المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( جواب سؤال حول حديث : الوائدة والموءودة في النار ، وحكم أطفال المشركين ))


كيف حالك ؟

علي رضا
12-10-2003, 08:51 PM
(( جواب سؤال حول حديث : الوائدة والموؤودة في النار ، وحكم أطفال المشركين ))

سئلت عن حديث : ( الوائدة والموؤودة في النار ) وهل فيه تعارض مع قوله تعالى : ( وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت ) ؟ وقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ، وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ؟
فأجبت وبالله التوفيق ، ومنه وحده المدد سبحانه وتعالى :


لا إشكال بحمد الله تعالى ؛ فإن هذا الحديث محمول على أن المؤودة علم الله تعالى أنها من أهل النار ؛ فأخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك ، كما صح في البخاري برقم ( 3401 ) مسلم برقم ( 2661 ، 2380 ) مرفوعاً : ( إن الغلام الذي قتله الخضر طُبع يوم طبع كافراً ، ولو عاش لأرهق أبويه طغياناً وكفراً ) 0
وهذا لا يعني كما يقول ابن القيم في ( شفاء العليل ) 2 / 778 - 279 أن كفر الغلام كان موجوداً قبل أن يولد ، ولا في حال ولادته ؛ فإنه يولد على الفطرة السليمة ، وعلى أنه بعد ذلك يتغير ويكفر ، ومن ظن أن الطبع على قلبه ، وهو الطبع المذكور على قلوب الكفار فهو غالط ٌ ؛ فإن ذلك لا يقال فيه : طبع يوم طبع ، إذ كان الطبع على قلبه إنما يوجد بعد كفره 0
ونقل عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أن الغلام كان مميزاً غير بالغ ويجوز أنه كان في تلك الشريعة قتل المميز الكافر ( 2 / 808 - 809 ) 0

أوقد يقال بأن ذلك مؤول بما ذكره بعضهم من أن الوائدة هنا هي القابلة التي ترضى بدفن البنت في الحفرة كما كانوا يفعلونه في الجاهلية ، والموؤدة بأنها الأم أي الموؤدة لها ؛ وهذا احتمال فيه ما فيه 0 ( مرقاة المفاتيح ) 1 / 312 - 315 لعلي القاري ؛ فقد أفاض في الموضوع وذكر الاختلاف في أطفال المشركين 0

وعلى كل حال ؛ فالصحيح المختار أن أطفال المشركين خدم أهل الجنة كما صح بذلك حديث خرجه شيخنا في ( الصحيحة ) برقم ( 1468 ) بطرقه وشواهده ؛ وضعف السند الحافظ ابن حجر في ( الفتح ) 3 / 246 من حديث سمرة فأصاب ؛ لكنه قصر رحمه الله فلم يذكر شواهده وطرقه كما فعل شيخنا رحمه الله 0

وفي المسألة أقوال كثيرة أوردها الحافظ هناك ؛ لكن أرجحها الحديث الذي صححه شيخنا ، فيمكن أن يحمل حديث ( الوائدة والموؤدة في النار ) على مثل حديث : ( هم من آبائهم )
( الله أعلم بما كانوا عاملين ) رواه أبوداود وصحح سنده شيخنا في ( صحيح أبي داود ) برقم ( 4712 ) وأصله في( الصحيحين ) لكن بدون زيادة : ( هم من آبائهم ) 0
وقد يكون هذا الحديث كان قبل أن يعلم النبي عليه الصلاة والسلام بكونهم خدم أهل الجنة كما في الحديث المتقدم ؛ ولعله مما قد يشهد لهذا التأويل ما رواه عبد الرزاق كما في ( الفتح ) 3 / 247 أن خديجة رضي الله عنها سألت رسول الله عليه الصلاة والسلام أول مرة فقال : هم مع آبائهم ، ثم سألته فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين ، ثم سألته بعدما استحكم الإسلام فقال : هم على الفطرة أو قال : في الجنة ) وضعفه الحافظ بسبب سليمان بن أرقم ؛ والصواب أنه حديث ضعيف جداً ؛ فسليمان الصحيح أنه متروك الحديث كما جزم عدد من الأئمة ؛فلا فائدة من هذا الشاهد !
ومال شيخ الإسلام ابن تيمية إلى حديث : ( الله أعلم بما كانوا عاملين ) وأنه لا يحكم لمعين منهم بجنة ولا نار ، وأنه جاء في عدة أحاديث أنهم يوم القيامة في عرصات القيامة يؤمرون وينهون ، فمن أطاع دخل الجنة ، ومن عصى دخل النار 0
قال : وهذا هو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة 0 ( الفتاوى ) 24 / 372 - 373 0
قلت : أما الرواية التي ذكرها شيخ الإسلام فهي لا تثبت أيضاً : رويت من حديث أبي سعيد الخدري عند البزار ، وفيه : عطية العوفي قال الهيثمي : وهو ضعيف ! قلت : ومدلس ، وقد عنعن ! ( زوائد البزار ) برقم 2176 0
ومن حديث أنس عند البزار برقم 2177 ؛ وفيه ليث بن أبي سليم قال الهيثمي : وهو مدلس ، وبقية رجاله رجال الصحيح !
قلت : لو قال : وقد عنعن لأفادنا ؛ ولكنه لم يقل ذلك ، مع أنه قد عنعنه فعلاً !
ثم هو ضعيف 0
وروي من حديث معاذ عند الطبراني لكن فيه : عمرو بن واقد وهو متروك هالك كما قال الذهبي في ( الميزان ) 3 / 291 - 292 ، وانظر ( مجمع الزوائد ) 7 / 216 - 217

قلت : يمكن تقوية موضع الشاهد من هذه الأحاديث ؛ وهو امتحان الطفل الصغير بالشاهدين اللذين لم يشتد ضعفهما ؛ فيكون كلام شيخ الإسلام حينذاك مقبولاً 0
وقد صح : ( أربعة يحتجون يوم القيامة 0000 ) لكن لم يذكر منهم الصغير 0

فلعل أعدل الأقوال أن يقال : هم خدم أهل الجنة ممن أطاع الأمر في العرصات ؛ فنجمع بين الحديثين على فرض تحسينه كما تقدم ، وهذا لا يمنع أن يكون بعضهم في النار بسبب عصيانه للأمر كما في الحديث الذي قد يقبل التحسين ؛ وهؤلاء وهؤلاء كلهم يصح أن يقال عنهم : ( الله أعلم بما كانوا عاملين ) 0

أما ما رواه الدارمي - وانفرد به فلا أعلم له عند غيره أصلاً - في ( المسند ) برقم
( 2 ) أن رجلاً أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقصته في الجاهلية وكيف أنه دفن ابنته حية وهي تقول : يا أبتاه ! يا أبتاه ! وبكاء الرسول وقوله : ( إن الله قد وضع عن الجاهلية ما عملوا ؛ فاستأنف عملك ) 0
فهذا حديث معضل الإسناد : بين راويه الوضين ( صدوق سيئ الحفظ ورمي بالقدر )
ابن عطاء ، وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام مفاوز تُقطع دوناها أعناق الإبل !!

وأما حديث : ( النبي في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والمولود في الجنة ، والوئيد في الجنة ) فهذا ضعفه شيخنا في ( ضعيف الجامع ) برقم (5985 ) ؛ لكنه قواه في
( تخريج المشكاة ) المسمى هداية الرواة برقم ( 3779 ) بشواهده عند البزار ( كشف الأستار ) 3 / 30 - 31 ، وهو كما قال رحمه الله ؛ وحينذاك فلا بد من تأويل حديث :
( الوائدة والموؤودة في النار ) بما تقدم بيانه ، والله أعلم 0

هذا ما خلصت إليه بعد البحث في هذه المسألة ؛ فإن كان صواباً فمن الله تعالى وحده ؛ وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله منه بريئان 0


وكتب / علي رضا بن عبد الله بن علي رضا

أبوالمجد
12-11-2003, 01:46 AM
جزاك الله خيرا

12d8c7a34f47c2e9d3==