة, لئلا يعلقَ كلامُهم بالقلوبِ فيصعبَ التخلصُ منه, قالَ الإمامُ أحمد: "ليسَتْ السنةُ عندنا أنْ تجادلَ أهلَ البدع, بل السنةُ ألا تكلمَهم". وممّا لا يخفى أنَّ الاختلافَ والابتداعَ موجودٌ, نعم. أخبرَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّ هذه الأمةُ ستفترقُ على ثلاثٍ وسبعين فرقة, كلها في النارِ إلا واحدة, وهي الجماعةُ المتمسكةُ كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وأصحابُه.

وكانَ خصومُ الإمامِ المجددِ يسعَون في إيقافِ الشيخِ عن التحذيرِ من رءوسِ المبتدعة, ولم يكنْ يعبأُ بهم, قال رحمه الله: "قاموا يجادلون ويُلبِّسون على الناسِ ويقولون تُكَفِّرون المسلمين, كيف تسبّون الأموات؟؟ أهلُ فلانٍ أهلُ ضيف, أهلُ فلانٍ كذا وكذا, قالَ الإمامُ: ومرادُهم بذلك بألا يتبيّن معنى لا إلهَ إلا الله". انتهى كلامُهم رحمَه اللهُ.

ألا فليأخذَ أهلُ السنةِ حِذرَهم لأنَّ بعضَ ما يَفِدُ إلينا من برامجَ قنواتية وكتاباتٍ فكريةٍ ودعويةٍ وثقافيةٍ ومنهجيةٍ تتأثرُ ولا شك بما عليه أصحابُها من مذاهبَ عقديةٍ رديئة, فاحذروا عبادَ الله, فاحذروا من الكتبِ والأفكارِ الوافدة, واعلموا أنَّ هذا الأمرَ دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم.

وأما إفسادُ الإنترنتِ للعقيدةِ فممّا لا يخفى, وإنْ أردْت برهاناً على ذلك, فتأمّلْ حالَ المفتونين به, فإنَّك سترى عجباً, لقد صارَتْ أخبارُ وآراءُ المجهولين والمشبوهين عندهم مصدراً من مصادرِ تلقي العقيدة, لا لشيءٍ إلا لأنها عُرِضَتْ في شبكةِ الإنترنت, بِغَضِّ النظرِ عن كاتِبها وعقيدَتِه, ولهذا تسلطَ عليهم أهلُ النفاقِ والبدع, ولبَّسوا عليهم دينَهم.

فيا معاشرَ المفتونين بالإنترنت: إنَّ هذا العلمَ دينٌ فانظروا عمّن تأخذون دينَكم, وأمّا أثرُ هذه الشبكةِ العنكبوتيةِ في التفريقِ بين أهلِ التوحيد والطعنِ في أئمةِ أهل السنةِ في زمانِنا فهو ممّا يندى له الجبين, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:من الآية36).

رابعاً/ وممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ المباركة: الحرصُ على جمعِ الكلمة, والتحذيرُ من التفرقِ والاختلافاتِ والفتن.

فيرَون وجوبَ إنكارِ المنكرِ بالحسنى, ويرَون أيضاً وجوبَ طاعةِ وليِّ الأمرِ في غيرِ معصيةِ اللهِ سبحانه وتعالى.

خامسا/ وممّا تميزَتْ به على غيرِها: أنَّها تُربي الناسَ على مسائلِ التوحيدِ مسألةً مسألة, وتحذِّرُهم من الشركياتِ بأفرادِها.

وفيها النصُّ على مسائلِ التوحيدِ بأنواعِها, كالخوفِ والرجاءِ, والتوكلِ والاستعانةِ, والذبحِ والنذرِ لله جلَّ وعلا.

وفيها النصُّ على أنواعِ الشركياتِ والبدع, كالذبحِ لغيرِ اللهِ والنذرِ لغيرِه, ودعاءِ الصالحين وطلبِ المددِ منهم, وموالاةِ الكفار, والتوكلِ على غيرِ اللهِ جلَّ وعلا, والحلفِ بالمخلوقين, وتعليقِ التمائمِ والحروز.

وفيها التحذيرُ من السحرةِ والمشعوذين والكُهَّانِ والمنَجمين, وقارئ الكفِّ والفنجان.

وبهذه الدعوة إنكارٌ للمنكرات, فلا يجوزُ إبقاءُ الأشجارِ التي يُتبركُ بها, ولا قِبابُ قبورِ الأولياء.

ويرَون أنَّ على وليِّ الأمر منعَ المخربين والمشعوذين من إفسادِ عقائدِ المسلمين.

فهذا هو طريقُ السلفِ في تربيةِ الناسِ على التوحيد, خلافاً لِمَا يسلُكُه بعضهم, فتراه يتكلمُ عن التوحيد بعمومياتٍ لا تحصلُ منها الفائدة, ويتقصدون الإجمالَ دونَ التفصيل, فيأمرون بالتوحيدِ لكنهم لا يُبَيِّنون أنواعَه, ويُحذِّرون من الشركِ لكنهم لا ينصّون على أفرادِه, ولهذا تنتشر البدعُ والشركياتُ في أتباعِهم, وتراهم لا يُفرقون بين أهلِ السنةِ وأهلِ البدعة, فيقتدون بهؤلاءِ تارةً وبأولئك تارةً أخرى, فلا تمييزَ عندهم بين دعاةِ السنةِ ودعاةِ البدعة.

سادساً/ ومما تميزَتْ به هذه الدعوة: توقيرُ السلفِ والعلماءِ ومحبتُهم.

سابعاً/ ومما تميزَتْ به: الترغيبُ في تعلمِ الكتابِ والسنةِ بفهمِ السلفِ الصالح.

ونشَّئوا الشبابَ والعامةَ على هذا, لأنَّ العزَّ والنصرَ والسيادةَ وسلامةَ الدعوةِ لا تكونُ إلا بالفقهِ في كتابِ اللهِ وسنةِ رسولِه محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم, ولهذا قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [تَرَكْتُ فِيْكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدَاً كِتَابَ اللهِ وسُنَّتِي] رواه الإمامُ مالك والحاكم وحسَّنه العلامةُ الألبانيُ غفرَ اللهُ للجميعِ وأسكنَهم فسيحَ جناتِه.

اللهم يا حيُّ يا قيومُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ, اللهم إنَّا نسألُك الهدى والتقى والعفافَ والغِنى, ربَّنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النار.

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:22 PM
رسالة إلى عسكر الإسلام






بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

أما بعد : فاللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الذين سفكت دماءهم وأزهقت أرواحهم ورملت نسائهم ويتم أطفالهم.. اللهم انتقم لهؤلاء المظلومين ، اللهم خذ بثأرهم ممن ظلمهم.. يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يا أهل الحرمين الشريفين ، يا أهل التوحيد والسنة ، أبشروا وأملوا خيراً ؛ فإن ربكم سبحانه وتعالى هو الرؤوف الرحيم وهو الحكيم العليم له الأمر من قبل ومن بعد وله الحكمة البالغة يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. كم هو مؤلم ومحزن ما نراه من سفك للدماء وانتهاك للحرمات وتعدٍ على عباد الله وظلم عظيم فظيع،ولكن الأمر كما قال أحكم الحاكمين :" لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " .

إن هذه الكلمات رسالة إلى عسكر الإسلام حيثما كانوا،رسالة إلى من بذلوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله وحراسة بلاد الإسلام فهم والله المجاهدون حقاً: جهاد على التوحيد والسنة،جهاد على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غدر فيه ولاظلم ولا عدوان ولا افتيات على ولاة الأمر،إنه والله من أعظم العبادات وأجل القربات : رباط على حدود بلاد الحرمين أعزها الله وحفظ للأنفس والأموال والأعراض وانتصار للمظلومين ورد لكيد المفسدين " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" قال مجاهد في رواية : ومن أحياها : أي أنجاها من غرق أو من حرق أو هلكة . وقال سعيد بن جبير : من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعا . ومن حرّم دم مسلم فكأنما حرّم دماء الناس جميعا ، واستظهره الحافظ ابن كثير. وهي أيضاً رسالة إلى كل من يقيم على ثرى بلاد الحرمين لأننا جميعا جنود لنصرة الدين، وكلنا رجال لحفظ أمن هذه البلاد فإن أمنها أمن للمسلمين كلهم، إذ كيف يقام الدين ويفد الحجيج إلى بيت الله الحرام إذا فقد الأمن ؟.

معاشر المؤمنين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " ،إن العاملين لنصرة هذا الدين كُثر ولله الحمد والمنة منهم جنود الإيمان وعسكر القرآن المرابطون على ثغور بلاد الحرمين، الساهرون على أمنها في القرى والبوادي، الذين هجروا أهليهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ونصرة للدين وطاعة لأولي الأمر، فكم ينالهم من نصب وتعب، وكم يلاقون من المشاق والصعاب! فاللهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين .

يا عسكر الإيمان والقرآن ، إن أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا؛ فإنكم على عمل صالح يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،وهاكم بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في "صحيح الجامع" لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان :

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة ". وقال صلى الله عليه وسلم :" عينان لا تمسهما النار أبداً:عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله "،وفي حديث آخر :" وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر ". وقال صلى الله عليه وسلم :" قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خير من قيام ستين سنة ". وقال صلى الله عليه وسلم :" رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر وغدي عليه برزقه وريح من الجنة ( أي : شُمم رائحتها ) ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار ". وقال صلى الله عليه وسلم :" موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود ". إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم . فاحمدوا الله على نعمه الظاهرة والباطنة، واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم ، فاللهم اجزهم خير الجزاء وأعظم أجورهم يا أرحم الراحمين.

يا جنود الإسلام وعسكر القران ، أنتم تحرسون بلاداً تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين ، أنتم حراس البيت العتيق، والساهرون على أمن حجاج بيت الله الحرام كم يدفع بكم عن أهل الإسلام من شرور ومكايد . يا عسكر الإسلام أنتم حراس العقيدة في بلاد قال فيها الشيخ ابن باز غفر الله له :" هذه الدولة السعودية دولة إسلامية ولله الحمد ، تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر ، وتأمر بتحكيم الشرع ، وتحكمه بين المسلمين ".وقال غفر الله له :" العداء لهذه الدولة عداء للحق ، عداء للتوحيد ، فأي دولة تقوم بالتوحيد الآن" . انتهى . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :" البلاد كما تعلمون بلاد تحكم بالشريعة الإسلامية ". وقال الشيخ الفوزان عن هذه الدولة ودعوتها السلفية :" لها أكثر من مئتي سنة وهي ناجحة لم يختلف فيها أحد ، وتسير على الطريق الصحيح ، دولة قائمة على الكتاب والسنة ، ودعوة ناجحة لاشك في ذلك ". ا.هـ .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :" أسال الله أن يديم النعمة على أرض الجزيرة وعلى سائر بلاد المسلمين ، وأن يحفظ دولة التوحيد برعاية خادم الحرمين الملك فهد وأن يطيل عمره في طاعة وسداد أمر وتوفيق موصول" .

وقال محدث اليمن العلامة مقبل بن هادي الوداعي رحمه الله :" يجب على كل مسلم في جميع الأقطار الإسلامية أن يتعاون مع هذه الحكومة ولو بالكلمة الطيبة ، فإن أعداءها كثير من الداخل والخارج … وعلماء السوء يتكلمون في الحكومة السعودية وربما يكفرونها … وهؤلاء الحزبيون شر ، هم يهيئون أنفسهم للوثوب على الدولة متى ما تمكنوا ، فينبغي ألا يمكنوا من شئ وألا يساعدوا على باطلهم ". وقال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله :" من أواخر الدولة العباسية إلى زمن قريب والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة ، ولهذا نعتقد أن هذه الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدة السلف الصالح بعد مدة من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلة من الناس ".اهـ.

يا عسكر الإسلام : إن رباطكم وجهادكم وصدكم لهؤلاء الظلمة وسعيكم في منع الإفساد في الحرمين، إن ذلك والله عبادة وقربة إلى الله سبحانه ، وأنتم يا عسكر القرآن على الحق والسنة وهؤلاء العابثون بأمن البلاد المتجرؤن على سفك الدم الحرام في البلد الحرام وغيره انهم والله على الباطل ،أنتم يا عسكر القرآن سلفيون بحمد الله تنصرون العقيدة السلفية التي قامت عليها هذه البلاد لما اجتمع المحمدان: ابن عبد الوهاب وابن سعود وتبايعا على نشر التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة فهدى الله من شاء من عباده وعاد لجزيرة العرب عزها بهذه الدعوة السلفية المباركة ، وسلفكم في الجهاد من أجل هذه العقيدة ونصرتها والذب عنها بالنفس والمال – سلفكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم والإمامين المجددين محمد ابن عبد الوهاب ومحمد ابن سعود ومن سار على طريقهما من الأخيار الأبرار من أهل هذه البلاد . فهنيئاً لكم عسكر القرآن فإن الله اختصكم من بين خلقه لنصرة دينه والذب عن العقيدة في زمن اشتدت فيه غربة السنة وأهلها "فطوبى للغرباء" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والغرباء هم الذين يَصلُحون إذا فسد الناس ويُصلِحون ما أفسد الناس من السنة ، فأنتم والله مُصلِحون ، ساعون في حفظ بلاد المسلمين ودمائهم وأعراضهم . بارك الله في أعمالكم وحفظكم من كل سوء، وأما هؤلاء الذين يكفروننا ويستبيحون دمائنا ، ويفجرون في بلاد الإسلام ، ويسفكون دماء المسلمين والمعصومين ، ويكفرون الحاكم والمحكوم ، ويخيفون الآمنيين البرآء ، فلم يسلم من شرهم أحد وما إفزاعهم لأهل البيت الحرام عنا ببعيد ، وأما تفخيخ المصاحف فأمر عجيب .أنتم يا عسكر الإسلام سلفيون ما تلطخت أيديكم بآثام وضلالات و حزبيات الجماعات الدعوية المعاصرة البدعية ، نشأتم بحمد الله على الدعوة الإصلاحية التي قام بها المجدد محمد ابن عبد الوهاب، دعوة على منهاج النبوة وعلى ما كان عليه السلف الصالح ، وهؤلاء ضلاّل سلكوا سبيل أهل البدع ، كما صرح علمائنا الأعلام ، فأنصتوا وتفقهوا في دينكم لتعلموا عظم الأجر لمن أخلص النية.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أصحاب تفجير العليا والخبر :" الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث ، منهج الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين ".

ولما سُئل الشيخ الفوزان عمن يجيزون قتل رجال الأمن وخاصة رجال المباحث ويعتمدون على فتاوى منسوبة لأحد طلاب العلم ويحكمون على رجال الأمن بالردة ، أجاب حفظه الله بقوله :" هذا مذهب الخوارج ، فالخوارج قتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر وعمر وعثمان فالذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا يقتل رجال الأمن هذا هو مذهب الخوارج والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم ". اهـ. ولما سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز ابن باز غفر الله له: عمن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية أجاب رحمه الله بقوله :" هذا دين الخوارج والمعتزلة ، الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم إذا وجدت معصية، … ولا يجوز لأحد أن يشق العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور أو يدعوا إلى ذلك لأن هذا من أعظم المنكرات ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء ، والذي يدعو إلى ذلك – هذا هو دين الخوارج – يستحق أن يقتل ؛ لأنه يفرق الجماعة ويشق العصا والواجب الحذر من هذا غاية الحذر ، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا من يدعو إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة بين المسلمين ".اهـ .

ولما قيل للشيخ صالح الفوزان : هل في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج ؟ أجاب أعزه الله ورفع قدره فقال :" يا سبحان الله ، وهذا الموجود أليس هو فعل الخوارج ، وهو تكفير المسلمين ، وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم ، هذا مذهب الخوارج وهو يتكون من ثلاثة أشياء : أولاً : تكفير المسلمين . ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر . ثالثاً : استباحة دماء المسلمين ، هذه من مذهب الخوارج حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً ، صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه ".اهـ. وسُئل حفظه الله أيضاً عمن يفتي الناس هذه الأيام بوجوب الجهاد ويقول : لا يشترط للجهاد إمام ولا راية ؟ فأجاب أحسن الله إليه بقوله :" هذا رأي الخوارج ، أما أهل السنة فيقولون : لا بد من راية ولا بد من إمام ، هذا منهج المسلمين من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي يفتي بأنه لا إمام ولا راية وكل يتبع هواه ، هذا رأي الخوارج ".اهـ.

ولما عرض على فضيلته قول بعضهم : إن ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد السعودية قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفر بالله . رد حفظه الله ورعاه بقوله :" هذا كلام جاهل يدل على أنه ليس عنده بصيرة ولا علم وأنه يكفر الناس ، وهذا رأي الخوارج وهم يدورون على رأي الخوارج والمعتزلة ، نسأل الله العافية ". اهـ.

وجاء في قرار هيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ ابن باز حول حادث تفجير العليا :" إن الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام وتحذر من نزعات السوء ومسالك الجنوح الفكري والفساد العقدي ".اهـ. وقالت هيئة كبار العلماء أيضاً في تفجير الخبر : "هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة" . الخوارج يكفرون المسلمين بالكبائر ثم يستبيحون دمائهم وأمولهم ونساءهم ويخرجون على السلطان بالسلاح لينكروا عليه زعموا وهم يردون السنة بظاهر القرآن وهم شر الخلق والخليقة، وفتنتهم من أعظم الفتن لأنهم يُلبسونها لباس الدين والجهاد وإنكار المنكر والغيرة على المحارم، فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام فيوردونهم المهالك ، وكم جروا على أمة الإسلام من المصائب والبلايا ، دماء تسفك ، وأشلاء تتناثر ، وتفريق للجماعة ، وشق لعصا الطاعة ، وإثارة للفتن بل وتعطيل للجهاد لاشتغال الأمة بهم! فأفسدوا الدين والدنيا وخربوا البلاد وروعوا العباد وخالفوا عقيدة أهل السنة السلفيين، فاللهم اكفناهم بما تشاء إنك أنت السميع العليم .

يا عسكر القرآن والإيمان ، ويا أهل التوحيد والسنة دعونا من أباطيل المخذلين الذين يهونون من شأن هذه الأفعال الشنيعة ويعتذرون لأهلها بأعذار تنبئك عما في قلوبهم ، ويل لهم من قوله تعالى : " ولا تكن للخائنين خصيماً " وقوله عز وجل : " هأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلاً " .

دعونا من هؤلاء الذين يكيلون بمكيالين ويزنون بميزانين ويريدون إخفاء الحقيقة عن الأمة لتبقى منساقة تابعة لهم بدعوى أنهم:هم الذين يغارون على الدين،ويفقهون الواقع، وينطقون بالحق ولا يخافون لومة لائم، وأنهم مظلومون مضطهدون، وأنهم مفكرون إسلاميون ومشايخ صحوة ودعاة إصلاح وحوار ومطالبة بالحقوق، فيستعطفون عوام المسلمين والأغرار من الشباب بهذه الشعارات ليصرفوهم عن علمائهم الربانيين وولاة أمرهم،وذلك أنهم يربون الأمةعلى أن الحكام طغاةأوعلمانيون أو كفار ولوكانوا يقيمون الصلاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ثم يفرِّعون على ذلك تجريم العلماء الذين يأمرون بطاعة أولي الأمر! فعلماء المسلمين عندهم مداهنون لا يفقهون الواقع وفي أبراج عاجية ولا يلتفون حول الشباب ولاينطقون بالحق وأسكتتهم الفلا والسيارة ، وهيئة كبار العلماء مغيبة منذ ثلاثين سنة ، أوأن بياناتها تصدر متأخرة مع الإحترام ـ كما يقولون – لهيئة كبار العلماء!؟ .

دعونا من هؤلاء فإنهم والله خراب السفينة ، ولنقف مع أحاديث من لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه عليه ، وأذكرك قبلها بأن الخوارج يردون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل إمامهم ذو الخويصرة ، حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مالاً ، فقال يا رسول الله اعدل فإنك لم تعدل ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل ، قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل " فقال عمر : يارسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال : " دعه ، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية " . خرجاه في الصحيحين . ( أخرجه البخاري3610،ومسلم1064) . فماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج ، وبماذا وصفهم ، وبماذا حكم عليهم ، وبماذا بشّر من يكف شّرهم عن أهل الإسلام ؟، إن للخوارج صفات ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن صفات الخوارج:

1_ الجرأة على العلماء بل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ذلك الرجل : يامحمد اعدل ، وقال : يارسول الله اتق الله ، فعندهم جرأة على من خالفهم ولو كان من أهل الفضل والعلم ،بل ولو كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد خرّج الإمام أحمد في مسنده ( 4/382) من طريق سعيد بن جُمْهان ، قال كنا مع عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه يُقاتل الخوارج ، وقد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج ، فناديناه : يافيروز ، هذا ابن أبي أوفى . قال الغلام الخارجي : نعم الرجل ـ يعني الصحابي ابن أبي أوفى رضي الله عنه ـ لو هاجر ! ـ يعني إلى الخوارج ـ قال ابن أبي أوفى : ما يقول عدو الله ؟ فقيل له : يقول نعم الرجل لو هاجر . فقال : هجرة بعد هجرتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " طوبى لمن قتلهم وقتلوه " . حديث حسن . فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا ، فإنهم لا يرضون عن أحد حتى ينزع البيعة ويهاجر إليهم وينضم إلى حزبهم ولو كان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

2_ ومن صفاتهم : صلاح الظاهر وفساد المعتقد والباطن : تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وقراءتكم مع قراءتهم وصيامكم مع صيامهم لكنهم والعياذ بالله يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فلا تغتروا بزهدهم المزعوم وتشددهم في أمور ، ودعواهم نصرة الدين والدعوة والجهاد، فإن العبرة بموافقة الرجل للسنة وتمسكه بالمنهج السلفي ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخوارج مع شدة عبادتهم وبكاءهم : " هم شر الخلق والخليقة " خرجه مسلم (1067) .وفي صحيح مسلم أيضاً (1066): أنهم من أبغض خلق الله إليه.

3- ومن صفاتهم: إظهار شيء من الحق للتوصل إلى الباطل فيظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة ـ مع أنها محكّمة ـ ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة . في صحيح مسلم (1066) من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية ـ يعني الخوارج ـ لما خرجت وهو مع على ابن أبي طالب ، قالوا : لا حكم إلا لله . قال على رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل !وصدق رضي الله عنه ، فكم من كلمة حق أريد بها باطل ، فلا تغتروا بمن يزعم أنه ينطق بكلمة الحق لكن هواه ووجه ونصرته لغير أهل السنة السلفيين . الخوارج كفّروا علياً رضي الله عنه ومن معه بعد قضية التحكيم واستباحوا دماء أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وأموالهم ؛ وهم في ذلك يحسبون أنهم ينكرون المنكر وينصرون الدين ويلبّسون على الناس بذلك .

4_ ومن صفاتهم : الجهل بالكتاب والسنة ، وسوء الفهم لمعانيهما ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : " يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم "(رواه مسلم1066) . وسبب هذا الجهل: زهدهم في العلماء وترفعهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حلقهم ؛ لأنهم كما يظنون : أوصياء على العلماء !.. هكذا يفعل الجهل بصاحبه .

5_ ومن صفاتهم : استباحة دماء المسلمين والمعاهدين واستحلال أعراضهم وأموالهم بل وأولادهم : ففي صحيح مسلم أن علياً حرض المسلمين على قتال الخوارج لما نزعوا البيعة وأفسدوا في الأرض ، فقال بعد أن ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الإسلام : أيها الناس ، تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم ، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا في سرح المسلمين فسيروا على اسم الله " ( مسلم 1066) . وفي مسند الإمام أحمد(1/86) : أن عائشة رضي الله عنها ، قالت لعبد الله بن شداد : وهل قتلهم علي رضي الله عنه تعني الخوارج ، قال : والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم ، واستحلوا أهل الذمة " والحديث يدل على خصلة من خصال الخوارج : وهي استحلال دماء أهل الذمة ؛ لأنهم يرون أن الذي أعطاهم العهد والأمان ولي الأمر وهو عند الخوارج كافر . وكان علي رضي الله عنه قد حذرهم من الإعتداء على الكفار الذين يقيمون في بلاد المسلمين بعهد وأمان . ففي الحديث المتقدم : أن علياً بعث إلى الخوارج قبل أن يقاتلهم فقال : بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراما أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا ذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين " .

6_ ومن صفاتهم : أنهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ". خرجه البخاري (3611،ومسلم1066). ومن فضل الله أنه لا يكون معهم أحد من أهل العلم والفضل والسنة ، وأما الذي يدافع عنهم فهو منهم ولا كرامة : فقد أورد العلامة الوادعي أثراً عن ابن عباس وحسن إسناده، أنه رضي الله عنه لما جادل الخوارج قال لهم : ما تنقمون على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار وعليهم نزل القرآن ، وليس فيكم منهم أحد ، وهم أعلم بتأويله " . ( صعقة الزلزال 2/ 392) .

7_ ومن صفات الخوارج : الطعن في العلماء وصرف الشباب عن مجالسهم ؛ لأن الشباب إذا أخذوا عن العلماء السلفيين والتفوا حولهم رغبة في العلم كان ذلك سبباً في سلامتهم ، وبغضهم للخوارج ؛ لأن العلماء يحذرون من فكر هؤلاء الضلال؛ في مسند الإمام أحمد ( 1/86) : أن علياً رضي الله عنه بعث عبد الله بن عباس إلى الخوارج ، فلما توسط عسكرهم ، قام ابن الكواء وكان آنذاك خارجياً ، قام يخطب الناس ويحذرهم من ابن عباس ، فقال : يا حملة القرآن ، إن هذا عبد الله بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه ، هذا ممن نزل فيه وفي قومه : ( بل هم قوم خصِمون ) ، فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله ) . وفي زمننا تحجب فتاوى العلماء عن الشاب المسلم والفتاة المسلمة ، تحجب فتاواهم في التحذير من هذه الجماعات الضالة وكتبها، وتحجب فتاواهم في أئمة الضلالة في زماننا ورموز الحزبية ، وكثير من الناس ما علم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة التي تدعي بعضُها أنها كبرى الجماعات أو الجماعة الأم، وما علم بتحذير العلماء منها إلا بعد أن وقعت المصيبة ، وحلت البلية ، فحسبنا الله على من يغيب فتاوى العلماء عن الشباب ويربيهم على الحزبية والعنف والتطرف .

8_ ومن صفاتهم : خذلان الله لهم وأنه يبطل كيدهم ويقطع دابرهم ، فلا يقوم لهم عز ولا سلطان لأنهم مفسدون مخالفون للسنة ، ومن خالف السنة فهو في وحشة وغربة ، ومآله أن يتخلى عنه أحبابه وأصحابه ، ولله الأمر من قبل ومن بعد : فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ينشأ نشأ يقرؤون القرآن لايجاوز تراقيهم ، كلما خرج قرن قطع".قال ابن عمر رضي الله عنه:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلما خرج قرن قطع ، أكثر من عشرين مرة، حتى يخرج في عراضهم الدجال" رواه ابن ماجه(1/61). ومن لطف الله بأهل السنة :أن الذل مصاحب للخوارج لأنهم أعرضوا عن السنة ورضوابالبدعة،فأهل السنة ظاهرون عليهم منصرون بإذن الله: في صحيح مسلم (1066)من حديث زيد بن وهب الجهني قال :لما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبدالله بن وهب الراسبي ،فقال لهم :ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا فوحشوا برماحهم ، وسلوا السيوف ، وشجرهم الناس برماحهم، قال:وقتل بعض الخوارج على بعض ، وما أصيب من الناس _يعني أهل السنة_ يومئذ إلا رجلان".

وأما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج فقد أفصح عنه بقوله : " لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود " خرجاه في الصحيحين .(البخاري 4351، مسلم 1064) وخرجا أيضاً من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة " .وقال علي رضي الله عنه : لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قُضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل ". رواه مسلم (1066).

و روى أيضاً عنه(1066) رضي الله عنه أنه قال : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم " . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج : " طوبى لمن قتلهم ثم قتلوه " رواه الإمام أحمد . قال أبو غالب : لما أتي برؤوس الأزارقة _ وهم فرقة من الخوارج أتباع نافع بن الأزرق_ فنصبت على درج دمشق ، جاء أبو أمامة رضي الله عنه فلم رآهم قال : كلاب النار ، كلاب النار ، كلاب النار ، هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء ، وخير قتلى قُتِلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء ، فقيل له : أبرأيك قلت هؤلاء كلاب النار ، أو شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا ثنتين ولا ثلاث ، قال : فعد مراراً . رواه الإمام أحمد .

وأما الحوار مع الخوارج ومجادلتهم ، فمرد ذلك إلى السلطان ، إن رأى المصلحة في مجادلتهم فإنه يرسل إليهم أهل العلم ، إذا كانوا بمكان معروف ، فأما من كان مختفياً فكيف نحاوره بالله عليكم ؟ . فقد ثبت عن ابن عباس أنه قال لعلي : يا أمير المؤمنين ، لعلّي أدخل على هؤلاء القوم ـ يعني الخوارج ـ فأكلمهم . فقال علي : إني أخافهم عليك . فقال ابن عباس : كلا ، وكنت رجلاً حسن الخلق لا أوذي أحداً فأذن له علي في مجادلتهم .رواه الفسوي1/522بسندحسن،قاله العلامة مقبل الوادعي في كتابه " الصعقة" وعند الإمام أحمد ( 1/86): أن علياً بعث إليهم ابن عباس ليجادلهم .

فانظروا كيف أن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما رد الأمر إلى السلطان فلم يحاورهم إلا بإذن منه ، فرجع منهم من رجع . وعلي رضي الله عنه إنما جادل الخوارج قبل أن يسفكوا الدم الحرام ويستحلوا محارم الله ، فإنهم لما فعلوا ذلك لم يحاورهم بل استعان بالله وقاتلهم .ففي المسند ( 1/86): أن علياً رضي الله عنه بعث إلى الخوارج فقال : بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا أهل الذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين .

ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن إذا كانوا في مكان ظاهر تحدثهم ويحدثونك كما حصل لابن عباس رضي الله عنهما لما ذهب إليهم وهم ستة آلاف قد اجتمعوا في مكان واحد فجادلهم ، وأما إن كانوا مختفين يعملون في سرية فكيف نحاورهم !

ثم إن الخوارج زمن علي كانوا يظهرون مذهبهم الخبيث ولا يكذبون ، أما في زماننا فكيف تحاور من إذا جدّت الأمور تدثر بالتقية ، وقال : أنا أدين بالولاء وأحب العلماء ووالله وتالله وبالله ما قلت وما فعلت وأبرأ إلى الله من فلان وفلان . كيف تحاور من يُوَجّهون عبر خطابات القنوات الفضائية فيقال لهم : استعينوا على حوائجكم بالكتمان . كيف تحاور من أضجعك لينحرك والسكين في يده وهو يقول بسم الله وفي سبيل الله اللهم تقبل قرباني ؟! . إن الدعوة إلى الحوار في ظل هذه الظروف دعوة مشبوهة . ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن قبل سفك الدماء واستحلال المحارم ، فإن فعلوا ذلك فسنة علي ولي الأمر زمن ابن عباس واضحة جلية : فقد بعث إليهم فقال: بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا أهل الذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين .

ولهذا قالت هيئة كبار العلماء في آخر بياناتها حول الأحداث : إن مجلس هيئة كبار العلماء يؤيد ما تقوم به الدولة أعزها الله من تتبع لتلك الفئة الضالة والكشف عنهم ؛ لوقاية البلاد والعباد شرهم ولدرء الفتنة عن ديار المسلمين وحماية بيضتهم ، ويجب على الجميع أن يتعاونوا في القضاء على هذا الأمر الخطير ؛ لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى الذي أمرنا الله به في قوله سبحانه ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) ، ويحذر المجلس من التستر على هؤلاء أو إيوائهم ، فإن هذا من كبائر الذنوب ، وهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم :" لعن الله من آوى محدثاً " وقد فسر العلماء ( المحدث ) في هذا الحديث بأنه من يأتي بفساد في الأرض ، فإذا كان هذا الوعيد الشديد فيمن آواهم فكيف بمن أعانهم أو أيد فعلهم . انتهى . ثم صدر تصريح من ولاة الأمر بأن ما ادُّعي من حوار مع هؤلاء الإرهابيين لا صحة له جملة وتفصيلاً وأنه لا توجد نية لفتح حوار مع أي نوع من الإرهابيين . وإن مما يُعجب منه أن بعض الناس ما صدرت منه كلمة في تأييد عسكر الإسلام في مقاومتهم للباطل .. قُتل منهم من قُتل ، وفُجِّر من فُجِّر فرُمِّلت نسائهم ويتّم أطفالهم وفقدهم آباءهم وأمهاتهم ، ومع كل هذه المآسي كأن شيئاً لم يكن عند بعض الناس ، بل قد أجلبوا بخيلهم ورجلهم في الدفاع عن أولئك القتلة الضلال ، وما من عذر إلا أتوا به ولا تبرير إلا طرحوه زوراً وبهتاناً فمرة يقولون السبب الحكومة ومرة يقولون السبب علمائنا الأخيار ومرة يقولون سبب هذه الجرائم ضياع الحقوق ، ومرة يقولون سببها عدم تحكيم الشريعة ، ومرة يقولون سببها البطالة ومرة يقولون كبت الحريات ومرة يقولون سببها القوات التي استعنا بها على رد عدوان من أرادنا بسوء ـ وقد رحلت ولله الحمد ـ ومرة يقولون إنكم موالون للكفار ، ومرة يقولون إنكم تحاربون الدعاة ، ومرة يقولون فكر مستورد ومرة يقولون شباب مغرر بهم ، ومرة يقولون لا تطاردوهم ولا تُلاحقوهم ولا تقبضوا عليهم بل حاوروهم، ومرة يقولون إنهم يريدون التعبير عن إنكار المنكرات ، ومرة يقولون اجلسوا أنتم وهم على مائدة المفاوضات ، ومرة يقولون إخواننا وفيهم خير كثير وحصل منهم مجرد خطأ!!؟ . إلى غير ذلك من التبريرات الباطلة التي لا تُستباح بها دماء المسلمين والمعصومين ، قال تعالى : ( ولا تكن للخائنين خصيماً) .

ونحن سنتكلم هذه المرة ونقول: إن سبب هذا الفكر المنحرف وهذا التطرف والتكفير والتفجير ، ومعاداةٍ هذه الفئة لرجال الأمن الموحدين ، السبب في سفك هذه الدماء باسم الدين هم أولئك الذين شحنوا الشباب وهيجوهم عبر محاضراتهم الصاخبة وأشرطتهم الملهبة وإليكم بعض مقولات من يدّعون الإصلاح والحوار والدعوة والجهاد وقيادة الصحوة ، هذه مقولات من يبررون الإرهاب ويضللون الرأي العام لتعلموا أنهم يبررون لمآرب أخرى : هاهو أحدهم يقول مهيجاً شبابنا على بلادنا يقول : " لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا، وفشا المنكر في نوادينا ، ودُعي إلى الزنا في إذاعاتنا وتلفزيوننا ، واستبحنا الربا " إلى آخر كلامه . فيا أهل الإسلام هل نحن استبحنا الربا ، أما أكلة الربا فموجودون لكنهم مسلمون قد ارتكبوا كبيرة وليسوا كفاراً كما زعم هذا المُنظّر، وأما قوله ( لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا ) فأترك التعليق عليه لكم . وقال غيره في شريط له وهو يتحدث عن مجتمعنا : " إن كثيراً من مجتمعنا استحلوا الربا …" ثم حذر من انتشار المعاصي وقال :" إن الكثير قد استحلوا هذه الكبائر " . فيا عقلاء الأمة ، إذا كان مجتمعنا كما يزعم قد استحل الكبائر فهو مجتمع كافر ، كما فهم أولئك الشباب وعليه حملوا السلاح ضد من اعتقدوا كفرهم .

وهذا ثالث يحرض على المظاهرات الغوغائية فيقول :" والذي نفسي بيده لقد خرج في الجزائر في يوم واحد سبعمائة ألف امرأة مسلمة متحجبة يطالبن بتحكيم شرع الله " . فيالها من مصيبة ، شيخ الصحوة يطالب النساء بالخروج في المظاهرات ومواجهة رجال الأمن بصدورهن . فرفقاً رفقاً بالقوارير . ولك أن تتصور أثر هذا التهيج على شبابنا وبناتنا .

واستمع لأحدهم وهو يقول عن حكام المسلمين كلهم دون استثناء ، يقول :" إن الرقعة الإسلامية أصبحت نهباً للمنافقين الذين احتلوها بغير سلاح … ولابكاء ولا دموع على هذه الأرض الإسلامية التي أصبحت تحكم بالمنافقين " .ثم قال :" وهؤلاء المنافقون الذين حكموا في طول بلاد الإسلام وعرضها طالما رفع هؤلاء شعار الدين والحكم بالإسلام وتحكيم الشريعة وعدم الخروج عليها قدر أنملة ، فإذا بهم يحكمون الضربة (أو القبضة) من خلال هذا الكلام " .الله أكبر ! هذا كلام بعض من يدعون الإصلاح والدعوة وإنكار المنكر لكنهم شذّوا عن دعوتنا السلفية المباركة . قولوا بربكم ما أثر هذا الكلام على شبابنا ؟

وهاهو أحدهم يقول بعد فتوى ابن باز وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء بجواز الإستعانة بالقوات الأجنبية لحماية بلاد الحرمين ، هذا الذي هو من جلدتنا ويتكلم بلساننا كان يقول عن قضية الخليج :"لقد كشفت عن عدم وجود مرجعية علمية صحيحة وموثوقة للمسلمين". فإذا كان ابن باز وابن عثيمين غير موثوق بهما فمن يوثق به ، وهل سيقبل الشباب بمحاورة هؤلاء العلماء بعد هذا الإسقاط الفظيع والتجهيل الظالم .

إن هذه الأحداث تستدعي منا النظر في واقع ما يسمى بالصحوة_مع التحفظ على هذا المصطلح_،وتستدعي النظر في بعض الرموز التي تغذي هذا الفكر لعلاجها وفق الشريعة الإسلامية؛نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم . وأما من تورط في هذه التفجيرات وسفك الدماء ، وأعان عليها فيقال لهم:"واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لايظلمون". يا معاشر الشباب ، ها قد فجرتم في بلاد الحرمين ، وسفكتم الدم الحرام ، فأزهقت أرواح الأطفال والنساء والعجائز من المسلمين والمعصومين ، فما النتيجة ؟ هل نُصر الدين وأهله بهذا التفجير ؟ هل حسنت صورة المسلمين ؟ من المتضرر دول الكفر أو نحن ؟ من الذي أخيف وأفزع وروّع نحن أم هم ؟

يا معاشر الشباب توبوا إلى الله قبل الممات ، فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب إليه وأناب ، أتظنون أن هؤلاء القتلى لن يطالبوا بحقهم بين يدي الله يوم القيامة ؟ حين تنصب وتوضع الموازين ويقال : لا ظلم اليوم ، فيقتص للمظلوم من ظالمه ، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء فيأخذ المقتول حقه وما ربك بظلام للعبيد .

يا معاشر الشباب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وهذه الأمة أمة مرحومة،قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فأين الشفقة والرحمة؟ ، ألا ترحمون آباءكم وأمهاتكم، فهم والله منذ فراقكم ما بين خوف عليكم وخوف منكم ، فَتُشقِي والديك حياً وميتاً. يا معاشر الشباب توبوا إلى الله واستغفروه وألقوا السلاح ، وكفوا عن الدماء وتذكروا قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عابداً هل له من توبة فقال لا ، فقتله وكمل به المائة ، ثم سأل عالماً _ وهذا هو الواجب أن تسأل العالم لا العابد الجاهل بدينه_: سأل عالماً هل له من توبة قال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ، ثم أمره أن يرحل إلى بلد يعبد الله فيه فهاجر إليه فحضره الأجل في الطريق فقبضته ملائكة الرحمة لما جاء تائباً مقبلاً إلى الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " .

ألا ترون إلى من غركم كيف تبرأ منكم ؟ فقدتم صالح الإخوان ووالله لن تجدوا من أمرائكم بدلاً! .

يا معاشر الشباب إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، ومن تاب تاب الله عليه ، فلا يغرنكم من يريد أن يطيل مدة شقاءكم مطالباً بالحوار ومبرراً لتزيدوا من الإثم والعدوان وهو المستفيد لا أنتم .

وأنتم معاشر الآباء والأمهات انتبهوا لأبناءكم وانظروا من يصاحبون وماذا يملى عليهم في الاستراحات والمخيمات البعيدة عن الأنظار ، وكتبَ مَنْ يقرءون وأشرطة مَنْ يسمعون.

·وأما واجب المعلمين والمعلمات فعظيم عظيم ، اتقوا وأحسنوا إلى أبناء المسلمين وبناتهم ، علموهم السنة وحذروهم من الجماعات الدعوية الحزبية المضلة ، رغبوهم في لزوم الجماعة وحذروهم من البدعة والمنازعة ، واربطوهم بالعلماء الربانيين أهل الفقه والأثر والفتيا والعقل الراجح والدعوة إلى منهج السلف .

·وأنتم يا حملة الأقلام ورجال الإعلام : اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ، لا تفتحوا الباب لدعاة الفتنة ، ولا تضخموا من كان سبباً في هذا الداء ، واعلموا أن وقع الكلمة في هذا الوقت أعظم من وقع السيف . فتأملوا فيمن تحاورونه وتقدمونه إلى الجماهير عسى الله أن يبارك في الجهود وينصر دينه ويعظم الأجر لمن كان من المصلحين.


الشيخ سلطان بن عبدالرحمن العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:24 PM
يا أهل الحرمين وعسكر الإسلام


تمهيد// حرمة دم المسلم)
الحمد لله القائل في محكم التنزيل: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة: من الآية32), وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

فاللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, اللّهم اغفر لإخواننا الذين سُفِكَتْ دماؤهم, وأُزْهِقَتْ أرواحُهم, ورُمِّلتْ نساؤهم, ويُتِّمَ أطفالُهم, اللّهم انتقم لهؤلاء المظلومين, وخذ بثأرهم ممن ظلمهم.

يا أمة محمدٍ , يا أهل الحرمين الشريفين, يا أهل التوحيد والسنة: أبشروا وأمِّلوا خيراً, فإنَّ ربَّكم هو الرؤوف الرحيم, وهم الحكيم العليم, له الأمر من قبلُ ومن بعدُ, وله الحكمة البالغة, يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد, لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له , إنْ أصابتْه سراءُ شكر فكان خيراً له, وإنْ أصابتْه ضراءُ صبر فكان خيراً له.

كم هو والله مؤلمٌ ومحزنٌ ما نراه من سفكٍ للدماء, وانتهاكٍ للحرمات, وتعدٍ على عباد الله وظلمٍ عظيمٍ فظيعٍ, ولكنَّ الأمر كما قال ربُّنا وهو أحكم الحاكمين: {لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النور: من الآية11).

إنَّ هذه الكلمات رسالة إلى عسكر الإسلام حيثما كانوا, رسالة إلى من بذلوا أنفسهم في سبيل الله وحراسة بلاد الإسلام, فهم والله المجاهدون حقاً, جهادٌ على التوحيد والسنة, جهادٌ على هدي رسول الله , لا غدر فيه ولا ظلم ولا عدوان ولا افتيات على ولاة الأمر, إنَّه والله لمن أعظم الطاعات وأجَّل القربات, رباطٌ على حدود بلاد الحرمين الذي أعزَّها الله, وحفظٌ للأنفس والأموال والأعراض, وانتصارٌ للمظلومين, وردٌّ لكيد المفسدين: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة: من الآية32). قال مجاهدٌ ــ غفر الله له ــ في رواية: (ومن أحياها, أي: نجاها من غرق أو حريق أو هلكة), قال سعيد بن جُبير: (من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعاً, ومن حرم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعاً), واستظهره الحافظ ابن كثير ــ غفر الله له ــ وهي أيضاً رسالةٌ إلى كل من يقيم على ثرى بلاد الحرمين لأننا جميعاً جنودٌ لنصرة الدين, وكلنا رجالٌ لحفظ أمن هذه البلاد,وذلك أنَّ أمنها أمنٌ للمسلمين كلهم, إذ كيف يُقام الدين, ويَفِدُ الحجيج إلى بيت الله الحرام إذا فُقِدَ الأمن, يقول رسول الله : "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" (1) , أنَّ العاملين لنصرة هذا الدين كُثرٌ ولله الحمد والمنة, ومنهم جنود الإيمان المرابطون على ثغور بلاد الحرمين, الساهرون على أمنها في القرى والبوادي, هجروا أهلهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبةً لله ولرسوله ونصرةً للدين وطاعة لأولي الأمر, كم ينالهم من نصب وتعب؟؟ فاللّهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين.

(فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان)

يا عسكر القرآن والإيمان: إنْ أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا, فإنَّكم على عمل صالح, وهاكم بعض أحاديث الحبيب المصطفى والخليل المجتبى محمد في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في صحيح الجامع, لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان, يقول رسول الله : "تكفل اللهُ لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا لجهاد في سبيله وتصديقُ كلماتِه بأنْ يدخله الجنة, أو يُرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجرٍ وغنيمة" (2) , وقال رسول الله : "عينان لا تمسهما النار أبداً, عينٌ بكت من خشية الله وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله" (3) , وفي حديث آخر: "وعينٌ باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر" (4) , وقال رسول الله : "قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خيرٌ من قيام ستين سنة" (5) , وقال رسولُ الله محمدٌ : "رباطُ شهرٍ خيرٌ من صيام دهر, ومَنْ ماتَ مرابطاً في سبيل اللهِ أَمِنَ من الفزع الأكبر, وغُدي عليه برزقه, وريحاً من الجنة ــ أي: شم رائحتها ــ ويجري عليه أجرُ المرابطِ حتى يبعثه الله " (6) , وقال الحبيب المصطفى محمدٌ: "ما اغْبَرت قدما عبدٍ في سبيل الله إلا حَرَّم اللهُ عليه النار" (7) , وقال أيضاً مُبشراً أهل الجهاد والرباط: "مَوقفُ ساعةٍ في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلةِ القدر عند الحجر الأسود" (8). إلى غير ذلك من الأحاديث الثابتة عنه .

فاحمدوا اللهَ على نعمه الظاهرة والباطنة, واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم, فاللّهم اجْزِهم خيرَ الجزاء, وأَعْظِمْ أُجورَهم يا أرحم الراحمين.


(فضل الدولة السعودية حرسها الله وثناء العلماء عليها)

يا جنود الإسلام وعسكر القرآن: أنتم تحرسون بلاداً تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين, أنتم حُراس البيت العتيق, والساهرون على أمن حجاج بيت الله الحرام, كم يدفعُ اللهُ بكم عن أهل الإسلام من شرور ومكايد.

يا عسكر الإسلام والقرآن: أنت حُراس العقيدة في بلادٍ

قال فيها العلامة ابنُ بازٍ ــ غفر الله لـه ــ: (هذه الدولة السعودية دولةٌ إسلاميةٌ والحمدُ لله, تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر, وتأمرُ بتحكيم الشرع وتُحكمه بين المسلمين). وقال ــ غفر الله لـه ــ: (العداءُ لهذه الدولةِ عداءٌ للحقِّ, عداءٌ للتوحيد, وأيُّ دولةٍ تقومُ بالتوحيد الآن).

وقال العلامة ابن عثيمين ــ غفر الله لـه ــ: (البلادُ كما تعلمون بلادٌ تحكمُ بالشريعة الإسلاميةِ ولله الحمد والمنة).

وقال فيها الشيخ الفوزان ــ غفر الله لـه وأصلح عمله ورفع قدره ــ قال عن الدولة ودعوتها السلفية: (لها أكثر من مائتي سنة, وهي ناجحة لم يختلف فيها أحد وتسير على الطريق الصحيح, دولةٌ قائمةٌ على الكتاب والسنة, ودعوةٌ ناجحةٌ لا شك في ذلك).

وقال العلامة الألباني ــ غفر الله لـه ــ: (أسألُ اللهَ أن يُديمَ النعمة على أرض الجزيرة وعلى سائر بلاد المسلمين, وأن يحفظَ دولةَ التوحيدِ برعايةِ خادمِ الحرمين الشريفين).

وقال محدث اليمن العلامة مقبلٌ الوادعي: (يجبُ على كل مسلمٍ في جميع الأقطار الإسلامية أن يتعاون مع هذه الحكومةِ ولو بالكلمةِ الطيبة, فإنَّ أعدائها كثيرٌ من الداخلِ والخارجِ, وعلماء السوء يتكلمون بالحكومة السعودية وربما يُكفرونها, وهؤلاء الحزبيون سرّ, هم يُهيئون أنفسهم للوثوب على الدولة متى ما تمكنوا, فينبغي أن لا يُمكنوا من شيءٍ وألا يُساعَدوا على باطلهم).

وقال العلامة حمادٌ الأنصاريُ ــ غفر الله لـه ــ: (من أواخر الدولة العباسية إلى زمنٍ قريب, والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة, ولهذا نعتقد أن الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدةَ السلف الصالح, بعد مدةٍ من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلةٍ من الناس).

(جهاد الخوارج عبادةٌ وقربةٌ إلى الله )

يا عسكر الإسلام والقرآن: إنَّ رباطكم وجهادكم وصدَّكم لهؤلاء الظلمة وسعيكم في منع الإفساد في بلاد الحرمين, إنَّ ذلك والله عبادةٌ وقربةُ إلى الله , فأنتم يا عسكر القرآن على الحقِّ والسنة, وهؤلاء العابثون بأمن البلاد المتجرئون على سفك الدم الحرام في بلاد الحرام وغيره, إنَّهم والله على الباطل, أنتم يا عسكر القرآن سلفيون بحمد الله, تنصرون العقيدة السلفية التي قامت عليها هذه البلاد, لمَّا اجتمع المحمدان ابنُ عبد الوهاب وابن سعود, وتبايعا على نشر التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة, فهدى الله من شاء من عباده, وعاد لجزيرة العرب عِزُّها بهذه الدعوة السلفية المباركة, فسلفكم في الجهاد من أجل هذه العقيدة ونصرتها والذبّ عنها بالنفس والمال, سلفكم محمدٌ رسول الله وصحابتُه الكرام ومن تبعهم بإحسان كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم والإمامين المجددين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود ومن سار على طريقهما من الأخيار الأبرار من أهل هذه البلاد وغيرها, فهنيئاً لكم عسكر القرآن, فإنَّ الله اختصكم من بين خلقه لنصرة دينه والذب عن العقيدة في زمنٍ اشتدَّت فيه غربة السنة وأهلها, ?"طوبى للغرباء" كما قال رسولُ الله محمدٌ , والغرباءُ هم الذين يصلحون إذا فسد الناس, ويصلحون ما أفسد الناس من السنة فأنتم والله مصلحون, ساعون في حفظ بلاد المسلمين ودماءهم وأعراضهم, بارك الله في أعمالكم وحفظكم من كل سوء.

وأما هؤلاء الذين يُكفروننا, ويستبيحون دماءنا, ويُفجرون في بلاد الإسلام, ويسفكون دماء المسلمين والمعصومين, ويُخيفون الآمنين البُرءاء, فلم يَسْلَمْ من شرهم أحد, وما إفزاعهم لأهل البيت الحرام عنَّا ببعيد, وأما تفخيخ المصاحف فأمرٌ عجيب, إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

أنتم يا عسكر الإسلام سلفيون, وهؤلاء ضُلال, أنتم سلفيون ما تلطخت أيديكم بآثامِ وضلالاتِ وحزبياتِ الجماعات الدعوية المعاصرة البدعية, نشأتم بحمد الله على الدعوةِ الإصلاحية التي قام بها الإمامان المجددان, دعوةٌ على منهاجِ النبوة وما كان عليه السلف الصالح, هؤلاء ضلالٌ سلكوا سبيلَ أهل البدع, كما صرحَ علماؤنا الأعلام فأنصتوا وتفقهوا في دينكم لتعلموا عظم الأجر لمن أخلص النية.


(كلام العلماء الأعلام في الخوارج وأصحاب التفجيرات)

قال الشيخ ابن عثيمين ــ رحمه الله ــ في أصحاب تفجير العُلَيَّا والخُبَر: (الواجبُ على طلاب ? العلمِ أنْ يُبَيِّنوا أنَّ هذا المنهجَ منهجٌ خبيث, منهجُ الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفُّوا عن دماء المشركين).

ولمَّا سُئل الشيخ الفوزان ــ حفظه الله ــ عمَّن يُجيزون قتل رجال الأمن, وخاصة رجال المباحث ويعتمدون على فتوى منسوبة لأحدِ طلاب العلم, ويحكمون على رجالِ الأمن بالردة, أجاب ــ حفظه الله ــ بقوله: (هذا مذهب الخوارج, فالخوارج قتلوا عليَّ ابنَ أبي طالب أفضل الصحابة بعد أبي بكرٍ وعمرَ وعثمان, فالذي قتل عليَّ بنَ أبي طالبٍ ألا يقتل رجال الأمن, هذا مذهب الخوارج, والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم).

ولمَّا سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز بن باز ــ غفر الله له ــ عمَّن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية, أجاب ــ غفر الله له ــ بقوله: (هذا دين الخوارج والمعتزلة الخروج على ولاة الأمور, وعدم السمع والطاعة لهم إذا وُجدت معصية, ولا يجوز لأحدْ أنْ يشق العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور, أو يدعو إلى ذلك, لأنَّ هذا من أعظم المنكرات, ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء, والذي يدعو إلى ذلك هذا هو دين الخوارج, يستحق أنْ يُقتل, لأنَّه يُفرق الجماعة فيسُقَ العصا, والواجب الحذر من هذا غاية الحذر, والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا مَنْ يدعو إلى هذا أنْ يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنةٌ بين المسلمين).

ولمَّا قيل للشيخ الفوزان: وهل يوجد في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج, أجاب ــ أعزه الله ــ بقوله: (يا سبحان الله!!! وهذا الموجود أليس هو فعلَ الخوارج؟؟؟ وتكفير المسلمين؟؟؟ وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم, هذا مذهب الخوارج, وهو يتكون من ثلاثة أشياء: أولاً// تكفير المسلمين. ثانياً// الخروج عن طاعة وليِّ الأمر. ثالثاً// استباحة دماء المسلمين. هذه من مذهب الخوارج, حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً, صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه).

وسُئل ــ حفظه الله ــ أيضاً عمَّن يفتي الناس هذه الأيام بوجوب الجهاد, ويقول: لا يُشترط للجهاد إمامٌ ولا راية, فأجاب ــ أحسن الله إليه ــ بقوله: (هذا رأي الخوارج, أما أهل السنة فيقولون: لا بُدَّ من رايةٍ, ولا بُدَّ من إمام, هذا منهج المسلمين من عهد رسول الله , فالذي يُفتي بأنَّه لا إمام ولا راية وكلٌ يتبع هواه, هذا رأي الخوارج).

ولمَّا عُرِضَ على فضيلته قول بعضهم: إنَّ ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد السعودية قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفرٌ بالله , ردَّ ــ حفظه الله ورعاه ــ بقوله: (هذا كلام جاهل, يدل على أنَّه ليس عنده بصيرة ولا علم, أنَّه يُكَفِّر الناس, وهذا رأي الخوارج, وهم يدورون على رأي الخوارج والمعتزلة, نسأل الله العافية والسلامة).

وجاء في قرار هيئة كبار العلماء برياسة الشيخ ابن باز ــ غفر الله له ــ حول حادث وتفجير العُلَيَّا: (إنَّ الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام, وتُحذر من نزعات السوء, ومالك الجنوح الفكري, والفساد العقدي).

وقالت هيئة كبار العلماء أيضاً في تفجير الخُبر: (هو تصرفٌ من صاحبِ فكرٍ منحرف, عقيدة ضالة, الخوارج يُكفِّرون المسلمين بالكبائر, ثم يستبيحون دماءهم وأموالهم ونساءهم, ويخرجون على السلطان بالسلاح لينكروا عليه ــ زعموا ــ وهم يَرُدُّون السنة بظاهر القرآن, وهم كما ورد شرُّ الخلق والخليقة, وفتنتهم من أعظم الفتن, لأنَّهم يُلبِسونها لباس الدين والعقيدة وإنكار المنكر والغيرة إلى المحارم, فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان, سفهاء الأحلام, فيريدونهم المهالك, الله أكبر!!! كم جرُّوا على أمةِ الإسلام من المصائب والبلايا, دماءٌ تُسفك, وأشلاءٌ تتناثر, وتفريقٌ للجماعة, وشقٌّ لعصا الطاعة, وإيثارةٌ للفتن, بل وتعطيل الجهاد لانشغال الأمة بهم, فأفسدوا الدين والدنيا, وخربوا البلاد, وروّعوا السلفيين, فاللّهم اكفناهم بما تشاء, إنَّك أنت السميع العليم.

(صفات الخوارج كما وصفتهم السنة النبوية)

يا عسكر القرآن والإيمان, يا أهل التوحيد والسنة: دعونا من أباطيل المخذولين الذين يُهَوِّنون من شأن هذه الأفعال الشنيعة, ويعتذرون لأهلها بأعذارٍ تُنبأك عمَّا في قلوبهم, ويلٌ لهم من قول الله : {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً} (النساء: من الآية105), وقال : {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (النساء:109). دعونا من هؤلاء الذين يكيلون بمكيالين, ويَزِنون بميزانين, ويريدون إخفاء الحقيقة عن الأمة, لتبقى منساقةً تابعةً لهم, بدعوى أنَّهم هم الذين يغارون على الدين, ويفقهون الواقع, وينطقون بالحقِّ, ولا يخافون لومة لائم, وأنَّهم مظلومون مضطهدون, وأنَّهم مُفكرون إسلاميون, ومشايخ صحوة, ودعاةُ إصلاح وحوارٍ ومطالبةٍ بالحقوق,فيستعطفون عوام المسلمين والأغرار من الشباب بهذه الشعارات, ليصرفوهم عن علماءهم الربانيين وولاة أمورهم, وذلك أنَّهم يُرَبُّون الأمة على أنَّ الحكام طغاةٌ أو علمانيون أو كفار, ولو كانوا يقيمون الصلاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ثمَّ يُفَرِّعون على ذلك تجريم العلماء الذين يأمرون بطاعة أولي الأمر, فعلماء المسلمين عندهم مداهنون لا يفقهون الواقع, وفي أبراجٍ عاجيةٍ, ولا يلتفون حول الشباب, ولا ينطقون بالحقِّ, وأسكتتهم القلةُ والسيارة, وهيئةُ كبار العلماء مغيبةٌ منذ ثلاثين سنة, أو أنَّ بياناتها تصدر متأخرة مع الاحترام لهيئة كبار العلماء كما يقولون.

دعونا من هؤلاء فإنَّهم واللهِ خراب السفينة, ولنقف مع أحاديث من لا ينطق عن الهوى صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليه, وأُذكرُك قبلها بأنَّ الخوارج يردُّون سنةَ رسول الله , كما فعل إمامهم ذو الخويصرة حين رأى رسول الله يقسم مالاً, فقال: يا رسول الله اعْدِلْ فإنَّك لم تَعْدِل, فقال رسول الله : "وَيْلَك, ومن يعدل إذا لم أعدِل, قد خِبْتَ وخَسِرْتَ إنْ لم أكنْ أعدل, فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقَه, فقال : دَعْهُ, فإنَّ له أصحاباً يَحْقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم, وصيامُه مع صيامِهم, يقرأون القرآن لا يُجاوزُ تراقيهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَمِيَّة" (*) [خرجاه في الصحيحين].

فماذا قال رسول الله عن الخوارج الذين حذَّر منهم العلماء؟؟؟ وبماذا وصفهم؟؟؟ وبماذا حكم عليهم؟؟؟ وبماذا بَشَّر من يَكُف شرَّهم عن أهل الإسلام؟؟؟

للخوارج صفاتٍ ذكرها الحبيبُ المصطفى محمدٌ نصحاً لأمةِ الإسلام, فمن صفاتهم:

الجرأة على العلماء, بل على رسول الله : كما قال ذلك الرجل: (يا محمدُ اعْدِلْ), وقال: (يا رسول الله اتقِ الله), فعندهم جرأةٌ على مَنْ خالفهم, ولو كان من أهل الفضل والعلم, بل ولو كان من أصحاب رسول الله , فقد خَرَّج الإمامُ أحمدُ في مسنده من طريق سعيدٍ قال: (كنَّا مع عبد الله بن أبي أوفى يقاتل الخوارج, وقد لحق غلاماً لابن أبي أوفى بالخوارج, فناديناه: يا فيروز هذا ابن أبي أوفى, فقال فيروز ــ الذي أصبح خارجياً ــ: نِعْمَ الرجل ــ يعني الصحابيَ ابن أبي أوفى ــ لو هاجرَ إلينا ــ يعني: الخوارج ــ قال ابن أبي أوفى: "ما يقولُ عدوُ الله", فقيل: يقول: نِعْمَ الرجلُ لو هاجر , فقال: "هجرةٌ بعد هجرتي مع رسول الله ", سمعتُه يقول: "طوبى لمن قتلهم") (9) [حديث حسن].

فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا, فإنَّهم لا يرضون عن أحدٍ حتى ينزعَ البيعة, ويُهاجر إليهم, وينضم إلى حزبهم, ولو كان صاحبَ رسول الله .

ومن صفاتهم: صلاحُ الظاهر وفسادُ المعتقد والباطن: "تُحقرون صلاتهم مع صلاتهم, وقراءتكم مع قراءتهم, وصيامَكم مع صيامهم", لكنهم والعياذ بالله: "يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون من الدِّين كما يَمْرُقُ السهم من الرَّمِيَّة" (10) , فلا تغتروا بزهدهم المزعوم, وتشددهم في أمور, ودعواهم نصرةَ الدَّين والدعوة والجهاد, فإنَّ العبرةَ بموافقةِ الرجلِ للسنَّة وتمسكِه بالمنهج السلفي, ولهذا قال رسول الله في الخوارج مع شدة عبادتهم وبكائهم: "هم شَرُّ الخلقِ والخليقةِ" (11) [خرَّجه مسلم], وفي صحيح مسلمٍ أيضاً: "أنَّهم مِنْ أبغضِ خلق الله إليه" (12).

ومن صفاتهم: إظهار شيءٍ من الحق للتوصل إلى باطل: يُظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة, مع أنَّها مُحَكَّمة, ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة, في صحيح مسلم من حديث عبيد الله بن أبي رافعٍ مولى رسول الله : "أنَّ الحرورية ــ يعني: الخوارج ــ لمَّا خرجت وهو مع عليّ بن أبي طالبٍ, قالوا: لا حكمَ إلا لله, لا حكمَ إلا لله, فقال عليٌّ : "كلمةُ حقٍّ, أُرِيدَ بها باطل"(13). وصدق رضي الله عنه, وكم من كلمةِ حقٍّ أُرِيدَ بها باطل, فلا تغتروا بمن يزعم أنَّه ينطق بكلمة الحقّ, لكنَّه هواهُ ووجهه ونصرته لغيرِ أهل السنِّة السلفيين حكاماً ومحكومين, الخوارجُ كَفَّروا عليَّاً ومَنْ معه بعد قضية التحكيم, واستباحوا دماءَ أصحابَ رسول الله محمد وأموالهم, وهم في ذلك يحسبون أنَّهم يُنكرون المنكر وينصرون الدِّين, ثم يُلَبِّسون على الناس بذلك, كلمةُ حقٍّ أُرِيْدَ بها باطل.

ومن صفاتهم: الجهلُ بالكتابِ والسنةِ وسوء الفهمِ لمعانيهما: كما قال رسول الله : "يقرأون القرآن يحسبون أنَّه لهم وهو عليهم" (14), وسبب هذا الجهل زهدُهم في العلماء, وتَرَفُعُهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حِلَقِهم, لأنَّهم كما يظنون أوصياءُ على العلماء, هكذا يفعل الجهلُ بصاحبه.

ومن صفاتهم: استباحةُ دماءِ المسلمين والمُعَاهَدين واستحلالُ أعراضهم وأموالهم بل وأولادهم: وفي صحيح مسلمٍ أنَّ عليَّاً حَرَّضَ المسلمين على قتال الخوارج لمَّا نزعوا البيعة, وأفسدوا في الأرض, فقال ــ بعد أنْ ذكر حديث الخوارج ووقوفهم من الإسلام ــ: "أيُّها الناس, تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذرَارِيكم وأموالكم, واللهِ إنِّي لأرجو أنْ يكونوا هؤلاء القوم, فإنَّهم قد سفكوا الدَّم الحرام, وأغاروا في سرح المسلمين, فسيروا على اسم الله" (15).

وفي مسند الإمام أحمد أنَّ عائشةَ رضي اللهُ عنها قالت لعبد الله بن شدّاد: "هل قتلهم عليٌّ " ــ تعني الخوارج ــ قال: "والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل, وسفكوا الدَّم, واستحلوا أهل الذمة" (16)[حديث حسن], وهو يدل على خصلةٍ من خصالِ الخوارج وهي استحلال دماء أهل الذمة, لأنَّهم يَرَوْن أنَّ الذي أعطاهم العهد والأمان وليُّ الأمر وهو عند الخوارج كافر, وكان عليُّ قد حذرهم من الإعتداء على الكفار الذين يقيمون في بلاد المسلمين بعهدٍ وأمان, ففي الحديث المتقدم أنَّ عليَّاً بعث إلى الخوارج قبل أنْ يُقاتلهم, فقال: "بيننا وبينكم ألا تسفكوا دماً حراماً, أو تقطعوا سبيلاً, أو تظلموا ذِمَّة, فإنَّكم إنْ فعلتُم فقد نبذنا إليكم الحربَ على سواء, إنَّ الله لا يحبُّ الخائنين" (17).

ومن صفاتهم: أنَّهم كما قال رسول الله : "حدثاءُ الأسنان سفهاءُ الأحلام" [خَرَّجه البخاري]: ومن فضل الله أنَّه لا يكون معهم أحدٌ من أهل العلم والفضل والسنة, أما الذي يُدافعُ عنهم فهو واللهِ منهم ولا كرامة, فقد أورد العلامةُ الوادعيُّ أثراً عن ابن عباسٍ وحسَّن إسناده أنَّه لمَّا جادلَ الخوارج قال لهم: "ما تنقمون على عليٍّ صِهْرِ رسول الله والمهاجرين والأنصار وعليهم نزل القرآن, وليس فيكم منهم أحد وهم أعلم بتأويله".

ومن صفاتِ الخوارج: الطعنُ في العلماء, وصرفُ الشباب عن مجالستهم: لأنَّ الشباب إذا اتصلوا بالعلماء السلفيين والتفوا حولهم رغبةً في العلم كان ذلك سبباً في سلامتهم وبغضهم للخوارج, لأنَّ العلماء يُحذرون من فكرِ هؤلاء الضُّلال, في مسند الإمام أحمد أنَّ عليَّاً بعثَ عبد الله بن عباس إلى الخوارج, فلمَّا توسطَ عسكرهم قام ابنُ الكواءِ ــ وكان آنذاك خارجياً ولمَّا يرجعْ إلى السنةِ بعد ــ قام ابنُ الكواءِ يخطبُ الناس, ويُحذرهم من ابن عباس فقال: "يا حملة القرآن, إنَّ هذا عبدُ الله بنُ عباس فمن لم يكن يعرفُه فأنا أعرفُه, هذا ما نزل فيه وفي قومه {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} فردُّوه إلى صاحبه, فردُّوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله" (18), و[الحديث حسن].

وفي زماننا تُحجب فتاوى العلماء عن الشباب المسلم وعن الفتاة المسلمة, تُحجب فتاواهم في التحذير من هذه الجماعات الضالة, وكتبها وتفسيرها للقرآن, يحجبُها من يربونهم ممن فسدتْ عقائدُهم ومناهجُهم, وتُحجب فتاواهم في أئمةِ الضلالة في زمانِنا ورؤوسِ الحزبية, وكثيرٌ من الناس ما علم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة التي يدعي بعضُها أنَّها كُبرى الجماعات, ما عَلِمَ بتحذير العلماء منها إلا بعد أنْ وقعت المصيبة وحَلَّتْ البلية, فحسبنا الله على مَنْ يُغَيِّبُ فتاويَ العلماءِ عن الشباب ويُربيهم على الحزبية والعنف والتطرف.

ومن صفاتهم: خِذلانُ الله لهم, وأنَّه يُبطل كيدهم ويقطع دابرهم: فلا يقوم لهم عِزٌّ ولا سلطان لأنَّهم مفسدون مخالفون للسنَّة, ومنْ خالف السنَّة فهو في وحشةٍ وغربةٍ ومآله أنْ يتخلى عنه أحبابُه وأصحابُه, ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ, قال ابن عمر رضي الله عنهما: إنَّ رسول الله قال: "ينشأ نشْئ يقرأون القرآن لا يُجاوز تراقيهم, كلما خرج قرنٌ قُطع" , قال ابن عمر: سمعتُ رسول الله يقول: "كلما خرج قرنٌ قُطع" أكثر من عشرين مرة "حتى يخرج في عِراضِهم الدجال"(19) [خَرَّجه الإمام ابن ماجه].

ومن لطف الله بأهل السنَّة, أنَّ الذل مصاحبٌ للخوارج, لأنَّهم أعرضوا عن السنَّة ورضوا بالبدعة, فأهل السنَّة ظاهرون عليهم منصورون بإذن الله, في صحيح مسلم من حديث زيدِ بنِ وهبٍ الجُهني قال: "لمَّا التقينا وعلى الخوارج يومئذٍ عبدُ الله بنُ وهبٍ الراسبيّ, فقال لهم: ألقوا الرماح وسُلُّوا سيوفكم من جُفُونها, فإنِّي أخاف أنْ يُناشدوكم كما ناشدوكم يومَ حروراء, فرجعوا فوَحَّشوا برماحِهم وسَلُّوا السيوف, قال: وشجرهُمُ الناسُ برماحِهم ــ يعني عليَّاً وأصحابَه برماحهم ــ قال وقُتِلَ بعض الخوارج على بعض(20), وما أصيبَ من الناسَ ــ أهل السنَّة ــ إلا رجلان", ولله الحمد والمِنَّة.

(حكم رسول الله بالخوارج)

وأمَّا حكم رسول الله محمدٍ بالخوارج فقد أفصح عنه بقوله: "لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتل ثمود" (21) [خرَّجاه في الصحيحين].

وخرَّجا أيضاً من حديث عليٍّ أنَّ رسول الله قال: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجراً لمن قتلهم يومَ القيامة"(22).

قال عليٌّ بعد أنْ قتل الخوارج هو وأصحابه: لو لا أنْ تَبْطَروا لَحَدّثتُكم بما وَعَدَ اللهُ الذين يقتلونهم على لسان محمدٍ , ثبت عنه أنه قال في الخوارج: "طوبى لمن قتلهم ثم قتلوه" (23) [رواه الإمام أحمد].

وقال أبو غالبٍ: "لمّا أوتيَ برؤوس الأزارقة ــ وهم فرقة من الخوارج أتباعُ نافعِ بن الأزرق ــ لمّا أوتيَ برؤوس الأزارقة ونُصبَتْ على درج دمشق, جاء أبو أمامة فمّا رآهم قال: "كلاب النار, كلاب النار, كلاب النار, هؤلاء شَرُّ قتلى تحت أديم السماء, وخير قتلى قُتلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء, فقيل له: أبرأيك قلتَ هؤلاء كلاب النار أو شيءٌ سمعتَه من رسول الله , قال بل سمعتُه من رسول الله غير مرةٍ ولا ثنتين ولا ثلاث, قال: فعدّد مراراً"(24) [رواه الإمام أحمد وقال العلامة الوادعي: حديث حسن].

(حكم حوار الخوارج ومجادلتهم)

وأمّا الحوار مع الخوارج ومجادلتهم: فَمَرَّدُ ذلك إلى السلطان, إنْ رأى المصلحة في مجادلتهم فإنَّه يُرسل إليهم أهل العلم إذا كانوا بمكان معروفين, فأمّا مَنْ كان مختفياً فكيف نحاوره بالله عليكم؟! ثبت عن ابن عباس أنَّه قال: "يا أمير المؤمنين ــ قاله لعليٍّ ــ يا أمير المؤمنين: لَعَلِّي أدخلُ على هؤلاء ــ يعني الخوارج ــ فأُكلمهم, فقال عليٌّ: إنِّي أخافهم عليك, فقال ابن عباس: كلا, وكنتُ رجلاً حسن الخلق لا أوذي أحداً, فأذن له عليٌّ في مجادلتهم". وعند الإمامِ أحمدَ: "أنَّ عليَّاً بعث إليهم ابن عباس ليُجادلهم".

فانظروا كيف أنَّ تُرجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما ردَّ الأمرإلى السلطان, فلم يُحاورهم إلا بإذنٍ منه فرجع منهم مَنْ رجع, وعليٌّ إنَّما جادل الخوارج قبل أنْ يسفكوا الدَّم الحرام, ويستحلوا محارم الله, فإنَّهم لمّا فعلوا ذلك لم يحاورهم بل استعان بالله وقاتلهم, في المسند: "أنَّ عليَّاً بعث إلى الخوارج فقال: بيننا وبينكم أنْ لا تسفكوا دماً حراماً, أو تقطعوا سبيلاً, أو تظلموا أهل الذمة, فإنَّكم إنْ فعلتُم فقد نبذنا إليكم الحربَ على سواءٍ, إنَّ الله لا يُحب الخائنين" (25).

ثمَّ إنَّ الخوارج زمن عليٍّ كانوا يُظهرون مذهبهم الخبيث ولا يكذبون, أمّا في زماننا فكيف تحاور مَنْ إذا جَدَّت الأمور تَدَثَّر بالتقية؟؟!! وقال: أنا أدين الله بالولاء وأُحب العلماء, ووالله وتالله وبالله نا قلتُ وما فعلتُ وأبرءُ إلى الله من فلانٍ وفلان.

كيف تحاور مَنْ يُوجَهون عبر القنوات الفضائية, فيقال لهم: استعينوا على حوائجكم بالسِّر الكتمان؟؟!!

كيف تحاور مَنْ أضجعك لينحرك والسكين في يده, وهو يقول باسم الله وفي سبيل الله اللهم تَقَبَّل قُرباني؟؟!!

إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون, هكذا يفعل الشيطان ببعض أهل الإسلام.

إنَّ الدعوة إلى الحوار في ظل هذه الظروف دعوةٌ مشبوهة, ثمَّ إنَّ الحوارَ مع الخوارج قبلَ سفك الدماءِ مُمْكِن, فإنْ فعلوا ذلك فسنةُ عليٍّ وليِّ الأمرِ زمنَ ابن عباس الذي جادلهم واضحةٌ جليةٌ, فقد بعث إليهم فقال: "بيننا وبينكم ألا تسفكوا دماً حراماً, أو تقطعوا سبيلاً, أو تظلموا أهل الذمة, فإنَّكم إنْ فعلتُم فقد نبذنا عليكم الحربَ على سواءٍ, إنَّ الله لا يُحب الخائنين" (26).

ولهذا قالت هيئة كبارِ العلماء بالمملكة العربية السعودية في آخرِ بياناتها حول الأحداث: (إنَّ مجلس هيئة كبار العلماء تُأيد ما تقومُ به الدولةُ أعزها الله مِنْ تتبعٍ لتلك الفئات الضالة والكشف عنهم, ولدرء الفتنة عن ديار المسلمين, وحماية ديرتهم, ويجب على الجميع أنْ يتعاونوا في القضاء على هذا الأمر الخطير, لأنَّ ذلك من التعاون على البرِّ والتقوى الذي أمرنا الله به في قوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (المائدة: من الآية2). ويُحذر المجلسُ من التستر على هؤلاء أو إيوائهم, فإنَّ هذا مِنْ كبائر الذنوب وداخلٌ في قوله : "لعن الله من آوى مُحْدِثاً"(27), فقد فسَّر العلماءَ المُحْدِثَ في هذا الحديث بأنَّه من يأتي بفسادٍ في الأرض, فإذا كان هذا الوعيد الشديد في مَنْ آواهم, فكيف بمن أعانهم وأيَّد فعلهم). ثمَّ صدر تصريح مِنْ ولاةِ الأمرِ بأنَّ نا ادعيَ من حوارٍ مع هؤلاء لا صحة له جملةً وتفصيلاً, وأنَّه لا تُوجَدُ نيَّةٌ لفتحِ حوارٍ مع أيِّ نوع من الإرهابيين.

فاللهم يا حيُّ يا قيوم, يا ذا الجلالِ والإكرام, اللهم احفظ بلادنا مِنْ كلِّ سوء, اللهم مَنْ أرادنا وعلماءنا وولاةَ أمرنا وجنودَنا اللهم مَنْ أرادهم بسوء فَرُدَّ كيده في نحره, واجعل تدبيره تدميراً عليه, يا سميع الدعاء, اللهم اكفناهم بما شئت.

(مَنْ السبب في هذا الفكر المنحرف مِنْ تطرف وتكفير وسفكٍ للدماء)

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقِّ ليظهره على الدِّين كله وكفى بالله شهيداً, وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً, وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

ففي المِحَنِ مِنَح, إنَّ ممَّا يُعجبُ منه أنَّ بعضَ الناس ما صَدَرَتْ منهم كلمة في تأييد عسكر الإسلام في مقاومتهم للباطل, وأُصيبَ منهم مَنْ أُصيبَ , وقُتِلَ منهم مَنْ قُتِلَ, وفُجِّرَ مَنْ فُجِّر, ورُملتْ نساؤهم, ويُتِّمَ أطفالهم, وفقدهم أباؤهم وأمهاتهم, ومع هذه المآسي كأنَّ شيئاً لم يكن عند بعض الناس, بل قد أَجلبوا بخيلهمورَجِلِهم في الدفاع عن أولئك القتلةِ الضلال, وما مِنْ عُذرٍ إلا أتوا به, ولا تبريرٍ إلا طرحوهُ زوراً بهتاناً, فمرةً يقولون السببُ الحكومة, ومرةً يقولون علماؤنا الأخيار, ومرةً يقولون سببُ هذه الجرائم ضياع الحقوق, ومرةً يقولون سببُها عدمُ تحكيم الشريعة, ومرةً يقولون البطانة, ومرةً يقولون كَبْتُ الحريات, ومرةً يقولون وجودُ القواتِ التي استعنا بها على ردِّ عدوان مَنْ أرادنا بسوء, وقد رحلتْ ولله الحمد والمنة, ومرةً يقولون أنَّكم موالون للكفار هذا السبب, ومرةً يقولون لأنَّكم تحاربون الدعاة, ومرةً يقولون مكرٌ مستورد, ومرةً يقولون شبابٌ مُغَررٌ بهم, ومرةً يقولون لا تطاردوهمولا تلاحقوهم ولا تقبضوا عليهم بل حاوروهم, ومرةً يقولون إنَّهم يريدون التعبير عن إنكار المنكر, إنَّهم يريدون التعبير عن إنكار المنكراتِ بطريقتهم الخاصة, ومرةً يقولون اجلسوا أنتم وهم على مائدةِ المفاوضات, ومرةً يقولون إخواننا وفيهم خيرٌ وحصل منهم مجردُ خطأ, إلى غير ذلك من التبريرات الباطلة التي لا تستباح بها دماء المسلمين والمعصومين والتي لا تُستباح بها بلادُ أهل الإسلام والقرآن, يقول الله : {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً..... هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (النساء:109,105).

ونحن أيضاً سنتكلم هذه المرة ونقول, نقولُ السببُ: السببُ هذا الفكرُ المنحرفُ وهذا التطرف, سببُ هذا الفكرِ المنحرفِ وهذا التطرف والتكفير, السببُ في سفك هذه الدماء باسم الدِّين: هم أولئك الذين شحنوا الشبابَ وهيجوهم عَبْرَ محاضراتهم الصاخبة, وأشرطتهم الملهبة, وإليكم بعض مقولات مَنْ يَدّعون الإصلاحَ الخوارَ والدعوةَ وقيادةَ الصحوة, هذه مقولاتُ مَنْ يُبررون الإرهاب ويضللون الرأيَ العام, ويُثيرون البلبلة بين صفوف أهل الإسلام وجنوده, إنَّهم يًُبررون تلك الأفعالَ المشينةَ لمآربَ أخرى.

ها هو أحدكم يقول ــ مهيجاً شبابَنا على بلادِنا ــ يقول: [ لقد ظهرَ الكفرُ والإلحادُ في صحفِنا, وفشى المنكرُ في نوادينا, ودُعِيَ إلى الزنا في إذاعتنا وتلفزيوننا واستبحنا الربا....] إلى آخر كلامه.

فيا أهل الإسلام هل نحن استبحنا الربا؟! أمّا أكلةُ الربا فموجودون لكنهم مسلمون قد ارتكبوا كبيرةً وليسوا كفاراً كما زعم هذا المُنَظِّر, وأما قوله: [ لقد ظهرَ الكفرُ والإلحادُ في صحفِنا], فأترك التعليق عليه لكم.

وقال غيرُه في شريطٍ لـه ــ وهو يتحدث عن مجتمعنا ــ: [ إنَّ كثيراً مِنْ مجتمعنا استحلوا الربا ــ ثمَّ حذَّر من انتشار المعاصي ــ وقال: إنَّ الكثيرَ قد استحلوا هذه الكبائر].

فهل منكم أحدٌ استحلَ كبائرَ الذنوب؟؟ يا معشر العقلاء, إذا كان مجتمعنا كما يزعم قد استحل الكبائر, فهو مجتمعٌ كافرٌ كما فهم أولئك الشباب, وعليه حملوا السلاحَ ضدَّ مَنْ اعتقدوا كفرهم.

وهذا ثالثٌ يُحَرِّضُ على المظاهراتِ الغوغائيةِ فيقول: [ والذي نفسي بيده لقد خرجَ في إحدى الدولِ في يومٍ واحدٍ سبعمائةِ ألفِ امرأةٍ مسلمةٍ متحجبةٍ يُطالبنَ بتحكيم شرع الله].

يا لها مِنْ مصيبة, شيخُ الصحوةِ يُطالبُ النساءَ بالخروجِ في المظاهرات, ومواجهة رجالِ الأمن بصدرهم, فرفقاً رفقاً رفقاً بالقَوارير, ولك أنْ تتصورَ أثرَ هذا التهييجِ على شبابِنا وبناتِنا.

واستمعْ لأحدهم وهو يقول عن حكام المسلمين كلهم ــ كلهم دون استثناء ــ يقول: [إنَّ الرقعةَ الإسلاميةَ أصبحتْ نهباً للمنافقين الذين احتلوها بغيرِ سلاح, ولا بكاءَ ولا دموعَ على هذه الأرضِ الإسلامية, التي أصبحتْ تُحْكَمُ بالمنافقين]. ثمَّ قال: [وهؤلاء المنافقون الذين حكموا في طولِ بلادِ الإسلامِ وعرضها, طالما رفعض هؤلاء شعارَ الدينِ والحكمِ بالإسلامِ وتحكيم الشريعة وعدم الخروج عنها قيدَ أُنملة, فإذا هم يُحكمون القبضةَ مِنْ خلالِ هذا الكلام].

الله أكبر!!! هذا كلامُ مَنْ يُسمُّون بالدعاة من بني جلدتِنا, لكنهم شذوا عن دعوتِنا السلفية المباركة, وأنتم تروْنآثارَ كلامهم وأشرطتهم, قولوا بربِّكم ما أثرُ هذا الكلام على شبابِنا؟؟ وهل العنفُ والتكفيرُ مستوردٌ بعد هذا؟؟

ها هو أحد المبررين للإرهاب يقولُ بعد فتوى ابن بازٍ وابنِ عثيمينَ وهيئةِ كبارِ العلماءِ في جواز الإستعانة بالقوات لحمايةِ بلادِ الحرمين, هذا الذي هو مِنْ جلدتِنا ويتكلمُ بلسانِنا, يقول عن تلك الأحداث: [ لقد كشفتْ عن عدم وجود مرجعيةٍ صحيحةٍ موثوقةٍ للمسلمين].

فإذا كان ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ غيرَ موثوقٍ بهم فمن يُوثَقُ به, وهل سيقبلُ الشباب بمحاورةِ هؤلاء العلماء بعد هذا الإسقاط الفظيع والتجهيل الظالم, تُسقِطُهم ثمَّ تُطالبُ مِنَ الشبابِ أن يحاوروهم, إنَّ هذه الأحداث يستدعي منا النظر في واقعِ ما يُسمى بالصحوة مع التحفظ على هذا المصطلح, وتستدعي النظرَ في بعضِ الرموزِ التي تُغذي هذا الفكر ـــــ؟؟ـــــ(*) الإسلامية نصحاً لأمةِ محمد .

(نصيحة إلى الشباب الذي تورط في تفجيرات بلاد الحرمين وسفك الدم الحرام)

وأمَّا مَنْ تورطَ في هذه التفجيرات وسفكَ الدماءِ وأعان عليها فيقال لهم: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (البقرة:281).

يا معاشرَ الشباب ها قد فجرتُم في بلاد الحرمين, وسفكتم الدَّم الحرام, فأُزْهِقَتْ أرواح الأطفال والنساء والعجزائز من المسلمين والمعصومين, فما النتيجة؟؟ هل نُصِرَ الدِّينُ وأهلُه بهذا التفجير؟؟ هل تَحَسَّنَتْ صورةُ المسلمين في دول العالم؟؟ مَنْ المتضرر: دولُ الكفرِ أو نحن؟؟ مَنْ الذي أُخِيفَ وأُفزِعَ ورُوِّعَ نحن أم هم؟؟

يا معاشر الشباب توبوا إلى الله قبلَ الممات, فإنَّ اللهَ يقبلُ توبةَ العبدِ إذا تابَ إليه وأناب, أتظنون إنَّ هؤلاء القتلى لنْ يُطالبوا بحقِّهم بين يدي اللهِ يومَ القيامة؟؟ حين يُنصبُ الصراط, حين يُنصبُ الصراط وتُوضعُ الموازين, ويقالُ لا ظلمَ اليوم, فيُقتصُ للمظلوم مِنْ الظالمٍ, وأوَّلُ ما يُقضى بين يدي الناس في الدماءِ كما أخبرَ رسولُ الله , فيؤخذُ للمقتول حقُّه وما ربُّك بظلامٍ للعبيد.

يا معاشر الشباب إنَّ رسولَ الله نبيُّ الرحمةِ, وهذه الأمةُ أمةٌ مرحومة, قال الله : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الانبياء:107). فأين الشفقةُ والرحمة؟؟ألا ترحمون آباءكم وأمهاتِكم؟؟ فهم واللهِ منذُ فراقِكم ما بين خوفٍ عليكم وخوفٍ منكم, فتُشقي والديك حيَّاً وميتاً.

يا معاشرَ الشباب توبوا إلى الله واستغفروه, وألقوا السلاح, وكُفُّوا عن الدماء,وتذكروا قصةَ ذلك الرجل الذي قتلَ تسعةً وتسعين نفساً, فسألَ عابداًهل لـه مِنْ توبةٍ؟؟ فقال: "لا", فقتله وكمَّلَ به المئة, ثمَّ سألَ عالماً ــ وهذا هو الواجبُ أنْ تسألَ العالمَ لا العابدَ الجاهلَ بدينه ــ سأل عالماً هل له مِنْ توبةٍ؟؟ قال: "نعم", ومَنْ يحولُ بينه وبين التوبة, ثمَّ أمره أنْ يرحلَ إلى بلدٍ يعبدُ اللهَ فيه, فهاجرَ إليه, فحضره الأجلُ في الطريق, فقبضته ملائكةُ الرحمةِ لمَّا جاء تائباً نقبلاً إلى الله . قال الله : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53).

ألا ترَوْنَ إلى مَنْ غرَّكم كيف تَبَرَّأ منكم؟؟ فقدتُم صالحَ الإخوان, وواللهِ لنْ تجدوا مِنْ أمرائكم بدلاً.

يا معاشرَ الشباب إنَّ عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرة, ومَنْ تابَ تابَ الله عليه, فلا يَغرَّنكم مَنْ يريدُ أنْ يُطيلَ مدةَ شقائكم مُطالباً بالحوار, ومبرراً لتزيدوا مِنْ الإثمِ والعدوان, وهو المستفيدُ لا أنتم.

(نصيحة إلى الآباء والأمهات وإلى المعلمين والمعلماتوإلى حملة الأقلام ورجال الإعلام)

وأنتم يا معاشرَ الآباء والأمهات انتبهوا لأبنائكم وانظروا مَنْ يُصاحِبون, وماذا يُملى عليهم في الاستراحاتِ والمخيماتِ البعيدةِ عن الأنظار, وكُتَبَ مَنْ يقرأون وأشرطةَ مَنْ يسمعون.

وأمَّا المعلمون والمعلمات فعليهم واجبٌ عظيم, اتقوا الله وأحسنوا إلى أبناء المسلمين وبناتِهم, علموهم السنةَ, وحذروهم مِنْ الجماعاتِ الدعويةِ الحزبيةِ المُضلَّة, ورَبُّوهم على لزوم السنةِ وبُغضِ البدعة والنازعة, واربطوهم بالعلماءِ الربانيين, أهلِ الفقهِ والأثرِ والفتيا والعقلِ الراجحِ والدعوةِ إلى منهجِ السلف.

وأنتم يا حملةَ الأقلامِ ورجالَ الإعلام, فـ{اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} (الحشر: من الآية18), ولا تفتحوا البابَ لدعاة الفتنة, ولا تُضخموا مَنْ كان سبباً في هذا الداء, واعلموا أنَّ وضعَ الكلمةِ في هذا الوقتِ أعظمُ مِنْ وقعِ السيف, فتحرُّوا في الأخبار بارك الله فيكم, وتأملوا في مَنْ تُحاورونه وتقدمونه إلى الجماهير, عسى اللهُ أنْ يباركَ في الجهود وينصرَ دينه, ويُعْظِمَ الأجرَ لمن كان مِنْ المصلحين.

فاللهم يا حيُّ يا قيوم, يا ذا الجلال والإكرام, اللهم إنَّا نسألك بأنَّك أنت الله لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يُولد ولم يكن له كفواً أحد, اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين, وأذلَّ الشركَ والمشركين, ودَمِّرْ أعداءَ الدِّين, واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائرَ بلادِ المسلمين.

اللهم يا حيُّ يا قيوم, يا ذا الجلال والإكرام, اللهم مَنْ سعى في حفظِ أَمْنِ هذه البلاد, اللهم فاجْزِه خيرَ الجزاء, اللهم اكْتُبْ له أجرَ الشهداءِ الصادقين والمرابطين العاملين يا أرحم الراحمين, اللهم مَنْ ماتَ منهم فاغْفِرْ له, اللهم مَنْ قُتِلَ منهم فاغْفِرْ له, ومَنْ أُصيبَ فاشفه يا أرحم الراحمين,اللهم اجزهم عن أمةِ محمدٍ خيرَ الجزاء, اللهم اكفنا شرَّ الأشرار, وكيدَ الفجار, وما يجري في الليلِ والنهار, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا, اللهم اسقنا, اللهم اسقنا, اللهم اسقنا, لا إله إلا أنت سبحانك إنَّا كنَّا من الظالمين, اللهم صلي وسلمْ وباركْ على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:28 PM
ليس من الجهاد في شيء !.





المظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء
التنظيمات السرية والتدريبات المشبوهة





الوفاء بالعهد من أخلاق المسلم حتى في حال الحرب! المظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء
التنظيمات

السرية والتدريبات المشبوهة من طرق أهل البدع قديما وحديثا







أعدَّ فضيلة الشيخ سلطان العيد إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد في الرياض بحثا علميا قيما بعنوان: " ليس من الجهاد في شيء " جمع فيه النصوص الشرعية والفتاوى العلمية المتعلقة ببعض الشبه التي يثيرها أتباع الجماعات المتطرفة، خصوصا ما يختص بأحكام الجهاد في الإسلام.

وبين فضيلته في هذا البحث الغاية من الجهاد في الإسلام والوسائل المشروعة لإبلاغ دعوته، كما فند بالحجة والبرهان كل الأباطيل والشبه التي تعلق في أذهان بعض المتحمسين من الشباب.

" الدعوة " تنشر البحث كاملا في هذا العدد مؤملة أن يكون فيه نفع وفائدة للقارئ.







إن الإسلام الذي رضيه الله لنا دينا، وبعث به خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم ، إنه والله لدين الوفاء والأمانة، دين العدل والصدق، دين البر والصلة، قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} [الإسراء: 34]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} [المائدة: 8]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119]، وقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا··} [النساء: 36]، وقال تعالى: {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ·· } [الرعد: 21]، والآيات في ذلك كثيرة بحمد الله·

وإن دين الإسلام كما يأمر بالأخلاق الفاضلة والآداب العادلة، فإنه يحارب الغدر والجور، والكذب والخيانة، والعقوق والقطيعة·

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " ·

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة قاطع " يعني قاطع رحم. وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " ·

إن الوفاء بالعهد من أخلاق الإسلام الفاضل، التي أمر الله بها وحث عليها ورغب فيها، وإن الغدر والخيانة من الأخلاق الذميمة التي حرمتها الشرائع، وتنفر منها الطبائع، وإن من أعظم الغدر: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق·

الأنفس المحرمة

وليست النفس المحرمة هي نفس المؤمن فقط، بل النفوس التي حرمها الله، وحرم قتلها أربع أنفس: نفس المسلم، ونفس الكافر الذمي، ونفس الكافر المعاهد، ونفس الكافر المستأمن·

هذه الأنفس كلها محترمة في كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ·

حرمة نفس المسلم

أما نفس المسلم فظاهر احترامها، وهو من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، فمن أظهر لنا إسلامه فنفسه محرمة، وإن عمل ما عمل من المعاصي التي لم يدل القرآن والسنة على أنها تبيح قتله، قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: 93]·

وقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب ..(70) } [الفرقان].

وأما تحريم قتل الذمي والمعاهد، فلما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما " ، رواه البخاري " 1366" ·

وقال " : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما " خرجه البخاري "6862" ·

وأما المستأمن، فقد قال الله في كتابه: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ··} [التوبة: 6]، أي اجعله في حماية منك حتى يبلغ المكان الآمن من بلده·

وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل " متفق عليه(1)·

ومعنى الحديث: " أن المسلم إذا أمن إنسانا، وجعله في عهده، فإن ذمته ذمة للمسلمين جميعا، من أخفرها وغدر بالذي أعطي الأمان من مسلم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإننا نلعن من لعنه الله ورسوله وملائكته، ونصدق خبره " أنه لا يقبل منه صرف ولا عدل·

خطورة التفجيرات

وبذلك تعرف خطأ عملية التفجير التي وقعت في عاصمة بلاد الحرمين، في مكان آهل بالسكان، المعصومين في دمائهم وأموالهم، والذي حصل من جرائه إزهاق للأنفس وسفك للدماء المعصومة، فقتل وأصيب أكثر من مئتين، منهم المسلمون والأطفال والشيوخ والكهول والشباب، وتلف من جراء ذلك أموال ومساكن كثيرة·

ولا شك أن هذه العملية لا يقرها شرع ولا عقل ولا فطرة·

الأدلة الشرعية على حرمة التفجيرات

أما الشرع فقد تقدمت النصوص من الكتاب والسنة الدالة على احترام المسلمين في دمائهم وأموالهم، وكذلك الكفار الذين لهم ذمة أو عهد أو أمان، وأن احترامهم من محاسن دين الإسلام: دين العدل والأمانة والوفاء، ولا يلزم من ذلك محبة ولا موالاة، ولكنه الوفاء بالعهد إن العهد كان مسئولا·

الأدلة الفعلية

وأما العقل، فلا يقرها أيضا، لأن العاقل لا يأتي أمرا محرما، لأنه يعلم سواء عاقبته في الدنيا والآخرة، ولا شك أن هذه الفعلة الشنيعة لا خير فيها، بل يترتب عليها من المفاسد ما سيأتي ذكره قريبا·

مخالفته للفطرة

وأما مخالفة هذه الجريمة للفطرة، فلأن كل ذي فطرة سليمة يكره العدوان وظلم الخلق، فماذ ذنب القتلى والمصابين بهذا الحادث من المسلمين، وما ذنب الآمنين على قرشهم في بيوتهم، وما ذنب المصابين من المعاهدين والمستأمنين، وما ذنب الأطفال والشيوخ والعجائز، إنه لحادث منكر، لا مبرر له، وإنه انجراف فكري، وثمرة من ثمار الجماعات الدعوية الحزبية الوافدة إلى بلاد الحرمين، فقد صرفت بعض شبابنا عن دعوتنا السلفية دعوة الإمام المجدد إلى دعوات حركية بدعية، عمادها التكفير والعداء.

وأما مفاسد هذه التفجيرات فكثيرة منها:

أولا: إنها معصية لله ورسوله، وانتهاك لحرمات الله، وتعرض للعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وألا يقبل من فاعله صرف ولا عدل.

ثانيا: من مفاسده تشويه سمعة الإسلام، فإن أعداء الدين سوف يستغلون هذا الحدث للطعن في الإسلام وتنفير الناس عنه، مع أن الإسلام بريء من ذلك، فأخلاق الإسلام: صدق وبر ووفاء، ودين الإسلام يحذر من هذا العدوان وأمثاله أشد التحذير.

ثالثا: من مفاسد هذه الفعلة القبيحة أعني التفجير في الرياض: أنها توجب الفوضى في هذه البلاد التي ينبغي أن تكون أقوى بلاد العالم في الأمن والاستقرار، لأن فيها بيت الله الحرام، الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، ولأن فيها الكعبة التي جعلها الله قياما للناس، تقدم بها مصالح دينهم ودنياهم، قال تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ..} [المائدة: 97].

ومن المعلوم أن الناس لن يصلوا إلى هذا البيت إلا عن طريق المرور بهذه البلاد جميعها من إحدى الجهات، فحسبنا الله على من سعى في زعزعة أمن بلاد الحرمين·

رابعا: من المفاسد ما حصل بهذه الفعلة من تلف النفوس والأموال، وما حصل للمعصومين من رعب وفزع وخوف، كما شاهد الناس ذلك في وسائل الإعلام، ووالله إن القلوب لتحزن وإن الأعين لتدمع حين يشاهد الإنسان الأطفال والعجائز وهم يخرجون من تحت الأنقاض قتلى، أو على سرر التمريض ما بين مصاب بعينه أو رأسه أو قد بترت يده ورجله، تدور أعينهم فيمن يعودهم، ولا يملكون رفعا لما وقع ولا دفعا لما يتوقع، فهل أحد يقر بهذا أو يرضى به؟

ووالله لا ندري ماذا يراد من هذه الفعلة: أيراد الإصلاح؟

إن الإصلاح لا يأتي بمثل هذا، وإن السيئة لا تأتي بحسنة، ولن تكون الوسائل المحرمة طريقا للإصلاح أبدا·

ثم إن أهل العدل والإنصاف يقرون أن بلاد الحرمين خير بلاد المسلمين اليوم، في الحكم بما أنزل الله، واجتناب سفاسف الأمور ورديء الأخلاق، ليس في بلادنا ولله الحمد قبور يطاف بها وتعبد، وليس فيها خمور تباع وتشرب، وليس فيها كنائس يعبد فيها غير الله، وليس فيها مما هو معلوم في كثير من بلاد المسلمين اليوم، مع ما ننعم به من أمن وعدل واجتماع كلمة، فهل يليق بناصح لله ورسوله والمؤمنين، هل يليق به أن ينقل الفتن إلى بلادنا، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [الحشر: 18]·

لماذا فعلوها؟

من أسباب تلك الفعلة الشنيعة:

ما ألصق بالجهاد مما ليس منه، فالجهاد ذروة سنام الإسلام، فيه الوفاء والصدق والعدل، وهو بريء من أفعال أولئك الجهال: فليس من الجهاد في شيء: القيام بالاختطاف والتفجيرات والاغتيالات، قال الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} [المائدة: 33]· وقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم : " أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه " خرجه البخاري " 6488 " ·

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما " خرجه البخاري " 6862 " ·

من أقوال العلماء في حكم التفجيرات

وقد تواترت آراء وفتاوى العلماء على تحريم هذه الأفعال فقد جاء في بيان هيئة كبار العلماء حول هذه التفجيرات ما نصه:

إن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، علمت ما حدث من التفجير الذي وقع في حي العليا بمدينة الرياض، وأنه قد ذهب ضحيته نفوس معصومة، وجرح بسببه آخرون، وروع آمنون، وأخيف عبار السبيل، ولذا فإن الهيئة تقرر أن هذا الاعتداء آثم وإجرام شنيع، وهو خيانة وغدر، وهتك لحرمات الدين في الأنفس والأموال، والأمن والاستقرار، ولا يفعله إلا نفس فاجرة، مشبعة بالغدر والخيانة، والحسد والبغي والعدوان، وكراهية الحياة والخير، ولا يختلف المسلمون في تحريمه، ولا في بشاعة جرمه وعظيم إثمه(2).

وصدر عن هيئة كبار العلماء أيضا بيان في استنكار التفجير الذي وقع في مدينة الخبر قبل عدة سنوات، ومما جاء فيه:

أن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر، فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا العمل، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف، وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه وجرمه، فلا يحتسب عمله على الإسلام، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام، المعتصمين بالكتاب والسنة، والمتمسكين بحبل الله المتين، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة (3).

وقال الشيخ ابن عثيمين في حادث تفجير الخبر:

لا شك أن هذا العمل لا يرضاه أحد، كل عاقل، فضلا عن المؤمن، لأنه خلاف الكتاب والسنة، ولأن فيه إساءة للإسلام في الداخل والخارج.. ولهذا تعتبر هذه جريمة من أبشع الجرائم، ولكن بحول الله إنه لا يفلح الظالمون، سوف يعثر عليهم إن شاء الله، ويأخذون جزاءهم، ولكن الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث، منهج الخوارج الذي استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين " (4) ا·هـ·

قال العلامة ابن باز ـ غفر الله له ـ: " لا يجوز قتل الكافر المستأمن أدخلته الدولة آمنا، ولا قتل العصاة ولا التعدي عليهم " (5).

ومما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ، في التحذير من إيذاء المعاهدين أو ظلمهم: قوله صلى الله عليه وسلم : " ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة " رواه أبو داود وصححه الألباني (6).

وسئل العلامة ابن باز (7) غفر الله له، عن حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية؟ فأجاب بقوله: هذا لا يجوز، الاعتداء لا يجوز على أي أحد، سواء كانوا سياحا أو عمالا، لأنهم مستأمنون، دخلوا بالأمان فلا يجوز الاعتداء عليهم " ا·هـ·

وقال العلامة ابن عثيمين غفر الله له(8): " إن من أعظم الغدر: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وليست النفس المحرمة هي نفس المؤمن فقط، بل النفوس التي حرمها الله وحرم قتلها: أربع أنفس: نفس المؤمن، ونفس الكافر الذمي، ونفس الكافر المعاهد، ونفس الكافر المستأمن " ا·هـ·

قتل النفس في العمليات الانتحارية

وقد حذر العلماء دوما من قتل النفس حتى ولو بنية الشهادة، فقد سئل العلامة ابن باز غفر الله له (9): عن حكم من يلغم نفسه ليقتل بذلك مجموعة من اليهود؟ فأجاب بقوله: نبهنا غير مرة أن هذا لا يصح، لأنه قتل للنفس، والله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة " ا·هـ·

وقال الشيخ الألباني غفر الله له (10): " العمليات الانتحارية في الزمن الحاضر الآن كلها غير مشروعة وكلها محرمة·· وقال: هذه العمليات الانتحارية ليست إسلامية إطلاقا " ·

وقال الشيخ ابن عثيمين غفر الله له(11): " أما ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة، ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله·

فهذه فتاوى علماء الدنيا الثلاثة ابن باز، والألباني وابن عثيمين، فمن الناس بعدهم·

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالد مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " خرجه الإمام مسلم في الصحيح " 109 " ·

إن الخروج على ولي الأمر، وقتل رجال الأمن المسلمين من كبائر الذنوب، وليس من الجهاد في سبيل الله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حمل علينا السلاح فليس منا " ، رواه مسلم " 98 ـ99 " · وقال صلى الله عليه وسلم : " من أتاكم وأمركم جميعا على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " وفي رواية: " فاضربوه بالسيف كائنا من كان " رواه مسلم " 1852 " ·

ولما قيل للعلامة ابن باز: إن الجماعة الإسلامية تقول إنكم تؤيدون ما تقوم به من اغتيالات للشرطة وحمل السلاح عموما، هل هذا صحيح؟ وما حكم فعلهم؟ فأجاب ـ رحمه الله ـ بقوله:

إن كان أحد من الدعاة في الجزائر قال عني، إني قلت لهم يغتالون الشرطة، أو يستعملون السلاح في الدعوة إلى الله، فهذا غلط، ليس بصحيح، بل هو كذب، إنما تكون الدعوة بالأسلوب الحسن··· أما الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من سنة أصحابه صلى الله عليه وسلم (12). ا.هـ.

والتنظيمات السرية والتدريبات المشبوهة

إن طريق أهل البدع: السرية والخفاء في دعوتهم، كما قال عمر بن عبدالعزيز: إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم دون العامة، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة·

فالحذر الحذر من الاجتماعات السرية، التنظيمات الخفية والتدريبات المريبة، وأشرطة ومنشورات الفتنة والخوارج فاحذروها، ولو كانت باسم الدعوة والجهاد.

الافتيات على الإمام والجهاد دون إذنه

يشترط للجهاد أن يكون تحت راية بقاتل من ورائها، يقودها إمام المسلمين وهو السلطان، أو من ينبيه، ومن الأدلة على ذلك:

1ـ ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ·· إنما الإمام جنة، يقاتل من ورائه ويتقى به " .

قال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم : " الإمام جنة " أي: كالستر؛ لأنه منع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام، ويتقيه الناس ويخافون سطوته· ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم : " يقاتل من ورائه " : أي يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد والظلم مطلقا " ا·هـ·

ومن الأدلة قوله صلى الله عليه وسلم: " الغزو غزوان، فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشريك، واجتنب الفساد، فإن نومه ونبهه أجر كله، وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة، وعصى الإمام وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف " رواه أبو داود " 2155 " وحسنه الألباني.

ومن الأدلة ما رواه عبدالله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم· قال: ففيهما فجاهد " ، رواه البخاري " 3004" · فهذا الرجل جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فدل على أنه لا بد من إذن الإمام في الجهاد·

قال الإمام أحمد بن حنبل في أصول السنة: و " الغزو ماض من الأمراء إلى يوم القيامة، البر والفاجر لا يترك " (13)· وقال أبو داود: " قلت للإمام أحمد: إذا قال الإمام ـ يعني السلطان ـ: لا يغزون أحد من أهل عين زربة؟ قال أحمد: فلا يغزون أحد منها " (14).

وقال الموفق ابن قدامة في كتابه المغنى (15): " وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك " ·

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: " والجهاد لا يقوم به إلا ولاة الأمور " (16)·

وحذر أئمة الدعوة السلفية كما في السنية، ممن يفتاتون على السلطان في أمور الجهاد فقالوا: " رأينا أمرا يوجب الخلل على أهل الإسلام، ودخول التفرق في دولتهم، وهو: الاستبداد دون إمامهم، بزعمهم أنه بنية الجهاد، ولم يعلموا أن حقيقة الجهاد ومصالحة العدو، وبذل الذمة للعامة، وإقامة الحدود: إنها مختصة بالإمام، ومتعلقة به، وليس لأحد من الرعية دخل في ذلك إلا بولايته·· " (17) ا·هـ·

وقال الشيخ سعد بن عتيق: " ومما انتحله بعض هؤلاء الجهلة المغررين: الاستخفاف بولاية المسلمين، والتساهل بمخالفة إمام المسلمين، والخروج عن طاعته، والافتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد بمكان، يعرف ذلك كل ذي عقل وإيمان " (18) انتهى من الدرر السنية في الأجوبة النجدية·

وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: " لا بد له ـ أي الجهاد ـ من شروط، منها: أن يكونوا تحت راية إمام يجاهدون بأمره " (19) ا·هـ·

وسئل الشيخ الفوزان عن حكم الذهاب للجهاد دون موافقة ولي الأمر مع أنه يغفر للمجاهد من أول قطرة من دمه؟ فأجاب حفظه الله بقوله: لا يكون مجاهدا، إذا عصى ولي الأمر وعصى والديه لا يكون مجاهدا، يكون عاصيا " (20)·

إذن الوالدين

ولا بد للجهاد من استئذان الوالدين، فلا يجوز لمؤمن أن يعصيهما في ذلك، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: هل لك أحد باليمن؟ قال: أبواي· قال: أذنا لك؟ قال: لا· فقال صلى الله عليه وسلم : " ارجع إليهما فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما " رواه أبو داود وصححه الألباني (21)·

وعن معاوية بن جاهمة السلمي، أن جاهمة ـ رضي الله عنه ـ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت استشيرك· فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم· فقال صلى الله عليه وسلم : " فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها " رواه النسائي، وصححه الألباني (22).

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال جمهور العلماء يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين؛ لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية " (23) ا·هـ·

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (24): أن محمد بن طلحة أراد الغزو، فأتت أمه عمر ـ رضي الله عنه ـ، فأمره أن يقيم، فلما ولي عثمان ـ رضي الله عنه ـ، أراد الغزو، فأتت أمه عثمان فأمره أن يقيم.

وفي المصنف أيضا (25)، أن رجلا أتى ابن عباس ـ رضي الله عنهما فقال: إني أردت أن أغزو وإن أبوي يمنعاني فقال ابن عباس، أطع أبويك واجلس، فإن الروم ستجد من يغزوها غيرك.

وعن الحسن البصري قال: " إذا أذنت لك أمك في الجهاد، وأنت تعلم أن هداها عندك في الجلوس فاجلس " (26).

وقال الإمام أحمد: " إن أذنت من غير أن يكون في قلبها لطخ وإلا فلا تغز " (27).

وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن بازـ رحمه الله ـ: لا يجوز الذهاب للجهاد إلا بإذن الوالدين ورضاهما بذلك، لأن طاعتهما واجبة ومقدمة على غيرها بعد طاعة الله " (28). ورد الشيخ أحمد النجمي على من يخص الاستئذان بوحيد والديه: بأن هذا رد للنصوص بالرأي، ثم إن البر واجب على جميع الأبناء كل بعينه لا يقوم به أحدهم عن الآخر والمقصود من جلوسه عند والديه دفع أذى الغيبة والفراق (29)، فاتقوا الله معاشر الأبناء.

تنحية فتاوى العلماء الربانيين

إن الجهاد عبادة والذي يفتي في هذه العبادة هم الذين يفتون في غيرها من العبادات كالصلاة والزكاة والحج، هم العلماء العارفون بالكتاب والسنة، فهم أعلم الناس بأحكام الجهاد وشروطه وضوابطه، وأما ما يدعيه بعضهم: من أنه لا يعلم الجهاد وأحكامه إلا أهل الثغور ومن ذهب إلى ساحات القتال: فهذا القول باطل، الغرض منه تهميش فتاوى العلماء، وتصدير بعض الجهال·

وقال الشيخ الألباني في رده على هذه الشبهة: " صحيح أن الألباني أو ابن باز يمكن ما يعرفان حمل السلاح، لكن ألا يعرفان أحكام الجهاد؟؟ ما معنى هذا الكلام؟ هذا من توسيل الشيطان لهم، تزيينه لفتاواهم المخالفة للكتاب والسنة " ا.هـ.

فالواجب على من يجهل أحكام الجهاد، أن يتقي الله في الدماء، ولا يتكلم في دين الله بلا علم، قال تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} [النحل: 116].

وكم جر هؤلاء الجهلة على الأمة من المصائب بفتاواهم، فضلوا وأضلوا، وأقحموا الأمة في نزاعات ومصادمات لا فائدة منها، بل الضرر والشر والتضييق على أهل الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا يتنزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " خرجه البخاري "100" · وفي رواية: " فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون " " البخاري 7307" ·

غاية الجهاد

ليس من الجهاد في شيء سفك دماء الكفار بدون حق، بل الغاية من الجهاد في الإسلام هو إقامة دين الله في الأرض، وتحكيم شرعه وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، قال الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [الأنفال: 39].

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسير هذه الآية: " ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله، وأنه ليس المقصود به سفك دماء الكفار وأخذ أموالهم، ولكن المقصود به أن يكون الدين لله تعالى، فيظهر دين الله على سائر الأديان، ويدفع كل ما يعارضه من الشرك وغيره، وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل المقصود فلا قتل ولا قتال " انتهى " تفسير ابن سعدي ص 98 ط·الرسالة " ·

وفي الصحيحين (30) من حديث أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " .

ولذلك، فإن من قاتل نصرة لمذهب أو رجل أو جماعة إسلامية حزبية ليست على منهاج النبوة وما كان عليه السلف الصالح فإن ذلك ليس من الجهاد في سبيل، ولا من القتال لإعلاء كلمة الله.

المظاهرات

وليس من الجهاد في شيء: القيام بالمظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء·

فقد سئل الشيخ ابن باز ـ غفر الله له ـ (31): عن المظاهرات والاعتصامات، هل هي من الجهاد؟ فقال: لا· هذا غلط غلط، هذا فتنة، وشر لا يصلح.

وسئل ـ رحمه الله ـ عن المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة، وهل تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة، وهل من يموت فيها يعتبر شهيدا في سبيل الله؟

فأجاب بقوله (32): لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكن أرى أنها من أسباب الفتن ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس والتعدي بغير حق، ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير بالطرق الشرعية... بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئ ومع الأمير ومع السلطان... دون التشهير على المنابر بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان. انتهى.

وقال العلامة ابن عثيمين ـ غفر الله له ـ (33): " لا نؤيد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيدها إطلاقا، ويمكن الإصلاح بدونها " ·

وقال الشيخ الفوزان ـ حفظه الله ورعاه ـ (34): المظاهرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء ورحمة وانضباط، لا فوضى فيه ولا تشويش ولا إثارة فتن.. والحقوق يتوصل إليها بغير هذه الطريقة بالطرق الشرعية.. والمظاهرات تحدث فتنا وسفك دماء، وتخريب أموال ولا تجوز هذه الأمور. ا.هـ.

التكليف مناط بالقدرة

وليس من الجهاد في شيء: إقحام أمة الإسلام في حروب لا طاقة لها بها·

فإن من فضل الله ورحمته بعباده أنه لم يكلفهم إلا ما يطيقون، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها··} [البقرة: 286]، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم " متفق عليه " البخاري 8827، مسلم 7313 " .

ولذلك فإن للمسلمين ألا يقاتلوا عدوهم إذا كان يفوقهم عددا وعدة، حقنا لدماء أهل الإسلام، وصيانة للأعراض، وفي سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك:

فإن الله لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقت الضعف في مكة بقتال قريش؛ لعدم قدرتهم على ذلك.

وهذا موسى نبي الله عليه الصلاة والسلام، يأمره ربه بالخروج هو ومن معه لما أراد فرعون قتلهم ولم يأمرهم بالجهاد لضعفهم، قال تعالى: {فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون} [الدخان: 23].

وفي صحيح مسلم (35) من حديث النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر خروج الدجال وقتل عيسى له ثم قال: فبينما هو كذلك، إذا أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور فأمره الله بالتحرز والتحصن ولم يأمره بالقتال.

قال الله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم} [الأنفال: 16].

قال الحافظ ابن كثير: " إن كان العدو كثيفا فإنه يجوز مهادنتهم، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية " ا·هـ.

قال الشيخ ابن عثيمين (36): " لا بد فيه ـ أي الجهاد ـ من شرط، وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة، فإن إقحام أنفسهم في القتال: إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة " ا·هـ.

وقال ـ رحمه الله ـ فيمن يوجب على المسلمين قتال الدول الكافرة التي هي أقوى من المسلمين بكثير: علق ـ رحمه الله ـ على ذلك بقوله: إنه من الحمق·· كيف نقاتل، هذا تأباه حكمة الله ويأباه شرعه " (37)·

احترام العهود

وليس من الجهاد أن يعتدي المسلمون على من كان بينهم وبينه عهود ومواثيق·

قال تعالى: {··وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير} [الأنفال: 72].

قال الحافظ ابن كثير ـ غفر الله له ـ: يقول الله تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا، في قتال ديني على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم، لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار بينكم وبينهم ميثاق، أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم، وهذا مروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ·ا·هـ·

وقال الشيخ السعدي في تفسيره: قوله تعالى: {إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق}، أي: عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم فلا تعينوهم عليهم، لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق "(38)·


مجلة الدعوة

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:32 PM
التحذير من الطعن في علماء السنة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )



بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .

( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ) .

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ) .

أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . وبعدُ :

أمة الإسلام، أمة القرآن :

لقد أتت جهود العلماء المخلصين ثمارها فكم بذلوا في سبيل تفقيهِ الأمة والنهوض بها ، وبيان السنةِ وما عليها . لكن ما نراهُ من خيرٍ وإقبال على الدين ، واجتماعٍ وألفةٍ يوشكُ أن يزولَ ، إذ النعم تدوم بالشكر، وتزول بالكفر كمثل قريةٍ من قبلنا ، كانت في خيرٍ ونعمةٍ واطمئنان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.

ألا وإن من أسباب زوال النعم وذهاب الدين ، الطعن في علماء السنة والتوحيد ، وتطاول الصغار على الكبار ، والجهال على العلماء ، والوقيعة في مشايخ الإسلام وأئمته ِ. قال الإمام ابن المبارك رحمه الله :

( من استخف بالعلماء ذهبت أخرته ).

وقال أبو سنان الأسدي :

( إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألةً في الدينِ ، يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلحُ متى ...).

وهاهو الحافظ ابن عساكر يذكر من أراد النجاة يوم الميعاد فيقول :

(اعلم أخي وفقنا الله وإياكَ لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاتهِ ، إن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتـقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرٌ عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزورِ والافتراء مرتعٌ وخيم.)

الطاعنون في علمائنا لا يضرون إلا أنفسهم ، وهم يستجلبون بفعلتهم الذِلَةَ والصغار إذ الله يدافع عن الذين أمنوا ، وهو جلَ وعلا لا يصلح عمل المفسدين .

قال الإمام أحمد إمام أهل السنة رضي الله عنه وأرضاه ( لُحوم العلماء مسمومة من شمها مَرِض ، ومن أكلها مات ). وقال الحافظ ابن عساكر :

( من أطلق لسانه في العلماء بالسب أو الثلب ابتلاه الله قبل موته بموتِ القلب ). الطاعنون في علماء التوحيد والسنة أهل مكرٍ وخديعةٍ إن لم يقدروا على التصريح لمحوا ، فتنبهوا يا عباد الله لألا تُخدَعُوا. . وإليكم بعض الأمثلة في قدحهم في علمائنا الكبار. لألا يغترَ بها الجهال. فمنها : أنهم يُعيرون العلماء بأنهم ( فقهاء الحيض والنفاس )

وما عَلِموا أن الإمام أحمد رحمه الله مكث يتعلمُ مسائل هذا الباب بضعِ سنين، لكن أولئك الجهال شابَهُ الحُيّض اللائى إذا أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئاً ، قالت : ما رأيت منك خيراً قط . ثم إن هذا التعبير فيه ما فيه من الاستهزاء بمسائل الدين ، فنسأل الله السلامة والعافية. وتارة يقولون : ( علماؤنا لا يفقهون الواقع ) فيا سبحان الله! كيف يجهل علماؤنا الربانيون فقه الواقع ، ثم يدركه حُدَثاءُ الأسنان، سفهاءُ الأحلام ثم يدعون أنهم يكملون العلماء ، إن هذا لشيءٌ عجاب.

ولكن إذا عُرِفَ السببُ بُطِلَ العجب ، فهؤلاء القوم أرادوا بهذه الشبهة صرف الناس زمن الفتن والأحداث الكبار عن العلماء ، ليخلوَ الجو لهم في توجيه الناس وسط ما يريدون بدعوى فقههم للواقع ، فوالله لا فقهاً حصلوا، ولا واقِعاً أدركوا. وتارةً يقولون :

( علماء السلاطين ، ومشايخ الحكومة ) . وقصدهم في ذلك : أنهم يفتون بغيرِ الحق مراعاة للخلقِ ، الله جل وعلا حسيبهم ، كيف يفترون على علماءِ المسلمين وأئمتهم. ولقد رد الشيخ اللحيدان هذه الفرية فقال : (

إن لي في القضاء ، وهيئة كبار العلماء أكثر من ثلاثين سنة ، والله ما أُمِرَنا في يومٍ أن نفتي بما يوافق هوى أحدٍ من الناس ، وإنما نفتي بما نراه الحق ) .الله أكبر تشابهت قلوب المبطلين. لما جادل ابن عباس رضي الله عنهما الخوارج زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا تُجيبوه إنما جاء ينافحُ أن يدافع عن ابن عمه علي بن أبي طالب فطعنوا في نية ابن عباس رضي الله عنهما ،ولكل قومٍ وارث .

فاللهم احفظ علمائنا من كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وافتراء المبطلين يا ارحم الراحمين . وتارة يقولون :

( العلماء لا يبينون الحق ) فوالله ما ندري ما الحق الذي لم يبينُ العلماء.

التوحيدُ بينوه ، والشرك حذروا منه ، والبدعُ حاربوها ، وأركان الإسلام أوضحوها ، وفتاواهم في بيانِ الحلال والحرام منشورةٍ مشكورة .

لكن بعض الناس يعتقد أمراً الله أعلم بصحتهِ ثم يلزم العلماء ببيانه ِ، وإلا صاروا عنده كاتمين للحق مداهنين . ألا فليعلم أُولئك المندفعون أن علمائنا أهل سنةٍ واتباع ، لا يتـعدون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبديه علانية ، ولكن يأخذُ بيده فيخلو به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه . خرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة.)

ومنها أن بعضهم يعتمدُ كلام العلماء في أركان الإسلام كالصلاةِ والصومِ والحجِ وغيرها ، وأما في أمر الدعوة والمنهج فتراهُ معرضاً عن فتاوى العلماء الربانيين ، وكأنها ليست من الدين لظنه أنهم لا يدركون ذلك ، وعندها تقع التخبط والقول على الله بلا علم ، وتصدّر الجهال والاعتداء على حدود الله باسم مصلحة الدعوة ومنها سوء الظن بالعلماء.

فعلماؤنا رضي الله عنهم وأرضاهم يتبنون الحق بدليله كما أمرهم ربنا جل وعلا رضي وسخط من سخط لكن بعض الناس يوهموا أن لهم مآرب أخرى .فاللهم اهدهم يا ارحم الراحمين . ومن الأمثلة على ذلك فتوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين غفر الله لهما بتحريم تفجير المسلم نفسه لإرهاب العدو . ومنها أن الاعتزاز بالنفس والتشدد والغلو قد يوقع صاحبه في عظائم الأمور فتراهم يتجرءون أولا على تكفير الحكام ثم يكفرون العلماء الذين يأمرون بطاعةِ أُولي الأمر ، حتى قال أحدهم: (كفر علمائنا مما لا جدال فيه )

فوالله لو كان أحدهم يعرف قدر نفسه أو مبلغ علمه ما تجرأ على تكفيرِ الأمة والأئمة، ولكنه الجهل بما عليه أهل السنة في معاملة الحكام ، والعجب أن هؤلاء يتحرجون من الإفتاء في دم الحيض والنفاس ثم يتجرءون على الإفتاء في دماء الأمة وعلى مسائل يتحرج منها كبار العلماء . فالله المستعان وعليه التكلان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ). ومن ذلك اتهام العلماء بمولاة الكفار لا لشيء إلا أنه أفتى بما يراهُ الحق في مسألةٍ فقهيةٍ تتعلق بجهاد الكفار ، فترى بعضهم يصدرون ويصدرون البيانات والمذكرات والنشرات بتكفير المسلمين ، واتهامهم بمولاة المشركين، فمن لا يعجبهم فهو موالي للكفار مرتد عن دين الله جل وعلا ،فتطاولوا على العلماء والأخيار ، ولبسوا على المسلمين دينهم وحكموا أنفسهم في أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم . فلا إله إلا الله ، لا إله إلا الله إذا كان علماؤنا موالين للمشركين فما حكمنا نحن إذاً ،

اللهم إنا نعوذ بك من الفتن والقول في دينك بلا علم ، ومنها تناقض بعضهم فتراه يوقرُ رموز الجماعات الحركية المحدثة ، ويتستر على بدعه ، وأما علماء السنة والتوحيد فحديثه عنهم دائر بين القدح واللمز والتشكيك ، ثم يزعم أنه على منهج السلف الصالح . قال أبو حاتم لأبنه :

إذا رأيت من يحب أحمد بن حنبل فعلم أنه صاحب سنة . وقال قتيبة : ( إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحي بن سعيد وعبد الحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وذكر أقواماً فإنه على السنة ، ومن خالف هؤلاء فأعلم أنه مبتدع . انتهى كلامه رحمه الله . واليوم إذا رأيت الرجل يحب علماء السنة والتوحيد , كالعلامة ابن بار ، وابن عثيمين ، والألباني ، وآل الشيخ ، والفوزان ، واللحيدان ، والغديان ، وغيرهم ممن هم على منهجهم ، فعلم أنه صاحب سنة ، ومن وقع فيهم فحذر فإنما أخفاه عنك أشنع مما أظهره .

وتناقض آخر عجيب ترى بعضهم يتحدث عن مآسي المسلمين وجراحاتهم ويملأ الدنيا عويلاً وتبجحاً ، وما هي إلا لحظات وإذا به يهجم على علمائنا ويقدح وجُرحُ الأمة من هذا أشد مضاضةً وألماً ومنها تضخيم أخطاء العلماء ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغفر له :

( أسال الله أن يعين العلماء على ما يناله من السنة السفهاء ، لأن العلماء ينالهم أشياء كثيرة . أولاً : أننا نسمع ما ينسب إلى بعض أهل العلم المرموقين ثم إذا تحققنا وجدنا أن الأمر على خلاف ذلك . وهذه جناية كبيرة . ثانيا : تضخيم الأخطاء , فهذا خطا وعدوان , فالعالم بشر يخطئ ويصيب لا شك أما تضخيم الخطأ ثم وذكره في أبشع حالاته فهذا لا شك انه عدوان على أخيك المسلم ، وعدوان حتى على الشرع ان استطلعت القول لأن الناس إذا كانوا يثقون بشخص ثم زعزعت ثقتهم به فإلى من يتجهون ؟ أيبقى الناس مذبذبين ليس لهم قائد يقودهم لشريعةِ الله , أم يتجهون إلى جاهل يضلهم عن سبيل الله بغير قصد , أم يتجهون إلى عالم سوء يصدهم عن سبيل الله بقصد ؟ انتهى كلامه رحمه الله وغفر له .

ومنها تجرئ بعض الشباب على إصدار فتاوى في الأمور العظام التي تهم الأمة كلها مع وجود من هو أعلم منهم ، وأجل وأقدر على معرفة ظواهر الأمور وخفاياها فمن كُفِيَ فليحمد الله ويتدبر قول ربنا جل جلاله :

(( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوهُ إلى الرسولِ وإلى أُولي الأمر منهم لَعَلِمهُ الذين يستنبطونه منهم )) الآية .

ومنها عصيان العلماء زمن المحن والفتن ، فإذا ما وقعت الواقعة ، وحلت المصيبة عادوا فعصوا الله وحملوا العلماء نتائجها ، قال الله جل وعلا :

(( أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة ، وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً )) الآية.

ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، ومنها التزهيد في دروس العلماء ومحاضراتهم وأشرطتهم بحجةِ الاعتناء بالتربيةِ فيا سبحان الله أيُ تربية أعظم من لزوم حلق العلماء ، ومجالس الذكر ، وتدريس كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . ومنها الطعن في العلماء عند وجود منكر ما وكأن قلوب العباد وأمور الكون بأيدي العلماء يغيرون ما يشاءون . فيا هذا اتقِ اللهِ عز وجل.

فالعلماء ينكرون المنكر فإن استجيب لهم فالحمد لله ، وإلا فقد أدوا ما أمروا به ولا تثريب عليهم بعد ذلك . فمن أسباب الجرأَةُ على الطعن في العلماء: سوء الظن بهم ، فيحسبونهم طلاب دنيا، كاتمين للحق . ألا فاتقوا الظن فإنه أكذب الحديث ، وبالله عليك هل تظن هذا السوء بنفسك يا عبد الله . ومنها الغرور وإعجاب كل ذي رأي برأيه ِ، فيرى أحدهم أنه أهل لتخطئةِ العلماء وتصغيرهم ، والمسكين لا يعرف آداب قضاء الحاجة ، فحسبنا الله على من جرأك على هذا المرتع الوخيم . ومنها اعتقاد بعضهم أنه وحده الغيور على دين الله وجل وعلا ، وهذا المنهج ما هو إلا نفس خارجي حروري ، وإن تدثر بدثار الغيرة على الدين والانتصار له . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الرجل هلك الناس فهوا أهلكهم ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه .

ألا فعلموا أن العلماء من أعظم الناس غيرة على حدود الله جل وعلا، ولكنهم ولله الحمد بعيدون عما يظهره بعضهم من هيجان واندفاع، وتهييج . ومنها: قلة الخوف من الله، وإلا لحبس هذا الطعانُ لسانه عن المسلمين قال الله جل وعلا :

(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ))الآية. وقال الله سبحانه وتعالى :

(( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) الآية . ومن الأسباب تلبيس أهل البدع ، والغرور خاصةً في زمن الفتن فيألبون ويهيجون الأمة على العلماء ويلقون بالشُبَهِ لتخلوا البلاد لهم .

ومنها : التقصير في التحذير من هذه الفتنة ، فتنة التعدي على علماء السنة والتوحيد ، فُيخشى والله أن تصير سنة ينشأ عليها الصغير ويهرم عليها الكبير، فالواجب أن يتصدى المصلحون لها ، وأن يبينوا للناس دينهم ما استطاعوا ، لأن الدين يذهب إذا طُعِنَ في حملته . ومنها : جهل الطاعنين بعواقب فعلتهم ، وثمارها المرة .

يقول العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :

طالب العلم له شأنٌ عظيم وأهل العلم هم الخلاصة في هذا الوجود . أمة الإسلام، أمة القرآن الطعن في العلماء عاقبتهُ وخيمة ومآل أهله الذلة والخسران .

فمن ثمراته : حرمان بركة العلم إذ كيف ينتفع بالعلماء من يقدح فيهم .

كم من رجلٍ أفنى عمره في طلب العلم ، وحفظه ولكن ما انتفع به ولا نفع ، لأنه كان شديداً على علماء السنة طعناً فيهم . ومنها : موت القلب كما قال ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.

والله لقد رأينا أقوام نعرفهم ويعرفونا كانوا ذوي خير وصلاح ولكنهم كانوا طعانين في العلماء لا تخلوا مجالسهم من همزٍ ولمزٍ فـنُصِحوا وذُكِروا فما استجابوا، فأخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة، أما وجوههم فقد ذهب نورها وبهاؤها وأما أعمالهم فما أقبحها الآن تجرأٌ على رؤية المومسات في القنوات وشربٌ علانية للتنمباك وترك للصلوات. صدق ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.

ومنها : التعدي على العلماء هو من الغيبة والهمز واللمز فإن كان فيهم ما تقول فقد اغتبتهم وإلا فقد بهتهم . فالسلامة السلامة ، يا مريد النجاة يوم القيامة . واحذر عقوبة الله جل وعلا فإنه ينتقم ممن تعدى على أولياءه .

ومنها : أن الطعن في علماء السنة فيه مشابهة للذين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء . ومنها : الجناية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصرفها عن علمائنا الربانيين لأن القدح فيهم يشكك الأمة في علمهم وأمانتهم فينصرفون إلى رؤوسِ الجهال ؛ فيفتون بغير علم فَيُضِلُون ويُضَلُون ، وفي هذا أيضاً جناية على الشريعة وتجفيف لينابيع الخير والهدى شاء ذلك الطاعنون أم أبوا . وفي الطعن فيهم إسقاطٌ لهيبتهم عند السلاطي ن، فالله المستعان. ومن آثار الطعن في العلماء شد أزر علماء البدع ودُعاتُها ، وكم يفرحون بطعن الأغرار في علماء السنة لأن الذي يصد أهل البدع ويردهم علماء السنة الأخيار فتنبهوا يا أولي الأبصار. وفي الطعن في العلماء أيضاً تقوية للعلمانيين وخدمة لهم فإنهم يسعون من قديم للحط من قدر العلماء وقد وجدوا من يكفيهم ذلك دون مقابل .

فإن لله وإنا إليه راجعون . ومنها: خذلان الناس للطاعن في العلماء ، فيتخلى عنه أحبابه وأتباعه ، فلا تتم له دعوة ولا جهاد ، ولا إنكار منكر ويسلط الله عليه أقرب الناس إليه ، لأن المؤمنين لا يحبون من يقع في علمائهم .

ومنها: أن في ذلك مشابهة لأهل البدع فإن من أعظم علاماتهم الوقيعة في علماء السنة . وأختم هذه التذكرة بذكر مواقف تبين أخلاق الأبرار كيف كانوا يوقرون أهل الإسلام هذه المواقف تبين توقير العلماء بعضهم لبعض ، ولا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه . ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه :

أن أبا محمد البربهاري الحنبلي العالم الزاهد الفقيه ، عطس يوماً وهو يَعِظُ فشمتهُ الحاضرون ثم شمتهُ من سمعه ، حتى شمتهُ أهل بغداد ؛ فانتهت الضجةُ إلى دار الخلافة . وقال المروزي : قدم رجلٌ من طرسوس فقال : كان في بلاد الروم في الغزو إذا هدى الليل رفـعوا أصواتهم بالدعاء يقولون : ادعوا لأبي عبدالله يعني إمام أهل السنة أحمد بن حنبل. وقال حاشر بن إسماعيل : كنت في البصرة فسمعتُ قدوم محمد بن إسماعيل يعني الإمام البخاري صاحب الصحيح فلما قدم قال بندار : ( اليوم دخل سيد الفقهاء ).

وقال عباد بن عباد : أراد شعبة أن يقع في خالدٍ الحذاء أحد الأئمة الأعلام ، قال فأتيته أنا وحماد بن زيدٍ فقلنا له :

مالك أجُننت وتهددناه فسكت . وقال أيوب : إني أُخبَرُ بموتِ الرجل من أهل السنة فكأني أفقد عضواً من أعضائي. وقال :

إن الذين يتمنون موت أهل السنة، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .

وقال يحيى بن جعفر : لو قدرت أن أزيد في عُمرِ محمد بن إسماعيل البخاري من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم . وقال الإمام أبو حنيفة في شيخه حماد : ما صليتُ صلاةً منذ مات حماد إلا استغفرتُ له مع والدي وإني لأستغفر لمن تعلمت منه أو علمني علماً .

وسأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل فقال : عندنا بالمسجد شابٌ يقال له أبو زرعة ، فغضب الإمام أحمد وقال يقول شاب كالمنكر عليه ثم رفع يديه وجعل يدعوا لأبي زرعة ومن كان من أهل العلم ، يقول :

(( اللهم انصره على من بغى عليه اللهم عافه اللهم ادفع عنه البلاء اللهم ...اللهم ...في دعاء كثير.)).

وأما كلام علماء الدنيا الثلاثة في زماننا : ابن باز ، والألباني ، وابن عثيمين، في هذا الباب بعضهم على بعض فعظيم . قال الألباني رحمه الله :

( خلت الأرض من عالمٍ وأصبحت لا أعرف إلا أفراداً قليلين أخص بذكر منهم : العلامة ابن باز ، والعلامة ابن عثيمين). وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

( لا أعلم تحت قُبَةِ الفلك في هذا العصر، أعلم من الشيخ الألباني ).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

( الألباني رجل من أهل السنة رحمه الله مدافع عنها إمام في الحديث لا نعلم أن أحداً يباريه في عصرنا لكن بعض الناس نسأل الله العافية يكون في قلبه حقد إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيء كفعل المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ). وقال :

( الرجل رحمه الله نعرفه من كتبه وأعرفه بمجالسته أحياناً سلفي العقيدة سليم المنهج ) أ.هـ. فيا عباد الله : اتقوا الله جل وعلا :

( اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون) .

من وقع منه زلة ، أو طعن في أحد من علماء السنة فيتب إلى الله جل وعلا قبل الممات ، وليستغفر لهم في المجالس التي قدحهم فيه .

اللهم يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من إجرامنا ، وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . أهـ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من خطبة جمعة للشيخ // سلطان بن عبد الرحمن العيد حفظه الله .( بتصرف يسير )


الشيخ سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:34 PM
وبهذا يهدم الدين !.



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ).


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .


(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ).


(يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ).


(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ).


أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . وبعدُ :


أمة الإسلام، أمة القرآن :


لقد أتت جهود العلماء المخلصين ثمارها فكم بذلوا في سبيل تفقيهِ الأمة والنهوض بها ، وبيان السنةِ وما عليها . لكن ما نراهُ من خيرٍ وإقبال على الدين ، واجتماعٍ وألفةٍ يوشكُ أن يزولَ ، إذ النعم تدوم بالشكر، وتزول بالكفر كمثل قريةٍ من قبلنا ، كانت في خيرٍ ونعمةٍ واطمئنان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.


ألا وإن من أسباب زوال النعم وذهاب الدين ، الطعن في علماء السنة والتوحيد ، وتطاول الصغار على الكبار ، والجهال على العلماء ، والوقيعة في مشايخ الإسلام وأئمته ِ. قال الإمام ابن المبارك رحمه الله : " من استخف بالعلماء ذهبت أخرته ".


وقال أبو سنان الأسدي : " إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألةً في الدينِ ، يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلحُ متى ".


وها هو الحافظ ابن عساكر يذكر من أراد النجاة يوم الميعاد فيقول :


"اعلم أخي وفقنا الله وإياكَ لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاتهِ ، إن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتـقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرٌ عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزورِ والافتراء مرتعٌ وخيم ".


الطاعنون في علمائنا لا يضرون إلا أنفسهم ، وهم يستجلبون بفعلتهم الذِلَةَ والصغار إذ الله يدافع عن الذين أمنوا ، وهو جلَ وعلا لا يصلح عمل المفسدين .


قال الإمام أحمد إمام أهل السنة رضي الله عنه وأرضاه " لُحوم العلماء مسمومة من شمها مَرِض ، ومن أكلها مات ". وقال الحافظ ابن عساكر :



"من أطلق لسانه في العلماء بالسب أو الثلب ابتلاه الله قبل موته بموتِ القلب ". الطاعنون في علماء التوحيد والسنة أهل مكرٍ وخديعةٍ إن لم يقدروا على التصريح لمحوا ، فتنبهوا يا عباد الله لألا تُخدَعُوا. . وإليكم بعض الأمثلة في قدحهم في علمائنا الكبار. لألا يغترَ بها الجهال. فمنها : أنهم يُعيرون العلماء بأنهم " فقهاء الحيض والنفاس ".


وما عَلِموا أن الإمام أحمد رحمه الله مكث يتعلمُ مسائل هذا الباب بضعِ سنين، لكن أولئك الجهال شابَهُ الحُيّض اللائى إذا أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئاً ، قالت : ما رأيت منك خيراً قط . ثم إن هذا التعبير فيه ما فيه من الاستهزاء بمسائل الدين ، فنسأل الله السلامة والعافية. وتارة يقولون : " علماؤنا لا يفقهون الواقع " فيا سبحان الله! كيف يجهل علماؤنا الربانيون فقه الواقع ، ثم يدركه حُدَثاءُ الأسنان، سفهاءُ الأحلام ثم يدعون أنهم يكملون العلماء ، إن هذا لشيءٌ عجاب.


ولكن إذا عُرِفَ السببُ بُطِلَ العجب ، فهؤلاء القوم أرادوا بهذه الشبهة صرف الناس زمن الفتن والأحداث الكبار عن العلماء ، ليخلوَ الجو لهم في توجيه الناس وسط ما يريدون بدعوى فقههم للواقع ، فوالله لا فقهاً حصلوا، ولا واقِعاً أدركوا. وتارةً يقولون :


" علماء السلاطين ، ومشايخ الحكومة " . وقصدهم في ذلك : أنهم يفتون بغيرِ الحق مراعاة للخلقِ ، الله جل وعلا حسيبهم ، كيف يفترون على علماءِ المسلمين وأئمتهم. ولقد رد الشيخ اللحيدان هذه الفرية فقال :


"إن لي في القضاء ، وهيئة كبار العلماء أكثر من ثلاثين سنة ، والله ما أُمِرَنا في يومٍ أن نفتي بما يوافق هوى أحدٍ من الناس ، وإنما نفتي بما نراه الحق " .الله أكبر تشابهت قلوب المبطلين. لما جادل ابن عباس رضي الله عنهما الخوارج زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا تُجيبوه إنما جاء ينافحُ أن يدافع عن ابن عمه علي بن أبي طالب فطعنوا في نية ابن عباس رضي الله عنهما ، ولكل قومٍ وارث .


فاللهم احفظ علمائنا من كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وافتراء المبطلين يا ارحم الراحمين . وتارة يقولون :


"العلماء لا يبينون الحق " فوالله ما ندري ما الحق الذي لم يبينُ العلماء.


التوحيدُ بينوه ، والشرك حذروا منه ، والبدعُ حاربوها ، وأركان الإسلام أوضحوها ، وفتاواهم في بيانِ الحلال والحرام منشورةٍ مشكورة .


لكن بعض الناس يعتقد أمراً الله أعلم بصحتهِ ثم يلزم العلماء ببيانه ِ، وإلا صاروا عنده كاتمين للحق مداهنين . ألا فليعلم أُولئك المندفعون أن علمائنا أهل سنةٍ واتباع ، لا يتـعدون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :


"من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبديه علانية ، ولكن يأخذُ بيده فيخلو به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه . خرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ".


ومنها أن بعضهم يعتمدُ كلام العلماء في أركان الإسلام كالصلاةِ والصومِ والحجِ وغيرها ، وأما في أمر الدعوة والمنهج فتراهُ معرضاً عن فتاوى العلماء الربانيين ، وكأنها ليست من الدين لظنه أنهم لا يدركون ذلك ، وعندها تقع التخبط والقول على الله بلا علم ، وتصدّر الجهال والاعتداء على حدود الله باسم مصلحة الدعوة ومنها سوء الظن بالعلماء.


فعلماؤنا رضي الله عنهم وأرضاهم يتبنون الحق بدليله كما أمرهم ربنا جل وعلا رضي وسخط من سخط لكن بعض الناس يوهموا أن لهم مآرب أخرى .فاللهم اهدهم يا ارحم الراحمين . ومن الأمثلة على ذلك فتوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين غفر الله لهما بتحريم تفجير المسلم نفسه لإرهاب العدو . ومنها أن الاعتزاز بالنفس والتشدد والغلو قد يوقع صاحبه في عظائم الأمور فتراهم يتجرءون أولا على تكفير الحكام ثم يكفرون العلماء الذين يأمرون بطاعةِ أُولي الأمر ، حتى قال أحدهم: "كفر علمائنا مما لا جدال فيه ".


فوالله لو كان أحدهم يعرف قدر نفسه أو مبلغ علمه ما تجرأ على تكفيرِ الأمة والأئمة، ولكنه الجهل بما عليه أهل السنة في معاملة الحكام ، والعجب أن هؤلاء يتحرجون من الإفتاء في دم الحيض والنفاس ثم يتجرءون على الإفتاء في دماء الأمة وعلى مسائل يتحرج منها كبار العلماء . فالله المستعان وعليه التكلان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ). ومن ذلك اتهام العلماء بمولاة الكفار لا لشيء إلا أنه أفتى بما يراهُ الحق في مسألةٍ فقهيةٍ تتعلق بجهاد الكفار ، فترى بعضهم يصدرون ويصدرون البيانات والمذكرات والنشرات بتكفير المسلمين ، واتهامهم بمولاة المشركين، فمن لا يعجبهم فهو موالي للكفار مرتد عن دين الله جل وعلا ،فتطاولوا على العلماء والأخيار ، ولبسوا على المسلمين دينهم وحكموا أنفسهم في أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم . فلا إله إلا الله ، لا إله إلا الله إذا كان علماؤنا موالين للمشركين فما حكمنا نحن إذاً ،


اللهم إنا نعوذ بك من الفتن والقول في دينك بلا علم ، ومنها تناقض بعضهم فتراه يوقرُ رموز الجماعات الحركية المحدثة ، ويتستر على بدعه ، وأما علماء السنة والتوحيد فحديثه عنهم دائر بين القدح واللمز والتشكيك ، ثم يزعم أنه على منهج السلف الصالح . قال أبو حاتم لأبنه :


إذا رأيت من يحب أحمد بن حنبل فعلم أنه صاحب سنة . وقال قتيبة : " إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحي بن سعيد وعبد الحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وذكر أقواماً فإنه على السنة ، ومن خالف هؤلاء فأعلم أنه مبتدع) . انتهى كلامه رحمه الله . واليوم إذا رأيت الرجل يحب علماء السنة والتوحيد , كالعلامة ابن بار ، وابن عثيمين ، والألباني ، وآل الشيخ ، والفوزان ، واللحيدان ، والغديان ، وغيرهم ممن هم على منهجهم ، فعلم أنه صاحب سنة ، ومن وقع فيهم فحذر فإنما أخفاه عنك أشنع مما أظهره .


وتناقض آخر عجيب ترى بعضهم يتحدث عن مآسي المسلمين وجراحاتهم ويملأ الدنيا عويلاً وتبجحاً ، وما هي إلا لحظات وإذا به يهجم على علمائنا ويقدح وجُرحُ الأمة من هذا أشد مضاضةً وألماً ومنها تضخيم أخطاء العلماء ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغفر له :


" أسال الله أن يعين العلماء على ما يناله من السنة السفهاء ، لأن العلماء ينالهم أشياء كثيرة ".


أولاً: أننا نسمع ما ينسب إلى بعض أهل العلم المرموقين ثم إذا تحققنا وجدنا أن الأمر على خلاف ذلك . وهذه جناية كبيرة .

ثانيا : تضخيم الأخطاء , فهذا خطا وعدوان , فالعالم بشر يخطئ ويصيب لا شك أما تضخيم الخطأ ثم وذكره في أبشع حالاته فهذا لا شك انه عدوان على أخيك المسلم ، وعدوان حتى على الشرع ان استطلعت القول لأن الناس إذا كانوا يثقون بشخص ثم زعزعت ثقتهم به فإلى من يتجهون ؟ أيبقى الناس مذبذبين ليس لهم قائد يقودهم لشريعةِ الله , أم يتجهون إلى جاهل يضلهم عن سبيل الله بغير قصد , أم يتجهون إلى عالم سوء يصدهم عن سبيل الله بقصد ؟ انتهى كلامه رحمه الله وغفر له .


ومنها تجرئ بعض الشباب على إصدار فتاوى في الأمور العظام التي تهم الأمة كلها مع وجود من هو أعلم منهم ، وأجل وأقدر على معرفة ظواهر الأمور وخفاياها فمن كُفِيَ فليحمد الله ويتدبر قول ربنا جل جلاله : (( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوهُ إلى الرسولِ وإلى أُولي الأمر منهم لَعَلِمهُ الذين يستنبطونه منهم )) الآية .


ومنها عصيان العلماء زمن المحن والفتن ، فإذا ما وقعت الواقعة ، وحلت المصيبة عادوا فعصوا الله وحملوا العلماء نتائجها ، قال الله جل وعلا : (( أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة ، وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً )) الآية.


ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، ومنها التزهيد في دروس العلماء ومحاضراتهم وأشرطتهم بحجةِ الاعتناء بالتربيةِ فيا سبحان الله أيُ تربية أعظم من لزوم حلق العلماء ، ومجالس الذكر ، وتدريس كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . ومنها الطعن في العلماء عند وجود منكر ما وكأن قلوب العباد وأمور الكون بأيدي العلماء يغيرون ما يشاءون . فيا هذا اتقِ اللهِ عز وجل.


فالعلماء ينكرون المنكر فإن استجيب لهم فالحمد لله ، وإلا فقد أدوا ما أمروا به ولا تثريب عليهم بعد ذلك . فمن أسباب الجرأَةُ على الطعن في العلماء: سوء الظن بهم ، فيحسبونهم طلاب دنيا، كاتمين للحق . ألا فاتقوا الظن فإنه أكذب الحديث ، وبالله عليك هل تظن هذا السوء بنفسك يا عبد الله . ومنها الغرور وإعجاب كل ذي رأي برأيه ِ، فيرى أحدهم أنه أهل لتخطئةِ العلماء وتصغيرهم ، والمسكين لا يعرف آداب قضاء الحاجة ، فحسبنا الله على من جرأك على هذا المرتع الوخيم . ومنها اعتقاد بعضهم أنه وحده الغيور على دين الله وجل وعلا ، وهذا المنهج ما هو إلا نفس خارجي حروري ، وإن تدثر بدثار الغيرة على الدين والانتصار له . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الرجل هلك الناس فهوا أهلكهم ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه .


ألا فعلموا أن العلماء من أعظم الناس غيرة على حدود الله جل وعلا، ولكنهم ولله الحمد بعيدون عما يظهره بعضهم من هيجان واندفاع، وتهييج . ومنها: قلة الخوف من الله، وإلا لحبس هذا الطعانُ لسانه عن المسلمين قال الله جل وعلا : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)) الآية. وقال الله سبحانه وتعالى : (( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) الآية . ومن الأسباب تلبيس أهل البدع ، والغرور خاصةً في زمن الفتن فيألبون ويهيجون الأمة على العلماء ويلقون بالشُبَهِ لتخلوا البلاد لهم .


ومنها : التقصير في التحذير من هذه الفتنة ، فتنة التعدي على علماء السنة والتوحيد ، فُيخشى والله أن تصير سنة ينشأ عليها الصغير ويهرم عليها الكبير، فالواجب أن يتصدى المصلحون لها ، وأن يبينوا للناس دينهم ما استطاعوا ، لأن الدين يذهب إذا طُعِنَ في حملته . ومنها : جهل الطاعنين بعواقب فعلتهم ، وثمارها المرة .


يقول العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :


طالب العلم له شأنٌ عظيم وأهل العلم هم الخلاصة في هذا الوجود . أمة الإسلام، أمة القرآن الطعن في العلماء عاقبتهُ وخيمة ومآل أهله الذلة والخسران .


فمن ثمراته : حرمان بركة العلم إذ كيف ينتفع بالعلماء من يقدح فيهم .


كم من رجلٍ أفنى عمره في طلب العلم ، وحفظه ولكن ما انتفع به ولا نفع ، لأنه كان شديداً على علماء السنة طعناً فيهم . ومنها : موت القلب كما قال ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.


والله لقد رأينا أقوام نعرفهم ويعرفونا كانوا ذوي خير وصلاح ولكنهم كانوا طعانين في العلماء لا تخلوا مجالسهم من همزٍ ولمزٍ فـنُصِحوا وذُكِروا فما استجابوا، فأخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة، أما وجوههم فقد ذهب نورها وبهاؤها وأما أعمالهم فما أقبحها الآن تجرأٌ على رؤية المومسات في القنوات وشربٌ علانية للتنمباك وترك للصلوات. صدق ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.


ومنها : التعدي على العلماء هو من الغيبة والهمز واللمز فإن كان فيهم ما تقول فقد اغتبتهم وإلا فقد بهتهم . فالسلامة السلامة ، يا مريد النجاة يوم القيامة . واحذر عقوبة الله جل وعلا فإنه ينتقم ممن تعدى على أولياءه .


ومنها : أن الطعن في علماء السنة فيه مشابهة للذين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء . ومنها : الجناية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصرفها عن علمائنا الربانيين لأن القدح فيهم يشكك الأمة في علمهم وأمانتهم فينصرفون إلى رؤوسِ الجهال ؛ فيفتون بغير علم فَيُضِلُون ويُضَلُون ، وفي هذا أيضاً جناية على الشريعة وتجفيف لينابيع الخير والهدى شاء ذلك الطاعنون أم أبوا . وفي الطعن فيهم إسقاطٌ لهيبتهم عند السلاطي ن، فالله المستعان. ومن آثار الطعن في العلماء شد أزر علماء البدع ودُعاتُها ، وكم يفرحون بطعن الأغرار في علماء السنة لأن الذي يصد أهل البدع ويردهم علماء السنة الأخيار فتنبهوا يا أولي الأبصار. وفي الطعن في العلماء أيضاً تقوية للعلمانيين وخدمة لهم فإنهم يسعون من قديم للحط من قدر العلماء وقد وجدوا من يكفيهم ذلك دون مقابل .

فإن لله وإنا إليه راجعون . ومنها: خذلان الناس للطاعن في العلماء ، فيتخلى عنه أحبابه وأتباعه ، فلا تتم له دعوة ولا جهاد ، ولا إنكار منكر ويسلط الله عليه أقرب الناس إليه ، لأن المؤمنين لا يحبون من يقع في علمائهم .


ومنها: أن في ذلك مشابهة لأهل البدع فإن من أعظم علاماتهم الوقيعة في علماء السنة . وأختم هذه التذكرة بذكر مواقف تبين أخلاق الأبرار كيف كانوا يوقرون أهل الإسلام هذه المواقف تبين توقير العلماء بعضهم لبعض ، ولا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه . ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه :


أن أبا محمد البربهاري الحنبلي العالم الزاهد الفقيه ، عطس يوماً وهو يَعِظُ فشمتهُ الحاضرون ثم شمتهُ من سمعه ، حتى شمتهُ أهل بغداد ؛ فانتهت الضجةُ إلى دار الخلافة . وقال المروزي : قدم رجلٌ من طرسوس فقال : كان في بلاد الروم في الغزو إذا هدى الليل رفـعوا أصواتهم بالدعاء يقولون : ادعوا لأبي عبدالله يعني إمام أهل السنة أحمد بن حنبل. وقال حاشر بن إسماعيل : كنت في البصرة فسمعتُ قدوم محمد بن إسماعيل يعني الإمام البخاري صاحب الصحيح فلما قدم قال بندار : " اليوم دخل سيد الفقهاء ".


وقال عباد بن عباد : أراد شعبة أن يقع في خالدٍ الحذاء أحد الأئمة الأعلام ، قال فأتيته أنا وحماد بن زيدٍ فقلنا له :


مالك أجُننت وتهددناه فسكت . وقال أيوب : إني أُخبَرُ بموتِ الرجل من أهل السنة فكأني أفقد عضواً من أعضائي. وقال :


إن الذين يتمنون موت أهل السنة، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .


وقال يحيى بن جعفر : لو قدرت أن أزيد في عُمرِ محمد بن إسماعيل البخاري من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم . وقال الإمام أبو حنيفة في شيخه حماد : ما صليتُ صلاةً منذ مات حماد إلا استغفرتُ له مع والدي وإني لأستغفر لمن تعلمت منه أو علمني علماً .



وسأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل فقال : عندنا بالمسجد شابٌ يقال له أبو زرعة ، فغضب الإمام أحمد وقال يقول شاب كالمنكر عليه ثم رفع يديه وجعل يدعوا لأبي زرعة ومن كان من أهل العلم ، يقول : " اللهم انصره على من بغى عليه اللهم عافه اللهم ادفع عنه البلاء اللهم ...اللهم ...في دعاء كثير".


وأما كلام علماء الدنيا الثلاثة في زماننا : ابن باز ، والألباني ، وابن عثيمين، في هذا الباب بعضهم على بعض فعظيم . قال الألباني رحمه الله :


"خلت الأرض من عالمٍ وأصبحت لا أعرف إلا أفراداً قليلين أخص بذكر منهم : العلامة ابن باز ، والعلامة ابن عثيمين". وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :


"لا أعلم تحت قُبَةِ الفلك في هذا العصر، أعلم من الشيخ الألباني ".


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :


"الألباني رجل من أهل السنة رحمه الله مدافع عنها إمام في الحديث لا نعلم أن أحداً يباريه في عصرنا لكن بعض الناس نسأل الله العافية يكون في قلبه حقد إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيء كفعل المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ". وقال :


"الرجل رحمه الله نعرفه من كتبه وأعرفه بمجالسته أحياناً سلفي العقيدة سليم المنهج " أ.هـ. فيا عباد الله : اتقوا الله جل وعلا :


"اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون".


من وقع منه زلة ، أو طعن في أحد من علماء السنة فيتب إلى الله جل وعلا قبل الممات ، وليستغفر لهم في المجالس التي قدحهم فيه .


اللهم يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من إجرامنا ، وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ً.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . أهـ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


من خطبة جمعة للشيخ // سلطان بن عبد الرحمن العيد حفظه الله . ( بتصرف يسير).

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



الشيخ سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:36 PM
الإرهاب بين التدمير والتبرير


الإرهاب بين التدمير والتبرير الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى وبعد، فيقول الله تعالى (ولا تكن للخائنين خصيماً ) (النساء : آية 105) ويقول تعالى (ولاتجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً ) (النساء : 107) ويقول تعالى (هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلاً) (النساء: آية 109) .

إن مما لا شك فيه ، ولا ريب يعتريه : أن قضية الإرهاب أصبحت في عصرنا هذا من أهم القضايا التي دوخت الأوساط الدولية، والدول الإسلامية كغيرها نالها نصيب من الإرهاب على تفاوت بينها ، ونال بلاد الحرمين من ذلك شيء كثير !فما معنى الإرهاب ياترى، وما هي البواعث والأسباب التي تؤدي إليه ، وما حجم الأضرار التي تنتج عن تلكم الممارسات الإرهابية الظالم أهلها.

إن الإرهاب كلمة لها معنى ذو صور متعددة ، يجمعها : الإخافة والترويع للآمنين بدون حق ، وإزهاق الأنفس البريئة وإتلاف الأموال المعصومة ، وهتك الأعراض المصونة، وشق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم والخروج على إمامهم وتهييج الشباب ضد بلادهم والزج بهم في مواجهات ومصادمات مع ولاة الأمر والعلماء في صور من الإرهاب الفكري مخزية.

فيعقب ذلك الإرهاب : تغيير النعم لتحل محلها الفتن والنقم ويظهر الفساد في الأرض، وما أحداث الجزائر عنا ببعيد، فقد قتل فيها باسم الجهاد والدعوة أكثر من مائة ألف مسلم ، نعم ، إنها والله ثمرة أشرطة التهييج والهمز واللمز والطعن في العلماء والأمراء وهي ثمرة وشاهد على فساد الجماعات الإسلامية الحركية المحدثة ، والتي أولها أناشيد وتمثيل يسمونه إسلاميا وتهييج ، وآخرها تكفير وتفجير ، فأفسدوا الدين والدنيا، وخربوا البلاد روعوا العباد ، وكل هذا باسم الجهاد والدعوة إلى تحكيم الشريعة ! فليتهم يحكمون الشريعة في أنفسهم فينبذون جماعاتهم وأحزابهم البدعية وفكر الخوارج الضلال ويعودون إلى الدعوة السلفية المباركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكفون عن دماء المعصومين من المسلمين وغيرهم. ويشتغلون بالعلم والتعليم وتفقيه الأمة والإصلاح بالطرق المشروعة.

واذا كان الامر كذلك : 1- فما الاختطاف للبشر في المراكب الجوية وغيرها، وما اغتيال الزعماء والتفجير في منشآت الدول بدون حق إلا صورة من صور الإرهاب المنتنة الفاتنة . 2- وما التخطيط الرهيب للانقلابات وقتل رجال الأمن إلا من الإرهاب الآثم. 3- وما عمل الجماعات المسلحة في بعض الأقطار، والتي تصول وتجول باسم الجهاد والدعوة إلى توحيد الحاكمية زعموا ، فتقتل هذا ، وتأخذ مال هذا ، وتروع الأسر والدول ، وتنسف المصالح والمنشآت وتغتال رجال الدولة ونواب ولي الأمر ظلماً وعدوانا وتجد من أدعياء العلم الذين سموهم دعاة ومشايخ صحوة ومفكرين إسلاميين، تجد منهم من يؤيد ويبرر ويرجع تلك الجرائم المروعة إلى تقصير الولاة والعلماء! ، بل قد يصدرون الفتاوى في إباحة دماء الحكام وأتباعهم.فلم يسلم من شرهم أحد من الناس في أوطانهم إلا من كان متقيداً بخطط التنظيم الحزبي الحركي. الله أكبر ، كم من عالم سلفي عاقل ناصح ، قد ناداهم وحذرهم من هذه الطرق المهلكة والمناهج الفاسدة فلم يقبلوا نصحه بل وقعوا في عرضه ، وقالوا في حقه : عميل مداهن ، لا يفقه الواقع ولا يحمل هم الإسلام، ولا يلتف حول الشباب ، ولا يتفهم قضايا الأمة، إلى آخر ما ورد في قاموس الجماعات الحركيات في باب:" سب علماء والسنة والتوحيد وإبعاد الشباب عنهم وربطهم برموز الحركة وقيادتها" وأما ما أوردوه في باب: "تهميش دعوة الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب لتحل محلها الدعوات الحزبية الوافدة الحركية إلى بلاد الحرمين "، فشيء عجيب، والله لو علمت بما عندهم في هذا الباب لفزعت وذهلت ، ولا تعجل فهذه ثمراتهم ومن ثمارهم تعرفونهم: ألا يوجد في شبابنا من يطعن في علمائنا ثم يوقر رموز الجماعات الحركية ويصف قادتها بالشهداء والمنظرين والمصلحين والمجددين والمجاهدين! فإذا ما بين له علماؤنا ما عندهم من بدع وشركيات وخرافات صوفية وضلالات وجهالات، قال أنتم تحسدونهم ويملى عليكم بكرة وأصيلا. ألا يوجد من شبابنا من يكفر بلادنا ويتقرب إلى الله بالتفجير فيها؟ فبمن تأثر ومن قدوته في ذلك؟ أهو ابن باز والألباني وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء ، لا لا وألف لا ، وإنما تأثر أولئك الشباب بكتب من يسمون بالمفكرين الاسلاميين، ومن سار على طريقهم (الثورة والتهيج) من الدعاة الحركيين من بني جلدتنا تحت غطاء : سلفية المنهج وعصرية المواجهة وان اردتم برهاناً على سعي أولئك في تهميش دعوتنا السلفية . فاختبروا بعض شبابنا، اختبروهم في دعوة الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب والجماعات الوافدة تكفيرية وصوفية وقطبية وسرورية محترقة، وانظروا لمن ولائهم ، وعمن يدافعون واسألوا عمن يتلقف شبابنا إذا خرجوا من بلادنا ، وإلى مراكز من يتجهون، وفي مساجد من يعتكفون، وفي معسكرات من على التكفير والتفجير يتدربون، وعلى منهج من إذا خرجوا للدعوة أياما معدودات يسيرون، ولمن على الجهاد لتحرير الحرمين يبايعون زعموا. من الذي غرر بشبابنا منذ حرب الخليج ونفرهم من العلماء: بعد فتوى ابن باز وابن عثيمين ومن معهما من هيئة كبار العلماء بجواز الاستعانة حتى زعم إفكا وزوراً أنه لا توجد عندنا مرجعية علمية موثوقة! ، إذا كان ابن باز وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء غير موثوق بهم فمن الذي يوثق به .. إلى آخر ما جنته أيدي الحزبيين من إفساد لشبابنا ، ثم يزعمون أن سبب التفجير هو بُعْدُ العلماء عن الشباب ، وأن العلماء في أبراج عاجية وأنهم لا يسمعون للشباب وأنهم وأنهم.. الخ ، حتى صارت هذه الأحداث والتفجيرات الأخيرة فرصة لأولئك الجهال لتصفية حسابات قديمة مع العلماء ! ألا فاعلموا وبلغوا أن السبب هم أولئك الذين أبعدوا ونفروا الشباب من العلماء، وشوهوا صور مشايخنا في أذهان بعض شبابنا وصرفوهم إلى من لا علم عنده ولا بصيرة من دعاة التهريج والتهييج! فصدروا شيخ الصحوة زعموا والمفكر الجاهل بالكتاب والسنة، بل والمهرج. الله أكبر ، أهذا جزاء ابن باز وابن عثيمين والألباني وبقية علمائنا ، هل جزاؤهم وشكرهم أن يحملوا هذا الجرم الفظيع ؟ اللهم إنا نعوذ بك أن نظلم أو نظلم ، ونبرأ اليك ممن يطعنون في علمائنا، اللهم انا نبرأ اليك من أولئك: الذين يغررون ويغشون أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ثم نقول لمن يطعنون في علمائنا بعد تلك التفجيرات: ما بالكم تذكرون سيئاتهم ولا تذكرون حسناتهم؟ أين منهج الموازانات يا أصحاب الموازنات الحركية التي تكيل بمكيالين وتزن بعشرين ميزاناً إلا الميزان السلفي. 4- ومن الحركات الإرهابية البشعة المخيفة ما قامت به عصابة شر غالية متطرفة ، أصحاب منامات وأماني كاذبات، وكان من خبر هذه الزمرة أنهم دخلوا بيت الحرام في مطلع هذا القرن الهجري ومعهم مهديهم المزعوم فطالبوا حجاج بيت الله الحرام والعاكفين والركع السجود عند بيت الله بمبايعة المهدي المزعوم تحت وطأة السلاح والقتل وطلقات البنادق والرشاشات وترويع الآمنين، فلا اله إلا الله كم سفكوا من الدماء ظلماً وعدواناً ، فأخافوا أهل البيت الحرام، وأفزعوا أهل الإسلام، حتى عطلت الجمع والجماعات في المسجد الحرام أياما عديدة، وتناثرت الجثث والأشلاء عند الكعبة والصفا وزمزم فناداهم العلماء لينزلوا على حكم شريعة الله ويتوبوا إلى ربهم . فأبوا إلا مواصلة السير في طريق الفساد والإرهاب والعصيان والعناد، فاستعان أهل الإسلام بربهم ولجأوا إليه وتضرعوا . فاستجاب الله دعاءهم ومكن جنود الإسلام منهم وطهر بيت الله الحرام، وقبض عليهم فلقوا جزاءهم ، وصدرت فتاوى العلماء في استنكار هذا الإرهاب الآثم. ولقد كان وزير الداخلية صريحاً واضحاً حين ذكر في حديث له في رمضان الماضي أن من أسباب هذه الفعلة تأثر اولئك الشباب بأفكار جماعتي التبليغ والإخوان المسلمين. وإنك لتعجب من بعض الناس ، لما دافع الوزير عن الهيئة -وقد أحسن- أبرزوا كلامه وشكروه وأعادوه، وأما كلامه المتقدم في التحذير من الجماعات الدعوية الوافدة وبيانه لآثارها فيطوي عند أولئك ولا يروى : و{لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون} . 5- ومن صور الإرهاب ما قامت به شرذمة ضالة ، وعصابة ملحدة استهدفت حرم الآمن، وقامت بزرع المتفجرات المدمرة في حج سنة تسع وأربعمائة وألف للهجرة وتم التفجير بالفعل عند بيت الله الحرام يوم السابع من شهر ذي الحجة من السنة المذكورة، فقتل وأصيب عدد من حجاج بيت الله الحرام، فكانت العاقبة حميدة ، فقبض على أولئك المجرمين ونفذ فيهم حكم رب العالمين. 6- ومن صور الإرهاب ما قام به صدام حسين وحزبه الهالك من غزو للكويت وحشد لقواته على حدود بلاد الحرمين ، وإرساله الصواريخ إلى قلب الرياض، فلا إله إلا الله كم من دم معصوم سفك ، وكم من عرض انتهك ، وكم من مال معصوم خرب واهلك، ولكن كانت العاقبة حميدة، فرد الله هذا الظلم على عقبيه وانتقم للمظلومين ، وسلم بلاد الحرمين. 7- ومن صور الإرهاب : ذلك التفجير الآثم الذي وقع بمدينة الرياض بحي العليا سنة ست عشرة وأربعمائة وألف، والذي أخاف وأفزع وروع الآمنين، ثم تفتت قلوب أهل هذه البلاد أسى وكمداً حينما علموا ان الجناة من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، لكنهم تتلمذوا على أشرطة ألهبت مشاعرهم وأوغرت صدورهم ضد بلادهم وعلمائهم وحكامهم ثم كانت العاقبة حميدة ومكن الله منهم . 8- ومن صور الإرهاب ذلك التفجير المروع في مدينة الخبر سنة سبع عشرة وأربعمائة وألف، فهو والله صورة مخيفة من صور الإرهاب الظالم أهله، وكان أشد ضرراً من سابقه الذي كان بمدينة الرياض لكثرة ما نتج عنه من قتل وإصابات في المسلمين والمستأمنين. وستكون العاقبة حميدة بإذن الله وسيعثر عليهم ويلقون جزاءهم ، لأن الله لا يصلح عمل المفسدين . 9- ومن صور الإرهاب والتطرف هذا التفجير الأخير بمدينة الرياض عاصمة بلاد التوحيد حرسها الله من كل سوء في يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وأربعمائة وألف ، فسفكت فيه دماء المعصومين من المسلمين والمستأمنين ، الله أكبر، ما ذنب أبنائنا الذين ازهقت أرواحهم في هذا التفجير الإرهابي الآثم، وبأي حق ترمل نسائهم ويفقدهم الولد والوالد، الله أكبر كم من أم مكلومة فقدت ابنها في هذا الحادث تدعو الله بالليل والنهار أن ينتقم لها من هؤلاء الظلمة، والله أعلم بما في قلب ذاك الأب من حسرات وهو يستلم جثة ابنه وقد تفحم واحترق، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم(واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ويقول صلى الله عليه وسلم : (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) فاللهم انتقم لهؤلاء المؤمنين المظلومين ، اللهم اشف صدورهم ، اللهم أعظم اجورهم واغفر لموتاهم، واخلف لهم خيراً ، اللهم واكتب لموتانا أجر الشهداء واخلفهم في عقبهم وأصلح ذرياتهم من بعدهم، اللهم مكن جنود الاسلام ممن يسعى بالافساد وفي الارض اللهم افضحه واخذله وخذ بحق المظلومين منه ياذا الجلال والاكرام.

وإنك لتعجب كيف يقدم أولئك الشباب على هذه الجرائم المحرمة شرعاً ، وكيف يستبيحون دماءهم ودماء غيرهم ؟، ثم حلت المصيبة الأخرى وضاقت الصدور وازداد الناس غماً على غم لما ظهر أن من قام بهذه التفجيرات في بلاد الاسلام لا في بلاد الكفار هم من شبابنا ، فكيف يقع ذلك وصار حديث الناس في أسباب هذه الفعلة الشنيعة وكثر والله التلبيس والتضليل وتجهيل الأمة، بل والتبرير المغلف لهذه الأعمال الإرهابية الآثمة : فهل السبب المناهج الدراسية كلا ليست هي السبب ، لأن هؤلاء لا علاقة لهم بمناهجنا فإنهم ينفرون من التعليم النظامي وينفرون أتباعهم منه، ومناهجنا هي التي خرجت العالم والطبيب والسياسي الناصح. هل السبب البطالة كلا والله فهؤلاء يشككون في العمل في وظائف الدولة ويشتغلون بالتجارة ، وانك والله لتعجب من بعضهم كان يحث الشباب على ترك وظائف الدولة والاشتغال بالتجارة ليبقي حراً بزعمه ويقول دلوني على سوق المدينة. واليوم يزعم ان سبب التفجير فقدان أصحاب سوق المدينة للوظائف ؟ فأي تناقض هذا. وأي تلاعب بعقول الأتباع ؟ !

وهل السبب العلماء : هل السبب ابن باز وابن عثيمين والألباني وهيئة كبار العلماء ؟ لا أظن أن عاقلاً يحترم نفسه يقول ذلك ، ومن تفوه به فاكتبوه في سجل الأفاكين ، واحذروه فانه رجل سوء ولو كان فيه خير لشكر واعترف بفضل من علمه وفقهه، الله أكبر: سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك علماء السنة والتوحيد ، نعوذ بالله من الخذلان . ثم إن كان عندك رأي فاذهب إلى العلماء ليبينوا لك ويعلموك، أما أن تجرم علمائنا أمام العامة فهذا والله جناية على الشريعة وعلى العوام لأنهم إذا فقدوا الثقة بعلمائنا الربانيين فإلى أين يتجهون ومن يستفتون بعد ذلك وهل يرضى أولئك أن يتكلم في فقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ بهذه الطريقة أمام العامة مع ما فيها من تهكم واستعداء ومحاولة إسقاط لا أظنهم يرضون . وهل السبب كتب ابن تيمية لا والله فهو شيخ الاسلام حقاً والمجدد للدعوة السلفية وكتبه تعلن براءته من خوارج العصر الذين يتمسحون به ويحرفون كلامه ليوافق أهوائهم. وهل السبب دعوه الإمام المجدد (محمد بن عبدالوهاب) ومن معه من أئمة الدعوة السلفية بنجد، لا والله ، فإن آثارهم في البلاد والعباد حميدة . فدعوتهم سلفية نقية فيها العلم والحلم والسمع والطاعة ولزوم الجماعة ، ومن قرأ فتاويهم فيمن افتاتوا على الملك عبدالعزيز وأرادوا الجهاد دون إذنه يعلم أنهم في واد وجماعة التكفير في واد آخر، ولكنه التلبيس والتضليل. وهل السبب الدعوة السلفية المباركة، التي وصلت إلى الدنيا كلها، دعوة على منهاج النبوة وماكان عليه السلف الصالح . كلا والله ليست هي السبب لأنها تحذر من فكر هؤلاء الخوارج وتعلن البراءة منهم ويدل على ذلك عداء أصحاب هذا الفكر المتطرف للدعوة السلفية ومشايخها ، ووصفهم بالأوصاف المختلف للتنفير والتشويه: بازية ، عثيمينية، ألبانية، مرجفون في المدينة، إلى غير ذلك مما يطلقه الثوار على الدعوة السلفية دعوة الامام المجدد رحمه الله وغفر له. ومن تحايل هؤلاء الإرهابيين انهم قد يسمون أنفسهم بالجماعة السلفية للجهاد والهجرة ونحوذلك من الألقاب ، بقصد التضليل وتشويه صورة الدعوة السلفية . ولكن إذا رأيت أفعالهم وإرهابهم علمت براءة الدعوة السلفية منهم. وهل السبب الحكم بغير ما أنزل الله ، لا والله كذبوا ، فإن بلادنا ولله الحمد والمنة خير بلاد الدنيا في تطبيق شرع الله والحكم بما أنزل ، وتحقيق التوحيد ومحاربة الشرك والقبور التي تعبد من دون الله فلله الحمد والمنة ، ونعوذ به من كفران النعمة.

وهل السبب التضييق على الدعوة كما زعم بعض الحركيين في مقابلة له مع إحدى القنوات الفضائية : لا والله ، لقد كذب وافترى ، فإن الدعوة في بلادنا قائمة على قدم وساق ومكاتب الدعوة والجاليات ، والمحاضرات والندوات ، والدروس العلمية في كل مكان فماذا نريد بعد ذلك ؟ أما إيقاف من فيه شر وإفساد حماية للمجتمع من أفكاره فهذا من حق ولي الأمر كما يقول العلامة ابن باز ، بل قد يجب على ولي الأمر ذلك إن لم يندفع شره نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ‍‍!والعجب أن هؤلاء أصبحوا ينادون بعد التفجيرات بالحوار ، فيقال أهلا وسهلا ، تعالوا نتحاور في فكر سيد قطب التكفيري الثوري وأثره على شباب بلاد الحرمين، ولنتحاور في فكر الخوارج الذين سرى إلى شبابنا، من الذين مهد له منذ حرب الخليج وما صاحبها من أشرطة استعداء للشباب على الدولة وتهييج . ولنتحاور في فكر الإخوان المسلمين الذي يصدق عليه أنه( لا يرد لامس بدعي) وفكر جماعة التبليغ الصوفي المفسد . هكذا فلنتحاور إن كنتم تريدون الحوار حقاً للوصول إلى الحق .

وهل السبب وجود المنكرات: والجواب أن يقال : إن المنكرات كانت في الدول الإسلامية من قبل : الأموية والعباسية وغيرهما ، فلم يكن ذلك مبرراً للإفساد وسفك الدماء والخروج على ولاة الأمر، بل الواجب الإصلاح والنصيحة بالتي هي أحسن، بل لقد وجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رجل زنا فرجم وهو ما عز رضي الله عنه، ثم الغامدية ورجمت رضي الله عنه ، وسرقت امرأة مخزومية

فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، وجيئ برجل قد شرب الخمر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلده وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى عليه بقية الناس ، فعل ذلك زجراً وتأديباً فماذا تقولون بعد ذلك ؟.

وهل السبب أن العلماء أغلقوا أبوابهم في وجوه الشباب ولم تتسع صدورهم لهم لا وربي ما كان ذلك وما يكون إن شاء الله ، وبرهان ذلك بين لكل ذي عقل وعينين فبيوت العلماء ومجالسهم مفتوحة للصغير والكبير ، وطالب العلم وغيره ، ودار الإفتاء ولله الحمد تستقبل من أراد العلم والفتيا والرأي السديد ، وتأدب مع العلماء ، وأما الغوغائية فلا مكان لها عندهم ، وينبغي أن يكرم أهل العلم عن ذلك .

ألا فأعلموا أن دار الإفتاء : كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نصرة الدين وبيان الحق للخلق ، ومن يطعن في الأولى سلفه وشيخه من يطعن في الثانية ، فاحذروهم بارك الله فيكم ولا تفتحوا الباب للعلمانيين والجهال ، واحذروا أن يؤتى الإسلام من قبلكم ، فإن العلمانيين يفرحون بطعن الأغرار في علماء الإسلام , واعملوا أن الإمام أحمد يقول : لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض ومن أكلها مات . وقال الناصحون : من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب .

ومن تحايل بعض الحزبيين الطاعنين في العلماء عبر القنوات الفضائية : زعمه أن ذلك من باب الصراحة والنقد والنصيحة فيقال له : نحن ننتظر منك إذاً : النصيحة والنقد لفقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ودعاة الحزبية ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ وصاحبهم محمد سرور ...إلخ حتى نعلم هل ذلك منك نصيحة للعلماء أم فضيحة . وزعم بعضهم أن السبب فقدان الشورى وليس هذا بشيء ، فإن الشورى عندنا لها مجلس يخصها يضم نخبة من أهل العلم والخبرة والمشورة .

وليعلم أن ولي الأمر له أن يفعل الأمر أحيانا دون مشورة فلا يجب عليه أن يشاور في كل أمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح ولم يخبر أحدا بوجهته سوى ابي بكر رضي الله عنه حتى يفاجأ كفار مكة ولم يستشر أحدا في ذلك ، صلوات الله وسلامه عليه ، ثم إذا شاور ولي الأمر فلا يلزمه قبول المشورة إن رأى الأصلح في غيرها . ففي غزوة بدر استشار النبي صلى الله عليه وسلم عمر في أسارى بدر فأشار عليه بقتلهم ، فلم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورته ، ولما عزم أبو بكر على قتال المرتدين أشار عليه عمر بترك قتالهم لهم فلم يأخذ أبو بكر بمشورة عمر الفاروق وقاتلهم وحصل من ذلك خير عظيم ودحر لأهل الباطل . وهل السبب أن هؤلاء الشباب اجتهدوا فأخطأوا ، هكذا .. أخطأوا ؟ فيقال : وهل هم من أهل الاجتهاد حتى يجتهدوا ، بل الواجب أن يتورعوا وأن يحذروا القول على الله بلا علم ، والجرأة على الفتيا في هذه الأمور العظام ، ثم يقال : وهل سفك الدم الحرام ( دماء المعصومين من المسلمين والمعاهدين ) هل هو محل اجتهاد ، وهل قتل رجال الأمن الموحدين في البلد الحرام مكة : هو أيضاً اجتهاد ؟ نعم .. إنه اجتهاد الجهال وفتوى المضللين! وأما الاعتذار لهم بصغر السن فيقال:إن النصوص دلت على أن القلم مرفوع عن الصبي حتى يبلغ وهؤلاء كلهم بالغون مكلفون ، ثم لو أنهم فعلوها وفجروا الأسواق والعمارات في مكة وغيرها لقال عنهم المفتونون إنهم أبطال كأسامة بن زيد الذي قاد الجيوش وهو دون العشرين.

فالحذر الحذر معاشر الإخوان ، فإن هذه الأسباب المدعاة تفتح الباب لدعاة الفتنة ، وتعطيهم المبرر لتكرار هذه الجرائم المروعة ، ولننظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج لقد أمر بقتلهم وأخبر أنهم شر قتلى تحت أديم السماء ووصفهم بأنهم كلاب النار مع شدة عبادتهم وزهدهم وبكائهم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وقراءتكم عند قراءتهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، وقاتلهم علي رضي الله عنه ومن معه من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ، فقتلوهم شر قتلة يوم النهروان فهذا حكم الله فيهم لعظيم شرهم وذلك أنهم يكفرون المسلمين بالكبائر ، ويردون السنة بظاهر القرآن ، ويستبيحون دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فيا شباب الإسلام : اتقوا الله في أنفسكم واحذروا دعاة الباطل ، فها هم بعض شبابنا لما أصغوا اليهم أوردوهم المهالك ، فالنجاء النجاء .. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، إلا واحدة فقط جعلنا الله منها ، وهؤلاء هم أهل السنة السلفيون ، المتمسكون بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار .

فاحذروا دعاة الحزبية والفتنة ، الذين يصرفون الشباب عن العلم والعلماء إلى طريقة الحرورية السفهاء : باسم الفكر الإسلامي والدعوة والجهاد وإنكار المنكر ، فإلى متى إلى متى يا أخي ؟؟

إن الله جل وعلا ، باعثك ، وسائلك عن شبابك وعمرك فيم أفنيته ، وإن من خير ما تأتي به يوم القيامة التمسك بالسنة في زمن كثرت فيه الأهواء والفتن وعظمت فيه غربة المنهج السلفي ، قال رسول الله عليه وسلم : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء " والغرباء حقاً : هم أهل السنة ، الذين يصلحون إ ذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس من السنة .

فلا تغتر بهذه الدعوات المضللة ، ولو كثر أتباعها ، والزم أهل السنة وعلمائهم ، وتفقه في منهج السلف واعرف طرق الحزبيين الضلال حتى لا تقع في حفرهم وتهلك كما هلك أولئك . الحلم الحلم يا شباب الإسلام ، والعقل العقل ، عليكم بالعلم فإن الله يرفع به العبد وينجيه به من الفتن ، فخذوا العلم ممن عرف بسلامة المعتقد وصحة المنهج والبعد عن طرق المفتونين , وخذوا بقول العبد الصالح محمد بن سيرين : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .

كم من شاب غرته فتاوى الظلام والعنف والتكفير فترك علماء المسلمين وجماعتهم إلى من لا يعرف ما علمه ولا يدري من هو ، واذا وقعت الواقعة قال إنه بريء منهم ، فعليكم بتصحيح المنهج والرجوع إلى العلماء والالتفاف حول ولاة الأمر وأهل العلم لأن هذه هي طريقة شباب السنة السلفيين الأخيار وشيبهم . وأما أسباب هذه التفجيرات وغيرها من عمليات الإرهاب فقد ألمحت إليها ، ولها وقفة أخرى اسأل الله أن ييسرها وينفع بها.إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب . ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فعليه بكتاب " الإرهاب " للشيخ : زيد المدخلي ، حفظه الله ورعاه ، فإنه من خير ما ألف في هذا الباب ، ومنه اقتبست وأفدت .


الشيخ سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:41 PM
الغيبـــــــــة

الخطبة ( 1 )

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له وأشهد ان محمد عبده ورسوله (( ياأيها الذين أمنوا أتقوا الله حق تقاته ولاتموتن الا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وأتقوا الله الذي تسائلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا )) ((يا أيها الذين أمنوا أتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) اما بعد ويقول الله سبحانه وتعالى ممتنن على عباده ( ( الم نجعل له عينين ولساناً وشفتين )) : إن اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه العجيبة صغير جُرْمهِ عظيم طاعته وجُرمهُ ؛ إذ لايستبين الكفر والايمان إلا بشهادة اللسان ؛ بااللسان يطاع الله وبه يُعصى قال نبينا محمد  الحمد لله تملئا الميزان وسبحان الله والحمد لله تملئان أو تملئا ما بين السماء والارض : وقال  كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الي الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم : وحث رسول الله  على الصدق فقال عليكم بالصدق فأن الصدق يهدي الي البر وإن البر يهدي الي الجنة ؛ ومازال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا ؛ وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي الي الفجور وإن الفجور يهدي الي النار وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا : فال حذيفة  سمعت النبي  يقول (لايدخل الجنة نمام ) : اللسان رحب الميدان ليس له مرد ولا لمجاله منتهى وحد ؛ فمن أطلق عذبة لسانه وأهمله سلك به الشيطان في كل ميدان وساقه الي جرف هار وهل يُكَبْ الناس في النار على وجوههم الاحصائد السنتهم ؛ لاينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع فلا يُطْلِقهُ إلا في ما ينفعه في الدنيا والآخرة ؛: تقويم اللسان على شرع الله ثقيل عسير ذلك أن أعصى الاعضاء على الانسان اللسان ؛ فأنه لاتعب في إطلاقه ولا مؤنة في تحريكه وقد تساهل كثير من الخلق في الاحتراز من آفاته وغوائله والحذر من مصائده وحبائله ولانجاة من ضرر اللسان الا بالعمل بوصية رسول الله  : ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيراً أو ليسمت ) وقال عبد الله ابن مسعود  والله الذي لا اله الا هو ما شيء أحوج الي طول سجناً من اللسان وقال وهب إبن منبه في حكمة : حق على العابد أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه مقبلاً على شأنه : وقال الحسن البصري رحمه الله ما حفظ دينه من لم يحفظ لسانه : وقال محمد ابن واسع حفظ اللسان أشدْ على الناس من حفظ الدينار والدرهم ؟ آفات اللسان كثيرة فمنها الكذب والنميمة والمراء وتزكية النفس والخصومة وغيرها والبلية أن لهذه الآفات حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان ؛ والخائض قلْ ما يقدر أن يُمسك لسانه كان وهيب أبن الوردي يقول والله لترك الغيبة عندي أحبُ الي من التصدق بجبل من ذهب ؛ الغيبة وما أدراك ما الغيبة ؟ فاكهةُ كثيراً من المجالس الا ما رحم ربك ؛ ما سلم منها الا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى : الغيبة عرْفها أهل العلم بأنها ذكر العيب بظهر الغيب : قال نبينا  أتدرون ما الغيبة فقالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قال أرايت إن كان في أخى ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد إغتبته وإن لم يكن فقد بهته ) خرجه الامام مسلم في الصحيح إذا أردت أن تُدْرك قبح الغيبة فقدر أن الذي أغتيب هو أنت ؟ أترضى أن يقع الناس في عرضك فتكون حديث المجالس يقول ربنا جل جلاله ( ولايغتب بعضكم بعضا ايحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) كان نبينا  يحذر من الغيبة قال جابر  كنا مع النبي فارتفعت ريح منتنة قال  أتدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين رواه الامام احمد في مسنده الغيبة سلعة رائجة فأن لله وإن اليه راجعون ؛ الزوجة تغتاب زوجها والزوج يغتابها ؛ والطالب يغتاب معلمه والموظف يغتاب رئيسه ورفقائه في العمل والقريب قد آذا قريبه ؛ وحدث ولا حرج كغيبة الجار لجاره والاجير لرب العمل والرعية للحاكم : من عقوبة الغيبة التعذيب في القبر فعن أبي بكرة  قال مر النبي  بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فيعذب في البول وأما الاخر فيعذب في الغيبة رواه الامام احمد : مر عمرابن العاص على بغل ميت فقال لبعض أصحابه لأن يأكل الرجل من هذا حتى يملاء بطنه خيراً له من أن يأكل لحم رجل مسلم : كان السلف يعدون ترك الغيبة من صالح الاعمال ؛ قال وهيب أبن الوردي والله لترك الغيبة عندي أحب الي من التصدق بجبل من ذهب ؛ وقال عمر  عليكم بذكر الله فأنه شفاء ؛ وإياكم وذكر الناس فأنه داء ؛ قال الحسن البصري يا أبن أدم إنك لن تصيب حقيقة الايمان حتى لاتعيب الناس بعيب هو فيك ؛ كان أصحاب النبي  كانوا يتلاقون بالبُشْر ولايغتابون عند الغيبة ويرون ذلك أفضل الاعمال ؛ ويرون خلافه عادة المنافقين ؛ قال بعضهم أدْركنا السلف وهم لايرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ولكن في الكف عن أعراض المؤمنين ؛: كان سلفنا الصالح أهل التقى والورع يُبغِضون الغيبة ويذمون أهلها أشد الذم ؛ سمع علي أبن الحسين رجل يغتاب آخر فقال له أياك والغيبة فأنها إدام كلاب الناس ؛ وقال أبو عوف دخلت علىمحمد ابن سيرين رحمه الله فنلت من عرض الحجاج ابن يوسف عنده وكان الحجاج حاكماً ظالماً فقال لي محمد ابن سيرين يا أبا عوف إن الله حكم عدل فكما ينقم من الحجاج كذلك ينتقم للحجاج ؛: غيبة الناس والوقوع في أعراضهم تسلطهم على حسناتك في يوم الدين .؟ روى الامام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله  قال أتدرون من المفلس إن المفلس إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فأن فنيت حسناته قبل أن يقضىِ ما عليه أُخذا من خطايهم فطرحت عليه ثم طرح في النار : كان الحسن البصري رحمه الله إذا بلغه أن أحداً إغتابه يرسل اليه بهدية ويقول له على لسان الرسول بلغني يا أُخي أنك أهديت الي حسناتك وهي بيقيناً أعظم من هديتي هذه : قال أبو أمامة إن العبدليعطى كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يعملها ؛ فيقول يارب أنا لي بهذا فيقول له هذا بما أغتابك الناس وأنت لا تشعر ؛ كان عبد الله ابن المبارك رحمه الله يقول لو كُنْتُ مغتاباً أحداً لاغتبت والدي لانهما أحق بحسناتي من غيرهما ؛ قال سعيد ابن جبير رحمه الله إن العبد ليعمل الحسنات الكثيرة فلا يراها في صحائفه فيقول يا رب أين حسناتى فيقال له ذهبت بأغتيابك الناس وهم لايعلمون (من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها وما ربك بضلام للعبيد ) ؛ إن كنت جاهلاً لوعيد الله لمن أطلق لسانه في حرمات الله فأنصت ؟ أنصت لهذا الوعيد الذي تنصدع منه الجبال ؛ روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  قال إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها الي النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ؛ وفي سنن الترمذي وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه الي يوم يلقاه ) وعقاب من نوع أخر رواه المصطفى  لقد روى الامام أبو داوود في سننه من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله  قال لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ؛ فيا أيها الموفق المسدد إن كنت ممن يخاف الوقوف بين يدي الجبار إن كنت ممن يوقن بقول الله سبحانه وتعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أوليك كان عنه مسؤلاء ) إن كنت كذلك فأزجر نفسك وأصحابك وجلسائك عن الوقوع في أعراض المؤمنين وغيبتهم والا فأنك شريك لهم لامحالة : روى الترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله  قال من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة : وفي الصحيحين أن رجل قال في مالك أبن الدخشم ذاك منافق لايحب الله ورسوله فرد عليه النبي  وقال لاتقل ذلك الا تراه قد قال لا اله الا الله يريد بذلك وجه الله ؛ وفيهما أن رجل قال في كعب أبن مالك حبسه برداه ونظره في عطفيه ؛ فرد عليه معاذأبن جبل رضي الله عنه وقال بئس ما قلت ؛ والله يارسول الله ما علمنا عليه الا خيرا : ! إعلم أن حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أوخلقه أوبلده أوقوله أو فعله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه وداره ودابته ؟ فمن الغيبة ذكر عيوب الناس كالقصر والطول والبخل أو أن تقول هو مُرائي أومتكبر أوشارب خمر أو ليس باراً بوالديه أو انه يحلق لحيته أوسيي الخُلق أو انه كثير الكلام أن كنت صادقاً فقد اغتبت أخاك وإن كنت كاذباً فقد بهته : وأما ذكر العيب لمن له قدرة على الاصلاح فلا حرج فيه : مما ينبه اليه في هذا الموضع أن الغيبة تكون باللسان تصريحاً وتعريضاً ؛وتكون أيضاً بالفعل والأشارة والايماء والغمز والهمز والكتابة وكل ما يُفهم منه تنقص مسلم ؛ ؟ من ذلك أن يقلد أخاً له ُ في طريقة مشيه أوكلامه ؟جاء في سنن أبي داوود عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت للنبي  حسبك من صفية كذا وكذا قال بعض الرواة تعني قصيرة : فقال النبي  لقد قلتي كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته قال النووي رحمه الله : لو مزجت بماء البحر لمزجته أى خالطته مخالطتاً يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها و قبحها ؛ قال وهذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أوأعظم أو أعظمها وما أعلم شيئاً يبلغ في الذم لها هذا المبلغ : يا معاشر المؤمنين الموحدين من أخبث أنواع الغيبة غيبة المرائين فيظهر أحدهم الغيبة في صورة توهم النصح للمغتاب والاشفاق عليه ويحرص هذا المرائي أن يظهر من نفسه التعفف عن الغيبة وهو كذاب محتال دجال ؛ ومثال ذلك أن يذكر عنده أنسان فيقول ؛ الله يعفو عنا وعنه أصلح الله الاحوال نسأل الله العافية ؛ أو يقول نسأل الله أن يعصمنا ؛ وإنما قصده من ذلك كله أن يُفْهِمْ عيب ذلك الرجل المذكور ؛ ومنه أن يقول فلان أعتراه فتور ونقص في دينه وأبتلى بما نُبْتلى به أو انه تغير فيمدح نفسه بأنه غير معجب ولامغرور وفي الوقت ذاته يذم رفيقه وهذا من المكر والاحتيال فأحذروه :ومما يحذر منه أيضاً الاصغاء الي الغيبة على سبيل التعجب ؛ فأنه إنما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب في الغيبة فيندفع فيها ؛ وأحياناً يقول لمن يغتاب الناس عنده أسكت وهو راغب في سماع تلك الغيبة ومائل اليها قلبه : يقول نبينا  لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ! تأمل أخي في قول مالك أبن دينار رحمه الله ثم أستمع لأحاديث المجالس : قال رحمه الله كفى بالمرء إثماً الايكون صالحاً ثم يجلس في المجالس ويقع في أعراض الصالحين ؟ نرى بعض الناس سلم منه أهل الفجور والفسق ولم يسلم منه أخوانه الصالحون ؛ يتتبع زلاتهم ويفرح بعثراتهم إذا أراد أن تتجه اليه الأنظار أو أن يرفع نفسه في مجلس ماء لم يجد سبيلاً الا الوقوع في أعراض الصالحين يغتاب العلماء والقضاة والدعاة الي منهج السلف والأئمة والمؤذنين والقراء ويغتاب ولاة الأمر ليرفع نفسه ؛ وللنفس في ذلك حظ؛ فكأنه يقول إن خطاء هؤلاء يبرر أخطائي ويعفيني من المحاسبة على ذنوبي وإجرامي ونسي أن أوليك الابرار إن أخطائوا فخطائهم عن إجتهاد وهم مأجورون ؛ فكيف يساوي بهم المصر على الذنب والفجور ليله ونهاره ؟ أعلموا إن البواعث على الغيبة كثيرة ؛ ومن أسبابها النزاع والمخاصمة فتراه يذكر مساوي خصمه ليشفي غيضه ومن الاسباب مجاملة الرفقاء وموافقة الأقران فيظن أنه لو أنكر عليهم الغيبة أستثقلوه ونفرو منه فيساعدهم ويرى ذلك من حُسن المعاشرة ومن أسبابها أنه يريد رفع نفسه بتنقيص غيره فيقول فلان جاهل أو عِلمهُ قليل وغرضه أن يثبت فضل نفسه وأنه أعلم ؛ ومن الاسباب الحسد فتراه يحسد من يثني عليه الناس ويحبونه ويكرمونه وقد طرح الله جل وعلا له القبول بينهم فيريد زوال تلك النعمة فلا يجد سبيل لذلك الا بالقدح فيه والعجيب في الحسد أنه ربماء صدر من الصديق المحسن والرفيق الموافق من اُبتلي بهذا المرض الخبيث فليتب الي الله جل وعلى قبل أن يفاجئه الموت لأن النبي  قال إنما الاعمال بالخواتيم ؛ وقال نبينا  من مات على شيء بُعِثَ عليه : فيامن لايخلو مجلس له من غيبة و وقوع في أعراض المؤمنين ؛ إتقِ الله جل وعلا وأعلم أنك ناقص القدر عند الله وعند الناس ؛ إن كنت تطلب بالغيبة رضا جلسائك فأعلم أن من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس فأشتغل بعيوب نفسك عن عيوب الناس ؛ كل نفس بما كسبت رهينة ؛ اترضى أن يفوز الناس بحسناتك وأجورك وتبوى أنت بالأثم وهم بما نالوه من قِبلك فرحون فأى صفقة أخسر من هذه إذا كنت تغتاب أهل الفضل والسنة لترفع من شأنك فبئس ما صنعت والله ثم والله ليفضحنك الله على روؤس الأشهاد ؛ يقول الله سبحانه وتعالى كما في الحديث القدسي من عاد لي ولياً فقد أذنته بالحرب ؛ أين هم الذين أغتابوا وتكلموا في الأمام أحمد أمام أهل السنة ؛ وشيخ الاسلام ابن تيمية ؛ وأبن القيم ؛ والامام المجدد أبن عبد الوهاب ؛ وعلامة هذا الزمان العلامة أبن باز والعثيمين وغيرهما من أهل العلم والفضل ؛ أين أوليئك الذين أغتابوهم فضحهم الله جل وعلا على روؤس الأشهاد وأنجى عباده المؤمنين وخلصهم ؛ أيها العبد المُفرط أياك وسوء الظن بأخوانك وإذا أطلعت على هفوة مسلم فانصحه في السر ولا تفضحه لا يخدعنك الشيطان بغيبة ذلك المسيء وإذا ما وعظته فلاء تعظه وأنت مسرور بأطلاعك على نقصه لينظر اليك بعين التعظيم وتنظر اليه بعين الأحتقار ؛ ولكن عضْ أخاك وقصدك الأحسان اليه وقد أصابك الحزن لما وقع منه من خطاء وإجرام تقصد تخليصه من نار جهنم ؛ عضْهُ وأنت مشفق عليه محب له لاترضى لنفسك بغيبته ؛ فالتوبة التوبة عباد الله إن التوبة من الغيبة واجبة فهي من كبائر الذنوب يقول أبن القيم رحمه الله : وهل يكفي في التوبة من الغيبة الأستغفار للمغتاب أم لابد من أعلامه وتحلله ؛ قال الصحيح أنه لايحتاج الي إعلامه بل يكفيه الاستغفار له وذكره بمحاسن مافيه في المواطن التي أغتابه فيها ؛ وهذا أختيار شيخ الأسلام أبن تيمية وغيره ؛ فإنه أي أعلامه يوغر صدره ويؤذيه ولعله يُهيج عداوته ؛فاأسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا ذنوبنا ؟ اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والاكرام اللهم أغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل في قلوبنا غل للذين أمنوا ربنا إنك رؤف رحيم : أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم



الغيبـــــة الخطبة ( 2 )

الحمد لله رب العلمين ولاعدوان الا على الظالمين وأشهد أن لااله الا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه أجمعين : أما بعد فمن الامور التي لاتدخل في الغيبة المحرمة بل هي من النصيحة ذكر أهل الاهواء والفتنة وبيان مخالفاتهم وتحذير أهل الايمان منهم فليس ذا من الغيبة المحرمة كما يلبس المفتونون : ها هو نبينا e يذكر المسيح الدجال ويبين فتنته ومخرجه وما معه من الأمور العظام ثم يوصي أهل الأسلام بالبعد عنه وعدم مصاحبته و من سمعه فلينأى عنه وليهرب بدينه فهل هذا ياعباد الله من الغيبة : وها هو رجل يستأذن على النبي e فقال إذنوا له بئس أخو العشيرة ؛ فهل هذا من الغيبة أيضاً : ولما قال ذو الخويصرة يا محمد إعدل فأنك لم تعدل قال له النبي e قال النبي في حق هذا الرجل يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وقراتكم عند قراتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فهل هذا من الغيبة : أم من النصيحة ؟ فرق معاشر المؤمنين بين الغيبة والنصيحة إنما يعرف ذلك أهل العلم قال رجل للامام أحمد وقد سمعه يقع في رجل ويحذر عنه وكان الأمام أحمد شديدا في ذلك فقد قال في حق الكرابيسي ؛ هتكه الله الخبيث ؛ فقال ذلك الرجل للامام أحمد لاتغتاب المسلمين ؛ فقال الامام أحمد إمام أهل السنة : ياهذا إنما نحن نغتاب للمسلمين ؛ ولما وقع قتادة وكان من أئمة السلف لما وقع وتكلم في عمرو أبن عبيد المبتدع وحذر منه قال عاصم الاحول العلماء يقع بعضهم في بعض فقال له قتادة يا أحول وما تدري أن الرجل إذا أحدث ينبغي أن يذكر ليحذر والذي يقول لاتذكروا أهل الاهواء والفتنة ويحتج بأنها غيبة هو أحد رجلين إما جاهل حقه أن يأخذ سبورة ويجالس علماء السنة والتوحيد : وإما أنه رجل سيء القصد يميل اليهم أو هو منهم كما قال عقبة أبن علقمة كنت عند أرطاه أبن المنذري فسئل عن الرجل يماشي أهل السنة فاذا ذُكِرَ أهل الاهواء قال دعونا منهم لاتذكروهم فقال أرطاه أبن المنذري : هو منهم لايلبس عليكم أمره قال فتعجبت من ذلك وذهبت الي الامام الاوزاعي وكان كشافاً عن هذه الامور إذا بلغته فسالته فقال صدق أرطاه القول ما قال :هذا ينهى عن ذكرهم متى يعُلموا ومتى يُحذروا إذا لم يبين ذكرهم وقيل للامام أحمدلما تكلم في أُناس وحذر منهم قيل له ياأمام أحمد أما تخشى أن تكون هذه غيبة قال إذا سكتُ أنا وسكتَ أنت ؛ فمتى يعلم الناس الصحيح من السقيم : فأنتبهوا بارك الله فيكم من تحايل أهلِ الاهواء والبدع ولايستغل هذا الامر وهو تحذير النبي e من الغيبة فأنه كما حذر منها ؟ حذر من أهل الأهواء والفتن بأعيانهم وأوصافهم والله الموفق والهادي الي سوى السبيل ؛ اللهم ياحي يا قيوم ياذا الجلال والاكرام اللهم إنا نسائلك الهدى والتقى والعفاف والغنى ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار


الشيخ سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:42 PM
حتى لاتكون فتنة
اسباب الامن وموانعه

الحمد لله القائل ( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، خلق فسوى وقدر فهدى ومن كل شئ أعطى وأصلى وأسلم على البشير النذير والسراج المنير محمد بن عبد الله رسول رب العالمين ، وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد .. فلقد امتن الله على عباده فقال : ( أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمنا ويتخطف الناس من حولهم ، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون). وذكّر ربنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بنعمة الأمن والعز بعد الخوف والقلة ، فقال جل جلاله (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس ، فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون) ومن نعمه أيضا وهو الكريم المنان ، جعلُ البيت الحرام موضعَ أمن وطمأنينة ، قال تعالى (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) وقال تعالى ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا) . وبين ربنا نعمه العظيمة على سبأ ، بالأمن في أسفارهم فلا يخافون أحداً ، قال تعالى فيهم (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير ، سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) . فعلم مما تقدم أن تحقيق الأمن مما جاءت به شريعة الإسلام ، وهو من أعظم نعم الله : أن يأمن المسلم على دينه فيعبد ربه آمنا مطمئنا ويأمن على نفسه وماله وعرضه وعقله ونسله . ولذلك شرع الله العقوبات الرادعة والحدود لتحقيق الأمن والحفاظ على هذه الضروريات فشرع حد الردة لمن بدل دينه ، وشرع حد الزنا حفاظا على الأنساب ، وشرع حد القذف حفظا للأعراض ، وشرع حد المسكر حفظا للعقل ، وشرع القصاص حفاظا على الأنفس ، وشرع حد الحرابة لدفع ضرر قطاع الطريق وليأمن الناس في أسفارهم ، فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والأمن والإيمان . وإذا أردت أن تعرف ما تحقق بهذا الدين من أمن ورخاء ، فتأمل حال أهل الجاهلية في جزيرة العرب ، كيف كانوا قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما حالتهم الدينية ، فكانت من أسوأ الحالات وأشدها اضطرابا ، فكانوا يعبدون الأوثان ، كاللات والعزى ومناة ، وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها : ثلاثمائة وستون صنماً، بل كان لأهل كل دار بمكة صنم يعبدونه ، وإذا أراد أحدهم سفرا أو قدم منه تمسح به ، بل كان الرجل إذا سافر فنزل منزلا ، أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها ، فاتخذه ربا، وجعل الثلاثة الباقية أثافي لقدره ، وكانوا إذا لم يجدوا أحجاراً ، يجمعون الرمل ثم يحلبون عليه الشاة ثم يطوفون به ، تبركاًُ وتعظيماً له ، وكانوا يطوفون بالكعبة عراة ، حتى كانت المرأة كما في صحيح مسلم : تطوف بالبيت عريانة وتقول : اليوم يبدو بعضه أو كله ، وما بدأ منه فلا أحله ، وكانوا يقولون في طوافهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك . وكانوا يقتلون أولادهم ، ويسيبون أموالهم تقربا للأصنام، كما قال تعالى : " قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله " . وأما حالتهم السياسية : فكانت أسوأ حالة أيضاً ، حيث تسودها الفوضى والاضطراب ، وتسلط القوي على الضعيف ، والقبائل يعتدي بعضها على بعض بالقتل والنهب والسلب ، بل قد تقوم الحروب الطاحنة لأتفه الأسباب ، وكان فريق منهم تحت سلطة الفرس المجوس أو الروم النصارى ، فلم يكن لأهل الجزيرة رابطة تجمعهم . وأما حالتهم الاقتصادية فإنها تقوم على أكل المال بالباطل والظلم ، والمعاملات الربوية ، وأكل الخبائث وكانت تجارة الخمور رائجة . وأما حالتهم الأسرية : فكانوا يئدون بناتهم خوف العار ، ويقتلون أولادهم خشية الفقر ، وكان أحدهم يتزوج من النساء ما شاء ،دون تقيد بعدد ولا التزام بحقوق الزوجية ، وكانوا يحرمون النساء والصبيان من الميراث ، بل كانوا يرثون زوجة الميت من بعده كما يرثون ماله . هذا مجمل حال العرب في الجاهلية . فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، انكشفت الكربة ، وانجلت الغمة ، وأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور ، كما قال تعالى (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ) ، وقال تعالى (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) . وذكّرهم ربنا بنعمة عليهم فقال : (واذكروا نعمة عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " . وبذلك صارت جزيرة العرب بعد أن دخل أهلها في الإسلام : صارت بلادا يسودها الأمن ويحكمها الوحي الإلهي ، وتظللها راية التوحيد ، فلم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله عليه قوله (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). وقد بين الله مقومات هذا الأمن وأسبابه التي يتحقق بتوفرها ، ويزول بزوالها . فمن أسباب تحقيق الأمن : أولا : إصلاح العقيدة ، بإخلاص العبادة لله ، وترك عبادة ما سواه ، والبراءة من الشرك وأهله وملازمة العمل الصالح . قال تعالى : (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون). فعلق سبحانه حصول هذه المطالب العالية : الاستخلاف في الأرض والتمكين للدين وإبدال الخوف بالأمن علق ذلك كله ووعد به إن تحقق أمران هما : عبادة الله سبحانه وتعالى ، وترك الإشراك به : " يعبدونني لا يشركون بي شيئاً " . وهذا هو الذي بعث الله برسله كلهم ، قال تعالى : (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )، وهو حق الله على عباده ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " . ونحن في هذه البلاد بلاد الحرمين أعزها الله بالإسلام ، قد أنعم الله علينا بدعوة سنية سلفية ، دعوة التوحيد التي قام بها الإمامان محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود . فكان من ثمراتها زوال البدع والشركيات ، وظهور السنة وأهلها وتحقيق التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، وقيام دولة تحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح ، فذاق الناس طعم الأمن ونعموا به بعد سنوات الخوف والفرقة في جزيرة العرب ، واجتمعت القلوب بعد تباغض ، وعبد الناس ربهم فعمرت المساجد ووفد الحجاج إلى بيت الله الحرام من كل فج عميق في أمن ورخاء وطمأنينة ، فاللهم لك الحمد على نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة ، اللهم لك الحمد على نعمة الأمن والإيمان ، اللهم من أرادنا وعلمائنا وولاة أمرنا وبلادنا بسوء وفتنة اللهم رد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء . فاحرصوا بارك الله فيكم على دعوتكم السلفية، وثمارها الزكية ، واحذروا الأفكار الدعوية الوافدة ، والمناهج الحزبية المستوردة ، فإنها شر وبلاء وهي من أسباب زوال النعم ، ولو كان فيها خير لأصلحت بلادها وحاربت ما فيها من بدع وشرك صراح ، ويل لمن سعى للإفساد في الأرض بعد إصلاحها بالتوحيد والسنة وويل لمن سعى في التفريق بين المؤمنين وسفك الدم الحرام ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبغض الناس إلى الله ثلاثة : (ملحد في الحرم ، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه) رواه البخاري (6488) . وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" رواه البخاري ( 6862) . وقال صلى الله عليه وسلم: " أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء " متفق عليه . ( بخاري 6864 مسلم 1678) . وقال صلى الله عليه وسلم : " من قتل معاهدا لم يجد رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما " رواه البخاري ( 3166) . قال الله جل وعلا : " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جمعياً" فاللهم احفظ علينا أمننا واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وما يجري بالليل والنهار يا عزيز يا غفار . ثانياً : من مقومات الأمن وأسباب تحقيقه بعد التوحيد : إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى : " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) . فربط سبحانه وتعالى حصول النصر على الأعداء الذي يتوفر به الأمن للمسلمين ربط ذلك بإقام الصلاة التي هي ثاني أركان الإسلام ، وإيتاء الزكاة . وكما أن هذه الأمور هي من أهم أسباب النصر والأمن في الدنيا ، فهي كذلك من أسباب الأمن في الدار الآخرة : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) وقوله : (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) أي لم يخلطوا عبادتهم بشرك بل أخلصوا الدين لله رب العالمين وقال تعالى فيهم : (إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون) . وقال تعالى : (وهم في الغرفات آمنون) جعلنا الله منهم أجمعين . ثالثاً : من أسباب تحقق الأمن : اجتماع الكلمة والحذر من التفرق وطاعة ولاة الأمور بالمعروف . قالت تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " ، وقال تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ، وقال تعالى " ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون " . ولهذا حرم الله معصية ولي الأمر إذا لم يأمر بمعصية ، لما في ذلك من المفاسد ، وحرم الخروج على إمام المسلمين وتفريق الكلمة وأمر بردع من سعى في ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر " رواه مسلم (1844) وقال صلى الله عليه وسلم : " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد ، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه " رواه مسلم (1852) . رابعاً : من مقومات الأمن وأسبابه : شكر النعمة ، ومن أسباب زواله كفرها , قال تعالى : " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " . وقال تعالى : (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) . وقال تعالى : (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون). وقال تعالى : (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين ، فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق ، إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) . وإذا كان لتحقيق الأمن أسباب ، فإن لزواله أسباباً أيضا ، ينبغي الحذر والبعد عنها . فمن أسباب زوال الأمن : الطعن في العلماء ، وتصدر الجهال ودعاة الفتنة والإصغاء إليهم ، ووجود الشرك والبدع ، ومنها : التفريط في أداء الصلاة والزكاة ، ومنها فشو المنكرات واختلاط الرجال بالنساء وتساهل الآباء والأزواج في حفظ من تحت أيديهم . ومن الأسباب التي تفسد الأمن ، وتحرض على الفتنة وشق عصا المسلمين ، وتوغر الصدور على علماء أهل السنة وولاتهم وبلادهم : تلك الكتب الفكرية الحركية فإنها أصل البلية ، وهي ينابيع الشر والتكفير والعنف والفرقة .

وإليكم بعض ما في تلك الكتب التي يسمونها كتب الفكر الإسلامي ، لتعلموا خطرها وأثرها السيء على شبابنا : فمما في تلك الكتب : أولا : تكفير الدول الإسلامية الموجودة الآن كلها بلا استثناء : - يقول أحد المفكرين الإسلاميين في تفسيره للقرآن( في ظلال القرآن 4/2122) : إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي " . فهل غاب عن فكر هذا المفكر تحكيم بلاد الحرمين حرسها للشريعة أم أنه جنون التكفير - وقال ذلك المفكر أيضاً(في ظلال القرآن 3/1634 ) : " إن المسلمين اليوم لا يجاهدون ، ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون" . - وقال أيضا ساخراً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم (في ظلال القرآن 2/1057 ): " ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ، ونكصت عن لا إله إلا الله ، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله - وقال أيضا محرضاً على أهل الإسلام ( الظلال 4/2009 ): " إن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم " . فما أثر هذه الكلمات على شبابنا، وأي فكر سيحملونه بعد ذلك ، وأي عنف سيتبنونه؟ ثانياً : مما تنضح به كتب المفكرين الإسلاميين : تربية الشباب على القيام بالانقلابات والثورات والتفجير والعنف : - فها هو أحدهم يثني على أولئك الثوار الأشرار الذين قتلوا إمام المسلمين وخليفتهم المبشر بالجنة عثمان بن عفان ، فيقول ذاك المفكر في هذه الفعلة الشنيعة : " إن تلك الثورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام "(العدالة الاجتماعية لسيد قطب ص160 ). وقال أحد كبار المفكرين الإسلاميين في تفسيره للقرآن(الظلال 3/1451 ) ، حاثاً الشباب على الخروج والفتنة : يقول : " إنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم ، بإحداث الانقلاب المشهود ، والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها " . - بل وصل الحال بأحد أولئك المفكرين المكفرين إلى ترك صلاة الجمعة مع المسلمين , فلما سئل عن ذلك قال : " إنه يرى أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة ، وإنه لا جمعة إلا بخلافة"(ذكره علي عشماوي في كتاب التاريخ السري للاخوان المسلمين في نقاشه لسيد قطب ص 112 ) - فما أثر ذلك على شبابنا معاشر العقلاء ، وما الفكر الذي سيحملونه بعد ذلك ، فرحم الله من سعى في نشر السنة ، ومحاربة البدع ، وتجفيف ينابيع الشر والتكفير والفتنة والتفجير والتخريب. حفظ الله شباب المسلمين من كل سوء ، وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وزقهم العلم النافع والعمل الصالح وجعلهم قرة أعين لوالديهم وبلادهم . ( )


الشيخ سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:50 PM
شهيد الدار

مقدمة:

فهذا المنهج الخفي يعمل به دعاة الفتنة فأفسدوا من أفسدوا من العوام والشباب والأحداث الأخيرة شاهده على ذلك هذا المنهج قائمآ على أصول سبعة فحفظوها وأحذروها فإن معرفة سبيل وأوصاف بني الباطل تسلمك من شرورهم بإذن الله عزوجل "ولتستبين سبيل المجرمين" وبهذا جاءت سنة نبينا صلى الله عليه وسلم, في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لحذيفة رضي الله عنه دعاة الفتنة وإن من أطاعهم قذفوه في نار جهنم فقال حذيفة رضي الله عنه صفهم لنا يا رسول الله فطلب حذيفة صفات دعاة الفتنة ليحذرهم فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا, وقال حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. متفق عليه



مقدمة:
فهذا المنهج الخفي يعمل به دعاة الفتنة فأفسدوا من أفسدوا من العوام والشباب والأحداث الأخيرة شاهده على ذلك هذا المنهج قائمآ على أصول سبعة فحفظوها وأحذروها فإن معرفة سبيل وأوصاف بني الباطل تسلمك من شرورهم بإذن الله عزوجل "ولتستبين سبيل المجرمين" وبهذا جاءت سنة نبينا صلى الله عليه وسلم, في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لحذيفة رضي الله عنه دعاة الفتنة وإن من أطاعهم قذفوه في نار جهنم فقال حذيفة رضي الله عنه صفهم لنا يا رسول الله فطلب حذيفة صفات دعاة الفتنة ليحذرهم فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا, وقال حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. متفق عليه

في صفات دعاة الفتنة وما منهجهم الخفي, هذا المنهج يقوم على سبعة أصول وهي كالآتي:

أولآ: إخفاء محاسن ولاة الأمر وكتمانها

إخفاء محاسن ولاة الأمر وكتمانها فلا ينسب إليهم خير مما يكون في البلد من إقامة الصلوات وحماية الثغور والقيام في خدمة الحرمين وحجاج بيت الله الحرام والسعي في استدباب الأمن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحكيم الشريعة والإنفاق على الدعوة والدعاة إلى غير ذلك من الأمور المحمودة " فأهل الفتنة لا يحفظون لأحد فضلا, قد خالفوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله عزوجل ) فهم يكتمون المحاسن لئلا يكون في النفوس محبة لولاة الأمر وإجتماع وإلتفاف حولهم.

ثانيآ: إظهار عيوب ولاة الأمر والتشهير بهم

إظهارعيوب ولاة الأمر والتشهير بهم على المنابر وفي المجالس بل ونسبة كل شر إليهم وإيهام عوام المسلمين أن سبب مآسي المسلمين وسبب مصائبهم هم الولاة وأن كل مصيبة تقع فهم أصلها وأن الفجور قد عم حتى يشعر الشاب أن كل ما حوله منكرات ومعاصي وأنه يعيش في جاهلية سببها ولاة الأمر بل يصل الأمر إلى التكفير المبطن فتوصف بعض قرارات البلاد بأنها قرارات علمانية, والعلمانية كما تعلمون ردة وكفر بالله تعالى ويوهمون الناس بأن ولاة أمرهم ضد الدعوة والإصلاح ولو كانوا يقيمون الصلاة ويحكمون شرع الله عزوجل ثم يوهمون الشباب والعوام أنهم مظلومون مضطهدون قد سلبت حقوقهم وأن الظلم قد عم ولا بد من إنكار المنكر وقد آن أن يضحي المسلم بنفسه لنصرة الحق والصدع به وإبراء الذمة, والمطالبة بالحقوق عند ذلك يهيأون أؤلئك الجهال للخروج وحمل السلاح ويفسدون ولا يصلحون ويهلكون الحرث والنسل ويخالفوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الآمر بالصبر ولزوم الجماعة والسمع والطاعة وأن حصل ذيم وظلم خوفآ من وقوع الفتنة وسفك الدماء كما قال الإمام مالك: " حاكم غشوم ظلوم ولا فتنة تدوم " وكان عبدا لله بن سبأ رأس الفتنة زمن عثمان رضي الله عنه كان يقول لأتباعه انهضوا بهذا الأمر بالطعن في أمرائكم.

ثالثآ: تبني مآسي وجراحات المسلمين وإظهار المناصرة

تبني مآسي وجراحات المسلمين وإظهار المناصرة لهم ويوهمون الناس بأنهم القائمون على ذلك ويصدرون البيانات والتوقيعات الجماعية في النفير والقطمير والصغير والكبير قد جعلوا أنفسهم أوصياء على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما علموا أنهم قد خالفوا في ذلك سنة نبينا صلى الله عليه وسلم بفتيائهم على ولاة أمرنا وعلمائنا الكبار لأن هذه القضايا الكبرى لا يقدر على معرفة خفاياها وحقائقها وعلاجها إلا أولي الأمر لذا ذم الله المفتاتين على ولاة الأمر في ذلك فقال: ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وأولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان إلا قليلا ) وهؤلاء إنما يتبنون جراحات المسلمين ويظهرون مناصرتهم ليجمعوا الناس حولهم وليتشبعوا بما لم يعطوا ويهمشون في الوقت ذاته نصرت ولاة الأمر لقضاء المسلمين بل قد يزعمون خلاف ذلك فيشعرون الجهال بأن ولاة الأمر قد خذلوا قضايا الأمة ولم ينصروا إخواننا المسلمين ويصل الأمر بهم إلى اتهام حكامنا بموالات الكفار ومناصرتهم على إخواننا المستضعفين وهذا من الكذب الذي سيسألهم الله عنه يوم القيامة ومن جهلهم أنهم يلزمون الولاة بنصرة المستضعفين مطلقآ ويحتجون بقوله تعالى: ( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) ولو أنهم أتموا الآية لعلموا أن المناصرة مقيده بشرط ذكره الله تعالى, ذكره الله في تمامها بقوله: ( إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ) ولأجل ذلك لا تجب نصرتهم وفاء بالعهد والميثاق كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية حيث أنه لم ينصر أبى جندل وأبى بصير ومن معهم من المستضعفين لما كانوا على سيف البحر يقاتلون قريشآ وفاء بالعهد الذي بينهم وبين كفار قريش, ثم يقال لهؤلاء المفتونين فما بالكم تتباكون على جراحات المسلمين وتناصرونها وأما قضايانا ومآسينا فلا بكاء ولا دموع ولا استنكار لماذا تتباكون على قتلى المسلمين في أقصى الدنيا ثم لا تتباكون على قتلانا من الأطفال والشباب والعجائز ورجال الأمن الموحدين عنيتم بقضايا الأمة شرقآ وغربآ وملأتم الدنيا بكاء وتوجعآ وتفجعآ فلما أصبنا واستهدفنا في أمننا وأعراضنا وعقيدتنا سكتم كأن لم يكن شئ بل صرتم تبررون وتخذلون الناصحين أين الصدع بكلمة الحق لماذا لا تبينون للناس حال هؤلاء الخوارج وتحذرون من أفعالهم ومناهجهم ألسنا مسلمين ألسنا إخوانكم ما هذه الإتقائية في التعاطف والتباكي على جراحات المسلمين, أن تباكيكم على مآسي المسلمين وجراحاتهم إنما هو تحايل منكم لتحقيق كسب سياسي يقود الجماهير إليكم, وبعد فالحق أنكم من أسباب جراحات المسلمين ومآسي المسلمين لنشركم هذا المنهج الثوري الخارجي في بلاد الإسلام باسم الجهاد والإصلاح والدعوة إلى الحاكمية وإعادة الخلافة فأشعلتم الفتن في أماكن شتى وأوردتم المسلمين المهالك وضربتم الرعية بالراعي فثارة الفتن وسفكت الدماء, نعم في بلد مسلم واحد قتل أكثر من مئة ألف مسلم خلال عام عشر سنوات تقريبآ قتل بعد أن طبق هذا المنهج الخبيث هذا المنهج الخفي وما زالت جراحات المسلمين تنزف وأرواحهم تزهق بأيدي خوارج العصر فإنا لله وإنا إليه راجعون

رابعآ: وهو إسقاط كبار العلماء

وهو إسقاط كبار العلماء الناصحين واللجنة الدائمة وهيئة العلماء بدعوى عدم فقههم بالواقع وأنهم مغيبون نحو ثلاثين سنة وإنهم لم يفتحوا صدورهم للشباب ولم ينزلوا للساحة والميدان كما يقولون وإنهم في أبراج عاجيه وإنهم علماء السلطان فلا ينطقون بالحق وإنهم لجنة رسمية حكومية وانه لا يوجد عندنا مرجعية علمية موثوقه إلى آخر ما ينطقون هؤلاء الأفاكون يفعلون هذا ليفصلوا العامة عن العلماء فيخلوا لهم الجو وانظروا كيف أن اؤلئك المفتونين أطاعوا رؤوس الفتنة وعصوا العلماء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتلوا عثمان رضي الله عنه واليوم ما من فتوى في قضايا الأمة الكبرى تصدر من علمائنا الكبار مبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح إلا ويأتيك سيل من التشكيك فيها والهمز واللمز والطعن المغلف بغلاف الغيرة على قضايا الأمة ثم يفاجأ الناس بعد التشكيك عاملة التهميش لفتاوى علمائنا الكبار يفاجأون ببيانات أخرى يصدرونها أصحاب التوقيعات الجماعية بيانات فيها إفتيات على العلماء الذين أوكل إليهم ولي الأمر النظر في أمور الدولة العظمى وإصدار الفتاوى فيها ليعمل بها لتكون البلاد على رأي واحد ويحسم النزاع والخلاف فلهؤلاء العلماء سلطان لا يتعدى عليه كما أن القاضي له سلطان لا يتعدى وبفتيات عليه وألا سيكون الناس في حيرة لا يدرون بأي رأي يأخذون فتعم الفوضى والتنازع.

خامسآ: التلميع لرموزهم

التلميع, نعم من منهجهم, تلميع من يجيد الطرق الأربعة المتقدمة وهي كتمان المحاسن وإظهار المعائب وتبني جراحات المسلمين والفتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم وتبني جراحات المسلمين من أجل تلك الأغراض الحزبية فإذا كان كذلك فإنه يصبح عندهم شيخ الإسلام وقائد الجيل وربان الصحوة والمفكر الإسلامي وابن تيمية الصغير وبقدرة قادر يصبح هذا الرجل حفظ الصحيحين بل الكتب الستة في ليلة فهذا عندهم الناصح الناطق بالحق المنكر للمنكر الذي لا يخاف فالله لومة لائم فهو عندهم رجل ميدان قد نزل إلى الساحة ويلقبونه بالمربي ومفتي الشباب, مفتي شبابهم الذين تربوا على المنهج الخفي ويقولون هذا أقرب إليك أيها الشاب من العارم تراهم ينفرون من مجالس العلماء الكبار إلى هؤلاء الملمعين فيستفتونهم في الأحداث الكبار دون العلماء ويربطون الشباب بهم وإن نظرت إلى حال هؤلاء الملمعين فإنك تراهم لا يخرجون عن أحدى طريقتين أما التهييج أو التهريج ولو أن هذا الملمع خالفهم وأثنى على ولاة الأمر وبين حقوقهم الشرعية من السمع والطاعة وعدم الفتيات عليهم في قضايا الجهاد والحرص على جمع القلوب وذكر ما في العلماء من خير أجراه الله على أيديهم وإنهم هم قادة الدعوة إلى الله عزوجل وان هذا الخير وما يسمى بالصحوة إنما كان بسببهم بعد توفيق الله عزوجل وقدمهم على نصرت قضايا المسلمين ورجع إليهم في ذلك واستفتاهم وأعاد أمر الفتيا في قضايا الواقع لهؤلاء العلماء الكبار لو فعل ذلك لنبذه الأصحاب المنهج الخفي نبذ النواة ولا كرامة له عندهم ويبعدون الشباب والعوام عنه قائلين الله المستعان الشيخ الفلاني تغير فيظن العوام أنه تغير إلى الأسوأ وهو والله إنما تغير وانتقل من الباطل إلى الحق والسنة ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب يتقلبون ).

سادسآ: وهو لي أعناق النصوص

وهو لي أعناق النصوص لتوافق أهواء القوم وهم يعتقدون أولآ ثم يستدلون على سبيل المثال يربون الشباب التابع لهم على أن ولاة الأمر موالون للكفار طواغيت قد غيروا دين الله, وبعد أن يتشرب بهذا الفكر التكفيري الخارجي تراه يبحث عن أي دليل يسعفه ويلبس به, فإذا أتيتهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب السمع والطاعة للأمراء وأن الجهاد يكون خلفهم وبإذنهم وأنه يحرم التحريض عليهم والسعي في شق العصا عند ذلك ترتف المتملص المخزي من هذه النصوص وتأويلها أو يقرون بها ويقولون هي للخلفاء الراشدين الأربعة وللقرشي أو لمن لا معصية عنده بل قد يتجرءون ويقولون للحاكم المسلم وليس لولاة أمرنا وفي هذا الكلام ما فيه فنعوذ بالله من هؤلاء المفتونين.

سابعآ: وهو التقية

وهو التقية فقد كانوا مثيرين الفتنة في زمن عثمان إذا أحضروا عند الأمير اظهروا التوبة والإقلاع ( وإذا خلو إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون ) وقد قال سعيد بن العاص لعثمان رضي الله عنه "يا عثمان أن هذا أمر مصنوع يلقى في السر فيتحدث به الناس" فتنظيمهم حزبي سري سياسي لا يرتقي فيه إلا ذو وجهين فيظهروا الولاء والبراء للأمراء والمحبة للعلماء تقية لكن كلامهم في المجالس الخاصة يخالف ما يظهرون ومن تاب منهم يشهد عليهم في ذلك والله عزوجل فاضحهم ومخزيهم كما أخزى من أثار الفتنة زمن عثمان رضي الله عنه قال بعض السلف " ما سر أحد سريرة إلا وأظهرها الله على صفحات وجه وفلتات لسانه ".............

وأخيرآ

فإذا عرفت أيها الموفق منهجهم الخفي القائم على الأمور السبعة وهي كتمان المحاسن وإظهار المعائب وتبني جراحات المسلمين لتحقيق أغراض حزبية والفتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم والتلميع لرموزهم ولي أعناق النصوص والتقية فإنك ستعرف إن شاء الله أهل هذا المنهج وتحذرهم ولن يغرروا بك بإذن الله وليس الواجب ذلك فحسب بل عليك أن تحذر منهم وتبين للناس شرهم لئلا يغتر بهم الجهال الأغرار فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله للأئمة المسلمين وعامتهم ) وبعد أن تبين لك المنهج الخفي الذي يسلكه هؤلاء لإثارة الفتن والتحريض على الخروج على ولاة الأمر وإفساد الرعية بعد ذلك ستدرك أن هذه الأحداث الأخيرة وما صاحبها من تكفير وتفجير وإرهاب وتدمير وعداء لأهل السنة حكامآ ومحكومين هي أحدى ثمرات هذا المنهج الخفي وما يدفع الله أعظم اللهم سلم سلم ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) ( وأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قومآ أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون )

مفرغ ومختصر من شريط "شهيد الدار" للشيخ سلطان العيد حفظه الله

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:53 PM
من مكايد الشيطان زمن الفتن


الحمد لله القائل في محكم التنزيل (وربك يخلق ما يشاء ويختار) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد(1) *ففي صحيح مسلم وغيره من حديث عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة أنه قال :
دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون إليه فأتيتهم فجلست إليه فقال :

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضاً وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه، هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع،

فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر. قال عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة: فدنوت من عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقلت: أنشدك بالله، أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي(2) *وروى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)(3).

*وعن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم قال: قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال : قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. فقلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت : يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا فقلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.

قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (متفق عليه). ولمسلم نحوه وفيه أن حذيفة قال: وما دخنه؟ فقال: قوم لا يستنون بسنتي! وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس! قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع(4) *وفي صحيح مسلم من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العبادة في الهرج كهجرة إلي(5)

*وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا(6)

معاشر المؤمنين:

إذا ظهرت الفتن وتغيرت الأحوال فالواجب على المسلم الرفق والحلم والصبر والأخذ بالآداب الشرعية زمن الفتن من التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والالتفاف حول علمائنا وولاة أمورنا والتثبت فيما يرد من أخبار وتفقد المسلم اخوانه خوفاً عليهم من الزلل إلى غير ذلك من الآداب الشرعية.

آلا إن الشيطان وحزبه ينشطون زمن الفتن للإفساد بين المؤمنين وإيغار الصدور وتفريق أمة محمد صلى الله عليه وسلم (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم) (التوبة : من الآية 47) ولهذا كان لابد من بيان ما قد يقع من زلل ومخالفة للآداب الشرعية زمن الفتن نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ومحبة لأهل الإيمان والقرآن وتحذيراً لهم من مكايد الشيطان. فمن تلك المخالفات:

أولاً:

سوء الظن بالله وتوهم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستهلك ويدال عليها عدوها إدالة مستمرة وأن الغلبة والظهور لأهل الكفر أبداً! وكل ذلك سوء ظن بالله سبحانه وتعالى ذمّه الله عز وجل في كتابه حيث قال (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية) (آل عمران: من الآية 154)

فالظن بربنا جل جلاله وهو الحكيم الخبير القوي العزيز أنه ينصر دينه ويعز أوليائه ويجعل العاقبة للمتقين، وما يجري من تسلط الكفار على أهل الإسلام إنما هو ابتلاء وامتحان ليميز الله الخبيث من الطيب، وليعلم الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين. ومن سوء الظن بالله زعم بعضهم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة غائبة! وهذا من جهله وسوء ظنه بربه وإلا فالبشائر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة ولو لم يرد إلا حديث الطائفة الناجية المنصورة الظاهرة إلى قيام الساعة لكفى(7)

فأحسنوا بالله الظن وأبشروا وأملوا خيراً، أبشروا بعز أمة محمد صلى الله عليه وسلم وكشف الكربة عنها وإهلاك عدوها قال الله عز وجل في الحديث القدسي :

(أنا عند ظن عبدي بي) وقال سبحانه (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً) (الفتح : 28) والله ثم والله لتنصرن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فأبشروا معاشر المؤمنين إن نصر الله قريب.


ثانياً:

قبول الشائعات ونشرها وذلك أن المغرضين المرجفين في المدينة يفرحون بالفتن ليبثوا سمومهم وليتشفوا من إخوانهم المسلمين في هذا الوقت العصيب فأشغلوا العلماء والأمراء والمصلحين، الله أكبر! كم من شائعة انتشرت فلما دقق في الأمر وتحقق: تبين أنها كذب وإفك مبين فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون. فاتقوا الله يا أمة الإسلام وتثبتوا في أمركم، أما بلغكم قول الله جل جلاله (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (الحجرات: 6) أما بلغكم قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) (8) فيا شباب الإنترنت اتقوا الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا تحدثوا بكل ما تسمعون وتقرؤون فإنكم موقوفون بين يدي الجبار في يوم لا تخفى فيه على الله خافية، فاحذروا أن تكونوا دعاة فتنة مرجفين أفاكين (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون).

يا شباب الإنترنت لما زهد بعضكم في طاعة علماء السنة والتوحيد والاقتداء بهم والالتفاف حولهم ابتلاه الله بطاعة من قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس، فاللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وقل مثل ذلك في متابعي قنوات الكذب والشائعات (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

ثالثاً:

الاعتقاد في الأحلام والمنامات فعلقوا قلوبهم بها زمن الفتن بل صارت الأحكام الشرعية والقرارات العسكرية تصدر لبعضهم وهو في سابع نومة! فذاك يقول اقرؤا سورة الأنعام يا أهل الخليج في ليلة كذا لرؤيا وقعت، وهذه القراءة الجماعية بدعية محدثة ما أنزل الله بها من سلطان. وثانٍ يقول ولد المهدي لرؤيا رؤيت وغرض الكذاب من ذلك تزهيد المؤمنين في طاعة أولى الأمر وإثارة الفتنة فحسبنا الله ونعم الوكيل. يا أهل الأحلام والمنامات تأملوا في فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما حلت المصيبة بوفاة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد والناس يبكون وعمر رضي الله عنه يقول ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل أبو بكر إلى حجرة عائشة رضي الله عنها ونظر إلى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فعلم أنه قد مات فلما تيقن وتثبت خرج إلى الناس وصعد المنبر وما أحالهم على الأحلام والمنامات بل تلا قوله جل وعلا (وما محمدٌ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) (آل عمران: 144)

فكأن الناس لم يسمعوها إلا ذلك اليوم فما منهم من أحد إلا وهو يتلوها وعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فهذا فعل السلف زمن المحن و الشدائد:

الرجوع وإرجاع الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا إلى الأحلام والمنامات.

رابعاً:

ومن المخالفات زمن الفتن الطعن في العلماء وسوء الظن بهم ومحاولة صرف الأمة عنهم بدعاوى كثيرة باطلة(9)

ومن فضل الله علينا ورحمته أن أمتنا ما زالت مع علمائها تسمع نصحهم وتهتدي بفتاويهم. وإنك لتسر حينما ترى حرص الناس على مصادر تلقي العلم، فصاروا يدققون ويتحرون أهل العلم والفقه والسنة ومن فضل الله تعالى علينا أيضاً أن الناس في زمن المحن والمصائب ما عادوا يقبلون إلا من المرجعية العلمية الموثوقة هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء ومفتي الديار السعودية حفظه الله ورعاه وسدد على الخير خطاه وجزاه وإخوانه العلماء الأبرار عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء. وهذا هو هدي سلفنا الصالح قال الإمام محمد بن سيرين رحمه الله تعالى: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

نعم لقد أدرك شبابنا بحمد الله أن علماء السنة والتوحيد كالشيخ ابن باز وابن عثيمين والألباني وسماحة المفتي وهيئة كبار العلماء أدركوا أنهم هم الأئمة حقاً وإليهم الرجوع في الفتيا خاصة في زمن الفتن. وإن من الجناية على الأمة والدعوة تصدر بعض الشباب في هذه الظروف الحرجة وشغفهم بإصدار الفتاوى والبيانات والتوقيعات الجماعية ونشرها على الملأ في الإنترنت وغيره تحت مسمى جديد مشائخ الصحوة!

أما علموا أن الواجب على طويلب العلم أن يتأدب مع مشايخه، أما علموا أن ولي الأمر الذي تجب طاعته قد أوكل تلك الأمور العظام إلى أكبر مرجعية علمية موثوقة عندنا هيئة كبار العلماء. فمن كفي فليحمد الله الذي أغنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم عنه ومن كان عنده رأي فليعرضه على علمائنا وقد برئت ذمته، لأن تلك البيانات والتوقيعات تسبب فوضى علمية وتفرق الأمة وتحدث قلقاً وإزعاجاً نحن في غنى عنه، ومن البشائر ولله الحمد أن أولئك الذين يطعنون في علمائنا الكبار صاروا منبوذين عند الناس مدحورين يشار إليهم بأنهم يهدمون الدين، صدق الله إذ يقول (إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور) (الحج: 38).

ومما ينبه عليه في هذا المقام خطر من يضغطون على العلماء ليصدروا الفتاوى في كل حدث! وهذا خطأ لأن العلماء إن تكلموا تكلموا بعلم وإن سكتوا سكتوا بعلم فليسعك يا أخي ما وسعهم ثم إن العلماء قد يكلون الكلام والبيان في بعض الأمور إلى ولي الأمر إن رأوا المصلحة في ذلك.

خامساً:

ومن المخالفات زمن الفتن والمحن ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (من غشنا فليس منا) لأن الواجب على المسلم النصح لأهل الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة .قيل لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) فمن النصيحة لأئمة المسلمين وولاة أمورهم طاعتهم في غير معصية الله ومحبة اجتماع القلوب عليهم ورد القلوب النافرة منهم إليهم وعدم الافتيات عليهم فيما يختص بهم وما حملوه من سياسة البلاد والجهاد(10) ومعاهدة الكفار والمشركين ’ومن النصح لهم بغض من يزهد في السمع والطاعة ويريد أن يفرق أمة محمد صلى الله عليه وسلم (11)

ومن النصح لهم الرجوع إليهم زمن الفتن واستئذانهم في توزيع الأشرطة والمنشورات وغيرها حفاظاً على اجتماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة لله الذي أمر بالرجوع إليهم، قال هشام بن عروة بن الزبير: ما سمعت أبي يقول في شيء قط برأيه، قال : وربما سئل عن الشيء فيقول: هذا من خالص السلطان، رواه ابن عبد البر في الجامع. وروى أيضاً عن ابن هرمز قال أدركت أهل المدينة وما فيها إلا الكتاب والسنة والأمر ينزل فينظر فيه السلطان. قال الحسن البصري في الأمراء: هم يلون من أمورنا خمساً:

الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون مع أن طاعتهم والله لغبطة.

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

(ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبداً: إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم). اخرجه الإمام أحمد في مسنده (الجزء الخامس ص 183)وصححه الحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى.

قال الإمام الحسن بن علي البربهاري في كتاب السنة: إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى. ويقول الفضيل بن عياض: لو كان لي دعوة ما جعلتها إلا في السلطان.ا.هـ . ذكر بدر الدين بن جماعة حقوق ولي الأمر فقال: ومن ذلك أن يعرف له عظيم حقه وما يجب من تعظيم قدره فيعامل بما يجب من الاحترام والإكرام وما جعل الله له من الإعظام ولذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظمون حرمتهم ويلبون دعوتهم مع زهدهم وورعهم وعدم الطمع فيما لديهم. قال: وما يفعله بعض المنتسبين للزهد من قلة الأدب معهم فليس من السنة 1.هـ .

تقدم في حديث حذيفة رضي الله عنه لما ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الفتن قال: فما تأمرني إن أدركني ذلك فقال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. وقال ابن المبارك رحمه الله:


إن الجماعة حبل الله فاعتصموا+منه بعروته الوثقى لمن دانا

كم يرفع الله بالسلطان مظلمة+في ديننا رحمة منه ودنيانا

لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل+ وكان أضعفنا نهبا لأقوانا+



وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

ينبغي أن نكون عيناً وعوناً لولاة أمرنا. ألا وإن من أخلاق أهل السنة الأوفياء: محبة من ينصر هذه العقيدة السلفية من العلماء والأمراء ومحبة من بذل جاهه وسلطانه في نصر دعوتنا السلفية المباركة دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له والتي أحيا الله بها الأمة في هذه الأزمان المتأخرة.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم إن من أسباب المحبة واجتماع الكلمة والنصر على الأعداء أن يعرف كل منا فضل صاحبه وسابقته في نصرة دعوتنا السلفية المباركة ذلك أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى، قاله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وسلم يا شباب التوحيد والسنة: لقد كان أهل هذه البلاد في تفرق وتناحر وتباغض وتقاتل وخوف عظيم فأذن الله لهم بالفرج لما قام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ومن معه من الأمراء بالدعوة إلى توحيد رب العالمين ونشر عقيدة السلف الصالح ومحاربة البدع والشركيات فلقوا ما لقوا من الابتلاءات وتسلط الأعداء والمرجفين فصبروا حتى أعز الله هذه الدعوة وقامت لأهل الإسلام دولة تحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح فتفيأنا جميعاً ظلالها ونعمنا بخيراتها وأمنها وما زلنا ولله الحمد والمنة. ولكن والله ثم والله إن حصل منا تقصير في نصرة دعوتنا السلفية وميل إلى الجماعات الوافدة البدعية الحزبية.(12) والله لنهلكن.

إن من أسباب النصر على الأعداء: تحقيق التوحيد ونصرة السنة قال تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) (النور: 55).

الله أكبر كيف نرجو النصر على الأعداء وفي الأمة من يدعو غير الله ويطلب منه المدد ؟!( 13) كيف ننصر وفينا من ينفي صفات ربنا جل جلاله (14)؟! كيف ننصر وفينا من يسب صحابة رسول الله(15)! وعلماء السنة والتوحيد! كيف ننصر وشبابنا يلقنون طريقة الحرورية باسم الفكر الإسلامي(16)!! فالرجوع الرجوع إلى منهج السلف الصالح(17) لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحح عقيدة أهل الإسلام وهو في زمن الشدة والكرب فقد خرج صلى الله عليه وسلم الى غزوة حنين ومعه أقوام حديثو عهد بكفر فمروا بسدرة للمشركين يعكفون عندها وينوطون بها اسلحتهم فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فعظم صلى الله عليه وسلم الأمر وقال: الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة). اللهم يا حي يا قوم اجمع قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم على التوحيد والسنة، اللهم لا تشمت بهم عدواً ولا حاسداً اللهم لا تجعلهم فتنة للقوم الظالمين ونجهم برحمتك من القوم الظالمين، حسبنا الله ونعم الوكيل.

سادسا:

ومن المخالفات زمن الفتن الاشتغال بالقيل والقال ونشرات الأخبار والغفلة عن طاعة الله تعالى واللجوء إليه والانطراح بين يديه والتوبة والندم ورفع أكف الضراعة إليه أن يكشف ما حل بأمة محمد صلى الله عليه وسلم قال الله جل وعلا (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) (المؤمنون: 76) وقال سبحانه وتعالى (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) (الأعراف: من الآية 168).

فالواجب زمن المحن والمصائب أن يحاسب المسلم نفسه ويتوب إلى ربه عز وجل من ذنوبه ويعلم أن ما أصابه قد يكون عقوبة من الله قال ربنا جل وعلا (وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) (الشورى: 30) وقال تعالى (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) (العنكبوت: 40) فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم توبوا إلى الله واستغفروه واعلموا أن العبد إذا اعترف بذنبه ولجأ إلى ربه نال السعادة والمنى في الدنيا والآخرة قال الله تعالى (إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) (يونس: من الآية 98). ومن بشائر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (العبادة في الهرج كهجرة إلي) رواه مسلم، فأكثروا من ذكر الله والاستغفار وارفعوا أكف الضراعة لعل الله يرحمنا وأسألوه وهو الكريم المنان سلوه أن لا يشمت بأمة محمد عدواً ولا حاسداً وأن لا يجعلها فتنة للقوم الظالمين، وأن ينجيها من القوم الكافرين (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) (النمل: من الآية 62).

سابعاً:

من الأخطاء زمن المحن والفتن تعدي حدود الله في بيوت الله فإن المساجد إنما بنيت للصلاة وذكر المولى عز وجل والمقصود من اجتماع المصلين بها طاعة الله عز وجل وحصول المحبة والمودة بين المؤمنين وجمع الكلمة فلا يجوز لأحد أن يتعدى على المسلمين في مساجدهم بنشر الشائعات والمنشورات وإيغار الصدور والكلام غير المنضبط ومن أراد أن يخاطب عامة المسلمين في مساجدهم فليأت البيوت من أبوابها وليتدبر قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراءٍ(18). فإما أن تكون الأول أو الثاني واحذر أخي أن تكون الثالث.

معاشر المؤمنين قال النبي صلى الله عليه وسلم (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) إن العاملين لنصرة هذا الدين كثر ولله الحمد والمنة ومنهم جنود الإيمان وعسكر القرآن المرابطون على ثغور بلاد الحرمين الساهرون على أمنها في القرى والبوادي الذين هجروا أهليهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة لأولي الأمر، فكم ينالهم من نصب وتعب، وكم يلاقون من المشاق والمصاعب، فاللهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين. ياعسكر الإيمان والقرآن إن أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا فإنكم على عمل صالح يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهاكم بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في صحيح الجامع (19) لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان والقرآن.

يقول صلى الله عليه وسلم (تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة) وقال عليه الصلاة والسلام (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله) وفي حديث آخر (وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خير من قيام ستين سنة) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر وغدي عليه برزقه وريح من الجنة (أي: شمم رائحتها) ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله)


وقال عليه الصلاة والسلام (ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار) وقال صلى الله عليه وسلم (موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود) إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم.

فاحمدوا الله تعالى معاشر المؤمنين على ما نعيشه من أمن وأمان وطمأنينة وتحكيم لشرع الله واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم فاللهم اجزهم عنا خير الجزاء وأعظم أجورهم واغفر لهم ولوالديهم يا أرحم الراحمين.


وأنتم يا معاشر المعلمين والمعلمات في المدارس والجامعات وحلقات تحفيظ القرآن اتقوا الله في أبناء المسلمين وبناتهم، علموهم السنة وحذروهم من البدع والأحزاب والجماعات المضلة، وذكروهم بحقوق العلماء والأمراء، اتقوا الله تعالى وبينوا لهم أثر الاجتماع في صلاح البلاد والعباد وأنه مما أمر الله به في قوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) (آل عمران: من الآية 103) إن صلاح الأبناء والبنات واستقامتهم على منهج السلف الصالح وإبعادهم وتحذيرهم من الفتن والتكفير والعنف ورموزه إن ذلك كله أمانة في أعناق أهل العلم والتربية وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته بين يدي الله.


إن الواجب على المعلمين والمعلمات ونحن في زمن كثرت فيه الأهواء والفرق والجماعات المحدثة الواجب عليهم نصرة هذه العقيدة السلفية، وربط الشباب بدعوة التوحيد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وإعلام الشباب بأنهم ولله الحمد امتداد لهذه الدعوة السلفية المباركة، ولا يجوز الانتماء لغيرها مما أحدثه المبطلون (20)علموهم واشرحوا لهم كتب العقيدة السلفية ككتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وكشف الشبهات وثلاثة الأصول والقواعد الأربع والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فهي أزكى وأطيب وخير للشباب من كتب الحركيين المشبوهين،والمفكرين الإسلاميين زعموا.

وأنتم يا حملة الأقلام ورجال الإعلام إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تنتظر منكم الكلمة الصادقة المنصفة وتحري الحق والعدل والتثبت في الأمور، إن الذي يقرأ لكم ويسمع هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالله الله في هذه الأمة لا يؤتين الإسلام من قبلكم، الله الله في نصرة دينه عز وجل والذب عنه ورد أباطيل وأكاذيب المرجفين الذين يبغون تشويه صورة الإسلام وأهله، تفكروا فيما تطرحونه وفيمن تقابلون وتذكروا دائماً قول النبي صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) وأبشروا بقوله صلى الله عليه وسلم (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) جعلنا الله وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر دعاة للهدى.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم احفظ هذا البلد وأهله وسائر بلاد المسلمين اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين اللهم لا تشمت بأهل الإسلام عدواً ولا حاسداً اللهم اجمع قلوبنا على التوحيد والسنة اللهم من أراد إغواء شباب أهل الإسلام بفتنة أو بعثية أو حزبية أو غير ذلك اللهم فأهلكه اللهم فأهلكه، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (21)



الهامش :
(1) خطبة الجمعة في يوم 18 /1/1424هـ، بجامع خالد بن الوليد بالرياض، مع زيادات يسيرة. (2 ) رواه مسلم (1844) في الإمارة باب (بيعة الخلفاء الأول فالأول) وأبو داود (4248) والنسائي (7/153). ( 3) رواه البخاري في الإيمان باب (من الدين الفرار من الفتن). (4 ) رواه البخاري (11/30) في الفتن باب (كيف الأمر إذا لم تكن جماعة) ومسلم (1847) في الإمارة باب (وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن. وأبو داود (4244) (5 ) رواه مسلم (2948). ( 6) رواه مسلم (118) والترمذي (2196) (7 ) راجع كتاب (أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية :حوار مع سلمان العودة)للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله. ( 8) رواه مسلم(1/18 بشرح الأبي). (9 ) ومن غرائب بعض القصاص في زماننا، قوله لعوام المسلمين بأحد المساجد: عليكم أن تناصحوا العلماء!؟ .. اللهم لا شماتة! .. إذا كان العوام يناصحون العلماء فمن الذي سيناصح عوام المسلمين ويعلمهم أمور دينهم؟ ( 10) ينادي أصحاب التوقيعات الجماعية والبيانات الحماسية بالجهاد والتعبئة والإعداد.. الخ لكنهم وللأسف لا يبينون: خلف من نجاهد؟ ومن الذي له حق إعلان الجهاد؟! قلت : جاء في العقيدة الطحاوية ص381 "والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما". (11 ) وينادي أصحاب التوقيعات الجماعية والبيانات أيضاً، ينادون هذه الأيام بوحدة الصف وجمع الكلمة فنقول: حسن، ولكن على من؟.. إنهم لا يصرحون بذلك قلت: في حديث حذيفة رضي الله عنه : "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"’ ومن مصائب هؤلاء الحركين المفكرين الإسلامين-زعموا – مناداة أحدهم (من شباب الجزيرة!!)بوحدة الصف لا وحدة الرأي وهذه المقوله هي مقولة إمامه حسن البنا:نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه. (12) كجماعة الإخوان المسلمين والتبليغ وغيرهما. (13) فال المرشد الثالث للإخوان المسلمين عمر التلمساني :( فلا داعي إذاً للتشدد في النكير على من يعتقد كرامة الأولياء واللجوء إليهم في قبورهم الطاهرة والدعاء فيها عند الشدائد.) (شهيد المحراب عمر ابن الخطاب ص ( 14) قال حسن البنا في نصوص الصفات (حديث الثلاثاء ص436-437): "نحن لا نعرف هذه المعاني المقصودة، بل نفوض الأمر لله، فالتفويض في مثل هذه المواقف أسلم وأحكم وأعلم، فلا يكفر بعضنا بعضاً، ولا يطعن بعضنا في بعض لتتوحد كلمة المسلمين!" قال شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية ص30: "إن قول أهل التفويض (كحسن البنا) الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع" وقال : "إن مذهب التفويض هو مذهب النفاة". ( 15) كقول سيد قطب في عثمان ثالث الخلفاء الراشدين رضي الله عنه :"ونحن نميل الى اعتبار خلافة علي رضي الله عنه امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين فبلة،وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما "(العدالة الإجتماعية ص172)وقال أيضاً في عثمان المبشر بالجنه رضي الله عنه : ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ضعفت عزيمته عن عزائم الأسلام.! قلت حكم شيخ الإسلام بن تيمية في العقيدة الواسطية على من تعدى على الخلفاء الأربعه بقوله ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله.!؟ وقال سيد قطب في(كتب وشخصيات 242) في صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: : وحين يركن معاوية وزميله (عمرو بن العاص) إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل!". ( 16) قال القرضاوي في كتابه "أولويات الحركة الإسلامية ص110" شاهداً على شيخه سيد قطب بتكفير المسلمين قال: "في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد! سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره والتي تنضح بتكفير المجتمع .. وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة". (17 ) راجع كتاب " منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل" للشيخ ربيع المدخلي رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية سابقاً. ( 18) رواه الإمام أحمد وابن ماجة من حديث ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (7631). ( 19) ترتيب صحيح الجامع (2/13) وما بعده. ( 20) كجماعة التبليغ والإخوان المسلمين والتكفير والهجرة. (21) الخطبة تم تسجيلها لدى تسجيلات منهاج السنة بالرياض بعنوان(الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن)


الشيخ سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:54 PM
[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ]



قال الله تعالى : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون منيراً ،بعثه إلى الخلق آمراً المعروف ناهياً عن المنكر ، قال تعالى :{ النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر }. وهكذا كان أصحابه ـ رضي الله عنهم ، قال بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون }. 1. المعروف : أسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه ، والإحسان إلى الناس ، وكلِّ ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات .


[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ] قال الله تعالى : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون منيراً ،بعثه إلى الخلق آمراً المعروف ناهياً عن المنكر ، قال تعالى :{ النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر }. وهكذا كان أصحابه ـ رضي الله عنهم ، قال بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون }. 1. المعروف : أسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه ، والإحسان إلى الناس ، وكلِّ ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات .

الشيخ سلطان العيد

أبوحذيفة المدني
05-15-2006, 02:55 PM
الزواج


الحمد لله الذي خلقكم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها ليسكن إليها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فلقد سنَّ الله الزواج لعمارة الكون، وجعله من آياته الباهرة، فقال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِّتَسْكُنُــــواْ إِليْهَا وَجعَلَ بَيْــنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحـْـــمــَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَـفــَكـَّرُونَ}. فمن وجد ما يتزوج به فليفعل؛خشية الفتنة، وطاعةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:{يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لا فالصوم له وِجاء}. خرّجاه في الصحيحين.
وليعلم المؤمن أن تيسير أمر النكاح بيد الله، فليلجأ إلى ربه وليستعن به وليبشر؛ فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:{ ثلاثةٌ حق على الله عونهم؛ المُكَاتَبُ يريد الأداء، والناكح يبغي العفاف، والمجاهد في سبيل الله} رواه النَّسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن. فإذا عزم فليستخر الله في ذلك؛ يقدر له الخير -إن شاء عز وجل-.

ومما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر إلى المخطوبة:- فعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إذا خطب أحدكم المرأة ،فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل}.أخرجه أبو داود. وعن المغيرة بن شعبة-رضي الله عنه- قال: خطبتُ امرأةً فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:{ هل نظرت إليها؟} قلت: لا، قال:{ فانظر إليها، فإنه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما}.أخرجه النسائي.

وإذا أراد خطبة امرأةٍ فليراعي أموراً منها:- أن تكون صالحة: لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم{ تُنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك}.متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{ إن الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة}. أخرجه مسلم وغيره. وليحرص المسلم أن تكون ولوداً: ويُعرف ذلك بالنظر إلى أمها وأختها؛ وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثرٌ بكم }. أخرجه أبو داود، والنسائي. ثم ليتقدم إلى خطبتها من وليها: ولا يصح النكاح بغير ولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل}. أخرجه أبو داود.

وعلى وليها أن يراعي أموراً منها:-

أن يتخير لها من يتوسم فيه الصلاح والتقوى: فإنه إن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يهنها؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:{إذا جاءكم من ترضون ديـنه وخلقه فأنكـحوه، إلا تفعلوا تكن فـتنة في الأرض وفسادٌ عريض}. أخرجه الترمذي، وابن ماجه. ومنها أن لا يغالي الولي في المهر:لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{من يُمن المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها}. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. قال عمر -رضي الله عنه- " ألا لا تُغلو صُدُقَ النساء؛ فإنه لو كان مَكْرُمةً في الدنيا أوثقها عند الله كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدَق النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه، ولا أُصْدِقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقيّة، وإن الرجل ليُغنى بصدُقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه". أخرجه الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح. ومنها: أن يأخذ رأي ابنته في ذلك، ويأثم إن أرغمها: لحديث عائشة -رضي الله عنها- أنه دخلت عليها فتاةٌ فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسِسَته وأنا كارهة، فقالت عائشة: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة،فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم أللنساء من الأمر شيء!". خرجه النسائي. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً{ لا تُنكح الثـيِّب حتى تُستأذن، ولا تُنكح البكر حتى تُستــأمر} قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: {إذنها أن تسكت}. فإذا خطبها فلا يجوز له أن يخلو بها حتى يعقد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ لا يخلُونَّ أحدكم بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

فإذا جاء موعد البناء فليفعل ما يلي:- أولاً: يصنع وليمةً؛ عملاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنسٌ - رضي عنه-" ما أولم النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه ما أولم على زينب؛ أولم بشاة ". متفق عليه. وفي حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:{ أولِـــم ولـــو بشاة } متفق عليه. ثانياً: أن يدعوا إليها الفقراء والمساكين؛ فإن ذلك أجدر لقبولها إن شاء الله عز وجل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {شر الطعام طعام الوليمة؛ يدعى إليها الأغنياء، ويُترك المساكين}. متفق عليه. ثالثاً: أن يتجنب الإسراف والمفاخرة، والتكلف، وليقصد العمل بالسنة لا مراءاة الناس والترفع عليهم؛ قال الله جل وعلا{ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ}. رابعاً: لا يجوز له أن يتساهل في يوم زواجــه؛ فيفعل أو يأذن ببعض المنكرات كاختلاط الرجال بالنساء، والغـناء المحرم والموسيقى والتصوير وجلوسه مع زوجه أمام النساء؛ فإن هذا من المنكرات، ولربما عوقب بفشل زواجه وعـدم التوفيق، قال الله جل وعلا{ وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَنْ أَمْرِهِ يُسْرَاً}. وهذا لم يتق ربه فكيف ييسر أمره؟!.

وعلى من دعي إلى الوليمة أن يراعي أموراً منها:- أن يُجيب إذا دعي؛لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها}أخرجه البخاري ومسلم. قال أبو هريرة -رضي الله عنه-" من لم يأتي الدعوة فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم". متفق عليه. وإذا كان له عذر فلا بأس أن يتخلف؛ لما روى عطاء أن ابن عباس -رضي الله عنهما- دعي إلى طعام وهو يعالج أمر السِقاية فقال للقوم" أجيـبوا أخاكم واقرؤوا عليه السلام وأخـبروه أني مشغول". أخـرجه عبد الرزاق في مصنفه، وقال الحـافظ: إسناده صحيح. ومنها: أنه إذا رأى منكراً فليرجع؛ لحديث عائشة -رضي الله- عنها قالت:" اشتريت نُمرُقة فيها تصاوير، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفتُ في وجهه الكراهية ". متفق عليه. ومنها: أن يدعوا للعروسين بالبركة؛ وذلك لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفَّأ الإنسان إذا تزوج قال:{بارك الله فيـك وبارك عـليـك وجمع بينكـما في خـير}. أخرجه أبو داود والترمذي، وقال:حسن صحيح. وإذا كان يوم الزفاف فلهم أن يضربوا بالدف؛ وفيه فائدتان:- إعلان النكاح* وتطييب خاطر العروس* لقوله صلى الله عليه وسلم:{ فــصل ما بين الحـلال والحرام؛ الدف والصـوت في النكاح}. أخرجه النسائي، والترمذي، وحسنه. وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم{ يا عائشة، ما كان معكن له؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو}.خرجه البخاري. ولا يجوز استعمال غير الدف من المزامير وآلات الموسيقى؛لأن الحديث ورد في الإذن بالضرب بالدف لا غير.

فإن دخل بها فيستحب له أمور منها:-

أولاً: أن يلاطفها؛كأن يقدم لها شيئاً من الشراب ونحوه؛ لحديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها- في دخـوله صلى الله عليه وسلم بعائشة؛قالت:"فجاء فجلس إلى جنبها، فأُتي بعُسٍ فيه لبن فشـرب، ثم ناولها فخفضت رأسها واستحيت-قالت أسماء- فانتهرتها وقلت لها: خذي من يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت فشربت شيئا ". الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده. ثانياً: أن يضع يده على رأسها ويدعوا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم{إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليأخذ بناصيتها وليسم الله وليدعو بالبركة، وليقل:اللهم إني أسألك من خـيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعـوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه}. أخرجه أبو داود، وحسنه العلامة الألباني. ثالثاً: أن يصليا ركعتين معاً، قال العلامة الألباني: ( لأنه منقولٌ عن السلف، وفيه أثران: الأول: عن أبي سعيدٍ -مولى أبي أُسَيدٍ- قال:" تزوجتُ وأنا مملوكٌ فدعوت نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم ابن مسعود وأبو ذرٍ وحذيفة-رضي الله عنهم- فعلموني وقالوا:" إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين ثم اسأل الله من خير ما دخل عليك وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك". والثاني: عن شقيقٍ أنه قال:" جاء رجل يقال له أبو حريفٍ فقال: إني تزوجت جارية شابة بكراً، وإني أخاف أن تفركني-أي تُبغضني- فقال له عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-" إن الإلف من الله، والفِرك-أي البغض- من الشيطان؛ يريد أن يُكرِّه إليكم ما أحل الله لكم، فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين" زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود" وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم في، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير، وفرِّق بيننا إذا فرَّقت إلى خير". أخرجه ابن أبي شيبة، وسنده صحيح. ويُنهى عن نشر أسرار الإستنزاع وما يحدث بين الرجل وامرأته:- لقوله صلى الله عليه وسلم:{الحياء كله خير}. متفق عليه. وروى أبو سعيدٍ عن رسول الله صلى الله عليه وســلم أنه قال:{ إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة؛ الرجل يـُفضي إلى المرأة وتـفضي إليه ثم ينشر سرها}. أخرجه الإمام أحمد.

وقالت أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها-" كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعودٌ، فقال: {لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها}فسكت القـوم، فقلت:إي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون،قال صلى الله عليه وسلم:{فلا تفــعلوا؛ فإنما ذلك مثل شـيطانٍ لقي شيطـانةً في طـريق فـغشيهـا والناس ينظرون}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده. وعلى الرجل إن يحرص على أداء حق زوجه في هذه الناحية، ولا يشغله عن ذلك صلاة ولا صوم، فضلاً عن غيرهما وإلا فهو مخالفٌ لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" دخلت علي خُويلة بنت حكيم بن أمية، وكانت عند عثمان بن مظعون – رضي الله عنه- قالت: فرأى النبي صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها، فقال لي:{ يا عائشة؛ ما أبذَّ هيئة خولة } قلت: يا رسول الله، امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها. قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون، فجاءه، فقال:{ يا عثمان، أرغبةٌ عن سنتي!} فقال:لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب، قال صلى الله عليه وسلم:{ فإني أنام وأصلي،وأصوم وأفُطر، وأنكحُ النساء، فاتق الله يا عثمان؛ فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، وصوم وأفطر، وصلي ونم }. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وإذا وجدت المرأة زوجها كذلك؛ فالعاقلة هي التي تتزين وتتودَّد إليه * فعند النسائي من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- أن امرأةً قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله؛ إن المرأة إذا لم تتزين لزوجها صلفت عنده".أي ثقلت، وكره النظر إليها. وصحَّ أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تفعل ذلك؛ فقد دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فرأى فتخاتٍ من ورِقٍ فقال: { ما هذه يا عائشة؟} قالت: صنعتهن أتزين لك يا رسول. ويحرم عليها أن تمنع حق زوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ إذا باتت المرأة هاجرةً فراش زوجـها لعنتها الملائـكة حتى تصبح }. متفق عليه. هذا بعض ما ورد في سنته صلى الله عليه وآله وسلم في النكاح. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ##########

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:-

فمما حض عليه الشارع حسن العِشرة:-

فعلى الرجل أن يحسن عِشرة زوجه وأن يرفق بها، ولا سيما إن كانت صغيرة السن؛ فعن عائشة-رضي الله عنها- قالت:"والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا الذي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو". متفق عليه. وذات مرة خرجت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، قالت:"وأنا جاريةٌ ولم أُبدِّن، فقال للناس {تقـدموا} فتقدموا، فقال لي:{تعالي حتى أسابقك} فسابقته فسبقته، فسكت عني، حتى إذا حملت اللـحم وبدَّنتُ ونسـيت، خرجتُ معه في بعض أسفاره فقال للناس:{تقــدموا} فتقدموا، ثم قـال:{ تعالي حتى أسـابقك}فسـابقته فسبقني،فجعل يضحك -صلى الله عليه وسلم- ويقول:{ هذه بتلك}.أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وقالت عائشة -رضي الله عنها-" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي:{ إني لأعـلم إذ ا كنتِ عني راضــية، وإذا كنتِ عليّ غضـبى} قلت: من أين تعرف ذلك؟ قال:{ أما إذا كنـتِ عنـي راضيةً فإنك تقــولين: لا ورب محـمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم} قالت: أجل يا رسول الله؛ ما أهجر إلا اسمك". متفق عليه.


ومن أخلاق العقلاء مدارات النساء والصبر عليهن:- فإن المرأة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{خُلقت من ضـلع، وإنَّ أعـوج ما في الضلع أعـلاه، فإذا ذهبت تقيمـه كسرته، وإن تركـته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً}.خرجه الشيخان في صحيحيهما. والغيرة طبعٌ في المرأة جُبلت عليه، فعلى الرجل أن يراعي ذلك ولا يتعفف في تقويمها، وقد كنَّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم يغِـرن فكيف بغيرهن؟! فعند مسلم من حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت:" فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول:{ سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت} فقلت: بأبي وأمي؛ إنك لفي شأن، وإني لفي شأنٍ آخر". وعند مسلم-أيضاً-من حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت:"إلتمستُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلتُ يدي في شعره- يعني ظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه- فأدخلتُ يدي في شعره فقال:{ قد جاءك شيطانك!} فقلت:أما لك شيطان؟ قال:{بلى، ولكن الله أعانني عليه فأسلم}".

ويجوز للرجل أن يكذب على امرأته ؛ إرضاءً لخاطرها وتعميقاً للمودة بينهما:- لحديث أم كلثوم بنت عقبة-رضي الله عنها- قالت:" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيءٍ من الكذب إلا في ثلاث؛ كان صلى الله عليه وسلم يقول:{ لا أعده كاذباً؛ الرجل يصلح بين الناس؛ يقول القول لا يريد به إلا الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدِّث امرأته والمرأة تحدث زوجها}". قال النووي في المراد بالكذب بينهما:" هو إظهار الود، والوعد بما يلزم، والوعد بما لا يلزم، ونحو ذلك. وأما المخادعة؛ في منع حق عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرام بإجماع المسلمين".

وأما حقوق الزوج على امرأته فكثيرةٌ جليلة:- وذلك لعظم حقه عليها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:{ لو كنت آمراً أحـداً أن يسـجد لأحد لأمـرت المرأة أن تسجد لزوجها}. أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان.

فمن حقوق الزوج على امرأته: طاعته في غير معصية الله، واستإذانه إن أرادت التطوع بالصوم، وأن لا تُدخل بيت الرجل في غيابه من ليس من المحارم، أو من يكره دخوله وإن كان من المحارم أو النساء. ومن حقه:أن لا تخرج من بيته إلا بأذنه؛قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله وغفر له-" لايحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذنه، ولا يحل لأحد أن يأخذها إليه ويحبسها عن زوجها، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزةً عاصيةً لله ورسوله، ومستحقةً للعقوبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:{ لا يحل لامرأة أن تأذن في في بيت زوجها وهو كاره، ولا تخرج وهو كاره، ولا تطيع فيه أحداً}. أخرجه البيهقي. ويجوز لها أن تشهد الصلاة في المسجد ولا يمنعها، ولكن بيتها خيرٌ لها. وعليها: أن تحفظ مال زوجها ولا تسرف فإنها راعية في بيت زوجها وماله، ومسئولة عن ذلك يوم القيامة. وعليها: أن تخدمه في الدار، وتعينه على أموره، ولا سيما إن كان مشتغلاً بالعلم، وإذا عجزت عن شيء فلا يكلفها فوق طاقتها وليعنها؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيط ثوبه ويخسف نعله ويصنع ما يصنع الرجل في أهله". أخرجه مسلم. وعليها:أن تشكر لزوجها حسن صنيعه إليها، وأن لا تجحد فضله؛ فإن ذلك مدعاة لسخط الله جل وعلا؛ فقد روى عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:{ لا ينـظر الله إلى امرأة لا تشكــر لزوجها وهي لا تستغني عنه}. أخرجه النسائي في الكبرى. ومشهورٌ أن أكثر أهل النار النساء؛ لكفرانهن العشير وكثرة اللعن، فلتحذر المؤمنة من كثرة الشكوى وإيذاء الزوج؛ فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{ لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحــــــور العين: لا تؤذيه قاتلكِ الله؛ فإنما هو عندكِ دخيلٌ يوشك أن يفارقك إلينا}. أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

وأما حقوق الزوجة فكثيرةٌ :-

منها: أن يكون عوناً لها على طاعة الله؛ فيعلمها التوحيد والعبادات، و يكفها عن الشرك والبدع والمحرمات. ومنها:أن يغار عليها ويحفظها ويبعدها عن مواطن الرِيَب. وليس معنى الغيرة أن يسيء الظن بها، ويتخوَّنها ليلاً ليطلب عثراتها؛ فإن ذلك منهيٌ عنه. ومن حقها: أن يحسن عشرتها ويلبي حاجتها بالمعروف، وأن يرفق بها وينفق عليها وعلى أولادها، ولا يبخل ولا يقـتِّـر عليهم. وعليها أيضاً: أن لا ترهقه من أمره عسراً؛ فقد روى ابن خزيمة في كتاب التوحيد من حديث أبي سعيد الخُدري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{إن أول ما هلك بنو إسرائيل أنّ امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب والصيغ}-أو قال-{من الصيغة ما تكلف امرأة الغني}. والحديث في السلسلة الصحيحة للعلامة الألباني. ومهما يكن من غضب الزوجة فلا تطلب الطلاق من زوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:{ أيما امرأة سئلـت زوجـهــا الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة}. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. وعلى أولياء الزوجة أن يتقوا الله جل وعلا،وأن يرشدوا ابنتهم ويحثوها على طاعة الزوج ومعاشرته بالحسنى والصبر وأن لا يتدخلوا في ما لا يعنيهم؛ فقد قال عمر –رضي الله عنه- في وصيته ونصيحته لابنته حفصة-زوج النبي صلى الله عليه وسلم" أي حفصة؛ أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل! قالت: نعم، فقال-رضي الله عنه- قد خبتِ وخسرت؛ أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله فتهـلكي! لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، وسليني ما بدا لكِ". متفق عليه.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبدالعزيز النجدي
11-02-2006, 03:20 PM
الشيخ سلطان العيد بخير وعافية

وجزاك الله خير أيها الجامع

الليــث
11-02-2006, 05:26 PM
سؤال:

من الذي قام بهذا المجهود العظيم من التفريغ حتى نتقدم إليه بالشكر.؟

الاثري83
04-22-2007, 07:53 PM
جزى الله الجامع والمفرغ لهده الاشرطة خير الجزاء في الدنيا والاخرة.

أبو عبدالرحمن الأثري السلفي
04-23-2007, 06:43 PM
جزاكم الله خيرا
حفظ الله الشيخ الفاضل سلطان بن عبدالرحمن العيد و ثبتنا الله و إياه على الحق و الهدى

أبوحذيفة المدني
04-24-2007, 01:06 PM
جزى الله الجامع والمفرغ لهده الاشرطة خير الجزاء في الدنيا والاخرة.



سؤال:
من الذي قام بهذا المجهود العظيم من التفريغ حتى نتقدم إليه بالشكر.؟


هذه التفريغات موجودة في موقع الشيخ القديم ، وقمت بنقلها مع بعض التعديلات في بعض الأخطاء في التفريغ ، وهي لا تزال تحتاج لمراجعة وتصحيح .

ابوخالد الاثري
04-25-2007, 01:37 PM
[..........................................

ابوخالد الاثري
04-25-2007, 01:41 PM
جزاكم الله خيرا
حفظ الله الشيخ الفاضل سلطان بن عبدالرحمن العيد و ثبتنا الله و إياه على الحق و الهدى

امين امين امين.

12d8c7a34f47c2e9d3==