المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القرآن موعظة يتعظ بها العبد /الشيخ العلامة الإمام محمد بن صالح العثيمين


كيف حالك ؟

هادي بن علي
05-05-2006, 02:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد قال الله تعالي ( ياايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدي ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا وهو خير من ما يجمعون ) أيها الناس إن هذه الموعظة التي جاءتكم من ربكم هو كتاب الله وما تضمنه من أخبار صادقة نافعة وأحكام عادلة مصلحة للخلق في دينهم ودنياهم إن هذا القرآن موعظة يتعظ بها العبد فيستقيم على أمر الله ويسير على نهجه وشريعته فهو شفاء لما في الصدور وهي القلوب شفاء لها من مرض الشك والجحود والاستكبار عن الحق وعلى الخلق انه شفاء لما في الصدور من الرياء والنفاق والحسد والغل والحقد والبغضاء والعداوة للمؤمنين انه شفاء لما في الصدور من الهم والغم والقلق فلا عيش أطيب من عيش المتعظين بهذا القرآن المهتدين به ولا نعيم أتم من نعيمهم ولهذا قال بعض السلف : ( لو يعلم الملوك أبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ) يعنون بذلك ما أعطاهم الله تعالي من شرح الصدور بالإيمان بالله ورسله والسرور بطاعته وإتباع رسوله صلي الله عليه وسلم إن هذا القرآن الكريم هدي ومنار للسالكين يخرجون به من الظلمات إلي النور ويهتدون به إلي خالقهم ودار كرامته فهو هدي علم وتوفيق ورحمة ولكن للمؤمنين به أما المكذبين به المستكبرين عليه فلا يزيدهم الا عمي وخسارة قال الله تعالي : ( قل هو للذين امنوا هدي وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقرا وهو عليهم عمي وأولئك ينادون من مكان بعيد ) وقال الله تعالي : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارة ) أيها الناس قد تتسألون كيف يكون الكلام الواحد لقوم هدي وشفاء ورحمة ولقوم آخرين ضلالا وعمي وخسارة ؟؟ والجواب على ذلك إن هذا هو ما نطق به القرآن وهو حق وها نحن نري في الأمور الحسية نري ما يشهد لذلك نري بعض الطعام يكون لشخص غذاء يكسبه صحة ونموا ويكون لشخص أخر داء يزداد به جسمه مرضا وضعفا وهكذا الأمور المعنوية فالقرآن إذا قراءه المؤمن ازداد به إيمان لتصديقه بأخباره واعتباره بقصصه وتطبيقه لأحكامه امتثالا لأمر الله واجتنابا لنهيه فيزداد بذلك علما وهدي وصلاحا أما إذا قراءه ضعيف الإيمان ومن في قلبه مرض فانه يزداد رجسا إلي رجسه لأنه شاك في صحة أخباره وغافل عن الاعتبار قصصه فيمر به كأنها قصص عابرة وأساطير وأساطير أمم غابرة لا توقظ له ضميرا ولا تحرك له إرادة وكذلك أيضا تجده مستكبرا عن تطبيق أحكامه وتهاونه بها فلا يمتثل أمر الله ولا يجتنب نواهي الله تقديما لهواه على طاعة مولاه وحينئذ يكون القرآن خسارة عليه لان الحق بان له فخالفه فكان بذلك خاسرا أيها الناس إن الله تعالي يقول في الآية الأولي مما سقناه : ( قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) وصدق الله عز وجل فان ما يحصل للعبد من فضل الله ورحمته بهذا القرآن العظيم من هدي والرحمة والموعظة وشفاء ما في الصدور لهو الجدير بأن يفرحوا به العبد لانه سعادة دنياه وأخرته ليس من الجدير العبد أن يفرح بحطام الدنيا ليحصله بفساد عمل الآخرة لان المال لا يخلد أصحابه و أصحابه لا يخلدون له أما يحصل من فضل الله ورحمته بهذا القرآن الكريم فهو خالد لاصحابه باقي لهم وهو خير من ما يجمعون من الدنيا كلها لان غايته الوصول إلى الجنة جعلنا الله وإياكم من من يصلون إليها وقد قال النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم : ( لموضع صوت أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ) وصدق رسول الله صلي الله عليه وعلى اله وسلم فإن موضع الصوت في الجنة وهو مقدار متر فأقل خير من الدنيا كلها وما فيها وليست الدنيا التي عشتها لكنها الدنيا من أولها إلى أخرها أيها الناس إن كثير منكم يسمعون ما يتلى من كتاب الله وما يتيسر من سنة رسول الله صلي الله عليه وعلى اله وسلم من الأخبار الصادقة والأحكام العادلة يسمعون ذلك من الخطباء والوعاظ في المساجد وغيرهم ولكن للأسف الشديد لا يزدادون بذلك إيمانا ولا قبولا للحق ولا انقيادا لطاعة الله وربما وربما يصرحون بالإثم فلا يفعلون ما يأمرون به ولا يتركون ما ينهون عنه فسبحان الله سبحان الله أهذا حال من يزعم انه مؤمن بالله واليوم الأخر أهذا حال من يزعم انه موقن بالثواب والعقاب أهذه حال مسلم والإسلام هو الاستسلام لله ظاهرا وباطنا افيريد هؤلاء أن تكون أحكام الله وشرائع الله تابعة لأغراضهم أم يريدون أن يكون من من قالوا :(سمعنا وهم لا يسمعون فان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون) أيها الناس إن كثير منكم يسمعون أوامر الله في الصلاة وما يتعلق بها من الطهارة وغيرها ويسمعون ما يقول الله عز وجل في الزكاة والصيام والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام يعني الأقارب وحسن الجوار والعدل في معاملة الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسمعون أوامر الله في هذا كله ويسمعون التوجيهات الشريعة في البيع والايجارة والنكاح والطلاق والخصومات وغيرها ويتجاهلون كل ما يسمعون من تلك الأوامر وهذه التوجيهات ويسيرون على ما تمليه عليهم أهوائهم فيكونون بذلك من من اتخذ إلهه هواه كثير منكم يسمعون نهي الله ورسوله عن التهاون عن الصلاة والزكاة والصيام والحج ويسمعون نهي الله ورسوله عن عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام وإساءة الجوار وعن الجور في معاملة الناس بالكذب والغش وغيرهما وعن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن الربا والتحيل عليه وعن الميسر والمكاسب المحرمة بجميع وسائلها يسمعون النهي عن ذلك كله ولكنهم يتجاهلون ما يسمعون ويتجاسرون على فعل ما عنه يزجرون متناسين بذلك عظمة الخالق عظمة من عصوه وشدة عقابه كأنهم لم يقرءوا قول الله عز وجل : ( ومن يشاقق الله ورسوله فان الله شديد العقاب ) مغترين بإمهال الله لهم واستدراجه إليهم بنعمه كأنهم لم يسمعوا قول النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) وتلا قول الله تعالي : ( وكذلك اخذ ربك إذا اخذ القري وهي ظالمة إن أخذه اليم شديد ) أيها المسلمون انه يجب علينا أن نستمع استماع منتفعا إلى قول الله تعالي:( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي* ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا* ونحشره يوم القيامة اعمي* قال ربي لما حشرتني اعمي وقد كنت بصيرا *قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي )
أما بعد
فيا عباد الله اتلوا كتاب الله حق تلاوته احفظوه إن استطعتم وتفهموا معانيه واعملوا بأحكامه وصدقوا أخباره وإياكم أن تحيدوا عنه فانه من ضل عن سبيل الله فإن الله تعالي يقول: ( من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمي ) ولقد كثر في الناس في الاونه الأخيرة كثر في الناس التهاون في الطلاق فصار الإنسان يطلق امرأته على ادني سبب ثم إذا طلقها ذهب أتى العلماء يسال كل عالم لعله يجد مخرجا مما وقع فيه من الورطة والذي يجب على الإنسان إن أراد أن يطلق أن يعرف حدود الله تعالي في الطلاق فالمرأة الحائض لا يحل للإنسان أن يطلقها والمرأة الطاهر إذا كان قد جامعها في طهرها بعد حيضها لا يحل له أن يطلقها والمرأة الحامل يطلقها الإنسان متي شاء لان طلاق الحامل ليس فيه بدعة فإذا طلق الإنسان امرأته وهي حامل فإن الطلاق يقع والسنة في الطلاق إن إذا أراد الإنسان أن يطلق وكان أخر شئ يعالج به المشكلة أن يطلقها طاهرا كمن غير جماع أو يطلقها وهي حامل ولقد كثر في الناس أيضا الحلف بالطلاق فتجد الرجل يحلف بالطلاق على ادني سبب ربما يقول أنى ذهبت إلى المكان الفلاني فامرأتي طالق وهو أمر هين لا يحتاج أن يحلف عليه بالطلاق فان قال هذا وذهب إلى المكان فان امرأته تطلق عند جماهير الأمة وأئمة المسلمين الأئمة الأربعة الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام احمد بن حنبل والإمام بابي حنيفة والعلماء التابعين لهؤلاء كلهم يقولون : ( إذا قال الإنسان لامرأته إن فعلت كذا فأنت طالق أو قال إن فعلت أنا كذا فامرأتي طالق فانه إذا فعلت المرأة ذلك أو فعل هو ما حلف عليه فان امرأته تطلق) انتبهوا إلى هذا الأمر العظيم اكثر الأمة من أئمة وعلماء يقولون : ( إن الطلاق المعلق يقع على كل حال إذا تم الشرط ) وعليه فإياكم والتهاون في هذا واني لاضرب لكم مثلا إذا كان الإنسان قد طلق زوجته مرتين ثم قال إن فعلت كذا فامرأتي طالق ففعله طلقت الطلقة الثالثة وصارت محرمة عليه عند الأئمة الأربعة وعند عامة علماء المسلمين فلو انه راجعها في هذه الحال لكان يطأها وطء الزاني والعياذة بالله يري بعض العلماء أن الطلاق المعلق إذا قصد به معني اليمين فانه يمين يكفرها ولا طلاق عليه ولكن هذا الرأي بالنسبة للامة الإسلامية رأي قليل من العلماء وإن كان المحققون يرون انه اصح لكن الأمر خطير لا تتهاونوا بها إياكم والتهاون به فان الأمر صعب جدا وكما قلت لكم إذا أراد الإنسان أن يطلق زوجته وكان هو أخر ما يمكن الحل به انه لا بد أن يطلقها وهي حامل أو في طهر لم يجامعها فيه فاتقوا الله عباد الله واعلموا حدود ما انزل الله على رسوله وتأدبوا بآداب الله عز وجل التي أدبكم بها فانه اعلم بمصالحكم واحكم فيما شرعه لكم

12d8c7a34f47c2e9d3==