المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحث على التوبة /الإمام العلامة الحافظ ابن كثير رحمه الله


كيف حالك ؟

قاسم علي
04-12-2006, 07:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
** قُلْ يَعِبَادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رّحْمَةِ اللّهِ إِنّ اللّهَ يَغْفِرُ الذّنُوبَ جَمِيعاً إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ * وَأَنِـيبُوَاْ إِلَىَ رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمّ لاَ تُنصَرُونَ * وَاتّبِعُـوَاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رّبّكُـمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسْرَتَا عَلَىَ مَا فَرّطَتُ فِي جَنبِ اللّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنّ اللّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ الْمُتّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنّ لِي كَـرّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَىَ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ **
هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر ولا يصح حمل هذه على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه. قال البخاري حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال يعلى إن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا فأتوا محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفار فنزل "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون" ونزل "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي من حديث ابن جريج عن يعلى بن مسلم المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما به. والمراد من الآية الأولى قوله تعالى "إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا" الآية. وقال الإمام أحمد حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثنا أبو قبيل قال: سمعت أبا عبدالرحمن المزني يقول سمعت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم" إلى آخر الآية فقال رجل يا رسول الله فمن أشرك؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال "ألا ومن أشرك" - ثلاث مرات - تفرد به الإمام أحمد. وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا شريح بن النعمان حدثنا نوح بن قيس عن أشعث بن جابر الحداني عن مكحول عن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيخ كبير يدعم على عصا له فقال: يا رسول الله إن لي غدرات وفجرات فهل يغفر لي؟ فقال صلى الله عليه وسلم "ألست تشهد أن لا إله إلا الله؟" قال: بلى وأشهد أنك رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم "قد غفر لك غدراتك وفجراتك" تفرد به أحمد. وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ "إنه عمل غير صالح" وسمعته صلى الله عليه وسلم يقول "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا" ولا يبالي "إنه هو الغفور الرحيم" ورواه أبو داود والترمذي من حديث ثابت فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة ولا يقنطن عبد من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع قال الله تعالى "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده" وقال عز وجل "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما" وقال جل وعلا في حق المنافقين "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا واصلحوا" وقال جل جلاله "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم" ثم قال جلت عظمته "أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" وقال تبارك وتعالى "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا" قال الحسن البصري رحمة الله عليه انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة والآيات في هذا كثيرة جدا. وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم ندم وسأل عابدا من عباد بني إسرائيل هل له من توبة؟ فقال لا فقتله وأكمل به مائة ثم سأل عالما من علمائهم هل له من توبة فقال ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ثم أمره بالذهاب إلى قرية يعبد الله فيها فقصدها فأتاه الموت في أثناء الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأمر الله عز وجل أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر فقبضته ملائكة الرحمة وذكر أنه نأى بصدره عند الموت وأن الله تبارك وتعالى أمر البلدة الخيرة أن تقترب وأمر تلك البلدة أن تتباعد هذا معنى الحديث وقد كتبناه في موضع آخر بلفظه قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا" إلى آخر الآية قال قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ومن زعم أن المسيح هو ابن الله ومن زعم أن عزيرا ابن الله ومن زعم أن الله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة يقول الله تعالى لهؤلاء "أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" ثم دعا إلى التوبة من هو أعظم قولا من هؤلاء من قال أنا ربكم الأعلى وقال" ما علمت لكم من إله غيري" قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل. ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه وروي الطبراني من طريق الشعبي عن سنيد بن شكل أنه قال سمعت ابن مسعود يقول إن أعظم آية في كتاب الله "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وإن أجمع آية في القرآن بخير وشر "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" وإن أكثر آية في القرآن فرحا في سورة الغرف "قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" وإن أشد آية في كتاب الله تفويضا "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" فقال له مسروق صدقت. وقال الأعمش عن أبي سعيد عن أبي الكنود قال مر عبدالله - يعني ابن مسعود - رضي الله عنه على قاص وهو يذكر الناس فقال يا مذكر لم تقنط الناس من رحمة الله؟ ثم قرأ "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" رواه ابن أبي حاتم رحمه الله
منقول من كتاب تفسير القران العظيم للإمام الحافظ عماد الدين ، أبو الفداء اسماعيل بن كثير القرشى الدمشقي
الجزء الخامس من سورة الزمر إلى سورة الناس

الناصر
04-12-2006, 07:49 PM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

قاسم علي
04-14-2006, 05:37 PM
وياك..........

الناصر
04-14-2006, 05:44 PM
ما أحوجنا إلى مثل هذه المواضيع جزاك الله خيرا وبارك فيك

12d8c7a34f47c2e9d3==